الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقتبس والمومسات
كتب بعض المتفرنجين الذين طبع الله على قلوبهم، يطلب من حكومة دمشق إرجاع المومسات إلى محالهن أو إنشاء بيوت لهن تباع فيها الفروج بيع السلعات وتنتهك فيها حرمات الله جهازاً في بلاد المسلمين فكتبت الحقائق مقالة مسهبة بينت فيها ضرر الزنا بالأخلاق والآداب والعمران وأن الإسلام وجميع الشرائع حرمته وزادت في عقوبات مرتكبيه وحثت الدمشقيين على مطالبة الحكومة بالقضاء على هذه الفاحشة بما يخولها إياه القانون وتراه مناسباً وكرت على المتفرنجين الذين لا يقنعون بالأدلة الدينية مخاطبة لهم بما معناه أنكم تدعون إلى تقليد الغربيين في جميع مناحيهم فهلا دعوتم إلى تقليد إنكلترا في منع محلات الفحش بدلاً من أن تطلبوا من الحكومة وهي إسلامية بنص القانون الأساسي بإرجاع المومسات إلى محالهن أو إنشاء بيوت خاصة لهن ونقلت عن مجلة الهلال لصاحبها الشهير جرجي زيدان أن انكلترا ليس عندها محال عامة رسمية للبغاء إلى آخر ما كتبت الحقائق فراجعه فإنه ينبغي لكل مسلم الاطلاع عليه.
صدرت الحقائق فكان للمقالة وقع حسن عند جميع المتدينين وقدروها حق قدرها وشكروا عناية أصحاب المجلة بهذه المسألة الخطيرة كما أن صاحب المقتبس استاء منها شأنه في الأمور التي يدعو إليها لدين فكتب مقالة في المقتبس عدد 722 حشر فيها لطعن والبذاءة ما ننزه قلمنا عن الرد عليه ظاناً أنه يؤثر بذلك على عزائمنا وفاته أننا قوم نرى الموت في سبيل الدين والرقي حياة وها نحن نعود إلى بيان ضرر هذا المحل (المرقص) والنفع الذي حصل من إبطاله فنقول:
فوائد إبطال المرقص
لو لم يكن من إبطال هذا المحل فائدة إلا ما حدث من توبة كثير من المومسات من هذه الخطيئة الشنيعة التي تستوجب غضب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لكفى ذلك فضلاً فهنيئاً لك أيها الوالي الصالح وهنيئاً لكم ايها الساعون بإخراجهن فقد نلتم رضا الله ورضاء عموم أهل الدين والعرض قال عليه الصلاة والسلام لأن يهدي الله بك رجلاًَ واحداً خير لك من حمر النعم لو لم يكن من إبطال هذا المحل فائدة إلا انقطاع تجدد المومسات وخروج بعض النساء على أهلهن ودخولهن إلى هذا المحل لتقهر المرأة زوجها وأخيها وعمها
وتتخلص من حكمهم على زعمها وبذلك تصير سبب الشقاء لأهلها وأمتها ونفسها لكفى. وهنا مجال لأن نسأل من يريد إبقاء محال الزنا إذا كان المرقص موجوداً وأراد حرمه الطاهر (لا سمح الله) أن يدخل في سلكه فماذا يعمل؟.
لو لم يكن من إبطال هذا المحل فائدة إلا حفظ أخلاق الشبان ودينهم وتزوج من كان يكتفي بدخوله إلى هذا المحل المشؤوم لكفى وأما مضاره الناشئة عن وجوده فواضحة جلية لمن له قلب.
مضار وجود المرقص
منها فشو الفحشاء وفساد الأخلاق وشبوع الدياثة والقيادة والسكون إلى اللهو والخلاعة وغير ذلك مما أودى بكثير من الدول كما دلنا التاريخ على ذلك ومنها إضراره بالصحة العامة فإن أكثر المومسات مصابات بالداء الزهري فيأتي من شملته التعاسة ليقضي شهوته وينال اللذة على زعمه الفاسد فيخرج وقد حمل الشقاء إلى بنيه وأهله وأمته وحمل لهم داء عضالاً يثنون منه مدى حياتهم وينتقل في أعقابهم وذرياتهم.
ومنها أن بيوت المرقص هي ملك لبعض الخاطئات جعلنها معاشاً فتراهن يستغوين النساء ويرغبنهن بهذا الأمر الشنيع وحدثنا بعض من له علم بحقيقة الأمر أنمه يعلم كثيراً من المومسات قد التحقن بالمرقص (لأمور طفيفة) مثلاً تطلب المرأة من زوجها حلياً أو مصاغاً أو ثياباًَ ثمينة فيمنعه فقره من القيام بما تطلبه فتذهب إلى المرقص فتجد من هذه المالكات المتجرات بالأعراض وجوهاً باسمة وصدوراً رحبة فيعطينها بيتاً ويلبسنها ثياباً وحلياً ويكتبن بذلك سنداً عليها فتصبح شقية تعيسة تكدح بعرضها لتقوم بما كتب عليها فهل بعد هذا يقال أن المرقص سياج الحرائر والحال أنه سبب فسادهن ثم قال المخبر فهؤلاء المتجرات هن اللواتي يعجزن الحكومة اليوم ويطلبن الرجوع إلى محلهن ويدعين أنهن بائسات فقيرات فيجدر بالحكومة أن تحقق عنهن.
هذه أدلة اجتماعية عمرانية تحكم بها المشاهدة فيجب أن يقنع بها المتفرنجون الذين أعماهم جهلهم عن حسنات الدين وكونه نافعاً للبشر ونراها كافية لمن يريد أن يعتبر أما عمي البصائر فلا يقنعهم شيء.
بقي علينا أن نبين للمتدينين ما يلحقهم من التبعات والآثام إزاء دينهم إذا رضوا بإرجاعهن
إلى محالهن أو إسكانهن في محل آخر.
إن الزنا مما علم تحريمه في الدين بالضرورة فإتيانه حرام والرضى به حرام عليه حرام ثبت بالأدلة الواضحة المسندة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما ادعاء حدوث الضرر من إخراج المومسات من محالهن لأنهن قد اختلطن بالحرائر وكثر فسادهن فهو على فرض تسليمه يجب تلافيه بالطرق المشروعة القانونية لا بإرجاعهن أو باسكانهن في محل آخر على أنا قد كفينا والحمد لله أمر غالبهن فإن كثيراً منهن قد قدمنا وكثيراً منهن قد سافرن إلى بلاد أخرى وطبقات الحكومة قانون المتشردين على بعضهن أما الباقيات فيكفيهن أثل عناية بأمرهن ليخرجن من هذا الشقاء.
هذا ما أردنا أن ننصح به أخواننا الدمشقيين ليكونوا على حذر ممن يريد السوء بهذا البلد الطيب ويكفي في الفرق بيننا وبين المتفرنجين أنهم يدعون إلى الزنا ونصد عنه ويريدون شيوع الفحش بين المسلمين وننفر عنه (ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا).