المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وحديث سهل بن سعد - فتح الغفور في وضع الأيدي على الصدور

[محمد حياة السندي]

الفصل: ‌وحديث سهل بن سعد

الصلاة حيال أذنيه، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، ثم ذكر حديث سثل بن سعد وعزاه إلى البخارى.

والحق أنه لم يرد حديث صحيح في إرسال اليدين في الصلاة.

فقد أخرج مالك نفسه حديث سهل بن سعد وعقد له بابا بلفظ (وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة) وذكر أولا أثر عبد الكريم بن أبى المخارق أنه قال: (من كلام النبوة إذا لم تستحى فافعل ما شئت ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، يضع اليمنى على اليسرى، وتعجيل الفطر والاستيناء بالسحور) وهذا حكمه مرفوع.

ثم ذكر حديث سهل بن سعد أبى حازم بن دينار أنه قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة.

‌وحديث سهل بن سعد

هذا أخرجه البخارى وغيره وسبق تخريجه.

فالخلاصة أنه روى عن مالك ثلاث روايات: الأولى: وهى المشهورة عنه أن يرسلهما.

والثانية: يضع يديه تحت الصدر فوق السرة كذا ذكره العينى في شرح لهداية.

ص: 84

والثالثة: أنه خير بين الوضع والإرسال ذكره في عقد الجواهر أنه قول أصحاب مالك المدنيين، وبه قال الأوزاعى وكان يقول: إنما أمروا بالاعتماد إشفاقاً عليهم، لأنهم كانوا يطولون القيام، فكان ينزل الدم إلى رءوس أصابعهم فقيل لهم لو اعتمدتم لا حرج عليكم.

وحجة المالكية فى الإرسال ما يلى: قالوا إن الوضع ينافى الخشوع.

إن النبى - صل الله عليه وسلم - لم المسىء صلاته الصلاة ولم يذكر وضع اليدين إحداهما على الأخرى.

قال النووى: لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم إلا الواجبات فقط.

ثم إختلف الجمهور في محل الوضع على أقوال: تحت السرة وهو مذهب الإمام أبى حنيفة كما حكاه صاحب الهداية، وكنز الدقائق، وتبين الحقائق، والبحر الرائق، وفتح القدير، والمبسوط. وبه

ص: 85

سفيان الثورى، وابن راهوية، وأبو اسحاق المروزى من الشافعية. قال صاحب البحر الرائق: واستدل مشايخنا بما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاث من سنن المرسلين وذكر من جملتها وضع اليمين على الشمال تحت السرة، لكن المخرجين لم يعرفوا فيه مرفوعا وموقوفا تحت السرة، ويمكن أن يقال في توجيه المذهب أن الثابت من السنة وضع اليمين على الشمال، ولم يثبت حديث يوجب تعيين المحل الذي يكون فيه الوضع من البدن إلا حديث وائل المذكور، وهو مع كونه واقعة حال لا عموم لها، يحتمل أن يكون لبيان الجواز فيحال في ذلك كما في فتح القدير على المعهود من وضعهما حال قصد التعظيم في القيام، والمعهود في الشاهد منه أن يكون ذلك تحت السرة، فقلنا به في هذه الحالة في حق الرجل، بخلاف المرأة فإنها تضع على صدرها، لأنه أستر لها، فيكون في حقها أول) .

وقال صاحب تبيين الحقائق: (وقالوا لأنه أقرب إلى التعظيم كما بين يدى الملوك، وضعهما على العورة لا يضر فوق الثياب، فكذا بلا حائل، لأنها ليس لها حكم العورة في حقه، ولهذا تضع المرأة يديها على صدرها وأن كان عورة) .

وقال صاحب الهداية:

(ويعتمد بيده اليمنى على اليسرى تحت السرة لقوله عليه السلام،

ص: 86

(إن من السنة وضع اليمين على الشمال تحت السرة، وهو حجة على مالك في الإرسال، وعلى الشافعى في الوضع على الصدر، ولأن الوضع تحت السرة أقرب إلى التعظيم وهوالمقصود، ثم الاعتماد سنة القيام عند أبى حنيفة وأبى يوسف حتى لا يرسل حالة الثناء، والأصل أن كل قيام فيه ذكر مسنون يعتمد فيه، ومالا فلا، هو الصحيح، فيعتمد في حالة القنوت، وصلاة الجنازة، ويرسل في القومة وبين تكبيرات الأعياد) انتهى.

قوله: لقوله عليه السلام إن من السن وضع اليمين على الشمال تحت السرة.

قال صاحب فتح القدير: لا يعرف مرفوعا، بل عن على من السنة في الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة، رواه أبو داود وأحمد وهذا لفظه.

قال النووى: اتفقوا على تضعيفه لأنه من رواية عبد الرحمن ابن اسحاق الواسطى مجمع على ضعفه، وفي وضع اليمنى على اليسرى فقط أحاديث في الصحيحين وغيرهما تقوم بها الحجة على مالك. وأماقوله تعالى:(فَصَلّ لِرَبّكَ وَأنحَر) فمدلول اللفظ طلب النحر نفسه، وهو غير طلب وضع اليدين عند النحر، فالمراد نحر الأضحية على أن وضع اليدين على الصدر ليس هو حقيقة وضعهما

ص: 87

على النحر فصار الثابت وضع اليمنى علىاليسرى ثم ذكر كما قال صاحب البحر الرائق.

وقال الشيخ محمد محمود البابرتى صاحب شرح العناية على الهداية.

