الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدين النصيحة
تحريم المتعة
تابع لما جاء في الجزء العاشر ص 363
الثاني مما استدل به مؤلف الرسالة على ما زعمه من حل المتعة ما رواه البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا شيء فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب ثم قرأ علينا (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) وذكر مؤلف الرسالة غير هذا من الأحاديث التي تقاربه في المعنى وزعم أنها متواترة. . والجواب على ذلك أولاً: أن الأحاديث التي ذكرها ليست متواترة كما ادعى أن للمتوتر شروط لم تتوفر إلا في بعض أحاديث معروفة كما هو مقرر في محلة وليس ما ذكره منها. وثانياً: أن ما نقله عن البخاري من أن ابن مسعود قرأ (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اله لكم) الآية لا يفيده شيئاً إذ الحديث المذكور لم يذكروه في معرض الاستدلال على حل المتعة كما أوهمه صنيع مؤلف الرسالة بل أورده البخاري في باب ما يكره من. . . . . والآية المذكورة إنما وردت في نهي المؤمنين عن الخصاء وعن تحريم ما أحل لهم من الطيبات قال القسطلاني قال الراغب لما ذكر الله تعالى حلال الذين قالوا أنا نصارى ذكر منهم قسيسين ورهباناً فمدحهم بذلك كانت الرهبانية قد حرموا على أنفسهم طيبات ما أحل الله لهم ورأى الله قوماً تشوقوا إلى حالهم وهموا أن يقتدوا بهم فنهاهم عن ذلك.
ثالثاً: إن الأحاديث التي ساقها مؤلف الرسالة لا يصلح له أن يستدل بها على مدعاه لأن غاية ما يفهم منها أن المتعة كانت مباحة في أول افسلام ونحن لا ننكره بل نقول قد نسخ جميع ذلك بما صح عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الشريفة روى مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وأن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً وفي صحيح البخاري في باب نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخراً قال وبينه (أي حكم المتعة) علي عن
لنبي صلى الله عليه وسلم أنه منسوخ وروى مسلم أيضاً عن أبي نصرة قال كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما أه.
وليس لقائل أن يقول أن هذا الحديث مصرح بأن النهي إنما كان من عمر رضي الله عنه لا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنا نقول أن عمر رضي الله عنه لم ينه عن ذلك من تلقاء نفسه بل إنما بين نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة كما جاء في التصريح بذلك في بعض الروايات روى ابن ماجة في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال لما ولي عمر بن الخطاب خطب بالناس فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثاً ثم حرمها والله لا أعلم أحد يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلها بعد إذا حرمها أه.
ويؤيد ذلك ما في صحيح مسلم أيضاً عن سلمة عن أبيه قال رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثاً ثم نهى عنها وفي صحيح مسلم أيضاً عن الربيع بن سبرة أنه قال أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة وذكر الحديث إلى أن قال فمكثت معها ثلاثاً ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان عنده شيء من هذه النساء التي يتمتع بها فليخل سبيلها وفي صحيح مسلم من طريق آخر عن سبرة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً بين الركن والباب وهو يقول بمثل الحديث المتقدم وفي صحي مسلم أيضاً من سند آخر عن سبرة رضي الله عنه قال في آخره فكن معنا ثلاثاً ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفراقهن وفي صحيح مسلم أيضاً عن خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه بينا هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة فأمره بها فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري مهلاً قال ما هي والله لفقد فعلت في عهد إمام المتقين قال ابن أبي عمرة أنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير ثم أحكم الله الدين ونهى عنها أه.
والظاهر أن الرجل الذي أفتى بها في هذا الحديث هو ابن عباس رضي الله عنهما على ما يظهر من تصريح النووي في الكلام على الحديث الذي ذكره مسلم قبل هذا الحديث ويظهر من سكوت ابن عباس كما أفاده الحديث المذكور أنه رضي الله عنه رجع إلى تحريمها
بدليل أنه لم يرد على ابن أبي عمرة كلامه بل سلمه له وفي صحيح مسلم أيضاً ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وقال ألا أنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة أه.
