المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(أحكام الطلاق) - الألفاظ المستعملة في الطلاق على مذهب الجمهور ثلاثة - أحكام الألفاظ وأحكام الطلاق والأيمان والنذور

[أبو فيصل البدراني]

الفصل: ‌ ‌(أحكام الطلاق) - الألفاظ المستعملة في الطلاق على مذهب الجمهور ثلاثة

(أحكام الطلاق)

- الألفاظ المستعملة في الطلاق على مذهب الجمهور ثلاثة أضرب:

الأول: الطلاق الصريح المُوجه إلى الزوجة أو الأمة، كقوله: أنت طالق، فهذا يقع به الطلاق قضاءً ، ولو لم ينوه.

ملاحظة: إذا وقع الطلاق قضاءً فإنه يقع ديانة على سبيل التبع.

الثاني: الطلاق بالكناية، كقوله: الحقي بأهلك ونحوه، فهذا يقع به الطلاق إذا نواه.

الثالث: الطلاق بلفظ أجنبي لا صريح ولا كناية، كقوله: اسقني الماء ونحوه، فهذا لا يقع به الطلاق ولو نواه.

- حكم القاضي يرفع الخلاف في مسائل الطلاق.

- لا يقع طلاق المخطيء إن ثبت سبق لسانه وإن لم يثبت قُبل في الفتوى دون القضاء.

- طلاق الملقَن وهو من لقن عبارة الطلاق وهو لا يفهمها كالأعجمي فالطلاق لا يقع لعدم قصده إيقاع الطلاق.

- صريح الطلاق المُوجه إلى المُطلقة يلزم المكلف نواه أو لم ينوه فصريح الطلاق لا يحتاج إلى نية.

- لا يقع الطلاق الصريح إذا لم يُعيَن المتلفظ به ويقصد به زوجته أو يضيفه إلى زوجته كمن يردد شعراً فيه طلاق ونحوه أو يحكيه عن واحد آخر.

- الطلاق يقع بكل لفظ دل عليه هذا بالنسبة للقضاء أما ديانة فيما بين العبد وربه فلا يقع الطلاق ولو كان صريحاً إلا إذا نواه والأعمال بالنيات لكن لو حكم القاضي بالطلاق ففي هذه الحال يقع ديانةً وقضاءً.

- اللفظ الصريح في الطلاق هو اللفظ الذي لا يستعمل إلا في حل عقدة النكاح في عُرف من نطق به والسامع له والموجَه إليه بناءً على الوضع اللغوي لهذا اللفظ أو بناء على العُرف العام عند الناس في استعمال هذا اللفظ في هذا المعنى.

- حكم اللفظ الصريح في الطلاق: الطلاق يقع به ما دام الناطق يعرف مدلوله ولا يشترط لوقوع الطلاق به نية إيقاع الطلاق لأن اللفظ صريح في دلالته على إرادة الطلاق بالتلفظ به والنية إنما تعمل في تعيين المُبهم لا الصريح وعلى هذا أجمع الفقهاء فلو قال لم أنو به الطلاق لم يُقبل ولو قال أردت أنها طالق من وثاق لم يصدَق في القضاء وكذا لا يسع المرأة أن تصدقه لأنه

ص: 6

خلاف الظاهر ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى، ويقوم مقام اللفظ الصريح إشارة الأخرس الدالة على إرادته إيقاع الطلاق وكذلك الكتابة عند جمهور الفقهاء، والكتابة نوعين غير مستبينة كالتي تُكتب على الهواء أو على الماء وهذه لا يقع بها طلاق وإن نواه والكتابة المستبينة الواضحة وهي التي لها بقاء بعد كتابتها كالتي تكتب على الورق فهي نوعان مرسومة وغير مرسومة أما المرسومة فهي المكتوبة عن طريق الخطاب والرسالة ومعنونة إلى الزوجة كأن يكتب إليها زوجها أما بعد يا فلانة فأنت طالق فيقع الطلاق وأما غير المرسومة فهي غير المعنونة إلى الزوجة كأن يكتب على ورقة فلانة زوجتي طالق فإن نوى الطلاق وقع وإلا لم يقع لأن الكتابة على هذا الوجه قد تكون بقصد تجويد الخط وتجربة القلم فلا يُحمل ما كتبه على إرادة الطلاق إلا بالنية. وأما طلاق الأخرس فيقع بالإشارة المفهومة لأنها صارت معهودة فأقيمت مقام العبارة دفعاً للحاجة ويُعتد بإشارته ولو قدر على الكتابة ولكن لا يقع الطلاق بإشارة القادر على النطق.

