المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حديث لا نكاح إلا بولي - رواية ودراية - مجلة جامعة أم القرى ١٩ - ٢٤ - جـ ١٠

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌حديث لا نكاح إلا بولي - رواية ودراية

‌حديث لا نكاح إلا بولي - رواية ودراية

د. صلاح الدين بن أحمد الإدلبي

المدرس بكلية الدراسات العربية والإسلامية بدبي

ملخص البحث

المرأة المسلمة الصالحة القانتة يخطبها الخاطب إلى وليها، فيستأمرها الولي أو يستأذنها في أن يعقد لها عقد زواجها، فإذا رضيت الخاطب زوّجها منه وليها، ويمنعها الحياء أن تفكر بتزويج نفسها دون أن يعقد لها الولي أو من يأذن له.

ولكن هل من حقها أن تفعل؟! وهل لها الحق في أن تزوج نفسها دون الولي كما لها الحق في أن تتصرف بأموالها؟!

جمهور العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين على أنها لا تملك ذلك، وأنه لا بد من الولي أو من يأذن له الولي في عقد النكاح، وذهب نفر من أهل العلم إلى أنه يجوز لها ذلك إذا زوجت نفسها من كفء، لكنه لا يستحب. ولكن ألم يأت الحديث عن رسول الله (أنه قال:((لا نكاح إلا بولي)) ؟! فهل صح سنده وثبتت نسبته؟

هذا ما دفعني إلى خوض غمار هذا البحث والكتابة في هذا الحديث: أولا من حيث الرواية بجمع طرقه وتتبع أسانيده، وثانيا: من حيث الدراية بدراسة تلك الأسانيد المتعددة الكثيرة لمعرفة ما صح سنده منها، ثم كان لا بد من استعراض مناقشة الإمام الطحاوي رحمه الله للاستدلال بهذا الحديث، وبيان رجحان ما فهمه الجمهور منه.

* * *

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على الرحمة المهداة والنعمة المُسْداة سيدنا محمد الصادق الأمين. وعلى آله الأبرار وأصحابه الأخيار والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فإن من أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين اليوم ما يتصل منها ببناء الأسرة المسلمة، وإقامة هذه اللبنة من لبنات صرح المجتمع الإسلامي.

ولا يمكن أن تنشأ الأسرة المسلمة إلا في ظل نظام الزواج، المؤسس على ما يرضي الله تعالى ورسوله ((والله ورسوله أحق أن يرضوه ( [التوبة 6] .

ص: 121

ومما اتفقت عليه الأمة -في ذلك النظام التشريعي الرباني -أن الرجل الحر البالغ العاقل يمكنه أن يعقد بنفسه عقد نكاحه لنفسه، ولكن مما اختلفت فيه الأمة أن المرأة الحرة البالغة العاقلة هل يمكنها أن تعقد بنفسها عقد نكاحها لنفسها؟ أي دون وليها؟ أو لا بد من الولي يعقد لها أو يأذن في ذلك لمن يتوخى فيه حسن النيابة عنه؟

خضت غمار هذا البحث منطلقاً من الحديث النبوي ((لا نكاح إلا بولي)) ، وقسمته حسب الخطة التالية:

المبحث الأول: حديث ((لا نكاح إلا بولي)) من حيث الرواية.

المبحث الثاني: حديث ((لا نكاح إلا بولي)) من حيث الدراية.

- أهم نتائج البحث

وأسأل الله تعالى التوفيق والتسديد بفضله ومنه وكرمه.

المبحث الأول: حديث (لا نكاح إلا بولي) - من حيث الرواية

روي هذا الحديث عن النبي (من طريق جماعة من الصحابة، منهم أبو موسى الأشعري، وعبد الله بن المسجد الحرامعود، وعمران بن الحصين، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وأبو هريرة، وعائشة، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسمرة بن جندب، وضي الله عنهم.

ص: 122

فأما حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: فروي من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَبيعي (1) ويونس بن أبي إسحاق السَبيعي (2) ، وشَريك بن عبد الله النخعي (3) ، وأبي عوانة الوضاح بن عبد الله (4) وزهير بن معاوية (5) ، وقيس بن الربيع (6) ، وعبد الحميد بن الحسن الهلالي (7) ، وأبي حنيفة النعمان (8) ، ورَقَبة بن مَصْقَلة العبدي (9) ،

(1)

مسند الإمام أحمد 4 / 394، 413. مصنف ابن أبي شيبة 4 / 131، 14/168 – 169. سنن الدارمي 2/575. سنن أبي داود 2/568. سنن الترمذي 3 / 407. مسند أبي يعلى 13/195. شرح معاني الآثار للطحاوي 3/8. صحيح ابن حبان 9/ 395.سنن الدارقطني 3/219. المستدرك للحاكم 2/170. التمهيد لابن عبد البر 19/88. وله نحو عشرة طرق عن إسرائيل بن يونس

(2)

سنن الترمذي 3/ 407. مسند البزار 8/113 - 114. المستدرك للحاكم 2/17. سنن البيهقي 7/109

(3)

سنن الترمذي 3/407. سنن الدارمي 2/575.مسند البزار 8/112، 115. صحيح ابن حبان 9/ 391، 400. المعجم الأوسط للطبراني 1/391، 8/ 438. سنن البيهقي 7/108. تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 6/41.

(4)

مسند أبي داود الطيالسي ص 71. سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 148. سنن الترمذي 3/ 407. سنن ابن ماجه 1/ 605. شرح معاني الآثار للطحاوي 3/9. المستدرك للحاكم 2 / 171. سنن البيهقي 7 / 107. التمهيد لابن عبد البر 19 / 88.

(5)

صحيح ابن حبان 9 / 389. المنتقى لابن الجارود ص 268. المستدرك للحاكم 2 / 171. سنن البيهقي 7 / 107.

(6)

مسند البزار 8 / 113. شرح معاني الآثار للطحاوي 3 / 9. سنن البيهقي 7/108.

(7)

مسند البزار 8 / 114، الكامل لابن عدي 5 / 1958.

(8)

جامع مسانيد أبي حنيفة 2 / 102. وأشار إلى روايته هذه الحاكم في المستدرك 2/ 17.

(9)

أشار إلى روايته الحاكم في المستدرك 2 / 171، وكذا إلى متابعة غيره من الرواة.

ص: 123

كلهم عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي بُردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه أبي موسى الأشعري، عن رسول الله (أنه قال:((لا نكاح إلا بولي)) .

وروي كذلك من طريق سفيان الثوري (1) وشعبة بن الحجاج (2) عن أبي إسحاق السبيعي به.

وروي من طريق سفيان الثوري (3) وشعبة بن الحجاج (4) وأبي الأحوص سلام بن سليم (5) ثلاثتهم عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي بردة عن النبي (مرسلا لم يذكروا فيه عن أبي موسى الأشعري.

فتبين من هذا أنه قد اختلف في إسناد هذا الحديث على أبي إسحاق وصلا وإرسالا.

وأما من غير طريق أبي إسحاق فقد روي من طريق يونس بن أبي إسحاق (6) وأبي حَصين عثمان بن عاصم (7) كلاهما عن أبي بردة عن أبي موسى موصولا.

وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه: فروي من طريق بكر بن بكار عن عبد الله بن محرَّر عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين عن ابن مسعود عن النبي (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) (8)

(1)

مسند البزار 8 / 110. المستدرك للحاكم 2 / 169. تاريخ بغداد 2 / 214.

(2)

مسند البزار 8 / 112. المستدرك للحاكم 2 / 169. تاريخ بغداد 2 / 214. 13 / 86.

