الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - زيادة الانفراش والتَّمَدُّدِ في السجود:
الاعتدال، وإِقامة الصلب في الركوع والسجود، من هدي النَّبي صلى الله عليه وسلم فيهما.
وَحَدُّهُ في السجود: التوسط بين الانفراش، وبين القبض والتقوس، بتمكين أَعضاء السجود السبعة على الأَرض، مع المجافاة المعتدلة بين الفخذين والساقين، وبين البطن والفخذين، وبين العضدين والجنبين، وعدم بسط الذراعين على الأَرض.
وانظر كيف قرنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بين الأَمر بالاعتدال في السجود، والنهي عن بسط الذراعين انبساط الكلب.
فعن أَنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اعتدلوا في السجود ولا يبسط أَحدكم ذراعيه انبساط الكلب» . رواه البخاري في «صحيحه» : (2/ 302 فتح)، والنسائي في «سننه»:(1109).
وعنه أَيضاً بلفظ: «اعتدلوا في الركوع والسجود ولا يبسط أَحدكم ذراعيه انبساط الكلب» ).
رواه البخاري: (822)، والنسائي:(1027) وغيرهما.
قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى - (1): «(اعتدلوا» أَي: كونوا متوسطين بين الانفراش والقبض) انتهى.
ثم ذكر كلام ابن دقيق العيد - رحمه الله تعالى - الذي يفيد عموم النهي عن الانفراش والتَّمَدُّدِ والقبض في «هيئة السجود» لا في خصوص الذراعين.
وقد ثبت من حديث ميمونة رضي الله عنها: «أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان إِذا سجدَ جافَى يديه لو أَن بهمة أَرادت أَن تمر تحت يديه مَرَّت» . أَخرجه مسلم وأَصحاب السنن، ولفظه عند النسائي:(1108).
وعليه فإِن زيادة الانفراش والتَّمدُّدِ في السجود، إِفراط عن حدِّ الاعتدال في أَداء هذا الركن العظيم، الذي يُطلَب من العبد فيه: أَن يكون في غاية التذلُّل والخضوع والانكسار لربه ومعبوده سبحانه وتعالى؛ إِذ العبد أَقرب ما يكون من ربه وهو ساجد؛ ولهذا أَمرنا بالدعاء فيه، وأَنه من مواطن الاستجابة.
فَحَرِيٌّ بركن هذه منزلته أَن يُؤدَّى على وَفْقِ الهدْي النبوي، المحفوف بالاعتدال، وعدم التكلُّف والتحفز، فلا هو بالإِفراط
(1)«فتح الباري» : (2/ 352).
في هذه الصفة المستحدثة، ولا بالتفريط على هيئة الكسلان نحو سجود بعضهم ببسط الذراعين على الأَرض، وإِلصاق البطن بالفخذين، والفخذين بالساقين، وهذا يجمع عدداً من المنهيات.
وفي «صحيح البخاري» : (1/ 247) في «كتاب الوضوء» قول ابن عمر رضي الله عنه لواسع بن حبان: لَعَلَّكَ من الذين يُصلون على أَوراكهم، فقلت: لا أَدري والله. قال مالك: يعني الذي يصلي ولا يرتفع عن الأَرض، يسجد وهو لاصق بالأَرض.
والسُّنة وسط بين الإِفراط والتفريط، وعليها عمل المسلمين والحمد لله ربِّ العالمين. فالحذر الحذر من الإِيغال المؤدِّي إِلى التزيُّد في تطبيق السنن.