الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قول الفلاسفة المنتسبين للإسلام في
توحيد الربوبية
عرض ونقد في ضوء مذهب السلف
د. سعود بن عبد العزيز الخلف
الأستاذ المشارك في قسم العقيدة - كلية الدعوة وأصول الدين -
بالجامعة الإسلامية
ملخص البحث
إن وجود الله عز وجل أمر ظاهر ودليله واضح في كل متحرك وساكن وقد فطر الناس على ذلك إلا أن طائفة ممن ينتمي إلى الإسلام زوراً وبهتاناً بحثوا في هذا الأمر بعقول مريضة وقياسات فاسدة متبعين في ذلك قول فلاسفة اليونان الوثنيين فزعموا جميعاً أن الله عز وجل لا صفة له ولا فعل ولا خلق ولا تدبير ولا خلق وإنما هو علة أولى استنفدت أغراضها وانتهى دورها، وقبعت في أبعد نقطة من عقل الإنسان وإحساسه. تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.
ويمكننا تقسيمهم باعتبار انتماءاتهم المذهبية إلى ثلاثة أقسام:
1 -
أهل الفلسفة المحضة: وقولهم هو المذكور سابقاً ما عدا الكندي الذي قال إن الله خلق العالم من العدم.
2 -
الباطنيون: الذين زادوا على القول السابق نفي النقيضين لا موجود ولا لا موجود ولا موصوف ولا لا موصوف.
3 -
فلاسفة الصوفية: الذين قالوا بقول الفلاسفة وزادوا دعوى وحدة الوجود التي هي من ضمن دعاوى بعض فلاسفة الوجود.
وقد بينت تلك المقالات من ناحيتين:
من الناحية العقلية: لإثبات أنهم من أضل الناس في العقل الذي هو مصدرهم ولا يقيمون لغيره وزناً.
ومن الناحية الشرعية: لإثبات أن دعواهم تناقض مع الشرع تماماً فقولهم لا عقل ولا شرع.
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فإن الله تعالى أرسل رسله ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، ويهدوهم إلى صراطه المستقيم، ويقيموهم على الملة القويمة، ويعلموهم العلم الصحيح النافع لهم في دينهم ودنياهم.
وكان مما أنزل الله على أنبيائه ورسله الهدى والبينات التي تعرف الخلق بربهم، وتنير قلوبهم بمعرفته المعرفة الصحيحة، التي تثمر تعظيمه وإجلاله ومحبته وخشيته ورجاءه والتعلق به، وتبعثهم على العمل الصالح والعلم النافع، مع التزكية والطهارة، ولزوم الأخلاق الحميدة والخصال الكريمة.
وفازت هذه الأمة من تلك التعاليم والنور والهدى بالحظ الأوفى والنصيب الأعلى بواسطة نبيها الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
إلا أن طائفة من الأمة تنكبت الصراط، وزاغت عن المنهاج، وأخذت تبحث عن الطريق إلى معرفة الله تعالى من غير طريق الأنبياء ومسلك الأتقياء، ووقع اختيارها لسوء طالعها وشؤم نظرها وفساد فكرها على أفسد المسالك، وأعقد الطرائق، وابعدها عن الهدى، وأقربها وألصقها بمسلك إبليس عدو الله وعدوها، ألا وهو منهج الفلاسفة الوثنيين المتقدمين من اليونان ومقالتهم. فأحلوها بعجرها وبجرها محل وحي الله ورحمته وتعليمه وهدايته، فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، واشتروا الضلالة بالهدى، والغواية بالرشاد. فأعقبهم ذلك نفاقاً في قلوبهم وحيرة في نفوسهم مع ريب وشك، بل طعن وتنقص لربهم، وإنكار وجحود لخالقهم، والمنعم عليهم ربهم، رب العالمين سبحانه عما يصفون، وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
وهذه الطائفة ممن تنتسب إلى الإسلام زوراً وبهتاناً، وهم من يسمون " فلاسفة المسلمين "، الذين لايثبتون لله تعالى وجوداً ولاصفة، ولافعلاً ولاربوبية ولا ألوهية، وإنما حقيقة قولهم الإلحاد والكفر.
وكان سبق لي أن كتبت دراسة مختصرة في قول الفلاسفة الوثنيين اليونان في التوحيد، وبينت من خلال النقول عنهم أنهم لا يقرون لله تعالى بوجود حقيقي ولاربوبية ولاألوهية، سواء منهم من صرح بالإلحاد وإنكار وجود الخالق، وأن العالم خلق من غير شيء، ومن زعم أنه يثبت موجوداً أعلى هو العلة لوجود العالم، لكنها علة ضعيفة هزيلة، تعالى الله عن قولهم جميعاً علواً كبيراً.
وكانت تلك الدراسة الأولى ضمن سلسلة في ذكر قول الفلاسفة في الله تعالى، وأثر قولهم.
وهذه دراسة ثانية أشير بها إشارات مختصرة إلى مقالة تلاميذ أولئك من المنتسبين للإسلام، وأبين فيها قولهم ثم أبين بطلانه، وأنه قول لايقوم على شرع صحيح، ولا عقل صريح، بل هو لاعقل ولاشرع، وإنما هو ترديد لكلام السابقين من الوثنيين، وقد يضيفون عليه شيئاً من المسميات الإسلامية ذراً منهم للرماد في العيون، ورغبة في أن تروج تلك البضاعة الفاسدة على المسلمين.
ولكن الله لهم بالمرصاد يخزيهم ويفضحهم، ويثبت عباده الصالحين على الحق والهدى، بما أنزل في كتابه من النور والبركة، وبما أوحى لنبيه من الحق والرشاد، وبتكفله تبارك وتعالى لهذا الدين بالبقاء والثبات والعلو والنصرة. قال تعالى:{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} التوبة (33)، وقال تعالى:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} الحجر (9) .
وفيما أنزل الله من الحق والهدى والنور، المضمن في كتابه وسنة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة والسلام في باب التوحيد وغيره، ما فيه غناء عما سواه، وكفاية عن قول كل ما عداه.
فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. ونسأله سبحانه إذ هدانا بفضله وكرمه أن يمن علينا بالثبات على الحق والهدى إلى يوم نلقاه، وأن يقينا والمسلمين من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يثبتنا على الحق والهدى إلى يوم نلقاه. إنه فعال لما يريد، جواد كريم، رؤوف رحيم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. آمين
خطة الدراسة:
جعلت هذه الدراسة في فصل واحد في قول الفلاسفة المنتسبين للإسلام، ويتضمن تمهيداً ومبحثين على النحو التالي:
التمهيد: في تاريخ دخول الفلسفة على المسلمين.
المبحث الأول: قول أهل الفلسفة المحضة والباطنيين، وبيان بطلانه، وفيه مطالب:
المطلب الأول: قولهم في وجود الله تعالى وصفاته.
أولاً _ أهل الفلسفة المحضة.
ثانياً_ الباطنيون.
ثالثاً _ الرد على الفلاسفة والباطنيين في قولهم في الله تعال.
المطلب الثاني: قولهم في إيجاد الكون:
أولاً _ أهل الفلسفة المحضة.
ثانياً _ الباطنيون.
ثالثاً _ بيان بطلان قولهم.
المبحث الثاني: قول فلاسفة الصوفية أصحاب وحدة الوجود:
تمهيد: فيه تعريف بالصوفية.
المطلب الأول: قولهم في وجود الله تعالى وصفاته.
المطلب الثاني: قولهم في إيجاد الكون.
المطلب الثالث: قولهم في وحدة الوجود.
المطلب الرابع: الرد عليهم في دعوى وحدة الوجود.
الخاتمة: وفيها أهم النتائج.
فصل: في قول الفلاسفة المنتسبين للإسلام في التوحيد
وفيه تمهيد ومبحثان:
مقدمة:
فلاسفة اليونان ورثوا العالم شراً عظيماً فيما يتعلق بالاعتقاد بالله (ومعرفته وعبادته وقد تأثر بهم في مقالاتهم كثير من اليهود كما تأثر بهم النصارى تأثراً قوياً، بل يمكن القول إن مقالاتهم صبغت تعاليم المسيح (وحلت محلها وذلك عن طريق بولس وغيره من فلاسفة النصارى مع عوامل أخرى عديدة (1) .
وكما أثرت في اليهود والنصارى فقد أثرت أيضاً في المسلمين وانتحلها بعض المنتسبين للإسلام وتبنوا تلك الآراء وأخذوا بها، كما أثرت في آخرين أخذوا ببعض مناهج الفلاسفة فأحلوها محل مقابلها من الشرع، إلا أن المسلمين تميزوا بفضل الله عن غيرهم بأن دخول الفلسفة كان لبعض المنتسبين للإسلام، بحيث صاروا فرقة أو طائفة ولم يكن قولاً عاماً يأخذ به جل المسلمين فضلاً عن جميعهم، وإنما أخذ به من كان خاوياً من الوحي والنور المنزل في القرآن والسنة أو كان حظه منهما ضعيفاً وليس كاملاً.
وهؤلاء الذين أخذوا بقول الفلاسفة من المنتسبين للإسلام يمكننا أن نقسمهم إلى ثلاثة أقسام:
1 -
أهل الفلسفة المحضة.
2 -
الباطنيون.
3-
فلاسفة الصوفية.
وقبل أن نذكر قول الفلاسفة المنتسبين للإسلام نقدم بتمهيد نذكر فيه باختصار تأريخ دخول الفلسفة على المسلمين.
تمهيد: تاريخ دخول الفلسفة على المسلمين
المسلمون كانوا في سلامة وعافية من أقوال أهل الضلالة والانحراف، فقد كانوا زمن الصحابة (والتابعين مجمعين على كتاب ربهم وسنة نبيهم (ليس لهم نظر في غيرهما ولا التفات إلا إليهما، إلى أن ابتلوا بداء من قبلهم من الأمم باسم العقل، فدب فيهم الخلاف والانحراف كما دب في الذين من قبلهم من أتباع الأنبياء. وسنشير في عجالة مختصرة لتاريخ دخول الفلسفة على المسلمين.
أولاً: انتقال فلسفة اليونان إلى المناطق التي طالتها الفتوح الإسلامية
الفلسفة اليونانية كما ذكر كثير من المؤرخين تمركزت قبل الإسلام في ثلاث مناطق هي:
حران (1) : وهي بلاد الصابئة وقد التقت في تلك المدينة الفلسفة اليونانية وخاصة مذهب الفيثاغوريين (2) والأفلاطونية المحدثة (3) مع وثنية أهل البلاد.
ومدينة جنديسابور (4) : حيث أسس كسرى أنوشروان فيها معهداً للدراسات الفلسفية والطبية وكان معظم معلمي ذلك المعهد من النصارى النساطرة (5) السريان (6) .
والإسكندرية: التي كانت وارثة أثينا في الفلسفة، حيث أنشأ فيها بطليموس الثاني فيلادلفوس الحاكم اليوناني مكتبة الحكمة وذلك بعد سنة 285 ق. م وجمع فيها كتب الفلسفة، فاجتمع عنده فيها ديانة البلاد وفلسفة اليونان وفيها ظهرت الأفلاطونية المحدثة على يد أفلوطين وفيلون اليهودي (1) وهما مصريان.
ثانياً: دخول تلك الفلسفة على المسلمين
لما دخل المسلمون تلك البلدان التي كانت مراكز للفلسفة اليونانية واحتكوا بأهلها تأثر بعضهم بتلك الفلسفات، ومما زاد في التأثير شغف بعض حكام المسلمين بالعلوم الطبيعية ثم بالعلوم العقلية، فقاموا بترجمة ما وجدوا في تلك البلدان من الكتب.
ويهمنا من ذلك كتب الفلسفة المتعلقة بخالق هذا الكون وإيجاده له. وكان هذا الأمر وهو ترجمة كتب اليونان إلى العربية قد تم عن طريق النصارى السريان سواء كانوا من النساطرة أو اليعاقبة (2) حيث كانوا نقلوا من قبل بعض كتب اليونان إلى لغاتهم خاصة السريان منهم ثم صاروا الواسطة في اطلاع المسلمين على فلسفة اليونان وكان من أوائل المترجمين:
يحي بن البطريق المتوفى 200هـ: الذي ترجم كتاباً سماه ((طيماوس)) لأفلاطون الذي يتحدث فيه عن ترتيب ما يسميه الطبيعة، كما ترجم كتاب ((الأثار العلوية)) لأرسطو.
ومنهم عبد المسيح الحمصي: المتوفى في حدود 220 هـ ترجم كتاب
((الأغاليط)) لأرسطو، وكتاباً نسب خطأً لأرسطو يسمى ((الربوبية)) وهو جزء من تاسوعات أفلاطون.
وأبو زيد حنين بن إسحاق المتوفى عام 260 هـ وابنه إسحاق بن حنين المتوفى عام 298هـ وابن أخته حبيش بن الحسن.
وهم من مترجمي الدولة العباسية وبالأخص المأمون، وقد عني حنين بن إسحاق بترجمة كتب الطب، أما ابنه إسحاق فقد عني بترجمة كتب الفلسفة.