(3)

مصنف عبد الرزاق 6/196. مسند البزار 8 / 109. شرح معاني الآثار للطحاوي 3/9. التمهيد لابن عبد البر 19 / 88.

(4)

مسند البزار 8 / 111. شرح معاني الآثار للطحاوي 3/9.

(5)

مصنف ابن أبي شيبة 4 / 131. 14 / 168.

(6)

مسند الإمام أحمد 4 / 413، 418. سنن أبي داود 2 / 568. المستدرك للحاكم 2/ 171.سنن البيهقي 7 / 109.

(7)

المستدرك للحاكم 2 / 172.

(8)

سنن الدارقطني 3 / 225، الكامل لابن عدي 4 / 1453.

ص: 124

وأما حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: فرواه عبد الرزاق، وروي من طريق أبي نُعيم الفضل بن دُكين، كلاهما عن عبد الله بن محرر، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن الحصين عن النبي (بلفظ حديث ابن مسعود. (1)

وروي من طريق عبد الله بن عمرو الواقعي قال: حدثنا أبان بن يزيد العطار عن قتادة عن الحسن عن عمران بن الحصين عن النبي (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي)) . (2)

وأما حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: فروي من طريق عمرو بن عثمان الرقي قال حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي سفيان (طلحة بن نافع) عن جابر عن النبي (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)) . (3)

وروي من طريق يحيى بن غيلان عن عبد الله بن بزيع عن هشام بن حسان القردوسي عن عطاء عن جابر عن النبي (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي، وأيما امرأة تزوجت بغير ولي فنكاحها باطل)) . (4)

وروي من طريق قَطَن بن نُسَير الذارِع، عن عمرو بن النعمان الباهلي قال: حدثنا محمد بن عبد الملك، عن أبي الزُبير، عن جابر، عن النبي (أنه قال:((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) (5)

وروي من طريق محمد بن عبيد الله العرزمي عن أبي الزبير به مثله (6) .

(1)

مصنف عبد الرزاق 6 / 196. سنن البيهقي 7 / 125.

(2)

تاريخ جرجان للسهمي ص 490 - 491، ورواه ابن عدي من طريق الواقعي به، الكامل 4 / 1569.

(3)

المعجم الأوسط للطبراني 4 / 551.

(4)

المعجم الأوسط للطبراني 5 / 247 - 248، ورواه ابن عدي من هذا الطريق بلفظ (لا نكاح إلا بولي) الكامل 4 / 1567.

(5)

المعجم الأوسط للطبراني 6 / 263.

(6)

الكامل لابن عدي 6 / 2113.

ص: 125

وروى ابن عدي عن أبي يعلى الموصلي عن محمد بن المنهال عن أبي بكر الحنفي [عبد الكبير بن عبد المجيد] عن ابن أبي ذئب عن عطاء عن جابر عن النبي (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي ولا طلاق قبل نكاح)) .

وعقب ابن عدي فقال: قال لنا أبو يعلى: وفي كتابي في موضعين، في موضع ليس فيه لا نكاح إلا بولي، وفي موضع فيه لانكاح إلا بولي.

وعلق ابن عدي على هذا بقوله: وهذا إنما هو لا طلاق قبل نكاح بهذا الإسناد (1)

وأما حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقد روي عنه من طريق سعيد بن جبير وعكرمة وعطاء بن أبي رباح.

فأما طريق سعيد بن جبير فروي من طريق عَدي بن الفضل، عن عبد الله بن عثمان ابن خُثَيم، عن سعيد بن جيبر، عن ابن عباس، عن النبي (أنه قال:((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وأيما امرأة أنكحها ولي مسخوط عليه فنكاحها باطل)) . (2)

ورواه الطبراني في الأوسط عن أحمد بن القاسم، قال حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، قال حدثنا عبد الله بن داود وبشر بن المفضل وعبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري عن ابن خُثيم به، ولفظه:((لا نكاح إلا بإذن ولي مرشد أو سلطان)) . (3)

ورواه الطبراني في الكبير عن عبد الله بن أحمد ابن حنبل عن القواريري به مرفوعاً ولفظه: ((لا نكاح إلا بولي)) . (4)

(1)

الكامل لابن عدي 6 / 2043.

(2)

سنن الداقطني 3 / 221 - 222.وقال: رفعه عدي بن الفضل ولم يرفعه غيره. سنن البيهقي 7 / 124 وقال: كذا رواه عدي بن الفضل وهو ضعيف والصحيح موقوف.

(3)

المعجم الأوسط للطبراني 1 / 318.

(4)

المعجم الكبير للطبراني 12 / 64 وسقط منه عبد الله بن داود.

ص: 126

وروي من طريق معاذ بن المثنى، عن عبيد الله بن عمر القواريري به، لكن فيه (عن النبي (: إن شاء الله) . ولفظه مثل رواية أحمد بن القاسم عن القواريري. (1)

وأما طريق عكرمة عن ابن عباس فرواه مُعّمر بن سليمان الرقي ومَخشي بن معاوية عن الحجاج بن أرطاة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي (أنه قال: ((لانكاح إلا بولي والسلطان ولي من لا ولي له)) (2) .

ورواه أبو كُرَيب عن عبد الله بن المبارك عن حجاج بن أرطاة به ولفظه ((لا نكاح إلا بولي)) (3) .

ورواه الطبراني في الكبير عن الحسين بن إسحق التُستَري عن سهل بن عثمان عن ابن المبارك به، إلا أن فيه (عن خالد الحذّاء) بدلاً من (عن حجاج بن أرطاة)(4) .

ورواه الطبراني في الأوسط بالسند السابق عينه وفيه الجمع بينهما (عن خالد الحذاء عن الحجاج بن أرطاة) ولفظه ((لا نكاح إلا بولي والسلطان ولي من لا ولي له)) (5) .

ورواه البيهقي من طريق سعيد بن عثمان الأهوازي، عن سهل بن عثمان، وفيه (عن الحجاج بن أرطاة)(6) .

(1)

سنن البيهقي 7 / 124 وجاء في سنده: بشر بن منصور بدلا من بشر بن المفضل، وكلاهما ثقة معطوف على اثنين من الثقات، وعلق علييه البيهقي قائلا: كذا قال معاذبن المثنى، ورواه غيره عن عبيد الله القواريري فقال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير استثناء، تفرد به القواريري مرفوعا، والقواريري ثقة، إلا أن المشهور بهذا الإسناد موقوف على ابن عباس.

(2)

مسند الإمام أحمد 1 / 250. التاريخ الكبير للبخاري 8 / 71.

(3)

سنن ابن ماجه 1 / 605. مسند أبي يعلى 4 / 386.

(4)

المعجم الكبير للطبراني 11 / 340.

(5)

المعجم الأوسط للطبراني 4 / 282.

(6)

سنن البيهقي 7 / 109 – 110.

ص: 127

وأما طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس فقد روي من طريق النهّاس بن قَهْم عن عطاء به ولفظه ((لا نكاح إلا بولي)) (1) .

وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقد روي من طريق عمر بن قيس عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي)) (2) .

وروي من طريق سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي (أنه قال:((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) (3) .

وروي من طريق المغيرة بن موسى، عن هشام بن حسَّان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي (أنه قال:((لا نكاح إلا بولي وخاطب وشاهدي عدل)) (4) .

وروي من طريق أبي عامر الخزّاز صالح بن رستم، عن محمد بن سيرين به، ولفظه ((لا نكاح إلا بولي)) (5) .

وروي من طريق محمد بن عبيد الله العّرْزَمي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، فما كان على غير ذلك فباطل مردود)) (6) .

