الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإمام أبو عيسى الترمذي
1-
اسمه، ونسبه، ونشأته:
هو محمَّد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحَّاك أبو عيسى السُّلمِي الضَّرير البوغي الترمذي، الحافظ الإمام المجمع عليه (1) .
ولد في سنة تسع ومائتين، ويقال: ولد أعمى، والصحيح أنه أضرّ في كِبره، بعد رحلته وكتابتِهِ العلم (2)، ويؤكد ذلك ما روى الحافظ عمر ابن علّك أنه قال:"مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في العلم والحفظ والورع والزهد، بكى حتى عمي وبقي ضريراً سنين"(3) .
طاف البلاد وسمع خلقًا من الخراسانيين والعراقيين والحجازيين (4) .
أوتي الترمذي من الموهبة، والصفات، والأخلاق والفضائل ما جعله من أفذاذ العلماء وأئمة علم الحديث.
وقد رزق حافظة قلَّ نظيرها، أعانته على حفظ عشرات ألوف الطرق حتى كان يضرب به المثل في الحفظ (5) .
ْروى عن نفسه، قال: "كنت في طريق مكة، فكتبت جزأين من حديث شيخ، فوجدته فسألته، وأنا أظن أنَّ الجزأين معي، فسألته فأجابني، فإذا معي جزآن بياض فبقي يقرأ عليَّ من لفظه، فنظر فرأى في يدي ورقًا بياضًا، فقال: أما تستحيي مني؟ فأعلمته بأمري، وقلت: أحفظه كله، قال: اقرأ، فقرأته عليه، فلم يصدقني، وقال: استظهرت قبل أن تجيئني، فقلت: حدثني بغيره، قال: فحدثني بأربعين حديثًا من
(1) انظر: سير أعلام النبلاء (13/270) ، تهذيب التهذيب (9/344) .
(2)
انظر سير أعلام النبلاء (13/270) .
(3)
سير أعلام النبلاء (13/273) ، تذكرة الحفاظ (2/634) .
(4)
تهذيب التهذيب (9/344) .
(5)
شروط الأئمة الستة ص (17) ، وسير أعلام النبلاء (13/273) .
غرائب حديثه، ثم قال: هات اقرأ، فأعدتها عليه ما أخطأت في حرف فقال لي: ما رأيت مثلك" (1) .
ثناء العلماء عليه:
قال السمعاني: " إمام عصره بلا مدافعة، صاحب تصانيف "(2) .
وقال ابن خلكان: " هو تلميذ أبي عبد الله محمَّد بن إسماعيل البخاري، وشاركه في بعض شيوخه.
وقد كتب عنه شيخه أبو عبد الله البخاري، فقال الترمذي في حديث عطية، عن أبي سعيد: يا علي لا يحل لأحد أن يجنب في المسجد غيري وغيرك، سمع منِّي محمَّد بن إسماعيل هذا الحديث (3) ".
وقال الصلاح الصفدي: " وأخذ علم الحديث عن أبي عبد الله البخاري، وشاركه في بعض شيوخه "(4) .
قال الحافظ أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الحافظ الإدريسي (ت: 405 هـ) : " أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث، صنَّف الجامع والتواريخ والعلل تصنيف رجل عالم متقن، يضرب به المثل في الحفظ "(5) .
قال الحافظ المزي: "أحد الأئمة الحفاظ المبرزين، ومن نفع الله
(1) شروط الأئمة الستة (17/18) ، سير أعلام النبلاء (13/273) ، تهذيب التهذيب (9/345) .
(2)
الأنساب (2/362)(3/42) ونحوه في معجم البلدان (2/27) .
(3)
وفيات الأعيان (1/484) . انظر: سير أعلام النبلاء (13/272) . والحديث رواه الترمذي في الجامع في المناقب (3727) باب مناقب علي بن أبي طالب، وقال عنه: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وقد سمع مني محمد بن إسماعيل هذا الحديث واستغربه، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (7/66) ، وضعيف الترمذي للشيخ الألباني رحمه الله (778) .
(4)
في نكت الهميان في نكت العميان ص (170) .
(5)
تهذيب التهذيب (9/244) .
به المسلمين" (1) .
قال الذَّهبي: " محمَّد بن عيسى بن سورة الحافظ العلم، أبو عيسى الترمذي صاحب الجامع، ثقة، مجمع عليه (2) ".
وقال عنه الإمام الحافظ العلم الإمام البارع ابن الأثير الجزري: "كان إمامًا حافظًا، له تصانيف حسنة، منها الجامع الكبير في الحديث "، وقال أيضًا:"وهو أحد العلماء الحفاظ الأعلام وله في الفقه يد صالحة". (3)
حدَّث عن: قُتيبة بن سعيد (ت: 240 هـ)، وإسحاق بن راهويه (ت: 238 هـ) ، ومحمَّد بن عَمْرو السَّوَّاق البلخي (ت: 240 هـ) ، ومحمود بن غيلان (ت: 238 هـ) ، وإسماعيل بن موسى الفَزَارِي (ت: 236 هـ) ، وأحمد بن منيع (ت: 244 هـ) ، وأحمد بن الحارث (ت: 242 هـ) ، وأبي مصعب الزهري (ت: 442 هـ) ، وبشر بن معاذ العقدي، والحسن بن أحمد بن أبي شعيب (ت: 244 هـ) ، وأبي عمار الحسين بن حريث (ت: 244 هـ) ، وعبد الله بن معاوية الجمحي (ت: 250 هـ) ، وعبد الجبَّار بن العلاء (ت: 244 هـ) ، وأبي كريب محمد بن العلاء (ت: 248 هـ) ، وعلي بن حُجْر (ت: 243 هـ) ، وعلي بن مسروق الكندي (ت: 248 هـ) ، وعمرو بن علي الفلَاّس (ت: 249 هـ) ، وعمران بن موسى القزَّاز (ت: 240 هـ) ، ومحمَّد بن أبان المستملي (ت: 244 هـ) ، ومحمَّد بن حميد الرازي (ت: 248 هـ) ، ومحمَّد بن عبد الأعلى (ت: 254 هـ) ، ومحمَّد بن رافع (ت: 245 هـ) ، ومحمَّد بن عبد العزيز بن أبي رِزْمَة (ت: 241 هـ) ، ومحمَّد بن عبد الملك بن أبي
(1) تهذيب الكمال في أسماء الرجال (10/22) .
(2)
ميزان الاعتدال في نقد الرجال (6/289) .
(3)
الكامل (7/152) . وانظر: جامع الأصول (1/814)(1/193)(2/11) .
الشَّوارب (ت: 244 هـ)، ومحمَّد بن يحيى العَدَنِي (ت: 243 هـ) ، ونضر بن علي (ت: 250 هـ) ، وهارون الحمَّال (ت: 243 هـ) ، وهنَّاد ابن السَّري (ت: 243 هـ) ، وأبي همَّام الوليد بن شُجاع (ت: 243 هـ) ، ويحيى بن أَكْثَم (ت: 243 هـ) ، ويحيى بن حبيب بن عربي (ت: 248 هـ) ، ويحيى بن دُرُست البصري، ويحيى بن طلحة اليَرْبُوعِي، ويوسف بن حمَّاد المَعْنِي (ت: 245 هـ) ، وإسحاق بن موسى الخَطْمِي (ت: 244 هـ) ، وإبراهيم بن عبد الله الهروي (ت: 244 هـ) ، وسُويد بن نَصر المَرْوَزِي (ت: 240 هـ) (1) .
حدث عنه: أبو بكر أحمد بن إسماعيل السمرقندي، وأبو حامد أحمد بن عبد الله بن داود المروزي، وأحمد بن علي بن حسنويه المقرئ، وأحمد بن يوسف النسفي، وأسد بن حمدويه النسفي، والحسين بن يوسف الفرَبْري، وحماد بن شاكر الورَّاق (ت: 311 هـ) ، وداود بن نصر بن سهيل البزدوي (ت: 323 هـ) ، والربيع بن حيَّان الباهلي، وعبد الله بن نصر أخو البزدوي، وعبد بن محمَّد بن محمود النسفي أبو بكر (ت: 326 هـ) ، وعلي بن عمر بن كلثوم السمرقندي، والفضل بن عمَّار الصَّرَّام، وأبو العباس محمَّد بن أحمد بن محبوب (ت: 346 هـ) راوي "الجامع"، وأبو جعفر محمَّد بن أحمد النسفي وأبو جعفر محمَّد بن سفيان بن النضر النسفي الأمين، ومحمَّد بن محمَّد بن يحيى الهروي القرَّاب (ت: 324 هـ) ، ومحمَّد بن محمود بن عنبر النسفي، ومحمَّد بن مكي بن نوح النسفي، والمُسيح بن أبي موسى الكاجري، وأبو مطيع مكحول بن الفضل النسفي (ت: 308 هـ) ، ومكي بن نوح المقرئ النسفي (ت: 308 هـ) ، ونَصر بن محمَّد بن سَبْرَة الشيركي والهيثم بن
(1) سير أعلام النبلاء (13/271) .
كُلَيب الشَّاشِي الحافظ (ت: 335 هـ) ، راوي " الشمائل " عنه وآخرون (1) .
مؤلفاته:
1-
الجامع المختصر من السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل.
عن أبي علي منصور بن عبد الله الخالدي: " قال أبو عيسى: صنفت هذا الكتاب، وعرضته على علماء الحجاز، والعراق، وخراسان فرضوا به، ومن كان هذا الكتاب -يعني الجامع- في بيته، فكأنما في بيته نبي يتكلَّم (2) ".
