المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌[مظاهر قطيعة الرحم]

[مظاهر قطيعة الرحم]

مظاهر قطيعة الرحم قطيعة الرحم من الأمور التي تفشتت في مجتمعات المسلمين، خصوصا في هذه الأعصار المتأخرة التي طغت فيها المادة، وقل فيه التواصي والتزاور، فكثير من الناس - والله المستعان- مضيعون لهذا الحق مفرطون فيه.

ولقطيعة الرحم مظاهر عديدة؛ فمن الناس من لا يعرف قرابته بصلة؛ لا بالمال، ولا بالجاه، ولا بالخلق، تمضي الشهور، وربما الأعوام، وما قام بزيارتهم، ولا تودد إليهم بصلة، أو هدية، ولا دفع عنهم حاجة أو ضرورة أو أذية، بل ربما أساء إليهم بالقول أو الفعل، أو بهما جميعا.

ومن الناس من لا يشارك أقاربه في أفراحهم، ولا يواسيهم في أتراحهم، ولا يتصدق على فقيرهم، بل تجده يقدم غيرهم عليهم في الصلات الخاصة، التي هم أحق بها من غيرهم.

ص: 6

ومن الناس من يصل أقاربه إن وصلوه، ويقطعهم إن قطعوه، وهذا- في الحقيقة- ليس بواصل، وإنما هو مكافئ للمعروف بمثله، وهذا حاصل للقريب وغيره؛ فإن المكافأة لا تختص بالقريب وحده (1) .

والواصل- حقيقة- هو الذي يصل قرابته لله، سواء وصلوه أم قطعوه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطع رحمه وصلها» (2) ومن مظاهر قطيعة الرحم أن تجد بعض الناس ممن آتاه الله علما ودعوة- يحرص على دعوة الأبعدين، ويغفل أو يتغافل عن دعوة الأقربين، وهذا لا ينبغي فالأقربون أولى بالمعروف، قال الله- عز وجل لنبيه-عليه الصلاة والسلام:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ومن مظاهر القطيعة أن تجد بعض الأسر الكبيرة قد نبغ

(1) انظر: حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة، للشيخ محمد العثيمين ص12. وانظر: الأخلاق الإسلامية للشيخ عبد الرحمن الميداني 2 / 34.

(2)

البخاري 1.

ص: 7

فيها طالب علم، أو مصلح، أو داعية، فتراه يلقى القبول والتقدير من سائر الناس، ولا يلقى من أسرته إلا كل كنود وجحود؛ مما يوهن عظمه؛ ويوهي قواه، ويقلل أثره.

ومن مظاهر القطيعة، تحزيب الأقارب، وتفريق شملهم، وتأليب بعضهم على بعض.

هذا وسيأتي مزيد بيان لمظاهر القطيعة عند الحديث عن أسبابها.

ص: 8