الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* واسمَا الرجلين مما يتشابه عند أهل العلم قال الخطيب رحمه الله في "تلخيص المتشابه في الرسم"(2/818)(باب الخلاف في الأبناء والأباء معاً) : (عبيد بن أبي عبيد وعتبة بن أبي عتبة)(لِلَّهِ) فأورد في الأول رجلين، وفي الثاني ثلاثة رجال.
هذا ما لاح لي فإن كان صواباً فمن الله عز وجل وإن كان خطأ ًفمن نفسي {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88] .
وللمرة الثانية أذهل عن قضية خطيرة، هي: (هل يمكن للطبراني رحمه الله في "معاجمه" أن يتفرد بحديث صحيح خلت منه الكتب الستة و "المسند" و"الصحاح" والكتب المشهورة؟
ولذلك سأجعل مناقشة ذلك بعد إيراد كلام العلماء حول الطريق الأولى
خاصَّةً، ولكن باختصارٍ غير مُخلٍّ ـ بإذن الله ـ.
2 ـ طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم
ـ.
قال الطبراني رحمه الله في "الكبير"(12/56 رقم 12457) و "الأوسط"(6/89 رقم 5884) ـ واللفظ له ـ:
" حدثنا محمد بن علي بن مهدي ـ زاد في الكبير: العطار ـ الكوفي، قال: نا محمد بن سليمان بن بزيع (1) الكوفي، قال: نا مصعب بن المقدام، عن أبي معاذ، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية،
(1) بزيع ـ بمهملة ـ وتحرف في "الكبير" إلى: (بزيغ) كما لم ينسبه (الكوفي) .
عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مؤمن (1) إلا وله ذنب يصيبه الفَيْنَةَ بَعْدَ الفَيْنَةَ، إنَّ المؤمن نسَّاءٌ (2) ، إذا ذُكِّرَ ذَكَرَ ".
وقال في الأوسط: " لم يَرْوِ هذا الحديث عن أبي بشر إلا أبو معاذ، وهو سليمان بن أرقم " كذا قال رحمه الله وسأبين ما في هذا عند الترجمة لأبي معاذ.
ورواه أبو القاسم التيمي الأصبهاني رحمه الله في "الترغيب والترهيب"(26) من وجه آخر عن محمد بن محمد بن علي بن مهدي به، ولفظه:" ما من مؤمن إلا وله ذنب لا يفارقه الفينة بعد الفينة حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن نسَّاء، إذا ذُكِّرَ ذَكَرَ ".
ورواه القضاعي في "مسند الشهاب"(809) من طريق محمد بن المظفر الحافظ، ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، أنبا محمد بن سليمان الخزاز، ثنا مصعب ابن المقدام به، ولفظه: " ما من مؤمن إلا وله ذنب يصيبه الفينة بعد الفينة، لا
يفارقه حتى يفارق الدنيا، وإن المؤمن خُلِقَ نسَّاء إذا ذُكِّر ذَكَرَ ".
(1) في "الكبير" بعين هذا الإسناد: " ما من مسلم " ولا أدري ممن هذا الاختلاف والصواب من هذا لفظ "الأوسط" لأنه موافق للفظ المصادر الأخرى لهذه الطريق.
(2)
وفي الكبير أيضاً " نَسِيٌّ " والصواب لفظ الأوسط لنفس السبب المذكور.
تراجم رجال إسناد الطبراني:
1 ـ محمد بن علي بن مهدي العَطَّار الكوفي.
* قال الحافظ حمزة بن يوسف السهمي رحمه الله في "سؤالاته للدارقطني وغيره من المشايخ في الجرح والتعديل"(4) :
" وسألته ـ يعني: الدارقطني ـ عن محمد بن علي بن مهدي الكوفي، فقال: ثقة ".
وقال أيضاً (78) : " وسألته عن محمد بن علي بن مهدي بن زياد أبي جعفر العطار بالكوفة، فقال: لا بأس ".
كذا أثبتها المحقق ـ عفا الله عنه ـ والجادة أن يقول: " لا بأس به "، فالله أعلم.
وقد عزا الموضعين إلى (معجم شيوخ الإسماعيلي الترجمة 73) ، ولم يتفطن في الأول إلى أنه سيأتي، ولا في الثاني إلى أنه تقدم، ولم يأت في فهارس الكتاب إلا معزواً إلى الموضع الأول فقط، فليتنبه طالب العلم إلى هذا حتى لا يعتمد عليها اعتماداً كلياً.
لكنني استفدت فائدة كنت أستشرف لها وللوقوف عليها، ألا وهي نسبته إلى إحدى القبائل، فوجدت الإسماعيلي يقول في "معجم شيوخه" (73) :"أبو جعفر محمد بن علي بن مهدي بن زياد الكندي العطار، كوفي ".
