المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المرض المبيح للفطر في رمضان - فتاوى يسألونك - جـ ٧

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء السابع

- ‌مقدمة

- ‌الصلاة

- ‌الأدعية أثناء الوضوء

- ‌قول حي على خير العمل في الأذان بدعة

- ‌يجوز إقامة الصلاة بواسطة مكبر الصوت

- ‌حكم رفع اليدين بين السجدتين

- ‌حكم من يصلي الفريضة ولا يصلي النافلة

- ‌حكم القنوت في صلاة الفجر

- ‌السهو عن الجلوس الأوسط

- ‌صلاة العصر هي الصلاة الوسطى

- ‌لا يشترط النوم قبل صلاة القيام

- ‌شروط الجمع بين الصلاتين بسبب المطر

- ‌الجمع بسبب فرض نظام حظر التجول

- ‌جمع التأخير بين صلاتين

- ‌الأذكار المشروعة بعد الصلاة المكتوبة

- ‌قراءة آية الكرسي بعد الصلاة المفروضة

- ‌كيفية صلاة سنة الجمعة البعدية

- ‌فضل قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة

- ‌التكبيرات الزوائد في صلاة العيدين

- ‌اجتماع الجمعة والعيد

- ‌المشروع من الأعمال في ليلة عيد الأضحى

- ‌لا يجوز وضع المصحف مع الميت في القبر

- ‌الزكاة

- ‌الجهل بوجوب الزكاة لا يعد عذراً لإسقاطها

- ‌وجوب الزكاة في العسل

- ‌أخذ غير المستحق من أموال الزكاة

- ‌كيف تقدر القيمة في صدقة الفطر

- ‌الصيام والاعتكاف

- ‌التبرع بالدم لا يفطر الصائم

- ‌المرض المبيح للفطر في رمضان

- ‌يجوز الاعتكاف في جميع المساجد

- ‌الحج

- ‌حج الزوجين والأقارب على نفقة بعضهم بعضاً

- ‌تحديد أعداد الحجاج

- ‌التوكيل في بعض مناسك الحج

- ‌النيابة في الحج

- ‌الأضحية

- ‌الأمور المشروعة في حق المضحي عند ذبح الأضحية وبعده

- ‌الأيمان

- ‌حكم نقض عهد الله

- ‌حكم الحلف بالأمانة

- ‌المعاملات

- ‌معنى الحديث النبوي

- ‌معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تبع ما ليس عندك)

- ‌الغبن في التجارة

- ‌قطف الزيتون على نسبة منه

- ‌حكم اللقطة

- ‌الفرق بين حقوق الله تعالى وحقوق العباد

- ‌الضمان في رفس الحمار

- ‌تحرم سرقة التيار الكهربائي

- ‌الدية تورث

- ‌المرأة والأسرة

- ‌الاستخارة قبل الزواج

- ‌الزواج بين العيدين لا شؤم فيه

- ‌حق الزوجة في الإنجاب

- ‌العدل بين الزوجات

- ‌نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها

- ‌يحرم كشف أسرار البيوت

- ‌تحريم نشر أسرار استمتاع الزوجين

- ‌حدود العلاقة التي تربط بين زوج البنت وحماته

- ‌لا حياء من الأحكام الشرعية

- ‌كنايات الطلاق

- ‌الطلاق قبل الدخول مازحاً

- ‌ترث المطلقة رجعياً من زوجها المتوفى

- ‌سب الدين وأثره على النكاح

- ‌كفارة الظهار واجبة على الترتيب

- ‌لا يجوز ارتياد النساء للمسابح

- ‌حكم عمليات التجميل

- ‌حكم إقامة الجمعيات الخيرية

- ‌فضل كفالة اليتيم

- ‌اقتناء الكلب في المنزل

- ‌متفرقات

- ‌انهيار مركز التجارة العالمي والتلاعب بآيات القرآن الكريم

- ‌القُصَّاص الجدد

- ‌الإلحاد في أسماء الله الحسنى

- ‌بدعة الوقوف عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أجساد الشهداء

- ‌دعاء بدعي

- ‌الذين يدخلون الجنة بغير حساب

- ‌أجر المتمسك بالدين في آخر الزمان

- ‌قاعدة العمل بالحديث الضعيف

- ‌حديث اختلاف أمتي رحمة

- ‌حديث لا يرد القضاء إلا الدعاء

- ‌حديث نحكم بالظاهر

- ‌حديث (الخير فيَّ وفي أمتي) ليس ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حديث (لا تجعلوا آخر طعامكم ماءاً) ليس ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة

- ‌ما يفعله الشيعة يوم عاشوراء ليس مشروعاً

- ‌لا فضائل خاصة بشهر رجب

- ‌الطائفة الظاهرة

- ‌كرامة الخبز

- ‌حكم سب الصحابة

- ‌تأثير الإكراه في المحرمات

- ‌الأعمال المكفرة للذنوب

- ‌التنجيم باستعمال الحاسوب

- ‌حكم الاحتفال بعيد الحب

- ‌حكم تشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة

- ‌المِيْل

الفصل: ‌المرض المبيح للفطر في رمضان

بهذه الطرق صحيح لا شك فيه وهو نص في النسخ فوجب الأخذ به كما سبق عن ابن حزم رحمه الله] الإرواء 4/ 75 وانظر أيضاً الإرواء 4/ 80.

