المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مدخل روى مسلم عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى - لمحات في تربية البنات

[عبد الملك بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌مدخل

- ‌ منارات نستنير بها في أمر التربية

- ‌أولاً: شكر الله على عطيته:

- ‌ثانيًا: الأصل في تربية النشء إقامة عبودية الله عز وجل في قلوبهم

- ‌ثالثًا: الأب والأم في عبادة لله عز وجل حين التربية

- ‌رابعًا: لا بد من الإخلاص لله عز وجل في أمر التربية

- ‌خامسًا: على المربي استصحاب النية في جميع الأمور التربوية

- ‌سادسًا: الدعاء هو العبادة

- ‌سابعًا: على الوالد الحرص على الكسب الحلال

- ‌ثامنًا: لا بد أن يكون في البيت المسلم جلسة إيمانية بين الحين والآخر

- ‌تاسعًا: القدوة الحسنة من ضروريات التربية

- ‌عاشرًا: وجه بعضًا من حرصك على أمور الدنيا ومعرفتها وكشف دقائقها إلى معرقة أفضل السبل في أمر التربية

- ‌الحادي عشر: الصبر

- ‌الثاني عشر: الصلاة

- ‌الرابع عشر: اغرس في نفوس صغارك تعظيم الله عز وجل ومحبته وتوحيده

- ‌الخامس عشر: احرصا على كتم الغضب والانفعال

- ‌السادس عشر: نحن في زمن انتشرت فيه الفتن من كل جانب

- ‌السابع عشر: الحياء والحشمة علامة بارزة على حسن التربية وطيب المنبت

- ‌الثامن عشر: أفعال الخير تنشأ الصغيرة وهي تراها فتكتسب فيها مهارة وقبولاً وتميزًا إذا كبرت

- ‌التاسع عشر: غالب الآباء والأمهات في بيوتهم هم الذين يتحدثون ويتكلمون

- ‌العشرون: الكتاب والشريط مادة دسمة وذات فوائد شهية فيها من العلم الشرعي ومن أسلوب الخطاب وجمال العبارة الكثير

- ‌الحادي والعشرون: أيها الأب .. وقتك طويل ولديك ساعات كثيرة بعد نهاية عملك فما نصيب أبنائك منها

- ‌الثاني والعشرون: إشعار البنت بالأبوة والحنان وقد تكون أكثر من الولد حاجة إلى ذلك

- ‌الثالث والعشرون: الهاتف والانترنت والشاشة كلها سلاح ذو حدين

- ‌الرابع والعشرون: اختيار الزوج الكفء للابنة والمبادرة بتزويجها في سن مبكرة صيانة لها عن الانحراف

- ‌الخامس والعشرون: من أعظم أنواع التربية التي تبرأ بها الذمة إبعاد الابنة عن مواطن الشبه والمنكرات

- ‌السادس والعشرون: الزوج يحب الزوجة المدبرة الحكيمة التي تقوم على شؤون بيتها وتحيطه بالرعاية

- ‌السابع والعشرون: كلما داهمكما الهم والحزن وطال بكما أمد التربية تذكرا ما أعد الله عز وجل لكما من الجزاء على حسن التربية والتقويم والدعوة والتوجيه

- ‌الثامن والعشرون: منزلكما هو الدوحة التي يستظل بها الأولاد ويجدون فيها الراحة والسكينة ومن أعظم وسائل السعادة إبعاد المنكرات عن المنزل وعدم إدخالها إليه فإنها تفسد القلوب

- ‌التاسع والعشرون: من مهمة الأم والأب تعليم الابنة تعاليم الشرع خاصة أحكام الطهارة والحيض وما يتعلق بأمور النساء

- ‌الثلاثون: المساواة بين الذكر والأنثى وعدم المفاضلة بينهما

- ‌الثاني والثلاثون: تميزت المرأة المسلمة بلباس ساتر لا تبرز فيه المرأة مفاتنها ولا يرى الرجال منها خصلة شعر

- ‌الثالث والثلاثون: ما نقوم به من عمل تربوي هو من أعمال العبادة لله عز وجل وفيه براءة للذمة

الفصل: ‌ ‌مدخل روى مسلم عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى

‌مدخل

روى مسلم عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عال - أي قام عليهما في المؤونة والتربية - جاريتين - أي بنتين - حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين» وضم أصابعه.