وبعد زمان نظرت في فهارس "معجم ابن المقريء" عسى أن يكون قد روى عنه ونَسَبَهُ، وكنت لم أرجع بعدُ إلى كتاب الإسماعيلي تارة أخرى، فوجدت شيئاً يستحق التنبيه،
ففي فهرس الشيوخ: " أبو بكر محمد بن علي بن مهدي بن حرب النجار التستري " روى عنه (227) عن أبي يوسف يعقوب بن سفيان وهو الفسوي الحافظ رحمه الله بل وفي الحديث الذي يليه (228) أيضاً.
فإني لا آمن ـ واللهِ ـ أن يأتي أحد المغفلين أو المجازفين ـ فيعرِّف أحد الرجلين على أنه الآخر!!
وهذا كثير ومشاهد من أدعياء التحقيق هداهم الله، فإذا ضممنا جملة هذه المعطيات بعضها إلى بعض، فسنعرِّف هذا الشيخ بأنه:
(أبو جعفر محمد بن علي بن مهدي بن زياد الكندي الكوفي العطَّار) . والحمد لله على توفيقه.
وحاله في الحديث أنه: (ثقة) ، فإن كل ثقة ـ عَدْل تامّ الضبط ـ يصدق عليه أنه (لا بأس به) لا العكس، وذلك أيضاً عند صدور اللفظين من ناقد واحد، لا مطلقاً.
فقد وُجِد من النِّاس من يجد الرجل قد وثقه أمثال أحمد وابن معين وأبي زرعة وأبي داود والنسائي والدارقطني، وقال فيه أبوحاتم " صالح " أو " شيخ صالح " فيحمل جميع هذه التوثيقات على أن أصحابها جميعاً أرادوا أنه (عَدْل)(!!) للتوصل بل الهروب من وصف الحديث بالصحة، فالله المستعان.
2ـ محمد بن سليمان بن بزيع الكوفي:
لا أعرف عن هذا الرجل أكثر من اسمه، وأنه قد رَوَى عنه أكثر من واحد حَسْبُ!
وذلك بعد بحث طويل، وتفتيش دؤوب، لكن لا يصل إلى التقليب ـ مثلاً ـ في "المعاجم"، والمصادر التي لا تتصف بعلو، مثل أسانيد الخطيب في "تاريخه" وغيره و"شعب الإيمان" ونحو ذلك، وإنما كان أكثر ذلك ـ بعد اليأس من وجوده في المصادر المشهورة مثل "سؤالات الدارقطني" و "تاريخ بغداد" و"الميزان" و"لسانه" وكتب (المشتبه) ـ في الفهارس الشاملة كـ "فهرس الدعاء" و"الأوسط" للطبراني وفهرس رجال "تاريخ جرجان" وفهرس رجال "بغية الطلب" وغير ذلك.
فاستعنت بأخٍ لي حبيب ليبحث عنه في (الحاسب الآلي)، فلم يفده إلا بموضعين:
الأول: وقوعه في إسناد للطبراني في "الكبير" هو هذا الإسناد!
الثاني: وقوعه في ترجمة (إسماعيل بن أبان الوراق) من "تهذيب الكمال"(3/8) في جملة الرواة عنه، لكن الحافظ المزي رحمه الله لم ينسبه، وهذا يشعر بأنه لا يعرف عنه أكثر من وقوعه في بعض الأسانيد، لكنه لم يورده في جملة الرواة عن (مصعب بن المقدام الخثعمي) شيخه في هذا الحديث، مع ظهور شدة اعتنائه بـ " معاجم الطبراني " في إيراد شيوخ المترجم له والرواة عنه.
ثم لما رُزِقتُ كتاب " مجموع فيه مصنفات أبي الحسن الحمّامي " وجدت في "جزء من حديثه عن شيوخه" تخريج أبي الفتح بن أبي الفوارس (25) من طريق الحضرمي ـ وهو محمد بن عبد الله بن سليمان الحافظ الملقب بـ (مُطَيَّن) ـ حدثني جعفر بن حرب: حدثنا
محمد بن سليمان بن بزيع: حدثنا حسين الأشقر عن مسعر، عن عبد الملك بن عمير القبطي، أن علياً عليه السلام كان يقول:"إن من كان قبلكم كانوا يبعرون بعراً، وأنتم تثلطون ثلطاً، فأتبعوا الحجارة الماء ".
قال أبو الفتح بن أبي الفوارس ـ عقبه ـ: " غريب من حديث مسعر، وهو غريب من حديث حسين الأشقر ".
ووصف الحديث بأنه " غريب من حديث حسين الأشقر " ـ على الرُّغم من كونه متروكاً ـ ربما أدان ابن بزيع لولا أنني لم أجد ترجمة لجعفر بن حرب الراوي
عنه.
