المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السبب الرابع: الأخذ بالأسباب المعينة على المحافظة على صلاة الفجر - لماذا نصلي - المقدم - جـ ١١

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌لماذا نصلي؟ [11]

- ‌ضرورة التفقه في أحكام الصلاة

- ‌وجوب التناصح في أمر الصلاة

- ‌وجوب المحافظة على الصلاة في وقتها

- ‌وجوب المحافظة على صلاة الفجر في جماعة

- ‌مواعيد الصلاة وغيرها بين الإفراط والتفريط

- ‌أسباب المحافظة على صلاة الفجر

- ‌السبب الأول: تشخيص أمراض القلوب والاجتهاد في علاجها

- ‌السبب الثاني: التذكير الدائم بالآيات والأحاديث المرغبة في صلاة الفجر

- ‌السبب الثالث: تذكر فضيلة المحافظة على صلاة الفجر في جماعة

- ‌السبب الرابع: الأخذ بالأسباب المعينة على المحافظة على صلاة الفجر

- ‌السبب الخامس: تعظيم الصلاة في القلب ومجاهدة الشيطان وحزبه

- ‌السبب السادس: الذكر والوضوء والصلاة عند الاستيقاظ

- ‌السبب السابع: الإيمان بالغيب وبما عند الله من الأجر والثواب

- ‌السبب الثامن: استعمال الأمور المنبهة لصلاة الفجر

- ‌السبب التاسع: المسارعة إلى النوم أول الليل

- ‌السبب العاشر: الإتيان بأذكار النوم

- ‌السبب الحادي عشر: المواظبة على صلاة الفجر في مسجد واحد

- ‌الاجتهاد في المحافظة على تكبيرة الإحرام للصلوات الخمس في جماعة

الفصل: ‌السبب الرابع: الأخذ بالأسباب المعينة على المحافظة على صلاة الفجر

‌السبب الرابع: الأخذ بالأسباب المعينة على المحافظة على صلاة الفجر

النبي صلى الله عليه وسلم حين قفل -أي: رجع- من غزوة خيبر سار ليلة حتى إذا أدركه الكرى وعرس -عرس يعني: نزل في آخر الليل للنوم والراحة- فقال للصحابة: (احفظوا علينا صلاتنا) يعني: لابد أن تبقى حراسة لكي ينبهونا لصلاة الفجر، والنائم مرفوع عنه القلم، لكن ما الذي يستطيعه من يريد أن ينام؟ الذي يستطيع هو أن يأخذ بالأسباب التي تعينه على القيام لصلاة الفجر، فالرسول عليه الصلاة والسلام هنا أخذ بالأسباب بقوله:(احفظوا علينا صلاتنا)، وليس هذا فحسب، بل عين شخصاً وهو بلال رضي الله تعالى عنه وقال له:(اكلأ لنا الليل) أي: احفظ لنا الليل، وإياك أن تغفل عن وقت صلاة الفجر، فظل بلال يحرسهم وينتظر الفجر، فأخذ يذكر الله وصلى ما شاء الله له أن يصلي من القيام، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلما اقترب الفجر استند بلال إلى راحلته مواجهاً إلى جهة الشرق، حيث يطلع شعاع الفجر والشمس، فغلبته عيناه وهو مستند إلى راحلته، فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس وهذا الحديث رواه مسلم.

فمثل هذا النوم الذي يغلب الإنسان رغم بذله وسعه في تحصيل أسبابه يقال فيه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفس الحادثة: (أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى) فالنوم عذر قهري يغلب الإنسان، لكن ليس معنى ذلك أن يتعمد الإنسان السهر ويتمادى في السهر حتى إذا ما بقي إلا وقت يسير من الفجر نام بحيث لا يستطيع القيام لصلاة الفجر.

والإنسان الذي يعتاد على النوم مبكراً يستيقظ للصلاة ولا يحتاج في الغالب إلى الساعة، والأطباء يقولون: إن هناك شيئاً داخل جسم الإنسان اسمه الساعة الحيوية، وهذه مظهر من مظاهر ربوبية الله سبحانه وتعالى، وتدبير أمور خلقه.

فهذه الساعة الحيوية المزعومة هي التي تنذر من حافظ وداوم على صلاة الفجر في جماعة للاستيقاظ لها أو الاستيقاظ في وقت معين، حتى لو سهر في بعض الليالي تجده ينتبه في نفس المعاد، وهذه معجزة ربانية، وهي نوع من الإعانة، وقد تكون الملائكة هي التي توقظه؛ لأنه لم ينو التفريط، وإنما هو حريص على المحافظة على الطاعة.

إذاً: من كانت عادته القيام إلى الصلاة فغلبته عيناه فنام، فإنه يكتب له أجر صلاته، ونومه عليه صدقة، أما الذي ينتبه وقت الصلاة ثم يعود للنوم حتى يضيع وقتها فبلا شك أن هذا مفرط؛ لأنه انتبه وقد دخل وقت الصلاة أو سمع النداء، ومثل هذا داخل في قوله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:4 - 5].

ص: 11