الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9127 -
(ميامن الخيل في شقرها) أي بركتها في الأحمر الصافي منها والشقرة حمرة صافية وبقيته عند مخرجيه أبي الشيخ والطيالسي وأيمنها ناصية ما كان واضح الجبين محجل ثلاث قوائم طلق اليد اليمنى اه بنصه
(الطيالسي) أبو داود (عن ابن عباس) رمز لحسنه ورواه عنه أيضا أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي
9128 -
(ميتة البحر حلال وماؤه طهور) هو بمعنى خبر " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " وفيه أن ما لا يعيش إلا في البحر من جميع أنواع الحيوان ميتتها طاهرة يحل أكلها ولو بصورة كلب وخنزير
(قط ك) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه (عن) جده عبد الله (بن عمرو) بن العاص قال ابن حجر: هو من طريق المثنى عن عمر والمثنى ضعيف اه. وقال الغرياني في مختصر الدارقطني: فيه المثنى بن الصباح لينه أبو حاتم وغيره وإسماعيل بن عياش لكن توبع
فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [أي حرف الميم]
9129 -
(الماء) زاد في رواية أبي داود طهور (لا ينجسه شيء) هذا متروك الظاهر فيما إذا تغير بالنجاسة اتفاقا رخصه الشافعية والحنابلة بمفهوم خبر أبي داود وغيره " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا " فينجس ما دونها بكل حال وأخذ مالك وجمع بإطلاقه فقالوا: لا ينجس الماء إلا بالتغير وأل في قوله الماء للاستغراق أو للعهد أو الماء المسؤول عنه وهو ماء بئر بضاعة ويعلم حكم غيره بطريق الأولى أو لبيان الجنس أي أن هذا هو الأصل في الماء وقوله طهور بفتح الطاء على المشهور لأن المراد به الماء. قال ابن العراقي: في أصل سماعنا ولا ينجسه شيء بالواو وفي الرواية الأخرى بحذفها والأولى تدل على أن قوله لا ينجسه شيء ليس تفسيرا لقوله الماء طهور بل حكم على الماء بأمرين بكونه طهورا وبكونه لا ينجسه شيء ولا يلزم من الطهورية عدم التنجس
(طس عن عائشة) وقضية كلام المؤلف أنه لم يخرجه أحد في الكتب الستة وهو عجيب فقد خرجه النسائي باللفظ المزبور عن أبي سعيد الخدري ولفظه مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة فقلت أتتوضأ منها وهو يطرح فيها ما يكره من النتن فقال " الماء لا ينجسه شيء " وهو حديث حسنه اليعمري وغيره ورواه عنه أبو داود بلفظ: " الماء طهور لا ينجسه شيء ". قال الولي العراقي بعد ما حكى اختلاف الناس فيه: والحديث صحيح ورواه أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما والدارقطني عن سهل بن سعد يرفعه ورمز المؤلف لحسنه
9130 -
(الماء طهور إلا ما غلب على ريحه أو على طعمه) أو على لونه قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الماء قل أو كثر إذا وقعت فيه نجاسة فغيرته لونا أو طعما أو ريحا فهو نجس
<تنبيه> ذكر ابن سراقة في الأعداد وأبو سعيد النيسابوري في شرف المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم جعل الماء مزيلا للنجاسة وأن كثير الماء لا يؤثر فيه الخبث والاستنجاء بالجامد
(قط) من حديث راشد (عن ثوبان) مولى المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال مخرجه الدارقطني: لم يرفعه غير رشدين بن سعد وليس بالقوي والصواب من قول راشد
⦗ص: 249⦘
وأسنده محمد الغضيضي عن أبي أمامة وهو مجهول اه. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح وقال ابن حجر: فيه رشدين بن سعد متروك. قال ابن يونس: كان صالحا أدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث ورواه ابن ماجه والطبراني وفيه رشدين أيضا
9131 -
(المائد في البحر) اسم فاعل من ماد يميد إذا دار رأسه من غثيان معدته بشم ريح البحر قال تعالى {أن تميد بكم} أي لئلا تضطرب بكم (الذي يصيبه القيء له أجر شهيد) إن ركبه لطاعة كغزو وحج وتحصيل علم أو لتجارة إن لم يكن له طريق سواه ولم يتجر لزيادة مال بل للقوت ذكره المظهر. قال الطيبي: الذي يصيبه ليس بصفة مخصصة بل مبينة (والغرق) بفتح الغين وكسر الراء (له أجر شهيدين) فيه حث على ركوب البحر للغزو
(د) في الجهاد (عن أم حرام) بفتح الحاء والراء رمز لحسنه وفيه هلال بن ميمون الرملي قال أبو حاتم: غير قوي
9132 -
(المؤذن يغفر له مدى صوته) أي غاية صوته يعني يغفر له مغفرة طويلة عريضة على طريق المبالغة أي يستكمل مغفرة الله إذا استوفى وسعه في رفع الصوت وقيل تغفر خطاياه وإن كانت بحيث لو فرضت أجساما ملأت ما بين الجوانب التي يبلغها ومدى على الأول نصب على الظرف وعلى الثاني رفع على أنه أقيم مقام الفاعل (ويشهد له كل رطب) أي نام (ويابس) أي جماد (وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة ويكفر عنه ما بينهما) أي ما بين الأذان إلى الأذان قال أبو البقاء: الجيد عند أهل اللغة مدى صوته وهو ظرف مكان وأما مد صوته فله وجه وهو يحتمل شيئين أحدهما أن يكون تقديره مسافة مد صوته الثاني أن يكون بمعنى المكان أي امتداد صوته وهو منصوب لا غير وفي المعنى على هذا وجهان أحدهما لو كانت ذنوبه تملأ هذا المكان لغفرت له الثاني يغفر له من الذنوب ما فعله في زمان يقدر بهذه المسافة وقال التوربشتي: قوله مدى صوته أي غايته وفيه حث على استفراغ الجهد في رفع الصوت بالأذان وقال البيضاوي: غاية الصوت يكون أخفى لا محالة فإذا شهد له من بعد عنه ووصل إليه همس صوته فلأن يشهد له من هو أدنى منه وسمع مبادئ صوته أولى قال الطيبي: قوله وشاهد إلخ عطف على قوله المؤذن يغفر له وفيه إشعار بأن الجملة الثانية مسببة عن الأولى وأن العطف بيان لحصول الجملتين في الوجود وتفويض ترتب الثانية موكول إلى ذهن السامع الذكي والثانية وإن كانت متأثرة عن الأولى ومسببة عنها بهذا الاعتبار كذلك الأولى متأثرة من الثانية باعتبار مضاعفة الثواب وإليه أشار من قال يغفر للمؤذن لأن كل من سمعه أسرع إلى الصلاة ثم غفرت خطاياه للصلاة المسببة لندائه فكأنه لأجل إسراع الشاهد قد غفر للمؤذن فالضمير المجرور في له للشاهد لا للمؤذن كما ظن ويشهد له خبر " صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا "
(حم د ن هـ حب) كلهم في الأذان من حديث أبي يحيى (عن أبي هريرة) قال الصدر المناوي: وأبو يحيى هذا لم ينسب فيعرف حاله
9133 -
(المؤذن يغفر له مدى صوته وأجره مثل أجر من صلى معه) قال ابن عربي: والمؤذنون أفضل جماعة دعت إلى الله عن أمر الله ورسوله ولولا رفق المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأمته لأذن فإنه لو أذن وتخلف عن إجابته من سمعه إذا قال حي علي الصلاة عصى {وكان بالمؤمنين رحيما}
(طب عن أبي أمامة) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه جعفر بن الزبير وهو ضعيف
⦗ص: 250⦘
9134 - (المؤذن المحتسب) أي الذي أراد بأذانه وجه الله وثوابه (كالشهيد) أي المقتول في معركة الكفار (المتشحط في دمه) زاد في رواية للطبراني أيضا يتمنى على الله ما يشتهي به الأذان والإقامة (إذا مات لم يدود في قبره) أي لم يقع فيه الدود وكذا في الفردوس قال القرطبي: ظاهر هذا أن المؤذن المحتسب لا تأكله الأرض كالشهيد
(طب عن ابن عمرو) بن العاص وضعفه المنذري وقال الهيثمي: فيه إبراهيم بن رستم ضعفه ابن عدي ووثقه غيره وفيه أيضا من لا يعرف ترجمته اه. وأقول: فيه أيضا سالم الأفطس قال ابن حبان: يقلب الأخبار ويتفرد بالمعضلات
9135 -
(المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة) أي وقت الأذان منوط بنظر المؤذن العدل العارف فلا يحتاج فيه لمراجعة الإمام لأنه الراصد للوقت ووقت الإقامة منوط بنظر الإمام لكن لو أذن غير المؤذن بدون إذنه أو أقام غير الإمام بغير إذنه اعتد به
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب فضل (الأذان عن أبي هريرة) رمز لحسنه ينظر في قول الشيخ عن أبي هريرة فإن الحافظ ابن حجر ذكر أن أبا الشيخ خرجه من طريق أبي الجوزاء عن ابن عمر قال: وفيه مبارك بن عباد ضعيف وذكر أن الذي رواه عن أبي هريرة ابن عدي ويحتمل أن أبا الشيخ خرجه عن صحابيين لكني لم أره ورواه البيهقي عن علي موقوفا قال: ورفعه غير محفوظ وقال الذهبي: بل لا يصح
9136 -
(المؤذنون) جمع سلامة للمؤذن (أطول الناس أعناقا) بفتح الهمزة جمع عنق (يوم القيامة) أي أكثرهم تشوفا إلى رحمة الله لأن المتشوف يطيل عنقه إلى ما تشوف إليه أو يكونون سادة والعرب تصف السادة بطول العنق أو معناه أكثر ثوابا يقال لفلان عنق من الخير أي قطعة منه أو أكثر جماعات يقال جاء في عنق من الناس أي جماعة ومن أجاب دعوة المؤذن يكون معه أو أكثر الناس رجى لأن من رجى شيئا طال إليه عنقه والناس حين الكرب يكون المؤذنون أكثرهم رجاءا ومد العنق كناية عن الفرح كما أن خضوعها كناية عن الحزن وعليه اقتصر القاضي حيث قال: تعديل عنق الرجل وطوله كناية عن فرحه وعلو درجته وإناقته على غيره كما أن حنو القدر واطمئنانه وخضوع العنق وانكساره يعبر به عن الحيرة والهوان والهم أو المراد أنه إذا وصل العرق إلى الأفواه طالت أعناق المؤذنين حقيقة لشلا ينالهم ذلك وروي إعناقا بكسر الهمزة أي أشدهم إسراعا إلى الجنة من سار العنق
(حم م هـ) في الإيمان (عن معاوية) ولم يخرجه البخاري قال المصنف: هذا متواتر
9137 -
(المؤذنون أمناء المسلمين على فطورهم وسحورهم) لأنهم بأذانهم يفطرون من صيامهم وبه يصلون فحق عليهم أن يفرغوا جهدهم ويبذلوا وسعهم في تحرير دخول الوقت حذرا من فطر الصائم قبل الغروب وصلاة المصلي قبل دخول الوقت فمن قصر في ذلك فهو من الخائنين المبغوضين إلى الله وعليه إثم من عمل بقضية أذانه إلى يوم القيامة
(طب عن أبي محذورة) المؤذن رمز لحسنه قال ابن حجر: في سنده يحيى الحماني مختلف فيه وقال الهيثمي: سنده حسن
9138 -
(المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم) أي يتبعونهم ويعتمدون على أذانهم (وحاجتهم) المراد به حاجة الصائمين إلى الإفطار واشتغال المنوطة بأوقات الصلاة ذكره الرابعي قال: وقد يحتج به لندب العدالة في المؤذن لأنه سماه أمينا واللائق بحال الأمين كونه عدلا
(هق عن الحسن) البصري (مرسلا) ورواه عنه أيضا إمام الأئمة الشافعي
⦗ص: 251⦘
9139 - (المؤمن يأكل في معي) بكسر الميم مقصور مصران (واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء) قيل ذا خاص بمعاء رجل قيل هو نضلة الغفاري وقيل غيره فاللام عهدية وقيل عام وهو تمثيل لكون المؤمن يأكل بقدر ما يمسك رمقه ويقوى به على الطاعة فكأنه يأكل في معاء واحد والكافر لشدة حرصه كأنه يأكل في أمعاء كثيرة فالسبعة للتكثير قال القرطبي: وهذا أرجح أو المؤمن يأكل للضرورة والكافر يأكل للشهوة أو المؤمن يقل حرصه وشرهه على الطعام ويبارك له في مأكله ومشربه فيشبع من قليل والكافر شديد الحرص لا يطمح بصره إلا للمطاعم والمشارب كالأنعام فمثل ما بينهما من التفاوت كما بين من يأكل في وعاء ومن يأكل في سبعة وهذا باعتبار الأعم الأغلب ولعلك إن وجدت مسلما أكولا ولو فحصت وجدت من الكفار من تفضل نهمته أضعافا مضاعفة وقيل أراد بالسبعة صفات سبع الحرص والشره وبعد الأمل والطمع وسوء الطبع والحسد وحب السمن وقيل شهوات الطعام سبع شهوة النفس وشهوة العين وشهوة الفم وشهوة الأذن وشهوة الأنف وشهوة الجوع وهي الضرورة وهي التي يأكل بها المؤمن قال بعض الصحابة: وددت لو جعل رزقي في حصاة ألوكها حتى أموت أو المراد المؤمن الكامل الإيمان لأن شدة خوفه وكثرة تفكره تمنعه من استيفاء شهوته أو المؤمن يسمى فلا يشركه الشيطان فيكفيه القليل بخلاف الكافر وقال ابن العربي: السبعة كناية عن الحواس الخمس والشهوة والحاجة وفيه حث على التقلل من الدنيا والزهد والقناعة بما تيسر وقد كان العقلاء في الجاهلية والإسلام يمتدحون بقلة الأكل ويذمون كثرته وقال الغزالي: المعاء كناية عن الشهوة فشهوته سبعة أمثال شهوة المؤمن
(حم ق ت هـ عن ابن عمر) بن الخطاب (حم م عن جابر) بن عبد الله (حم ق هـ عن أبي هريرة (م هـ عن أبي موسى) قال المصنف: والحديث متواتر
9140 -
(المؤمن) وفي رواية المسلم (يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء) قال أبو حاتم السجستاني: المعاء مذكر ولم أسمع من أثق به يؤنثه وهذا الحديث يأتي فيه من التوجيه ما ذكر فيما قبله قال ابن عبد البر: ولا سبيل إلى حمله على ظاهره لأن المشاهدة تدفعه فكم من كافر يكون أقل أكلا وشربا من مسلم وعكسه وكم من كافر أسلم فلم يتغير مقدار أكله وشربه وقيل ليست حقيقة العدد مرادة بل المراد التكثير وأن من شأن المؤمن التقلل من الأكل والشرب لشغله بأسباب العبادة وعلمه بأن مقصود الشرع من الأكل والشرب ما يمسك الرمق ويعين على التعبد والكافر لا يقف مع مقصود الشرع بل هو تابع لشهوته مسترسل في لذته غير خائف من تبعات الحرام فلذلك صار أكل المؤمن إذا نسب إلى أكل الكافر وشربه بقدر السبع منه ولا يلزم منه الاطراد فقد يوجد مؤمن يأكل ويشرب كثيرا لعارض مرض أو نحوه ويكون في الكفار من يأكل قليلا لمراعاة الصحة على رأي الأطباء أو الرياضة على رأي الرهبان أو لعارض كضعف معدة
(حم م ت عن أبي هريرة)
9141 -
(المؤمن مرآة المؤمن) أي يبصر من نفسه بما لا يراه بدونه ولا ينظر الإنسان في المرآة إلا وجهه ونفسه ولو أنه جهد كل الجهد أن يرى جرم المرآة لا يراه لأن صورة نفسه حاجبة له وقال الطيبي: إن المؤمن في إراءة عيب أخيه إليه كالمرأة المجلوة التي تحكي كل ما ارتسم فيها من الصور ولو كان أدنى شيء فالمؤمن إذا نظر إلى أخيه يستشف من وراء حاله تعريفات وتلويحات فإذا ظهر له منه عيب قادح كافحه فإن رجع صادقه وقال العامري: معناه كن لأخيك كالمرآة تريه محاسن أحواله وتبعثه على الشكر وتمنعه من الكبر وتريه قبائح أموره بلين في خفية تنصحه ولا تفضحه
⦗ص: 252⦘
هذا في العامة أما الخواص فمن اجتمع فيه خلائق الإيمان وتكاملت عنده آداب الإسلام ثم تجوهر باطنه عن أخلاق النفس ترقى قلبه إلى ذروة الإحسان فيصير لصفائه كالمرآة إذا نظر إليه المؤمنون رأوا قبائح أحوالهم في صفاء حاله وسوء آدابهم في حسن شمائله
(طس والضياء) وكذا البزار والقضاعي (عن أنس) قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني والبزار: وفيه عثمان بن محمد من ولد ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال ابن القطان: الغالب على حديثه الوهم وبقية رجاله ثقات
9142 -
(المؤمن مرآة المؤمن) فأنت مرآة لأخيك يبصر حاله فيك وهو مرآة لك تبصر حالك فيه فإن شهدت في أخيك خيرا فهو لك وإن شهدت غيره فهو لك وكل إنسان مشهده عائد عليه ومن ثم قالوا: من مشهدك يأتيك روح مددك (والمؤمن أخو المؤمن) أي بينه وبينه أخوه ثابتة بسبب الإيمان {إنما المؤمنون إخوة} (يكف عليه ضيعته) أي يجمع عليه معيشته ويضمها له وضيعة الرجل ما منه معاشه (ويحوطه من ورائه) أي يحفظه ويصونه ويذب عنه ويدفع عنه من يغتابه أو يلحق به ضررا ويعامله بالإحسان بقدر الطاقة والشفقة والنصيحة وغير ذلك قال بعض العارفين: كن رداءا وقميصا لأخيك المؤمن وحطه من ورائه واحفظه في نفسه وعرضه وأهله فإنك أخوه بالنص القرآني فاجعله مرآة ترى فيها نفسك فكما يزبل عنك كل أذى تكشفه لك المرآة فأزل عنه كل أذى به عن نفسه
(خد د) في الأدب (عن أبي هريرة) قال الزين العراقي: إسناده حسن
9143 -
(المؤمن للمؤمن) اللام فيه للجنس والمراد بعض المؤمنين لبعض (كالبنيان) أي الحائط لا يتقوى في أمر دينه ودنياه إلا بمعرفة أخيه كما أن بعض البنيان يقوى ببعضه (يشد بعضه بعضا) بيان لوجه التشبيه وبعضا منصوب بنزع الخافض أو مفعول يشد وتتمته كما في البخاري ثم شبك بين أصابعه أي يشد بعضهم بعضا مثل هذا الشد فوقع التشبيك تشبيها لتعاضد المؤمنين بعضهم ببعض كما أن البنيان الممسك بعضه ببعض يشد بعضه بعضا وذلك لأن أقواهم لهم ركن وضعيفهم مستند لذلك الركن القوي فإذا والاه قوي بما بباطنه ويعاتبه ذكره الحرالي وفيه تفضيل الاجتماع على الانفراد ومدح الاتصال على الانفصال فإن البنيان إذا تفاصل بطل وإذا اتصل ثبت الانتفاع به بكل ما يراد منه
<تنبيه> قال الراغب: إنه لما صعب على كل أحد أن يحصل لنفسه أدنى ما يحتاج إليه إلا بمعاونة عدة له فلقمة طعام لو عددنا تعب تحصيلها من زرع وطحن وخبز وصناع آلاتها لصعب حصره فلذلك قيل الإنسان مدني بالطبع ولا يمكنه التفرد عن الجماعة بعيشه بل يفتقر بعضهم لبعض في مصالح الدارين وعلى ذلك نبه بهذا الحديث
(ق) في الأدب (ت ن) كلهم (عن أبي موسى) الأشعري
9144 -
(المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم) يعني المؤمن من حقه أن يكون موصوفا بذلك (والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب) قالوا: وذا من جوامع الكلم <فائدة> خرج الحكيم الترمذي عن أبي سعيد مرفوعا: المؤمن في الدنيا على ثلاثة أجزاء {الذين آمنوا بالله ورسوله لم يرتابوا} والذي يأمنه الناس على أنفسهم وأموالهم والذي إذا أشرف على طمع تركه قال: فالجزء الأول هم الظالمون لأنفسهم ضيعوا العبودية واستوفوا الرزق واكتالوا النعم بالمكيال الأوفى وكالوا الطاعات بكيل الخسر فهم من المطففين والثاني هو المقتصد المقتفي والثالث تركوا الهوى وشهوة النفس فهم المقربون.