وشيخ بن الحمامي ـ الحسن بن محمد السكوني ـ روى عنه الحاكم، وقال:
…
" ثقة مأمون ".
وعارضه الشيخ مقبل بن هادي رحمه الله في "تراجم رجال الحاكم"(رقم 605) بأن الدارقطني في "غرائب مالك" روى حديثاً هو شيخه فيه، وقال:"هذا باطل بهذا الإسناد ومَن دُوْنَ مالك ضعفاء "، ثم قدَّم قول الدارقطني لأنه أعلم من الحاكم.
وقال الشيخ حمدي السلفي ـ حفظه الله تعالى إن كان لم يزل حياً يرزق ـ في حاشية "مسند الشهاب"(2/24) :
" عبد الله بن محمد بن جعفر اتُّهِمَ بوضع الحديث، ومحمد بن سليمان الخزاز ضعيف، ومصعب بن المقدام صدوق له أوهام، ورواه الطبراني في الأوسط
…
(460 مجمع البحرين) من طريق سليمان بن بزيع الكوفي عن مصعب به، وسليمان منكر الحديث
…
".
قلت: ابن جعفر هذا هو القزويني أبو القاسم الشافعي ـ مذهباً ـ القاضي، نزيل مصر.
قال فيه الدارقطني رحمه الله: " كذاب يضع الحديث " كما في "سؤالات الحاكم له"(115) ، ولم يتفرد بالحديث من هذا الوجه، بل تابعه محمد بن علي ابن مهدي العطار الثقة ـ كما تقدم ـ لكنه سمى الراوي عن مصعب: محمد بن سليمان بن بزيع الكوفي، وهو الذي نحن بصدد الكلام عنه الآن.
وظني ـ وهذا هو الظن بأمثاله (لِلَّهِ) ـ أنه أراد الإغراب، هذا إن كان سمعه من ابن بزيع حقاً ولم يَدَّعِ سماعه للحديث منه.
وقد وهم الشيخ ـ عفا الله عنه ـ في قوله أن الطبراني رواه في "الأوسط" عن (سليمان بن بزيع الكوفي)، وبناء على ذلك قال:" وهو منكر الحديث "؛ فإنما هو (محمد بن سليمان بن بزيع الكوفي) كما بيّنتُ، بل أذهب إلى أن سليمان ليس والده، فإن الظاهر من مجموع ما لديَّ من معطيات حوله أنه مصري، وليس كوفياً، والتي منها:
* أن ابن يونس قال فيه: " منكر الحديث "، وابن يونس هو صاحب "تاريخ مصر".
* وأنه يروي عنه إبراهيم بن أبي الفياض البرقي، وهذا رجل توفي بمصر، ويروي عن أشهب بن عبد العزيز صاحب مالك، وهو مصري رحمهم الله جميعاً ـ.
ثم لاح لي أن أستفيد من حديث عزاه الحافظ رحمه الله في ترجمة (سليمان ابن
بزيع) هذا إلى ابن عبد البر في "جامع بين العلم"، وأحسست بشدة أنني سأتوصل إلى شيء ما فلما رجعتُ إلى "الجامع" وجدته روى الحديث (1611، 1612) من طريقين عن البرقي عنه عن مالك بإسناده إلى علي رضي الله عنه قال البرقي في أولهما: " حدثنا سليمان بن بزيع الإسكندراني
…
" (!!!) فالحمد لله على توفيقه، وأشهد أن هذا العلم إلهام.
أما (محمد بن سليمان الخزاز) الذي ضعفه الشيخ السلفي ـ كأنه تبع في ذلك المدعوَّ أحمد بن الصديق الغماري ـ عليه من الله ما يستحق ـ في "فتح الوهاب بتخريج أحاديث الشهاب"(2/63 رقم 526) ، لكن هذا الغماري ذهل عن إعلاله بالراوي عنه، ذاك الوَضَّاع!
فهو (محمد بن سليمان بن هشام بن سليمان بن عمرو بن طلحة اليشكري الشطوي البصري ثم البغدادي الخزاز ابن بنت سعيدة بنت مطر الوراق ويعرف بـ: أخي هشام)
وهو من أفراد ابن ماجه، وهو واه منكر الحديث، اتهمه الخطيب بوضع حديث.
وهو يروي عن أقران (مصعب بن المقدام) كوكيع وأبي معاوية وأبي أسامة والمحاربي وابن علية ونحوهم.
3ـ مصعب بن المقدام:
هو (أبو عبد الله مصعب بن المقدام الخثعمي، مولاهم الكوفي) مختلفٌ فيه جرحاً وتعديلاً، وقد روى له مسلم في الشواهد والترمذي والنسائي وابن ماجه.