ومنهم قسطا بن لوقا البعلبكي: وهو من نصارى الشام وقد شرح كثيراً من كتب أفلاطون وأرسطو كما ترجم من اليونانية إلى العربية بعض كتب شراح أرسطو.
وأبو بشر متى بن يونس القنائي المتوفى عام 328 هـ وتلميذه يحيى بن عدي بن زكريا المتوفى عام 364هـ. وكل هؤلاء من النصارى إما النساطرة أو اليعاقبة. (1)
وبسبب هذه الترجمات اتصل المسلمون بتلك العلوم الفلسفية، ومما زاد في تأثير ذلك اهتمام بعض الخلفاء بهذه العلوم وتشجيعهم لها بل وتقديم المتأثرين بها وانتحال مذهبهم، كما هو الحال مع المأمون (2) والمعتصم (3) والواثق (4) .
وقد كان المأمون من أكثرهم حرصاً على هذه العلوم، حتى أنه راسل ملوك الروم، وأتحفهم بالهدايا، ملتمساً منهم أن يرسلوا بما لديهم من كتب الفلاسفة، فبعثوا إليه ما كان لديهم من كتب أفلاطون (5) وأرسطو (6) وأبقراط (7) وغيرهم من الفلاسفة، فاختار لها أمهر المترجمين وكلفهم إحكام ترجمتها ثم حض الناس على قراءتها ورغبهم في تعلمها.
وكما هو معلوم فإن المأمون قد انتحل مذهب المعتزلة القائم على أصول فلسفية في صفات الله (وأفعاله، كما حمل الناس بقوة السلطان على الأخذ بذلك ومن أبى فليس له إلا الإقصاء أو الحبس والأذى، وتابعه على ذلك أخوه المعتصم ثم ابنه الواثق في امتحان الناس على مذهب المعتزلة بما يسمى في التاريخ ((بفتنة القول بخلق القرآن)) (8) أو ((محنة الإمام أحمد بن حنبل)) .
وهكذا وجدت الفلسفة اليونانية الوثنية طريقها إلى المسلمين، فزاحمت في عقول العديد منهم وقلوبهم وحي الله ونوره المتمثل في القرآن والسنة فراح بعضهم يحاول التلفيق بين الوحي المنزل وبين الفلسفة الوثنية، ومنهم من أقصى الوحي المنزل وأحل محله في جميع الأمور المتعلقة بالله (وصفاته وأفعاله قول فلاسفة اليونان.
كما ثبتت طائفة من المسلمين على الحق المتمثل في القرآن والسنة وفهم السلف معرضة بل ومحتقرة سخافات العقول وترهاتها المتمثلة في كلام فلاسفة اليونان ومن أخذ بقولهم مستغنية في عقيدتها وجميع شؤونها الدينية بما جاء من الحكيم الخبير {ومن أصدق من الله حديثاً} النساء (87) ، وهي في نفس الوقت عالمة ومتيقنة بصحته وسلامته من كل خطأ أو شذوذ أو تناقض أو انحراف في كل معلومة متعلقه بالله (أو غيره مما ورد في الوحي المنزل، بخلاف ما عليه كلام الفلاسفة المتخرصين الذين لا يكادون يصيبون في قضية، ولا يسلم ولا يصح لهم وسيلة ولا هدف ولا نتيجة وإنما هم متخبطون متناقضون متهافتون وهم كما قال الله ( {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون} الأنعام (148) .
المبحث الأول: قول أهل الفلسفة المحضة والباطنيين وبيان بطلانه
المطلب الأول: قولهم في وجود الله (وصفاته.
أولاً: أهل الفلسفة المحضة:
أهل الفلسفة المحضة، ونقصد بهم من لم يكن منتمياً إلى فرق أخرى، مثل الباطنية والصوفية ونحوه، وذلك مثل: الكندي والفارابي وابن سينا (1) ونحوهم هم تلاميذ لأرسطو وأفلاطون وغيرهم من فلاسفة اليونان الوثنيين، وهم وإن لم يجلسوا في حلقاتهم ويستمعوا إلى دروسهم إلا أنهم تتلمذوا على كتبهم التي ترجمت كما قلنا أولاً من قبل النصارى، فتلقفها عنهم هؤلاء وأخلصوا لها والتزموا ما فيها معرضين عن النور الذي أوحي إلى نبيهم وفيه فصل المقال والحكمة الحقة من لدن حكيم خبير.
فأخذ هؤلاء المتفلسفة بالحظ الأدنى والحال الأردى، فقالوا في الله تعالى قولاً عظيماً ونأوا عن الإسلام وأهله نأياً بعيداً.
فمن ذلك قول الكندي (1) الذي يعتبر من فلاسفة المسلمين الأوائل ومما عزي إليه من القول في ذلك: أن الله تبارك وتعالى أزلي واحد بإطلاق لا يسمح بأية كثرة، ولا تركيب، ولا ينعت ولا يتصف بأية مقولة، ولا يتحرك، وهو وحدة محضة، وعنه تصدر كل وحدة وكل ماهية، وهو الخالق والمبدأ لكل حركة (2) .
أما الفارابي (3) فيقول إن الله تبارك وتعالى هو واجب الوجود، وهو قائم بذاته منذ الأزل لا يعتريه تغير من حال إلى حال، وهو عقل محض، وخير محض، ومعقول محض، وعاقل محض، وهو العلة الأولى لسائر الموجودات، وتعينه هو تعين ذاته، وهو إذا وصف بصفات فإنها لا تدل على المعاني التي جرت العادة أنها تدل عليها، وهي صفات مجازية لا يدرك كنهها إلا بالتمثيل (4) .
ويقول ابن سينا (5) : إن الله تبارك وتعالى واجب الوجود، ووجوده عين ماهيته، وهو واحد لا كثرة في ذاته بوجه، ولا تصدر عنه الكثرة، وهو عقل محض لا جنس له، ولا ماهية له، ولا كيفية ولا كمية، ولا أين له، ولا متى، ولا ندَّ له، ولا شريك، ولا ضد له، ولا حد له، ولا برهان عليه، وهو يستحيل عليه التغير، وهو مبدأ كل شيء، وليس هو شيئاً من الأشياء بعده، وهو لا يتحرك وإنما يحرك غيره على طريقة تحريك المعشوق لعاشقه (6) .
وهو يرى أن الله لا يوصف إلا بالسلب (7) أو الإضافة (8) أو مركب منهما (9) .
ويتضح من ذلك أن هؤلاء المنتسبين للإسلام من الفلاسفة لم يدخل قلوبهم ولا عقولهم شيء من نور الوحي، وإنما راحوا خانعين يرددون كالببغاوات ما قال أشياخهم الفلاسفة الوثنيون، وصاروا إلى المقالة نفسها وهي: أن الله لايوصف لا بالصفات ولا بالأفعال، كما أنه لا ذات له على الحقيقة وإنما هو وجود ذهني مطلق لا وجود له خارج الذهن.
ثانياً: الباطنيون
الباطنيون ممن ينتسب للإسلام زوراً وبهتاناً فقد درجوا على كل نحلة وملة إلا الإسلام فإنهم لم يعرفوه ولم يعرجوا عليه. والباطنيون هم من غلاة الشيعة الذين أظهروا التشيع لأهل البيت وأبطنو الكفر والزندقة.
وهم فرق عديدة من أهمها.
الإسماعيلية: وهم الذين يسوقون الإمامة في علي ثم أولاده من بعده الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين (1) ، ثم محمد بن علي بن الحسين الملقب بالباقر (2) ،ثم جعفر بن محمد بن علي الملقب بالصادق (3) ،ثم إسماعيل بن جعفر (4) ، إلا أن إسماعيل هذا مات في حياة أبيه وقد خلَّف ابناً اسمه محمد (5) .
فمن الشيعة من وقف على إسماعيل واعتبره الإمام، وأنه غاب بسبب خوفه على نفسه، وهو لا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
ومنهم من قال: إن الإمام بعد جعفر هو حفيده محمد بن إسماعيل ثم زعموا أن الأئمة المستورين الذين يدعون إلى المذهب في سائر البلدان ابتدأوا من محمد ابن إسماعيل.
وقالوا: إن الإمام إما ظاهر مكشوف، وإما باطن مستور، فإذا كان الإمام ظاهراً جاز أن يكون حجته مستوراً، وإذا كان الإمام مستوراً فلابد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين.
وللإسماعيلية عقائد كفرية من أهمها قولهم بقول الفلاسفة الوثنيين في التوحيد كما سنبين.
كما أنهم يزعمون أن للأنبياء أدواراً كل سبعة منهم يمثلون دوراً وكلما جاء آخر السبعة نسخ شرائع الذين قبله ويعتبرون أن محمد بن إسماعيل هو الدور السابع بعد نبينا محمد (فهو ناسخ لشريعته.
وينكرون المعاد والبعث الجسدي والجنة والنار ويزعمون بقاء الحياة وأنها لا تنقطع أبداً، أما القيامة عندهم فهي رمز لخروج إمامهم وهو محمد بن إسماعيل وزعموا أن أعداء الإسماعيلية تبقى أرواحهم في هذه الدنيا تنتقل من بدن إلى بدن، أما الأرواح الزكية فتتحد في العالم الروحاني بعد مفارقتها الجسد وذلك هو جنتها (6) .
ومن الإسماعيلية انبثق القرامطة والحشاشون والفاطميون والدروز.
وسنذكر قول كل من الإسماعيلية والدروز إذ هم المنتشرة كتبهم من الفرق الباطنية.
قول الإسماعيلية في وجود الله (وصفاته:
الإسماعيلية قالوا بما قال به من قبلهم من الفلاسفة، فلم يختلف قولهم عن قول من قبلهم إلا في المسميات التي يلبسون بها على المسلمين، فقد نفو عن الله (جميع الصفات بل الذات والأفعال بل قالوا ما يدل على نفي وجوده تبارك وتعالى عما يقولون.
يقول الداعي الكرماني (1) في كتابه ((راحة العقل)) : إن الله تعالى لا يوصف بالوجود، وعلل ذلك بأن إثبات وجوده يحتاج إلى إثبات موجد، فعليه فهو غير موجود (2) كما أنه لا موصوف ولا هو لا موصوف (3) فكل صفة يوصف بها المخلوق الموجود لا يوصف الله (بها.
وقال الحامدي (4) : ((فلا يقال عليه -يعني الله (- حي ولا قادر ولا عالم ولا عاقل ولا كامل ولا تام ولا فاعل لأنه مبدع الحي القادر العالم التام الكامل الفاعل ولا يقال له ذات لأن كل ذات حاملة للصفات)) (5) .
ومن هذا قول محمد بن سعد بن داؤد الرفنة (6) في رسالته الكافية:
((الحمد لله الملك المبدع الأحد الفرد الصمد من غير عدد رافع السموات بلا عمد الذي لم يزل في القدم موجوداً، وبأزل الأزل معبوداً لا يدخل على ذاته التغيير ولا يعزب مثقال ذرة عن علمه ولا تحويه الأشياء ولا يدركه العقل أو يشمله الفكر، ليس هو موجوداً فيوصف ولا غائباً فينعت سبحانه لا إله إلا هو ظهر للكل بالكل، فلولا وجوده لما عرفه أحد لأنه لا بمكان كائن ولا يوجد تفاوت في ذاته القويمة القديمة)) (7) .
قول الدروز:
الدروز طائفة من الباطنية الإسماعيلية، تعزى إلى رجل تركي يسمى: محمد بن إسماعيل الدرزي، واسمه الحقيقي " نشتكين". وفد إلى مصر سنة 407هـ، فحسن للحاكم بأمر الله الفاطمي (8) ادعاء الألوهية.
فالدروز يؤلهون الحاكم، ويعتقدون أنه الصورة الناسوتية للإله، ويعبدونه ويصرحون بذلك، وإن كان بعضهم يحاول أن يخفي ذلك. وهم يقولون بالتناسخ بعد الموت، وأن الشرائع كلها منقوضة إلا عقيدتهم، التي يطلقون عليها التوحيدية. (1)
والدروز كإخوانهم الإسماعيلية وعموم الباطنية في نفيهم عن الله تعالى جميع الصفات، بل الذات والأفعال، فهذا د. سامي نسيب مكارم الدرزي يقول في كتابه " أضواء على مسلك التوحيد ":" فهو تعالى لا شخص ولا روح ولا شيء، ولا جوهر ولا عرض ولا فكر ولا جسم ولا وجود ولا عدم، ولا عنصر، ولا كثيف ولا لطيف، ولا نور ولا ظلمة، ولا جزء ولا كل، ولا علوي ولا سفلي، ولا قائم ولا حاضر، ولا ماض ولا مقبل (2) ، ولا كبير ولا صغير، ولا قريب ولا بعيد، ولا أية صفة تضمنتها اللغات والكلمات أو تصورتها وتخيلتها الأفهام. فهو منزه يتعدى جميع الصفات التي يدركها البشر بحواسهم وبعقولهم، وبمشاعر قلوبهم، بل كل ما يقال عنه مجاز ودلالة "(3) .