⦗ص: 253⦘
(هـ عن فضالة بن عبيد) ورواه عنه أيضا الترمذي وحسنه فرمز المصنف لحسنه
9145 -
(المؤمن يموت بعرق الجبين) أي عرق جبينه حال موته علامة إيمانه لأنه إذا جاءته البشرى مع قبيح ما جاء به خجل واستحيى فعرق جبينه لأن أسافله ماتت وقوة الحياة فيما علا والحياء في العينين وذلك وقت البشرى وانكشاف الغطاء والكافر في عمى عن ذلك وقال ابن العربي: معناه أن المؤمن الذي يهون عليه الموت لا يجد من شدته إلا بقدر ما يفيض جبينه ويتفصد اه ويؤيد الأول ما أخرج الحكيم عن سلمان أنه قال عند موته سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول أرقب الميت عند موته ثلاثا فإن رشح جبينه وذرفت عيناه فهو رحمة نزلت به وإن غط غطيط البكر المخنوق وخمد لونه وأزبد شدقه فهو عذاب
(حم ت ن هـ ك عن بريدة) رمز لحسنه قال الترمذي: حسن وقال الحاكم: صحيح على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح واعترضه الصدر المناوي بأن قتادة رواه عن عبد الله بن بريدة ولا يعرف له سماعا منه كما قاله الترمذي
9146 -
(المؤمن يألف) لحسن أخلاقه وسهولة طباعه ولين جانبه وفي رواية ألف مألوف والألف اللازم للشيء فالمؤمن يألف الخير وأهله ويألفونه بمناسبة الإيمان قال الطيبي: وقوله المؤمن ألف يحتمل كونه مصدرا على سبيل المبالغة كرجل عدل أو اسم كان أي يكون مكان الألفة ومنتهاها ومنه إنشاؤها وإليه مرجعها (ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) لضعف إيمانه وعسر أخلاقه وسوء طباعه والألفة سبب للاعتصام بالله وبحبله وبه يحصل الإجماع بين المسلمين وبضده تحصل النفرة بينهم وإنما تحصل الألفة بتوفيق إلهي لقوله سبحانه {واعتصموا بحبل الله جميعا} إلى قوله {فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} ومن التآلف ترك المداعاة والاعتذار عند توهم شيء في النفس وترك الجدال والمراء وكثرة المزاح
(حم عن سهل بن سعد) الساعدي رمز المصنف لصحته قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح اه ورواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي صخر عن أبي حازم عن أبي هريرة باللفظ المزبور وقال: على شرطهما ولم أعلم له علة اه وتعقبه الذهبي بأنه معلول وعلته انقطاعه فإن أبا حازم هذا هو المديني لا الأشجعي ولم يلق أبا صخر الأشجعي ولا المديني لقي أبا هريرة
9147 -
(المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس) قال الماوردي: بين به أن الإنسان لا يصلح حاله إلا الألفة الجامعة فإنه مقصود بالأذية محسود بالنعمة فإذا لم يكن ألفا مألوفا تختطفه أيدي حاسديه وتحكم فيه أهواء أعاديه فلم تسلم له نعمة ولم تصف له مدة وإذا كان ألفا مألوفا انتصر بالألف على أعاديه وامتنع بهم من حساده فسلمت نعمته منهم وصفت مودته بينهم وإن كان صفو الزمان كدرا ويسره عسرا وسلمه خطر والعرب تقول من قل ذل اه
(قط في الإفراد والضياء) في المختارة (عن جابر) بن عبد الله
9148 -
(المؤمن يغار والله أشد غيرا) بفتح الغين وسكون الياء وأشرف الناس وأعلاهم همة أشدهم غيرة فالمؤمن الذي يغار في محل الغيرة قد وافق ربه في صفة من صفاته ومن وافقه في صفة منها قادته تلك الصفة بزمامه وأدخلته عليه وأدنته منه وقربته من رحمته ومن الغيرة غيره العلماء لمقام الوراثة وهو مقام العلم وعليه يحمل ما وقع لكثير من العظماء فمن ذلك ما رواه
⦗ص: 254⦘
أحمد أن عليا كرم الله وجهه دعا على رجل فعمي فورا ومطرف بن الشخير دعا على من كذب عليه فخر مكانه ميتا
(م عن أبي هريرة) ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه ففي مسند الفردوس أن البخاري خرجه عن أبي سلمة
9149 -
(المؤمن غر) أي يغره كل أحد ويغره كل شيء ولا يعرف الشر وليس بذي مكر ولا فطنة للشر فهو ينخذع لسلامة صدره وحسن ظنه وينخدع لانقياده ولينه (كريم) أي شريف الأخلاق (والفاجر) أي الفاسق (خب لئيم) أي جريء فيسعى في الأرض بالفساد فالمؤمن المحمود من كان طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه وليس ذلك منه جهلا والفاجر من عادته الخبث والدهاء والتوغل في معرفة الشر وليس ذا منه عقلا والخب بفتح الخاء المعجمة الخداع والساعي بين الناس بالفساد والشر وقد تكسر خاؤه فأما المصدر فبالكسر لا غير وقال الراغب: الخب استعمال الدهاء في الأمور الدنيوية صغيرها وكبيرها
<تنبيه> قال بعض العارفين: كن عمري الفعل فإن الفاروق يقول من خدعنا في الله انخدعنا له فإذا رأيت من يخدعك وعلمت أنه مخادع فمن مكارم الأخلاق أن تنخدع له ولا تفهمه أنك عرفت خداعه فإنك إذا فعلت ذلك فقد وفيت الأمر حقه لأنك إنما عاملت الصفة التي ظهر لك فيها والإنسان إنما يعامل الناس لصفاتهم لا لأعيانهم ألا تراه لو كان صادقا مخادعا فعامله بما ظهر منه وهو يسعد بصدقه ويشقى بخداعه فلا تفضحه بخداعه وتجاهل وتصنع له باللون الذي أراه منك وادع له وارحمه عسى الله أن يرحمه بك فإذا فعلت ذلك كنت مؤمنا حقا فالمؤمن غر كريم لأن خلق الإيمان يعطى المعاملة بالظاهر والمنافق خب لئيم أي على نفسه حيث لم يسلك بها طريق نجاتها وسعادتها
(د) في الأدب (ت) في البر (ك) في الإيمان من حديث الحجاج بن قرافصة (عن أبي هريرة) ثم قال الحاكم: الحجاج عابد لا بأس به انتهى. وقال المنذري: لم يضعفه أبو داود ورواته ثقات سوى بشر بن رافع وقد وثق وقال ابن الجوزي: فيه بشر بن رافع قال ابن حبان: روى أشياء موضوعة كأنه يتعمدها لكن روي من طرق آخر لا بأس بها اه وحكم القزوبني بوضعه ورد عليه ابن حجر وقال: هو لا ينزل عن درجة الحسن وأطال
9150 -
(المؤمن بخير على كل حال تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله) لأن الدنيا سجنه وأمنية المسجون إخراجه من سجنه فعينه ممتدة إلى باب السجن فإذا استشرف الإذن له بالخروج حمد الله على خلاصه من السجن وشوق إلى ربه ولهذا لما أحس معاذ بالموت قال: مرحبا بحبيب جاء على ناقة لا أفلح من ندم الحمد لله
(ن عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه
9151 -
(المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد) إشارة إلى أن المؤمن الكامل في نعوت الإيمان الجامع لمكارمه من علم وعمل وتوكل وطمأنينة إلى ربه ومحبة المؤمنين فيه وإقبالهم عليه في أهل الإيمان المتحققين بأخلاق الإيمان بمنزلة الرأس في الجسد (يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس) هذا بيان لوجه الشبه فمن آذى مؤمنا واحدا فكأنما آذى جميع المؤمنين ومن قتل واحدا فكأنما أتلف من الجسد عضوا وآلم جميع أعضاء ذلك الجسد ففرض على أهل الإيمان تعظيمه ورفع محله وحمل مؤونته وحفظ جانبه والتألم لألمه والسرور بسلامته والاستضاءة بنوره إلى غير ذلك وأعضاؤه مع الرأس كالجسد ونقل العارف الشعراوي عن الخواص أن من ادعى مشاركة المسلمين في همومهم وأمراضهم ورجح ألم بدنه من البلاء النازل عليه على البلاء النازل على غيره فدعواه كمال الإيمان غير صحيحة قال الشعراوي: وربما
⦗ص: 255⦘
أشارك المريض في ألم النزع والمطلقة في الولادة والمعاقب في بيت الوالي في المقارع ولبس الخودة المحماة حتى أحس بدهن رأسي سائلا على وجهي لكنه داخل الجلد
(حم عن سهل بن سعد) رمز لحسنه قال الحافظ الزين العراقي في شرح الترمذي: رجاله رجال الصحيح وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن مصعب بن ثابت وهو ثقة ورواه الطبراني في الأوسط والكبير ورجاله رجال الصحيح اه
9152 -
(المؤمن مكفر) أي مرزء في نفسه وماله ليكفر خطاياه فيلقى الله سبحانه وقد خلصت سبيكة إيمانه من خبثها وقيل معناه يصطنع المعروف فلا يشكر
(ك) في الإيمان (عن سعد) بن أبي وقاص وقال: غريب صحيح ما خرجاه لجهالة محمد بن عبد العزيز راويه
9153 -
(المؤمن يسير المؤونة) أي قليل الكلفة على إخوانه زاد القضاعي في رواية كثير المعونة قال العامري: حسب المؤمن التوقي في مراتب الإيمان فشاهد بكماله نور الغيب كالعيان ورأى جمال الجنة وتعاهدها وشين الدنيا وفناءها فاقتصر في مهماته على يسير مؤونتها تورعا من الحرام خوف العقاب وعن الشبهات خشية العقاب وعن كثير من المباحات تخفيفا لمؤونة الوقوف عند الحساب
(حل) عن محمد بن الحسن عن مخلد بن جعفر عن محمد بن سهل العطار عن مضارب بن يزيد الكلبي عن أبيه عن ابن يوسف الغرياني عن إبراهيم بن أدهم عن محمد بن عجلان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث إبراهيم وابن عجلان لم نكتبه إلا من حديث مضارب اه. وقال ابن الجوزي: موضوع ومحمد بن سهل كان يضع الحديث وتعقبه المؤلف بأن له طريقا آخر عند البيهقي وهو ما ذكره هنا بقوله (هب) عن علي بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد الصفار عن أبي حكيم الأنصاري عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن يعقوب عن عقبة عن المغيرة بن الأخفش (عن أبي هريرة)
9154 -
(المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) ومن ثم عدوا من أعظم أنواع الصبر الصبر على مخالطة الناس وتحمل أذاهم واعلم أن الله لم يسلطهم عليك إلا لذنب صدر منك فاستغفر الله من ذنبك واعلم أن ذلك عقوبة منه تعالى وكن فيما بينهم سميعا لحقهم أصم عن باطلهم نطوقا بمحاسنهم صموتا عن مساوئهم لكن احذر مخالطة متفقهة الزمان ذكره الغزالي وقال الذهبي في الزهد: مخالطة الناس إذا كانت شرعية فهي من العبادة وغاية ما في العزلة التعبد فمن خالطهم بحيث اشتغل بهم عن الله وعن السنن الشرعية فذا بطال فليفر منهم واستدل به البعض على أن حج التطوع أفضل من صدقة النفل لأن الحج يحتاج لمخالطة الناس قال حجة الإسلام: وللناس خلاف طويل في العزلة والمخالطة أيهما أفضل مع أن كلا منهما لا ينفك عن غوائل تنفر عنها وفوائد تدعو إليها وميل أكثر العباد والزهاد إلى اختيار الغزلة وميل الشافعي وأحمد إلى مقابله وساتدل كل لمذهبه بما يطول والإنصاف أن الترجيح يختلف باختلاف الناس فقد تكون العزلة لشخص أفضل والمخالطة لآخر أفضل فالقلب المستعد للإقبال على الله المنتهى لاستغراقه في شهود الحضرة: العزلة له أولى والعالم بدقائق الحلال والحرم مخالطته للناس ليعلمهم وينصحهم في دينهم أولى وهكذا ألا ترى إلى تولية النبي صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما من امرائه وقوله لأبي ذر إني أراك رجلا ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تتأمر على اثنين الحديث
(حم خد ت) في الزهد بسند جيد كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب لكن الترمذي لم يسم الصحابي بل قال: عن شيخ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال الحافظ العراقي:
⦗ص: 256⦘
والطريق واحد رمز لحسنه وهو كذلك فقد قال الحافظ في الفتح: إسناده حسن
9155 -
(المؤمن أكرم على الله من بعض ملائكته) لأن الملائكة ليست لهم شهوة تدعو إلى قبيح ولا أنفس خبيثة والمؤمن قد سلطت عليه الشهوة المهلكة والشيطان والنفس الأمارة بالسوء التي هي أعظم أعدائه فهو أبدا في مقاساة وشدائد والأجر والكرامة على قدر المشقة والمراد بالمؤمن الكامل وبعض الملائكة عوامهم فخواص المؤمنين أفضل من عوام الملائكة قال الحسن: المؤمن لو لم يذنب لكان يطير في الملكوت لكن الله قمعه بالذنوب وقال الإمام الرازي: سمى الله المؤمن ثالث نفسه في عشرة مواضع في المراقبة والولاية والموالاة والصلاة والعزة والطاعة والمشاقة والأذى والالتجاء والشهادة وقال ابن العربي: قد انحصر في الإنسان حقائق العالم بما هو إنسان لم يتميز عن العالم إلا بصغر الحجم فقط وهو قسمان قسم لم يقبل الكمال فهو من جملة العالم غير أنه مجموع العالم المختصر الوجيز من الطول البسيط وقسم قبل الكمال فظهرت فيه صفات الجلال والجمال فصار الأفضل الأكرم على الله بكل حال
(هـ) من رواية أبي المهزم يزيد بن سفيان (عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي: وأبو المهزم تركه شعبة وضعفه ابن معين
9156 -
(المؤمن أخو المؤمن) أي في الدنيا {إنما المؤمنون إخوة} وإذا كان أخوه فينبغي أن يعاشره معاشرة الأخوة في التحابب والتصافي وتجنب التجافي قال الزين العراقي: وهذه الأخوة دون الأخوة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه حين قدم المدينة ولهذه الأخوة مزية على أخوة الإسلام قال العامري: قد يطلق المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمن ويريد جملة من يسم مؤمنا وقد يريد الخواص وقد يريد خواص الخواص ويعرف بقرائن الحديث وقوله هنا أخو المؤمن أراد أخوه الاشتباه في صفة الإيمان كقوله تعالى {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} ولم يرد هنا أخوة النسب فجعل علامة الإيمان معاضدته له في الخير والنفع ودفع المضار وجلب المسار وقيل الأخوة مشتقة من الأخية للفرس تضرب في الأرض فيشد بها فتمنعه من الضياع (لا يدع نصيحته على كل حال) أي لا ينبغي له أن يترك نصحه في حال من الأحوال على الوجه اللائق بحسب ما يقتضيه المقام فإن اقتضى الإعلان فعل وإن اقتضى الإسرار لا يعلن فالنصيحة في الملأ بالحق حق وهي فضيحة لا يفعلها إلا الجهلاء إذ فائدة النصيحة المشروعة حصول النفع وثبوت الود وهي في الملأ لا تقبل بل تثمر عداوة فهي مذمومة لذلك ولكونها تخجل وتلجئ المخاطب بالنصح إلى الكذب في اعتذاره أو خذله فيكون سببا لفساد كثير فطريقه أن ينصحه في خلوة بطريق حسن فما كل مأمور به يجري على ظاهره
(ابن النجار) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله
9157 -
(المؤمن لا يثرب عليه شيء أصابه في الدنيا إنما يثرب على الكافر) والتثريب والتقريع والتوبيخ قاله في قصة أبي الهيثم بن التيهان حين أكل عنده لحما وبسرا ورطبا وماءا عذبا فقيل يا رسول الله هذا من النعيم الذي يسأل عنه يوم القيامة فقال ذلك كذا في الفردوس