وأما حديث عائشة رضي الله عنها فقد روي من طريق الزهري عن عروة عنها ومن طريق هشام بن عروة عن أبيه عنها.

فأما طريق الزهري فقد روي من طريق سعيد بن يحيى بن سعيد الأُموي، قال حدثنا حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله (قال:((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)) (7)

(1)

المعجم الأوسط للطبراني 7 / 97 – 98.

(2)

المعجم الأوسط للطبراني 6 / 262.

(3)

المعجم الأوسط للطبراني 7 / 191، الكامل لابن عدي 3 / 1101.

(4)

الكامل لابن عدي 6 / 2356. سنن البيهقي 7 / 125. تاريخ بغداد 3/ 244.

(5)

صحيح ابن حبان 9 / 387 – 388.

(6)

الكامل لابن عدي 6 / 2113.

(7)

صحيح ابن حبان 9 / 386.

ص: 128

وروي من طريق محمد بن هارون الحضرمي قال: حدثنا سليمان بن عمر الرقي، قال حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، قال حدثنا ابن جريج به، بلفظ ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) (1) .

وروي من طريق عيسى بن يونس، عن ابن جريج به، بلفظ ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)) (2) .

وروي من طرق عن الحجاج بن أرطاة، عن الزهري به، بلفظ ((لا نكاح إلا بولي، والسلطان ولي من لا ولي له)) (3) .

وروي من طريق عثمان بن عبد الرحمن الوقّاصي، عن الزهري، به، بلفظ ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) (4) .

وروي من طريق عبد الله بن فَرّوخ الخراساني عن أيوب بن موسى عن الزهري (5)

وأما طريق هشام بن عروة فقد روي من طريق محمد بن يزيد بن سنان، قال حدثنا أبي، عن هشام بن عروة، عن عروة، به (6) .

وروي من طريق نوح بن دَرّاج، عن هشام بن عروة، به، بلفظ ((لانكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) (7) .

(1)

سنن البيهقي 7 / 125.

(2)

سنن الدارقطني 3 / 225 – 227. سنن البيهقي 7 / 125. وعقب الدارقطني عليه بقوله: وكذلك رواه سعيد بن خالد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ويزيد بن سنان ونوح بن دراج وعبد الله بن حكيم أبو بكر، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالوا فيه (شاهدي عدل) ، وكذلك رواه ابن أبي مليكة عن عائشة.

(3)

مسند الإمام احمد 1 / 250. 6 /260. المصنف لابن أبي شيبة 4 / 130. سنن سعيد بن منصور 3 / 1 / 150. سنن ابن ماجه 1 / 605. مسند أبي يعلى 4 / 387. التمهيد لابن عبد البر 19 / 87.

(4)

المعجم الأوسط للطبراني 10 / 135.

(5)

الكامل لابن عدي 4 / 1516.

(6)

سنن الدارقطني 3 / 227.

(7)

تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 12 / 157.

ص: 129

وروي من طريق مَنْدل بن علي العنزي عن هشام بن عروة به بلفظ: ((لا نكاح إلا بولي والسلطان ولي من لا ولي له)) (1) .

وروي من طريق علي بن جميل الرقي، قال حدثنا حسين بن عياش، عن جعفر بن بُرقان، عن هشام بن عروة، به، بلفظ:((لا نكاح إلا بولي وشاهدين)) (2)

وروي من طريق مُطَرِّف بن مازن الصنعاني عن ابن جريج عن هشام بن عروة (3) .

وروي من طريق الحسين بن علوان الكلبي عن هشام بن عروة (4) .

وأما حديث علي رضي الله عنه فقد روي من طريق شبيب بن الفضل، قال حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، عن النبي (أنه قال:((لا نكاح إلا بولي)) (5) .

وروي من طريق عبّاد بن العوام، عن الحجاج (بن أرطاة) ، عن حصين (بن عبد الرحمن الحارثي) ، عن الشعبي، عن الحارث (بن عبد الله الأعور) ، عن علي، به، بلفظ:((لا نكاح إلا بولي، ولا نكاح إلا بشهود)) (6) .

وروي من طريق حسين بن عبد الله بن ضُمَيرة، عن أبيه عن جده، عن علي، به، بلفظ:((لا نكاح إلا بولي وشاهدين)) (7) .

وروي من طريق الإمام أبي حنيفة عن خُصَيف عن جَابِر بن عقيل عن علي رضي الله عنه عن النبي (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدين، من نكح بغير ولي وشاهدين فنكاحه باطل)) (8) .

(1) مسند أبي يعلى 8 / 191. وروي من طريق مندل عن ليث عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة. الكامل لابن عدي 6 / 2448.

(2)

المعجم الأوسط للطبراني 7 / 469 – 470.

(3)

الكامل لابن عدي 6 / 2374.

(4)

المصدر السابق 2 / 770.

(5)

الكامل لابن عدي 4 / 1532. تاريخ جرجان للسهمي ص 297.

(6)

تاريخ بغداد 2 / 224.

(7)

تاريخ بغداد 8 / 7.

(8)

جامع مسانيد الإمام أبي حنيفة 2 / 102. الكامل لابن عدي 1 / 197.

ص: 130

وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقد روي من طريق ثابت بن زهير، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي (أنه قال:((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) (1) .

وروي من طريق أيوب بن عروة، عن أبي مالك الجَنْبي (عمرو بن هاشم) عن عبيد الله، عن نافع، به، بلفظ:((لا نكاح إلا بولي)) (2) .

وأما حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: فرواه محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي (أنه قال:

((لا نكاح إلا بولي)) (3) .

وأما حديث أنس رضي الله عنه: فرواه هشام بن سلمان المُجَاشِعي عن يزيد الرَّقَاشي عن أنس عن النبي (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) (4) .

ورواه محمد بن علي بن سهل - شيخ ابن عدي - بسنده عن يزيد الرقاشي به (5) .

ورواه دينار بن عبد الله عن أنس عن رسول الله (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي)) (6) .

ورواه إسماعيل بن سيف البصري من حديث أنس (7) .

وأما حديث أبي أمامة رضي الله عنه: فرواه عمر بن موسى عن أبي غالب عن أبي أمامة عن النبي (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي)) (8) .

(1)

سنن الدارقطني 3 / 225. الكامل لابن عدي 2 / 521، 522.

(2)

الكامل لابن عدي 1 / 356. ورواه العقيلي من طريق أيوب بن عروة لكن ليس فيه الجزم برفعه إذ قال الراوي (عن ابن عمر أظن رفعه) ، ولفظه: لا نكاح إلا بولي وشاهدين [الضعفاء الكبير للعقيلي 3 / 294] .

(3)

الكامل لابن عدي 6 / 2113.

(4)

المصدر السابق 7 / 2566. 1/ 318.

(5)

المصدر السابق 6/2298.

(6)

المصدر السابق 3/979.

(7)

المصدر السابق 1 / 318.

(8)

المصدر السابق 6/2298.

ص: 131

وأما حديث سمرة رضي الله عنه: فرواه الفضل بن محمد بن عبد الله الباهلي-شيخ ابن عدي -بسنده عن مكحول عن سمرة عن النبي (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي وإذا أنكح المرأة وليان فالأول أحق بالنكاح)) (1) .