- إذا جرى صريح لفظ الطلاق على لسان العاقل البالغ لا ينفعه أن يقول كنت فيه لاعباً أو هازلاً فإن طلاق الهازل يقع.

- الطلاق المعلق إذا كان المقصود به الطلاق فإنه يقع بلا خلاف وأما المقصود به التهديد فيخرج مخرج اليمين.

- صيغة الطلاق غير الصريحة "الكناية": وألفاظ الكناية في الطلاق هو كل لفظ يستعمل في الطلاق وغيره استتر المراد منه عند السامع فافتقرت إلى النية لتعيين المراد ، والكناية يقع بها الطلاق بالنية.

- طلاق الكناية يقع إذا نواه صاحبه طلقة واحدة على الراجح.

- يشترط لوقوع الطلاق أمران:

الأول: أن يقصد لفظ الطلاق، فلو قصد لفظاً آخر فسبق لسانه إلى لفظ الطلاق لم يقع الطلاق إن قامت قرينة تدل على ذلك، فسبق اللسان إلى لفظ الطلاق لغو لأنه لم يقصد اللفظ لكن يؤاخذ به ولا يُصدَق في دعواه السبق ظاهراً إن لم يكن قرينة لتعلق حق الغير به بخلاف ما إذا كانت قرينة، كأن دعاها بعد طُهرها من الحيض إلى فراشه، وأراد أن يقول: أنت الآن طاهرة، فسبق لسانه وقال: أنت الآن طالقة ولو ظنَت صدقه في دعواه السبق بأمارة فلها مصادقته أي قبول قوله وكذا للشهود الذين سمعوا الطلاق منه وعرفوا صدق دعواه السبق بأمارة أن لا يشهدوا عليه بالطلاق، وكذلك لو سمع لفظ رجل بالطلاق وتحقق أنه سبق لسانه إليه لم يكن له أن يشهد عليه بمطلق الطلاق فإن كان اسمها طالقاً أو طارقاً أو طالباً أو نحوها

ص: 7

من الأسماء التي تقارب حروف طالق فناداها يا طالق طلقت ولكن إن ادعى سبق اللسان إليه من تلك الألفاظ قُبل منه ظاهراً لظهور القرينة.

الثاني: أن يقصد معناه، ومعنى لفظ الطلاق هو حلُّ عقد النكاح والعصمة الزوجية.

وانعدام هذا الشرط إنما يمنع وقوع الطلاق في حالة وجود القرينة الدالة على أن المتلفظ بلفظ الطلاق لم يُرد إيقاع الطلاق، أما إذا لم توجد القرينة فإن الطلاق الصريح واقع ولو ادعى عدم إرادته حلّ عقد النكاح، ولذا فإن من قال لزوجته: أنت طالق، وقال بعد ذلك: إنما كنت مازحاً هازلاً لم يُلتفت إلى قوله، ويكون الطلاق واقعاً.

وقد ذكر العلماء أمثلة على القرينة التي تدعو إلى تصديق الزوج في عدم إرادته للطلاق، من ذلك:

1 -

أن يحكي قول غيره كأن يقول: قال فلان لزوجته أنت طالق، فلا يعتبر الحاكي مطلقاً لزوجته.

2 -

أن يقول الفقيه لطلابه وهو يُعلمهم لفظ الطلاق فيقول: طالق طالق طالق، فلا تطلق زوجة الفقيه لأن القرينة على عدم إرادته معنى الطلاق موجودة.

3 -

أن يكون اسم الزوجة طالق فيقول لها: يا طالق، فإنها لا تطلق؛ إلا إذا أراد بهذا اللفظ حلَّ العصمة الزوجية.