(طب عن ابن مسعود) وفيه عمرو بن مرزوق أورده الذهبي في الضعفاء قال: وكان يحيى بن سعيد لا يرضاه ووثقه غيره والكلبي تركه القطان وابن مهدي
9158 -
(المؤمن كيس) أي عاقل والكيس العقل (فطن) حاذق والفطنة حدة البصيرة في بذل الأمور يفطن بزيادة نور عقله إلى ما غاب عن غيره فيهدم دنياه ليبني بها أخراه ولا يهدم أخراه ليبني بها دنياه (حذر) أي مستعد متأهب لما بين يديه متيقظ لما يهجم عليه قالوا والمراد بالمؤمن هنا الكامل الذي وقفته معرفته على غوامض
⦗ص: 257⦘
الأمور حتى صار حازما يحذر ما سيقع فلا يؤتى من جهة الغفلة سئل ابن عباس عن عمر فقال: كان كالطير الحذر يرى أن له في كل موضع شركا وهذا أدب شريعة نبه النبي صلى الله عليه وسلم أمته كيف يحذرون مما يخافون سوء عاقبته وتمام الحديث كما في الأمثال وغيرها وقاف متثبت عالم ورع إذا ذكر تذكر وإذا علم تعلم والمنافق همزة لمزة حطمة لا يقف عند شبهة ولا يرعوي عن محرم كحاطب ليل لا يبالي من أين كسب وفيما أنفق
(القضاعي) في مسند الشهاب وكذا العسكري في الأمثال (عن أنس) بن مالك قال العامري: حسن غريب وليس فيما زعمه بمصيب بل فيه أبو داود النخعي كذاب قال في الميزان: عن يحيى كان أكذب الناس ثم سرد له عدة أخبار هذا منها قال ابن عدي: أجمعوا على أنه كان وضاعا ورواه الديلمي في مسند الفردوس أيضا وزاد وقاف متثبت لا يعجل عالم ورع والمنافق همزة لمزة حطمة لا يقف عند شبهة ولا عند محرم كحاطب ليل لا يبالي من أي كسب ولا فيما أنفق
9159 -
(المؤمن هين) من الهون بفتح الهاء السكينة والوقار (لين) بتخفيف لين على فعل من اللين ضد الخشونة قيل يطلق على الإنسان بالتخفيف وعلى غيره على الأصل كما في الكشاف وفي المثل إذا عز أخوك فهن ومعناه إذا عاسر فياسر اه. (حتى تخاله من اللين أحمق) أي تظنه من كثرة لينه غير متنبه لطريق الحق
<تنبيه> في هذا الخبر إشارة إلى مقام التكوين وهو أن يكون حال العبد السالك بين التجلي والاستتار بين الجذب والسلوك ومن ذلك تستقيم عبوديته ويعطى المعرفة بالله ولهذا قيل المؤمن يتلون في يومه سبعين مرة وذلك بحسب تجليات الحق عليه والمنافق يثبت على قدم واحد تسعين سنة لكونه محجوبا بالمراسم الخلقية
(هب) من حديث يزيد بن عياض عن صفوان عن الأعرج (عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه تفرد به يزيد بن عياض وليس بقوي وروي من وجه صحيح مرسلا اه وقال الذهبي في الضعفاء: يزيد بن عياض قال النسائي وغيره: متروك
9160 -
(المؤمن واه راقع) أي واه لدينه بالذنوب رافع له بالتوبة فكلما انخرق دينه بالمعصية رقعه بالتوبة قال الزمخشري: شبهه بمن وهى ثوبه فيرقعه وقد وهى الثوب إذا بلى (فالسعيد) وفي رواية فسعيد وفي أخرى فخيرهم (من مات عل رقعه) أي من مات وهو راقع لدينه بالتوبة والندم قال الغزالي: فمعاودة الذنب مع رقعه بالتوبة المرة بعد المرة لا يلحق صاحبها بدرجة المصرين ومن ألحقه بها فهو كفقيه يؤيس المتفقة عن نيل درجة الفقهاء بفتور عن التكرار في أوقات نادرة وذا يدل على نفصان الفقيه فالكامل هو من لا يؤيس الخلق عن درجات السعادة بما يتفق لهم من الفترات ومقارفة السيئات
(البزار) في مسنده وكذا الطبراني في الصغير والأوسط والبيهقي في الشعب فإغفاله لهؤلاء غير جيد كلهم (عن جابر) قال الزين العراقي تبعا للمنذري: سنده ضعيف وبينه تلميذه الهيثمي فقال: فيه عند الثلاثة سعيد بن خالد الخزاعي وهو ضعيف
9161 -
(المؤمن منفعة) أي كل شؤونه نفع لإخوانه (إن ماشيته نفعك) بإرشاد الطريق والأنس والاستفادة ونحو ذلك (وإن شاورته) فيما يعرض لك من المهمات التي يضطرب رأيك فيها (نفعك) بإشارته عليك بما ينفعك (وإن شاركته) في أمر دنيوي أو غيره (نفعك) بمعرفته وتحمل المشاق عنك (وكل شيء من أمره منفعة) تعميم بعد تخصيص
<تنبيه> قال الراغب: لما احتاج الناس بعضهم إلى بعض سخر الله كل واحد من كافتهم لصناعة ما يتعاطاه وجعل بين طبائعهم وصنائعهم مناسبات خفية واتفاقات سماوية ليؤثر الواحد بعد الواحد حرفة ينشرح صدره بملابستها وتطيعه قواه لمزاولتها فإذا
⦗ص: 258⦘
جعل الله صناعة أخرى فربما وجد متبلدا فيها ومتبرما بها سخرهم الله لذلك لئلا يختاروا كلهم صناعة واحدة فتبطل الأقوات والمعاونات ولولا ذلك ما اختاروا من الأسماء إلا أحسنها ومن البلاد إلا أطيبها ومن الصناعات إلا أجملها ومن الأفعال إلا أرفعها ولتشاجروا على ذلك ولكن الله بحكمته جعل كلا منهم في ذلك مجبرا في صورة مخير والناس إما راض بصنعته لا يبغي عنها حولا
(حل عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال: غريب بهذا اللفظ تفرد به ليث بن أبي سليم عن مجاهد وهو ثابت صحيح
9162 -
(المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة) أي حدوثه له (كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة) ويكون ذلك كله (كما يشتهي) من جهة القدر والشكل والهيئة وغيرها والمراد أن ذلك يكون إن اشتهى كونه لكنه لا يشتهي ذلك فلا يولد له فلا تعارض بينه وبين خبر العقيلي بسند صحيح إن الجنة لا يكون فيها ولد
(حم ت هـ حب عن أبي سعيد) الخدري قال في الميزان: تفرد به سعيد بن خالد الخزاعي وقد ضعفه أبو زرعة وغيره
9163 -
(المؤمنون هينون لينون) قال ابن الأعرابي: تخفيفهما للمدح وتثقيلهما للذم وقال غيره: هما سواء والأصل التثقيل كميت وميت والمراد بالهين سهولته في أمر دنياه ومهمات نفسه أما في أمر دينه فكما قال عمر فصرت في الدين أصلب من الحجر وقال بعض السلف: الجبل يمكن أن ينحت منه ولا ينحت من دين المؤمن شيء واللين لين الجانب وسهولة الانقياد إلى الخير والمسامحة في المعاملة (كالجمل) أي كل واحد منهم. قال الزمخشري: ويجوز جعله صفة لمصدر محذوف أي لينون لينا مثل لين الجمل (الأنف) بفتح الهمزة وكسر النون من أنف البعير إذا اشتكى أنفه من البرة فقد أنف على القصر وروي آنف بالمد. قال الزمخشري: والصحيح الأول اه. وبالغ في شرح المصابيح فقال المد خطأ قال ابن الكمال: مدحهم بالسهولة واللين لأنهما من الأخلاق الحسنة على ما نطق به الكتاب المبين {فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} فإن قلت: من أمثالهم لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر ولهذا قال لقمان لابنه: يا بني لا تكن حلوا فتبلع ولا مرا فتلفظ ففيه نهي عن اللين فما وجه كونه مدح؟ قلت: لا شبهة في أن خير الأمور أوساطها وقد أطبق العقل والنقل على أن طرفي الإفراط والتفريط في الأفعال والأحوال والأقوال مذموم إنما الممدوح ما في الطبيعة من حالة جبلية مقابلة لغلظ القلب وقساوته وإنما يعبر عنها باللين تسمية لها باسم أثرها وذلك سائغ (إن قيد انقاد وإذا أنيخ على صخرة استناخ) فإن البعير إذا كان أنفا للوجع الذي به ذلول منقاد إلى طريق سلك به فيه أطاع والمراد أن المؤمن سهل يقضي حوائج الناس ويخدمهم وشديد الإنقياد للشارع في أوامره ونواهيه وخص ضرب المثل بالجمل لأن الإبل أكثر أموالهم وآخرها. قال في الفائق: والمحذوف من يائي هين لين الأولى وقيل الثانية والكاف مرفوعة المحل على أنها خبر ثالث
(ابن المبارك) في كتاب الزهد والرقائق من حديث سعيد بن عبد العزيز (عن مكحول مرسلا هب) عن عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه القضاعي أيضا وقال العامري: إنه حسن وقضية صنيع المصنف أن مخرجه خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه فإنه خرج المرسل أولا ثم هذا ثم قال المرسل أصح اه. وذلك لأن في المسند عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أبو حاتم: أحاديثه منكرة وقال ابن الجنيد: لا يساوي فلسا وقال العقيلي في الضعفاء: هذا الحديث من منكرات عبد العزيز وقال ابن طاهر: لا يتابع على رواياته
⦗ص: 259⦘
9164 - (المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه اشتكى كله وإن اشتكى عينه اشتكى كله) أفاد تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض وحثهم على التراحم والتعاضد في غير إثم ولا مكروه ونصرتهم والذب عنهم وإفشاء السلام عليهم وعيادة مرضاهم وشهود جنائزهم وغير ذلك وفيه مراعاة حق الأصحاب والخدم والجيران والرفقاء في السفر وكل ما تعلق بهم بسبب حتى الهرة والدجاجة ذكره الزمخشري قال ابن عربي: ومع هذا التمثيل فأنزل كل أحد منزلته كما تعامل كل عضو منك بما يليق به وما خلق له فتغض بصرك عن أمر لا يعطيه السمع وتفتح سمعك لشيء لا يعطيه البصر وتصرف يدك في أمر لا يكون لرجلك وكذا جميع قواك فنزل كل عضو منك فيما خلق له وإذا ساويت بين المسلمين فأعط العالم حقه من التعظيم والإصغاء لما يأتي به والجاهل حقه من نذكيره وتنبيهه على طلب العلم والسعادة والغافل حقه بأن توقظه من نوم غفلته بالتذكر لما غفل عنه مما هو عالم له غير مستعمل لعلمه فيه والسلطان حقه من السمع والطاعة فيما يباح والصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة والكبير حقه من الشرف والتوقير
(حم م) في الأدب (عن النعمان بن بشير) ولم يخرجه البخاري بهذا اللفظ بل بما يقرب منه
9165 -
(الماهر بالقرآن) أي الحاذق به الذي لا يتوقف ولا يشق عليه قراءته لجودة حفظه وإتقانه ورعاية مخارجه بسهولة من المهارة وهي الحذق (مع السفرة) الكتبة جمع سافر من السفر وأصله من الكشف فإن الكاتب يبين ما يكتبه ويوضحه ومنه قيل للكتاب سفر بكسر السين لأنه يكشف الحقائق ويسفر عنها والمراد الملائكة الذين هم حملة اللوح المحفوظ سموا بذلك لأنهم ينقلون الكتب الإلهية المنزلة إلى الأنبياء منه كأنهم يستنسخونها وقيل لأنهم يسافرون إلى الناس برسالات الله (الكرام) جمع كريم (البررة) أي المطيعون جمع بار بمعنى محسن ومعنى كونه رفيقا لهم أنه أحل مقامهم وأنزل منازلهم الرفيعة وأسكن مقاماتهم العالية من جوار الحق تعالى {إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر} على قوة هذه الحالة تقول {إنا لله وإنا إليه راجعون} وقيل معناه كونه عاملا بعملهم بل أفضل فقد جاء في بعض الطرق أن الملائكة لم يعطوا فضيلة حفظ القرآن وأنهم حريصون على استماعه من بني آدم فأعظم بها من صفة شريفة وأي شيء أعظم من كلام رب العالمين الذي منه بدأ وإليه يعود؟ وقال القاضي: الماهر بالقرآن حافظ له أمين عليه يؤديه إلى المؤمنين يكشف لهم ما يلتبس عليهم معدود من عداد السفرة فإنهم الحاملون لأصله الحافظون له ينزلون به على أنبياء الله ورسله ويؤدون إليهم ألفاظه ويكشفون معانيه (والذي يقرؤه ويتعتع) أي يتوقف في تلاوته والتعتعة في الكلام التردد فيه لحصر أو عي أو ضعف حفظ (وهو عليه) أي والحال أن القرآن على ذلك القارئ (شاق له أجران) أي أجر بقراءته وأجر بمشقته ولا يلزم من ذلك أفضلية المتتعتع على الماهر لأن كون الماهر مع السفرة أفضل من حصول أجرين بل الآجر الواحد قد يفضل أجورا كثيرة
(ق د هـ عن عائشة) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يروه من الأربعة إلا الاثنين والأمر بخلافه بل رووه جميعا
9166 -
(المتباريان) أي المتعارضان بفعلهما في الطعام ليميز أيهما يغلب (لا يجابان ولا يؤكل طعامهما) تنزيها فتكره إجابتهما وأكله لما فيه من المباهاة والرياء ولهذا دعي بعض العلماء لوليمة فلم يجب فقيل له: كان السلف يجيبون قال: كانوا يدعون للمؤاخاة والمؤاساة وأنتم تدعون للمباهاة والمكافأة
(هب عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا ابن لال والديلمي
⦗ص: 260⦘
9167 - (المتحابون في الله) يكونون يوم القيامة (على كراسي من ياقوت حول العرش) لأنهم لما قدموا أمر الله والحب فيه على حظوظ النفوس الدنيوية الباعثة غالبا على المحبة لغير الله كالجمال والكرم والأفضال ونحو ذلك وأخلصوا محبتهم لله ولم يشبها أحد منهم بحظ دنيوي استوجبوا هذا الإعظام وجوزوا بهذا الإكرام
(طب عن أبي أيوب) الأنصاري رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد العزيز الليثي وقد وثق على ضعف فيه كثير اه. وأورده في الميزان في ترجمته من حديثه وقال: قال البخاري: منكر الحديث وأبو حاتم: لا يشتغل به والنسائي: ضعيف وابن حبان: اختلط آخرا فاستحق الترك اه. وقال العلائي: لا بأس بإسناده وروي بألفاظ متقاربة المعنى واختار المصنف منها هذا الطريق لكونه أحسنها إسنادا على ما فيه مما سمعته
9168 -
(المتشبع بما لم يعط) بالبناء للمجهول وفي رواية للعسكري بما لم ينل وأصل المتشبع الذي يظهر أنه شبعان وليس بشبعان ومعناه هنا كما قاله النووي وغيره أنه يظهر أنه حصل له فضيلة وليست بحاصلة (كلابس ثوبي زور) أي ذي زور وهو من يزور على الناس فيلبس لباس ذوي التقشف ويتزيى بزي أهل الزهد والصلاح والعلم وليس هو بتلك الصفة وأضاف الثوبين إلى الزور لأنهما لبسا لأجله وثنى باعتبار الرداء والإزار يعني أن المتحلي بما ليس له كمن لبس ثوبين من الزور فارتدى بأحدهما وتأزر بالآخرة ذكره القاضي تلخيصا من قول الزمخشري المتشبع بموحدة على معنيين أحدهما المتكلف إسرافا في الأكل وزيادة على الشبع الثاني المشبعة بالشبعان وليس به وبهذا المعنى استعير للمتحلي بفضيلة وليس من أهلها ومشبه بلابس ثوبي زور أي ذي زور وهو من يزور على الناس بأن تزيى بزي أهل الزهد رياء وأضاف الثوبين إلى الزور لكونهما ملبوسين لأجله فقد اختصا به اختصاصا يسوغ إضافتهما إليه وأراد أن المتحلي كمن لبس ثوبين من الزور ارتدى بأحدهما وائتزر بالآخر اه. وهو بمعنى قول بعضهم هو الذي يلبس ثياب الزهاد وباطنه مملوء بالفساد وكل منهما زور أي مخالف بالنسبة للآخر أو من يصل بكمية كمين ليرى أنه لابس قميصين أو من يلبس ثوبين لغيره موهما أنهما له قال القرطبي: وكيف كان يتحصل منه أن تشبع المرأة على ضرتها بما لم يعطها زوجها حرام لأنه تشبه بمحرم قال في المطامح: وذا من بديع التشبيه وبليغه ومنه أخذ أنه ينبغي للعالم أن لا ينتصب للتدريس والإفادة حتى يتمكن من الأهلية ولا يذكر الدرس من علم لا يعرفه سواء شرط الواقف أم لا فإنه لعب في الدين وإزراء به قال الشبلي: من تصدر قبل أوانه فقد تصدى لهوانه