وسنستوفي الكلام على ما بحثه مؤلف الرسالة ونبين أن ما أتى به من التمويه والسفسطة لا يغنيه من الحق شيئاً وإذا جاء الحق زهق الباطل وأن الباطل كان زهوقاً.
(الثالث) وهو آخر الأدلة لمؤلف الرسالة ادعاؤه إجماع المؤمنين قال أنهم أجمعوا على مشروعيتها وإن اختلفوا في نسخها والجواب أن ادعاءه إجماع المسلمين على مشروعيتها غير مسلم إذ لم يقل به أحد ولأن جميع متن نقل الرخصة فيها في أول الإسلام للضرورة قائل بتحريمها إلا ابن عباس في إحدى الروايتين عنه ولا يعقل أن ينسب حلها لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على انفراده فضلاً عن إجماعهم بعد أن صرحوا بتحريمها وبينوا أنها منسوخة بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها آخراً وتحريمها تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة بل إنا نقول قد وقع الإجماع على تحريم المتعة كما نقله غير واحد قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم نقلاً عن القاضي عياض وأقره قد وقع الإجماع على تحريم المتعة من جميع العلماء ولم يخالف ذلك إلا الروافض.
وقال الإمام الزرقاني في شرح الموطأ ما خلاصته أن الخلاف في تحريم المتعة إنما كان في الصدر الأول وأما بعد ذلك فقد وقع الإجماع على تحريمها.
وكذلك نقل الإمام القسطلاني في شرح البخاري في بابنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة أنه وقع الإجماع على تحريمها.
ويؤيد ذلك ما صح عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما أنه رجع عن حلها إلى تحريمها روى الترمذي في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال إنما كانت المتعة في أول الإسلام حتى نزلت الآية (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) قال ابن عباس فكل فرج سواهما فهو حرام أه.
فمن أين لمؤلف الرسالة أن يزعم الإجماع على حلها مع أنه لم ينقل عن أحد أنه قال بذلك لا في الصدر الأول ولا بعده بل ثبت كما بيناه أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا في الصدر الأول مختلفين في تحريم المتعة لأن النسخ حينئذ لم يكن قد بلغ جميعهم وأما بعد
ذلك فقد اشتهر النسخ فيما بينهم ولذلك وقع الإجماع على تحريمها. ومستنده ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تحريم المتعة تحريماً مؤبداً على يوم القيامة فوجب الأخذ به ولا يحل لمؤمن أن يعلو على خلافه.
وقال مؤلف الرسالة أن سهولة الشريعة تقضي بعدم نسخ المتعة لأنها شرعت تسهيلاً على العباد وصيانة لهم عن الزنا ولولا المنع منها ما كانت ديار المومسات مشهورة في مدن الإسلام العظام الخ أه.
ونقول كيف يحل لمؤمن أن يقول هذا بعد ثبوت نهي صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم عن المتعة مع أن النكاح فيه الصيانة عن الزنا والمتعة وهو من أسهل الأمور ومن أعظم الأسباب لحفظ شرف العالم الإنساني وينبني عليه من دعائم العمران وروابط الاجتماع ما لا يوجد في غيره والمتعة لا يقصد بها إلا قضاء الشهوة، فلو بقيت مباحة لضاعت الأنساب وفسدت التربية والأخلاق، فالشريعة المطهرة التي يتوقف عليها انتظام العالم اقتضت نسخ هذا الحكم الذي لو بقي مباحاً لتلاشى بسببه أمر النكاح وتقوض نظام العائلات، وأما فشو الزنا في هذه الأزمنة فليس سببه المنع من المتعة كما زعمه مؤلف الرسالة بل إنما فشا ذلك ونحوه كشرب الخمر من إهمال الحدود التي شرعها الله لحفظ آداب دينه وقمع الأشرار الأراذل عن تلك الأمور المضرة بالعباد والبلاد ولا ينكر هذا إلا مكابر إذا كثير ممن لهم أزواج يأتون هذا المنكر وهم في غنى عنه.
