المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ حرف الياء

⦗ص: 456⦘

‌ حرف الياء

ص: 456

9988 -

(يأتي على الناس زمان الصابر) كذا بخط المصنف وفي رواية القابض (فيهم على دينه كالقابض على الجمر) شبه المعقول بالمحسوس أي الصابر على أحكام الكتاب والسنة يقاسى بما يناله من الشدة والمشقة من أهل البدع والضلال مثل ما يقاسيه من يأخذ النار بيده ويقبض عليها بل ربما كان أشد وهذا من معجزاته فإنه إخبار عن غيب وقد وقع

(ت عن أنس) بن مالك رضي الله عنه

ص: 456

9989 -

(يأتي على الناس زمان يكون المؤمن أذل من شاته) أي مقهورا مغلوبا عليه فهو مبالغة في كمال الذلة والهوان لما هو محافظ عليه من الإيمان

(ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك

ص: 456

9990 -

(يؤجر المرء في نفقته كلها إلا في التراب) أي في نفقته في البنيان الذي لم يقصد به وجه الله وقد زاد على ما يحتاجه لنفسه وعياله على الوجه اللائق فإنه ليس له فيه أجر بل ربما كان عليه وزر

(ت عن خباب) بفتح المعجمة وموحدتين أولاهما ساكنة ابن الأرت رمز المصنف لصحته

ص: 456

9991 -

(يؤم القوم أقرؤهم للقرآن) خبر بمعنى الأمر فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما قال البغوي: لم يختلفوا في أن القراءة والفقه مقدمان على غيرهما واختلف في فقه مع قراءة فقدم أبو حنيفة القراءة وعكس الشافعي ومالك لأن الفقه يحتاج إليه في سائر الأركان والقراءة في ركن واحد وإنما نص في الخبر على الأقرأ لأنه كان أعلم لتلقي الصحب القرآن بأحكامه وقال القاضي: إنما قدم المصطفى صلى الله عليه وسلم الأقرأ على الأعلم لأن الأقرأ في زمنه كان أفقه أما لو تعارض فضل القراءة وفضل الفقه فيقدم الأفقه وعليه أكثر العلماء لأن احتياج المصلي إلى الفقه أكثر وأمس من حاجته للقراءة لأن ما يجب في الصلاة من القراءة محصور وما يقع فيها من الحوادث غير محصور فلو لم يكن فقيها فائقا فيه كثيرا ما يعرض له في صلاته ما يقطعها عليه وهو غافل عنه

(حم عن أنس) بن مالك رمز لحسنه قال الهيثمي: رجاله موثقون اه وقضية صنيع المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فقد خرجه مسلم في صحيحه بلفظ يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وكذا أبو داود والترمذي وعلقه البخاري

ص: 456

9992 -

(يبصر أحدكم القذى في عين أخيه) في الإسلام جمع قذاة وهي ما يقع في العين والماء والشراب من نحو تراب وتبن ووسخ (وينسى الجذع) واحد جذوع النخل (في عينه) كأن الإنسان لنقصه وحب نفسه يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه فيدركه مع خفائه فيعمى به عن عيب في نفسه ظاهر لا خفاء به مثل ضرب لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة وذلك من أقبح القبائح وأفضح الفضائح فرحم الله من حفظ قلبه ولسانه ولزم شأنه وكف عن عرض أخيه وأعرض عما لا يعنيه فمن حفظ هذه الوصية دامت سلامته وقلت ندامته فتسليم

⦗ص: 457⦘

الأحوال لأهلها أسلم والله أعلى وأعلم ولله در القائل:

أرى كل إنسان يرى عيب غيره. . . ويعمى عن العيب الذي هو فيه

فلا خير فيمن لا يرى عيب نفسه. . . ويعمى عن العيب الذي بأخيه

وما ذكر من أن الحديث هكذا هو ما وقفت عليه في نسخ وذكر ابن الأثير أن سياق الحديث " يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه ولا يبصر الجذل في عينه " قالوا والجذل بالكسر والفتح أصل الشجر يقطع وقد يجعل الله العود جذلا

<تنبيه> هذا الحديث مثل من أمثال العرب السائرة المتداولة وروي عنهم بألفاظ مختلفة فمنها أن رجلا كان صلب أبوه في حرب ثم تناول آخر وعابه فقال له الآخر: يرى أحدكم القذاة في عينه ولا يرى الجذع معترضا في أست أبيه وفي لفظ تبصر القذاة في عين أخيك وتدع الجذع المعترض في حلقك وفي لفظ في أستك وفي لفظ في عينك فكل هذا أمثال متداولة بينهم

(حل) وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) قال العامري: حسن

ص: 456

9993 -

(يبعث الناس على نياتهم) قال الداودي: معناه أن الأمم تعذب ومعهم من ليس منهم فيصاب جميعهم بآجالهم ثم يبعثون على أعمالهم فالطائع عند البعث يجازي بعمله والعاصي تحت المشيئة قال ابن حجر: والحاصل أنه لا يلزم من الاشتراك في الهلاك الاشتراك في الثواب أو العقاب بل يجازي كل أحد على حسب نيته

(حم عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته

ص: 457

9994 -

(يبعث كل عبد على ما مات عليه) أي على الحال التي مات عليها من خير وشر قال الهروي: وليس قول من ذهب به إلى الأكفان بشيء لأن الإنسان إنما يكفن بعد الموت ثم هذا الحديث يوضحه حديث أبي داود عن ابن عمر وقيل: يا رسول الله أخبرني عن الجهاد والغزو قال: إن قتلت صابرا محتسبا بعثت صابرا محتسبا وإن قتلت مرائيا مكاثرا بعثت مرائيا مكاثرا على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله بتلك الحال وفي حديث أبي هريرة عن أنس مرفوعا من مات سكرانا فإنه يعاين ملك الموت سكرانا ويعاين منكرا ونكيرا سكرانا ويبعث يوم القيامة سكرانا إلى خندق في وسط جهنم يسمى السكران قال عياض: أورد مسلم هذا الحديث عقب حديث لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله مشيرا إلى أنه مفسر له ثم أعقبه بحديث ثم بعثوا على أعمالهم مشيرا إلى أنه وإن كان مفسرا لما قبله لكنه عام فيه وفي غيره

(م عن جابر) ووهم الحاكم حيث استدركه

ص: 457

9995 -

(يتجلى لنا ربنا ضاحكا) أي يظهر لنا وهو راض عنا ويتلقانا بالرحمة والرضوان والسرور والأمان (يوم القيامة) تمامه عند مخرجه الطبراني عن أبي موسى حتى ينظروا إلى وجهه فيخرون له سجدا فيقول ارفعوا رؤوسكم فليس هذا يوم عبادة اه. بنصه قال الخطابي: الضحك الذي يعتري البشر عند الفرح والطرب محال على الحق تقدس وإنما هذا مجاز عن رضاه عنهم وإقباله عليهم والكرام يوصفون بالبشر وحسن اللقاء عند القدوم عليهم

<تنبيه> قال المؤلف وغيره: من خصائص هذه الأمة أنه تعالى يتجلى عليهم فيرونه ويسجدون له بإجماع أهل السنة وفي الأمم السابقة احتمالان لابن أبي جمرة قال المؤلف: ورأيت بخط الزركشي عن غرائب الأصول لمسلمة بن القاسم أن حديث تجلى الله يوم القيامة ومجيئه في الظلل محمول على أنه تعالى يغير أبصار خلقه حتى يرونه كذلك وهو على عرشه غير متغير عن عظمته ولا متنقل عن ملكه كذا جاء عن الماجشون قال: فكل حديث جاء في التنقل والرؤية في المحشر معناه أنه

⦗ص: 458⦘

يغير أبصار خلقه فيرونه نازلا ومتجليا ويناجي خلقه ويخاطبهم وهو غير متغير عن عظمته ولا متنقل ليعلموا أن الله على كل شيء قدير

(طب) وكذا تمام في فوائده (عن أبي موسى) الأشعري رمز المصنف لحسنه قال الحافظ العراقي: وفيه علي بن زيد بن جذعان وهذا الحديث موجود في مسلم بلفظ فيتجلى لهم يضحك

ص: 457

9996 -

(يترك الكاتب الربع) يعني يلزم السيد أن يحط عن المكاتب بعض النجوم والأولى كونه الربع وقت الوجوب قبل العتق

(ك عن علي) أمير المؤمنين

ص: 458

9997 -

(يجزئ من الوضوء مد ومن الغسل صاع) قال الشافعي وأحمد: ليس معناه أنه لا يجزئ أكثر ولا أقل بل هو قدر ما يكفي إذا وجد الشرط وهو جري الماء على العضو وعمومه أجزأ قل أم كثر لكن السنة أن لا ينقص في الوضوء عن مد والغسل عن صاع

(هـ) من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن أبيه (عن) جده (عقيل) بن أبي طالب الهاشمي صحابي عالم بالنسب رمز لحسنه قال مغلطاي في شرح ابن ماجه: إسناده فيه ضعف لكن له طرق باعتبار مجموعها يكون حسنا قال ابن القطان: وقد وجدت لهذا المعنى إسنادا صحيحا عند ابن السكن بلفظ يجزئ من الوضوء المد ومن الجنابة الصاع فقال رجل لراويه جابر: ما يكفيني فقال: قد كفى من هو خير منك وأكثر شعرا اه هذا بلفظه خرجه الحاكم في مستدركه وقال: على شرطهما وأقره عليه الذهبي وعقيل هذا أخو علي كرم الله وجهه وهو أكبر من علي بعشرين سنة وكان نسابة أخباريا ومن لطائف إسناد هذا الحديث أنه من رواية الرجل عن أبيه عن جده

ص: 458

9998 -

(يجزئ من الوضوء رطلان من ماء) قال جمع: والإجزاء يعم الواجب والمندوب رخصه آخرون بالواجب واعتمده المازري ونصره الأصفهاني والقرافي لكن استبعده السبكي وقال: قضية كلام الفقهاء أن المندوب يوصف بالإجزاء كالفرض

(ت عن أنس) بن مالك وفيه عبد الله بن عيسى البصري قال في الكاشف: ضعفوه

ص: 458

9999 -

(يجزئ من السواك الأصابع) إذا كانت خشنة لحصول مسمى الدلك والاتقاء بها وبهذا أخذ جمع وقد جوز الشافعية السواك بأصبع غيره الخشنة وحكوا في أصبع نفسه أوجها المشهور المنع والثاني الجواز واختاره في المجموع والثالث الجواز عند فقد غيرها فقط ولم يفرق بقية المذاهب بين أصبعه وأصبع غيره