ثالثاُ: الرد على الفلاسفة والباطنيين في قولهم في الله (
الفلاسفة المنتسبون للإسلام الحجة عليهم قائمة أكثر وأعظم ممن قبلهم من الوثنيين، لأنهم أدركوا الإسلام وعرفوه، ووجد بين أيديهم ما يفضح فساد قول أهل الضلالة، ويظهر عوره ونقصه، لو كانوا يبصرون. وهؤلاء نرد عليهم من ناحيتين عقلية وشرعية:
أما عقلاً فنقول:
1 إن كلام الفلاسفة السابقين واللاحقين عن الخالق تبارك وتعالى كله من باب الظن والتخمين، لأنهم لم يروا الباري تبارك وتعالى، ولم يروا شبيهاً له، ولم يشهدوا خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم، كما لم يأخذوا قولهم هذا عن مخبر صادق، فبالتالي لا يعدو أن يكون ظناً وتخميناً.
2 إنهم بنوا كلامهم عن الباري تبارك وتعالى على النظر في مخلوقاته مما يحيط بهم ويرونه ويشاهدونه، وهذا ليس كافياً في إعطاء العلم الصحيح الكامل بالله عز وجل لأن مخلوقاته تدل على أشياء عامة وليس أشياء دقيقة كما راحوا يحاولون أن يقرروا ويثبتوا.
3 إنهم استخدموا في كلامهم عن الله (قياس الغائب على الشاهد قياس تمثيل وقياس شمول، وكل ذلك باطل بالنسبة لله (،لأن قياس التمثيل قياس يستوي فيه الأصل والفرع، وقياس الشمول يستوي فيه الأفراد تحت حكم واحد (1) ، وإذا كان الفلاسفة يرون أن الله لا يشبهه أحد فقياسهم فاسد وموصل لفساد، لأنهم به: إما أن يجعلوه شبيهاً لغيره، بناءً على قياس التمثيل، أو يجعلوه محكوماً بقاعدة واحدة هو وأفراد من جنسه، بناءً على قياس الشمول، أو ينفوا وجوده، بناءً على الغلو في نفي المشابهة.
وهذا كله باطل والأولى من ذلك استعمال قياس الأولى وهو أن ما كان كمالاً في المخلوق فالخالق واهبه فهو أولى به، وما كان من نقص فالخالق منزه عنه لكماله وجلاله (2) .
4 إنهم لم يقفوا في نظرهم ومحاولتهم التعرف على خالق هذا الكون على النظر إلى المخلوقات الظاهرة أمام أعينهم فيهديهم ذلك إلى كمال وجلال موجدها وخالقها، وإنما راحوا يبحثون في أصل مادة الكون وعلة وجوده ومباحث أخرى هي تبع لذلك مبنية على الظن والتخمين وبنوا على ذلك الخرص والتخمين وصف الله (ومعرفته، مع أن معرفة أصل الأشياء ومادتها الأولية فيه صعوبة بل عسر، أما مابعد عنا كالكواكب والسموات وما غاب عنا من المخلوقات فمعرفة أصل مادته أقرب إلى المستحيل، فيكون إدراج ذلك كله في قضية واحدة مع المشاهد المحسوس من الخلق خلفاً وخطأً كبيراً.
5 إن إثبات وجود الله (ضرورة من الضروريات بل هو من أوجبها وألزمها وأوضحها، ولا ينكر وجوده جل وعلا إلا مكابر جاحد لأن مما هو مستقر في الفطر وبدهي في العقل أن كل موجود لا بد له من موجد، ولا بد أن يصل التسلسل إلى نهاية وإلا كان باطلاً والتسلسل في الوجود موصل إلى نهاية وهو الله تبارك وتعالى، وهذا لا يخالف فيه إلا شذاذ ملاحدة الفلاسفة. (1) وهنا نقول كما أن الله تبارك وتعالى وجوده ضروري، فكذلك إثبات صفاته تعالى ضروري لعدة أمور:
أأن وجوده موجب لإثبات صفاته لأن كل موجود لابد أن يكون له صفات، فإذا لم يكن له صفات فهو المعدوم، والمعدوم ليس شيئاً موجوداً بل هو كاسمه ليس بشيء.
فلا يفرق بين الموجود والمعدوم إلا بوجود الصفات في الموجود وانتفائها عن المعدوم.
ب أن كل موجود إنما يتميز عن غيره بالصفات الخاصة به فالبشر يتميزون فيما بينهم بالصفات وهكذا سائر المخلوقات، وهي وإن كان بينها تماثل من وجه في تلك الصفات إلا أن بينها تمايزاً ظاهراً من وجوه أخرى، فكذلك الخالق تبارك وتعالى يتميز عن البشر بالصفات التي تميزه عن المخلوقات تميزاً ظاهراً.
ج أن إثبات التمايز وعدم التماثل بين الخالق والمخلوق ضروري، كإثباتنا لوجوده وصفاته، لأنه وإن كان البشر وسائر المخلوقات تتصف بصفة الوجود، والخالق تبارك وتعالى متصف بذلك إلا أن الفرق بين الوجودين ظاهر واضح، فوجود كل موجود سوى الله (محدود له بداية، كما أنه يستمد وجوده من إيجاد الله تبارك وتعالى له، أما الله تبارك وتعالى فلا بداية لوجوده ولا يستمد وجوده من أحد سبحانه فهو الفرد الصمد وهو الأول والآخر. فعلى هذا لا بد أن يكون له من الصفات أكملها وأعلاها مما لا يماثله فيها أحد من مخلوقاته.
د أن وجود المخلوقات موجب لوجود الصفات للخالق لأنه لا يمكن بحال أن توجد هذه المخلوقات مع ما هي عليه من حسن الخلق وعجيب الصنع وبديع النظام، ممن هو فاقد للصفات، فلا بد من إثبات الصفات حتى يصح نسبة الإيجاد إليه، وعزو الفلاسفة ومن أخذ بقولهم الإيجاد إلى أشياء في زعمهم صدرت عن الله مثل النفس الكلية والعقل وما إلى ذلك، إنما هو خرافة لأنه لا يمكن أن توجد النفس الكلية التي تفعل وتوجد أو تدبر وتتصرف والأصل الذي صدرت عنه فاقد لذلك، فمن أين لها أن توجد لنفسها الصفات التي تؤهلها للفعل والتدبير ما لم يكن أصلها يملك ذلك.
6 أن ما ذكره الفلاسفة في وصفهم لله تبارك وتعالى كلام فاسد لا يعدو أن يكون كلاماُ لا يثبت به شيء. وذلك يتضح من وجوه:
أولاً: قولهم إن الله تبارك وتعالى عقل، كما يصرح بذلك الفارابي وابن سينا، يعني أن الله فكر أو فكرة أو شيء معقول أو يَعْقِل ويُعْقَل، وهذا كله إثبات لمعنى بدون ذات، وهو أمر لا يعقل ولا يفهم، إنما المفهوم منه أنه لا ذات له جل وعلا، ومنهم من صرح بذلك، كما قال بذلك الحامدي والدرزي، وكل ما لا ذات له لا وجود له، أو لا وجود له بنفسه، بل يكون قائماً في غيره أو صادراً عن غيره مثل الأفكار والكلام فهي معان وصفات تقوم بغيرها ولا تقوم بنفسها، والفلاسفة ينفون أن يكون الله قائماً بغيره أو صادراً عن غيره، لأنهم يدعون أنه علة للوجود، فبالتالي يكون مرادهم أنه لا ذات له، وهذا نفي لوجوده وهو قول يتناقض تماماً مع دعوى وجوده ودعوى صدور العالم عنه كما سيأتي. فيتفقون بذلك مع ملاحدة الفلاسفة.
ثانياً: قولهم بأنه واحد أو أوحد مرادهم به: أنه واحد من كل وجه بحيث لا يوصف بغير الواحدية أو الأحدية وهذا نفي لصفاته، وهو نفي لوجوده أيضاً، لأن كل موجود لا بد أن يوصف بالصفات، كما سبق أن بينا، فإذا انتفت عنه الصفات فذلك نفي لوجوده، لأن إثبات وجود الشيء إنما هو إثبات لصفاته، فلا يمكن أن يكون موجوداً لا صفة له لأنك حين تقول لا صفة له فذلك يعني أحد أمرين: إما أنك غير قادر على التعبير عن صفاته بالعبارات الصحيحة مثل قول النبي (عن سدرة المنتهى: ((فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها)) (1) . وهذا ما لا يقصده الفلاسفة.
والمعنى الآخر الذي يقصدونه: أنه لا صفة له في نفس الأمر يمكن أن تذكر أو يعبر عنها بعبارة، وحقيقة هذا أنه مثل قولك لا وجود له، لأن ما لا صفة له هو المعدوم الذي لا وجود له، وهذا يتنافى مع العقل، ولازم أخذهم بالعقل يوجب عليهم إثبات الصفات لأن نفي الصفات بالكلية عن الموجود ينافي العقل، فإن العقل لا يثبت موجوداً إلا له صفات، وما نفى العقل وجوده هو ما لا يستطيع أن يصفه بصفة وهذا هو حقيقة قول هؤلاء الفلاسفة الدهرية.
ثالثاً: نفيهم عن الله (التغير إنما يريدون به -كما ينص على ذلك ابن سينا وغيره-: أنه لا يحدث فيه أي تغير لا في الماضي ولا في المستقبل مهما كان هذا التغير قليلاً. هو قول لا يقبله العقل فضلاً عن الشرع، لأن معنى ذلك نفي لفعله وتشبيه له بالمعدوم أو الجماد، لأن المعدوم لا يتأتى منه الفعل، كما أن الجماد لا يتأتى منه فعل ولا تغير إلا أن يُغَير أما هو فلا يغير نفسه، ومعنى ذلك أن الله تبارك وتعالى لا يريد ولا يأمر ولا ينهى ولا يدبر ولا يتصرف في شيء بل الأشياء هي التي تتصرف دونه، ولا قدرة له عليها ولا تدبير له فيها، وهي المدبرة المتصرفة بشأنها، وكل ذلك يأباه العقل، فإن الحياة والإيجاد والتصرف والتدبير الموجود في الكون، إما أن يعزى إلى فاعل مدبر متصرف ذي قدرة كاملة وإرادة تامة، وإما أن يعزى إلى جماد أو عدم، ولا شك أن العقل مضطر إلى الإقرار بوجود الخالق المتصرف ذي القدرة والإرادة والتدبير، وإلا انتفى وجود الكون كله، لأن ما فيه من خلق وإيجاد وتصرف وتدبير يدل على وجود وحياة الخالق وكمال قدرته وإرادته دلالة واضحة يضطر إليها كل عاقل، فضلاً عمن أمعن ودقق النظر، فإنه سيضطر إلى الإقرار بوجود الخالق ذي الجلال والإكرام.
وقول ابن سينا وغيره: إن الخالق لا يتغير ثم يزعمون أن الخلق صدر عنه، كما سيأتي مثل من يزعم أن جبل أحد أو أن صخرة صماء أوجدت بنفسها إنساناً أو حيواناً بدون فعل فاعل أو أن إنساناً أو حيواناً صدر عنها ووجد منها، فهذا كله مناف للعقل ويستسخفه كل ذي عقل سليم.
رابعاً: قولهم إنه لا يتحرك كما هو زعم ابن سينا هو مثل سابقه لأنه يتضمن نفي حياته، لأن فرق ما بين الحي والميت الحركة فالشيء الذي لا يتحرك هو الميت أو الجماد، والجماد ميت لا حياة فيه.
ولا شك أن هنا سؤالاً يطرح نفسه وهو: كيف يتأتى من ميت أو فاقد للحركة أن يعطي الحياة ويبث الحركة في غيره، هذا أمر مرفوض غير مقبول، لأنا إذا نظرنا في المصنوعات التي صنعها الإنسان فإنا نراه يصنع المصنوعات ويبث فيها الحركة بما يجعل فيها من الطاقة والقدرة على ذلك بواسطة الوقود أو الكهرباء أو نحو ذلك، والإنسان حي متحرك فأمكن له أن يوجد متحركاً بما مكنه الله فيه، فالله تبارك وتعالى أولى أن يكون حياً يفعل ما يشاء، فإن لم يكن كذلك فلا يمكن أن يوجد هذا الكون لأن الميت لا يفعل ولن يفعل شيئاً.
خامساً: قولهم إنه محرك لغيره بدون أن يتحرك، كما ادعى ذلك ابن سينا: هو وصف اضطروا إليه، حتى يثبتوا دوراً للخالق تبارك وتعالى في الكون، وهو ما يسمونه: العلة الأولى، وحتى لا يضطروا إلى القول بأن الأشياء أو المادة التي يزعمون أنها قديمة، كما سيأتي فعلت بنفسها فتكون هي الخالقة الموجدة ويكون دعوى وجود الخالق دعوى فارغة لا حاجة إليها ولا ضرورة.
ولا شك أن قولهم إنه محرك بدون أن يتحرك قول لا يستقيم لهم وهو باطل بناءً على كلامهم من عدة أوجه:
1 أن دعاويهم السابقة في نفي ذاته وصفاته وأفعاله تبطل دعواهم إنه محرك لغيره لأنه لا يمكن لشيء لاصفة له ولا ذات ولا فعل أن يكون محركاً لغيره فهذا محال.