4 -

قول مُعلم التجويد أنت طالق وتكرارها ليُعلَم طلابه بعض أحكام التجويد.

وحاصله أن المطلق إذا ادعى أنه أراد شيئاً في الطلاق، فإن كان هناك قرينة تساعده على دعواه صُدَق في الظاهر وإلا فلا.

- حديث النفس بالطلاق لا يُعتبر طلاقاً.

- من نوى الطلاق ولم يتلفظ به فإنه لا يقع ولو أشار بإصبعه وهذا في حق القادر على الكلام بخلاف الأخرس.

- الطلاق لا يقع ولو نواه بقلبه وأشار بإصبعه حتى يتلفظ به ويتحرك لسانه به ، إلا في إشارة الأخرس بالطلاق إذا كانت مفهومة.

- الوعد بالطلاق لا يقع به الطلاق إلا إذا أنجزه.

ص: 8

- تعليق الطلاق أو الظهار على أمر مستقبل يقصد من ورائه الزجر والمنع أو الحث لا يقع به الطلاق أو الظهار إلا إذا قصدهما ، وذلك كقوله علي الطلاق إن لم تسافري معي وقصده حثها على أن تسافر معه لا طلاقها إذا لم تسافر معه فإنها تسمى يمين طلاق وكفارتها كفارة يمين أو يقول أنت علي كظهر أمي إن لم تسافري معي وقصده أن تسافر معه لا ظهارها إذا لم تسافر معه فإنها تسمى يمين ظهار وكفارتها كفارة يمين.

- من شك في الطلاق أو عدده لم يلزمه ما شك فيه واستصحب العصمة.

- إذا قال الرجل لزوجته أنت طالق ويقصد طلاقها من الوثاق فطلاقه لا يقع ديانةً ولا يقع قضاءً إذا كانت هناك قرينة تدل على صدق ما نوى ، ولكن لو وقع قضاءً فإنه يقع ديانة تبعاً للقضاء.

- من قال لزوجته أنت علي حرام فبحسب النية فقد يكون يميناً وقد يكون ظهاراً وقد يكون طلاقاً ومن قال لزوجته إن فعلت كذا فأنت علي كظهر أمي هذا حكمه حكم اليمين ما لم ينو الظهار.

- من قال لزوجته أنت علي كظهر أمي وأراد بذلك الطلاق لا يقع الطلاق لأنه لفظ صريح في الظهار.

- طلاق الهازل الصريح يقع ديانة وقضاء ، لورود النص الشرعي في ذلك ، ولكن مما يُستأنس به في ذلك ما قاله أحد العلماء (بتصرف يسير مني): المكلَف إذا هزل بالطلاق أو النكاح أو الرجعة لزمه ماهزل به فدل ذلك أن كلام الهازل مُعتبر وإن لم يعتبر كلام النائم والناسي وزائل العقل والمكره والفرق بينهما أن الهازل قاصد للفظ غير مريد لحكمه وذلك ليس إليه فإنما إلى المكلف الأسباب وأما ترتب مسبباتها وأحكامها فهو إلى الشارع قصده المكلف أو لم يقصده والعبرة بقصده السبب اختياراً في حال عقله وتكليفه فإذا قصده رتب الشارع عليه حكمه جدَ بهِ أو هزل وهذا بخلاف النائم والمبرسم (وهو الذي يهذي لعلة في عقله) والمجنون وزائل العقل فإنهم ليس لهم قصد صحيح وليسوا مكلفين فألفاظهم لغو بمنزلة الطفل الذي لا يعقل معناها ولا يقصده.

وسر المسألة: الفرق بين من قصد اللفظ وهو عالم به ولم يرد حكمه وبين من لم يقصد اللفظ ولم يعلم معناه فالمراتب التي اعتبرها الشارع أربعة:

1 -

أن يقصد الحكم ولا يتلفظ به.

2 -

أن لا يقصد اللفظ ولا حكمه.

3 -

أن يقصد اللفظ دون حكمه.

ص: 9