المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب) - لقاء الباب المفتوح - جـ ٢٢٤

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌لقاء الباب المفتوح [224]

- ‌تفسير آية من سورة الحديد

- ‌تفسير قوله تعالى: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأنزلنا معهم الكتاب والميزان)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ليقوم الناس بالقسط)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومنافع للناس)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الله قوي عزيز)

- ‌الأسئلة

- ‌أفضلية صلاة العيد داخل البلد لوجود عذر أو مشقة

- ‌كيفية تقدير وقت صلاة الفجر على الطائرة

- ‌حكم مس الصبي للمصحف من غير طهارة

- ‌جواز دخول مدائن صالح لمن دخلها باكياً

- ‌حكم حراسة البنوك الربوية

- ‌حكم كشف المرأة رأسها لعذر مرضي

- ‌توجيه حديث ابن عباس: (إن القرآن أنزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا)

- ‌لزوم رفع من يستهزئ بالدين إلى المحاكم

- ‌كراهية فرقعة الأصابع في الصلاة

- ‌كيفية التعامل مع جماعة التبليغ

- ‌حكم زراعة الشعر

- ‌حكم من قال: إن إبليس ليس بكافر

- ‌حكم صلاة الكسوف في أوقات النهي

- ‌حكم الشرب من ماء زمزم بعد ركعتي الطواف

- ‌حكم من فاته الركوع الأول من الركعة الأولى من صلاة الكسوف

- ‌عدم إثم الشخص إذا لم يأمر أهله بالخروج لصلاة العيد

- ‌تشجيع الطلاب على الصلاة في الصف الأول

- ‌حكم أخذ بدل الوديعة صرفاً من عملة أخرى

- ‌استحباب رفع اليدين في تكبيرات العيد والجنازة

- ‌جواز الجمع في الصلوات لشدة البرودة

- ‌حكم سداد الضامن للدين عمن ضمنه بزكاة ماله

- ‌حكم تحية المسجد إذا خرج من المسجد بنية الرجوع

- ‌عدم جواز وضع الدين عن المدين المعسر على حساب الزكاة

- ‌أهمية العدل بين الأولاد في العطية

- ‌حكم امرأة خرجت للحج فسمعت بوفاة زوجها

- ‌وجوب المهر الجديد والعقد الجديد على الزوج إذا انتهت عدة زوجته المطلقة

- ‌الفرق بين وسائل الدعوة ووسائل التأليف

- ‌حكم الحج على من عليه دين

- ‌عدم جواز الاستنابة لمن لا يقيم الحروف في الإمامة

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب)

‌تفسير قوله تعالى: (وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب)

قال تعالى: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} [الحديد:25] معطوفة على (ليقوم الناس بالقسط) .

وقوله: (ليعلم من ينصره) المراد علم الظهور الذي يترتب عليه الثواب أو العقاب، أما علم أنه سيكون فهذا سابق على إرسال الرسل وإنزال الكتب؛ لأن الله لم يزل ولا يزال عالماً بكل شيء، فلا يشكل عليك الأمر لا تقل: إن الله لا يعلم إلا بعد هذا، نقول: نعم.

العلم علمان: علم بالشيء قبل وجوده، وعلم بالشيء بعد وجوده، ما هو العلم الذي يترتب عليه الثواب والعقاب؟ الثاني أو الأول؟ الثاني؛ لأن العلم السابق لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب حتى يمتحن الناس.

إذاً: (ليعلم الله) أي: علم ظهور، أي: أنه ظهر ووقع بالفعل، هذه واحدة، وعلماً يترتب عليه الثواب والعقاب، أما العلم بأنه سيكون فهذا معلوم من الأزل.

قوله: {مَنْ يَنْصُرُهُ} أي: ينصر دينه، وليس المعنى: ينصر نفس الله، لا، لأن الله غني عن العالمين، ولهذا قال الله تعالى:{ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:4] إذاً: ينصره بماذا تفسرها؟ ينصر دينه، فلو قال القائل: كيف ينصر دينه والله يقول: {مَنْ يَنْصُرُهُ} ؟! هذا تفسير مخالف للفظ، وأنتم تنكرون على من يفسر القرآن بما يخالف ظاهر اللفظ فما الجواب؟

نحن لا ننكر على الناس إذا فسروا القرآن بما يخالف ظاهر اللفظ إذا كان ذلك بدليل، إذا كان هذا بدليل فإننا لا ننكر عليهم، ولهذا إذا قال قائل في قوله تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل:98] إذا قال قائل: إن المعنى: إذا قرأت القرآن أي: أردت قراءته، فهذا فسره بخلاف ظاهره، هل نقول: هذا التفسير صحيح أو غير صحيح؟ صحيح؛ لأن الإنسان يستعيذ بالله إذا أراد أن يقرأ ما هو إذا أتم القراءة، بدليل فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ ولأن هذا هو الذي يفيد أن يستعيذ الإنسان بالله قبل أن يقرأ ليقرأ والشيطان بعيد عنه.

على كل حال: إذا قال لك قائل: كيف تفسر قوله تعالى: {مَنْ يَنْصُرُهُ} أي: من ينصر دينه، وأنت تنكر على من يفسر القرآن بخلاف ظاهره؟ فالجواب: أننا لا ننكر من يفسر القرآن بخلاف ظاهره إذا كان في ذلك دليل صحيح، والدليل على أن المراد ينصر دينه قوله:{إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد:25] لا يحتاج إلى أحد، فهو قوي عزيز غالب بقوة لا يلحقها ضعف.

وقوله عز وجل: {مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ} [الحديد:25] نصر الرسل هل المراد أن ينصر الرسول نفسه أو أن ينصر الشريعة التي جاءت بها؟ الأمران إذا كان الرسول حياً فالمراد ينصر الرسول نفسه وشريعته، وبعد موته ينصر شريعته، وفي هذا دليل على أن نصر الشريعة نصر لمن جاء بها، فلا يشكل على هذا أن الله سبحانه وتعالى قد يميت الرسول قبل أن يرى النصر الواسع له، فنحن نقول: نصر شريعته نصر له.

وقوله: ((بِالْغَيْبِ)) أي: أنه ينصر الله عز وجل، وينصر رسله وهو لم ير الله؛ لأن الله تعالى يُنْصَر ولا يُبْصَر، لا يرى في الدنيا، ولهذا قال بعض السلف: ينصرونه ولا يبصرونه، تفسيراً لقوله:(بالغيب) ينصرونه ولا يبصرونه، والمراد لا يبصرونه في الدنيا أما في الآخرة فنسأل الله تبارك وتعالى، فنظر الله تعالى حق، ثابت في القرآن والسنة وإجماع الصحابة.

إذاً: (بالغيب) أي: ينصرون الله وهو غائب، ويحتمل أن يكون المعنى (بالغيب) أي: بغيبتهم عن الناس، فيكون في هذا دليلاً على إخلاصهم، وأنهم ليسوا ممن يعبدون الله إذا كانوا بين الناس بل يعبدون الله تعالى في الغيب والشهادة.

ص: 8