الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في زمن ابن عبد العزيز ولم يُدوَّن ابتداءً، كما أن القرآن الكريم جمع في زمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان ولم يُدَوَّن ابتداءً.
الصَّحُفُ التِي دُوِّنَتْ فِي العَهْدِ النَّبَوِيِّ:
وللتأكيد على صحة ما وصل إليه من استنتاج عقد في الكتاب فصلاً (42) عدد فيه الصحف التي كتبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، جامعاً الكثير من الأدلة التي لا يرقى إليها شك. فمن هذه الصحف:
1 -
صحيفة سعد بن عبادة رضي الله عنه، ذكرها الإمام الترمذي رحمه الله في كتاب الأحكام من " سننه "، بَابُ [مَا جَاءَ فِي] اليَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ. قال رَبِيعَةُ الرَّأْيِ: وَأَخْبَرَنِي ابْنٌ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: وَجْدنَا فِي كِتَاب سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِاليَمِينِ [مَعَ] الشَّاهِدِ (43). وهذه الصحيفة ذُكرت في " مسند الإمام أحمد "(44)، وسعد بن عبادة رضي الله عنه، كما جاء في " تهذيب التهذيب "(45) للحافظ ابن حجر كان من كُتَّابِ الجَاهِلِيَّةِ (46)، وكانت وفاته سنة 15 هجرية.
وكان ابنه يروي من هذه الصحيفة (47) ، وكذلك نقل البخاري في كتاب الجهاد من " صحيحه "، باب: الصبر عند القتال " أن هذه الصحيفة كانت نسخة من صحيفة عبد الله ابن أبي أَوْفى الذي كان يكتب الحديث بيده، وكان الناس يقرؤون عليه ما جمعه بخطه (48).
وإن كان هذا الاستنباط غير دقيق، والدكتور الصالح نقله عن كتاب " السير الحثيث في تاريخ تدوين الحديث " للدكتور محمد زبير الصديقي، إلا أنه لا شك أن ابن أبي أوفى كان يكتب، وعند الرجوع إلى الموضع المشار إليه من " صحيح البخاري " نجد الآتي " قال سالم بن أبي النضر: إن عبد الله بن أبي أوفى كتب فقرأته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا» (49).
وكان البخاري أورد في موضع سابق (50) أَنَّ سالم أبا النضِر مولى عمر بن عبيد الله - وكان كاتبه - قال: كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى - أي إلى عمر - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ» .
(42) من ص: 12 إلى ص: 23.
(43)
" سنن الترمذي ": 3/ 627.
(44)
ينظر " علوم الحديث ومصطلحه ": ص 13 حاشية.
(45)
ج 3 / ص475.
(46)
- وعبارته: «كَانَ سَعْدٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ يُكْتَبُ بِالعَرَبِيَّةِ وَيُحْسِنُ العَوْمَ» .
(47)
ينظر " علوم الحديث ومصطلحه ": ص 13 حاشية.
(48)
" علوم الحديث ومصطلحه ": ص 13.
(49)
" فتح الباري ": 6/ 45.
(50)
كتاب الجهاد، باب: الجنة تحت بارقة السيوف (" فتح الباري ": 6/ 33).
فهذا يدل على أن ابن أبي أوفى كتب أحاديث وقرأها الناس، ولكنها غير صحيفة سعد بن عبادة رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ -.
2 -
صحيفة سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ رضي الله عنه، المُتَوَفَّى سَنَةَ 60 للهجرة. ففي ترجمة ابنه من " تهذيب التهذيب " (51) أنه روى عن أبيه نسخة كبيرة. ولعلها الرسالة التي بعث بها إلى بنيه وقال فيها ابن سيرين:«فِي رِسَالَةِ سَمُرَةَ إِلَى بَنِيهِ عِلْمٌ كَثِيرٌ» (52).
3 -
صحيفة جابر بن عبد الله رضي الله عنهما المُتَوَفَّى سَنَةَ 78 للهجرة. وكان التابعي الجليل قتادة بن دعامة السدوسي يقول: «لأَنَا بِصَحِيفَةِ جَابِرٍ أَحْفَظ مِنِّي مَن سُورَة البَقَرَةِ» (53).
وكذلك فإن سليمان بن قيس اليشكري جالس جابراً وروى عنه صحيفة (54). ونقل الدكتورعن بعضهم أن وهب بن منبه روى أحاديث من إملاء جابر وأحالنا إلى " تهذيب التهذيب "(55) ، ولكنني لم أجد ذلك في الموضع المحال إليه فلعله في غيره.