المبحث الثاني: حديث ((لا نكاح إلا بولي)) من حيث الدراية

أما حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقد رواه جماعة عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن جده أبي إسحاق، عن أبي بُردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه أبي موسى، عن النبي (، وهذه دراسة موجزة للسند:

- إسرائيل بن يونس: وثقه أحمد والعجلي وأبو حاتم ومحمد بن عبد الله بن نُمَير وغيرهم، وقال يعقوب ابن شيبة: في حديثه لين. قال إسرائيل: كنت أحفظ حديث أبي إسحق كما أحفظ السورة من القرآن. قال بعضهم ليونس بن أبي إسحق: أمْلِ علي حديث أبيك. فقال: اكتب عن ابني إسرائيل فإن أبي أملاه عليه. ولد سنة /100/وتوفي سنة /161/تقريباً (2) .

- أبو إسحق السبيعي عمرو بن عبد الله: اتفقوا على توثيقه، وثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وغيرهم، وأشار أحمد وابن معين إلى تغير حفظه في آخر عمره، ونسبه الكرابيسي وابن حبان وأبو جعفر الطبري للتدليس، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وتوفي سنة /127/ تقريباً (3) .

- أبو بردة بن أبي موسى الأشعري: اتفقوا على توثيقه، وثقه ابن سعد والعجلي وابن خراش وغيرهم. ولد سنة /22/، وتوفي سنة /104/ تقريباً (4) . توفي والده أبو موسى الأشعري ولأبي بردة ما بين عشرين إلى واحد وثلاثين سنة (5) .

(1) المصدر السابق 6/2043 – 2044.

(2)

تهذيب التهذيب 1/261 – 263. تهذيب الكمال وحاشيته 2 / 515 – 524 وخاصة ص 523.

(3)

تهذيب التهذيب 8/63 – 67.

(4)

تهذيب التهذيب 12/18 – 19.

(5)

تهذيب التهذيب 5/362 – 363.

ص: 132

قد يقال: إن إسرائيل بن يونس في حديثه لين، وإن أبا إسحاق السبيعي تغير حفظه في آخر عمره، ونسب للتدليس، ثم إن ثلاثة من الرواة عن أبي إسحاق رووا عنه هذا الحديث مرسلاً، فهذه أربعة اعتراضات على إسناد هذا الحديث.

فأما ما قيل من لين في حديث إسرئيل فإنه يزول بمتابعة جماعة من الثقات له.

وأما ما قيل من تغير حفظ أبي إسحاق في آخر عمره فهذا غير وارد هنا، لأنه قد روى عنه هذا الحديث فضلاً عن حفيده إسرائيل بن يونس ابنه يونس، وهو والد إسرائيل فروايته عنه قديمة، وكذا رواه عنه شريك بن عبد الله، وقد نص الإمام أحمد على أنه سمع منه قديماً (1) .

وأما ما نسب إلى أبي إسحاق السبيعي من التدليس فإن سفيان الثوري سأله هل سمع هذا الحديث من أبي بردة، فقال: نعم (2) .

ثم إن هذا الحديث قد روي من طريقين آخرين عن أبي بردة، من طريق يونس بن أبي إسحاق السبيعي، ومن طريق أبي حَصين عثمان بن عاصم الثقفي.

فأما طريق يونس عن أبي بردة فروي عنه من طرق (3) ، لكن روي الحديث كذلك من طرق عنه عن أبيه عن أبي بردة، كما تقدم في طرق الحديث من رواية أبيه أبي إسحاق السبيعي، ولم يقل في أي طريق من الطرق التي وقفت عليها حدثني أبو بردة، فربما كان قد سمعه من أبيه عن أبي بردة، فيكون بذلك قد رجع هذا الطريق إلى طريق أبي إسحاق.

(1) تهذيب التهذيب 4/334.

(2)

سنن الترمذي 3/ 409.

(3)

مسند الإمام أحمد 4/413، 418. سنن أبي داود 2/568. المستدرك للحاكم 2/ 171 سنن البيهقي 7/ 109.

ص: 133

وأما طريق أبي حصين فقد رواه الحاكم في المستدرك، قال: حدثنا أبو علي الحافظ، قال: أنبأنا أبو يوسف يعقوب بن خليفة بن حسان الأَيلي وصالح بن أحمد بن يونس وأبو العباس الأزهري، قالوا حدثنا أبو شيبة بن أبي بكر بن أبي شيبة، قال حدثنا خالد بن يزيد الطبيب، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري أنه قال: قال رسول الله (: ((لا نكاح إلا بولي)) (1) .

- أما أهم ما انتقد به سند هذا الحديث فهو أنه قد اختلف فيه على أبي إسحاق وصلاً وإرسالاً، فتطرق إليه احتمال الإعلال، فلا بد من النظر فيمن رووه مرسلاً ومن رووه موصولاً.

فأما من رووه مرسلاً فسفيان الثوري وشعبة وأبو الأحوص سلاّم بن سُليم، وسفيان وشعبة جبلان في الحفظ.

وأما من رووه موصولاً فإسرائيل بن يونس، ويونس بن أبي إسحق، وشريك بن عبد الله، وزهير بن معاوية، وقيس بن الربيع، وعبد الحميد بن الحسن الهلالي، وأبو حنيفة وغيرهم، وإسرائيل كان يحفظ حديث جده كما يحفظ السورة من القرآن، فهو وسائر من روى هذا الحديث عن أبي إسحاق السبيعي لا يمكن أن تتوارد رواياتهم كلها على الخطأ بزيادة (أبي موسى الأشعري) وتتفق عليه.

فإن قيل: أليس سفيان الثوري وشعبة جبلين في الحفظ وقد أرسلاه؟!

فالجواب: بلى، ولكن بين ذلك الإمام الترمذي إذ قال: شعبة والثوري سمعا هذا الحديث من أبي إسحاق في مجلس واحد، ومما يدل على ذلك ما حدثنا محمود بن غيلان قال: أخبرنا أبو داود قال: أنبأنا شعبة قال: سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق: أسمعت أبا بردة يقول: قال رسول الله: (لا نكاح إلا بولي) ؟ فقال: نعم (2) . ومحمود بن غيلان متفق على توثيقه (3) ، وأبو داود هو الإمام الحافظ أبو داود الطيالسي صاحب المسند.

(1) المستدرك 2 / 172.

(2)

سنن الترمذي 3/ 409.

(3)

تهذيب التهذيب 10 / 64 – 65.

ص: 134

وتبين من هذه الرواية أن رواية شعبة والثوري ليست مأخوذة عن أبي إسحاق في مجلس واحد فحسب، بل لم تكن مأخوذة عنه في مجلس تحديث، وإنما جاءت جواباً على سؤال سفيان الذي كان يريد أن يعرف ما إذا كان أبو إسحاق قد سمع هذا الحديث من أبي بردة سماعاً.

ملحوظة: ذكر الإمام الترمذي من روى هذا الحديث عن أبي إسحاق موصولاً وهم إسرائيل وشريك بن عبد الله وأبو عوانة وزهير بن معاوية وقيس بن الربيع، وأبو عوانة هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

وأسقطت ذكر أبي عوانة عامداً، لأنه لم يسمع هذا الحديث من أبي إسحاق وإن كان قد رواه عنه، وإنما سمعه من إسرائيل عن أبي إسحاق، فقد رواه عنه الإمام الطحاوي بالوجهين ثم قال: فرجع حديث أبي عوانة إلى حديث إسرائيل (1) .

ومما يؤكد ذلك أن أحمد بن عبدة قال: ثم إن أبا عوانة قال يوماً: لم أسمعه إلا من إسرائيل عن أبي إسحق. فقال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان له: سمعت أبا عونة يذكر هذا؟ . فقال: سمعت يحيى بن حماد يذكر عن أبي عوانة (2) .

وإذا انتفت الاعتراضات الأربعة على إسناد هذا الحديث تبين أن سنده صحيح من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن (.