ولأن الوضع تحت السرة أقرب إلى التعظيم، وأبعد من التشبه بأهل الكتاب، والتعظيم هو المقصود.

وقال العلامة العينى في عمدة القارى: (والحكمة في هذا كما يقال إنها أقرب إلى التعظيم، وأبعد من التشبه بأهل الكتاب، وأقرب إلى ستر العورة، وحفظ الأزرار عن السقوط، وذلك كما يفعل بين يدى الملوك، وفي الوضع على الصدر تشبه بالنساء فلا يسن) .

وأدلتهم باختصار: قال صاحب الهداية: قال عليه السلام إن من السنة وضع اليمين على الشمال تحت السرة.

قال العلامة العينى: هذا قول على بن أبى طالب، وإسناده إلى

ص: 88

النبى صلى الله عليه وسلم غير صحيح.

وقال ابن الهمام: لا يعرف مرفوعا بل عن على رضى الله عنه) إلا أن الصحابى إذا قال: من السنة كذا يحمل قوله على المرفوع، وأثر على هذا رواه أبو داود وأحمد والدارقطنى والبيهقى كلهم من طريق عبد الرحمن بن إسحاق الواسطى عن زياد بن زيد السوائى عن أبى جحيفة عنه.

وإسناده ضعيف انظر فيما مضى.

حديث أبى هريرة قال وضع الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة رواه أبو داود وإسناده ضعيف من أجل عبد الرحمن بن إسحاق الواسطى. انظر تخريجه فيما مضى.

أثر إبراهيم النخعى قال: يضع يمينه على شماله في الصلاة تحت السرة.

قال الحنيفة: إن قول التابعى الكبير هو حجة عندنا على الأصح إذا كان تابعيا كبيراُ وظهرت فتواه في زمن الصحابة.

قول أبى مجلز قال ابن شيبة في مصنفه: حدثنا يزيد بن هارون، قال أخبرنا

ص: 89

حجاج بن حسان، قال سمعت أبا مجلز أو سألته قال: قلت كيف أضع؟ قال: يضع باطن كف يمينه على ظاهر كف شماله ويجعلهما أسفل من السرة.

قال البيهقى: وأصح أثر روى في هذا الباب أثر سعيد بن جبير وأبى مجلز.

ومذهب أبى مجلز هو الوضع أسفل السرة حكاه أبو عمر في التمهيد، وجاء ذلك عنه بسند جيد كذا قال ابن التركماني في الجوهر النقى.

ثم أورد إسناد ابن أبى شيبة وقال: الحجاج هذا هو الثقفي قال أحمد: ليس به بأس.

وقال مرة: ثقة.

وقال ابن معين: صالح.

ص: 90

أثر سعيد بن جبير: أخرج البيهقي بإسناده عن أبى الزبير قال: أمرني عطاء أن أسأل سعيدا أين تكون اليدان في الصلاة فوق السرة أو أسفل من السرة، فسألته فقال: فوق السرة.

وفيه يحي بن أبى طالب تكلموا فيه ومنهم من نسبه إلى الكذب.

أثر أنس بن مالك، قال من أخلاق النبوة وضع اليمين على الشمال تحت السرة.

يضعهما تحت الصدر فوق السرة: وهو مروى عن الشافعى كما في الوسيط وذكره البغوى وهو المعمول به عن أصحابه، ورجحه النووي.

قال النووى: وبهذا قال سعيد بن جبير وداود.

وهى رواية أيضا عن مالك.

ص: 91

وعن أحمد مثله، والرواية الأخرى عنه مثل أبى حنيفة يعنى تحت السرة مستدلا بحديث على رضى الله عنه.

يضعهما فوق الصدر: وبه قال أيضا الشافعى، وهى رواية نادرة عن أحمد.

أدلة الشافعية ومن وافقهم باختصار: حديث وائل بن حجر يقول:

صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده

ص: 92

اليسرى على صدره.

رواه ابن خزيمة.

ورواه غيره فلم يذكروا فيه على صدره انظر ما مضى في تخريج هذا الحديث.

حديث قبيصة بن هلب عن أبيه قال: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه وعن يساره ورأيته يضع يده على صدره.

تفسير قوله تعالى (فَصَلّ لِرَبّكّ وَأنحَر) .

قال على هو وضع يده اليمنى على وسط ساعده على صدره.

رواه الحاكم والبيهقى.

قال ابن التركماني: في سنده ومتنه اضطراب.

وقال الحافظ ابن كثير: (وقيل أراد بقوله: (وَأنحَر) وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت النحر، يروى هذا عن على ولا يصح، وعن الشعبى مثله) . انظر تفسيره.

تفسير ابن عباس لقوله تعالى (فَصَلّ لِرَبّكَ وَأنحَر) .

قال: (وضع اليمين على الشمال في الصلاة عند النحر) .

رواه البيهقى وغيره.

وفي سنده روح بن المسيب تكلموا فيه.

ص: 93

تفسير أنس بن مالك لقوله تعالى: (فَصَلّ لِرَبّكَ وَأنحَر) قال مثل تفسير على.

رواه البيهقى وغيره وفى إسناده رجل لم يسم.

مرسل طاوس. قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة.

رواه أبو داود. وسبق تخريجه.

ولأن الصدر هو موضع نور الإسلام، فحفظه بيده في الصلاة أولى من الإشارة إلى العورة بالوضع تحت السرة، وهو أقرب إلى الخشوع، والخشوع زينة الصلاة.

هذا آخر ما أردت تسويده، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ص: 94