المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مَا لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَأَفْعَالِهِمْ جمع وترتيب: د. - ما له حكم الرفع من أقوال الصحابة وأفعالهم

[محمد بن مطر الزهراني]

الفصل: مَا لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَأَفْعَالِهِمْ جمع وترتيب: د.

مَا لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَأَفْعَالِهِمْ

جمع وترتيب: د. محمَّد بن مطر الزهرانيّ

ال‌

‌مقدّمة:

الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله سيّدنا محمَّد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

فإنَّ فنَّ علوم الحديث بفنونه المختلفة من العلوم التي ابتكرت لخدمة سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذبِّ الكذب عنها. وقد بذل السَّلف رحمهم الله جهوداً عظيمة في حفظ السُّنَّة المطهَّرة قولاً وعملاً، وقد تمثّل ذلك في الآتي:

1 -

الحفظ التَّامّ لألفاظها وحروفها.

2 -

التَّثبُّت في روايتها ونقلها.

3 -

العلم والعمل بها.

4 -

الفقه فيها.

5 -

السَّعي الجادّ لنشرها وتعليمها لجميع الأمَّة حفظاً للدّين وتبليغاً للرسالة.

وإنَّ مما عني به علماء الحديث في علوم الحديث: صيغَ أداء رواية الحديث النَّبويّ وطريقةَ نقله، وقد بلغ بهم التّدقيق في ذلك أن فرَّقوا بين قول الراوي:" حدّثنا "،

ص: 3

وقوله: " أخبرنا "، بل وبين قوله:" حدّثنا " و " حدّثني " و " أخبرنا " و " أخبرني ".

ومما اعتنوا به في هذا المجال: مراتب وصيغ نقل الصَّحابة للسُّنَّة، وقد لخّصها الحافظ مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير (ت 606 هـ) وذلك في مقدّمة كتابه " جامع الأصول " فقال: مراتب الأخبار خمس:

الأولى: وهي أعلاها: أن يقول الصحابيُّ: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا "، أو " حدّثني بكذا "، أو " أخبرني بكذا "، أو " شافهني بكذا "، وكذلك غير الصَّحابيّ من الرواة عمَّن رووا عنه، فهذا لا يتطرّق إليه احتمال، وهو الأصل في الرواية وتبليغ الأخبار.

المرتبة الثانية: أن يقول الصحابيّ: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا "، أو " حدّثنا، أو أخبرنا بكذا "، وكذلك غير الصحابيّ عن شيخه، فهذا ظاهره النّقل وليس نصاًّ صريحاً.

المرتبة الثالثة: أن يقول الراوي: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 4

بكذا "، أو " نهى عن كذا "، فهذا يتطرّق إليه احتمالات ثلاثة:

أحدها: في سماعه.

والثاني: في الأمر، إذ ربّما يرى ما ليس بأمرٍ أمراً، والصحيح أنَّه لا يظنّ بالصحابيّ إطلاق ذلك إذا علم تحقيقاً أنَّه أمر بذلك.

والثالث: احتمال العموم والخصوص، حتى ظنّ قوم إنَّ مطلق هذا يقتضي أمر جميع الأمة

المرتبة الرابعة: أن يقول الراوي: " أُمرنا بكذا، نُهينا عن كذا، أُوجِب علينا كذا، أُبيح لنا كذا، حُظر علينا كذا، من السُّنَّة كذا، السُّنَّة جارية بكذا "، فهذا جميعه في حكم واحد، ويتطرّق إليه الاحتمالات الثلاثة التي تطرّقت إلى المرتبة الثالثة، واحتمال رابع: وهو الآمر، فإنَّه لا يُدرى أنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره من العلماء، وذهب الأكثرون إلى أنَّه لا يحمل إلا على أمر الله، وأمر رسوله، لأنَّه يريد به إثبات شرع وإقامة حجّة.

ص: 5

المرتبة الخامسة: أن يقول الراوي: " كنا نفعل كذا "، وغرضه تعريف الشرع، فإنَّ ظاهره يقتضي إنَّ جميع الصحابة فعلوا ذلك على عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم على وجه ظهر للنبيّ صلى الله عليه وسلم ولم ينكره، لأنَّ تعريف الحكم يقع به.

فإن قال: " كانوا يفعلون كذا " وأضافه إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو دليل على جواز الفعل لإنَّ ذكره في معرض الحجّة يدلّ على أنَّه أراد ما فعله الرسول أو سكت عليه دون ما لم يبلغه. 1

وقد ضمّنتُ بحثي هذا الرتبتين: الرابعة والخامسة مما ذكره ابن الأثير رحمه الله، ثمّ أضفتُ إليها ما شاكلها من الصيغ التي تعدّ من المرفوع حكماً، فجاء البحث في خمسة مباحث، قدّمت لها بهذه المقدِّمة وختمتها بذكر أهمِّ النتائج التي توصّلت إليها في البحث.

1 ملخّصاً من مقدّمة جامع الأصول: (1 / 90-97) .

ص: 6

والخمسة مباحث هي:

المبحث الأوّل: قول الصحابيّ: " كنّا نقول كذا "، أو " نفعل كذا "، أو " نرى كذا ".

المبحث الثاني:قول الصحابيّ:" أُمِرنا بكذا "، أو " نُهِينا عن كذا "، أو " من السُّنَّة كذا ".

المبحث الثالث:قول التابعيّ عند ذكر الصحابيّ:" يبلغ به "، أو " يرفعه "، أو " رفعه "، أو " ينميه "، أو " رواية ".

المبحث الرابع:ما وقف على الصحابيّ مما ليس للرأي فيه مجال.

المبحث الخامس:تفسير الصحابيّ للقرآن.

وختاماً أسأل الله العليّ القدير أن يتقبَّل منِّي عملي هذا، وأن ينفعني به وينفع به إخواني من طلبة العلم، وصلى الله وسلّم على نبينا محمَّدٍ وعلى آله.

وكتبه في:29 / 7 / 1418 هـ

محمَّد بن مطر الزهرانيّ

في المدينة النبويّة حرسها الله

ص: 7