المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[بأي شيء تكون صلة الرحم] - قطيعة الرحم: المظاهر - الأسباب - سبل العلاج

[محمد بن إبراهيم الحمد]

الفصل: ‌[بأي شيء تكون صلة الرحم]

[بأي شيء تكون صلة الرحم]

بأي شيء تكون صلة الرحم؟ صلة الرحم تكون بأمور عديدة؛ فتكون بزيارتهم، وتفقد أحوالهم، والسؤال عنهم، والإهداء إليهم، وإنزالهم منازلهم، والتصدق على فقيرهم، والتلطف مع غنيهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم وضعفتهم، وتعاهدهم بكثرة السؤال والزيارة- كما مر- إما أن يأتي الإنسان إليهم بنفسه، أو يصلهم عبر الرسالة، أو المكالمة الهاتفية.

وتكون باستضافتهم، وحسن استقبالهم، وإعزازهم، وإعلاء شأنهم، وصلة القاطع منهم.

وتكون- أيضا- بمشاركتهم في أفراحهم، ومواساتهم في أتراحهم، وتكون بالدعاء لهم، وسلامة الصدر نحوهم، وإصلاح ذات البين إذا فسدت بينهم، والحرص على تأصير العلاقة وتثبيت دعائمها معهم. وتكون بعيادة مرضاهم، وإجابة دعوتهم.

ص: 21

وأعظم ما تكون به الصلة، أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. وهذه الصلة تستمر إذا كان الرحم صالحة مستقيمة أو مستورة.

أما إذا كانت الرحم سافرة أو فاسقة فتكون صلتهم بالعظة والتذكير، وبذل الجهد في ذلك.

فإن أعيته الحيلة في هدايتهم- كأن يرى منهم إعراضا أو عنادا أو استكبارا، أو أن يخاف على نفسه أن يتردى معهم، ويهوي في حضيضهم- فلينأ عنهم، وليهجرهم الهجر الجميل، الذي لا أذى فيه بوجه من الوجوه، وليكثر من الدعاء لهم بظهر الغيب، لعل الله أن يهديهم ببركة دعائه.

ثم إن صادف منهم غرة، أو سنحت له لدعوتهم أو تذكيرهم فرصة- فليقدم وليعد الكرة بعد الكرة.

ومما يحسن ذكره في دعوة الأقارب، ونصحهم أن ينبه على مسألة مهمة في هذا الباب، ألا وهي إحسان التعامل مع الأقارب، والحرص على دعوتهم باللين، والحكمة،

ص: 22

والموعظة الحسنة، وألا يدخل معهم في جدال إلا في أضيق الحدود وبالتي هي أحسن؛ لأنه يلحظ على كثير من الدعاة قلة تأثيرهم في أسرهم وقبائلهم.

وذلك يرجع إلى عدة أسباب، ومنها أن الدعاة أنفسهم لا يولون هذا الجانب اهتمامهم، ولو بحثوا في السبل المثلى التي تعين على ذلك لأفلحوا في دعوة أقاربهم ولأثروا فيهم أيما تأثير.

ولعل من أهم تلك السبل أن يتواضعوا لأقاربهم، وأن يولوهم شيئا من الاهتمام، والصلة، والاعتبار، ونحو ذلك مما يحببهم بالأقارب، ويحبب الأقارب بهم.

كما أن على الأسرة أو القبيلة أن ترفع من شأن دعاتها، وعلمائها، وأن تجلهم، وتصيخ السمع لهم، وأن تحذر كل الحذر من تحقيرهم، والحط من شأنهم.

فإذا سارت الأسر على هذا النحو كان حريا بهم أن يرتقوا في مدارج الكمال، ومراتب الفضيلة.

ص: 23