2 أن دعواهم إنه محرك لا يتحرك: دعوى متناقضة لأنه ما لم يكن بنفسه متحركاً فكيف يحرك غيره؟ إلا أن يكون كالصخرة التي تسقط على غيرها فتدفعها وتحركها، إلا أن ذلك ينفيه الفلاسفة لأن لازم ذلك أن لحركته علة خارجة عنه، والعله تحتاج إلى علة أخرى إلى ما لا نهاية، وهذا ما يحذره الفلاسفة ويمنعونه، فهم مضطرون إلى القول بهذه الدعوى المتناقضة حتى يدفعوا التسلسل إلى ما لا نهاية.
3 أن دعواهم: إن تحريكه لغيره على طريقة تحريك المعشوق لعاشقه دعوى خيالية ظنية باطلة، فليس لهم عليها أدنى دليل سوى الدعوى، ثم إن المعشوق حسب تعبيرهم لا يمكن أن يُعشَق وهو لا صفة له ولا ذات ولا فعل.
4 أن الحركة الناتجة من دعوى التحرك على طريقة تحريك المعشوق لعاشقه حركة في غاية الضعف لا تعدو أن تكون حركة قلبية أو نحوها، فكيف يمكن لحركة بهذا الضعف أن ينتج عنها هذا الوجود الباهروالصنع المتقن للكون.
سادساً: إن زعم الإسماعيلية الباطنية أن الله تبارك وتعالى غير موجود هو تصريح منهم بالإلحاد والدهرية، فهم بذلك اشد كفراً من الفلاسفة المؤلهة.
سابعاً: إن تصريح الداعي الكرماني بأن الله لا موصوف ولا هو لا موصوف (1) ، وقول الآخر " الرفنة " لم يزل في القدم موجوداً، ليس هو موجود فيوصف (2) إنما هو قول بالنقيضين، وهو قول متناقض شرعاً وعقلاً، لأن النقيضين لا يرتفعان ولا يجتمعان. (3)
أما شرعاً فنقول:
1 إن قول هؤلاء الفلاسفة المبني على قول فلاسفة اليونان السابقين مخالف لأصل الإسلام ودين الله تعالى، ولا يمت إليه بأية صلة كما لا يمت إلى أية تعاليم من تعاليم الأنبياء السابقين عليهم السلام، وليس لهم عليه أي شبهة شرعية في ذلك.
2 إن الله تبارك وتعالى قد أفادنا في القرآن الكريم بأن له الصفات العلى مثل: السمع، والبصر، والكلام، والحياة، والقدرة، والإرادة، والعلم، والغضب، والرضى، والاستواء، والعلو، والإتيان، والمجيء، كما أفادنا بالتصرف والتدبير لشؤون خلقه إلى غير ذلك من صفات الكمال والجمال وقد ورد هذا في القرآن بحال يعتبر أعظم الموضوعات وأكثرها تأكيداً وذكراً، وهذا البيان من الله (إما أن يؤمن به هؤلاء الفلاسفة، فعندها يلزمهم أن يقروا به وينبذوا قول الفلاسفة الوثنيين لأنه على نقيضه، أو يزعموا أنهم غير مؤمنين به فيكون حكمهم الظاهر الكفر والزندقة.
أما أن يزعموا أنهم مؤمنون مع بقائهم على هذه المقالة ثم يحاولوا أن يجدوا مخارج لما ادعوا بالتلفيق بين الشرع والفلسفة بدعوى التأويل، فهذا باطل لأن صراحة دلالة القرآن على إثبات الصفات ووضوحها يمنع كل تأويل ويبطله.
3 إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد أخبروا بواسطة الوحي عن الله (فهم مبلغون عمن يخبر عن نفسه بما أخبر وعلَّم من صفاته وأفعاله مع كمال صدق الأنبياء عليهم السلام ونصحهم وعصمتهم من الخطأ في التبليغ.
أما الفلاسفة فقد أخبروا عن الله (بعقولهم ونظرهم فيما لم يروه ولم يرو شبيهاً له، وأخبروا بمقولات ناقصة ومتناقضة، وهم في الأصل يعتريهم ما يعتري البشر من النقص في العلم والخطأ والسهو وما إلى ذلك، وقد ثبت خطؤهم في الأمور الدنيوية حتى أنه ما يكاد يأتي تلميذ إلا وينقض كلام شيخه أو يزيد عليه أو ينقص، فخطؤهم فيما لم يشاهدوه أكبر وأعظم، فمن هنا من قدم قول الفلاسفة على قول الأنبياء عليهم السلام في الله (فقد ترك الصدق وأخذ بالكذب وترك اليقين وأخذ بالخرص والظن والتخمين.
4 إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد وصفوا الله (بكل صفات الكمال والجمال والجلال فهم يصرحون بوضوح بأن الله تبارك وتعالى واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد وأنه لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا مثيل له في أسمائه وصفاته، وأن صفاته لعظمتها وجلالها لا يمكن لبشر أن يحيط بها علماً أو يقدرها بقدر فالله أكبر من كل شيء وأعظم من كل شيء.
والفلاسفة يصرحون بوضوح أن الله لا ذات له ولا صفات ولا فعل ولا خلق ولا حق، فهو عديم الذات عديم الفعل، فقير لا حول له ولا طول، ولا تدبير ولا تصرف، تعالى الله عن قولهم.
ولا شك أن العقل والنفس إنما يرتاح لقول الأنبياء المتضمن تعظيم الله وإجلاله.
أما القول الثاني فهو مرفوض عقلاً لما فيه من تنقص الله (ونفي وجوده حقيقة كما يتضمن نفي فعله وحقه جل وعلا.
5 إن مقالة الأنبياء في الله (متسقة متوافقة فهم لم يختلفوا فيما بينهم في وصف الله تبارك وتعالى بصفات الكمال والجلال، أما الفلاسفة فمقالتهم متناقضة، وهم على ثلاث مقالات في الله تبارك وتعالى، فمنهم من أنكر وجود الله تعالى بالكلية، ومنهم من زعم أن هذا الوجود هو الله جل وعلا، وهم أصحاب وحدة الوجود، ومنهم من زعم وجود موجود أعلى هو علة وجود هذا العالم، يشيرون بذلك إلى الله تعالى. (1) وتلك المقالات يختلف أصحاب كل مقالة فيما بينهم فيها، مع أنها قائمة على أصل واحد عندهم وهو العقل.
فأيهما أولى بالحق والقبول قول من تناقض في قوله مع العقل والشرع أم قول من قال بالحق واتفق قوله مع العقل والشرع.
وفي ختام هذا نقول: إن كلام الفلاسفة، - سواء منهم: الوثنيون، أو المنتسبون للإسلام - عن الله تبارك وتعالى متناقض في حقيقته مع الضرورات العقلية والبدهيات، فبالتالي يمكن أن يعزى في أصله إلى واحد من أمرين:
إما وساوس من الشيطان قلبت في رؤوسهم الموازين، فقالوا بالمتناقض الفاسد.
وإما مبادئ فاسدة وعقائد وثنية في رؤوسهم بنوا قولهم عليها، ولم يتبينوا فساد تلك المقالات لأن قلوبهم وعقولهم قد أشربت الضلالة فصارت منتكسة لا تستبين الصراط والنور والحق، والأخير في رأيي هو السبب المباشر لضلالهم وانحرافهم، ومن رأى ضلال البشر أدرك ذلك، فإنك ترى الرجل العاقل ذا النظر الثاقب والمعرفة الجيدة بأمور الدنيا، وقد يكون ذا رئاسة وزعامة لم يصل إليها إلا بحسن تدبيره وعلمه وعقله، ومع ذلك فتراه في آخر النهار يسجد لصنم أو يذهب إلى السوق ويشتري صنما ينظفه ويطيبه وينير الشموع له في البيت ثم يقدم له صنوف الخضوع والذلة والتعظيم والإجلال، وما ذلك لنقص في فهم، وإنما لما تشرب عقله ووجدانه وقلبه من عقيدة متعلقة بهذا الصنم، وقد يقبل في مقابل ذلك من الهذيان والقصص ما لا يروج على الأطفال لاستعداده لذلك، وهذا ما حدث لأولئك الفلاسفة الذين استخدموا عقولهم في أمور الدنيا، فلما ارتفعوا بنظرهم إلى الخالق لم يندرج معهم تحت مجال النظر والبحث والملاحظة ولا تحت القياس الشمولي، فرجعوا إلى عقائدهم يستلهمون منها المعاني التي يمكن أن توضح لهم المقالة في الله تبارك وتعالى إلا أن عقائدهم كانت وثنية، فأعطتهم مما فيها فخرجوا بهذه المقالات الساقطة والتخيلات الفاسدة - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
ثم إن الفلاسفة لم يتمكنوا من الانتباه إلى عور تلك المقولات وفسادها بسبب ما درجوا عليه مما هو أفسد منها من العقائد، فلهذا قالوا بها وأخذها عنهم أمثالهم الذين هم مثلهم في المرض فلم يدركوا عورها وفسادها، أو وجدوها أفضل ما يمكن أن يتوصلوا إليه أو أفضل مما هم عليه من الإلحاد فالتزموها، ثم عملت الشهرة وباقي مقولات الفلاسفة في الأمور الدنيوية في إضفاء الهالة على كلامهم حتى صاروا يقاسون لدى أتباعهم بالأنبياء أو يوصفون بأنهم عظماء البشرية وهداتها.
فهذا كله يبين أن مقولة الفلاسفة في الله تبارك وتعالى مبنية على عقائد وثنية، فكيف يليق بمن يدعي الإسلام أن يأخذ بتلك المقالات وهي متناقضة وعورها وفسادها بين لكل ذي عينين.
المطلب الثاني: قولهم في إيجاد الكون.
الفلاسفة والباطنيون لم يخرجوا عن قول الوثنيين في دعوى إيجاد الكون، وإنما أخذوا مقالة أشياخهم.
أولاً: أهل الفلسفة المحضة.
قول الكندي
يرى الكندي: أن الفلك أو الجرم الأقصى مخلوق من العدم وهو جسم حي فاعل يسمع ويبصر وهو الذي يهب الحياة في الكائنات اضطراراً (1) .
فقول الكندي هذا متفق فيه مع ما قال به أرسطو وأفلاطون من أن للكواكب حياة وتصرفاً وأنها التي تهب للكائنات الحياة، إلا أن الكندي هنا لم يفصل لنا ترتب إيجاد الكائنات، وهذا فيما يذكر "عبد الرحمن بدوي" يعود إلى فقد الجزء الثاني من كتابه ((الفلسفة الأولى)) ،وهو الذي يحوي قوله في هذه المسألة كما أنه خالف الفلاسفة الأوائل في قوله بأن الفلك الأقصى مخلوق من العدم (2) .
قول الفارابي:
الفارابي كما سبق عنه يرى أن الله -تعالى عن قولهم-:عقل وعاقل ومعقول، وهو عنده واحد من كل وجه، والواحد لا يصدر عنه إلا واحد (3) .فبناءً على هذا فعنده أن الأول، وهو الله تعالى صدر عنه وفاض عنه العقل الثاني، أو المسمى الموجود الثاني.
وبسبب أن العقل الثاني يعقل الأول، ويعقل ذاته، أو بمعنى آخر فكر في الأول وهو الله تعالى وفكر في نفسه صدر عنه بسبب ذلك شيئان، أحدهما: العقل الثالث، وثانيهما: الفلك الأقصى بمبادته وصورته ونفسه، ثم العقل الثالث بسبب عقله للأول صدر عنه عقل رابع، وبسبب عقله لذاته صدر عنه الكواكب الثابتة بمادتها وصورتها ونفسها. وهذا الرابع صدر عنه بسبب عقله للأول، صدر عنه عقل خامس، وبسبب عقله لذاته صدر عنه زحل. وهكذا تصدر العقول والكواكب إلى آخرها العقل الحادي عشر، ويسمى العقل الفعال، وآخر الكواكب والأجرام السماوية القمر، ثم عنده تتكون الموجودات الأخرى من مواد مشتركة للأجرام السماوية، وبسبب دورانها واختلاطها تكونت العناصر الأربعة، وهي: الماء والهواء والتراب والنار، ثم من العناصر الأربعة تكون سائر الموجودات من حيوان ونبات ومعدن وغير ذلك. وعنده أن العقل الفعال، وهو آخر العقول هو الذي يتولى تدبر الأمور المتعلقة بتكون المخلوقات التي تحت فلك القمر (1) .
قول ابن سينا:
قال ابن سينا بما قال به الفارابي على تفاوت في التعبير والترتيب حيث يقول: إن الواحد الأول: وهو عنده الله تبارك وتعالى لم يصدر عنه إلا واحد فاض عنه فيضاً مبايناً لذاته وهو: العقل الأول، والعقل الأول: ليس مادة ولا صورة بل هو عقل محض، فهو يعقل الأول، ويعقل ذاته، ويعقل إمكان وجوده المندرج تحت تعقله لذاته، ويصدر عنه بسبب هذه التعقلات الثلاث ثلاثة أشياء: فعقله الأول يصدر عنه عقل تحته، وعقله لذاته: يصدر عنه صورة الفلك وهي النفس، وعقله لإمكان وجوده المندرج تحت تعقله لذاته: يصدر عنه جرم الفلك الأقصى، ثم يصدر عن كل واحدة من هذه: عقل ونفس وفلك بجرمه وصورته (2) إلى تمام العشرة عقول وأنفس وأفلاك يصدر كل واحد منها عمن قبله، فالعقل الثاني ومعه الفلك الأقصى ونفسه، ثم يصدر عنه العقل الثالث ومعه فلك الكواكب الثوابت ونفسها.
ثم العقل الرابع ومعه فلك زحل ونفسه.
ثم العقل الخامس ومعه فلك المشتري ونفسه.
ثم العقل السادس ومعه فلك المريخ ونفسه.
ثم العقل السابع ومعه فلك الشمس ونفسها.
ثم العقل الثامن ومعه فلك الزهرة ونفسها.
ثم العقل التاسع ومعه فلك عطارد ونفسه.
ثم العاشر وهو العقل الفعَّال ومعه فلك القمر ونفسه (1) وهو آخر الفيوض عنده وهو الذي يدبر أنفسنا (2) .
ومن العقل الفعَّال: تفيض العناصر الأربعة، ومنها تتكون الأجسام وتتطور تلك الأجسام صعوداً من الجماد إلى النبات فالحيوان البهيم، فالإنسان (3) .
وعنده أن علم الله بخلقه هو علمه بما صدر عنه وما عليه الوجود، وعنايته بالخلق هي ما جعل فيه من نظام الخير على الوجه الأبلغ (4) وليس معنى العناية عنده إكرام شخص دون شخص ولا تبديل في القوانين الطبيعية حباً بالبعض أو نصرة لبعض على بعض (5) .
ثانياً: الباطنيون.
قول الإسماعيلية في إيجاد الكون.
الإسماعيلية الباطنية لما لم يثبتوا صفة ولا فعلاً بل ولا ذاتاً لله (كما فعل أشياخهم الفلاسفة، راحوا يخترعون الوسائط بين من يسمونه الموجود الأول ومُبْدَعِه، وهي أقوال مقتبسة من الفلاسفة الوثنيين مع تفاوت بينهم في تلك الأسماء المفتراة.
فهذا الكرماني: يزعم أنه صدر عن المتعال بنفسه المُبْدَع الأول وهو: العقل الأول، وهو عين الإبداع وعين المبدع عين الوحدة وعين الواحد، وأن العقل الأول هو: الموجود الأول الذي لا يتقدمه شيء ولا يسبقه في الوجود سواه (6) ، وأنه واحد لا مثيل له، وأنه لا يعقل إلا ذاته (7) وأنه علة الموجودات كلها وهو المحرك الأول لجميع المتحركات (8) .
وقد انبعث عن العقل الأول اثنان:
أحدهما: العقل الثاني وعنه صدرت الملائكة والأرواح.
ثانيهما: الهيولى والصورة أو ما يسمونه اللوح وعنه صدرت العناصر الأربعة والأجسام، ومن مجموع العقل الثاني والجواهر صدرت سائر الكواكب والإنسان وسائر المخلوقات الأخرى (9) .
كما ورد في إحدى رسائل الإسماعيلية:
أن أول ما أوجد المبدِع من أمره العقل، فحصر في جوهره صور المبدَعات كلها كي لا يذهب منها شيء، وزعموا أن العقل يسمى القلم والعرش والأول والسابق والهيولى والشمس، ثم بعده النفس وهي صادرة عن الأول وتسمى اللوح والملك والتالي والقدر والصورة والقمر.
ويقال لهما معاً الأصلان وذلك أن العقل والنفس مرجع الأشياء سواء أكان روحانياً أو جسمانياً (1) .
وقال " الرفنة" في الكافية عن الإنسان: ((هو المولود المنتقى الروحاني الممكن الوجود عن الحدين العلويين اللذين هما والداه وهما: الإبداع الأول: العقل، والإبداع الثاني: النفس التي فاضت عنها الحدود الروحانية وقامت منها السموات والأرض وما فيهن على أحسن حال قال: {حملته كرهاً} الأحقاف (15) والحمل على الابتداء، لأنه في البداية كان صفراً من الإشراق، والأنوار العلوية {ووضعته كرهاً} الأحقاف (15) ، أي أظهرته إلى الوجود قبل أن تتصل به لمعات التأييد الخفية، وعلى وجه ثان
…
لما تكاملت صورته الروحانية، أظهرته النفس بالقوة الإلهية)) (2) .
فهذان الباطنيان يزعمان أن وجود الإنسان وكذلك سائر المخلوقات يعود إلى خالقين مبدعين وهما: العقل والنفس، ويستدل الأخير منهما بقول الله ( {حملته كرهاً ووضعته كرهاً} الأحقاف (15) .هكذا يزعم.
وقال أصحاب رسائل إخوان الصفا: إن أول فيض، فاض من الله تبارك وتعالى بلا زمان ولا مكان ولا واسطة هو: العقل الفعَّال، وهو عندهم نور الله تبارك وتعالى وهو جوهر بسيط نوراني فيه صورة كل شيء وهو باق تام.
ثم أوجد النفس الكلية بواسطة العقل وهي نور العقل وفيضه الذي فاض منه، وهي جوهرة بسيطة روحانية حية فعالة، وهي صورة من صور العقل الفعَّال، وهي باقية تامة غير كاملة.
ثم أوجد الهيولى الأولى منه وهي ظل النفس وفيئه، وقد فاضت من النفس وهي جوهر روحاني باق غير تام ولا كامل.
ثم الصور المجردة، وهي النقوش والأصباغ والأشكال التي عمتها النفس في الهيولى (1) .
هذا قول إخوان الصفا في الأمور التي يسمونها الروحانية.
أما الأشياء الطبعية فعندهم أنها: أبدعت وأحدثت على التدريج عبر الدهور والأزمان، وذلك أن العقل الفعَّال كان يفيض على النفس الكلية الفضائل والخيرات، فلما امتلأت النفس من تلك الفضائل أخذها شبه المخاض فأقبلت تطلب ما تفيض عليه تلك الخيرات والفضائل وكان الهيولى الكلي أي الجسم المطلق فارغاً من الأشكال والصور والنقوش، فأقبلت النفس على الهيولى تميز الكثيف من اللطيف وتفيض عليه تلك الفضائل والخيرات، فخلق من ذلك الجسم عالم الأفلاك وأطباق السموات من لدن الفلك المحيط إلى منتهى مركز الأرض، وركب الأفلاك بعضها في جوف بعض، وركز الكواكب مراكزها (2) ، ورُبطت به النفس الكلية من أعلى فلك المحيط إلى منتهى مركز الأرض، وهي سارية في جميع أفلاكه وأركانه ومولداته، ومدبرة لها ومحركة (3) .
قول الدروز:
الدروز كإخوانهم الإسماعيلية في الكفر والإلحاد في دعوى وجود الله (وخلقه للعالم فهم يعتقدون أن الله تبارك وتعالى نور محض وهو معنى من زعم أنه لا صفة له ولا ذات، وأنه أوجد العقل الأول. وفي هذا يقولون:
((العقل الأرفع أو الكلي الذي هو المُبدَع الأول أُبْدِع من النور الشعشعاني المحض صورة صافية كاملة فتضمن في سره معنى ما كان وما يكون دفعة واحدة بدون زمان، فكان قوة كاملة وفعلاً تاماً وكان علة العلل وأصل الوجود وغايته معاً
…
ثم قالوا: والعقل: هو فعل الإبداع وهو يصدر عن فيض تنزُّه الطاقة وكمالها بإمداد المهيمن له بالقوة التامة والنور الفائض.
ولقد تعالى المهيمن عن إلزام المبدِع والمبدَع والإبداع، فالعقل هو الأمر من قبل ومن بعد، وقد نزل المبدَع الأول في تعقله وخلقه مضطراً بذلك بعد أن أفاض عليه المهيمن نوراً وقوة
…
ثم قالوا: وطالما أن العقل الأرفع يعقل المهيمن في انبثاقه من فيضه فلا يتميز عنه في جوهره ووحدته)) (1) .
ثم بينوا أن هذا النور الذي هو العقل الأول انبثق عنه الظلمة فقالوا: وطالما أن العقل الأرفع يعي المهيمن في انبثاقه من فيضه فلا يتميز عنه في جوهره ووحدته فما كان لهذا العقل أن يفطن إلى وجود صورته، ولكنه ما لبث بحكمة غير مدركة أن تحول نظره إلى نفسه، فرآها دون نظير يشاكلها، فأعجب بها، والإعجاب إنفراد المبدَع بذاته عن الإبداع ولو فترة من التخلي، والالتفات إلى ما سوى النور المحض وغيبة عنه فولدت ظلمة الأنِّية في مقابلة النور الفائض المشرق من ذات الوجود وكان انبثاق الثنائية من الأحدية المحض نوراً وظلمة في البدء.
فهذا بينوا به بروز ما سموه الظلمة من النور ثم شرحوا انبثاقاً آخر من العقل الأول فقالوا:
((ثم إن العقل الأرفع تنبه إلى منحنى هذا التحول فعاد ببصيرته إلى الجوهر الأول الذي تنزه عن فعل الخلق ووعي حقيقته كما هي صورة نوارنية في فيض نور المهيمن الأزلي فانبثق عنه بسبب التفاته إلى الجوهر الأول المقابل له وهو الظلمة)) .
وهذا العقل -إن صح التعبير- انبثق عندهم منه: الغيبة عن وعي الوجود فصار ازدواجاً في الموجودات وهي: النور والظلمة، أو الوجود والغيبة عن وعي الوجود، وعنهما صدرت المخلوقات بسبب الحركة المتغيرة وفي هذا قالوا:
((وهكذا برزت في مقابل النور المحض الظلمة المحضة، وفي مقابل الوجود الأرفع الغيبة عن وعي الوجود الأول، فتم الإزدواج: نور وظلمة، وجود وغيبة عن وعي الوجود.
وبانطلاق هذا الازدواج من عقاله حصل التكوين، إذ التكوين هو تولد دائم من وبين الازدواجات المتناقضة، فمن ذينك المتضادين النور والظلمة، أو الوجود والغيبة عن وعي الوجود، حصل التكوين المتحرك المتغير)) (2) .
فمن هذا تبين أن الدروز كمن تقدمهم من الفلاسفة الوثنيين يرون أن إيجاد الخلق يرجع إلى غير الله (وهو ما يسميه الفلاسفة النفس الكلية ثم عقول أو أرواح الكواكب.
ويمكن هنا أن نلخص مقالة هؤلاء المتفلسفة الباطنية الضلال في إيجاد الكون على النحو التالي:
أن الله تبارك وتعالى ليس له أي فعل ولا دور في فعل وخلق، وإنما صور الأشياء عنده منذ الأزل قديمة بقدمه، وأنه فاض منه العقل الأول، وهذا الفيض أزلي أيضاً، ثم العقل، أو ما يسميه الدروز النور فاض منه فيض آخر، وهو النفس، أو ما يسميه الدروز الظلمة، ومنهما صدرت المخلوقات، ووجدت بكيفيات يختلفون في تفصيلها، ويتفقون في أنهالم تخلق خلقاً مباشراً من قبل الله تعالى، وأنه تبارك وتعالى عن قولهم لا دور له في إيجادها، وإنما مصدرها الحقيقي العقل مع النفس أو النور مع الظلمة.
ثانيا: الرد على الفلاسفة والباطنيين في كلامهم في إيجاد هذا الكون وخلقه:
لا شك أن دعوى الفلاسفة والباطنيين في إيجاد الكون زندقة ووثنية ظاهرة واضحة وشرك في الربوبية، وهو قول لا ينتمي لا إلى عقل ولا شرع وإنما ينتمي إلى الوثنية اليونانية التي تتعبد للكواكب وتدعى لها أرواحاً وتصرفاً وتدبيراً، الذين لا يختلفون عن دعوى عباد الأصنام في أصنامهم من مشركي العرب والهنود ومن كان على شاكلتهم.
ولا شك أن من العجب العجيب والأمر الغريب أن يترك هؤلاء الناس النور والحق الذي بين أيديهم ويذهبوا إلى مقالات ساقطة سافلة، ودعاوى كاذبة خاطئة، ووثنية جاهلة فاسدة، فقد اشتروا الضلالة بالهدى والنور والحق بالظلمة والكذب، فنسأل الله العافية.
وآيات التوحيد في القرآن سواء في الربوبية أو الألوهية هي رد عليهم وذلك مثل قوله ( {هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون} فاطر (3) ، {ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل} الأنعام (102) ، {أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون أمن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً إ إله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون} النمل (60-61) ، {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} الأعراف (54) .
إلى غير ذلك من الآيات مما لا يحصى كثرة، وكفى بذلك حجة ووضوحاً لمن أراد الله هدايته.
وبالإضافة إلى ذلك نقول: (1)
1 -
إن الإقرار لله تعالى بالربوبية أمر عام في جل بني آدم، وبنو آدم لا يعرفون خالقاً إلا الله تعالى، ودعوى العقل والنفس الكلية والنور والظلمة، وما إلى ذلك من الدعاوى، ليس لها في نفوس البشر أي صدى ولا أثر، فما وجدنا أحداً من بني آدم يدعو في رخاء ولا شدة العقل أو النفس الكلية أو النور ولا غيرها، بل لا يدعو إلا الله تعالى، كما قال ( {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون} العنكبوت (65) .
2-
إن من نظر في الكون يجد انسجاماً تاماً واتساقاً عاماً، لا تضاد ولا تنافر، وإنما مخلوقات رتب خلقها وإيجادها وجميع شؤونها، بحيث تدل على موجد واحد، له صفات الكمال والجلال والحكمة والعلم. وهي في وجودها توحي بحكمة عامة وغاية عظيمة، فنرى فيها التكامل العجيب، فانظر الشمس والقمر والأرض، كيف رتب وجود كل منها ليخدم مهمة محددة بكيفية محددة، وانظر الزوجين الذكر والأنثى، وكيف خلقهما الله تعالى لتحقيق غاية ومهمة خاصة، يكمل كل واحد منهما الآخر.
وقل مثل ذلك في الحيوانات والزروع والثمار، وما لا يحصي الإنسان من الدلائل والبراهين، التي لا يمكن بحال أن تنسب إلى اثنين فضلاً عن ثلاثة وأربعة، إلى غير ذلك من دعاوى أهل الضلالة والانحراف.
وقد أشار الله تبارك وتعالى إلى وضوح هذه النظرة ودلالتهاعلى أن الله واحد لا شريك له بقوله: {أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحن الله رب العرش عما يصفون. لايسئل عما يفعل وهم يسئلون. أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون} الأنبياء (21-24) .
3-
إن الدعاوى التى ادعاها هؤلاء الفلاسفة، ومن كان قبلهم من الوثنيين هي دعاوى مبنية على النظر العقلي في قضية وأمر هو من الغيب الذي لا يمكن للإنسان الوصول إلى الحقيقة فيه بنظره وفكره فقط، لأنه حديث عما لم يقع تحت حواسنا ومداركنا، فهو حديث عما هو موغل في القدم الزماني، الذي لا يعلم مداه إلا الله تعالى، والله (يقول:
{ماأشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا} الكهف (51) .
فهم لم يشهدوا شيئاً من ذلك، فدعاويهم كلها على ذلك باطلة مردودة.
4-
إن ما قاله الفلاسفة الوثنيين، وأخذ به الفلاسفة المقلدون من المنتسبين للإسلام مناقض ومعارض كل المعارضة لما ذكر الله تعالى في وحيه عن خلق الكون وإيجاده، ولا يستطيع أولئك ولا هؤلاء أن يقيموا دليلاً واحداً يثبتون به صحة دعاويهم، فضلاً عن أن يثبتوا بطلان ما ذكر الله تعالى عن خلق الكون وإيجاده.
5-
إن الله تعالى لم يقبل من مشركي مكة إقرارهم بربوبيته، حتى يشهدوا أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وحكم عليهم بالكفر والخلود في النار، وهؤلاء المتفلسفة زادوا في الكفر والانحراف فوق كفر المشركين بمراحل، حيث أنكروا ربوبية الله تعالى والخلق والإيجاد إلى معان مفتراة مكذوبة. فعلى هذا حكمهم وحالهم ومقالهم أفسد، وأبعد في الضلالة من أبي جهل وأبي لهب وأبي بن خلف، وسائر مشركي مكة.
6-
إن دعوى هؤلاء المتفلسفة لا يمكن بحال أن يوجد بها الكون، وذلك من عدة نواح:
أ- إن دعواهم أن المثل أو الصور أو العقل أو النور قديمة أزلية باطل بداهة، لأن وجودها مرهون بوجود موجود أوجدها، فكل موجود لا بد أن يعود إلى موجد، وإلا لزم التسلسل، وهو باطل.
فلهذا إثبات أن الله هو الموجود الأول الذي لا بداية لوجوده، وأن ما سواه مخلوق ضرورة، هو الذي به يتحقق إثبات وجود الكون.
ب- أن العقل الأول، وغيره من المسميات التي يدعيها الفلاسفة لا يمكن بحال أن يوجد عنها ما يسمونه النفس أو الأرواح، لأنها إن كانت من جنس العقل الأول، فقد نتج عندنا تكرار من الصنف نفسه، وإن كانت من غير جنسه فهي دعوى باطلة يرفضها الواقع، لأن العقل الأول عندهم ذو صفة واحدة وكيفية واحدة، وهي العقل أو النور، فكيف ينتج عنه ما هو خلاف جنسه.
ج- أن العقل الأول معنى من المعاني يدل عليه اسمه: "عقل"، وهو أشبه ما يكون في دعواهم بالفكر أو الخيال، وهذا شيء لا وجود له ذاتي، وإنما هو موجود ذهني قائم بالنسبة لنا بالعقل المركب في أجسادنا. فادعاء أنه صدر عنه النفس أو الظلمة أو أرواح الكواكب دعوى مرفوضة عقلاً، لأنه لا وجود له بنفسه في الخارج، فكيف يوجد ما له وجود خارجي مستقل.
فهذا مرفوض عقلاً، كما لو قلنا: إن أحداً من الناس تخيل خيال طائرة، ثم الطائرة التي تخيلها بذهنه أنتجت حصاناً محسوساً، فلو قال قائل ذلك، لقيل له: هذا كذب وجنون.
فلو قال قائل: إن ما يتعلق بالعقل الأول، أو العقل الفعال أو نحوه، يختلف عما عليه الإنسان، لقلنا له ومن أخبرك بذلك؟ هل اطلعتم على تكوين العقل الأول ومادته وفعله، أم تخرصون وتخبطون؟ لا شك أنهم يخرصون ويخبطون.
د- أن ما نسبوا إليه إيجاد الكون والمخلوقات هي أشياء عاجزة تماماً، فإن العقل الأول أو النفس أو مجموعهما أمور معنوية عاجزة، يدل على عجزها في دعواهم أنه لم يصدر عن كل واحدة منها إلا شيء واحد، أو شيئان أو ثلاثة أشياء، وهذا دليل عجزها وضعفها.
وإذا نظرنا إلى الكون والمخلوقات الموجودة فيه، فإنها أقوى وأقدر بكثير مما زعموا أنه أصلها ومادتها.
فالشمس تنتج ما لايحصى من الأنواع العديدة من أجناس الأشعة وأصناف أخرى محسوسة كالنور والحرارة. والأرض تنتج ما لايحصى من المكونات والنباتات والمواد الكثيرة المتنوعة، التي تتكون منها، والتي تصدر عنها، فإذا كان هذا في المخلوقات، فمعنى ذلك هي أعظم من موجدها فيما يزعمون.
هـ - إن المخلوقات مكونة من شيئين: روح ومادة، أما الروح فلا نعلم كنهها ومادتها، أما المادة الموجودة في المخلوقات التي تحيط بنا، فإن لها مكونات لا نكاد نحصيها كثرة، من تراب وماء وهواء ونور ونار وخشب ومعادن وحيوانات
لها تكوين آخر تتكون منه، مثل: الدم والعصب والعظم، وكل نوع من هذه الأنواع مكون من مكونات عديدة كثيرة، لا يعلم احصاءها إلا الذي خلقها.
فكيف أمكن لما يسمونه العقل أو النفس أو هما معاً أن يوجدا تلك المكونات العديدة المتنوعة، وهما فاقدان لها، وكيف أمكن لهما أن يوائما بينها تلك المواءمة العجيبة، التي تدل على علم وحكمة متناهية لا يمكن أن تعزى إلى أمور معنوية لا حقيقة لها خارج الأذهان، وهوما يسمونه العقل أو النفس.
كما أنه لا يمكن لهما بحال أن يرعيا تلك المواد ويحققا لوجودها هذا الأثر العظيم الذي نراه في أنفسنا، وفيما حولنا من المخلوقات على هذه الأرض.
فبعد وجود المواد لا بد لها من الرعاية والعناية، وإلا فإنه لا يمكن لها الاستمرار وتحقيق النتائج الباهرة من وجودها، فإن الرجل مثلاً، وكذلك سائر ذكور الحيوانات تضع نطفها في أرحام الإناث. ثم إن النطف بالأرحام تتخلق، وتتكون بطريقة خارجة عن إرادتها وتدبيرها يقيناً، لأنها فاقدة للإرادة والتدبير، حتى يتم خلقها وتكوينها وخروجها من أرحام أمهاتها مخلوقات جديدة تبدأ بها دورة جديدة للحياة.
فهل يمكن لما يدعون من العقل أو النفس، أو هما معاً أن تؤدي دوراً كهذا؟ لا شك أن ذلك لا يمكن بداهة، لأن كليهما فاقد للقدرة، التي يمكن أن يتحقق بها شيء من ذلك، فهما أمران معنويان.
ولا شك أن وراء ذلك خالق عظيم، ومدبر عليم حكيم، له كل صفات الكمال والجلال، ولا بد أن يعزى إليه القدرة التامة على إيجاد كل موجود وتدبيره، وتنظيم شؤون خلقه، وأن له القدرة المطلقة على إيجاد الأشياء من العدم المحض وتدبيرها والتصرف فيها، ليتكون منها هذه النتائج الباهرة في هذا الكون.
إن كل من نظر إلى جهاز الحاسب الآلي، وأجال النظر فيه تيقن ببساطة من أن له صانعاً ذا قدرات متعددة، وإمكانات عقلية وعلمية، حتى تمكن من إيجاد آلة لها قدرة على القيام بأعمال حسابية وعلمية متعددة، وإن كل إنسان يزعم أن ذلك لا صانع له فهو إنسان مجنون لا عقل له، وكذلك كل من يزعم أن صانع الحاسب الآلي هو ذلك الجدار أو الجبل، أو ذلك الحيوان البهيم، فحكمه حكم من زعم أنه وجد من غير صانع.
فإذا كان هذا الحكم في جهاز بسيط من مصنوعات بني آدم، فلا شك أن أمر الكون أعظم وأعظم، وأن دلالته على خالق عظيم خلقه بمشيئته وإرادته في الوقت الذي يشاء على الكيفية التي يشاء ألزم وأوجب.
وبه يتبين أن قول هؤلاء المتفلسفة باطل بداهة وهو لا يمث بصفة إلى العقل الذي يزعمون أنهم أربابه والملتزمون بأحكامه ولا يمت إلى الشرع الذي يزعمون أنهم ينتسبون إليه ويؤيدونه بدلالتهم العقلية، وأن قولهم لا يخرج عن الخرص والظن الباطل أرادوا إتباعه غروراً وهوى.
المبحث الثاني: قول فلاسفة الصوفية أصحاب وحدة الوجود
تمهيد: التعريف بالصوفية
قبل أن نذكر قول فلاسفة الصوفية نعرف بالصوفية تعريفاً موجزاً فنقول:
الصوفية مذهب من المذاهب المبتدعة بني في أصله على الزهد، وغلا فيه المنتسبون إليه، واتسع على أهله الخرق، ونأى به الانحراف إلى بدع ضالة تصل عند بعضهم إلى الكفر والخروج عن دين الاسلام كما سيتبين.
والصوفية لغة: اختلف كلام الناس في بيان اشتقاقها:
وأقرب ما يكون اشتقاق كلمة الصوفية من الصوف،وهو ما يكون في الضأن ويقوم مقام الشعر في المعز.
ولبس الصوف هو مما يتميز به الصوفية في الأصل لأنه يشعرهم بالزهد والتخلي عن ناعم الثياب إلى خشنها (1) .
الصوفية اصطلاحاً: يختلف الصوفية في بيان مذهبهم إلى أقوال وتعريفات كثيرة مثل:
قول الجنيد (2) : التصوف هو أن يميتك الحق عنك ويحييك به.
وقال الحسين بن منصور (1) وقد سئل عن الصوفي فقال: هو وحداني الذات لا يقبله أحد ولا يقبل أحداً.
وقال أبو سهل الصعلوكي (2) : التصوف الإعراض عن الاعتراض (3) .
إلى غير ذلك من الأقوال.
وهذه التعريفات السابقة تنبئ عن وجه من أوجه التصوف، إلا أنا إذا نظرنا إلى التصوف بمنظار أشمل يعم كثيراً من السابقين واللاحقين، فيمكن أن نقول عنه:
إن التصوف هو: مذهب أوله الابتداع في الزهد والمجاهدة والأذكار ثم غلا بعض المنتسبين إليه،حتى صار غايته عندهم الحلول ووحدة الوجود.
نشأة الصوفية وتطورها:
إن ظاهر ما يقوم عليه التصوف هو الزهد وترك الدنيا هذا ظاهر أمر الصوفية وأصله، والزهد في الدنيا وإيثار الآخرة مطلوب شرعاً إلا أن الطريقة فيه مسنونة من قبل النبي (، فقد كان أكمل الزهاد وأعظمهم، ومن بعده أصحابه رضوان الله عليهم، ولا يتنافى مع الزهد المشروع أكل الطيبات وكسب الطيبات لأن الزهد المشروع هو: عدم الحرص على الدنيا والتنافس فيها وتقديمها على الآخرة بل اعتبارها مزرعة للآخرة، فيأخذ العبد منها ما يعينه على العبادة ويقربه من ربه (مع عدم اشغالها للعبد عن العبادة، ومع عدم دخولها قلبه، وعدم التفريط في الواجب من أجلها، بل يسعى في تحصيلها لينفقها في سبل الخير ومرضات الله (، ويتخذها مطية إلى أرفع الدرجات في الآخرة وقد قال عليه الصلاة والسلام كما روى البخاري عن ابن مسعود (مرفوعاً: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلط على هلكته بالحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها)) (4) .
