المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فمعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أستجير به وألتجئ إليه - التعليق على تفسير الجلالين - عبد الكريم الخضير - جـ ١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: فمعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أستجير به وألتجئ إليه

فمعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أستجير به وألتجئ إليه من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه، فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله سبحانه وتعالى، والشيطان مشتق، فعلان مشتق: إما من شطن إذا بعد، أو من شاط إذا احترق، فالشيطان بعيد بطبعه عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كل خير، منهم من قال: إنه مشتق من شاط إذا احترق؛ لأنه مخلوق من نار، لكن الأول أصح، لماذا؟ لأن الشيطان يطلق على الإنسي أيضاً، فإذا قلنا: أن الشيطان مشتق من شاط إذا احترق؛ لأنه مخلوق من نار يدخل في هذا الإنسي؟ ما يدخل فيه الإنسي؛ لأنه يطلق على الإنسي وليس من نار، كما في قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ} [(112) سورة الأنعام] في المسند من حديث أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذر تعوّذ بالله من شياطين الإنس والجن)) فقلت: أو للإنس شياطين؟ قال: ((نعم)).

والرجيم: فعيل بمعنى مفعول أي مرجوم، فهو مطرود عن الخير كله، قال تعالى:{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ} [(5) سورة الملك] وقيل: فعيل رجيم، فعيل بمعنى فاعل، فهو راجم، كونه مرجوم ظاهر، لكنه كونه راجم؛ لأنه يرجم الناس بالوساوس؛ لأنه يرجم الناس ويرميهم بالوساوس، لكن الأول أشهر.

‌حكم الاستعاذة:

ص: 30

حكم الاستعاذة: جماهير العلماء على أن الاستعاذة مستحبة وليست بواجبة، الاستعاذة مستحبة والإتيان بها سنة وليست بواجبة عند جماهير العلماء، حكى الرازي عن عطاء بن أبي رباح القول بوجوبها، واستدل له بظاهر الأمر في الآية:{فَاسْتَعِذْ} [(98) سورة النحل] وبمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها؛ ولأنها تدرأ الشيطان، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، الجمهور على أنها مستحبة، نقل عن عطاء القول بوجوبها عند كل قراءة، وعند ابن سيرين أنه إذا استعاذ مرةً واحدة في عمره كفاه، سقط الوجوب عنه، حكي عن الإمام مالك أن المصلي لا يتعوذ في المكتوبة، ويتعوذ لقيام شهر رمضان في أول ليلةٍ منه، الاستعاذة مستحبة عند جماهير العلماء على ما ذكر، فهل يستعيذ عند كل قراءة؟ وفي كل ركعة؟ الاستعاذة مستحبة، وفي كل ركعة، وهل يستعيذ للفاتحة والسورة؟ أم يقتصر على الاستعاذة في الركعة الأولى في سورة الفاتحة فقط؟ اختلف العلماء هل يتعوذ فيما عدا الركعة الأولى أو لا؟ على قولين مبناهما على الاستعاذة هل هي للصلاة وهل هي للقراءة؟ الاستعاذة للصلاة أو للقراءة؟ {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(98) سورة النحل] فعلى هذا هي للقراءة، إذا قلنا: إنها للصلاة صارت تابعة للاستفتاح، وليست تابعة للقراءة، فعلى هذا يستعيذ من لا يرى قراءة الفاتحة من مأموم وغيره، يستفتح ويستعيذ ويترك، يقف، وإذا قلنا: إن الاستعاذة للقراءة فعلى هذا يقرأ يستعيذ في كل ركعة، إذا قلنا: إن الصلاة فيها أكثر من قراءة، أما إذا قلنا: إن القراءة في الصلاة حكمها واحد فيستعيذ مرة واحدة، فإذا قلنا: إن القراءة في جميع الصلاة قراءة واحدة، أو قراءات متعددة بينها فواصل يترتب على هذا أننا إذا قلنا: قراءة واحدة يستعيذ مرة واحدة في الركعة الأولى، وإذا قلنا: قراءات متعددة، كل ركعة قراءتها مستقلة فيستعيذ فيها.

ص: 31

وجماهير العلماء على أن الاستعاذة لدفع الوسواس في القراءة، فعلى هذا تكون قبل التلاوة، الأمر في الآية:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(98) سورة النحل] وعرفنا أن قول الجمهور أن الاستعاذة إنما تكون بعد القراءة وإلا قبلها؟ قبل القراءة، {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(98) سورة النحل] إذا قرأت، قرأ: فعل ماض، معناه إذا فعلت وانتهيت، هذا ظاهر اللفظ، وقيل بهذا، لكن الجمهور قالوا: إن المراد بقوله: إذا قرأت، إذا أردت القراءة، كما في قوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] يعني إذا أردتم القيام، يطلق الفعل ويراد به إرادته، ويطلق الفعل ويراد به الفراغ منه، ويطلق الفعل ويراد به الشروع فيه، ((إذا كبر فكبروا)) معناه إذا فرغ من التكبير فكبر، ((إذا كبر فكبروا)) يعني إذا فرغ من التكبير فكبروا، لكن ((إذا ركع فاركعوا)) نقول: إذا فرغ من الركوع فاركعوا؟ أو إذا شرع في الركوع فاشرعوا فيه؟ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] يعني إذا أردتم فيطلق الفعل ويراد به إرادته، ويراد به الفراغ منه، ويراد منه الشروع فيه.

طالب:. . . . . . . . .

نعم، السياق، السياق هو اللي .. ، والنصوص الأخرى.

ص: 32