الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقول العلماء في التمثيل
2
تحت هذا العنوان ننشر ما يرد إلينا من أقوال علماء الإسلام وفتاويهم في سائر الأقطار ليظهر حكم الله تعالى في هذه المسألة الخطيرة.
الجواب الثالث للأستاذ العلامة المحقق صاحب الفضيلة الشيخ مصطفى
(أفندي نجا مفتي بيروت حالاً)
وصلني الجزء الثاني من المجلد الثاني من مجلة الحقائق الغراء ولما تلوته واطلعت على السؤَال الذي أدرج فيه بخصوص تمثيل رواية زهير الأندلسي وما فاه به ذلك الخطيب ندبت السلف، وأسفت على الخلف، وأثنيت على فضيلة الأستاذ الكامل الشيخ حسن أفندي الأسطواني الذي أدى النصيحة الواجبة وبين الحق للناس في خطبته الجليلة كما شكرت حمية العلماء الأكارم أصحاب مجلة الحقائق الذين لا تأْخذهم في الله لومة لائم وهذا جوابي على السؤال المذكور.
الحمد لله تعالى
الحق أن التمثيل لايخلو عن المنكرات وحيث كان مشتملاً على شيء منها فلا يجوز النظر إليه خصوصاً عند عدم أمن الفتنة بالنظر إلى المرد الممثلين فيحجب اجتنابه والامتناع من حضوره كما يجب النهي عنه على كل ذي قدرة والظاهر أن تمثيل الروايات الأدبية إذا روعي فيه عدم المحظور ولم يترتب عليه مفسدة لابأس به وإلا فهو ممنوع ولو فرضنا أن فيه مصلحة لأن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح وقد قال العلماء من علم وقوع شيء من الشر ولو في خير يريد فعله تعين عليه أن يجتنب فعل ذلك الخير وإلا فهو عاصٍ آثم.
أما تفسير القرآن بالرأي فهو حرام لقوله عليه الصلاة والسلام من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار رواه أبو داوود والترمذي وحسنه وله طرق متعددة وأما ظهور الغلمان المرد على الصورة التي ذكرت في السؤال فليس من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال وكذلك التخنث والتشبه بالمخنثين والإفرنج في لبس البرنيطة وكل ذلك محظور شرعاً.
والطبع سراق فإن ير صالحاً
…
يصلح وإن ألف الفساد تفسدا
ولاشك أن الولد الذي يتربى بمثل هذه التربية يكون بلية على نفسه وعلى الأمة فعلى الآباء أن يجتنبوا هذا الخطر ويصونوا أبنائهم عن الضرر ويحسنوا إليهم بالتربية على ما يرضى الله تعالى إن الله يحب المحسنين. وليعلموا أن الشريعة الإسلاميّة قد جاءَت بأفضل الآداب وأكمل الأخلاق على الإطلاق فآدابها هي الآداب الحقيقية وتهذيبها هو التهذيب الصحيح لمن أراد سعادة الدارين.
وبالجملة فإنَّ الاعتبار هو الاتعاظ أمرنا الله به في قوله تعالى (فاعتبروا يا أولي الأبصار) لنجتنب ما نهى عنه ونبتعد عن المعاصي. والمعنى فاتعظوا بما جرى على بني النضير من الأمور الهائلة فلا تغدروا ولا تعتمدوا على غير الله عز وجل فهو أمر بالطاعة والتمثيل ليس بطاعة فكيف يكون فرضاً جاء به القرآن وأما تفسير الاعتبار به فهم باطل ومخالف لمذاهب الصحابة الكرام الذين شاهدوا التنزيل والوحي فمن اتبع هواه في تفسير الكتاب العزيز وعدل عن تفسيرهم كان مخطئاً بل مبتدعاً لأنهم كانوا أعلم الناس بتفسير القرآن ومعانيه كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم والله الموفق الهادي إلى سواء السبيل.