(الضياء) في المختارة (عن أنس) بن مالك وقال: إسناده لا بأس به اه ورواه البيهقي عنه أيضا وضعفه وتبعه مغلطاي وقال ابن حجر في تخريج الرافعي: رواه ابن عدي والدارقطني والبيهقي من حديث ابن المثنى عن النضر عن أنس وفي إسناده نظر وكثير ضعفوه اه وقال في تخريج الهداية: ذكره البيهقي من طرق ووهاها وقد صحح أيضا بعض طرقه

ص: 458

10000 -

(يجير على أمتي) وفي رواية بدله على الناس (أدناهم) أي إذا أجار واحد من المسلمين ولو عبدا واحدا أو جمعا من الكفار وأمنهم جار على جميع المسلمين وفي رواية لأبي يعلى وغيره يجير على المسلمين

(حم ك عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه رجل لم يسم وبقية رجال أحمد رجال الصحيح اه وقضية صنيع المصنف أن ذا لم يخرج في أحد دواوين الإسلام وليس كذلك فقد رواه أبو داود في الجهاد والزكاة والديات وغيرها لكنه في أثناء حديث طويل فلعل المصنف لم يتنبه له ورواه مستقلا باللفظ المزبور الطيالسي وغيره

ص: 458

⦗ص: 459⦘

10001 - (يحب الله العامل إذا عمل أن يحسن) وفي رواية أن يتقن عمله فعلى الصانع الذي استعمله الله في الصورة والآلات والعدد مثلا أن يعمل بما علمه عمل إتقان وإحسان بقصد نفع خلق الله واحتمل أن المراد يحب من العامل بالطاعة أن يحسنها بإخلاص واستيفاء للشروط والأركان والآداب

(طب عن كليب) مصغرا (ابن شهاب) الجرمي والد عاصم له ولأبيه صحبة

ص: 459

10002 -

(يحرم) بالضم وشد الراء المكسورة وروي بالفتح وضم الراء (من الرضاعة) وفي رواية من الرضاع قال جمع من العلماء: يستثنى أربع نسوة تحرمن من النسب مطلقا وفي الرضاع قد لا يحرمن: الأولى أم الأخ في النسب حرام لأنها إما أم أو زوج أب الثانية أم الحفيد حرام في النسب لأنها أم بنت أو زوج ابن الثالثة جدة الولد في النسب حرام لأنها أم زوجة الرابعة أخت الولد حرام في النسب لأنها بنت أو ربيبة وفي الرضاع قد يكون الأربع الأجنبيات وزاد بعضهم أم العم وأم العمة وأم الخال وأم الخالة فيحرمن من النسب لا الرضاع قال بعضهم: التحقيق أنه لا يستثنى شيء من ذلك لأنهن لم يحرمن من النسب بل من جهة المصاهرة (ما يحرم من النسب) ويباح من الرضاع ما يباح من النسب

(حم ق د ن هـ) في النكاح (عن عائشة) قالت: يا رسول الله لو كان فلان حيا لعمها من الرضاعة دخل علي قال نعم ذكره (حم م ن هـ عن ابن عباس) ورواه أحمد عن عائشة باللفظ المزبور وزاد من خال أو عم أو ابن أخ قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح

ص: 459

10003 -

(يخرب الكعبة) بضم الياء وفتح الخاء المعجمة وشد الراء المكسورة من التخريب والجملة فعل ومفعول والفاعل قوله (ذو السويقتين) بضم السين وفتح الواو تثنية سويقة مصغرا للتحقير (من الحبشة) بالتحريك نوع معروف من السودان يقال إنهم من ولد حبش بن كوش بن حام قال ابن دريد: جمع الحبش أحبوش بضم أوله وأما قولهم الحبشة فعلى غير قياس وأصل التحبيش التجميع ومن للتبعيض أي يخربها ضعيف من هذه الطائفة إشارة إلى أن الكعبة المعظمة يهتك حرمتها حقير نضو الخلق وإنما سلط عليها ولم يحبس عنها كالفيل لأن هذا إنما هو قرب الساعة عند فناء أهل الحق فسلط على تخريبها لئلا تبقى مهانة معطلة بعد ما كانت مهابة مبجلة ومن هذا التقرير استبان أنه لا تعارض بين هنا وقوله تعالى {حرما آمنا} الأمن إلى قرب القيامة وخراب الدنيا كما تقرر وقضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند الشيخين فيسابها حليتها ويجردها من كسوتها كأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته أو بمعوله هكذا عزاه لهما جمع منهم الديلمي

(ق ن عن أبي هريرة)

ص: 459

10004 -

(يد الله على) وفي رواية (الجماعة) أي حفظه ووقايته وكلاءته عليهم. قال الزمخشري: يعني أن جماعة أهل الإسلام في كنف الله ووقايته فوقهم فأقيموا في كنف الله بين ظهرانيهم ولا تفارقوهم اه وقال الطيبي: معنى على كمعنى فوق في آية {يد الله فوق أيديهم} فهو كناية عن النصرة والغلبة لأن من تابع الإمام الحق فكأنما تابع الله ومن تابع الله نصره وخذل أعداءه أي هو ناصرهم ومصيرهم غالبين على من سواهم اه. وقال ابن عربي: حكمة ذلك أن الله لا يعقل إلها إلا من حيث أسمائه الحسنى لا من حيث هو معرى عنها فلا بد من توحيد عينه وكثرة أسمائه وبالمجموع