(حم ق د) في الأدب (عن أسماء بنت أبي بكر) الصديق (م عن عائشة) قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن لي زوجا وضرة وإني أتشبع من زوجي أقول أعطاني وكساني كذا وهو كذب فذكره
9169 -
(المتعبد بغير فقه كالحمار في الطاحون) لفظ رواية أبي نعيم الطاحونة وذلك لأن الفقه هو المصحح لجميع العبادات وهي بدونه فاسدة فالمتعبد على جهل يتعب نفسه دائما كالحمار وهو يحسب أنه يحسن صنعا وفي تشبيهه بالحمار مذمة ظاهرة وتهجين لحاله كما في قوله {كمثل الحمار يحمل أسفارا} وشهادة عليه بالبله وقلة العقل
(حل) عن سهل بن إسماعلي الواسطي عن محمود بن محمد بن إبراهيم بن العلاء الشامي عن بقية عن ثور عن خالد بن معدان (عن واثلة) بن الأسقع ومحمد بن إبراهيم بن العلاء الدمشقي الزاهد قال في الميزان عن الدارقطني: كذاب وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه إلا للاعتبار كان يضع الحديث ثم ساق له أخبارا هذا منها وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح محمد بن إبراهيم وضاع وتعقبه المولف بأن له متابعا
⦗ص: 261⦘
9170 - (المتم الصلاة في السفر كالمقصر في الحضر) أي لا تصح صلاته وبهذا أخذ الظاهرية وتمسك به أبو حنيفة فأوجب القصر في السفر ولقول عائشة فرضت الصلاة في السفر والحضر ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر ورد بأنه غير ثابت وإن سلم فليس بحجة أو منسوخ بالآية أو معارض بما روي أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قصر في السفر وأتم ولأنهما استويا في الصبح والمغرب وبأنه ليس بصريح في منع الزيادة
(قط في الأفراد عن أبي هريرة) واعترضه ابن الجوزي في التحقيق بأن فيه بقية مدلس وشيخ الدارقطني فيه أحمد بن محمد بن مفلس كان كذابا اه. قال في التنقيح: كأنه اشتبه عليه ابن المفلس هذا بآخر وهو أحمد بن محمد الصلت بن المفلس الحماني كذاب وضاع قال: والحديث لا يصح فإن رواته مجهولون إلى هنا كلامه وأنت تعلم بعد إذ سمعته أنه كان ينبغي للمصنف عدم إيراده
9171 -
(المتمسك بسنتي) تمثيل للمعلوم بالمحسوس تصوير للسامع كأنه ينظر إليه ليحكم اعتقاده متيقنا فينجو (عند فساد أمتي) حين يكون كما قال فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي فمن تمسك بها حينئذ (له أجر شهيد) وفي رواية البيهقي في الزهد مئة شهيد وذلك لأن السنة عند غلبة الفساد لا يجد المتمسك بها من يعينه بل يؤذيه ويهينه فيصيره على ما يناله بسبب التمسك بها من الأذى يجازى برفع درجته إلى منازل الشهداء قال الطيبي: وقال عند فساد أمتي ولم يقل فسادهم لأن أبلغ كأن ذواتهم قد فسدت فلا يصدر منهم صلاح ولا ينجع فيهم وعظ
(طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه محمد بن صالح العدوي ولم أر من ترجمه وبقية رجاله ثقات انتهى وقد رمز المصنف لحسنه
9172 -
(المتمسك بسنتي) التي هي شقيقة القرآن والوحي الثاني (عند اختلاف أمتي كالقابض على الجمر) لأنه إذا عارض من تمكن من الرياسة ونفاذ قولهم عند الخلق فقد بارزهم بالمحاربة لسعيه في هتك سترهم وكشف عوراتهم وإبانة كذبهم وحط رئاستهم وذلك أعظم من القبض على النار إذ هو أعظم من محاربة الكفار فإن الكافر قد تعاون القلب والأركان على هلاكه وأولئك الفساق حرمة الإيمان معهم فيحتاج إلى التأني في أمورهم وملاطفتهم وأخذهم بالأخف فالأخف ومقاساة ذلك أشق من قبض الجمر لأن الجمر يحرق اليد وهذا يحرق القلب والكبد وقد وقع للسبكي أنه دخل على بعض الأمراء وعليه خلعة من حرير فأخذ يلاطفه ويداعبه إلى أن قال له في أثناء المباسطة يا أمير لبس الصوف الغالي العالي أحسن منظرا عندي من هذا وأكثر رونقا وطلاوة ومع ذلك يحل وذا يحرم فاستحسن الأمير كلامه وخلع الخلعة بطيب نفس فلما خرج وجد أعداؤه من طائفته فرصة فانتهزوها وقالوا: يا أمير ما قصد إلا الطعن عليك والتعريض بأنك تفعل المحرم فأدى ذلك إلى عزله من منصبه وأوذي كثيرا وبين بهذا الخبر أن المؤمن في آخر الزمان لا بد أنه يصيبه من الأذى على إيمانه ما أصاب الصدر الأول فإذا وجد في أهل هذا الزمن الأخير هذه الخصال التي كانت في أوائلهم جاز أن يساويهم في الخيرية فيكونوا فيها كهم ويكون المراد بخبر خير الناس قرني الخصوص في قوم منهم لا جميعهم ومعلوم أن قرنه كان منهم أبو جهل ومسيلمة وأضرابهما ذكره في بحر الفوائد
(الحكيم) الترمذي (عن ابن مسعود)
9173 -
(المجالس بالأمانة) أي لا يشيع حديث جليسه إلا فيما يحرم ستره من الإضرار بالمسلمين ولا يبطن غير ما يظهر ذكره جمال الإسلام أبو بكر محمد العامري الواعظ البغدادي في شرح الشهاب قال: وفيه إشارة إلى مجالسة أهل الأمانة
⦗ص: 262⦘
وتجنب أهل الخيانة اه. وقال العسكري: أراد المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الرجل يجلس إلى القوم فيخوضون في حديث وربما كان فيه ما يكرهون فيأمنونه على سرهم فذلك الحديث كالأمانة عنده فمن أظهره فهو قتات وقال ابن الأثير: هذا ندب إلى ترك إعادة ما يجري في المجلس من قول أو فعل فكان ذلك أمانة عند من سمعه أو رآه والأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والأمان وقد جاء في كل منها حديث
(خط عن علي) أمير المؤمنين وقضية كلام المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة وهو ذهول فقد عزاه هو في الدرر لابن ماجه من حديث جابر بهذا اللفظ ورواه بهذا اللفظ القضاعي في الشهاب وقال العامري في شرحه وتبعه الحضرمي اليمني: حديث صحيح وقال ابن حجر في الفتح: سنده ضعيف
9174 -
(المجالس بالأمانة) متعلق بمحذوف أي المجالس إنما تحسن أو حسن المجالس وشرفها بأمانة حاضريها على ما يقع من قول وفعل (إلا) الظاهر أنه استثناء منقطع (ثلاثة مجالس سفك) بالرفع خبر مبتدأ محذوف وكذا ما بعده تقديره أحدها سفك (دم حرام) أي إراقة دم سائل من مسلم بغير حق (أو فرج حرام) أي وطئه على وجه الزنا (أو اقتطاع مال) أي ومجلس يقتطع فيه مال لمسلم أو ذمي (بغير حق) شرعي يبيحه يعني من قال في مجلس أريد قتل فلان أو الزنا بفلانة أو أخذ مال فلان ظلما لا يجوز للمستمعين حفظ سره بل عليهم إفشاؤه دفعا للمفسدة ذكره بعضهم وقال القاضي: يريد أن المؤمن ينبغي إذا حضر مجلسا ووجد أهله على منكر أن يستر عوراتهم ولا يشيع ما يرى منهم إلا أن يكون أحد هذه الثلاثة فله فساد كبيرة واخفاؤه إضرار عظيم
(د) في الأدب من حديث ابن أخي جابر (عن جابر) وقال المنذري: ابن أبي خالد مجهول قال: وفيه أيضا عبد الله بن نافع الصائغ روى له مسلم وغيره وفيه كلام وقال الزين العراقي: وابن أخيه غير مسمى عنده وأما المؤلف فقد رمز لحسنه
9175 -
(المجاهد من جاهد نفسه) زاد في رواية في الله أي فهو نفسه الأمارة بالسوء على ما فيه رضا الله من فعل الطاعات وتجنب المخالفات وجهادها أصل جهاد العدو الخارج فإنه ما لم يجاهد نفسه لتفعل ما أمرت به وتترك ما نهيت عنه لم يمكنه جهاد العدو الخارج وكيف يمكنه جهاد عدوه وعدوه الذي بين جنبيه قاهر له متسلط عليه؟ وما لم يجاهد نفسه على الخروج لعدوه لا يمكنه الخروج
<تنبيه> قال حجة الإسلام: النفس تطلق لمعنيين أحدهما المعنى الجامع لقوة الغضب والشهوة في الإنسان وهو المراد هنا وهو الغالب على استعمال الصوفية فهم يريدون بالنفس الأصل الجامع للصفات المذمومة من الإنسان فيقولون لا بد من مجاهدة النفس والثاني اللطيفة الإنسانية التي هي الإنسان بالحقيقة وهي نفس الإنسان وذاته لكنها توصف بأوصاف مختلفة بحسب اختلاف أحوالها وبهذا الاعتبار قسموها إلى مطمئنة ولوامة وأمارة وغير ذلك
(ت حب عن فضالة بن عبيد) قال العلائي: حديث حسن وإسناده جيد ورواه أيضا أحمد والطبراني والقضاعي عنه
9176 -
(المحتكر) الطعام على الناس ليغلو (ملعون) أي مطرود مبعود عن منازل الأخيار أو عن دخول الجنة مع السابقين الأولين الأبرار أو خرج مخرج الزجر والتهويل ومن ثم كان السلف يشددون النكير على المحتكر
(ك) في البيع عن إسرائيل عن علي بن سالم بن ثوبان عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب (عن ابن عمر) بن الخطاب صححه الحاكم فاستدرك عليه الذهبي في التلخيص فقال: قلت علي بن سالم ضعيف وهذا رواه ابن ماجه
⦗ص: 263⦘
9177 - (المحرمة لا تنتقب) بنقاب بكسر النون فلها ستر رأسها وسائر بدنها إلا الوجه فيحرم ستر شيء منه بنقاب أو غيره عند الشافعية (ولا تلبس القفازين) بقاف مضمومة ففاء مشددة ثوب على اليدين يحشى بنحو قطن وأفاد تحريم لبسهما وهو مذهب الجمهور
(د عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لصحته وقضية عدول المصنف لأبي داود أنه لا وجود له في أحد الصحيحين وهو ذهول بالغ إذ هو في البخاري بلفظ ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين اه. بنصه ولعل المصنف غفل عنه لكونه إنما ذكره في ذيل حديث
9178 -
(المحروم من حرم الوصية) قاله لما قيل هلك فلان فقال: أليس كان عندنا آنفا فقيل: مات فجأة فذكره وللحديث تتمة وهي من مات على وصية مات على سبيل وسنة وتقى وشهادة ومات مغفورا له وفيه أن الوصية سنة مؤكدة بل تجب على من عليه أو عنده حق لله أو لآدمي بلا شهود وكانت الوصية أول الإسلام واجبة للأقارب ثم نسخ وجوبها بآية المواريث وبقي الندب
(هـ عن أنس) بن مالك وضعفه المنذري وذلك لأن فيه درست بن زياد البزار قال في الكاشف: وهاه أبو زرعة عن يزيد الرقاشي وقد مر ضعفه غير مرة
9179 -
(المختلعات) زاد في رواية أحمد والنسائي والمنتزعات والمراد كما قال الطيبي: ينزعن أنفسهن من أزواجهن وينشزن عليهم (هن المنافقات) أي اللاتي يطلبن الخلع والطلاق من أزواجهن لغير عذر هن منافقات نفاقا عمليا. قال ابن العربي: الغالب من النساء قلة الرضا والصبر فهن ينشزن على الرجال ويكفون العشير فلذلك سماهن منافقات والنفاق كفران العشير قال في الفردوس: وقيل إنهن اللاتي يخالعن أزواجهن من غير مضارة منهم
(تتمة) نقل ابن عبد البر عن مالك أن المختلعة هي التي اختلعت من جميع مالها والمفتدية من افتدت ببعضه والمبارية من بارت زوجها قبل الدخول قال: وقد يستعمل بعض ذلك موضع بعض
(ت عن ثوبان) قال في العلل: سألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فلم يعرفه ورواه النسائي من حديث الحسن عن أبي هريرة وقال: لم يسمع الحسن من أبي هريرة قال العراقي: رواه الطبراني عن عقبة بسند ضعيف. وقال في الفتح: خرجه أحمد والنسائي عن أبي هريرة وفي صحته نظر لأن الحسن عند الأكثر لم يسمع من أبي هريرة
9180 -
(المختلعات والمتبرجات) أي مظهرات الزينة للأجانب (هن المنافقات) بالمعنى المقرر فيما قبله
(حل عن ابن مسعود) ورواه أبو يعلى عن أبي هريرة باللفظ المزبور
9181 -
(المدبر) أي عتقه (من الثلث) فسبيله سبيل الوصايا (1) وظاهر صنيع المصنف أن ابن ماجه لم يروه إلا كذلك والذي رأيته في الفردوس وغيره معزوا له المدبر لا يباع ولا يوهب وهو حر من الثلث
(هـ عن ابن عمر) ابن الخطاب رمز لحسنه قال ابن حجر: وروي مرفوعا وموقوفا والصحيح وقفه وأما رفعه فضعيف وذلك لأن فيه علي بن ظبيان العبسي قال في الميزان عن ابن حاتم: متروك وعن ابن ميمون كذاب خبيث وقال الدارقطني: ضعيف ثم ساق له هذا الخبر
(1) وللموصي أن يعود فيما أوصى به وإن كان سبيله سبيل العتق بالصفة فهو أولى بالجواز ما لم توجد الصفة المعلق بها اه
⦗ص: 264⦘
9182 - (المدبر لا يباع ولا يوهب) أي لا يصح بيعه ولا هبته (وهو حر من الثلث) أخذ بقضيته أبو حنيفة وسفيان وجمع فمنعوا بيعه وأجازه الشافعي وقال: الحديث ضعيف
(قط عن ابن عمر) بن الخطاب قال مخرجه الدارقطني: لم يسنده غير عبيدة بن حسان وهو ضعيف وإنما هو من قول ابن عمر قال: ولا يثبت مرفوعا ورواته ضعفاء اه وقال عبد الحق: إسناده ضعيف والصحيح موقوف وقال في المنار: فيه عبيدة بن حسان قال أبو حاتم: منكر الحديث وأبو معاوية عمرو بن عبد الجبار الجوزي مجهول والصحيح وقفه وقال ابن حجر: فيه عبيدة بن حبان ضعيف وقال الدارقطني: الصواب وقفه وخرجه من وجه آخر عن ابن عمر أضعف منه
9183 -
(المدعى عليه) إذا أنكر (أولى باليمين إلا أن تقوم عليه بينة) فإنه يعمل بها والبينة على المدعي واليمين على من أنكر وهذا في غير القسامة فأما فيها فإنها في جانب المدعي على ما مر
(هق عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه
9184 -
(المدينة حرم آمن) قال القرطبي: روي بمدة بعد الهمزة وكسر الميم على النعت لحرم أي من أن يعزوه قريش أو من الدجال أو الطاعون أو يأمن صيدها وشجرها وروي بغير مد وسكون مصدر أي ذات أمن فهي ثانية الحرمين المشاركة لمكة في التفضيل والتكريم وقال السمهودي: لحرمها من الخصائص ما يزيد على مئة إلا أن حرم مكة شاركها في بعض ذلك كتحريم قطع الرطب من شجرها وحشيشها وصيدها واصطيادها وتنفيره وحمل السلاح للقتال بها وأمر لقطتها ونقل نحو التراب منها أو إليها ونبش الكافر إذا دفن بها وامتازت بتحريمها على لسان أشرف الأنبياء بدعوته وكون المتعرض لصيدها وشجرها يسلب على ما ذهب إليه جمع واشتمالها على أفضل البقاع ودفن أفضل الخلق بها وكونها محفوفة بالشهداء وكون افتتاحها بالقرآن وسائر البلاد بالسيف والسنان ووجوب الهجرة إليها والسكنى بها لنصرته وطيب ريحها وغير ذلك قال المصنف: ومما ساوت فيه مكة أن من مات بها حصل له الأمن والشفاعة