محل الختم
مصطفى نجا
الجواب الرابع للعالم العلامة التقي الورع صاحب الإمضاء
الحمد لله العليم الوهاب، الموفق لأتباع الحق وطريق الصواب، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل من أوتي الحكمة وفصل الخطاب، وعلى الآل والعترة والأصحاب. أما بعد فقد سئلت عن حكم الرواية المشتملة على الأوصاف المبينة في السؤال المدرج في مجلة (الحقائق) في العدد الثاني من السنة الثانية فأقول في الجواب على مقتضى نص السؤال لأني لم أحضر تلك الرواية أن تلك الرواية مشتملة على مفاسد حرمتها ظاهرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لايعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأَ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام وهذا الحديث الشريف كاف في الجواب كيف لا وهو أحد الأحاديث الأربعة التي عليها مدار الإسلام ومع ذلك
نزيد الجواب توضيحاً فنقول أن التخنث الذي اشتملت عليه الرواية كما ذكره السائل حرام قطعاً بل عده ابن حجر في الزواجر من الكبائر لما رواه البخاري وأبو داود والترمذي عن ابن عباس رضي الله تعلى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وأما التزي بزي إفرنجة الإسبانيين بلبس القبعة البرنيطة فقد قال في مجمع الأنهر مانصه ويكفر بوضع قلنسوة المجوسي على رأسه على الصحيح إلا لتخليص الأسير أو لضرورة دفع الحر والبرد عند البعض وقيل أن قصد به التشبيه يكفر ثم أن الرواية هي محاكاة فعل الغير وكل ذي مرؤة وشهامة يكره من غيره محاكاة فعله وتقليده سيما على وجه قبيح شرعاً فقد انطبق عليها حد الغيبة قال في الدر المختار وكما تكون الغيبة باللسان تكون أيضاً بالفعل ومن ذلك المحاكاة كأن يمشي متعارجاً أو كما يمشي فهو غيبة بل أقبح لأنه أعظم في التصوير والتفهيم إذا علم هذا فيتحتم منع هذا التمثيل والحضور فيه سيما وأنه يدعو للميل إلى المرد خصوصاً في هذا الزمان الفاسد، الذي عمت وطمت فيه المفاسد، ومن أجل ذلك كره الفقهاء إمامة الأمرد الصبيح وأما ما ادعاه البعض وأطال فيه من مدح التمثيل وبالغ فيه حتى قال أنه ورد في القرآن العظيم والحديث الشريف الحث عليه واستشهد لذلك بقوله تعالى فاعتبروا يا أولي الأبصار وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق فقد حمل القرآن والحديث على غير محملهما فإنَّ المراد من هذه الآية الشريفة الاعتبار فيما نزل في الكفار وبالسبب الذي استحقوا به ذلك. وقال الأصوليون في الآية دليل على جواز القياس الذي هو إلحاق فرع لم ينص عليه بأصل منصوص عليه لا بالتمثيل المحرم وأما حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق فالمراد منها أخلاقه وخصاله وآدابه التي كان عليها صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى آله وسلم رزقنا الله التخلق والتأدب بها آمين.
يحيى القلعي
الجواب الخامس بقلم العلامة المحقق المفضال صاحب الإمضاء
باسمك اللهم وبحمدك، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسولك وعبدك، وعلى آله وأصحابه الفائزين بأسمى قسم من ثوابك ووعدك، أما بعد فلما رأيت البحث عن التمثيل بين أهل العلم جارياً عنَّ لي أن أكتب ما يتيسر لي فيه سائلاً من الله تعالى الإعانة على
الحق وأتباعه إنه خير مسؤول ومعين.