⦗ص: 460⦘

هو الإله فيد الله وهي القوة مع الجماعة. أوصى حكيم أولاده عند موته فقال: إيتوني بجماعة عصى فجمعها وقال: اكسروها مجموعة فلم يقدروا ففرقها وقال: اكسروها ففعلوا فقال: هكذا أنتم لن تغلبوا ما اجتمعتم فإذا تفرقتم تمكن منكم العدو وكذا القائلون بالدين إذا اجتمعوا على إقامة الدين ولم يتفرقوا فيه لم يقهرهم عدو وكذا الإنسان في نفسه إذا اجتمع في نفسه على إقامة دين الله لم يغلبه شيطان من إنس ولا جن بما يوسوس به إليه مع مساعدة الإيمان والملك تلميذ له وقضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الترمذي ومن شذ شذ إلى النار اه بنصه ورواه الطبراني بلفظ يد الله مع الجماعة والشيطان مع من خالف يركض ورجاله كما قال الهيثمي ثقات

(ت) في الفتن (عن ابن عباس) قال الترمذي: غريب لا نعرفه عن ابن عباس إلا من هذا الوجه وقد رمز المصنف لحسنه وليس بمسلم فقد قال الصدر المناوي: فيه سلمان بن سفيان المدني ضعفوه وقال غيره: فيه إبراهيم بن ميمون قال ابن حجر: لكن له شواهد كثيرة منها موقوف صحيح

ص: 459

10005 -

(يدخل الجنة أقوام أفئدتهم) أي قلوبهم (مثل أفئدة الطير) في رقتها ولينها كما في خبر أهل اليمن أرق أفئدة أي أنها لا تحمل أشغال الدنيا فلا يسعها الشيء وضده كالدنيا والآخرة أو في التوكل كقلوب الطير تغدو خماصا وتروح بطانا وفي الهيبة والرهبة لأن الطير أفزع شيء وأشد الحيوان خوفا لا يطبق حبسا ولا يحتمل إشارة هكذا أفئدة هؤلاء مما حل بها من هيبة الحق وخوف جلال الله وسلطانه لا يطيق حبس شيء يبدو من آثار القدرة ألا ترى أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى شيئا من آثارها كغمام فزع فإذا أمطرت سرى عنه وسمع إبراهيم بن أدهم قائلا يقول كل ذنب مغفور سوى الإعراض عنا فسقط مغمي عليه وسمي علي بن الفضيل قتيل القرآن وعليه فمعنى يدخل الجنة إلخ أي الذين هم لله خائفون وله مجلون ولهيبته خاضعون ومن عذابه مشفقون

(حم م عن أبي هريرة)

ص: 460

10006 -

(يدور المعروف على يد مئة رجل آخرهم فيه كأولهم) أي في حصول الأجر له فالساعي في الخير كفاعله ومر ما يعلم منه أن حصول الأجر لهم على هذا النحو لا يلزم التساوي في المقدار

(ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك ظاهر حال المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أقدم ولا أحق بالعزو من ابن النجار وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه مع أن الطيالسي خرجه وكذا الديلمي باللفظ المزبور عن أنس

ص: 460

10007 -

(يذهب الصالحون) أي يموتون (الأول فالأول) أي قرن فقرن. قال أبو البقاء: يجوز رفعه على الصفة أو البدل ونصبه على الحال وجاز ذلك وإن كان فيه الألف واللام لأن الحال ما يتخلص من المكر لأن التقدير ذهبوا مترتبين اه. قال الزركشي: وهل الحال الأول أو الثاني أو المجموع منهما خلاف كالخلاف في هذا حلو حامض لأن الحال أصلها الخبر وقال الطيبي: الفاء للتعقيب ولا بد من تقدير أي الأول منهم فالأول من الباقين منهم وهكذا حتى ينتهي إلى الحثالة والأول بدل من الصالحون وفي رواية يذهب الصالحون أسلافا ويقبض الصالحون الأول فالأول والثانية تفسير للأولى قال القرطبي: وأراد بهم من أطاع الله وعمل بما أمر به وانتهى عما نهى عنه (وتبقى حفالة) بضم الحاء المهملة وفاء وروي حثالة بثاء مثلثة وهما الرديء والفاء والثاء كثيرا ما يتعاقبان (كحفالة) بالفاء أو بالمثلثة على ما تقرر (الشعير أو) يحتمل الشك ويحتمل التنويع ذكره ابن حجر (التمر) أي كرديئهما والمراد سقط الناس ومن هذا أخذ ابن مسعود

⦗ص: 461⦘

قوله فيما رواه أبو نعيم وغيره يذهب الصالحون أسلافا ويبقى أهل الريب ممن لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا (لا يباليهم الله تعالى بالة) أي لا يرفع لهم قدرا ولا يقيم لهم وزنا والمبالاة الاكتراث ويعدى بالباء وعن وبنفسه وبالة مصدر لا يبالي وأصله بالية كمعافاة وعافية حذفت الياء تخفيفا ذكره القاضي البيضاوي وأذن بأن موت الصالحين من الأشراط وبأن الاقتداء بأهل الخير محبوب وجوز خلو الأرض من عالم حتى لا يبقى إلا الجهل

(حم خ عن مرداس) بكسر الميم وسكون الراء وفتح المهملة أيضا ابن مالك (الأسلمي) من أصحاب الشجرة شهد الحديبية وفي الباب المستورد وغيره

ص: 460

10008 -

(يرث الولاء من يرث المال) قضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الترمذي من ولد أو والد

(ت) في الفرائض (عن ابن عمرو) بن العاص قال الترمذي: إسناده ليس بالقوي اه. وجزم البغوي بضعفه وذلك لأن فيه ابن لهيعة

