الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر ابن مفلح أن الخوف يبيح الجمع في ظاهر كلام الإمام أحمد كالمرض ونحوه وأولى لمفهوم قول ابن عباس من غير خوف ولا مطر. الفروع 2/ 71.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على حديث ابن عباس السابق: [قال (من غير خوف ولا مطر) وقال (ولا سفر). والجمع الذي ذكره ابن عباس لم يكن بهذا ولا بهذا وبهذا استدل أحمد على الجمع لهذه الأمور بطريق الأولى فإن هذا الكلام يدل على أن الجمع لهذه الأمور أولى وهذا من باب التنبيه بالفعل فإنه إذا جمع ليرفع الحرج الحاصل بدون الخوف والمطر والسفر فالحرج الحاصل بهذه أولى أن يرفع والجمع لها أولى من الجمع لغيرها] مجموع الفتاوى 24/ 76. وقال أيضاً:
[فهذه الآثار تدل على أن الجمع للمطر من الأمر القديم المعمول به بالمدينة من الصحابة والتابعين. لكن لا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع إلا للمطر بل إذا جمع لسبب هو دون المطر مع جمعه أيضاً للمطر كان قد جمع من غير خوف ولا مطر كما أنه إذا جمع في السفر وجمع في المدينة كان قد جمع في المدينة من غير خوف ولا سفر فقول ابن عباس جمع من غير كذا ولا كذا ليس نفياً منه للجمع بتلك الأسباب بل إثبات منه لأنه جمع بدونها وإن كان قد جمع بها أيضاً. ولو لم ينقل أنه جمع بها فجمعه بما هو دونها دليل على الجمع بها بطريق الأولى فيدل ذلك على الجمع للخوف والمطر وقد جمع بعرفة ومزدلفة من غير خوف ولا مطر] مجموع الفتاوى 24/ 83 - 84.
وخلاصة الأمر أن الجمع يجوز لعذر الخوف ولكن لا بد أن يكون العذر حقيقياً وموجوداً فعلاً عند الجمع.
جمع التأخير بين صلاتين
يقول السائل: إنه سافر ونوى أن يصلي الظهر والعصر جمع تأخير ولكنه
وصل إلى بلده بعد دخول وقت صلاة العصر بساعة فهل يصح أن يجمع الصلاتين جمع تأخير؟
الجواب: من المعلوم عند أهل العلم أن من أصول الإسلام وقواعده رفع الحرج ودفع المشقات، وقد دلت النصوص من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك ويدخل في هذا الأصل الترخص بالجمع في السفر تقديماً وتأخيراً، فقد صح في الحديث عن أنس رضي الله عنه قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما) رواه البخاري ومسلم.
وجاء في الحديث عن معاذ رضي الله عنه قال: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً) رواه مسلم. وغير ذلك من الأحاديث.
إذا تقرر هذا فإنه يشترط لصحة جمع التأخير نية الجمع وهذا باتفاق العلماء ويشترط أيضاً دوام السفر إلى دخول وقت الصلاة الثانية على الراجح من أقوال أهل العلم، فإذا أقام المسافر بعد دخول وقت الصلاة الثانية - أي انتهى سفره - فيجوز له جمع التأخير، قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[فأما إن جمع بينهما في وقت الثانية اعتبر بقاء العذر إلى حين دخول وقتها. وإن استمر إلى حين دخول وقت الثانية جمع وإن زال العذر لأنهما صارتا واجبتين في ذمته ولا بد له من فعلهما] المغني 2/ 207.
وقال المرداوي: [واستمرار العذر إلى دخول وقت الثانية منهما] الإنصاف 2/ 346.
وخلاصة الأمر أنه لا أثر لزوال العذر بعد دخول وقت الصلاة الثانية، فيجوز لهذا المسافر أن يجمع وهذا هو المناسب لرخصة الجمع بين الصلاتين للسفر ولكن ينبغي التنبيه إلى أن هذا المسافر لا يجوز له أن يقصر ما دام قد وصل إلى محل إقامته.