التمثيل (ويسمى رواية وكوميدة) هو لغة مصدر لمثل من باب التفعيل أي شبه الشيء بغيره عبارة اللسان مثل الشيء بالشيء سواه وشبهه به وجعله مثله وعلى مثاله وفي اصطلاح الممثلين اليوم هو تشبيه جمع من الموجودين بجمع من الماضي في أقوالهم وأفعالهم وألبستهم وقيامهم وقعودهم واجتماعهم وتفرقهم والتسمي بأسمائهم وكناهم وألقابهم والاتصاف بأوصافهم وفي مناصبهم من سلطنة ووزارة وغير ذلك لإظهار ما كان عليه المشبه به وإفهامه للحاضرين من اقتدار واستعداد واستقامة وعدمها ومن خداع ومكر واحتيال وخيانة وسوء استعمال وانهماك في اللذات وتماد في المخالفات وعكوف على الشراب وتعشق للكعاب وكيفية التحيل على وصالهن وغير ذلك من المفاسد التي لاتحصى وتبث بذور الفساد في نفوس الحاضرين خصوصاً الأحداث فهذا التمثيل المذكور محرم شرعاً شديد التحريم من وجوده لأن فيه سباً ولعناً ومنابزة وغيبة وتبذيراً أما تحريمه من حيث السب فلقوله صلى الله عليه وسلم من حديث رواه البخاري ومسلم. سباب المسلم فسوق. وأما تحريمه من حيث اللعن صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم أيضاً. لعن المؤمن كقتله.
وأما تحريمه من حيث السخرية واللمز والمنابزة فلقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنَّ خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) وأما تحريمه من حيث الغيبة فلقوله تعالى (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً) الآية. وضابط الغيبة كما قاله النووي رحمه الله تعالى. ما أفهمت بع غيرك نقصان مسلم فهو غيبة محرمة ومن ذلك المحاكاة بأن يمشي متعارجاً ومطاطئاً أو على غير ذلك مريداً حكاية هيئة من ينتقضه بذلك فكل ذلك حرام بلا خلاف وأما تحريمه من حيث أنه يحمل على التبذير. فللنهي عنه في الآية الكريمة قال تعالى (ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا أخوان الشياطين) والتبذير الإنفاق في غير طاعة الله وهذا فيما إذا لم يكن فيه تشبه الرجال بالنساء أو النساء بالرجال ولم يكن فيه مرد ذوو جمال بألبسة وهيئات يزيد بها حسنهم وجمالهم ولم يكن فيه آلات لهو وطرب ولم يكن فيه هيئة اجتماع الشربة ولا غير ذلك مما
هو ظاهر التحريم وأما مع واحد من هذه الأشياء فيشتد التحريم والإثم ويعظم الفساد والجرم.
فنسأل الله تعالى أن يسلك بنا سبيل الحق والرشاد ويحفظنا من البدع والزيغ والزلل والعناد آمين.
دمشق
أحمد الجوبري
خطبة ألقاها العلامة الفاضل أحد خطباء الجامع الأموي الشيخ
(حسن أفندي الأسطواني في تحريم التمثيل)
قال بعد فاتحة الخطبة
أيها الناس قد التبست البدعة بالسنة واختلط الأمر وصار القابض على دينه كالقابض على الجمر ومظهر الحق ماله من ظهير ولا ناصر ولم يخش ذو منكر من منكر ولا زاجر والتبس الحرام بالحلال وأصبحت مدارس الدين والعلم مراسح لبث الفساد والضلال مدارس أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال لا لاستعمال التخنث واجتماع العناصر المختلفة الأشكال أما كفاهم هتكوا حرمة المدارس فأخرجوها عن صورة المعاهد والمعابد وأجروا فيها التشخيص والتمثيل والروايات زاعمين أن ذلك أمر جاء في الحديث ووارد في محكم الآيات فيا أيها الموحدون ما هذه البدع الفظيعة ما هذه الفتن الشنيعة نهيء المرد والغلمان والأطفال لتتكسر وتتلوى أمام الشباب والرجال ونعد ذلك من مكارم الأخلاق التي جاء لإتمامها رسول الملك الخلاق فيا أرباب الدين مالكم سكوت لا تتكلمون ويا أمناء الشرع أما عندكم نص يكذب مابه يفترون فالمنكرات في هذا الزمان غير منكره والمحرمات فيه شائعة ظاهرة غير مستنكرة فإنّا لله وإنا إليه راجعون فالحذر الحذر عباد الله من هذه المنكرات الذميمة والابتعاد الابتعاد عن هذه المدارس التي تفسد الأخلاق أولي الفطر السليمة فصونوا أولادكم قبل أن يحاسبكم الله إن فرطتم في أبناؤكم فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته وكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه فيجب على ولاة الأمور أن يردعوا أولئك المبتدعة ضعيفة الإيمان عن إجراء أمثال هذه المنكرات.