قال ابن بطال: «حقٌّ على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك» .

وروى البخاري ومسلم والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت عليَّ امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فلم فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال: «مَنْ ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترًا من النار» .

وفي رواية لمسلم قال: «إن الله قد أوجب لها الجنة أو أعتقها بها من النار» .

قال ابن حجر: «ختلف في المراد بالابتلاء، هل هو نفس وجودهن؟ أو ابتلي بما يصدر منهن؟ » .

وقال الإمام النووي: «إنما سماه ابتلاءً لأن الناس يكرهون البنات في العادة، فجاء الشرع بزجرهم عن ذلك، ورغب في إبقائهن، وترك قتلهن بما ذكر من الثواب الموعود به من أحسن إليهن، وجاهد نفسه في الصبر عليهن» .

وروى أبو داود والترمذي عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال

ص: 3

رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فله الجنة» .

وفي رواية أبى داود قال: «من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو أختين أو بنتين، فأدبهن وأحسن إليهن وزوجهن فله الجنة» .

وفي رواية: «من كان له ثلاث بنات أو أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن وصبر عليهن واتقى الله فيهن دخل الجنة» .

وروى الإمام أحمد عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وعلى ضرائهن دخل الجنة» .

وفي رواية: فقال رجل: يا رسول الله، واثنتين؟ قال:«واثنتين» ، قال: يا رسول الله، وواحدة؟ قال:«وواحدة» .

وروى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر الجهني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن فأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابًا من النار يوم القيامة» .

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أمَّا بعد:

فإنَّ نعم الله عز وجل لا تحصى، وعطاياه لا ُتعد، ومن تلك النعم العظيمة وأجلها نعمةُ الأولاد، قال الله -تعالى-:

{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46]

ولا يَعرفُ عِظَم هذه النعمة إلا من حُرِم منها، فتراه ينفق ماله ووقته في سبيل البحث عن علاجٍ لما أصابه.

وهذه النعمة العظيمة هي أمانةٌٌ ومسئوليةٌٌ، ُيسأل عنها الوالدان يوم القيامة، أحَفِظا أم ضيَّعا؟ وزينة الذرية لا يكتمل بهاؤها وجمالها إلا بالدين وحسن الخُلق، وإلا كانت وبالاً على الوالدين في الدنيا والآخرة.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «كلكم راعٍ، وكلكم مسئولٌ عن رعيته: فالإمام راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسئول عن رعيته» [متفق عليه].

وهذه الرعية أمانةٌ، حذر الله –عز وجل من إضاعتها والتفريط في القيام بحقها، قال – تعالى- {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً} [الأحزاب: 72].

وقال- تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6].

قال ابن القيم- رحمه الله: «فمن أهمل تعليم ولده ما

ص: 5

ينفعه، وتركه سُدًى، فقد أساء غاية الإساءة؛ وأكثر الأولاد إنَّما جاء فسادهم من قِبَلِ الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وُسننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً».

وقد سارع الأنبياء إلى تربية أبنائهم وتفقد أحوالهم، هذا يعقوب عليه السلام وقد اقترب أجله يسأل بنيه ليطمئن على سيرهم على التوحيد بعد موته:{مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي} وقرت عينه عندما أجابوا: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133].

وهذا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام يدعوان الله عز وجل: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} الآية. [البقرة: 128]، وهذا الدعاء من إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام كما أخبر الله عن عباده:{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].

قال ابن كثير رحمه الله: «وهذا القدر مرغوب فيه شرعًا فمن تمام محبة الله أن يحب أن يكون من صلبه من يعبد الله وحده لا شريك له» .

واشتد حرص السلف على مباشرة تربية أبنائهم والقيام بهذه المهمة العظيمة ومن ذلك ما ذكر عن الخليفة العباسي المنصور أنه بعث إلى من في السجن من بنى أمية يقول لهم: «ما أشد ما مر بكم

ص: 6