هذا وقد صححه شيخ البخاري الإمام علي ابن المديني (3) ، وكذا عبد الرحمن بن مهدي وأبو الوليد الطيالسي (4) .

وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه: ففي سنده عبد الله بن مُحَرّر، قال عنه عمرو بن علي وأبو حاتم والدارقطني وغيرهم: متروك الحديث (5) .

(1) شرح معاني الآثار 3 / 9.

(2)

العلل لابن أبي حاتم 2 / 406 وفي المطبوع: لم أسمع من إسرائيل. وفيه تحريف، وأحمد بن عبدة ثقة ويحيى بن حماد ثقة وهو ختن أبي عوانة.

(3)

قال الإمام البخاري: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي ابن المديني [سير أعلام النبلاء للذهبي 11 / 46] .

(4)

نقله عنهم الحاكم في المستدرك 2 / 170.

(5)

نهذيب التهذيب 5 / 389 – 390.

ص: 135

وأما حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: ففي طريقه الأول عبد الله بن محرر، وتقدم أنه متروك الحديث.

وفي طريقه الثاني عبد الله بن عمرو (بن حسان) الواقعي، قال علي ابن المديني: كان يضع الحديث. وقال أبو زرعة: كان لا يصدق (1) .

وأما حديث جابر رضي الله عنه: ففي طريقه الأول عمرو بن عثمان بن سيار الكلابي الرقي قال عنه أبو حاتم: يحدث الناس من حفظه بأحاديث منكرة وقال النسائي والأزدي: متروك الحديث (2) .

وفي طريقه الثاني عبد الله بن بزيع قال عنه الدارقطني: ليس بمتروك. لكن قال عنه الساجي: ليس بحجة روى عنه يحيى بن غيلان مناكير. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه ليست بمحفوظة (3) .

وفي طريقه الثالث قطن بن نُسير كان أبو زرعة يحمل عليه وقال عنه ابن عدي: يسرق الحديث (4) . وفيه محمد بن عبد الملك قال عنه الإمام احمد وأبو حاتم: كان يضع الحديث. وقال الشافعي والبخاري ومسلم والنسائي: منكر الحديث (5) .

وفي طريقه الرابع محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العرزمي وهو متفق على تضعيفه، وقال عنه عدد من الأئمة: متروك الحديث (6) .

وأما طريقه الخامس فظاهره الصحة، فالسند متصل ورواته كلهم ثقات لا مغمز في واحد منهم، ولكنه معلول.

وعلته أن أبا يعلى قد وجد الحديث مكتوبا عنده في موضعين، ونصه في أحدهما: لا نكاح إلا بولي ولا طلاق قبل نكاح، ونصه في الموضع الآخر لاطلاق قبل نكاح، وكأن أبا يعلى قد تردد في نص سماعه فلم يجزم بشيء، وإذا وقع التردد في إثبات لفظ ونفيه لم يجز إثباته بالشك.

(1) لسان الميزان 3 / 320.

(2)

تهذيب التهذيب 8 / 76 – 78.

(3)

لسان الميزان 3 / 263.

(4)

تهذيب التهذيب 8 / 382 – 383.

(5)

الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 8 / 4. لسان الميزان 5 / 265 – 266. الكامل لابن عدي 6 / 2166 – 2170.

(6)

تهذيب التهذيب 9/ 322 – 324.

ص: 136

ومما يؤكد أن جملة لا نكاح إلا بولي ليست من أصل الحديث عدم ورودها عند الرواة الآخرين الذين رووه من هذا الطريق، فمن ذلك أن محمد بن سنان القزاز قد رواه عن أبي بكر الحنفي دون هذه الزيادة (1) ، وأن وكيع بن الجراح وأبا داود الطيالسي قد روياه عن ابن أبي ذئب كذلك دون هذه الزيادة (2) .

وهذا ما يفسر لنا تعليق ابن عدي رحمه الله بقوله: وهذا إنما هو لا طلاق قبل نكاح بهذا الإسناد.

وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما من طريق سعيد بن جبير عنه ففي طريقه الأول عدي بن الفضل، اتفقوا على تضعيفه وقال عنه النسائي وابن معين في رواية: ليس بثقة. وقال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال الدارقطني: متروك (3) . وقد خالفه في رفع الحديث عن ابن خُثيم: سفيان الثوري من الطرق المحفوظة عنه وابن جريج وجعفر ابن الحارث كما سيأتي.

وأما طريقه الثاني فمعلول، رواه عبيد الله بن عمر القواريري وهو متفق على توثيقه (4) عن جماعة من الثقات عن سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً، هكذا رواه عنه اثنان جازمين بالرفع، ورواه عنه ثالث وفيه التردد برفع الحديث، فيبدو أنه وقع له تردد في رفعه بعد أن كان جازماً بالرفع، وقد خالفه في رفع الحديث عن سفيان الثوري وكيع وعبد الرزاق، كما سيأتي، ولهذا قال البيهقي رحمه الله: تفرد به القواريري مرفوعاً،والقواريري ثقة إلا أن المشهور بهذا الإسناد موقوف على ابن عباس (5) .

(1) سنن البيهقي 7 / 319.

(2)

المستدرك للحاكم 2 / 420. سنن البيهقي 7 / 319.

(3)

تهذيب التهذيب 7 / 169 – 170.

(4)

تهذيب التهذيب 7 / 40 – 41.

(5)

سنن البيهقي 7 / 124.

ص: 137

ورواية ثقتين بوقف الحديث أولى من رواية ثقة واحد برفعه، وخاصة إذا تردد في رفعه في بعض الأوقات.ثم إذا ارتقينا درجة في سلم الإسناد لوجدنا ابن جريج وجعفر بن الحارث يرويان الحديث عن ابن خثيم موقوفاً، وهذا يؤكد صحة رواية ذينِك الثقتين، وأن الثالث قد وهم.

أما طريق عكرمة عن ابن عباس ففيه الحجاج بن أرطاة، وصفه أحمد والبزار بالحفظ، وضعفه ابن سعد، ولينه سائر النقاد، ووصفوه بالتدليس، وقال أبو حاتم: يدلس عن الضعفاء.وأشار ابن المبارك إلى أنه يدلس عن المتروكين، وقال الدارقطني: كثير الوهَم (1) . وهو فضلاً عما فيه من لين فإنه لم يصرح بالسماع.

وأما الطريق الذي خلا عن (الحجاج بن أرطاة) وفيه بدلاً منه خالد الحذاء فلا يعول عليه، لأنه معلول. وعلته أن سهل بن عثمان راويَه عن ابن المبارك اختلف عليه فيه، فقال مرة (عن الحجاج بن أرطاة) وقال مرة (عن خالد الحذاء) ، وحيث إن أبا كُريب رواه عن ابن المبارك عن (ابن أرطاة) فتبين أن هذه هي الرواية المحفوظة، وأن عبد الله بن المبارك لم يرو هذا الحديث إلا عن الحجاج بن أرطاة، فالطريق التي فيها غير ذلك خطأ (2) .

وأما طريق عطاء عن ابن عباس ففيه النهاس به قهم، متفق على تضعيفه، وقال ابن معين وأبو حاتم: ليس بشيء (3) .

(1) تهذيب التهذيب 2 / 196 – 198. العلل للدارقطني 6 / 123.

(2)

ومما يؤكد أن بعض الرواة عن سهل بن عثمان قد أخطؤوا في نقل هذا الحديث جواب عبدان لما سئل عن هذا الحديث إذ قال: حدثنا إبراهيم بن حرب وراق سهل بن عثمان قبل أن يقدم علينا سهل قال: حدثنا سهل حدثنا ابن المبارك عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي، ثم قدم علينا سهل بن عثمان فسألناه عن هذا الحديث فقال: إنما حدثناه ابن المبارك عن حجاج بن أرطاة عن عكرمة عن ابن عباس [الكامل لابن عدي 3 / 1139] .