* قال ابن الجنيد في "سؤالاته"(252) : " سئل يحيى بن معين ـ وأنا شاهد ـ عن مصعب بن المقدام الخثعمي، فقال: ما أرى به بأساً ".
وقال ابن الغلابي: قال أبو زكريا ـ يعني: يحيى بن معين ـ: " مصعب بن المقدام ثقة ".
وقال ابن شاهين في "الثقات"(1311) عنه: " كان صالحا، لا بأس به ".
* وقال عبد الله بن علي بن المديني: سمعت أبي يقول: " المصعب بن المقدام ضعيف ".
وهذان في ترجمته من "تاريخ بغداد"(13/111) .
* وقال الإمام أحمد بن حنبل: " كان رجلاً صالحاً، رأيت له كتاباً، فإذا هو كثير الخطأ، ثم نظرت في حديثه، فإذا أحاديثه متقاربة عن الثوري "، كما في "تهذيب التهذيب"(10/166) ولم أجده في مصدر آخر (1) .
* وقال الآجري في "سؤالاته"(443) : " وسئل أبو داود عن مصعب بن المقدام، فقال: لا بأس به ".
(1) قال الأثرم عن أحمد في مصعب بن ماهان: " كان رجلاً صالحاً ـ وأثنى عليه خيراً ـ كان حديثه مقارب (كذا) ، فيه شيء من الخطأ " كما في "الجرح"(8/308) ولفظه قريب جداً مما حكاه الحافظ عنه في ابن المقدام فالله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم في "الجرح"(3/308) : " سألت أبي عن مصعب بن المقدام فقال: هو صالح الحديث ".
وقال في ترجمة مصعب بن ماهان منه (3 /309) : " سئل أبي عن مصعب ابن ماهان ومصعب بن المقدام: أيهما أحبُّ إليك؟ فقال: مصعب بن المقدام ".
وقد روى عن أبيه أنه قال في ابن ماهان: " شيخ ". قال: " وحكى غيري عن أبي أنه قال: ثقة عابد "، وهذا الغير لم يُسَمَّ.
ثم تبين لي أن ما حكاه الحافظ رحمه الله في "التهذيب" عن الإمام أحمد رحمه الله كان خطأً عليه، فبينما لفظ ابن أبي حاتم ـ الذي ذكرته في الحاشية ـ عن الأثرم محتمل، إلا أن لفظ العقيلي في "الضعفاء الكبير"(4/198) كان قاطعاً، إذ روى من طريقه قال: سمعت أبا عبد الله، وذكر مصعب بن ماهان صاحب الثوري فأثنى عليه خيراً، وقال: جاءني إنسان مرة بكتاب عنه، فإذا كثير الخطأ (كذا، ولعل الصواب: فإذا هو
…
) ، فإذا إخال من الذي كتب عنه (كذا) ، فلما نظرت بَعْدُ في حديثه فإذا أحاديثه متقاربة، وفيها شيء من الخطأ ".
فالمَعنِيُّ بهذا الكلام هو: (مصعب بن ماهان المروزي ثم العسقلاني) ، واللبس بينهما قريب، فكلاهما معروف بالثوري ـ ويشتركان أيضاً في (داود بن نصير الطائي) ـ رحمة الله تعالى عليه ـ وكلاهما من العباد.
على أن النقل نَفْسَهُ فيه خلل وأسقط أموراً لا تدرك من الرواية المختصرة. والكمال لله عز وجل وحده.
* وقال العجلي: " كوفي متعبد ". كما في "ترتيب معرفة الثقات"(1734)
للهيثمي والسُّبكي.
وقال ابن حبان في "الثقات"(9/175) : " أبو عبد الله الكوفي يروي عن الثوري وزائدة وداود الطائي، روى عنه محمد بن رافع وأهل العراق، مات سنة ثلاث ومائتين ".
وقال ابن قانع: " كوفي صالح ".
* وقال الساجي: " ضعيف الحديث، كان من العباد، قال أحمد بن حنبل
…
" إلخ كما في "تهذيب التهذيب".
ولاح لي الآن ـ فقط ـ أن الوهم من الحافظ الكبير الإمام زكريا الساجي
…
ـ عفا الله تعالى عنه ـ وليس من الحافظ ابن حجر رحمهم الله جميعاً ـ وبقي أنه لم يتعقبه فحسب، فـ " كم ترك الأول للآخر "!!
ثم إن قول الساجي: قال أحمد، أو: قال ابن معين؛ لا يُحتَجُّ به، لأنه لم يدركهما، فينبغي التَأنِّي في مثل ذلك.
* وقال البرقاني في "سؤالاته للدارقطني" عنه (507) ـ بعد الترجمة لرجلين ـ: " مصعب بن المقدام ثقة ".