وقد ذكر مؤلف الرسالة بعض الأحاديث الدالة على تحريم المتعة تحريماً مؤبداً وأجاب عليها بما لا يسمن ولا يغني عن جوع وحاول أن يطعن في صحتها فلم يستطع فعمد إلى التدليس والافتراء وتوهم أن هذا الأمر يثبت مزاعمه وهيهات أن يقوى الباطل على مصادمة الحق وها نحن نأتي على تفنيد ما أتى به من الترهات والأكاذيب مؤيدين كلامنا بالبرهين لا بالسفسطات الواهية.
نقل مؤلف الرسالة بعد أن ذكر حديثاً من سنن النسائي أن السندي قال في الحاشية وكأن ابن عباس لم يلتفت إلى النهي يوم خيبر لما ثبت عنده من الرخصة في أيام الفتح. ونقول أن السندي قد استدرك على الجملة المذكورة بقول_لكن قد ثبت النسخ بعد ذلك نسخاً مؤبداً وهذا ظاهر لمن يتتبع الأحاديث أه كلام السندي رحمه الله فنقل بعض الجملة عنه وترك
بعضها الآخر يعد تدليساً في النقل وخيانة في العلم.
ثم بعد أن ساق مؤلف الرسالة جملة من الأحاديث المروية في تحريم المتعة قال ومنها ما رووه عن عمر في تحريمها مع إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبدونه ثم زعم أنه قدج اشتهر عن عمر رضي الله عنه أنه خطب الناس فقال متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أحرمهما الخ. . قال وممن روا الإمام الرازي في تفسيره ثم أجاب مؤلف الرسالة عن الأحاديث التي وردت في التحريم بقوله أما ما أسند فيه التحريم إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم فلا حجة فيه بالاتفاق وأما بقية الأخبار فالجواب عنه:
أولاً: أنها لا تصلح حجة على الشيعة لأنها من طريق أهل السنة.
ثانياً: إنها معارضة بما ورد في صحيح مسلم أن بعض الصحابة استمتع على عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. والقول بأن هذا محمول على أن الذي استمتع في عهدهما لم يبلغه النسخ تكلف غير مسموع فإن مثل ذلك لم يكن ليخفى على مثل جابر وعمروا وهما من أكابر الصحابة وموجودان دائماً في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم وقال عمر إن ابن حصين رضي الله عنه أن الله أنزل في المتعة آية وما نسخها بآية أخرى وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بها وما نهانا عنها ثم قال رجل برأيه ما شاء ثم قال مؤلف الرسالة وفي الروضة عن صحيح الترمذي أن رجلاً من أهل الشام سأل عمر عن متعة النساء فقال هي حلال فقال إن أباك قد نهى عنها فقال ابن عمر أرايت إن كان أبي قد نهى عنها وسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنترك السنة ونتبع قول أبي أه.
وثالثاً: أنها مضطربة متعارضة وتعارضها من وجوه الأول اختلافها في تاريخ الإباحة والنسخ الخ ما قاله.
ونقول: أما ما نقله عن الإمام الرازي في تفسيره فهو كذب وبهتان فإن الرازي رحمه الله لم ينقل عن سيدنا عمر أنه قال أحرمهما بل قال عنه قال أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما أه.