ص: 461

10009 -

(يستجاب لأحدكم) أي لكل واحد منكم في دعائه (ما لم يعجل يقول) هذا استئناف بيان لاستعجاله في الدعاء أي يقول بلفظه أو في نفسه وفي رواية مسلم فيقول قد (دعوت) وفي رواية له أيضا قد دعوت ربي (فلم يستجب لي) والمراد أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمان بدعائه أو أنه أتى من الدعاء بما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل لربه وفيه حث على ترك استعجال الإجابة

(ف د ت هـ) في الدعاء (عن أبي هريرة) ظاهره أن النسائي لم يروه لكن الصدر المناوي عزاه للجماعة جميعا

ص: 461

10010 -

(يسروا) بفتح فتشديد أي خذوا بما فيه التيسير على الناس بذكر ما يؤلفهم لقبول الموعظة في جميع الأيام لئلا يثقل عليهم فينفروا وذلك لأن التيسير في التعليم يورث قبول الطاعة ويرغب في العبادة ويسهل به العلم والعمل (ولا تعسروا) لا تشددوا أردفه بنفي التعسير مع أن الأمر بشيء نهي عن ضده تصريحا لما لزم ضمنا للتأكيد ذكره الكرماني وأولى منه قول جمع عقبه به إيذانا بأن مراده نفي التعسير رأسا ولو اقتصر على يسر والصدق على كل من يسر مرة وعسر كثيرا كذا قرره أئمة هذا الشأن ومنهم النووي وغيره وبه يعرف أن لا حاجة لما تكلفه المولى ابن الكمال حيث قال: أراد بالتعسير التهيئة كخبر كل ميسر لما خلق له فلا يكون قوله ولا تعسروا تأكيدا بل تأسيسا اه وأنت خبير بأنه مع عدم دعاء الحاجة إليه لا يلائمه السياق بل ينافره (وبشروا) بفضل الله وعظيم ثوابه وجزيل عطائه وسعة رحمته وشمول عفوه ومغفرته من التبشير وهو إدخال السرور والبشارة الإخبار بخبر سار وقوله بشروا بعد قوله يسروا فيه جناس خطي ولم يكتف به بل أردفه بقوله (ولا تنفروا) لما مر وهو من التنفير أي لا تذكروا شيئا تنهزمون منه ولا تصدروا بما فيه الشدة وقابل به بشروا مع أن ضد البشارة النذارة لأن القصد من النذارة التنفير فصرح بالمقصود منها ومن جعل معنى يسروا اصرفوا وجوه الناس إلى الله في الرغبة فيما عنده وردوه في طلب الحوائج إليه ودلوهم في كل أحوالهم ومعنى لا تعسروا لا تردوهم إلى الناس في طلب ما يحتاجونه فقد صرف اللفظ عن ظاهره بلا ضرورة وهذا الحديث كما قال الكرماني وغيره من جوامع الكلم لاشتماله على الدنيا والآخرة لأن الدنيا دار العمل والآخرة دار الجزاء فأمر المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالدنيا بالتسهيل وفيما يتعلق بالآخرة بالوعد بالجميل والإخبار بالسرور تحقيقا لكونه رحمة للعالمين في الدارين وفيه الأمر بالتيسير بسعة الرحمة والنهي عن التنفير بذكر التخويف أي من غير ضمه إلى التبشير وتأليف من قرب إسلامه وترك التشديد عليه والأخذ بالأرفق

⦗ص: 462⦘

وتحسين الظن بالله لكن لا يجعل وعظه كله رجاء بل يشوبه بالخوف فيجعلها كأدنى حافر والعلم والعمل كجناحي طائر

(حم ق ن عن أنس) بن مالك ورواه البخاري وغيره عن أبي موسى الأشعري وذكر أنه قال ذلك له ولمعاذ لما بعثهما إلى اليمن وزاد بعد ما ذكر هنا وتطاوعا ولا تختلفا قال أبو البقاء: وإنما قال يسروا بالجمع مع أن المخاطب اثنان لأن الاثنين جمع في الحقيقة إذ الجمع ضم شيء إلى شيء أو يقال إن الاثنين أميران والأمير إذا قال شيئا توقع قبول الأمر إلى الجمع أو أراد أمرهما وأمر من يوليانه

ص: 461

10011 -

(يشفع يوم القيامة ثلاثة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء) قال القرطبي: فأعظم بمنزلة هي بين النبوة والشهادة بشهادة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولما كان العلماء يحسنون إلى الناس بعلمهم الذي أفنوا فيه نفائس أوقاتهم أكرمهم الله تعالى بولاية مقام الإحسان إليهم في الآخرة بالشفاعة فيهم جزاءا وفاقا وقد أخذ بقضية هذا الخبر جمع جم فصرحوا بأن العلم أفضل من القتل في سبيل الله لأن المجاهد وكل عامل إنما يتلقى عمله من العالم فهو أصله وأسه وعكس آخرون وقد رويت أحاديث من الجانبين وفيها ما يدل للفريقين قال ابن الزملكاني: وعندي أنه يجب التفصيل في التفضيل وأن يحمل على بعض الأحوال أو بعض الأشخاص كل بدليل

(هـ) من حديث عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن غيلان عن أبان (عن عثمان) بن عفان رمز المصنف لحسنه وهو عليه رد فقد أعله ابن عدي والعقيلي بعنبسة ونقلا عن البخاري أنهم تركوه ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف الخبر

ص: 462

10012 -

(يشفع يوم القيامة الشهيد) في سبيل الله (في سبعين) إنسانا (من أهل بيته) شمل الأصول والفروع والزوجات وغيرهم من الأقارب ويحتمل أن المراد بالسبعين التكثير وفيه أن الإحسان إلى الأقارب أفضل منه إلى الأجانب

(د عن أبي الدرداء) رمز لحسنه

ص: 462

10013 -

(يشمت العاطس) ندبا على الكفاية لو قاله بعض الحاضرين أجزأ عنهم قال النووي: لكن الأفضل أن يقوله كل منهم (ثلاثا) أي ثلاث مرات في ثلاث عطسات كل واحدة عقب الحمد قال ابن حجر: فلو تتابع عطاسه فلم يحمد لغلبه العطاس فهل يشمت بعد الحمد ظاهر الخبر نعم (فما زاد) عن العطسات الثلاث فهو مزكوم من الزكام (فلا يشمت) بعد هذا لأن الذي به مرض لا يقال إذا كان مريضا فهو أحق بالدعاء من غيره لأنا نقول يندب أن يدعى له لكن غير دعاء العاطس بل الدعاء للمريض بنحو عافية وسلامة وشفاء ونحوه مما يناسب حال المريض ولا يكون من باب التشميت

(د عن سلمة) ابن الأكوع رمز المصنف لحسنه

ص: 462

10014 -

(يطبع المؤمن) أي الكامل (على كل خلق) غير مرضي أي يجعل الخلق طبيعة لازمة له يعسر تركه يشق مجاهدته أي يخلق عليها من خير وشر قال الجوهري: طبعت الدرهم أي عملته والطباع الذي يعمله (ليس الخيانة والكذب) أي فلا يطبع عليهما بل قد يحصلان تطبعا وتخلقا والطباع ما ركب في الإنسان من جميع الأخلاق التي لا تكاد تزاولها من خير وشر قال الطيبي: وإنما كانت الخيانة والكذب منافيين لحاله لأنه حكم بأنه مؤمن والإيمان يضادهما إذ الخيانة ضد الأمانة لا إيمان لمن لا أمانة له والكذب قد مر أنه مجانب للإيمان في غير ما مكان وليس من شرطه أن لا يوجد منه خيانة ولا كذب أصلا بل أن

⦗ص: 463⦘

لا يكثر منه

<تنبيه> قال ابن مالك في شرح الكفاية: من أدوات الاستنثاء ليس وهي على فعليتها وعملها إلا أن المرفوع بها لا يكون إلا مستترا لأنهم قصدوا أن لا يليها إلا لأنها أصل الأدوات الاستثنائية والمستثنى بها واجب النصب بمقتضى الخبرية من الاستثناء بها هذا الحديث أي ليس بعض خلقه الخيانة هذا التقدير الذي يقتضيه الإعراب والتقدير المعنوي يطلق على كل خلق إلا الخيانة والكذب اه وقد ذكروا أن هذه المسألة كانت سبب قراءة سيبويه النحو فإنه جاء إلى حماد بن سلمة فاستملى منه حديث ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء فقال سيبويه ليس أبو الدرداء فصاح به حماد لحنت يا سيبويه إنما هذا استثناء فقال والله لأطلبن علمها ثم مضى ولزم الأخفش وغيره

<تنبيه> قال الغزالي: الكذب ليس حراما لعينه بل لضرورة وذلك جائز حين تعين طريقا للمصلحة ونوزع بأنه يلزم منه جوازه حيث لا ضرر وأجيب بأنه يمنع منه حسما للمادة فلا يباح منه إلا لما فيه مصلحة

(هب عن ابن عمر) ابن الخطاب رمز لحسنه قال في المهذب: فيه عبد الله بن حفص الوكيل وهو كذاب اه وقال في الضعفاء: قال ابن عدي: كان يضع الحديث وقال في الكبائر: روي بإسنادين ضعيفين ورواه البيهقي في الشعب من طريق أخرى وقال: فيه سعيد بن رزين من الضعفاء وأقول: فيه أيضا علي بن هاشم أورده أيضا في الضعفاء وقال: له مناكير وقال ابن حبان: غال في التشيع ورواه الطبراني باللفظ المزبور وقال الهيثمي: فيه عبد الله بن الوليد ضعيف ورواه أحمد بلفظ يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب قال الهيثمي: وفيه انقطاع ورواه البزار وأبو يعلى بلفظ يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب قال المنذري: رواته رواة الصحيح وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح وقال ابن حجر في الفتح: سنده قوي وبه يعرف أن المؤلف لم يصب في إيثاره الطريق الضعيفة وضربه عن الصحيحة صفحا

ص: 462

10015 -

(يعطى المؤمن في الجنة قوة مئة من الرجال في النساء) أي أمر النساء وهو الجماع والظاهر أن المراد بالمئة التكثير وأن قوته فيها على الجماع غير منناهية بدليل الخبر المار أن الواحد له ذكر لا ينثنى فإنه لا فتور هناك

(ت حب عن أنس) بن مالك قال الترمذي: حسن صحيح

ص: 463

10016 -

(يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين) بفتح الدال والمراد به جميع حقوق العباد من نحو دم ومال وعرض فإنها لا تغفر بالشهادة وذا في شهيد البر أما شهيد البحر فيغفر له حتى الدين لخبر فيه والكلام فيمن عصى باستدانته أما من استدان حيث يجوز ولم يخلف وفاء فلا يحبس عن الجنة شهيدا أو غيره