(أبو عوانة عن سهل بن حنيف)
9185 -
(المدينة خير من مكة) لأنها حرم الرسول صلى الله عليه وسلم ومهبط الوحي ومنزل البركات وبها عزت كلمة الإسلام وعلت وتقررت الشرائع وأحكمت وغالب الفرائض فيها نزلت وبه تمسك من فضلها على مكة وهو مذهب عمر ومالك وأكثر المدنيين والجمهور على أن مكة أفضل والخبر مؤول بأنها خير منها من جهة السلامة من الأذى الكائن للمصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه بمكة أو من حيث كثرة الثمار والزرع والخلاف فيما عدا الكعبة فهي أفضل من المدينة اتفاقا خلا البقعة التي ضمت أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم فهي أفضل حتى من الكعبة كما حكى عياض الإجماع عليه
(طب قط في الأفراد عن رافع بن خديج) وفيه قصة وهي أن مروان تكلم يوما على المنبر فذكر مكة وأطنب فيها ولم يذكر المدينة فقام رافع فقال: يا هذا ذكرت مكة فأطنبت ولم تذكر المدينة وأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المدينة إلخ وفيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي رواد ضعفه ابن عدي وقال الأزدي: لا يكتب حديثه ثم أورد له هذا الخبر قال في الميزان: عقبة قلت ليس هو بصحيح وقد صح في مكة خلافه
9186 -
(المدينة قبة الإسلام ودار الإيمان وأرض الهجرة ومتبوأ الحلال والحرام) وسميت في التوراة بطيبة وطابة
⦗ص: 265⦘
وجابرة والمجبورة والمدينة والمرحومة والعذراء والمحبوبة والقاصمة والسكينة ومن أسمائها بندر والبلاط وحسنه ومدخل صدق ودار السنة ودار الهجرة والبحرة والبحيرة والطيبة وغير ذلك
(طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه عيسى بن مينا قالون وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات وقال ابن حجر في تخريج المختصر: تفرد به قالون راوي نافع وهو صدوق عن عبد الله بن نافع وفيه لين وشيخ ابن نافع هو أبو المثنى واسمه سليمان بن يزيد الخزاعي ضعيف والحديث غريب جدا سندا ومتنا اه. وتبعه عليه الكمال بن أبي شريف
9187 -
(المراء في القرآن) أي الشك في كونه كلام الله (كفر) أو المراد الخوض فيه بأنه محدث أو قديم والمجادلة في الآي المتشابهة المؤدي ذلك إلى الجحود والفتن وإراقة الدماء فسماه باسم ما يخاف عاقبته وهو قريب من قول القاضي: أراد بالمراء التدارؤ وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن ليدفع بعضه ببعض فيتطرق إليه قدح وطعن ومن حق الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق بين الآيات والجمع بين المختلفات ما أمكنه فإن القرآن يصدق بعضه بعضا فإن أشكل عليه شيء من ذلك ولم يتيسر له التوفيق فليعتقد أنه من سوء فهمه وليكله إلى عالمه وهو الله ورسوله {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} اه. وقال بعضهم: المراء في القرآن إن أدى إلى اعتقاد تناقض حقيقي فيه أو اختلال في نظمه فهو كفر حقيقي وقيل: أراد إنكار قراءة من السبع فإذا قال هذه ليست من القرآن فقد أنكر القرآن وهو كفر قال الحرالي: والامتراء مجادلة تستخرج السوء من خبيئة المجادل
(د) في السنة (ك) كلاهما (عن أبي هريرة) وسكت عليه هو والمنذري ورواه عنه أيضا الامام أحمد باللفظ المزبور وزيادة فكان ينبغي عزوه إليه أيضا ولفظه المراء في القرآن كفر فما عرفتم فاعملوا به وما جهلتم فردوه إلى عالمه
9188 -
(المرء) مثلث الميم الرجل أو الإنسان كما في القاموس (في صلاة ما انتظرها) أي مدة انتظاره وإقامتها في المسجد فحكمه حكم ما هو داخل الصلاة في حصول الثواب على ذلك
(عبد بن حميد عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لصحته
9189 -
(المرء) قليل بمفرده (كثير بأخيه) في النسب أو في الدين قال العسكري: أراد أن الرجل وإن كان قليلا في نفسه حين انفراده كثيرا باجتماعه معه فهو كخبر اثنان فما فوقهما جماعة اه وهذا كما ترى ذهاب منه إلى أن المراد الأخوة في الإسلام ونزله الماوردي على أنهما أخوة النسب ووجهه بأنه تعاطف الأرحام وحمية القرابة يبعثان على التناصر والألفة ويمنعان من التجادل والفرقة أنفة من استعلاء الأباعد على الأقارب وتوقيا من تسلط الغرباء الأجانب اه
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (الإخوان) وكذا العسكري (عن سهل بن سعد) الساعدي ورواه الديلمي والقضاعي عن أنس قال شارحه العامري: وهو غريب
9190 -
(المرء مع من أحب) طبعا وعقلا وجزاءا ومحلا فكل مهتم بشيء فهو منجذب إليه وإلى أهله بطبعه شاء أم أبى وكل امرئ يصبو إلى مناسبه رضي أم سخط فالنفوس العلوية تنجذب بذواتها وهممها وعملها إلى أعلى والنفوس الدنية تنجذب بذواتها إلى أسفل ومن أراد أن يعلم هل هو مع الرفيق الأعلى أو الأسفل فلينظر أين هو؟ ومع من هو في هذا العالم؟ فإن الروح إذا فارقت البدن تكون مع الرفيق الذي كانت تنجذب إليه في الدنيا فهو أولى بها فمن أحب الله فهو معه في الدنيا والآخرة إن تكلم فبالله وإن نطق فمن الله وإن تحرك فبأمر الله وإن سكت فمع الله فهو بالله ولله ومع الله واتفقوا على أن المحبة لا تصح إلا بتوحد المحبوب
⦗ص: 266⦘
وأن من ادعى محبته ثم لم يحفظ حدوده فليس بصادق وقيل المراد هنا من أحب قوما بإخلاص فهو في زمرتهم وإن لم يعمل عملهم لثبوت التقارب مع قلوبهم قال أنس: ما فرح المسلمون بشيء فرحهم بهذا الحديث. وفي ضمنه حث على حب الأخيار رجاء اللحاق بهم في دار القرار والخلاص من النار والقرب من الجبار والترغيب في الحب في الله والترهيب من التباغض بين المسلمين لأن من لازمها فوات هذه المعية وفيه رمز إلى أن التحابب بين الكفار ينتج لهم المعية في النار وبئس القرار {قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار}
(حم ق) في الأدب (3 عن أنس) بن مالك (ق عن ابن مسعود) قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تقول في رجل أحب قوما ولما يلحق بهم فذكره قال العلائي: الحديث مشهور أو متواتر لكثرة طرقه وعده المصنف في الأحاديث المتواترة
9191 -
(المرء مع من أحب) قال ابن العربي: يريد المصطفى صلى الله عليه وسلم في الدنيا بالطاعة والأدب الشرعي وفي الآخرة بالمعاينة والقرب الشهودي فمن لم يتحقق بهذا وادعى المحبة فدعواه كاذبة (وله ما اكتسب) في رواية وعليه بدل وله وفي رواية المرء على دين خليله أي عادة خليله فمن كانت عادته في خلق الله ما عودهم الله من لطائف مننه وأسبغ عليهم من جزيل نعمه وعطف بعضهم على بعض فلم يظهر في العالم غضبا لا يشوبه رحمة ولا عداوة لا يتخللها مودة فذلك الذي يستحق اسم الخلة لقيامه بحقها واستيفائه لشروطها
<فائدة> قال بعض الصوفية: قلت لشيخنا يا سيدي إذا ارتقى الولي إلى المرتبة العظمى كالقطبية هل يرقى بعض جماعته كما هو الواقع في أبناء الدنيا من أهل الولايات؟ فتبسم وحسن رجائي وقال ما لا يحل كشفه. وفي ثنائه هم القوم لا يشقى جليسهم
(ت عن أنس) بن مالك رمز لصحته وسببه كما في سنن الدارقطني وغيره جاء أعرابي فبال بالمسجد فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكانه فاحتفر فصب عليه دلوا من ماء فقال الأعرابي: يا رسول الله المرء يحب القوم ولما يعمل بعملهم فذكره
9192 -
(المرأة) في الجنة تكون (لآخر أزواجها) في الدنيا قال البيهقي: فلذا حرم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الجنة اه قال بعضهم: وإنما كانت لآخرهم لأنها تركت الزوج ولم يتركها هو ولا يعارضه خبر أنه سئل عن المرأة يموت زوجها فتتزوج آخر ثم يموت فلمن هي؟ قال: لأحسنهما خلقا كان معها لأن المراد به من فرق بينهما الطلاق لا الموت لأنه إذا وقع على غير بأس فهو لسوء الخلق لأنه أبغض الحلال إلى الله
(طب عن أبي الدرداء خط عن عائشة) قال الحافظ العراقي: إسناده ضعيف
9193 -
(المرأة عورة) أي هي موصوفة بهذه الصفة ومن هذه صفته فحقه أن يستر والمعنى أنه يستقبح تبرزها وظهورها للرجل والعورة سوأة الإنسان وكل ما يستحي منه؟ كنى بها عن وجوب الاستتار في حقها قال ابن الكمال: فلا حاجة إلى أن يقال هو خبر بمعنى الأمر قال في الصحاح: والعورة كل خلل يتخوف منه وقال القاضي: العورة كل ما يستحى من إظهاره وأصلها من العار وهو المذمة (فإذا خرجت) من خدرها (استشرفها الشيطان) يعني رفع البصر إليها ليغويها أو يغوي بها فيوقع أحدهما أو كلاهما في الفتنة أو المراد شيطان الإنس سماه به على التشبيه بمعنى أن أهل الفسق إذا رأوها بارزة طمحوا بأبصارهم نحوها والاستشراف فعلهم لكن أسند إلى الشيطان لما أشرب في قلوبهم من الفجور ففعلوا ما فعلوا بإغوائه وتسويله وكونه الباعث عليه ذكره القاضي وقال الطيبي: هذا كله خارج عن المقصود والمعنى المتبادر أنها ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها وفي إغواء الناس فإذا خرجت طمع وأطمع لأنها حبائله وأعظم فخوخه وأصل الاستشراف وضع الكف فوق الحاجب ورفع الرأس للنظر
(ت) في النكاح (عن ابن مسعود) وقال:
⦗ص: 267⦘
حسن غريب ورواه عنه أيضا باللفظ المذكور الطبراني وزاد وإنها أقرب ما يكون من الله وهي في قعر بيتها قال الهيثمي: رجاله موثقون ورواه أيضا ابن حبان عنه
9194 -
(المرض سوط الله في الأرض يؤدب به عباده) لأنه يخمد النفس الأمارة ويذلها ويدهشها من طلب حظوظها ومن تأمل ذلك واستحضره انفتح له باب التسليم والرضا بقضاء الله العزيز الحكيم
(الخليلي في جزء من حديثه عن جرير) بن عبد الله
9195 -
(المريض تحات) أصله تتحات (خطاياه) أي ذنوبه عنه (كما يتحات ورق الشجر) من هبوب الرياح فإن مات من مرضه ذلك مات وقد خلصت سبيكة إيمانه من الخبث فلقي الله طاهرا مطهرا صالحا لجواره بدار كرامته
(هب والضياء) المقدسي وكذا أبو يعلى والبغوي (عن أسد بن كرز) بن العامر القسري جد خالد بن عبد الله أمير العراق له ولأبيه صحبة ورواه باللفظ المزبور عن أسد المذكور ابن أحمد في زوائد المسند قال الهيثمي: وإسناده حسن اه. لكن قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: فيه انقطاع بين خالد وأسد
9196 -
(المزر كله حرام) هو بالكسر نبيذ يتخذ من نحو ذرة وشعير (أبيضه وأحمره وأسوده وأخضره) يعني بأي لون كان وخص هذه لأنها أصول الألوان
(طب عن ابن عباس)
9197 -
(المستبان) أي الذي يسب كل منهما الآخر (ما قالا) أي إثم ما قالاه من السب والشتم (فعلى البادئ منهما) لأنه السبب لتلك المخاصمة فللمسبوب أن ينتصر ويسبه بما ليس بقذف ولا كذب كيا ظالم ولا يأثم {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} والعفو أفضل فإن قيل: إذا لم يسكت المسبوب ويرى البادئ من ظلمه بوقوع التقاص فكيف صح أن يقدر فيه إثم ما قالا قلنا: إضافته بمعنى في والمعنى إثم كائن فيما قالاه وإثم الابتداء على البادئ ويستمر هذا الحكم (حتى يعتدي المظلوم) أي يتعدى الحد في السب فلا يكون الإثم على البادئ فقط بل عليهما وقيل المراد أنه يحصل إثم ما قالا وللبادئ أكثر من المظلوم ما لم يتعد فيربو إثم المظلوم وقيل: المعنى أنه إذا سبه فرد عليه كان كفافا فإن زاد بالغضب والتعصب لنفسه كان ظالما وكان كل منهما فاسقا
(حم م د ت عن أبي هريرة) وفي الباب أنس وغيره
9198 -
(المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان) أي كل منهما يتسقط صاحبه وينتقصه من الهتر وهو الباطل من القول ذكره الزمخشري. وقال ابن الأثير: أي يتقاولان ويتقابحان في القول من الهتر بالكسر الباطل والسقط من الكلام وفيه كما قال الغزالي: أنه لا يجوز مقابلة السب بالسب وكذا سائر المعاصي وإنما القصاص والغرامة على ما ورد به الشرع قال: وقال قوم تجوز المقابلة فيما لا كذب فيه ونهيه عن التعيير بمثله نهي تنزيه والأفضل تركه لكنه لا يعصى
(حم خد) والطيالسي (عن عياض بن حمار) بلفظ الحيوان المعروف قال: قلت يا رسول الله رجل من قومي يسبني وهو دوني علي بأس أن أنتصر منه؟ فذكره قال الزين العراقي: إسناده صحيح وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح
9199 -
(المستحاضة) وهي التي حدثها دائم (تغتسل من قرء إلى قرء) لكن يلزمها تجديد الوضوء لكل فرض وغسل
⦗ص: 268⦘
الفرج وتعصيبه
(طس عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي: فيه بقية ومر أنه مدلس
9200 -
(المستشار مؤتمن) أي أمين على ما استشير فيه فمن أفضى إلى أخيه بسره وأمنه على نفسه فقد جعله بمحلها فيجب عليه أن لا يشير عليه إلا بما يراه صوابا فإنه كالإمامة للرجل الذي لا يأمن على إيداع ماله إلا ثقة والسر قد يكون في إذاعته تلف النفس أولى بأن لا يجعل إلا عند موثوق به وفيه حث على ما يحصل به معظم الدين وهو النصح لله ورسوله وعامة المسلمين وبه يحصل التحابب والإئتلاف وبضده يكون التباغض والاختلاف
<تنبيه> قال بعض الكاملين: يحتاج الناصح والمشير إلى علم كبير كثير فإنه يحتاج أولا إلى علم الشريعة وهو العلم العام المتضمن لأحوال الناس وعلم الزمان وعلم المكان وعلم الترجيح إذا تقابلت هذه الأمور فيكون ما يصلح الزمان يفسد الحال أو المكان وهكذا فينظر في الترجيح فيفعل بحسب الأرجح عنده مثاله أن يضيق الزمن عن فعل أمرين اقتضاهما الحال فيشير بأهمهما وإذا عرف من حال إنسان بالمخالفة وأنه إذا أرشده لشيء فعل ضده يشير عليه بما لا ينبغي ليفعل ما ينبغي وهذا يسمى علم السياسة فإنه يسوس بذلك النفوس الجموحة الشاردة عن طريق مصالحها فلذلك قالوا يحتاج المشير والناصح إلى علم وعقل وفكر صحيح ورؤية حسنة واعتدال مزاج وتؤدة وتأن فإن لم تجمع هذه الخصال فخطأه أسرع من إصابته فلا يشير ولا ينصح قالوا: وما في مكارم الأخلاق أدق ولا أخفى ولا أعظم من النصيحة
(4 عن أبي هريرة ت عن أم سلمة عن ابن مسعود) وفي الباب عبد الله بن الزبير والهيثم بن التيهان والنعمان بن بشير وجابر وغيرهم قال المصنف: وهذا متواتر