وخلاصة الأمر أن التبرع بالدم لا يفطر الصائم وكذلك سحب الدم للفحص لا يفطر الصائم وكذلك الحجامة لا تفطر الصائم. ولكن ينبغي مراعاة أن لا تؤدي هذه الأمور إلى إضعاف الصائم ومن ثم عجزه عن الصيام فتنتهي به للإفطار بتناول الطعام أو الشراب أو الدواء.

‌المرض المبيح للفطر في رمضان

يقول السائل: ما هو المرض الذي يبيح الفطر في رمضان؟

الجواب: يقول الله سبحانه وتعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) سورة البقرة الآية 184.

وقد أجمع أهل العلم على أن المرض في الجملة عذر يبيح الفطر كما قال الشيخ ابن قدامة المقدسي في المغني 3/ 155.

ولكن العلماء اختلفوا في تحديد طبيعة المرض المبيح للفطر وأرجح الأقوال في المسألة هو قول من قال هو كل مرض يزيد بالصوم أو يخشى تأخر الشفاء معه بالصوم فهذان يجيزان الفطر في رمضان. وأما القول بأن مطلق المرض يبيح الفطر فقول غير مسلَّم فهناك كثير من الأمراض والأوجاع لا تؤثر على الصائم كمن به صداع أو ألم في يده ورجله أو نحو ذلك فمن كان به شيء من ذلك فلا يجوز له الفطر. قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [والمرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه. قيل لأحمد: متى يفطر المريض؟ قال: إذا لم يستطع قيل: مثل الحمى؟ قال: وأي مرض أشد من الحمى؟ وحكي عن بعض السلف: أنه أباح الفطر بكل مرض حتى من وجع الإصبع والضرس لعموم الآية فيه ولأن المسافر

ص: 103

يباح له الفطر وإن لم يحتج إليه فكذلك المريض]. ثم قال ابن قدامة: [والمرض لا ضابط له فإن الأمراض تختلف منها ما يضر صاحبه الصوم ومنها ما لا أثر للصوم فيه كوجع الضرس وجرح في الإصبع والدمل والقرحة اليسيرة والجرب وأشباه ذلك فلم يصلح المرض ضابطاً وأمكن اعتبار الحكمة وهو ما يخاف منه الضرر فوجب اعتباره] المغني 3/ 155 - 156.

وقال القرطبي: [وقال جمهور العلماء إذا كان به مرض يؤلمه ويؤذيه أو يخاف تماديه أو يخاف تزيده يصح له الفطر قال ابن عطية: وهذا مذهب حذاق أصحاب مالك وبه يناظرون وأما لفظ مالك فهو المرض الذي يشق على المرء ويبلغ به] تفسير القرطبي 2/ 276.

وقال الإمام النووي: [. ثم كون شرط المرض مبيحاً أن يجهده الصوم معه فيلحقه ضرر يشق احتماله] الروضة 2/ 234 - 235.

وقال الإمام النووي في موضع آخر: [المريض العاجز عن الصوم لمرض لا يرجى زواله لا يلزمه الصوم في الحال ويلزمه القضاء لما ذكره المصنف هذا إذا لحقه مشقة ظاهرة بالصوم ولا يشترط أن ينتهي إلى حالة لا يمكنه فيها الصوم بل قال أصحابنا: شرط إباحة الفطر أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها، قالوا وهو على التفصيل السابق في باب التيمم قال أصحابنا وأما المرض اليسير الذي لا يلحق به مشقة ظاهرة لم يجز له الفطر بلا خلاف عندنا خلافاً لأهل الظاهر] المجموع 6/ 258.

وقال الكاساني: [أما المرض فالمرخص منه هو الذي يخاف أن يزداد بالصوم وإليه وقعت الإشارة في الجامع الصغير فإنه قال في رجل خاف إن لم يفطر تزداد عيناه وجعاً أو حمَّاه شدة أفطر وذكر الكرخي في مختصره أن المرض الذي يبيح الإفطار هو ما يخاف منه الموت أو زيادة العلة كائناً ما كانت العلة.