والفرق بين النهي والتحريم ظاهر فإن النهي من غير المشرع صلى الله عليه وسلم إنما يراد به الزجر والكف عن أمر ثبت تحريمه في الدين وليس في الإسلام حكم إلا لله ورسوله كما هو مقرر ومن الغريب أن ينقل مؤلف الرسالة أحاديث من غير مصادرها المعروفة ثم يستدل بها على مزاعمه فإن الفخر الرازي ليس من المحدثين ولم يسند لأحد
منهم. وأما قول مؤلف الرسالة أن الأحاديث التي وردت في التحريم لا تصلح حجة على الشيعة لأنها عن طريق أهل السنة الخ فهو من خرافات الروافض وغلوهم وعجيب من مؤلف الرسالة أن يتفوه بذلك من غير استحياء من الله عز وجل ولا مبالاة بعقابه فإن هذا لكلام مبني على مذهب باطل فاسد قد نقله الألوسي رحمه الله في رسالته المعروفة بالأجوبة العراقية وبين أن القائلين به يلزمهم أن لا يصح لهم دين البتة لأنهم بنو هذا المذهب على أن الصحابة وحاشاهم من ذلك قد ارتدوا كلهم إلا أربعة أو ستة وهم يزعمون أن هؤلاء الأربعة والستة هم المعصومون الذين لا يصح لأحد لأن يحتج إلا بكلامهم وفي ذلك صور صريح لأن الخبر لا يقبل إلا من المعصوم على زعمهم. والعصمة لا تثبت لأحد بعينه إلا بخبر المعصوم فقد توقف قبول الخبر على ثبوت العصمة وثبوت العصمة متوقف على قبول الخبر فلزم الدور وهو باطل وكل ما أدى إلى باطل يكون باطلاً ويحسن بنا في هذا المقام أن ننقل شيئاً مما نقله الشهاب الألوسي في رسالته قال رحمه الله ما خلاصته: أعلم أن أهل السنة إلا من شذ أجمعوا على أن جميع الصحابة عدول يجب على الأمة تعظيمهم فقد أخلصوا الأعمال من الرياء واجتهدوا في الطاعة وغضوا أبصارهم عن الشهوات. ومن ارتكب منهم ما يخالف بعض هذه الأوصاف لم يمت إلا وهو أنقى من ليلة الصدر غير مدنس بوصمة ولا مصر على سيئة. فعدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله تعالى لهم وأخباره عن طهارتهم واختياره لهم ومن سبر الآيات والأخبار والسير والآثار وجد أن الله تعالى قد عدلهم وأعدلهم من الكرامة ما أعد لهم ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى له إلى تعديل أحد من الخلق ولو لم يرد من الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم شيء من ذلك لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد ونصرتهم الإسلام وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع بتعديلهم والاعتقاد بنزاهتهم وهذا مذهب كافة العلماء ممن يعتمد قوله فإذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام حق والقرآن حق وما جاء به حق وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة رضي الله عنهم والمنتقصون لهم يريدون أ، يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وقد ذهبت الشيعة إلى أن أكثر الصحابة غير عدول بل روى سليم بن قيس الهلالي
منهم في كتاب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس عن أمير المؤمنين وعن غير واحد عن الصادق أن الصحابة ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية عن الصادق إلا ستة وسبب ارتدادهم زعمهم تقديمهم أبا بكر رضي الله عنه على علي كرم الله وجهه في الخلافة وزعموا أن الخلافة أخت النبوة ولا فرق بيننا في النبوة عن النبي صلى الله عليه وسلم ونا في الخلافة عن علي كرم الله وجهه من أن كلا منهما كافر وكذا لا فرق بين الإخلال بشأن النبي عليه الصلاة والسلام والإخلال بشأن الأمير كرم الله وجهه في أن كلا منهما كفر وقد جحد الجميع وأخلوا إلا الربعة أو الستة بشأنه رضي الله عنه فكفروا والعياذ بالله تعالى ولا يخفى أن هذا المذهب في غاية البطلان ونهاية الفساد لأنه يلزم عليه عدم إمكان إثبات مطلب ما من المطالب الدينية لأن الأدلة عندهم أربعة كتاب وخبر