(حم م) في الجهاد (عن ابن عمرو) بن العاص ولم يخرجه البخاري

ص: 463

10017 -

(يقتل) عيسى (ابن مريم الدجال بباب لد) بالضم وشد الدال جبل بالشام أو بفلسطين وفي رواية للطيالسي والديلمي يقتله دون باب لد سبعة عشر ذراعا قال في مسند الفردوس: اللد بالرملة من أرض الشام قال ابن العربي: ورد أنه إذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء فإما أن تكون صفة قتله أضيفت إلى عيسى لأنها عند لقائه وإما أن يدركه في تلك الحال فيقتله هناك قتلا

(طب عن مجمع) بضم أوله وفتح الجيم وشد الميم مكسورة (بن جارية) ابن عامر الأنصاري أحد بني مالك بن عوف كان أبوه ممن اتخذ مسجد الضرار ومجمع غلام جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا قليلا

ص: 463

10018 -

(يكسى الكافر لوحين من نار في قبره) أي يجعل واحد غطاء وآخر وطاء وقضيته أن الكفار يعذبون في قبورهم

⦗ص: 464⦘

وهو مما جرى عليه بعضهم لكن ذهب آخرون أنهم إنما يعذبون في الآخرة بنار جهنم

(ابن مردويه) في تفسيره (عن البراء) بن عازب

ص: 463

10019 -

(يكون في آخر الزمان عباد) بضم العين والتشديد بضبط المصنف (جهال) قال القرطبي: هذا الحديث صحيح المعنى لما ظهر من ذلك في الوجود قال مكحول يأتي على الناس زمان يكون عالمهم أفتن من جيفة حمار (وقراء فسقة) رواية أبي نعيم فساق

(حل) عن أنس ثم قال مخرجه أبو نعيم هذا حديث ثابت لم نكتبه إلا من حديث يوسف بن عطية عن ثابت وهو قاض بصري في حديثه نكارة اه (ك) في الرقاق من حديث يوسف بن عطية عن ثابت (عن أنس) قال الحاكم: صحيح فشنع عليه الذهبي فقال: قلت يوسف هالك اه وفي الميزان عن البخاري منكر الحديث وساق له هذا الخبر اه ورواه البيهقي في الشعب من هذا الوجه ثم قال: يوسف كثير المناكير اه ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف الحديث في مواضع من المغني

ص: 464

10020 -

(يلبي المعتمر) أي يلبي في عمرته كلها يعني في أحواله كلها (حتى يستلم الحجر) أي بالتقبيل أو وضع اليد وظاهره أنه يلبي حال دخوله المسجد وبعد رؤيته البيت وحال مشيه حتى يشرع في الاستلام لأنه جعل الاستلام غاية

(د عن ابن عباس) رمز لحسنه

ص: 464

10021 -

(يمن الخيل في شقرها) أي البركة فيما احمر من الخيل حمرة صافية جدا مع حمرة العرف والذنب قال ابن مهاجر: سألت عقيل بن شبيب لم فضل الأشقر؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فكان أول من جاء بالفتح صاحب أشقر وزاد الطبراني بسند فيه ضعف وأيمنها ناصية ما كان منها أغر محجلا مطلق اليد اليمنى اه

(حم د ت) في الجهاد (عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وهو فيه تابع للترمذي حيث قال: حسن غريب لكن في المنار عندي أنه صحيح قال: رواته كلهم ثقات وما في سنده مما يوهم الانقطاع مدفوع عند التأمل

ص: 464

10022 -

(يمينك) مبتدأ وخبره (على ما يصدقك عليه صاحبك) أي واقع عليه لا تؤثر فيه التورية فالمعنى يمينك التي يجوز أن تحلفها هي التي لو علمها صاحبك لصدقك فيها فلا يجوز الحلف حتى تعرض الأمر على نفسك فإن رأيته في نفس الأمر كذلك وإلا فأمسك فإن التورية لا تفيد أي إن كان المستحلف القاضي فلو حلف بغير استحلافه نفعته التورية فالحاصل أن اليمين على نية الحالف إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه فعلى نيتهما

(حم م) في الأيمان والنذور (د) فيه (ت) في الأحكام (هـ) في الكفارة (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري ورواه الترمذي في العلل أيضا عن أبي هريرة وقال: إنه سأل عنه البخاري فقال: هو حديث هشيم لا أعرف أحدا رواه غيره

ص: 464

10023 -

(ينزل عيسى ابن مريم) من السماء إلى الأرض آخر الزمان وهو نبي رسول على حاله لا كما وهم البعض أنه يأتي واحدا من هذه الأمة نعم هو كأحدهم في حكمه بشرعنا ذكره السبكي (عند المنارة البيضاء) في رواية واضعا يديه على أجنحة ملكين إذا أدنى رأسه قطر وإذا رفع تحادر منه جمان كاللؤلؤ

<فائدة> قال في الزاهر: سميت منارة لأنها آلة ما يضيء وينير من السرج قال لبيد:

⦗ص: 465⦘

وتضيء في وجه الظلام منيرة. . . كجانة البحري سل نظامها

(شرقي دمشق) قال ابن كثير: هذا هو الأشهر في محل نزوله وقد وجدت منارة بزمننا سنة إحدى وأربعين وسبع مئة بحجارة بيض ولعل هذا يكون من دلائل النبوة الظاهرة حيث قيض الله من بناها. قال الجرالي: وإذ أنزل عيسى وقع العموم الحقيقي في الطريق المحمدي باتباع الكل له