الجواب السادس للعلامة المدقق الورع صاحب الإمضاء
الحمد لله ملهم الصواب، والصلاة والسلام على من أوتي الحكمة وفصل الخطاب، وعلى آله وأصحابه الأنجاب، وسلم تسليماً. أما بعد فقد اطلعت في الجزء الثالث من مجلة الحقائق الغراء على النقول المتضمنة تحريم التمثيل (الرواية) للعلامتين المحققين الأستاذ الشيخ عارف أفندي المنير والأستاذ محمد أفندي القاسمي الحلاق فوجدتها وافية بالمراد، دافعة للأيراد، واقعة موقع السداد، كافية لمن تدبر وأراد، شافية لوغر الصدور من الفساد، فأسأله تبارك وتعالى أن يجعلني والمسلمين ممن وفقه إلى الرشاد، سبحانه من إله له المبدأ والمعاد.
دمشق
محمد نجيب كيوان
الجواب السابع للعالم العلامة القدوة صاحب الإمضاء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أيد هذا الدين بالآيات البينات، وقيض له رجالاً من هذه الأمة في كل زمان لإزالة مايورده الملحدون من الشبهات. حتى ظهر للعالمين ظهور الشمس البهية. وتحقق قوله صلى الله عليه وسلم تركتكم على بيضاء نقية. والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبشر به الكتب السماوية. وعلى آله وصحبه ذوي العقول الراجحة والنفوس الزكية. أما بعد فأقول وأنا أحقر الورى وكثير الزلات بينما كنت أطالع الجزء الثاني من مجلة (الحقائق) الغراء إذ وجدت سؤالأً بإمضاء ي. ص عن التمثيل هل هو جائز أو محظور وطلب السائل الجواب من العلماء المحققين وأوضح ما رآه في بعض المدارس من شيخها وتلامذته في هذا الشأن. مما يخالف صريح السنة والقرآن. فقد صرحوا بأن هذه الهذيانات واجبة بنص القرآن العظيم والسنة المطهرة ولما رأيت ذلك أخذني من الأسف والحزن الجسيم. ما الله تعالى به عليم. وعزمت أن أكتب دواباً يدحض شبهتهم. ويزيف أباطيلهم مؤيداً بالآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة القويمة. ثم وجدت العالمين الجليلين صاحبي الفضل والفضيلة. الأستاذ العلامة الشهير الشيح عارف أفندي المنير. والأستاذ العلامة
الشيخ محمد أفندي القاسمي قد أجابا عن ذلك في الجزء الثالث من المجلة المذكورة مستدلين بالآيات الصريحة. والأحاديث الصحيحة. وأوضحا وبينا أوضح البيان. فاكتفيت بجوابهما عن الجواب. ووجدت تطفلي بعدهما إنما هو تكرار وإسهاب. على أنه لو لم يكن في هذا التمثيل المسمى بالرواية من المفاسد إلا الغيبة التي هي من الكبائر كما جنح إليه الإمام ابن حجر في الزواجر لكفى في تحريمه. وهذا بقطع النظر عما يحتوي عليه من الفظائع التي يأباها الشرع المحمدي ثم لم يكتف الممثلون بإجراء هذه المحرمات حتى جعلوها من الواجبات. ولم يشعروا بأن استحلال الحرام من المكفرات. فنسأل الله العظيم أن يوقظنا وإياهم من هذه الغفلات. مع الإخلاص في القول والعمل. وينجينا من شهوات أنفسنا والتنافس والزلل لنرى وجه الحق راضياً يبتسم. وطائر الفلاح على غصنه يترنم. ونأوى إلى ربوة ذات قرار ومعين. بها أتباع الكتاب والسنة وعلمائنا الأساطين. ونعتصم بمعصم الشريعة المسور وروضها المخضل المنور. بلغنا الله السعادة. وختم لنا بخاتمة الحسنى وزيادة بجاه سيد الأنام ومن للأنبياء والرسل ختام.
دمشق (محمد راغب السادات)