وروري عن أبي حنيفة أنه إن كان بحال يباح له أداء صلاة الفرض قاعداً فلا بأس بأن يفطر والمبيح المطلق بل الموجب هو الذي يخاف منه

ص: 104

الهلاك لأن فيه إلقاء النفس إلى التهلكة لا لإقامة حق الله تعالى وهو الوجوب والوجوب لا يبقى في هذه الحالة وأنه حرام فكان الإفطار مباحاً بل واجباً].

ثم قال الكاساني: [وكذا مطلق المرض ليس بسبب للرخصة لأن الرخصة بسبب المرض والسفر لمعنى المشقة بالصوم تيسيراً لهما وتخفيفاً عليهما على ما قاله الله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) سورة البقرة الآية 185 ومن الأمراض ما ينفعه الصوم ويخففه ويكون الصوم على المريض أسهل من الأكل بل الأكل يضره ويشتد عليه ومن التعبد الترخص بما يسهل على المريض تحصيله والتضييق بما يشتد عليه المرض] بدائع الصنائع 2/ 245 - 246.

[وبعد هذا العرض لإقوال العلماء فالصواب من القول في ذلك عندنا أن المرض الذي أباح الله تعالى الإفطار معه في شهر رمضان من كان الصوم جاهده جهداً غير محتمل فكل من كان كذلك فله الإفطار وقضاء عدة من أيام أخر وذلك أنه إذا بلغ ذلك الأمر فإن لم يكن مأذوناً له في الإفطار فقد كلف عسراً ومنع يسراً وذلك غير الذي أخبر الله أنه أراده بقوله: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) سورة البقرة الآية 185.

وأما من كان الصوم غير جاهده فهو بمعنى الصحيح الذي يطيق الصوم فعليه أداء فرضه. قلت والذي يظهر لي من أدلة الكتاب والسنة: أن كل مرض يضر صاحبه بالصوم سواء كان بزيادة المرض أو بتباطؤ برئه فإنه يباح له الإفطار وقضاء عدة من أيام أخر.

أما إذا قدر المريض على الصوم بغير جهد ولا مشقة تلحقه من أجل مرضه ولا يخشى أن يزيد الصيام في مرضه فعليه أن يصوم لأن مطلق المرض ليس سبباً للرخصة على الصحيح كما أن المسافر لا يباح له الفطر إذا كان سفره دون مسافة قصر فالرخصة بسبب المرض والسفر لمعنى المشقة بالصوم تيسيراً لهما وتخفيفاً عليهما كما قال تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) سورة البقرة الآية 185.

ص: 105

ومن الأمراض ما ينفعه الصوم ويكون الصوم علاجاً له أو مفيداً فيه ويكون الصيام على المريض أسهل من الأكل بل الأكل قد يضره ويشتد عليه كمرض التخمة والإسهال ونحو ذلك.

ويدل على أن الرخصة في الإفطار للمريض متعلقة بخوف الضرر ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصوم) ومعلوم أن الرخصة للحامل والمرضع في الإفطار موقوفة على خوف الضرر على أنفسهما أو على ولديهما وإن لم تكونا مريضتين. والمريض أيضاً أبيح له الإفطار لخوف الضرر فمتى خاف الضرر جاز له الفطر والله أعلم] أحكام المريض ص94 - 95

وينبغي التنويه إلى أن المرض الذي يبيح الفطر يعود تقديره إلى المريض نفسه أو إخبار الطبيب الثقة في علمه وإن كان غير مسلم.

قال الدكتور يوسف القرضاوي عن ذلك: [وإنما يعرف ذلك بغلبة الظن فهي كافية في الأحكام العملية وغلبة الظن تعرف هنا بأمرين: إما التجربة - تجربته هو - بأن يكون جرب الصوم يوماً أو أكثر فشق عليه أو زاد وجعه أو تجربة غيره ممن يثق به وحاله كحاله ممن يعاني نفس المرض. وإما بإخبار طبيب مسلم ثقة في دينه ثقة في طبه بأن يكون من أهل الاختصاص في هذا المرض فلا يكفي أن يكون طبيباً وماهراً بل لا بد ان يكون مختصاً فقد عرف عصرنا التخصص الدقيق في الطب إلى حد يجعل بعض الأطباء الحاذقين أشبه بالعوام في الاختصاصات الدقيقة الأخرى] فقه الصيام ص66.

وأخيراً فعلى المريض الذي يجوز له الفطر أن يأخذ بالرخصة فيفطر يقول الله تعالى:

(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) سورة البقرة الآية 185. وجاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن أن تؤتى معصيته) رواه أحمد وفي رواية

ص: 106