قال الذَّهبي: " في " الجامع " علم نافع، وفوائد غزيرة، ورؤوس ْالمسائل، وهو أحد أصول الإسلام، لولا ما كدَّره بأحاديث واهية، بعضها موضوع، وكثيرٌ منها في الفضائل ".
وقال أبو نصر عبد الرَّحيم بن عبد الخالق: " الجامع " على أربعة أقسام:
أ- قسم مقطوع بصحته.
ب- وقسم على شرط أبي داود والنسائي كما بيَّنا.
ج- وقسم أخرجه للضديَّة وأبان علَّته.
د- وقسم رابع أبان عنه، فقال: ما أخرجت في كتابي هذا إلَاّ حديثًا
قد عمل به بعض الفقهاء، سوى حديث:(فإن شرب في الرَّابعة فاقتلوه)
وسوى حديث (جمع بين الظُّهر والعصر بالمدينة من غير خوفٍ ولا سفرٍ) ".
وأضاف الذَّهبي قائلاً: " جامعه قاض له بإمامته وحفظه وفقهه ولكن
يترخَّص في قبول الأحاديث ولا يشدد، وَنَفَسُه في التَّضعيف رَخْوٌ " (3) .
(1) انظر: سير أعلام النبلاء (13/272) .
(2)
سير أعلام النبلاء (13/274) .
(3)
سير أعلام البلاء (13/274-276) .
قال محمد بن طاهر المقدسي في المنثور: سمعتُ أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري شيخ الإسلام يقول: " جامع الترمذي " أنفع من كتاب البخاري ومسلم؛ لأنهما لا يقف على الفائدة منهما إلَاّ المتبحر العالم "والجامع" يصل إلى فائدته كل أحد من الناس " (1) .
ولقد امتاز كتاب الترمذي "الجامع" بما يلي:
أ- أنه حكم على أحاديثه من حيث الصحة والسقم، وأبان عن علَّتها في الأغلب الأعم.
ب- أنَّ جميع أحاديث الكتاب هي مما عمل به بعض الفقهاء.
ج- أنه حوى آراء أشهر الفقهاء المسلمين الذين عاشوا قبله.
د- أنه اعتنى بذكر " العلل " وأحوال الرواة وبيان منازلهم.
هـ- سهولة ترتيبه ووضوح طريقته.
2-
" الشمائل النبوية " المعروف بشمائل الترمذي (2) .
ْ3- "العلل الكبيبر".
4-
"العلل الذي في آخر الجامع".
5-
"الزهد" المفرد قال الحافظ ابن حجر: "ولم يقع لنا"(3) .
6-
التاريخ (4) .
7-
أسماء الصحابة (5) .
(1) شروط الأئمة الستة ص (19)، وانظر: سير أعلام النبلاء (13/277) ، البداية والنهاية (11/66) .
(2)
البداية والنهاية (11/66) ، والنجوم الزاهرة (3/81) .
(3)
تهذيب التهذيب (9/345) .
(4)
الفهرست لابن النديم (1/233) ، الأنساب للسمعاني (3/42) ، تهذيب التهذيب (9/388) ، هدية العارفين للبغدادي (2/19) .
(5)
البداية لابن كثير (11/67) ، وقد قام بتحقيقه عماد الدين أحمد حيدر، على نسختين: شهيد علي تحت رقم (2840) ولاله لي تحت رقم (2089) عام 1406 هـ، مؤسسة الكتب الثقافية، لبنان.
8-
الأسماء والكنى (1) .
9-
كتاب في الآثار الموقوفة، أشار إليه الترمذي في آخر الجامع (2)
وفاته:
قال غنجار وغيره: مات أبو عيسى في ثالث عشر رجب، سنة تسع وسعبين ومائتين بترمذ (3) .
وقد وردت ترجمة الترمذي في عديد من الكتب منها:
ثقات ابن حبان (9/153) ، وأنساب السمعاني (3/45) ، ومعجم البلدان لياقوت الحموي (2/307، 308) ، والكامل في التاريخ (7/460) ، ووفيات الأعيان (4/278) ، وتهذيب الكمال (26/250، 252) ، وتاريخ الإسلام للذهبي حوادث وفيات (271-280) ص (259) ، وسير أعلام النبلاء (13/270) ، والكاشف (3/الترجمة 8035) ، والعبر (2/62) ، وميزان الاعتدال (3/الترجمة 8035) ، وتذكرة الحفاظ (2/633) ، والوافي بالوفيات للصفدي (4/294) ، ونكت الهيمان (264) ، والبداية والنِّهاية (11/66، 67) ، وتهذيب التهذيب (9/387) ، والنجوم الزاهرة (3/88) ، وشذرات الذَّهب (2/174) ، وغيرها.
(1) تهذيب التهذيب (9/345) .
(2)
العلل ص (31) .
(3)
سير أعلام النبلاء (13/277)، وانظر: شرح العلل لابن رجب (1/338) .