(3)

تهذيب التهذيب 10 / 478.

ص: 138

وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ففي طريقه الأول عمر بن قيس المكي، متفق على تضعيفه، وقال عمرو بن علي وأبو حاتم والنسائي: متروك الحديث. (1) .

وفي طريقه الثاني سليمان بن أرقم، قال عنه ابن معين: ليس بشيء، ليس يسوى فلساً. وقال أبو حاتم والترمذي وأبو أحمد الحاكم وغيرهم: متروك الحديث (2) .

وفي طريقه الثالث المغيرة بن موسى، ضعفه أكثر النقاد، وقال البخاري: منكر الحديث (3) .

وفي طريقه الرابع أبو عامر الخزاز صالح بن رستم، وثقه أبو داود الطيالسي وأبوداود السجستاني والبزار ومحمد بن وضاح، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أحمد: صالح الحديث. وقال العجلي: جائز الحديث. وضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال أبو أحمد الحاكم والدارقطني: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: وهو عندي لابأس به، ولم أر له حديثا منكراً جداً (4) . فهذا الراوي من أهل الصدق والعدالة، وصاحب أوهام وأغلاط، وعلى هذين الأمرين تتنزل أقوال الموثقين والمجرحين، والذي يظهر لي أن رفعه لهذا الحديث من أغلاطه، وقد خالفه أيوب السختياني فرواه عن ابن سيرين موقوفاً، كما سيأتي.

وأما حديث عائشة رضي الله عنها: من طريق الزهري مما رواه ابن جريج عن سليمان بن موسى عنه ففي طريقه الأول حفص بن غياث عن ابن جريج، وقد كان حفص من الثقات إلا أنه ساء حفظه بعد أن ولي القضاء، ونسبه أحمد وابن سعد للتدليس (5) . ولم يصرح بسماع هذا الحديث من ابن جريج، ففي السند شبهة الانقطاع.

(1)

تهذيب التهذيب 7 / 490 – 493.

(2)

تهذيب التهذيب 4 / 168 – 169.

(3)

لسان الميزان 6 / 79 – 80.

(4)

تهذيب التهذيب 4 / 391.

(5)

تهذيب التهذيب 2 / 415 – 418.

ص: 139

وفي طريقه الثاني خطأ في السند حيث جاء فيه من طريق أبي العباس عصم بن العباس الضبي قال: حدثنا محمد بن هارون الحضرمي، قال: حدثنا سليمان بن عمر الرقي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، قال: حدثنا ابن جريج. ورواه الدارقطني -كما في الطريق الذي يلي هذا -قال: حدثنا محمد بن هارون الحضرمي، به. لكن عنده (عيسى بن يونس) بدلاً من (يحيى بن سعيد الأموي) ، والدارقطني إمام ثقة حافظ مصنف، فروايته هي المحفوظة، فرجع هذا الطريق إلى الطريق الذي يليه.

وفي طريقه الثالث اختلاف في المتن، فهو هنا بهذا اللفظ، بينما رواه أبو يوسف الرقي محمد بن أحمد بن الحجاج عن عيسى بن يونس عن ابن جريج بلفظ:((أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها وشاهدي عدل فنكاحها باطل)) (1) ، فلا بد من الترجيح بين اللفظين، ويبدو أن الراجح هو ما رواه أبو يوسف الرقي، بدليل الفقرة التالية.

ثم إن روايةً اختلف على راويها في تسمية راو في السند أو اختلف عليه في حكاية لفظ المتن أو رويت من طريق راو مدلس لم يصرح بالسماع؛ كيف تقف أمام ما رواه ثلاثة عشر راوياً -فيهم السفيانان وابن المبارك وابن وهب-كلهم عن ابن جريج بالسند ذاته بغيرهذا اللفظ؟!!! وروايتهم بلفظ ((أيما امراة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل)) ، فهذا هو اللفظ المحفوظ عن ابن جريج كما سيأتي، ولفظ ((لا نكاح إلا بولي)) بهذا الإسناد معلول.

وفي الطريق الثاني عن الزهري الحجاج بن m أرطاة عنه، وقد تقدم أنه كثير الوهَم ويدلس عن الضعفاء والمتروكين، ويضاف هنا أنه كان قد صرح بأنه لم ير الزهري، فالسند ضعيف بسبب الانقطاع فضلاً عن كثرة أوهام الراوي.

(1)

سنن البيهقي 7 / 124 – 125 وعقب البيهقي عن الإمام الحافظ أبي علي النيسابوري أن أبا يوسف الرقي من حفاظ أهل الجزيرة ومتقنيهم.

ص: 140

وفي الطريق الثالث عن الزهري عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عنه، وهو متفق على تضعيفه، وقال عنه جماعة من النقاد: متروك الحديث. ونسبه ابن معين للكذب (1) .

وأما طريق هشام بن عروة ففي طريقه الأول محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه عنه، ومحمد بن يزيد بن سنان ذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الحاكم، وضعفه جمهور النقاد لغفلته وروايته المناكير، وأبوه يزيد بن سنان اتفق النقاد على تضعيفه، ووصف بأنه روى المناكير الكثيرة، وأنه منكر الحديث، وأنه متروك الحديث (2) .

وفي طريقه الثاني نوح بن دراج عنه، وقد وثقه ابن نمير، ولكن ضعفه جمهور النقاد، واتهم بالكذب ووضع الحديث وأنه حدث عن الثقات بالموضوعات (3) .

وفي طريقه الثالث مندل بن علي العنزي عنه، وقد قال عنه ابن معين في رواية: لابأس به. وكذا أبو حاتم في رواية، وضعفه جمهور النقاد، لرفع المراسيل وإسناد الموقوفات ورواية المناكير (4) .

وفي طريقه الرابع علي بن جميل الرقي، قال عنه ابن حبان: يضع الحديث وضعاً. وضعفه سائر النقاد (5) .

وفي طريقه الخامس مطرف بن مازن الصنعاني، متفق على تضعيف (6) .

وفي طريقه السادس الحسين بن علوان الكلبي، وهو متهم بالكذب ووضع الحديث (7) .

(1) تهذيب التهذيب 7 / 133 – 134.

(2)

تهذيب التهذيب 9 / 524 – 525. 11/ 335 – 336.

(3)

تهذيب التهذيب 10 / 482 – 484.

(4)

تهذيب التهذيب 10 / 298 – 299.

(5)

كتاب المجروحين لابن حبان 2 / 116. لسان الميزان 4 / 209 – 210.

(6)

لسان الميزان 6 / 47 – 48.

(7)

المصدر السابق 2 / 299 – 300.

ص: 141

وأما حديث علي رضي الله عنه: ففي طريقه الأول عبد الله بن أبي جعفر الرازي وهو مختلف فيه، وفيه قيس بن الربيع وهو مختلف فيه، أثنى عليه ووثقه جماعة من معاصريه، وضعفه آخرون لروايته المناكير، وذكر علي ابن المديني وابن نمير وأبو داود الطيالسي وابن حبان أن الآفة من ابنه حيث أدخل عليه في كتبه ما ليس من حديثه فحدث بذلك وهو لا يشعر، وفي هذا الطريق الحارث ابن عبد الله الأعور، وهو مختلف فيه وضعفه الأكثرون واتهمه جماعة بالكذب (1) .

