المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌شيء عن المرأة

‌شيء عن المرأة

لحضرة الباحث الأديب صاحب الإمضاء

تبارت الأقلام باسم الله مجراها في أنهار لجرائد ناحية نحو مستقبل المرأة في هذه البلاد والبحث جليل لأن النساء نصف الهيئة الاجتماعية ورقيهن مقدمة ببلوغ الرجال الشأو الذي تشرأب غليه أعناقهم وهو شأن لا أدعي أنهم لا يصلون إليه قبل أن ترقى المرأة المكانة التي نطلبها لها ولكنه غير قريب المنال ذلك لأن التربية الأولى إذا أحسنت أثبتت في النفوس قوة الإرادة وشجاعة القلب التي تورث الإقدام وبثت فيها الآداب التي يستعين بها المرء على الصعاب وهيأتها لتعلم العلوم والفنون التي نرى الميول إليها ضعيفة ومكنت منها حب العمل الذي لا تقوم لأمة أو فرد قائمة إلا به.

وكل هذه مزايا لا خلاف في أن تعود المر إياها في سنيه الأولى يجعل فوائدها مضاعفة محققة في جميع أدوار الحياة والمرأة في العالم بأسره هي التي تتولى شؤون تلك السنين الأولى فهي أم ومعلم ومؤدب معاً ويا ويح الابن التلميذ المتأدب إذا لم يتوله كفء لهذه الوظائف الثلاث جميعاً.

فالبحث الذي نريد أن نخوض فيه مقصود به الوصول إلى نتيجة تضمن لنا هذه الكفاءة وقد نرى الرجل في أدوار حياته فنجده لا يستفيد في الدور الأول الفوائد التي لو كانت للمرأة كفاءة في وظائفها هذه لجمع منها شيئاً كثيراً فإنه يعاني الآلام في تحصيله بالتجارب التي لا بد منها لمن يريد التحصيل.

فيستقيم تارة في سبيله ويضل أخرى وربما انتهى أمره إلى ما يلزمه الحزن الدائم أو الصغار من ضعف الشأن واليأس أو الرضا بما يصير إليه.

فلا نجد بداً من البدء بتربية المرأة تربية تصلح بها لأن تكون أماً ومعلمة ومهذبة لأبنائها لأن هذه الوسائل هي الضرورية ولا أراها داخلة ضمن مسألة الحجاب والسفور التي ملأ الكتاب البلد حديثاً عنها وجدالاً فيها وكأنهم لا ينظرون إلى ماضي الشرقيات وحاضر الغربيات ليعرفوا أن الحجاب الذي شرعه الإسلام غير هذا الحجاب وأن السفور في أوروبا قد رفع القوم ل ما علا منه صياحهم وحملهم من أمرهم نصباً كثرت منه شكاياتهم.

كان النساء في صدر الإسلام متحجبات وكان لهن شأن غير شأن نساء اليوم.

وقد كانت لهن مواقف صدق في تقويم أود الرجال كما نعلم من تعرض إحداهن لأبي

ص: 18

محجن الشاعر الشهير وهو راجع عن الحرب بعد الانتصار تعيره بالفرار وتحثه على العودة إلى الميدان لظنها أنه مخذول.

وإن الذي حفظه التاريخ للمرأة في العصور الأولى خير مدافع عن الحجاب وهذه هي كتب الأدب والمعارف مشحونة بالرواية عنهن فأي ضير كان عليهن من الحجاب؟!!

الحجاب في الحقيقة ومراد الشارع امتناع عن اجتماع المرأة بغريب إلا مع قريب أو جماعة تؤمن مع وجودها الفتنة وستر الأعضاء التي يشتغل الفكر عند النظر إليها بالهوى فهو مفيد ضروري لا ضرر فيه.

فالذي على أعداء الحجاب أن يتأملوا في حقيقته لعلهم يطلبون رده إليها وأن يذودوا عن أذهانهم فكرة السفور.

فإن السفور هو الذي دفع الغربيات إلى مزاحمة الرجل في المصانع والمتاجر وهو الذي أشقى البائسات منهن فتدهورن في حضيض الفاقة وبؤرة العار وهو الذي روج سوق اتخاذ الخليلات الذي تصرخ منه فرنسا لقلة النسل اليوم.

وسيقع غير فرنسا في الذي وقعت هي فيه: ولولا السفور لما رأينا المطالبات بحقوق الانتخاب ولما خطر ببالنا أنه يجوز أن يطلبن في المستقبل تقلد الوظائف الكبيرة في الحكومة بعد ما هو حاصل الآن من تقلدهن وظائف في الشركات والمصارف ونحوها وسيبالغن في هذه الأمور مبالغة وخيمة العاقبة لأنها انصراف عن العناية بتربية أبنائهن وبناتهن.

وإن هذا الإهمال قد يجر إلى أن يخلف العالم عالم جديد فاسد التربية جاهل وذلك في المستقبل القريب أو البعيد فلم لا يفكرون في عواقب السفور من حيث هذه الأمور ولم يطلبونه لمجرد ظنهم أنه يمكن المرأة من الاختلاء بالرجل والتعامل معه؟؟

إني لست ممن يرون حجة واحدة لطلاب السفور فكل الذي يوردونه سفسطة ولا أدري كيف حسبوها براهين اقتنعت بها نفوسهم.

ولكنهم معذورون لأن الحجاب على حالته الحاضرة سيء ضار يجب تبديله بالحجاب الشرعي كيلا يكون في الاندفاع إليه ما يتجاوزه بالنساء وكل ما أميل إليه تقرير القواعد الثابتة لتعليم المرأة كيف تحسن الأمومة وتعليم النسل وتهذيبه.

ص: 19

وكل مسألة من هذه المسائل لها ارتباط بالآخر فإن تربية الجسم تقتضي معرفة قواعد الصحة التي يسميها الفرنجة هيجين وليس في نساء الشرق من تلقت قليلاً ولا كثيراً من هذا العلم الضروري بل رجالنا أكثرهم يجهلونه لأن تربية المرأة إنما هي تربية الطفلة حتى تصير جدة ومحاولة تعليم النساء وهن نساء كمحاولة اتخاذ الحبال من خيوط الشمس.

الحقيقة عن العلم

محمد راغب

ص: 20