واجتماع وعقل أما الكتاب فنقلته هم الصحابة المرتدون بزعمهم وحاشاهم وأما الخبر فحاله عندهم أشهر من نار على علم. . تأمل_وهو أيضاً لا بد له من ناقل فهو إما من الشيعة أو من غيرهم ولا اعتبار لغيرهم عندهم أصلاً لأن منتهى وسائطهم في رواياتهم المرتدون على زعمهم وأما الشيعة فيقال لهم كون الخبر حجة أما لأنه قول المعصوم أو وصل بواسطة المعصوم الآخر وعصمة أحد بعينه لا تثبت إلا بخبر لأن الكتاب ساكت على ذلك ومع هذا لا يصح التمسك به والعقل عاجز والمعجزة على تقدير الصدور أيضاً موقوفة على الخبر لأن مشاهدي التحدي ورؤية المعجزة لم تتيسر للكل والإجماع إنما يكون أيضاً حجة بدخول المعصوم مع أن في نقل إجماع الغائبين لا بد من الخبر وفي إثبات عصمة رجل بعينه بخبره أو بخبر المعصوم الآخر الذي وصل الخبر بواسطته دور صريح وأيضاً كون الخبر حجة متوقف على نبوة نبي أو إمامة إمام وإذا لم يثبت بعد أصله كيف يثبت هو والتواتر ساقط عن حيز الاعتبار عندهم وخبر الآحاد غير معتبر في هذه المطالب بالإجماع وأما الإجماع فبطلانه أظهر لأنه ثبوته فرع ثبوت الشرع وإذا لم يثبت الأصل لا يثبت الفرع وأيضاً كون الإجماع حجة عندهم ليس بالأصالة بل لكون قول المعصوم في ضمنه وثبوت المعصوم قد علم حاله وأيضاً دخول المعصوم في الإجماع لا يثبت إلا بالخبر وقد مر آنفاً ما فيه. وأما العقل فالتمسك به إما في الشرعيات أو في غيرها أما في الشرعيات فيرجع الأمر إلى القياس وهم لا يقولون حجيته وأما في غيرها فيتوقف تجريده من شوائب
الوهم والألف والعادة والاحتراز على الخطأ في الترتيب ونحو والعلم بخلوصه مما يخل يتوقف على مرشد معصوم كنبي وإمام يحكم بذلك ولا يمكن أن يكون الحاكم العقل إذ يعود لكلام في خلوص حكمه عما ذكر على أن الكلام في الأمور الدينية لا غير والعقل الصرف عاجز عن معرفتها تفصيلاً نعم يمكن للعقل ذلك إذا كان مستمداً من الشريعة كأن يكون أصل الحكم مأخوذاً من الشارع فحينئذ يقاس عليه ولما كان القياس باطلاً عند هذه الفرقة تعذرت تلك المعرفة وبطل حكم العقل وقد يقال أنهم لو التزموا صحة القياس لا يجديهم نفعاً لأنه يبقى الكلام في طريق ثبوت الحكم في الأصل المقيس عليه وقد انسد عليهم كل طريق كما لا يخفى والحاصل أن القول بارتداد كل الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أربعة أو ستة مع ما ورد فيهم وعنهم ولهم مما لا يقدم عليه أحد ممن يؤمن بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم واليوم الآخر ولشناعة هذا القول وبطلانه عدل عنه بعض الشيعة زاعماً ارتداد كبار الصحابة وعلمائهم فقط كأبي بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله تعالى عنهما ولا يخفى أنه من البطلان بمكان أيضاً لما فيه من تكذيب الآيات الدالة على أنهم أفضل المؤمنين وأنه سبحانه قد رضي عنهم وقد رضوا عنه ومنزلة الرضا غاية قصد العابدين والحق الحقيق بالقبول أن القوم رضي الله عنهم كانوا على غاية من الكمال والاتباع لسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ويشهد لذلك حسن معاملة الأمير كرم الله وجهه للخليفتين الأولين والامتثال لأمرهما والنصح لهما والأدب معهما والصلاة وراءهما والثناء عليهما والرضا عنهما في حياتهما وبعد موتهما فقد روى الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة الشيعي في آخر كتابه طوق الحمامة في مباحث الإمامة عن سويد بن غفلة أنه قال مررت بقوم ينتقصون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فأخبرت علياً كرم الله وجهه وقلت لولا أنهم يرونك تضمر ما أعلنوا ما اجترؤا على ذلك فقال نعوذ بالله سبحانه من ذلك رحمهما الله تعالى ثم نهض وأخذ بيدي وأدخلني المسجد فصعد المنبر ثم قبض على لحيته فجعلت دموعه تتحدر عليها وجعل ينظر للبقاع حتى اجتمع الناس ثم خطب فقال ما بال أقوام يذكرون أخوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيريه وصاحبيه وسيدي قريش وأبوي المسلمين وأنا بريء مما يذكرون وعليه معاقب صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم للوفاء والجد في أمر الله تعالى يأمران وينهيان