وفي طريقه الثاني حجاج بن أرطاة وقد تقدم أن أكثر النقاد لينوه لكثرة أوهامه ثم هو مدلس ولم يصرح بالسماع، وفيه حصين [بن عبد الرحمن الحارثي] وقد نقل أبو حاتم عن الإمام أحمد ان أحاديثه مناكير فلا ينفعه ذكر ابن حبان في الثقات، وفيه الأعور وقد تقدم حاله قريبا (2) .

وفي طريقه الثالث حسين بن عبد الله بن ضميرة وقد كذبه مالك وأبو حاتم وابن الجارود وقال غيرهم: متروك الحديث (3) .

وفي طريقه الرابع خصيف [بن عبد الرحمن الجزري] وهو مختلف فيه وقال ابن حبان: تركه جماعة من أئمتنا واحتج به آخرون وكان شيخا فقيها عابدا إلا أنه كان يخطئ كثيرا فيما يروي (4) وفيه جابر بن عقيل ولم أجد له ترجمة فلعله في عداد المجهولين.

وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ففي طريقه الأول ثابت بن زهير فقد اتفق النقاد على تضعيفه وقال عنه البخاري والساجي والدارقطني: منكر الحديث، وقال عنه أبو حاتم: ضعيف الحديث لا يشتغل به (5) .

(1)

تهذيب التهذيب 5 / 176 – 177. 8 / 391 – 395. 2 / 145 –147.

(2)

تهذيب التهذيب 2 / 383.

(3)

ميزات الاعتدال 2 / 293. لسان الميزان 2 / 289 – 290.

(4)

تهذيب التهذيب 3 / 143 – 144.

(5)

لسان الميزان 2 / 76 – 77.

ص: 142

وفي طريقه الثاني عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي وقد ضعفه جمهور النقاد وقال فيه ابن معين: لم يكن به بأس وقال فيه البخاري: فيه نظر. وضعفه مسلم وغيره وقال فيه ابن حبان: كان يقلب الأسانيد ويروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات لا يجوز الاحتجاج بخبره (1) .

وأما حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: ففيه محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العرزمي، وقد تقدم أنه متروك الحديث.

وأما حديث أنس رضي الله عنه ففي طريقه الأول هشام بن سلمان المجاشعي وهو ضعيف (2) ، وفيه يزيد بن أبان الرقاشي وهو ضعيف متروك الحديث (3) .

وفي طريقه الثاني محمد بن علي بن سهل الأنصاري المروزي وقد قال فيه الإسماعيلي: لم يكن بذاك.واتهمه الذهبي بإحدى الروايات المنكرة وقال: ما أرى الآفة إلا منه. وذكره سبط ابن العجمي فيمن اتهموا بوضع الحديث (4) . وفيه يزيد الرقاشي وقد تقدم قريبا أنه ضعيف متروك الحديث

وفي طريقه الثالث دينار مولى أنس وقد حدث وروى عنه بوقاحة في حدود سنة 240، وهو ممن قيل فيه: يروي الموضوعات (5) .

وفي طريقه الرابع إسماعيل بن سبف البصري وقد ذكره ابن حبان في الثقات، لكن ضعفه البزار وأبو يعلى وعبدان الأهوازي، وقال عنه ابن عدي: يسرق الحديث (6) .

(1)

تهذيب التهذيب 8 / 111 – 112.

(2)

لسان الميزان 6 / 194 – 195. الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 9 / 62.

(3)

تهذيب التهذيب 11 / 309 – 311.

(4)

ميزان الاعتدال 6 / 264.لسان الميزان 5 / 295. الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث لسبط ابن العجمي ص 241.

(5)

لسان الميزان 2 / 434 – 435. وإنما قيل فيه تلك الكلمة الجارحة لأنه حدث عن أنس رضي الله عنه بعد وفاته بمئة وخمسين عاما مدعيا لقاءه وهو لم يدركه.

(6)

المصدر السابق 1 / 409.

ص: 143

وأما حديث أبي أمامة رضي الله عنه ففيه عمر بن موسى الوجيهي وهو أحد الوضاعين (1) .

وأما حديث سمرة رضي الله عنه ففيه الفضل بن محمد بن عبد الله الأنطاكي الأحدب وهو متهم بالكذب ووضعه الحديث (2) .

مناقشة الإمام الطحاوي للاستدلال بهذا الحديث:

مال الإمام الطحاوي رحمه الله إلى أن حديث: ((لانكاح إلا بولي)) مرسل، حيث إنه رواه من طريق سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي بُردة عن النبي (مرسلا، ليس فيه ذكر لأبي موسى الأشعري، ورواه من طريق إسرائيل بن يونس وقيس بن الربيع وأبي عوانة، كلهم عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي (موصولا، ورواه من بعض الطرق عن أبي عوانة عن إسرائيل عن أبي إسحاق، فرجع طريق أبي عوانة إلى إسرائيل، فلم يبق أمامه سوى رواية سفيان وشعبة بالإرسال، ورواية إسرائيل وقيس بن الربيع بالوصل، وسفيان وشعبة أقوى من هذين بكثير، فترجحت - بناء على ذلك - رواية الإرسال، والمرسلُ -عند المحدثين - ليس مما تقوم به حجة. (3)

وإن أهم مايزيل هذا الاعتراض هو أن الراويين اللذين رويا هذا الحديث موصولا لم ينفردا بذلك، بل تابعهم على روايته بالوصل كل من يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وشريك بن عبد الله النخعي، وزهير بن معاوية، وعبد الحميد بن الحسن الهلالي، والإمام أبو حنيفة، مما يجعل الواقف على هذه الطرق يجزم بثبوت رواية الوصل وأنها ليست من باب الوهَم. (4)

(1)

المصدر السابق 4 / 332 - 334.

(2)

المصدر السابق 4 / 448.

(3)

شرح معاني الآثار للطحاوي:3/8-9.

(4)

وقد سبق ذكر قرائن أخرى وروايات كثيرة للحديث تؤكد صحته وثبوته عند الكلام على هذا الحديث من حيث الدراية.

ص: 144

من أن الإمام الطحاوي رحمه الله -وضع احتمال ثبوت الحديث وسلامة سنده من علة الإرسال، فأورد عدة احتمالات في فهم الحديث بحيث تبعده عن مجال الاحتجاج به لقول الجمهور، وذلك إذ يقول: لو ثبت عن النبي (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي)) لم يكن فيه حجة لما قال الذين احتجوا به لقولهم في هذا الباب، لأنه قد يحتمل معاني: فيحتمل ما قال هذا المخالف لنا أن ذلك الولي هو أقرب العَصَبة إلى المرأة، ويحتمل أن يكون ذلك الولي من توليه المرأة من الرجال قريبا كان منها أو بعيدا،

ويحتمل أن يكون الولي هو الذي إليه ولاية البضع من والد الصغيرة أو مولى الأمة أو بالغةً حرة لنفسها، فيكون ذلك على أنه ليس لأحد أن يعقد نكاحا على بضع إلا ولي ذلك البضع، وهذا جائز في اللغة، قال الله تعالى:(فليملل وليه بالعدل ( [البقرة 282] ، فقال قوم: ولي الحق هو الذي له الحق (1) .

فكأن الإمام الطحاوي رحمه الله يقول لنا: ما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال. فالجواب: أن ليس كل ما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال، لأنه لو أُخذ بهذا القول على إطلاقه لما كاد يسلم استدلال لمستدل، إذ أين الدليل الذي لايتطرق إليه احتمال قوي ولاضعيف ولا واهن؟!! فلا بد من التفريق بين الاحتمال القوي والاحتمال الضعيف والواهن، والذي يفصل في تمييز الاحتمالات وترتيبها هو القرائن.