وروى أبو نضرة (1) قال، قال رجل منا يقال له جابر أو جويبر. قال: أتيت عمر بن الخطاب وقد أعطيت منطقاً، فأخذت في الدنيا فصغرتها، فتركتها لا تسوى شيئاً، وإلى جنبه رجل أبيض الرأس واللحية والثياب، فقال: كل قولك مقارب إلا وقوعك في الدنيا، هل تدري ما الدنيا؟ فيها بلاغنا، أو قال: زادنا إلى الآخرة، وفيها أعمالنا التي نجزى بها. قلت:من هذا ياأمير المؤمنين؟ قال: هذا سيد المسلمين أبي بن كعب" (2) .
فما كان أصحاب رسول الله (يذمون من الدنيا إلا ما كان منها ملهياً عن طاعة الله أو وسيلة إلى ذلك.
وعليه فالزهد المشروع والصحيح هو الوسط الذي كان نبي الله (عليه وأصحابه.
كما أن العبادة المشروعة هي ما كان عليه نبي الله (وجاء بها الإسلام. وكل ما تعدى حدود المشروع سواء كان في الإفراط في الشيء وذلك بالإكثار منه والتعمق فيه زيادة على المشروع فهو مذموم، أو كان في التفريط بالشيء وذلك بتضييع الأمر وعدم مراعاة حدوده الشرعية فهو مذموم أيضاً، وكلما زاد الانحراف والتعدي زاد الذم والبطلان.
وقد وقع من بعض المسلمين بعد عصر الصحابة تشدد في الدين وتزهد غير مشروع، وعبادة وتبتل غير مشروع رغبة في الوصول إلى رضوان الله (وكان أكثر ذلك في البصرة التي اشتهرت بكثرة العباد والزهاد.
وقد قسم شيخ الإسلام الصوفية إلى ثلاثة أصناف وذلك باعتبار انتمائهم إلى المذهب الصوفي وهي:
صوفية الحقائق: وهم الذين كانوا أهل صدق في الزهد وكثرة العبادة والمجاهدة من المتقدمين منهم كما سيأتي الإشارة إليهم.
صوفية الأرزاق: وهم الذين وقفت عليهم الوقوف ولزموا تلك الخوانك وكانوا أهل استقامة والتزام بالآداب الشرعية.
صوفية الرسم: وهم المقتصرون على النسبة،فهمهم اللباس والآداب الوضعية،فهؤلاء لهم من النسبة الاسم فقط (3) .
ويمكن أن نقسم التصوف باعتبار ما مر به من مراحل إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: مرحلة المجاهدة للطبع والرياضات والنفسية وتعذيب النفس بغية الوصول إلى صفاء الروح والنفس،وعلى هذا جمع من المتقدمين ممن يروى عنهم ذلك، مثل: السري السقطي (1) ، والجنيد، وسهل التستري (2) وغيرهم.
المرحلة الثانية: مرحلة المصطلحات الغامضة والألفاظ الغريبة
مثل: جمع الجمع، والمحاضرة والمكاشفة، والمشاهدة ونحو ذلك،مما يحمل معاني يمكن تفسيرها حقاً وباطلاً.
المرحلة الثالثة: القول بالحلول ووحدة الوجود (3) .
إن أكثر ألفاظ الصوفية وأحوالهم التي يسعون إلى التحلي بها والوصول إليها تدور حول فناء النفس بالذات الإلهية إما تصوراً أو حقيقة فيما يزعمون، وهي أحوال مبتدعة لم يسع إليها الرسول (ولا أصحابه من بعده.
وأقرب ما تكون تلبيسات شيطانية وتغريرات إبليسية، ولأنها باطلة ومبتدعة فإنها قادت إلى ما هو أشد انحرافاً وخطورة وهو ما آل إليه حال كثير من ضلال الصوفية في القرون المتأخرة وهو القول بالحلول أو الاتحاد أو وحدة الوجود.
والمراد بالحلول أن الله (وتعالى عن قول الظالمين يكون حل فيهم فصار الشخص منهم مكاناً لله تعالى.
وممن يعزى إليه القول بالحلول الحسين بن منصور الحلاج الذي قتل في بغداد على الزندقة سنة 309هـ فقد نسب إليه قول:
سر سنا لاهوته الثاقب
سبحان من أظهر ناسوته
في صورة الآكل والشارب
ثم بدا في خلقه ظاهراً
كلحظة الحاجب بالحاجب (4)
حتى لقد عاينه خلقه
أما الاتحاد فهو اتحاد المخلوق بالخالق، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.
ومن جنس ذلك ما يعزى إلى أبي يزيد البسطامي أنه قال:
((رفعني مرة فأقامني بين يديه وقال لي: يا أبا يزيد إن خلقي يحبون أن يروك فقلت: زيني بوحدانيتك وألبسني إنيتك وارفعني إلى أحديتك حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك، فتكون أنت ذاك ولا أكون أنا هنا)) (5) .
أما وحدة الوجود فتعني أن الله تعالى عن قولهم هو هذا الوجود من حولنا، وأن كل واحد من المخلوقات مظهر من مظاهر ذلك الوجود كما سيأتي.
وكان من أكبر من أظهر هذ الزندقة محيي الدين بن عربي الحاتمي الطائي (1) الذي قال في كتابه الفتوحات المكية:
الرب حق والعبد حق
ياليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك رب
أو قلت رب فأنى يكلف
ومن تلامذته الزنديق الآخر عمر بن علي الحموي المصري (2) الملقب بابن الفارض وهو صاحب التائية المشهورة، ومنها قوله:
وأ شهد أنها لي صلت
لها صلاتي بالمقام أقيمها
حقيقة الجمع في كل سجدة
كلانا مصل عا بد سا جد إلى
صلاتي لغيري في أدا كل ركعة
وما كان لي صلى سواي فلم تكن
ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحبت
وما زلت إياها وإياي لم تزل
وذاتي بذاتي إذا تحلت تجلت (3)
ففي الصحو بعد المحو لم أك غيرها
فهذا الكفر والزندقة هو الذي آل إليه أمر بعض كبارالصوفية المتأخرين، وهو كفر ظاهر، بل هو أشد كفراً من كفر اليهود والنصارى. وتجد بعض الصوفية الذين يمجدون ابن عربي وابن الفارض وغيرهم، وقد يرددون كلامهم، إذا خشي من الناس فإنه سيعتذر عنهم بأنهم لم يقصدوا ما قالوا.
ونحن نقول: لئن لم يكن ذلك القول وتلك التصورات كفراً فلا يوجد في الدنيا في الحقيقة كفر، لأن هؤلاء قد نطقوا بما هو أشد من كفر اليهود والنصارى والمشركين، وكثير من الكتاب يشير إلى أن وحدة الوجود هي غاية أكثر المتصوفة التي يسعون إليها، ويرمزون للحديث عنها بألفاظ تشكل على من كان من غير طريقتهم ومنهجهم، وأن مقصدهم في جميع رياضاتهم الوصول إلى هذه الغاية وهي وحدة الوجود أو وحدة الشهود (4) .
ونرى ابن الفارض الذي يسميه الصوفية العاشق الإلهي يخاطب في أبياته السابقة الذات الإلهية خطاب الأنثى،ومثله شيخه ابن عربي في هذا الانحلال والزندقة،فيقول أخزاه الله بعد فلسفة فارغة في ظهور الله (بشكل المرأة:
((فشهوده -يقصد النبي (- للحق -يقصد الله (- (1) في المرأة أتم وأكمل لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل
…
فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله، وأعظم الوصلة النكاح)) (2) .
فهذا الشيخ الضال المضل المفتون يسميه الصوفية: الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر، والقطب والغوث، وما إلى ذلك من الألقاب ويكفى في بيان انحرافه وكفره ما ذكرنا عنه وصدق الله القائل {إن يدعون من دونه إلا إناثاً وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً لعنه الله وقال لاتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً} النساء (117-119) .
وقد أطلت في بيان هذه المرحلة لارتباطها بموضوعنا.
المطلب الأول: قول فلاسفة الصوفية في وجود الله (وصفاته
لم يختلف قول فلاسفة الصوفية عن شيوخهم من الفلاسفة الوثنيين. وإليك أقوال بعضهم:
يزعم ابن عربي الحاتمي الطائي أن الله واحد لا صفة له ولا اسم، وإنما له وجود مطلق وليس له صفة سوى الأحدية. وفي هذا يقول في كتابه الفصوص:
((أما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء لأنها لا تقبل التبعيض فأحديته مجموع كله بالقوة)) (3) .
ويقول في موضع آخر: ((فمن حيث هوية الحق هو وجوده)) (4) .
وقال: ((وقد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته)) (5) .
وقال في كتابه ((عنقا مغرب)) : ((إن معرفة الياقوت الأحمر أن لا يعرف ولا يحد ولا يوصف)) (6) .
وقال أيضاً: ((فغاية معرفتنا أنه موجود وأنه الخالق والمعبود، وأنه السيد الصمد المنزه عن الصاحبة والولد، وهذا كله راجع إلى التنزيه وسلب التشبيه فتعالى أن تعرف منه صفات الإثبات، وجل أن تدرك كنه جلاله المحدثات)) (7) .
ومثله قال ابن سبعين (1) : ((إن الخالق والمخلوق هو مجموع المادة والصورة وأن ما يخص الخالق تبارك وتعالى من ذلك هو المادة وأنه بدون الصورة لا صفة له وفي هذا يقول: ((وللمتصور من حيث هو لا من جهتها -أي بدون الصورة- لا وصف ولا نعت ولا اسم ولا رسم ولا حد وإن كان له شيء من ذلك كله ولكن بأول مرتبة صورية إطلاقية فله الاطلاقات الأحدية)) (2) .
ومثله عبد الغني النابلسي (3) حيث قال في شرحه لكتاب محمد بن فضل الله الهندي (4) التحفة المرسلة في علم حقيقة الشريعة المحمدية: ((إن الحق (هو الوجود المحض عن قيوم الماهيات كلها المحسوسات والمعقولات وليس له تعالى ماهية أصلاً غير الوجود المحض. ثم قال: إن ذلك الوجود المحض ليس له شكل أي صورة محسوسة أو معقولة ولا حدَّ، أي مقدار)) (5) .
فهذه الأقوال المتناقضة والمتهافتة في وصف الله تبارك وتعالى هي دعوى من سبقهم من الفلاسفة الوثنيين في عدم وصف الله تبارك وتعالى بشيء من الصفات الثبوتية، إلا أن هؤلاء الضلال اختلفوا عن أشياخهم السابقين بزعمهم أن الله تبارك وتعالى هو المادة أو الجوهر بدون صورته، وزادوا على هذا الضلال أن تلك المادة والجوهر لا صفة لها البتة ولا اسم ولا رسم.
وهذا الكلام مضمونه لا عقل ولا شرع، فالمادة لا بد لها من الصفة والاسم والرسم وإلا لم تكن مادة.
وفلاسفة الصوفية مسبوقون بهذا الضلال حيث أخذوا ذلك عن ملاحدة الفلاسفة الذين ينفون وجود الخالق ويثبتون المادة فقط،ثم أضافوا إليه قول الفلاسفة المؤلهة (6) ، وركبوا من مجموع ذلك كله قولاً واحداً،وهو أن المادة هي الإله وأنها لا صفة لها ولا رسم ولا حد، فجمعوا ولفقوا قولاً من المقالتين الفاسدتين الضالتين.
ويكفي حكاية هذه الأقوال عن ردها وبيان بطلانها إذ حكايتها كاشفة لتهافتها وسخافتها وأنها مقالة مجردة عن العقل والدين، وليس فيها إلا ترديد مقالة الوثنيين بدون أن يكون هناك عقل يميز أو دين يهدي ويرشد.
المطلب الثاني: قول فلاسفة الصوفية في إيجاد الكائنات.
لم يختلف قول ابن عربي واخوانه من فلاسفة الصوفية عن أسلافهم من الفلاسفة الوثنيين بشيء سوى أنهم أضفوا عليها أسماءً قد تكون إسلامية تمويهاً وتلبيساً فهو يزعم أن الله تعالى هو هذا الوجود كله وأنه ظهر في شكل هذه المخلوقات العلوية والسفلية، ويزعم أن الوجود تقاسمته أسماء الله (وأعظم هذه الأسماء هو الحقيقة المحمدية التي هي عنده عبارة عن مجموعة من الأسماء الإلهية وهي حسب كلامه: الرحمن الرحيم العظيم الخبير العلي الكريم الحميد (1) .