ويعاقبان لا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم كرأيهما رأياً ولا يحب كحبهما حباً لما يرى في عزمهما في الله عز وجل فقبض وهو عنهما راض والمسلمون راضون فما تجاوزا في أمرهما وسيرتهما رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره في حياته وبعد موته فقبضا على ذلك رحمهما الله تعالى فوالله الذي خلق الحب وبرأ النسمة لا يحبهما غلا مؤمن فاضل ولا يبغضهما إلا شقي مارق وحبهما قرب وبغضهما مود إلى آخر الحديث وفي رواية لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل فانظر وفقك الله تعالى هذا المدح العظيم من الأمير كرم الله وجهه على منبر الكوفة ومقر الخلافة الذي يجعل التقية كرماد اشتدت به الريح هل يبقى معه القول بارتدادهما والعياذ بالله تعالى وارتداد أتباعهما سبحانك هذا بهتان عظيم أه ما أردنا نقله من رسالة الألوسي وفيه البلاغ للمنصف الذي لا يتعصب لغير الحق وأما قول مؤلف الرسالة أن أحاديث التحريم معارضة بما في صحي مسلم من تمتع جابر رضي الله عنه على عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فنجيب عنه بما قاله محققوا علماء السنة من أن فاعل ذلك محمول فعله على عدم علمه بالنسخ ويؤيده التصريخ في الرواية المذكورة في صحيح مسلم أن جابراً رضي الله عنه قال كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق للأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر حتى نهى عنهما عمر في شأن عمر وبن حريث وفي رواية أن جابراً رضي الله عنه أتاه آت فقال ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما أه.
وجابر رضي الله عنه أجل من أن يسمع ذلك من عمر رضي الله عنه ثم يقره عليه من غير أن يكون علم يومئذ أن نكاح المتعة ثبت نسخه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصريح جابر بعدم عودته للمتعة دليل واضح لما ذكرنا والصحابة والذين رووا التحريم عن رسول الله كانوا كثيري الملازمة له عليه الصلاة والسلام. على أن من حفظ حجة على من لم يحفظ لتقدم المثبت على النافي كما هو مقرر ونحن لا نسلم أن جابراً وعمراً كانا موجودين دائماً في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم إذ هذه الجملة قضية دائمة مطلقة وهي لا تصح إلا بعد تحقق ثبوت المحمول للموضع ما دامت ذات الموضوع. ومن البديهي أن جابراً وعمراً كانا ينصرفان عنه وقت النوم والأكل ونحو ذلك بل من أين لمؤلف الرسالة
أن يثبت وجودهما في جميع المواطن التي كان صلى الله عليه وسلم يقيم بها والغزوات التي سافر فيها.
وأما ما نقله عن الفخر الرازي أنه روى عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه قال أن الله أنزل في المتعة آية وما نسخها الخ فإنا لم نجده في شيء من كتب الحديث المعروفة والفخر ليس من المحدثين كما قدمنا بل الذي ثبت في صحيح مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه قال نزلت آية المتعة في كتاب الله يعني متعة الحج وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم ينزل آية تنسخ آية متعة الحج. الحديث. فأنت ترى أن الحديث المذكور فيه التصريح بأن ذلك إنما هو متعة الحج لا في متعة النساء. وبينهما فرق ظاهر. وسيأتي الكلام على ما يتعلق بهذا الحديث من أحكام متعة الحج.