* وقد رد الخطيب البغدادي رحمه الله تضعيف علي بن المديني ـ رحمهما الله ـ له بقوله في "تاريخه"(13/111) : " قلت: قد وصفه بالثقة يحيى بن معين وغيره من الأئمة ".
ثم روى بإسناده إلى ابن الغلابي عن ابن معين توثيقه، وبإسناده إلى ابن الجنيد قوله:" ما أرى به بأساً "، ثم قول أبي داود والدارقطني فيه.
نعم، إطلاق القول بضعفه بعيد، ولكن ينبغي ألا ننسى أن هناك مراتب عِدَّة للرواة فيما بين " ضعيف " و " ثبت ".
ولست أرغب في الانشغال بتتبع الأحاديث الذي تفرد بها هذا الرجل الصالح رحمه الله كما فعلتُ في غيره، ولكن في الجملة أذهب إلى خطأ القول بإعطائه حكماً واحداً لا ينفكُّ عنه، بل أُفَصِّلُ بأن تفرده عن المشاهير أمثال: سفيان الثوري، وإسرائيل بن يونس السبيعي، وزائدة قدامة الثقفي، وعبد الملك ابن عبد العزيز بن جريج المكي، ومسعر بن كدام الهلالي ـ ممن لهم أصحاب كثر ومجالس متواصلة ـ هذا التفرد لا أقبله من مثله.
أما إن تفرد عن مثل: داود بن نصير الطائي ـ الثقة الزاهد العابد الذي قطع مجالس التحديث واعتزل الناس ـ فإني أراه محتملاً، ويظهر أنه كان له اختصاص به، فقد تفرد عنه ـ فيما قطع به الطبراني في "الأوسط" ـ باثنين وعشرين حديثاً كلها مستقيمة الأسانيد والمتون، ثابتة عن شيوخ داود فيها.
وكذلك لو تفرد عن الضعفاء المرغوب عنهم وعن حديثهم، فلا ضَيْرَ كما في حديثنا (1) هنا، سواءٌ أَكان شيخه أبو معاذ هو سليمان بن أرقم كما جزم الطبراني رحمه الله، أو عتبة بن حميد الضبي كما خَلُصْتُ إليه في بُحَيثٍ سأذكره، أو ثالث لا يُدرى من هو لِلَّهِ على ألا ننسى أن الراوي عن مصعب نفسه لا يدرى من هو!
(1) وفيما تقدم أقبل تفرد (علي بن حفص المدائني) عن (عتبة بن عمرو المكتب) وأراه محتملاً، لكن لا أقبل تفرده عن مثل (شعبة) و (الثوري) .
هذا، وقد قوَّمَهُ أخي الحبيب الشيخ أبو تراب ـ حفظه الله ـ في ترجمته لدينا بـ " دار التأصيل " على أنه (صدوق) ، وهذا تقويم أعتزُّ به، والحمد لله رب العالمين.
4ـ أبو معاذ:
تقدم أن الحافظ الطبراني رحمه الله عَقَّبَ على الحديث في "الأوسط"
(5884)
بقوله: " لم يرو هذا الحديث عن أبي بشر إلا أبو معاذ، وهو سليمان ابن أرقم ".
قلت: للوهلة الأولى حاك هذا الجزم في تعيين أبي معاذ هذا على أنه سليمان ابن أرقم ـ أحد المتروكين ـ حاك في صدري، ولم يركن إليه قلبي الضعيف.
فلما بحثت فيما تيسر من مظآنٍّ لم أجد الحافظ المزيّ رحمه الله يذكر (سليمان بن أرقم) في جملة شيوخ (مصعب بن المقدام) ولا مصعباً في جملة الرواة عن
…
ابن أرقم، ولا أبا بشر الواسطي ـ جعفر بن إياس ـ في جملة شيوخ ابن أرقم، ولا ابن أرقم في جملة الرواة عن أبي بشر في تراجم الثلاثة من "تهذيبه"!
كما نظرت في عدة تراجم لابن أرقم في كتب " الضعفاء " فلم أهتد إلى شيء من ذلك.
فلم يكن لَدَيَّ أَدْنَى قرينة يترجح بها هذا القول.
فما زلت منشغلاً ومهموماً بهذه القضية، حتى لاح لي أنه لن يشفي نهمتي بشأنها سوى الحافظ الذهبي رحمه الله في كتابه القيم ـ على اختصاره ـ:
"المقتنى في سَرْد الكنى" فوجدت فيه جماعة بهذه الكنية لا يكادون يجتمعون ـ في موضع واحد ـ في سواه، فاستبعدت منهم من لا يتصور أن يكون هو، ثم بقي جماعة يصلحون لنفس الطبقة، فلما بحثت بحثاً تفصيلياً في تراجمهم من "تهذيب الكمال" ـ وربما غيره أيضاً ـ لم يترجح لي إلا واحد (1) هو:(أبو معاذ عتبة بن حميد الضَّبِّيّ البصري) .