9201 -
(المستشار مؤتمن) أن أمين فيما يسأل من الأمور ذكره الطيبي لأنه قلد الأمر الذي استشير فيه فإذا عرف المصلحة لمن قلده أمره فلا يكتمه فإن كتم ضره وقد قال عليه الصلاة والسلام لا ضرر ولا ضرار فيكون قد ترك الإحسان وغشه فيما استشاره فيه وخان وقوله (إن شاء أشار وإن شاء لم يشر) عنى به أنه غير واجب بمعنى أنه لا يتعين أي ما لم يتحقق بترك إشارته حصول ضرر لمحترم من نفس أو مال أو عرض وإلا تعين نصحه بل لو تعلق به علمه به وجب وإن لم يستشره كما تفيده أدلة أخرى قال العامري في شرح الشهاب: وحقيقة المشورة استخراج صواب رأيه واشتقاق الكلمة من قولهم شور العسل استخلصه من موضعه وصفاه من الشمع
(طب) وكذا في الأوسط (عن سمرة) بن جندب رمز لحسنه قال الهيثمي: رواه من طريقين في أحدهما إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف وفي الأخرى عبد الرحمن بن عمر بن جبلة وهو متروك وقال ابن الجوزي: حديث لا يثبت إسناده ولا متنه
9202 -
(المستشار مؤتمن) أي هو بالخيار إن شاء قال وإن شاء سكت كالمودع ذكره بعضهم (فإذا استشير) أحدكم في شيء (فليشر) على من استشاره (بما هو صانع لنفسه) لأن الدين النصيحة كما تقرر وأقصى موجبات التحابب أن يرى الإنسان لأخيه ما يراه نفسه {إنما المؤمنون إخوة} وفيه إشعار لطلب التألف على الإيمان ولهذا كره لعن الكافر رجاء إسلامه وفيه إلماح بطلب الاستشارة المأمور بها في قوله تعالى {وشاورهم في الأمر} وقيل المشاورة حصن من الندامة وأمن وسلامة ونعم المؤازرة والمشاورة وفي الحديث قصة وهي أن الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر أتوا المسيب بن نجية خطبوا بنته أو أخته فقال: مكانكم حتى أعود فأتى عليا فقال: أتيت أمير المؤمنين لأشاوره فقال: أما الحسن فمطلاق ولا تخطئ النساء عنده وأما الحسين فمعلق زوج ابن جعفر فرجع فزوجه فلامه الحسنان فقال: أشار علي أمير المؤمنين فأتياه فقالا: وضعت منا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره
(طس عن علي) أمير المؤمنين ثم قال
⦗ص: 269⦘
الطبراني لم يروه إلا عبد الرحمن بن عيينة البصري اه. قال ابن حجر: ولولاه لما كان الحديث حسنا لأن رجاله موثقون إلا هو فلم أر له ذكرا إلا في هذا الحديث والمستغرب منه آخره إلى هنا كلامه. وقال الهيثمي: شيخ الطبراني وشيخ شيخه المذكوران لا أعرفهما اه. وبه يعرف أن رمز المصنف لحسنه غير جيد
9203 -
(المسجد بيت كل مؤمن) وفي رواية بدله كل تقي قال الطبراني: يشير به إلى أنه لا بأس بالإقامة فيه والانتفاع به فيما يحل كأكل وشرب وقعود ونوم وشبهه من الأعمال التي لا ينزه المسجد عنها قال المهلب: وفيه جواز سكنى الفقراء بالمسجد قال الزين العراقي: لكن الظاهر أن المراد بالحديث ملازمته لنحو اعتكاف وصلاة وقراءة ونحو ذلك مما بنيت المساجد له اه وقال بعضهم: أفاد الخبر أنه موطن لأتقياء الأمة لكن يشترط أن لا يشغله بغير ما بني له فمن اتخذه رحله ومعاشه وحديث دنياه فهو ممقوت. كان الصالحون لا يتكلمون فيه بمباح دنيوي وكلم إنسان خلف بن أيوب وهو فيه فأخرج رأسه منه فأجابه وقال كعب: نجد في كتاب الله من لم يغد للمسجد أو يروح إلا ليعلم أو يتعلم أو ليذكر الله فهو كالمجاهد في سبيل الله ومن لم يغد أو يروح إليه إلا لأحاديث الناس وتعبير الحديث بالمؤمن أو بالمتقي يشعر بأنه لا دخل للنساء فيه ولذلك بوب البخاري عليه فقال باب نوم الرجال في المسجد فأفهم كراهته في حق النساء قال الزين العراقي: ولا شك في منعه لمن خيف عليها أو منها الفتنة بنومها فيه فإن أمن ذلك فلا بأس به كقصة الأمة التي كان لها حفش أو خباء في المسجد وقد ذكره البخاري أيضا وبوب عليه باب نوم النساء في المسجد
(حل) من حديث صالح المزي عن أبي عثمان الحريري (عن سلمان) الفارسي قال أبو عثمان: كتب سلمان إلى أبي الدرداء يا أخي عليك بالمسجد فالزمه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره ثم قال أبو نعيم: غريب لم نكتبه إلا من حديث صالح المزي لم نكتبه إلا من هذا الوجه وصالح ضعيف ورواه عنه أيضا الطبراني والقضاعي من حديث محمد بن واسع قال: كتب سلمان إلى أبي العود أما بعد فاغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطاع رده واغتنم دعوة المؤمن المبتلى وليكن المسجد بيتك فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وسنده ضعيف لكن له كما قال السخاوي شواهد كخبر أبي نعيم أيضا المساجد مجالس الكرام فقول العامري في شرح الشهاب: صحيح خطأ صريح
9204 -
(المسجد الذي أسس على التقوى) المذكور في قوله تعالى {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم} الآية هو (مسجدي هذا) مسجد المدينة وبهذا أخذ مالك كما في العتبية عنه وفي خبر آخر أنه مسجد قباء ومال ابن كثير إلى ترجيح الأخذ به لكثرة أحاديثه قال: ولا ينافيه هذا الخبر لأنه إذا كان مسجد قباء أسس على التقوى فمسجده أولى وقال زين الحفاظ العراقي في شرح الترمذي: الأصح أنه مسجد المدينة خلافا لابن العربي قال: وقد صح القول به عن جمع لا يحصون فهم أولى من العمل بحديث قباء وأطال في تقرير ذلك قال: ويمكن أن يقال إن المسجد الموصوف لكونه أسس على التقوى يصدق على كل منهما وعين المصطفى صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة لفضله على مسجد قباء
(م ت عن أبي سعيد) الخدري قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت لبعض نسائه فقلت: يا رسول الله أي المسجدين أسس على التقوى فذكره (حم ك عن أبي) بن كعب قال: اختلف رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى فسألاه عن ذلك قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي قال الزين العراقي: وليس كذلك فإن عبد الله بن عامر الأسلمي أحد رجاله ضعيف
9205 -
(المسك) بالكسر معروف (أطيب الطيب) قال في المطامح: يجوز كونه حكما شرعيا وكونه إخباريا عاديا
(م ت عن أبي سعيد) الخدري
⦗ص: 270⦘
9206 - (المسلم) الكامل في الإسلام قال ابن الكمال: ولا يلزم منه أن من اتصف بما يأتي فقط يكون كاملا لأن المراد بذلك مع رعاية بقية الأركان (من) أي إنسان أتى بأركان الدين و (سلم المسلمون) وغيرهم من أهل الذمة فالتقييد غالبي كالتعبير بجمع المذكر (من لسانه ويده) خصا بالذكر لأن الأذى بهما أغلب وقدم اللسان لأكثرية الأذى به ولكونه المعبر عما في الضمير وعبر به دون القول ليشمل من أخرج لسانه استهزاء وباليد دون بقية الجوارح ليدخل اليد المعنوية كالاستيلاء على حق الغير ظلما وأما إقامة الحد والتعزير فبالنظر إلى المقصود الشرعي إصلاح ولو مآلا لا أبدا وفيه من أنواع البديع جناس الإشتقاق
<تنبيه> قال القيصري: الإسلام مقام عظيم وحال شريف من تحقق به في الدنيا فحاله حال أهل الجنة في العقبى ومعناه الإنقياد للأوامر وترك الاستعصاء لها والإمساك عن إيذاء من دخل في الإسلام من جميع الخلق ونفع أهله وكف الأذى عنهم
(م عن جابر) قضية صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول بل خرجه الشيخان معا باللفظ المزبور من حديث ابن عمر كما ذكره المصنف نفسه في الدرر وانفرد مسلم بروايته عن جابر قال المصنف: الحديث متواتر ومن جوامع الكلم
9207 -
(المسلم) الكامل قال الكمال: نحو زيد الرجل أي الكامل في الرجولية وقال الطيبي: التعريف في المسلم والمؤمن للجنس (من سلم المسلمون من لسانه ويده) بأن لا يتعرض لهم بما حرم من دمائهم وأموالهم وأعراضهم قدم اللسان لأن التعرض به أسرع وقوعا وأكثر وخص اليد لأن معظم مزاولة الأفعال بها لا يقال إذا سلم المسلمون منه يلزم أن يكون مسلما كاملا وإن لم يأت بأركان الإسلام المبني عليها لأنا نقول هذا ورد على سبيل المبالغة تعظيما لترك الإيذاء كأن ترك الإيذاء هو نفس الإسلام الكامل وهو محصور فيه على سبيل الإدعاء للمبالغة (والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) يعني ائتمنوه وجعلوه أمينا عليها لكونه مجربا مختبرا في حفظها وعدم الخيانة فيها قال الطيبي: وذكر المسلم والمؤمن بمعنى واحد تأكيدا وتقريرا لكنه لم يذكر في الثانية ما يدل على ما يثمر اللسان من البذاء أو البهتان لأن آفة اللسان ظاهرة وآفة اليد مفتقرة إلى البيان قال القاضي: فمن لم يراع حكم الله في ذمام المسلمين والكف عنهم لم يكمل إسلامه ومن لم يكن له جاذبة نفسانية إلى رعاية حق الحق وملازمة العدل بينه وبينهم فلعله لا يراعى ما بينه وبين ربه فيخل بإيمانه
(حم ت ن ك عن أبي هريرة) لكن في رواية الحاكم زيادة وهي والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب
9208 -
(المسلم) حرا كان أو قنا بالغا أو صبيا (أخو المسلم) أي يجمعهما دين واحد {إنما المؤمنون إخوة} فهم كالأخوة الحقيقية وهي أن يجمع الشخصين ولادة من صلب أو رحم أو منهما بل الأخوة الدينية أعظم من الحقيقة لأن ثمرة هذه دنيوية وتلك أخروية
(د) في الأدب (عن سويد بن الحنظلية) وفي نسخ ابن حنظلة الكوفي صحابي معروف قال: خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدوله له فتخرج القوم أن يحلفوا وحلفت أنه أخى فخلوا سبيله فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: صدقت المسلم أخو المسلم رمز المؤلف لحسنه. وقضية صنيعه أنه مما لا وجود له في أحد الصحيحين وليس كذلك بل هو في البخاري في عدة مواضع عن ابن عمر
⦗ص: 271⦘
مرفوعا باللفظ المزبور بعينه وزيادة ونصه المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه هكذا هو في كتاب المظالم وغيره فالعدول إلى غيره من ضيق العطن
9209 -
(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فإيذاء المسلم من نقصان الإسلام والإيذاء ضربان ضرب ظاهر بالجوارح كأخذ المال بنحو سرقة أو نهب وضرب باطن كالحسد والغل والبغض والحقد والكبر وسوء الظن والقسوة ونحو ذلك فكله مضر بالمسلم مؤذ له وقد أمر الشرع بكف النوعين من الإيذاء وهلك بذلك خلق كثير (والمهاجر) أي هجرة تامة فاضلة (من هجر) أي ترك (ما نهى الله عنه) أي ليس المهاجر حقيقة من هاجر من بلاد الكفر بل من هجر نفسه وأكرهها على الطاعة وحملها تجنب المنهي لأن النفس أشد عداوة من الكافر لقربها وملازمتها وحرصها على منع الخير فالمجاهد الحقيقي من جاهد نفسه واتبع سنة نبيه واقتفى طريقه في أقواله وأفعاله على اختلاف أحواله بحيث لا يكون له حركة ولا سكون إلا على السنة وهذه الهجرة العليا لثبوت فضلها على الدوام قال الخطابي: أراد به أن أفضل المسلمين من جمع إلى أداء حق المسلمين وإثبات اسم الشيء على معنى إثبات الكمال له مستفيض في كلامهم وقيل: أراد بيان علامة المسلم التي يستدل بها على إسلامه وهي سلامة المسلمين من لسانه ويده كما ذكر مثله في علامة المنافق أو أراد الإشارة إلى حسن معاملة العبد مع ربه لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه فأولى أن يحسن معاملة ربه فهو تنبيه بالأولى على الأولى فكأنه يقول للمهاجرين لا تتكلموا على مجرد التحول من داركم فإن الشأن إنما هو في امتثال أوامر الشرع ونواهيه فاشتملت هاتان الجملتان على جوامع من معاني الحكم والأحكام
(خ) في الإيمان واللفظ له (د) في الجهاد (ن) في الإيمان لكنه قال من هجر ما حرم الله عليه (عن ابن عمرو) ابن العاص ولم يخرجه مسلم
9210 -
(المسلم مرآة المسلم فإذا رأى به شيئا فليأخذه) أي إذا أبصر ببدنه أو ثوبه نحو قذر أو قذاه لم يشعر به فلينحه عنه ثم ليره إياه كما جاء في خبر آخر
(ابن منيع عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن عبيد الله قال الذهبي: قال أحمد: غير ثقة
9211 -
(المسلمون إخوة) أي جمعتهم الأخوة الإسلامية بالحضرة المحمدية لاتحاد المرافقة في ورود المشرب الإيماني والمدد الإحساني وكل اتفاق بين شيئين أو أشياء يطلق عليه اسم الأخوة ويشترك في ذلك الحر والبالغ وضدهما فأخوك من وافقك في الذوق ومدد الأفهام لا من شاركك في معنى صورة النطف في الأرحام (لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى) والتقوى غيب عنا إذ محلها القلب فلا يجوز للمتقي أن يحقر مسلما وكيف يحتقره وهو لا يعلم الخاتمة لنفسه ولا له؟ ونبه بالأخوة على المساواة وأن لا يرى أحد لنفسه على أحد من المسلمين فضلا إذ يلزم منه قطع وصلة الأخوة المأمور بها
(طب عن حبيب بن خراش) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة وهو متروك
9212 -
(المسلمون شركاء في ثلاث) من الخصال قال البيضاوي: لما كان الأسماء الثلاثة في معنى الجمع انتهى بهذا الاعتبار فقال في ثلاث (في الكلأ) الذي ينبت في الموات فلا يختص به أحد (والماء) أي ماء السماء والعيون والأنهار التي لا مالك لها (والنار) يعني الحطب الذي يحتطبه الناس من الشجر المباح فيوقدونه أو الحجارة التي توري النار ويقدح بها إذا كانت في موات أو هو على ظاهره قال البيضاوي: المراد من الاشتراك في النار أنه لا يمنع من الإستصباح منها
⦗ص: 272⦘
والإستضاءة بضوئها لكن للموقد أن يمنع أخذ جذوة منها لأنه ينتقصها ويؤدي إلى إطفائها
(حم د) في البيع من حديث أبي خراش (عن رجل) من المهاجرين قال: غزوت مع النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ثلاثا أسمعه يقول بلفظه فذكره رمز لحسنه ولم يسم الرجل ولا يضر فإنه صحابي وهم عدول ذكره المناوي لكن قال ابن حجر: قد سماه أبو داود حبان بن زيد وهو تابعي معروف أي فالحديث مرسل
9213 -
(المسلمون على شروطهم) الجائزة شرعا أي ثابتون عليها واقفون عندها وفي التعبير بعلى إشارة إلى علو مرتبتهم وفي وصفهم بالإسلام ما يقتضي الوفاء بالشرط ويحث عليه