ولاشك أن من أقوى القرائن المعينة على فهم معنى الحديث تبادر المعنى إلى الأذهان، وخاصة أذهان الصحابة والتابعين.

(1)

شرح معاني الآثار للطحاوي:3/10.

ص: 145

وأما الاحتمال الأخير الذي أورده فهو إخلاء للنص عن الفائدة، وهذا مرجوح، إذ المعنى على هذا الاحتمال: لا يصح عقد على بُضع إلا بأن يعقده ولي ذلك البضع، وهذا تحصيل حاصل، بخلاف ماإذا فُسر الحديث بالمعنى الذي فهمه جمهور الصحابة والتابعين، وهو أنه لايصح عقد نكاح المرأة إلا بأن يعقده لها وليها الذي له عليها ولاية التزويج، فهذا تأسيس لمعنى يستفاد من النص، وهو أولى من حمله على معنى لا يتجاوز ماهو مسّلم معروف ببديهة العقول قبل ورود النص، وهو أنه لايصح لأحد أن يعقد على شيء إلا من له الحق في العقد عليه.

قد يُقال: إن المراد في الحديث نفي كمال النكاح، لا نفي صحته، فالجواب أن ((لا)) في قوله (( (لانكاح إلا بولي)) نافية للجنس، واسمها نكرة، والنكرة في سياق النفي للعموم، ثم إن الأصل في النفي نفي الحقيقة، فيكون المعنى هنا نفي الجواز والصحة، وأما حمله على أن المراد به نفي الكمال فهذا خلاف الأصل، ولايصار إليه إلا بقرينة.

ص: 146

هذا وإن من أهم ما يؤكد دلالة الحديث على أن المرأة لا تعقد عقد نكاحها لنفسها دون وليها: تضافر الآثار الواردة عن الصحابة وجمهور التابعين على أنه لا نكاح إلا بولي، منهم عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهم، وجابر بن زيد والحسن البصري وشريح وابن سيرين وسعيد بن المسيب وبكر بن عبد الله المزني وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النخعي ومكحول وغيرهم من التابعين رحمهم الله (1)

(1)

انظر: الموطأ للإمام مالك: 2 / 525. الأم للشافعي 5 / 13، 19، 22. مصنف عبد الرزاق 6 / 196 – 200، 202. مصنف ابن أبي شيبة 4 / 129 – 132، 135.سنن سعيد بن منصور 3 / 1/ 149 – 151، 154، 158. الأوسط لابن المنذر 3/ 187 ب، 190 ب. أخبار القضاة لوكيع 2 / 249، 255، 296. سنن الدارقطني 3 / 225، 227 – 229. سنن البيهقي 7 / 110 – 113، 124 – 127.معرفة السنن والآثار للبيهقي 5/ 236 – 237. شرح السنة للبغوي 9 / 45. ومعظم أسانيد هذه الآثار جيدة، انظر البحث الذي كتبته بعنوان: حديث لا نكاح إلا بولي من حيث الدلالة على المعنى المستفاد، ولعله ينشر قريبا بإذن الله.

المصادر والمراجع

الإحسان = صحيح ابن حبان.

أخبار القضاة: وكيع: عالم الكتب، بيروت، مصورة.

الأم: الإمام الشافعي، دار المعرفة، بيروت، مصورة.

الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف: ابن المنذر، مخطوطة أحمد الثالث باستانبول، رقم المخطوطة 1110.

البحر الزخار = المسند للبزار.

تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت، مصورة.

تاريخ جرجان: السهمي، عالم الكتب، بيروت، ط 4، 1407 / 1987.

التاريخ الكبير: البخاري، دار الفكر، بيروت، مصورة.

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: ابن عبد البر، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، 1387 / 1967.

تهذيب التهذيب: ابن حجر، حيدر آباد الدكن، الهند، ط 1، 1325.

تهذيب الكمال: المزي، ت د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1403 / 1983.

جامع مسانيد الإمام أبي حنيفة: الخوارزمي، دار الكتب العلمية، بيروت، مصورة.

الجرح والتعديل: ابن أبي حاتم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، مصورة.

سنن ابن ماجه، ت محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1372 / 1952.

سنن أبي داود، ت عزة عبيد دعاس،دار الحديث، حمص، ط 1، 1388/ 1969.

سنن البيهقي، دار المعرفة، بيروت، مصورة.

سنن الترمذي: ت الشيخ أحمد محمد شاكر وغيره، دار الكتب العلمية، بيروت، مصورة.

سنن الدارقطني: ت عبد الله هاشم يماني، دار المعرفة، بيروت، 1386 / 1966.

سنن الدارمي: ت د مصطفى البغا، دار القلم، دمشق، ط 1، 1412 / 1991.

سنن سعيد بن منصور: ت الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405 / 1985.

سير أعلام النبلاء: الذهبي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط4، 1406 / 1986.

شرح السنة: البغوي، ت الشيخ شعيب الأرناءوط، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1403 / 1983.

شرح معاني الآثار: الطحاوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1407 / 1988.

صحيح ابن حبان [الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان] : ابن بلبان، ت الشيخ شعيب الأرناءوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1408 / 1988.

الضعفاء الكبير: العقيلي، ت د عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1404 / 1984.

العلل للدارقطني، ت د محفوظ الرحمن السلفي، دار طيبة، الرياض، ط1، 1405/ 1985

علل الحديث: ابن أبي حاتم، دار السلام، حلب، مصورة.

الكامل في ضعفاء الرجال: ابن عدي، دار الفكر، بيروت، ط2، 1405 / 1985.

لسان الميزان: ابن حجر، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، مصورة عن الطبعة الهندية الأولى.

المجروحين: ابن حبان، ت محمود إبراهيم زايد، دار الوعي، حلب، ط1، 1396.

المستدرك: الحاكم، دار الكتاب العربي، بيروت، مصورة.

المسند: أبو داود الطيالسي، دار المعرفة، بيروت، مصورة.

المسند: أبو يعلى، ت حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، دمشق، ط1، 1404 / 1984.

المسند: الإمام أحمد، دار الفكر، بيروت، مصورة.

المسند: البزار، ت د محفوظ الرحمن زين الله، مؤسسة علوم القرآن، بيروت، ط1، 1409 / 1988.

المصنف: ابن أبي شيبة، ت عامر العمري الأعظمي، الدار السلفية، بومباي.

المصنف: عبد الرزاق الصنعاني، ت الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1403 / 1983.

المعجم الأوسط: الطبراني، ت د محمود أحمد الطحان، مكتبة المعارف، الرياض، ط1، 1405 / 1985.

المعجم الكبير: الطبراني، ت حمدي عبد المجيد السلفي، ط2.

معرفة السنن والآثار: البيهقي، ت د عبد المعطي قلعجي، جامعة الدراسات الإسلامية، كراتشي، ط1، 1411/ 1991.

المنتقى: ابن الجارود، دار القلم، بيروت، ط1، 1407 / 1987.

الموطأ: الإمام مالك، ت محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، مصورة.

ص: 147

أهم نتائج البحث:

حديث لا نكاح إلا بولي حديث صحيح ثابت من رواية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله (.

لم يصح هذه الحديث من طريق أي صحابي آخر، فلم تخل أسانيد تلك الطرق من راو متهم أو شديد الضعف.

لا يجوز للمرأة أن تعقد عقد زواجها بنفسها دون ولي.

لا بد للمرأة من ولي يعقد لها عقد زواجها أو يأذن لمن يعقد لها، وهذا لا يلغي أمره باستئمارها إذا كانت ثيبا واستئذانها إذا كانت بكرا.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.

الحواشي والتعليقات

ص: 148