المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قيمة الوقت عند الصحابة ومن بعدهم - كيف تصبح عالما - جـ ٧

[راغب السرجاني]

فهرس الكتاب

- ‌ كيف تصبح عالماً [7]

- ‌رفع شأن العلم وضرورة الاهتمام به

- ‌الأسئلة

- ‌طرق معالجة النية وإخلاصها في طلب العلم وغيره

- ‌مدارس اللغات الأجنبية ومحاولة طمس اللغة العربية أو إضعافها

- ‌حكم تعلم اللغات الأجنبية

- ‌دور كبار السن في قضية العلم وغيره

- ‌حقيقة العمل في الشركات الأمريكية وغيرها من الدول الكافرة

- ‌كيفية إخراج الإمكانيات والطاقات الموجودة في العقل البشري

- ‌وضع الإنسان في مجال يناسبه يؤدي إلى الإبداع والتفوق

- ‌أثر تخصص الإنسان في مجال لا يهواه

- ‌شبهة معارضة الاهتمام بطلب العلم للكسب وطلب الرزق

- ‌أهمية الوقت في حياة المسلمين

- ‌قيمة الوقت عند الصحابة ومن بعدهم

- ‌قيمة الوقت عند أبي حاتم الرازي والمجد ابن تيمية

- ‌قيمة الوقت عند سالم النحوي والفتح بن خاقان وغيرهما

- ‌قيمة الوقت عند ابن عقيل الحنبلي

- ‌أهمية تنظيم الوقت

- ‌تنظيم الإمام النووي للوقت

- ‌تنظيم الإمام الشافعي للوقت

- ‌تنظيم الفيروزآبادي وابن حجر وابن جرير الطبري للوقت

- ‌تنظيم ابن الجوزي للوقت واستغلاله له

- ‌ذكر بعض الخطط السريعة المعينة على اغتنام الأوقات

الفصل: ‌قيمة الوقت عند الصحابة ومن بعدهم

‌قيمة الوقت عند الصحابة ومن بعدهم

يقول الحسن البصري رحمه الله: أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أحرص منكم على دنانيركم ودراهمكم.

يعني: أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا حريصين على الوقت حرصاً شديداً، فهم في كل لحظة في إنجاز وفي إنتاج.

يقول ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه علمي.

يعني: عبد الله بن مسعود يندم على اليوم الذي يمر عليه بلا علم، وهي أيام قليلة جداً في حياته رضي الله عنه؛ فقد كان من علماء الصحابة الأفذاذ رضي الله عنه وأرضاه.

إذاً: ينبغي لنا الحفاظ على وقتنا وإدارة وقتنا بصورة مرضية: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ).

أي فراغ في يومك ينبغي أن يستغل في الحق؛ لأنه لو لم يمتلئ بالحق سيمتلئ بالباطل، ونفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل؛ لذلك ربنا سبحانه وتعالى يأمر بالمسارعة:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران:133]، {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [الحديد:21]، {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء:90] وإلى المنافسة: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26] إياكم والتسويف، لاشك أن كل الحضور عندهم قناعة تامة الآن بقيمة العلم، ويريد الواحد منا أن يكون عالماً من علماء المسلمين، ونحسبكم جميعاً على خير ولا نزكي على الله أحداً، لكن ليس كلنا سيبتدئ اليوم في العمل، فهناك ناس ستقول: سأبتدئ إن شاء الله من أول الأسبوع، أو من أول السنة الآتية؛ لأن هذه السنة مضى منها جزء، وإن شاء الله السنة القادمة سأهتم اهتماماً كبيراً.

وهناك من يقول: سأحضر الدراسات العليا بعد سنتين أو ثلاث عندما أنتهي من قضية كذا وكذا، والذي سيبتدئ الآن هم قليل، فكيف سيحصل التغيير؟ أقول: إياكم والتسويف فعظماؤنا في التاريخ الإسلامي كانوا حريصين جداً على عدم تضييع أي لحظة من لحظات الحياة، كانوا يستغلون ما أسميه: الفراغات البينية، والفراغات البينية هي أن تعمل عملاً معيناً من الساعة الثانية إلى الساعة الرابعة، والعمل الثاني سيكون من الرابعة والنصف إلى الخامسة والنصف، فمن الرابعة إلى الرابعة والنصف هذا فراغ بيني، أي: بين العمل الأول والعمل الثاني، فهل تستغله أم لا؟ كذلك عندما أذهب إلى الجامعة أو إلى المدرسة فالمسافة من بيتي إلى المدرسة وقتها نصف ساعة وعند الرجوع نصف ساعة فهل هذا الوقت مستغل، أم لحظات انتظار كئيبة أو جلوس في الباص أو التاكسي، أو ماشي في الشارع؟! هل تستغل هذه الفراغات البينية أم لا؟ كذلك لو كانت عندك محاضرة في الجامعة، وبعد ربع ساعة محاضرة أخرى، فهل الربع الساعة التي في النصف مستغلة أم لا؟ وعندما تأتي لتجمع الفراغات البينية في يومك فلن تكون أقل من ساعتين، فاضرب ساعتين في الأسبوع واضربها في الشهر وفي السنة وفي عمرك، هذه أعمار طويلة ممكن تستغل فيها أعمال ضخمة جداً.

ص: 14