وحجتي في ذلك قول الحافظ أبي الحجاج المزي رحمه الله في ترجمته من "تهذيب الكمال"(19/305) : " روى عن أبي بشر جعفر بن إياس
…
" فذكره أول شيخ له.
نعم، لم يذكر مصعب بن المقدام في جملة الرواة عنه، ولكن ذكر ـ ممن يقاربونه في الطبقة ويشاركونه في بعض الشيوخ:(سفيان بن عيينة) و (عبيد الله ابن عبيد الرحمن الأشجعي) و (إسماعيل بن عياش) فأربعتهم يروون عن الثوري.
ثم إنه لا ضير على هذا الحافظ الكبير في عدم ذكر ابن المقدام في ترجمته للسبب الذي أُذَكرِّ به دائماً. والذي صارت به نسبة الحديث نسبة منكرة.
(1) قال قاسم بن صالح القاسم محقق " المطالب العالية " ـ المسندة ـ عند الحديث (3264) : " وأبو معاذ إما هو فضيل بن ميسرة البصري وهو صدوق، أو سليمان بن أرقم البصري، وهو ضعيف
…
" ولم أجد أية قرينة تدل على أنه (فضيل بن ميسرة) أيضاً.
وعتبة بن حميد أيضاً مختلف فيه بين أهل العلم وإن كانت نصوصهم فيه قليلة جداً.
* قال أبو طالب: " سألت أحمد بن حنبل عن عتبة أبي معاذ فقال: هو عتبة بن حميد الذي روى عنه الأشجعي، وكان من أهل البصرة، وكتب من الحديث شيئا كثيراً. قلت: كيف حديثه؟ قال: ضعيف ليس بالقوي، ولم يشته الناس حديثه ". كما في "الجرح"(6 /370) .
* وقال ابن عبد الهادي رحمه الله في "بحر الدم"(670) : " ضَعَّفه أحمد ".
* وقال ابن أبي حاتم: " سألت أبي عن عتبة بن حميد، فقال: كان بصري الأصل كان جوالة في طلب الحديث، وهو صالح الحديث ".
* وذكره ابن حبان في "الثقات"(7/272) .
* وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في ترجمته من "الميزان"(3/28) : "وقد ضُعِّف"، وأورد كلام أبي حاتم وأحمد باختصار، وقال في "المغني" (2 /422) :
" ضعيف "، وفي "الكاشف" (2 /245) :" ضعَّفه أحمد ".
* أما الحافظ رحمه الله فقال في "التقريب"(4461) : " عتبة بن حميد الضبيّ، أبو معاذ أو أبو معاوية البصري، صدوق له أوهام، من السادسة ".
قلت: لم أجد من كناه أبا معاوية، أما صيغة " صدوق، له أوهام " فمما تختلف فيها الأنظار، فبينما يحسن بعضهم حديث كل من قيلت فيه، يرى البعض أنها من صيغ التضعيف عند الحافظ رحمه الله.
وقد أوردها في "مقدمة التقريب"(ص 81) في المرتبة الخامسة، وقرنها بصيغ أخرى مجزوم بضعف ما تفرد به أصحابها، فقال:" الخامسة: من قصر عن درجة الرابعة قليلاً ـ قلت: صيغ المرتبة الرابعة عنده هي: صدوق، أو: لابأس به، أو: ليس به بأس ـ، وإليه الإشارة بـ: صدوق سيِّء الحفظ، أو: صدوق يهم، أو: له أوهام، أو: يخطئ، أو: تغير بآخره، ويلتحق بذلك من رُمِيَ بنوعٍ من البدعة كالتشيع، والقدر، والنصب والإرجاء، والتجهم مع بيان الداعية من غيره ".
قلت: ولا أجد كبير فارق بين حديث الصدوق من أهل السنة والصدوق الذي رُمِيَ ببعض هذه الضروب من البدعة إن كان مأموناً على ما يُحَدِّث به فالله المستعان.
بمعنى أن يكون الصدوق الذي رُمِيَ بالإرجاء أو النصب ـ مثلاً ـ مقترناً مع (الصدوق سيء الحفظ) و (الصدوق الذي تغير بأخرة) في مرتبة واحدة فَيُرَدُّ حديث الجميع، فهذا مما أَعْجَبُ له.