(د) وكذا أحمد في البيع من حديث سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح (عن أبي هريرة) قال الذهبي: لم يصححه يعني الحاكم وكثير ضعفه النسائي ومشاه غيره اه. وقال ابن حجر: الحديث ضعفه ابن حزم وعبد الحق وحسنه الترمذي
9214 -
(المسلمون) ووقع في الرافعي المؤمنون قال ابن حجر: والذي في جميع الروايات المسلمون (عند شروطهم ما وافق الحق من ذلك) يعني ما وافق منها كتاب الله لخبر كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل أي كشرط نصر نحو ظالم وباغ وشن غارة على المسلمين ونحوها من الشروط الباطلة
(ك) في البيع من حديث العزيز بن عبد الرحمن الجوزي البالسي عن خصيف بن أبي رباح (عن أنس) بن مالك وعبد العزيز بن عبد الرحمن عن خصيف عن عروة (عن عائشة) قال ابن القطان: قال أحمد: عبد العزيز أحاديثه كذب موضوعة وقال الذهبي في المهذب: هو واه وقال ابن القطان: خصيف ضعيف وقال ابن حجر: رواه الحاكم والبيهقي عن أنس وهو واه وعن عائشة وهو واه اه
9215 -
(المسلمون عند شروطهم فيما أحل) بخلاف ما حرم فلا يجب بل لا يجوز الوفاء به
(طب عن رافع بن خديج) قال الهيثمي: فيه حكيم بن جبير وهو متروك وقال أبو زرعة: محله الصدق
9216 -
(المشاؤون إلى المساجد في الظلم) بضم الظاء وفتح اللام جمع ظلمة بسكونها أي ظلمة الليل إلى الصلاة أو الإعتكاف فيها (أولئك الخواضون في رحمة الله) لما قاسوا مشقة ملازمة المشي إلى المساجد في الظلم جوزوا بصب الرحمة عليهم بحيث غمرت كل أحد منهم من فرقه إلى قدمه حتى صاروا كأنهم يخوضون فيها
(هـ عن أبي هريرة) رمز لحسنه وليس كما قال قال مغلطاي في شرح أبي داود: حديث ضعيف لضعف أبي رافع الأنصاري المزني البصري أحد رواته فإنه وإن قال فيه البخاري: مقارب الحديث فقد قال أحمد: منكر الحديث اه. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح فيه إسماعيل بن رافع أبو رافع قال النسائي: منكر الحديث وقال ابن عدي: الأحاديث كلها فيها نظر
9217 -
(المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا جزاء) لما اقترفه الإنسان في دار الهوان {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}
(ص حل) من حديث الفضيل بن عياض عن سليمان بن مهران الكاهلي عن مسلم بن صبيح (عن مسروق) ابن الأجدع (مرسلا) لفظ أبي نعيم في الحلية عن مسروق بن الأجدع قال: قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله ما أشد هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المصائب إلخ ثم قال أبو نعيم: عزيز من حديث الفضيل ما كتبته إلا من هذا الوجه حدثنا عبد الله بن جعفر أبو السعود أحمد بن الفرات
⦗ص: 273⦘
9218 - (المصيبة تبيض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه) قال في الكشاف: البياض من النور والسواد من الظلمة فمن كان من أهل نور الحق وسم ببياض اللون وإسفاره وإشراقه ومن كان من أهل ظلمة الباطل وصف بسواد اللون وكسوفه وسموده وأحاطت به الظلمة من كل جانب قال بعض السلف: لولا مصائب الدنيا وردنا يوم القيامة مفاليس
(طس عن ابن عباس) وضعفه المنذري وقال الهيثمي: فيه سليمان بن مرقاع منكر الحديث
9219 -
(المضمضة والاستنشاق سنة) وبهذا أخذ مالك والشافعي وقال أحمد: هما واجبان وقال أبو حنيفة: واجبان في الغسل مسنونان في الوضوء قال ابن القيم: لم يحفظ عنه أنه أخل بها مرة واحدة (والأذنان من الرأس) لا من الوجه ولا مستقلتان فيمسحان بماء الرأس عند أبي حنيفة ومالك وأحمد وقال الشافعي: عضوان مستقلان
(خط) في ترجمة محمد بن أبي الفرج المعروف بابن سميكة (عن ابن عباس) وفيه محمد بن محمد الباغندي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن عدي: أرجو أنه كان لا يتعمد الكذب وسويد بن سعيد منكر الحديث والقاسم بن غصن ضعفه أبو حاتم وغيره وإسماعيل بن مسلم البصري قال الذهبي: واه مجمع على ضعفه اه. ورواه الدارقطني من هذا الوجه أيضا ففيه ما فيه قال الغرياني في حاشية مختصر الدارقطني: فيه القاسم بن غصن ضعفه أبو حاتم ووثقه غيره وعنه سويد بن سعيد له مناكير وضعفه النسائي وقال ابن حجر: الحديث ضعيف
9220 -
(المطلقة ثلاثا ليس لها) على المطلق (سكنى ولا نفقة) في مدة العدة وعلله في بعض طرق الحديث بأنهما إنما يجبان عليه ما كانت له عليها رجعة وإليه ذهب الجمهور وأجابوا عن قول عمر لا ندع كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة لا ندري أحفظت أم نسيت بأن قول الشارع مقدم على قول الصحابي
(ن عن فاطمة بنت قيس) رمز لصحته وقضية كلام المصنف أن هذا لا ذكر له في أحد الصحيحين ولعله ذهول فقد عزاه الديلمي إلى مسلم بزيادة ولفظه المطلقة ثلاثا لا سكنى لها ولا نفقة إنما السكنى والنفقة لمن تملك الرجعة اه بنصه
9221 -
(المعتدي) وفي رواية للقضاعي المتعدي ولعله تصحيف (في الصدقة) بأن يعطيها غير مستحقها أو لكون الآخذ يتواضع له أو يخدمه أو يثني عليه (كمانعها) في بقائها في ذمته أو في أنه لا ثواب له لأنه لم يخرجها مخلصا لله أو معناه أن العامل المتعدي في الصدقة يأخذ أكثر مما يجب والمانع الذي يمنع أداء الواجب كلاهما في الوزر سواء وقيل أراد أن الساعي إذا أخذ خيار المال ربما منعه في العام القابل فيكون سببه فهما في الإثم سيان وقال البغوي: معناه على المعتدي في الصدقة من الإثم ما على مانعها فلا يحل للمالك كتم شيء من المال وإن تعدى الساعي قال الطيبي: يريد أن المشبه به في الحديث ليس بمطلق بل مقيد بقيد استمرار المنع فإذا فقد القيد فقد التشبيه
(حم د ت هـ) في الزكاة من حديث سعيد بن سنان (عن أنس) قال الترمذي: غريب من هذا الوجه وقد تكلم أحمد في سعيد بن سنان اه. وقال المنذري: طعن فيه غير واحد من الأئمة وقال النووي: لم يروه غير سعيد وهو ضعيف وقال الذهبي: غير حجة وبه يعرف خطأ العامري في جزمه بصحته
9222 -
(المعتكف يتبع الجنازة) أي يشيعها يعني له ذلك ولا يبطل به اعتكافه (ويعود المريض) أخذ منه أحمد
⦗ص: 274⦘
والشافعي أن للمعتكف الخروج للقرب إذا اشترطه وقال مالك: لا يجوز اشتراط ذلك ثم إن ظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته وإذا خرج لحاجة قنع رأسه حتى يرجع اه
(هـ) من حديث هياج بن بسطام عن عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الخالق (عن أنس) بن مالك قال الذهبي: وعنبسة قال أبو حاتم:: يضع الحديث وهياج قال أحمد: متروك وعبد الخالق قال النسائي: غير ثقة
9223 -
(المعتكف يعكف الذنوب) أي يمنعها ويدفعها يقال عكفته عن حاجته منعته (ويجري له من الأجر كأجر عامل الحسنات كلها) أي فاعلها قال في الفردوس: قيل لمن يلازم المسجد وأقام على العبادة فيه معتكف وعاكف وأصله الحبس
(هـ هب عن ابن عباس)
9224 -
(المعروف باب من أبواب الجنة) أي فعله (وهو يدفع مصارع السوء) أي يردها
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان في الثواب (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه محمد بن القاسم الأزدي قال الذهبي في الضعفاء: كذبه أحمد والدارقطني عن عنبسة وهو متهم
9225 -
(المعك) بسكون العين المطل واللي بأداء الحق (طرف من الظلم) إن وقع من موسر وفي قوله طرف إلماح بأنه ليس بكبيرة لكن مر ما يخالفه
(طب حل والضياء) المقدسي (عن حبشي) بضم فسكون (ابن جنادة) السلولي أبي الجنوب
9226 -
(المغبون لا محمود ولا مأجور) لكونه لم يحتسب بما زاد على قيمته فيؤجر ولم يتحمد إلى بائعه فيحمد لكن استرسل في وقت المبايعة فاستغبن فغبن فلم يقع عند البائع موقع المعروف فيحمد بل رجع لنفسه فقال: خدعته فذهب الحمد ولم يحتسب فذهب الأجر ومن ثم قيل الغبن في البيع جود بالعقل وأصل الغبن النقص
(خط عن علي) أمير المؤمنين وفيه أحمد بن ظاهر البغدادي سئل عنه تلميذه الأنبدوني قال: لو قيل له حدثكم أبو بكر الصديق قال: نعم وضعفه كذا ذكره مخرجه الخطيب عقبه فاقتصار المصنف على العزو له وحذف ذلك من سوء التصرف (طب عن الحسن) بن علي قال الهيثمي: وفيه محمد بن هشام ضعيف وبقية رجاله ثقات (ع عن الحسين) بن علي يرفعه قال أبو هاشم: كنت أحمل متاعا إلى الحسين فيماكسني فيه فلعلي لا أقوم من عنده حتى يهب عامته فقلت له في ذلك فقال حدثني أبي يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره قال الهيثمي بعد ما عزاه لأبي يعلى: فيه أبو هاشم العبادي قال الذهبي: لا يكاد يعرف ولم أجد لغيره فيه كلاما اه وعبارة الذهبي هذا حديث منكر وأبو هاشم لا يعرف وقد اضطرب فمرة عن الحسن ومرة عن الحسين وأورده في الفردوس بلفظ أتاني جبريل فقال: يا محمد ماكس عن درهمك فإن المغبون إلى آخر ما هنا ورواه الحكيم في نوادره من حديث عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده وطرقه كلها ترجع إلى أهل البيت
9227 -
(المغرب وتر النهار) أطلق كونها وترا لقربها منه وإلا فصلاة المغرب ليلية جهرية وفيه إشارة إلى أن أول وقتها يقع أول ما تغرب الشمس (فأوتروا صلاة الليل) أي ندبا لا وجوبا بدليل خبر هل علي غيرها قال: لا إلا أن تطوع
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه
⦗ص: 275⦘
9228 - (المقام المحمود) الموعود به النبي صلى الله عليه وسلم هو (الشفاعة) في فصل القضاء يوم القيامة ووراء ذلك أقوال هذا الحديث يردها
(حل هب عن أبي هريرة)
9229 -
(المقيم على الزنا) وفي رواية الطبراني على الخمر (كعابد وثن) في مطلق التعذيب بالنار ولا يلزم منه استواؤهما بل ذلك يخلد وذا يخرج ويدخل الجنة وقد يعفى عنه فلا يدخل النار فإطلاق النساوي زجر وتنفير كيف والزنا يجمع خلال الشر بأسرها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة والحياء والأنفة وعدم المراقبة وسواد الوجه وظلمته والكآبة والمقت وظلمة القلب وطمس النور والفقر اللازم وقلة الهيبة وفقد العفة وعكر الوحشة على الوجه إلى غيره ذلك مما هو كالمحسوس قال جدي رحمه الله تعالى: إن العارفين يشاهدون جنابة الزاني على وجهه ويشمون من بدنه نتنا وأنه إذا اغتسل أبصروا أثر الزنا على وجه الماء عيانا
(الخرائطي في) كتاب (مساوي الأخلاق وابن عساكر) في ترجمة سعيد بن عمارة من طريق الخرائطي (عن أنس) بن مالك وضعفه المنذري وذلك أن فيه إبراهيم بن الهيثم أورده الذهبي في الضعفاء وقال ابن عدي: أحاديث مستقيمة سوى حديث الفار عن سعيد بن عمارة قال الأزدي: متروك والحارث بن النعمان قال البخاري: منكر الحديث
9230 -
(المكاتب عبد) أي في أكثر الأحكام كشهادته وإرثه وحده وجناية له أو لغيره فلا يحملها قرابته ولا عاقلة سيده وليس كالعبد في أن سيده يبيعه ويأخذ كسبه ذكره الرافعي (ما بقي) بكسر القاف لغة القرآن (من مكاتبته) أي من نجومها (درهم) فلا يعتق منه بقدر ما أدى وهو قول الجمهور قاطبة ويؤيده قصة بريرة ومخالفة بعض السلف مؤولة وفيه جواز بيع المكاتب لأنه مملوك والمملوك يباع ومنع المالكية والحنفية بيعه
(د) في العتق وكذا النسائي فما أوهمه صنيع المؤلف من أن أبا داود منفرد بإخراجه من بين الستة غير جيد (عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه وصححه الحاكم وخرجه عنه ابن حبان أيضا في أثناء حديث قال الشافعي: لا أعلم أحدا رواه إلا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ولم أر من رضيت من أهل العلم يثبته وعلى هذا فتيا المفتين انتهى. قال الصدر المناوي: ومع هذا ففيه ابن عياش والمقال فيه معروف
9231 -
(المكثرون) من المال (هم الأسفلون يوم القيامة) لطول حسابهم وتوقع عقابهم وفي رواية المكثرون هم المقلون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا أي ضرب يديه بالعطاء فيه من سائر جهاته قالوا ولفظ القول يستعمل في غير النطق كقوله:
قال له الطير تقدم راشدا. . . إنك لا ترجع إلا حامدا
وقوله " قالت العينان سمعا وطاعة
(الطيالسي) أبو داود (عن أبي ذر) رمز لصحته وهو بمعناه في الصحيحين ولفظهما المكثرون هم الأخسرون قال أبو ذر: من هم يا رسول الله؟ فقال: هم الأكثرون أمولا إلا من قال هكذا وهكذا
9232 -
(المكر والخديعة في النار) يعني صاحب المكر والخداع لا يكون تقيا ولا خائفا لله لأنه إذا مكر غدر وإذا غدر خدع وذا لا يكون في تقى وكل خلة جانبت التقى فهي في النار
(هب) من حديث أبي رافع (عن قيس بن سعد) بن عبادة قال أبو رافع: قال قيس لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول المكر إلخ لكنت أمكر هذه الأمة
⦗ص: 276⦘
قال في الميزان: في سنده لين وذلك لأن فيه أحمد بن عبيد قال ابن معين: صدوق له مناكير والجراح بن مليح قال الدارقطني: ليس بشيء ووثقه غيره وخالف الذهبي فقال في الكبائر: سنده قوي ورواه البزار والديلمي عن أبي هريرة والقضاعي عن ابن مسعود
9233 -
(المكر والخديعة والخيانة في النار) أي تدخل أصحابها في النار قال الراغب: والمكر والخديعة متقاربان وهما اسمان لكل فعل يقصد فاعله في باطنه خلاف ما يقتضيه ظاهره وذلك ضربان: أحدهما مذموم وهو الأشهر عند الناس والأكثر وذلك أن يقصد فاعله إنزال مكروه بالمخدوع وإياه قصد المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ومعناه يؤديان بقاصدهما إلى النار والثاني بعكسه وهو أن يقصد فاعلهما إلى استجرار المخدوع والممكور به إلى مصلحة بهما كما يفعل بالصبي إذا امتنع من فعل خير وقال الحكماء: المكر والخديعة يحتاج إليهما في هذا العالم لأن السفيه يميل إلى الباطل ولا يقبل الحق لمنافاته لطبعه فيحتاج أن يخدع عن باطله بزخارف مموهة كخديعة الصبي عن الثدي عند الفطام ولهذا قيل مخرق فإن الدنيا مخاريق وسفسط فإن الدنيا سفسطة وليس ذا حثا على تعاطي الخبث بل على جذب الناس إلى الخير بالاحتيال ولكون المكر والخديعة ضربان سيئا وحسنا قال تعالى {والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور} {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} ووصف نفسه بالمكر الحسن فقال {والله خير الماكرين}