4 -
الصحيفة الصادقة التي كتبها عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، المُتَوَفَّى سَنَةَ 65 للهجرة. وهي من أشهر الصحف التي كتبت في العصر النبوي، وإن كان العدد الذي ذكره الدكتور لأحاديث الصحيفة غير مُسَلَّمٍ بِهِ (56)، إلا أنها كانت معروفة، وأن عبد الله كتبها بإذن النبي صلى الله عليه وسلم. وهي محفوظة في " مسند الإمام أحمد بن حنبل " (57). ويكفي في ثبوتها ما قال أبو هريرة رضي الله عنه:«مَا كَانَ أَحَدٌ أَحْفَظَ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنِّي إِلَاّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ العَاصِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ ، وَلَا أَكْتُبُ» . وما قاله مجاهد بن جبر: أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَتَنَاوَلْتُ صَحِيفَةً مِنْ تَحْتِ مَفْرَشِهِ ، فَمَنَعَنِي ، قُلْتُ: مَا كُنْتَ تَمْنَعُنِي شَيْئًا ، قَالَ:«هَذِهِ الصَّادِقَةُ ، هَذِهِ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَحَدٌ» (58).
(51) 4/ 198
(52)
" تهذيب التهذيب ": 4/ 236 ـ 237.
(53)
ينظر " علوم الحديث ومصطلحه ": ص 15.
(54)
" تهذيب التهذيب ": 4/ 215.
(55)
11/ 166 ترجمة وهب بن منبه.
(56)
ذكر الدكتور أن الصحيفة حَوَتْ مائة حديث. والذي في المصدر المحال إليه وهو " أسد الغابة " أن عبد الله قال: «حَفِظْتُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَلْفَ مَثَلٍ» . ولا يلزم أن يكون ما حفظه هو الذي كتبه.
(57)
ومجموع أحاديث مسند عبد الله بن عمرو (638) حديثاً وهذا يؤيد ما ذكرته أنه لا يلزم أن يكون كتب كل ما حفظ.
(58)
" أسد الغابة ": 3/ 346.
5 -
أيضاً من النصوص المدونة: صحيفة العهد الذي كتب في المدينة المنورة في السَّنَةِ الأولى للهجرة، والذي نظم العلاقة بين المسلمين واليهود. وهي معروفة متواترة (59).
6 -
ألواح عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، المُتَوَفَّى سَنَةَ 69 للهجرة. فقد اشتهر عنه أنه عُنِي بكتابة الكثير من سُنَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته في ألواح كان يحملها معه في مجالس العلم. ولقد تواتر أنه ترك حين وفاته حِمْلَ بَعِيرٍ من كتبه. وقد ظلت هذه الألواح معروفة متداولة مدة من الزمن (60).
7 -
صحيفة همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقد أسماها الدكتور الصالح " صحيفة أبي هريرة لهمام بن منبه "، واعتبر بِنَاءً على كثرة روايات أبي هريرة أنه لا بد أن صحفاً كثيرة " جمعها الصحابي الجليل أبو هريرة، المُتَوَفَّى سَنَةَ 58 للهجرة، قد تلفت إلا هذه الصحيفة التي رواها عنه تلميذه التابعي همام بن منبه، المُتَوَفَّى سَنَةَ 101 للهجرة، ثم نسبت إليه فقيل: صحيفة همام، وهي في الحقيقة " صحيفة أبي هريرة " (61).
وهذه الصحيفة معروفة مشهورة، وقد رواها عن همام تلميذه معمر بن راشد الصنعاني، وعنه تلميذه عبد الرزاق الصنعاني صاحب " المُصَنَّفْ "، وعنه وعن غيره عن معمر الإِمَامُ أحمد في " مسنده ". وهي تتضمن حوالي المائة والأربعين [140] حديثاً. وقد وصلتنا كاملة كما دَوَّنَهَا همام عن أبي هريرة رضي الله عنه. كما أن صاحبَيْ " الصحيحين " أخرجا منها أحاديث، اتفقا على مجموعة منها، وتفرد كل منهما بأحاديث.
ولكن هذه الصحيفة كتبت يقيناً بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن وهباً ولد قبيل سَنَةِ 40 للهجرة، وتوفي شيخه أبو هريرة رضي الله عنه سَنَةَ 58 للهجرة، والدلائل بين أيدينا تشير إلى أن أبا هريرة كان لا يكتب، وهو ما صرح به نفسه عندما قال:«مَا مِنْ أَصْحَابِ [النَّبِيِّ] صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إِلَاّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ» (62). فهذا تصريح منه بأنه لا يكتب.
(59) ينظر " علوم الحديث ومصطلحه ": ص 19 و 20.
(60)
ينظر " علوم الحديث ومصطلحه ": ص: 20 و21.
(61)
ينظر المرجع السابق: ص: 21 و22.
(62)
البخاري: " الصحيح ": كِتَابُ العِلْمِ - بَابُ كِتَابَةِ العِلْمِ: ح 113.