هذا، وقد لاح لي أمر آخر قد يكشف السِّرَّ في إقحام (أبي معاذ) خاصةً في
…
هذا الإسناد، فإن كان صواباً فمن الله عز وجل وحده، وهو أن (محمد بن سليمان بن بزيع) ـ المتقدم ذكره ـ كان قد بلغه حديث (عتبة بن عمرو المكتب عن عكرمة عن ابن عباس) فتداخل الاسمان عليه (عتبة بن عمرو) و (عتبة ابن حميد) ثم طرأ عليه أمر ما، أو رَغِبَ في أمر ما (لِلَّهِ) فنسي الأسماء أو تناساها وبقيت معه كنية الثاني وحدها:
(أبو معاذ) ، ثم تمادى به الأمر فنسى الإسناد ـ إلا ابن عباس ـ أو رغب في الإغراب أيضاً، فجعله (عن أبي بشر عن سعيد ابن جبير (1) عنه) !!
والله أعلم بصحة هذا الاحتمال أو بعضه من عدمها.
يلاحظ أيضاً أن (عتبة بن حميد الضبي) يتشابه مع كُلٍّ من (المُكْتِبَيْن) في أمر، فاسمه كاسم (عتبة المكتب) ونسبته (الضبي) كنسبة (عبيد المكتب) !!
وأياً كان الأمر، فهذا إسناد منكر جداً لا يلتفت إليه لتعدد العلل فيه، والتي كان أهمها وجود (محمد بن سليمان بن بزيع الكوفي) هذا في إتيانه بإسناد كالشمس لهذا الحديث:
(أبو بشر جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس) وهو على شرط الشيخين البخاري ومسلم بل الستة جميعاً.
5ـ أبو بشر جعفر بن أبي وحشية:
هو (أبو بشر جعفر بن إياس ـ أبي وحشية ـ اليشكري البصري ثم الواسطي) .
ولن أطيل الكلام عنه، بل سأبدأ بترجمته من "التقريب"(938) ثم أعقّب عليها.
(1) وسعيد أشهى عندهم من عكرمة ـ الذي كرهه كثيرون ـ عفا الله عنهم ـ، ثم هو عراقي كوفي ـ خلافاً لعكرمة ـ وهنا تلوح أيضاً أمارات العصبية، والله أعلم.
قال الحافظ رحمه الله: " ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير، وضعفه
شعبة في حبيب بن سالم وفي مجاهد، من الخامسة مات سنة خمس (1) وقيل ست وعشرين " أهـ يعني: ومائة.
قلت: وهو تابعي صغير، فقد نص البخاري في ترجمته من "التاريخ الكبير"(2/186) وأبوأحمد الحاكم في ترجمته من "الكنى"(رقم 787) على سماعه من عباد بن شرحبيل اليشكري رضي الله عنه، وهو صحابي له حديث واحد، وقد توقف بعضهم في صحبته، قال الحافظ رحمه الله في "الإصابة" (2/265) :" قال ابن السكن: يقال: له صحبة، وفيه نظر. قلت: روى حديثه أبو داود والنسائي وابن أبي عاصم بإسناد صحيح عن أبي بشر ـ وهو جعفر بن أبي وحشية ـ سمعت عباد بن شرحبيل ـ رجلاً منا من بني غبرة (2) ـ قال: " أصابتنا سنة فدخلت حائطاً من حيطان المدينة فأخذت سنبلاً ففركته فأكلته، فجاء صاحب الحائط فضربني وأخذ كسائي، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته
…
" الحديث.
قلت: رواه عنه شعبة، وكذا سفيان بن حسين بنحوه.
وعوداً إلى أبي بشر رحمه الله فأقول: لم يورده الذهبي رحمه الله في "تذكرة
(1) هو المترجح، والأقوال متعدده بعد ذلك. وأشدها إغراباً قول ابن حبان بوفاته بطاعون سنة 131.
(2)
وتحرف في "الإصابة" إلى: " من بني عسيرة ".
الحفاظ" ولكن قال في ترجمته من "السير" (5 /465) : "
…
أحد الأئمة والحفاظ "، وهو الذي نبهني ـ قبل غيره ـ على روايته عن عباد بن شرحبيل رضي الله عنه فلما تحققتُ من سماعه منه رأيت البدء بالفائدة المتقدمة.
وقد اتفق العلماء على توثيقه، ولكن:
* قال يحيى بن سعيد القطان: " كان شعبة يضعف أحاديث أبي بشر عن حبيب بن سالم ".
* وقال الإمام أحمد: " كان شعبة يقول: لم يسمع أبو بشر من حبيب بن سالم، وكان شعبة يضعف حديث أبي بشر عن مجاهد ".
* وقال المفضل الغلابي عن يحيى بن معين: " جعفر بن أبي وحشية واسطي من أبناء جند الحجاج، طعن عليه شعبة في تفسيره عن مجاهد، قال: من صحيفة ".