(د في مراسيله عن الحسن مرسلا) وهو البصري
9234 -
(الملحمة الكبرى) أي الحرب الكثير (وفتح القسطنطينية وخروج الدجال) يكون ذلك كله (في سبعة أشهر) وفي خبر أحمد وأبي داود وابن ماجه بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين قال ابن كثير: مشكل إلا أن يكون من أول الملحمة وآخرها ست سنين ويكون بين آخرها وفتح المدينة وهي القسطنطينية مدة قريبة بحيث يكون ذلك مع خروج الدجال في سبعة أشهر
(حم د) في الملاحم (ت هـ) في الفتن (ك عن معاذ) بن جبل واستغربه الترمذي قال المناوي: وفيه أبو بكر ابن أبي مريم الغساني الشامي قال الذهبي: ضعفوه
9235 -
(الملك في قريش) القبيلة المشهورة (والقضاء في الأنصار) خصهم به لأنهم أكثر فقها فمنهم معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وغيرهم (والأذان في الحبشة) الذين منهم بلال زاد أحمد في روايته هنا والشرعة في اليمن هكذا هو ثابت في جميع الأصول (والأمانة في الأزد) بسكون الزاي قال النووي في التهذيب: يعني اليمن هكذا جزم به الزين العراقي في القرب ويقال الأسد أيضا بسكون السين يجتمع نسبهم مع المصطفى صلى الله عليه وسلم في عامر بن شالخ وروى الترمذي وحسنه عن أنس مرفوعا: ألا إن الأزد أسد الله في الأرض يريد الناس أن يضعوهم ويأبى الله إلا أن يرفعهم وليأتين على الناس زمان يقول الرجل يا ليت أبي كان أزديا ويا ليت أمي كانت أزدية
(حم ت) في فضل اليمن (عن أبي هريرة) مرفوعا وموقوفا قال الترمذي: ووقفه أصح قال الهيثمي: ورجال أحمد ثقات
9236 -
(المنافق لا يصلي الضحى ولا يقرأ قل يا أيها الكافرون) أي سورتها أي علامته أنه لا يفعلهما فإذا وجد من هو
⦗ص: 277⦘
متماد على تركهما أشعر بنفاق في قلبه ولعل هذا خرج مخرج الزجر والتهويل عن تركهما والحث على فعلهما فلا يحكم في ظاهر الشرع على تاركهما بأحكام المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل نعم إن أهملهما استخفافا بأمر الشارع فهو منافق حقيقة قال الزمخشري: والمنافقون أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله تعالى
(فر عن عبد الله بن جراد) وفيه يعلى بن الأشدق قال الذهبي: قال البخاري: لا يكتب حديثه
9237 -
(المنافق) يملك عينيه أي دمعهما (يبكي كما يشاء) لأنه أبدا ذو لونين باطن وظاهر ويقين وشك ودهاء ومكر وزهادة ورغبة وبذل وحرص وإخلاص ورياء وصدق وكذب وصبر وجزع وجود وبخل وسعة وضيق وذا لا يكون إلا في قلب للنفس عليه شعبة من الشيطان وإنما سمي نفاقا لأنه دخل عليه الأمر من بابين من باب الله ومن باب النفس والشيطان فيخلط عليه الحال ويساعده الشيطان بإرسال الدمع متى شاء كما قال مالك بن دينار: قرأت في التوراة إذا استكمل العبد النفاق ملك عينيه ومن ثم قيل دمع الفاجر حاضر قال الصلاح الصفدي: رأيت من يبكي إحدى عينيه ثم يقول لها قفي فتقف دمعه ويقول للأخرى ابكي أنت فيجري دمعها
(فر) من حديث إسحاق بن محمد الفروي عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن علي أمير المؤمنين عن أبيه (عن) جده (علي) أمير المؤمنين وإسحاق هذا من رجال البخاري وفي الضعفاء للذهبي عن أبي داود أنه واه وعيسى قال الذهبي: متروك ومن ثم قال السخاوي: حديث ضعيف وقال ابن عدي: ضعيف جدا
9238 -
(المنتعل راكب) أي الذي في رجليه نعل في حكم الراكب وإن كان ماشيا
(ابن عساكر) في التاريخ (عن أنس) ابن مالك ورواه عنه الديلمي أيضا ولعل المصنف لم يستحضره وكذا أبو الشيخ [ابن حبان] باللفظ المزبور
9239 -
(المنتعل بمنزلة الراكب) في رفع الأذى عن الرجل
(سمويه عن جابر) بن عبد الله
9240 -
(المنحة مردودة) سبق أنها ناقة أو شاة يعطيها الرجل لصاحبه يشرب لبنها (والناس على شروطهم ما وافق الحق)
(البزار) في مسنده (عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: وفيه محمد بن عبد الرحمن البيلماني وهو ضعيف جدا فرمز المؤلف لحسنه إما ذهول وإما لاعتضاده
9241 -
(المهدي من عترتي من ولد فاطمة) لا يعارضه ما يجيء عقبه أنه من ولد العباس لحمله على أنه شعبة منه
<تنبيه> قال العارف البسطامي في الجفر: هذه الدرة اليتيمة والحكمة القديمة ستدخل في باب السبب إلى مكتب الأدب ليقرأ لوح الوجود ثم يخرج منه ويدخل إلى مكتب التسليم ليطالع لوح الشهود وقيل يولد في فارس وهو خماسي القد عقيقي الخد وقد آتاه الله في حال الطفولية الحكمة وفصل الخطاب وأما أمه فاسمها نرجس من أولاد الحواريين وقيل يولد بجزيرة العرب وقيل يخرج من المغرب فأول من يشم رائحته طائفة من أرباب القلوب المطلعين على أسرار الغيوب وأول من يبايعه أبدال الشام عند قبة الإسلام وأهل مكة بين الركن والمقام ثم عصائب العراق ولا يخرج حتى تخرب خوز وكرمان وروم ويونان ولا يظهر الهوارج والأشرار والخوارج ومن أمارات خروجه يكون المطر قيظا والولد غيظا ومن أكبر أمارات خروجه انتشار علم الحرف وقيل علم التصوف وقيل اختلاف الأقوال وقيل
⦗ص: 278⦘
علم النحو وقيل كثرة الفتاوى وقيل كثرة المساجد وقيل ركوب الفروج على السروج وقيل كثرة السراري وقيل ارتفاع البنيان وقيل ولاية الصبيان قال: وإذا خرج هذا الإمام المهدي فليس له عدو مبين إلا الفقهاء خاصة وهو والسيف أخوان ولولا السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله لكن الله يظهره بالسيف والكرم فيطيعونه ويخافونه ويقبلون حكمه من غير إيمان بل يضمرون خلافه إلى هنا كلامه بنصه وحروفه
(د هـ ك) في الفتن (عن أم سلمة) وفيه علي بن نفيل قال في الميزان: عن العقيلي لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به وقال أبو حاتم: لا بأس به
9242 -
(المهدي من ولد العباس عمي) حاول بعضهم التوفيق بينه وبين ما قبله وبعده بأنه من ولد فاطمة لكنه يدلى إلى بعض بطون بني العباس
(غريبة) قال البسطامي في الجفر: قال علي كرم الله وجهه إذا نفد عدد حروف {بسم الله الرحمن الرحيم} يكون أوان ولادة المهدي قال:
إذا نفد الزمان على حروف. . . ببسم الله فالمهدي قاما
ودوران الخروج عقيب صوم. . . ألا بلغه من عندي سلاما
(قط في الأفراد) والديلمي في مسنده (عن عثمان) بن عفان قال ابن الجوزي: فيه محمد بن الوليد المقري قال ابن عدي: يضع الحديث ويصله ويسرق ويقلب الأسانيد والمتون وقال ابن أبي معشر هو كذاب وقال السمهودي: ما بعده وما قبله أصح منه وأما هذا ففيه محمد بن الوليد وضاع مع أنه لو صح حمل على المهدي ثالث العباسيين وعليه يحمل أيضا خبر الرافعي ألا أبشرك يا عم أن من ذريتك الأصفياء ومن عترتك الخلفاء ومنك المهدي إلى آخر الزمان به ينشر الهدى وبه يطفأ نيران الضلال إن الله فتح بنا هذا الأمر وبذريتك يختم
9243 -
(المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة) وقيل إنه يصير منصرفا في عالم الكون والفساد بأسرار الحروف قال البسطامي: ومن فهم سر العين اطلع على سر أسرار العلوم الحرفية والمعارف الإلهية ولهذا كان جد المهدي علي كرم الله وجهه من أعلم الصحابة بدقائق العلوم ولطائف الحكم وكان من أجل علومه علم أسرار الحروف ألا ترى أن العين قد وقعت في مفتاح اسمه
(حم هـ عن علي) أمير المؤمنين رمز لحسنه وفيه ياسين العجلي قال في الميزان: عن البخاري: فيه نظر ثم ساق له هذا الخبر
9244 -
(المهدي مني أجلى الجبهة) بالجيم أي منحسر الشعر من مقدم رأسه (أقنى الأنف) أي طويله (يملأ الأرض قسطا وعدلا) القسط بكسر القاف والجور والعدل وليس المراد هنا إلا العدل فالجمع للإطناب والعطف تفسيري (كما ملئت جورا وظلما) فسروا الجور بأنه الظلم والظلم وضع الشيء في غير موضعه فهو من عطف الرديف كما بينه ما قبله (يملك سبع سنين) زاد في رواية أو ثمان أو تسع وفي رواية أخرى يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفه وأدبارهم يبعثه ما بين الثلاثين إلى الأربعين قال البسطامي: ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون وما أقل مدته وأحقرها بين الستين يتممها تميم الذي هو من البؤس سليم عزيز على القلوب مليح الشروق والغروب شيخ فإن يعرفه أهل العرفان ظهر الحق خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وثمانية أيام فالإمام المهدي أبو الحق والدجال أبو الباطل والمهدي أبو الأخيار والدجال أبو الأشرار والمهدي سيف إدريس والدجال سيف إبليس والمهدي حبيب العشاق والدجال حبيب الفساق
⦗ص: 279⦘
والمهدي سيف الكتاب والدجال سيف الخراب والمهدي لباسه أخضر والدجال لباسه أصفر والدجال قد حال عند أرباب الحال والمسيح قد شاخ عند أرباب القال والمهدي قد سل السيف فافهم بالوصف وحسن الصف
(د ك) في الفتن (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي بأن فيه عمران القطان ضعيف ولم يخرج له مسلم
9245 -
(المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري) قال في المطامح: حكى أنه يكون في هذه الأمة خليفة لا يفضل عليه أبو بكر اه. وأخبار المهدي كثيرة شهيرة أفردها غير واحد في التأليف قال السمهودي: ويتحصل مما ثبت في الأخبار عنه أنه من ولد فاطمة وفي أبي داود أنه من ولد الحسن والسر فيه ترك الحسن الخلافة لله شفقة على الأمة فجعل القائم بالخلافة بالحق عند شدة الحاجة وامتلاء الأرض ظلما من ولده وهذه سنة الله في عباده إنه يعطى لمن ترك شيئا من أجله أفضل مما ترك أو ذريته وقد بالغ الحسن في ترك الخلافة ونهى أخاه عنها وتذكر ذلك ليلة مقتله فترحم على أخيه وما روى من كونه من ولد الحسين فواه جدا اه
<تنبيه> أخبار المهدي لا يعارضها خير لا مهدي إلا عيسى بن مريم لأن المراد به كما قال القرطبي: لا مهدي كاملا معصوما إلا عيسى
(الروياتي) في مسنده (عن حذيفة) قال ابن الجوزي: قال ابن حمدان الرازي: حديث باطل اه وفيه محمد بن إبراهيم الصوري قال في الميزان عن ابن الجلاب: روى عن رواد خبرا باطلا أو منكرا في ذكر المهدي ثم ساق هذا الخبر وقال: هذا باطل
9246 -
(الموت كفارة لكل مسلم) لما يلقاه من الآلام والأوجاع وفي رواية لكل ذنب قال ابن الجوزي: وفي بعض طرق الحديث ما يفهم أن المراد بالموت الطاعون فإنهم كانوا في الصدر الأول يطلقون الموت ويريدونه به اه. وقال الغزالي: أراد المسلم حقا المؤمن صدقا الذي سلم المسلمون من لسانه ويده ويتحقق فيه أخلاق المؤمنين ولم يدنس من المعاصي إلا باللمم والصغائر فالموت يطهره منها ويكفرها بعد اجتنابه الكبائر وإقامته الفرائض
(حب هب) وكذا الخطيب في تاريخه كلهم (عن أنس) بن مالك قال ابن العربي: حديث صحيح وقال الحافظ العراقي في أماليه: ورد من طرق يبلغ بها درجة السن وزعم الصغاني كابن الجوزي وابن طاهر وغيرهم وضعه قال ابن حجر: ممنوع مع وجود هذه الطرق وقد جمع شيخنا العراقي طرقه في جزء والذي يصح في ذلك خبر البخاري الطاعون كفارة لكل مسلم
9247 -
(الملائكة شهداء الله في السماء وأنتم) أيها الأمة (شهداء الله في الأرض) قاله لما مر بجنازة فأثنوا عليها شرا فقال: وجبت ثم ذكره وقد مر غير مرة
(ن عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته
9248 -
(الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها) قال ابن حبان: أراد بثيابه أعماله من خير وشر من قبيل {وثيابك فطهر} لتصريح الأخبار ببعث الناس عراة اه وأخذ بظاهره الخطابي وقال: لا يعارضه بعث الناس عراة لأن البعض يحشر عاريا والبعض كاسيا أو يخرجون من قبورهم بثيابهم ثم تتناثر عنهم قال التوربشتي: وقد كان في الصحابة رضوان الله عليهم من يقصر فهمه في بعض الأحاديث عن المعنى المراد والناس متفاوتون في ذلك فلا يعد أمثال ذلك عليهم وقد سمع عدي بن حاتم {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} فعمد إلى عقالين أسود وأبيض فوضعهما تحت وسادته الحديث وقد رأى بعضهم الجمع بين الحديثين فقال: البعث غير الحشر فالبعث بثياب والحشر بدونها قال: ولم ينصع هذا القائل شيئا فإنه ظن أنه نصر السنة وقد ضيع أكثر مما حفظ فإنه سعى في تحريف سنن كثيرة ليسوي كلام أبي سعيد وقد روينا عن أفضل الصحب أنه أوصى أن يكفن في ثوبيه وقال: إنما هما للمهل والتراب ثم إنهم ليس لهم
⦗ص: 280⦘
أن يحملوا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم يبعث في ثيابه على الأكفان لأنها بعد الموت تبلى اه. وتعقبه القاضي فقال: العقل لا يأبى حمله على ظاهره حسبما فهم منه الرازي إذ لا يبعد إعادة ثيابه البالية كما لا يبعد إعادة عظامه النخرة فإن الدليل الدال على جواز إعادة المعدوم لا تخصيص له بشيء دون شيء غير أن عموم قوله عليه الصلاة والسلام يحشر الناس حفاة عراة حمله جمهور أهل المعاني وبعثهم على أنهم أولوا الثياب بالأعمال التي يموت عليها من الصالحات والسيئات والعرب تطلق الثياب وتستعير بها للأعمال فإن الرجل يلابسها ويخالطها كما يلابس الملابس قال الراجز:
لكل دهر قد لبست أثوبا. . . حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا اه
قال الطيبي: وجواب القاضي عن قول التوربشتي صحيح لكن قوله كالهروي: ليس لهم حملها على الأكفان لأنها بعد الموت تبلى: قوي متين ويعضده إخراج بموت على المضارع الدال على الاستمرار وأن فعل الطاعات والحسنات دأبه وعادته وأما العذر عن الصحابي فيقال إنه عرف مغزى الكلام لكنه سلك سبيل الإبهام وحمل الكلام على غير ما يترقب
(د حب ك) من حديث أبي سلمة (عن أبي سعيد) الخدري قال أبو سلمة: لما احتضر أبو سعيد دعا بثياب جدد فلبسها ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي وقال المنذري: فيه يحيى بن أيوب الغافقي المصري احتج به الشيخان وله مناكير