<تنبيه> قال العلماء: الحكمة في نزول عيسى دون غيره من الأنبياء الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه فبين الله كذبهم وأنه الذي ينزل فيقتلهم أو أن نزوله لدنو أجله ليدفن في الأرض لأنه جعل له أجلا إذا جاء أدركه الموت ولا ينبغي لمخلوق من تراب أن يموت في السماء ويوافق نزوله خروج الدجال فيقتله لا أنه ينزل له قصدا ذكر هذا الأخير الحليمي قال ابن حجر: والأول أجود وقال البسطامي في كتاب الجفر الأكبر: يمكث عيسى في الأرض أربعين سنة ويتزوج في العرب فيولد له أولاد ويكون على مقدمة عسكر عيسى أصحاب الكهف يحميهم الله في زمانه ليكونوا من أنصاره إلى الله ومن أمارات خروجه عمارة بيت المقدس وخراب يثرب ثم نزول الروم بمرج دابق ثم فتح قسطنطينية

(فائدة مهمة) نقل ابن سيد الناس في ترجمة سلمان الفارسي من رواية الطبراني والطبري أن عيسى نزل إلى الأرض بعد الرفع في حياة أمه وخالته فوجد أمه تبكي عند الجذع فسلم عليها وأخبرها بحاله فسكن ما بها ووجه الحواريين في بعض الحوائج قال الطبري: فإذا جاز نزوله بعد رفعه مرة قبل نزوله آخر الزمان فلا بدع أنه ينزل مرات ونقل أن سلمان اجتمع به أيام سياحته لطلب من يرشده للدين الحق قبل البعثة وأعلمه بقرب ظهور المصطفى صلى الله عليه وسلم

<تنبيه> سئل المؤلف هل ينزل جبريل على عيسى فإن قلتم نعم فيعارضه قوله للمصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث الوفاة هذه آخر وطئتي في الأرض فأجاب بأنه ينزل عليه لما في مسلم في قصة الدجال ونزول عيسى فبينما هم كذلك إذا أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور الحديث فقوله: أوحى الله إلى عيسى ظاهر في نزول جبريل إليه وأما حديث الوفاة فضعيف ولو صح لم يكن فيه معارضة لحمله على أنه آخر عهده بإنزال الوحي

(طب) وكذا في الأوسط (عن أوس بن أوس) الثقفي له وفادة رمز لحسنه قال الهيثمي: رجاله ثقات وقال في بحر الفوائد: قد ورد في نزوله أحاديث كثيرة روتها الأئمة العدول التي لا يردها إلا مكابر أو معاند

ص: 464

10024 -

(ينزل في الفرات كل يوم مثاقيل من بركة الجنة) قال ابن حجر: الفرات بالمثناة في الخط في حالتي الوصل والوقف وجاز في القراءة الشاذة أنها هاء تأنيث وشبهها أبو المظفر بن الليث بالياقوت والتابوت

(خط عن ابن مسعود)

ص: 465

10025 -

(يهرم ابن آدم) أي يكبر (ويبقى معه) خصلتان (اثنتان) استعارة يعني تستحكم الخصلتان في قلب الشيخ كاستحكام قوة الشاب في شبابه (الحرص) على المال والجاه والعمر (وطول الأمل) فالحرص فقره ولو ملك الدنيا والأمل تعبه ذكره الحرالي وإنما لم تذهب هاتان الخصلتان لأن المرء جبل على حب الشهوات كما قال تعالى {زين للناس} الآية وإنما تنال هي بالمال والعمر والنفس معدن الشهوات وأمانيها لا تنقطع فهي أبدا فقيرة لتراكم الشهوات عليها قد برح بها خوف الفوت وضيق عليها فهي مفتونة بذلك وخلصت فتنتها إلى القلب فأصمته عن الله وأعمته لأن الشهوة ظلمات ذات رياح هفافة والريح إذا وقع في الأذن أصمت والظلمة إذا حلت بالعين أعمت فلما وصلت هذه الشهوة إلى القلب حجبت النور فإذا أراد الله بعبد خيرا قذف في قلبه النور فتمزق الحجاب فذلك تقواه به يتقى مساخط الله ويحفظ حدوده ويؤدي فرائضه فإذا أشرق الصدر بذلك النور تأدى إلى النفس فأضاء ووجدت له النفس حلاوة وطلاوة ولذة تلهيه عن شهوات الدنيا وزخرفها فيحيى قلبه ويصير غنيا بالله الكريم في فعاله الحي في ديموميته القيوم في ملكه والنفس حينئذ بجواره وفي غناء الجار غناء فصارت تقواه في قلبه وهو في ذلك النور وغناه في نفسه طمأنينتها ومعرفتها أين معدن الحاجات

⦗ص: 466⦘

وحكم عكسه عكس حكمه أعاذنا الله من ذلك بمنه وكرمه

<فائدة> ذكر في البستان عن أبي عثمان النهدي قال: بلغت نحوا من ثلاثين ومئة سنة وما من شيء إلا وقد أنكرته إلا أملي فإني أجده كما هو قال: وكان أبو عثمان عظيم القدر كبير الشأن

(حم ق) في الزهد (ن) كلهم (عن أنس) بن مالك وقضية كلام المصنف أن القزويني تفرد به من بين الستة وليس كذلك بل هو في الصحيحين بتغيير يسير ولفظ مسلم يهرم ابن آدم ويشب معه اثنتان الحرص على المال والحرص على العمر ولفظ البخاري يكبر ابن آدم إلخ ولفظه في رواية لا يزال قلب الكبير شابا في اثنتين في حب الدنيا وطول الأمل

ص: 465