* وقال أبو طالب: سألتُ ـ يعني: أحمد بن حنبل ـ عن حديث شعبة، عن أبي بشر، قال: سمعت مجاهداً يحدث عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد والتحيات، فأنكره، وقال: لا أعرفه (1) . قلت: يروي نصر بن علي عن أبيه
…
ـ يعني عن شعبة عن أبي بشر ـ قال: سمعت مجاهداً قال: قال يحيى: كان شعبة يضعف حديث أبي بشر
(1) وهذا يذكرني بالذين يدفعون بالصدر نصوص الأئمة الكبار في أن (فلاناً لم يسمع من فلان) بالأسانيد التي فيها تصريح بالسماع، القائمة على الأوهام والأغاليط. نسأل الله السلامة.
عن مجاهد، قال: لم يسمع منه شيئاً، وقال: إنما ابن عمر يرويه عن أبي بكر الصديق علمنا التشهد، ليس فيه النبي صلى الله عليه وسلم ".
قلت: وبقى ثالث لم يسمع منه، وهو سليمان بن قيس اليشكري صاحب صحيفة جابر ـ رضي الله تعالى عنه ـ.
دلني على ذلك الشيخ الفاضل حمدي بن عبد المجيد السلفي ـ جزاه الله خيراً ـ في تعليقه على حاشية جامع التحصيل (الترجمة: 99) .
* ففي ترجمة سليمان من "تهذيب الكمال"(12/55) : " قال البخاري: يقال إنه مات في حياة جابر بن عبد الله، ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر، ولا يعرف لأحد منهم سماعاً منه إلا أن يكون عمرو بن دينار سمع منه في حياة جابر ابن عبد الله ".
قلت: هذا النص حكاه الترمذي في "جامعه" عن البخاري عقب الحديث (1312)(3 /604) إلا أنه قال: " فلعله سمع منه "، وقد تكون لفظة (فلعله) سقطت.
وأيضاً دلني على مصدره د. بشار عواد ـ جزاه الله خيراً ـ في حاشية "تهذيب الكمال". أما الرقم الذي ذكره الشيخ السلفي فلا ينطبق على "الجامع" المتيسر الآن.
* أما في "التاريخ الكبير"(4/31)، فقال البخاري: " وروى أبو بشر، وقتادة، والجعد أبو عثمان من كتاب سليمان
…
".
* وقال ابن حبان في ترجمة سليمان من "الثقات"(4/309) : " روى عنه قتادة وأبو بشر، ولم يره أبو بشر ".
6ـ سعيد بن جبير:
هو (سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي ـ مولاهم ـ الكوفي أبو (1) عبد الله) .
* قال الحافظ رحمه الله في "التقريب"(2291) : " ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، وروايته عن عائشة وأبي موسى ونحوهما مرسلة، قتل بين يدي الحَجَّاج دون المائة سنة خمس وتسعين، ولم يكمل الخمسين ".
قلت: وبلغ اتفاقهم على ثقته وأمانته وإمامته في الحديث وفي الدين أن
الحافظ المزي رحمه الله أسهب في ترجمته في "تهذيبه"(10/358: 376) ـ بعد سرد شيوخه والرواة عنه ـ في ذكر فضائله وكراماته وأقواله وأحواله، وقصته مع الحجاج ولم يورد نصاً واحداً في توثيقه إلا بالتبع، حيث قال في آخرها:"وقال أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري: هو ثقة إمام حجة على المسلمين، قتل في شعبان سنة خمس (2) وتسعين وهو ابن تسع وأربعين سنة ".
(1) أطبق المتقدمون على ذلك وأقدم من رأيته يكنيه أبا محمد هو أبو الشيخ في "طبقات محدثي أصبهان" ثم أبو نعيم في "أخبار أصبهان"، لكنه جزم في "الحلية" بأنه (أبو عبد الله) . والذهبي ـ وإن قال في "السير":(أبو محمد. ويقال: أبو عبد الله " ـ جزم في "المقتنى" و"تاريخ الإسلام" بأنه (أبو عبد الله) ولم يحك سواها. وفي الكاشف كناه بالكنيتين فالله أعلم.
(2)
واعتراض د. بشار على هذا التأريخ وتصويبه أن الجم الغفير من المتقدمين على أنه قتل سنة 94 فيه نظر، إذ لم أره لأقدم من الواقدي وخالفه فيه الكثيرون وليس الإمام اللالكائي وحده، كما أن اعتراض الحافظ الذهبي على القول بوفاته وهو ابن تسع وأربعين بقول سعيد لابنه: ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة، وتصحيحه للأثر؛ فيه نظر أيضاً، فمداره على أبي حذيفة عن الثوري عن عمر بن سعيد المكي عنه. وأبو حذيفة ضعيف كثير المناكير عن الثوري. وعمر بن سعيد بن أبي حسين من السادسة، ولم يذكر سعيد بن جبير في جملة شيوخه، فأرتاب في إدراكه للقصة. والله أعلم بالصواب في كل ذلك.