فأنشأ أولاً من هذه المجموعة من الأسماء ما سماه ابن عربي سيدنا محمد حيث يقول: ((وأول النشئ نشأ سيدنا محمد (على أكمل وجه وأبدع نظام بحر اللؤلؤ والمرجان المودع في العالم الأكبر والإنسان، ولما تعلقت إرادة الحق سبحانه يإيجاد خلقه وتقدير رزقه برزت الحقيقة المحمدية من الأنوار الصمدية في الحضرة الإلهية وذلك عندما تجلى لنفسه بنفسه من سماء الأوصاف
…
ثم قال: فكمن فيه كمون تنزيه ودخل جوده في حضرة علمه فوجد الحقيقة المحمدية على صورة حكمه، فسلخها من ليل غيبه فكانت نهاراً وفجرها عيوناً وأنهاراً، ثم سلخ العالم منها فكانت سما عليهم مدرارا وذلك أنه سبحانه اقتطع من نور غيبه قطعة لم تكن متصلة فتكون عنه عند التقاطع منفصلة (2)
…
ثم قال: ولما اقتطع القطعة المذكورة مضاهية للصورة أنشأ منها محمداً (على النشأة التي تنجلي أعلامها ولا يظهر من صفاته إلا أحكامها ثم انقطع العالم كله تفصيلاً على تلك الصورة وأقامه متفرقاً على غير تلك النشأة المذكورة)) .
هذا قوله في انشاء الصور، ثم ذكر بعد ذلك إنشاء العالم المحسوس من الحقيقة المحمدية أولاً: الماء ثم الأرواح ثم العرش ثم الكرسي ثم أرواح الكواكب ثم العناصر الأولى للكون وهي التراب والهواء والنار ثم أنشأ السموات والأرض من العناصر الأربعة)) (1) .
ومثله في الضلالة عبد الغني النابلسي حيث جعل لوجود الله سبع مراتب ناقلاً ذلك عن عبد الكريم الجيلي (2) وهذه المراتب هي:
الأولى: مرتبة اللاتعين وذلك أنه وجود منزه عن النعوت والصفات وتسمى الأحدية.
الثانية: مرتبة التعين الأول ويعني ذلك علمه سبحانه بنفسه على سبيل الإجمال وتسمى مرتبة الوحدة وتسمى أيضاً الحقيقة المحمدية.
الثالثة: مرتبة التعين الثاني ويعني بذلك علمه بذاته وصفاته تفصيلاً وتسمى مرتبة الواحدية وتسمى الحقيقة الإنسانية، فهذه المراتب كلها قديمة أزلية.
الرابعة: مرتبة الأرواح.
الخامسة: مرتبة عالم المثال ويعني صور الأشياء التي ستوجد وهي في الخيال.
السادسة: مرتبة عالم الأجسام المؤلفة من العناصر الأربعة: النار والهواء والماء والتراب.
السابعة: الجامعة لجميع المراتب وهي: الجسمانية وهي: مرتبة التجلي والانكشاف الإلهي الأخير وهو الإنسان المطلق أو الإنسان الكامل (3) .
فهذه الأقوال كلها مبنية على قول الفلاسفة الوثنيين وهي خلط لقول الفلاسفة المؤلهة مع قول الفلاسفة أصحاب وحدة الوجود مع خلط ذلك بمسميات واردة في الشرع، مثل: محمد (والعرش والكرسي.
فإن وصف الله (بالوجود المطلق هذا هو غاية ما أثبته الفلاسفة، كما أن ادعاء التعين في الخيال أو المثال هو عالم المثل عند أفلاطون، ثم دعوى الحقيقة المحمدية المشابهة للوجود المطلق هي دعوى الفلاسفة المؤلهة بالنفس الكلية المشابهة للأول.
وكذلك دعوى انبثاق الوجود من الحقيقة المحمدية هي دعوى أولئك انبثاق الوجود من النفس الكلية على الترتيب نفسه: الأرواح ثم العناصر. تشابهت قلوبهم وأقوالهم فحذو حذوهم حذو القذة بالقذة.
المطلب الثالث: قول فلاسفة الصوفية في وحدة الوجود.
الصوفية وخاصة ابن عربي ومن تأثر بقوله بنوا على دعواهم في الوجود المطلق لله (الذي هو عندهم لا صفة له ولا حد دعوى وحدة الوجود وهي دعوى بطنَّها وسترها ابن عربي في كتابه ((عنقا مغرب)) ولكنه صرح بها في كتابه ((فصوص الحكم)) وصرح بها من جاء بعده.
فيقول ابن عربي في كتابه ((عنقا مغرب)) أثناء تخيله لمحاورة خرافية بين أسماء الله (يبدو منها رغبة الأسماء في ظهور حقائقها وبروز أعيانها بالذوات وفي هذا يقول: ((فوزعت الأسماء (1) كلها مملكة العبد الإنساني على هذا الحد الرباني،وتفاخرت في الحضرة الإلهية الذاتية بحقائقها، وبينت حكم مسالكها وطرائقها،وتعجلوا في وجود الكون رغبة في أن يظهر لهم عين (2) فلجؤا إلى الاسم المريد الموقوف عليه تخصيص الوجود، وقالوا:سألناك بهذه الحضرة التي جمعتنا والدار التي تسلمتنا إلا ما علقت نفسك بهذا الوجود المنتظر فأردته، وأنت يا قادر سألتك بذلك إلا ما أوجدته
…
إلى أن قال: فتوقف الأمر على جميع الأسماء وأن بجملتها وجود عالم الأرض والسماء وما بينهما إلى مقام الاستواء
…
إلى أن قال: فعندها (3) وقع هذا الكلام الأنفس في هذا الجمع الكريم الأقدس تعطشت الأسماء إلى ظهور أثارها في الوجود ولا سيما الاسم المعبود)) (4) .
فابن عربي يزعم في هذا الكلام الخرافي:أن الوجود هو مظهر عين أسماء الله، فإنها لم يكن لها وجود ذاتي إلا بهذا الوجود المحسوس، وقد صرح عن مذهبه هذا أكثر في كتابه ((الفصوص)) فقال:((فما في الوجود مثلٌ، فما في الوجود ضد، فإن الوجود حقيقة واحدة والشيء لا يضاد نفسه (5) .
فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن
فما ثم موصول وما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما أرى
بعيني إلا عينه إذ أعاين
وقال: فهو هو لا غيره فكل ما تدركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات، فمن حيث هوية الحق فهو وجوده، ومن حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات، فكما لا يزول باختلاف الصور اسم الظل كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق، فمن حيث أحدية كونه ظلاً هو الحق،لأنه الواحد الأحد، ومن حيث كثرة الصور هو العالم،فتفطن وتحقق ما أوضحته لك، وإذا كان الأمر على ما ذكرته لك، فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، وهذا معنى الخيال أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس الأمر كذلك في نفس الأمر
…
لأنه يستحيل على الشيء الإنفكاك عن ذاته)) (1) .
وقال أيضاً عن مراتب الوجود: ((فإن الوجود منه أزلي وغير أزلي وهو الحادث، فالأزلي وجود الحق لنفسه وغير الأزلي وجود الحق بصورة العالم الثابت، فيسمى حدوثاً لأنه ظهر بعضه لبعضه، وظهر لنفسه بصور العالم، فكمل الوجود، فكانت حركة العالم حبيَّة للكمال فافهم، ألا تراه كيف نفس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين مسمى العالم فكانت الراحة محبوبة له ولم يوصل إليها إلا بالوجود الصوري الأعلى والأسفل فثبت أن الحركة كانت للحب)) (2) .
ومثل ابن عربي قال تلميذه وربيبه محمد بن إسحاق القونوي (3) حيث زعم أن الحق هو الوجود المطلق، والفرق بينه وبين الخلق من جهة التعيين فإذا عين كان خلقاً، وإذا أطلق الوجود كان حقاً (4) .
ومثله قال التلمساني (5) حيث يجعل الوجود هو الصورة بكثرتها وتنوعها، ولكنه يزعم: أن الصورة لها اسم من حيث هي صورة في متصور قائم بذاته وهي قائمة به وللمتصور من حيث هو موصوف بها اسم.
ويقصد بالصورة المخلوقات، والمتصور هو الله تعالى الله عن قولهم، ويجعل هذا المتصور من حيث هو بدون الصورة ليس قابلاً لشيء من الصفات وفي هذا يقول:((وللمتصور من حيث هو لا من جهتها لا وصف ولا نعت ولا اسم ولا رسم ولا حد)) .
وهو يزعم أن لا انفكاك للصورة عن المتصور حيث يقول: ((ولم يصح الإخبار عن مطلق الصورة إلا ومطلق المتصور ضمناً، ولا عن محيط المتصور إلا والصورة ضمناً، فالمتصور بالصورة يسمى بظاهر الصورة: ظاهراً، وبباطنها: باطناً، ويحكم عليه بكل حكم قبلته الصورة من إطلاق وحصر وغيبة وحضور وأحدية وكثرة وجمع وتفرقة وسذاجة ولون وحركة وسكون إلى ما لا ينضبط كثرة من الأسماء والصفات
…
وللمتصور من حيث هو لا من جهتها لا وصف ولا نعت ولا اسم ولا رسم ولا حد)) ، ثم ذكر أن المنظور يحكم له حسب المخاطب به خالق أو مخلوق، وفي هذا يقول: ((فإن كان الكثرة والتعدد وأخواتها فاعلم: أن المخاطب به هو الصورة، والخلق يتصورها وصفاً وإن غلبت الوحدة وأخواتها فالمخاطب بذلك المتصور الحق
…
ثم قال: فالوجود واحد وهو القائم بجميع الصور غير الخالي عنها على التعاقب، والصور هي الهالكة دوماً المتعاقبة دواماً كائنة فانية شاهدة غائبة قديمة حديثة موجودة معدومة)) (1) .
ومثله الزنديق الآخر ابن الفارض حيث يقول في تائيته:
ولا فلك إلا من نور باطني
به ملك يَهدي الهدى بمشيئتي
ولا قَطْر إلا حل من فيض ظاهري
به قطرة عنها السحائب سحت
ولولاي لم يوجد وجود ولم يكن
شهود ولم تعهد عهود بذمة
فلا حي إلا من حياتي حياته
وطوع مرادي كل نفس مريدة
وكل الجهات الست نحوي توجهت
بما تم من نسك وحج وعمرة
لها صلواتي بالمقام أقيمها
وأشهد فيها أنها لي صلت
أو كلانا مصل عابد وساجد
إلى حقيقة الجمع في كل سجدة (2)
ولا شك أن هذا الزنديق قد فاق إبليس جرأة، وتفوق على فرعون طغياناً وكفراً، فقد صرح بما لم يصرح به إبليس، وتبجح بما لم يتبجح بمثله فرعون. والعجب ليس من الكافر أن يصرح بالكفر فإن الإنسان ظلوم كفور، ولكن العجب كل العجب ممن يعتقد صلاح هؤلاء الزنادقة أو ولايتهم أو أنهم يحبون الله أو يعظمونه فإن المسلم لا يتمالك نفسه حين يسمع مثل هذا من أن يقول: سبحانك هذا بهتان عظيم.
ومثله في الضلالة من يُسمى ابن عامر (1) حيث يقول:
نظرت فلم أبصر سوى محض وحدة
بغير شريك قد تغطت بكثرة
تكثرت الأشياء والكل واحد
صفات وذات ضمناً في هوية
فأنت أنا لا بل أنا أنت وحدة
منزهة عن كل غير وشركة (2)
ومثلهم قال عبد الغني النابلسي حيث يقول في شرحه لكتاب
((التحفة المرسلة في علم حقيقة الشريعة المحمدية)) : ((واعلموا أيضاً (أن ذلك الوجود) المحض الذي هو الحق تعالى هو (حقيقة جميع الموجودات) أي الماهيات المحسوسة والمعقولة وصفاتها وأحوالها من حيث هي موجودات، ولهذا سماها الموجودات (وباطنها) أي باطن جميع الموجودات حيث هي المنظور إليها
…
ثم قال: إن الخالق الحق هو وجود جميع الموجودات ولا يكون هناك للموجودات وجود حادث أصلاً، وإنما هو الوجود القديم الحق ظهر بما قدره وصوره من المعدومات)) (3) .
هذا إفكهم وما يفترون، ونسألهم عن قولهم هذا هل الله أخبرهم بذلك أم على الله يفترون؟ لا شك أنهم على الله يفترون، وسيحكم الله (بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.
المطلب الرابع:الرد على فلاسفة الصوفية في دعوى وحدة الوجود.
هذا القول وهو دعوى وحدة الوجود لم يظهر صريحاً قبل ابن عربي في المسلمين، وقد تابعه عليه العديد من ملاحدة الصوفية وصارت تحوم حوله أقوالهم إشارة مرة وتلويحاً مرة وتصريحاً أخرى.
وهي مقالة مركبة من قول فلاسفة اليونان القائلين بوحدة الوجود مثل: أكسينوفان (1) ، وبرمنيدس (2) ، والرواقيين (3) وغيرهم، ومن قول المؤلهة كأفلاطون (4) ، وأرسطو (5) ، وأفلوطين (6) وغيرهم.
فقد أخذوا عن الأولين قولهم بوحدة الوجود وأن الله تعالى عن قولهم منبث في هذا الكون من أصغر ذرة إلى أكبر جرم فيه.
وأخذوا عن الآخرين قولهم بإثبات الوجود المطلق لله، والقول بصدور النفس الكلية عنه والتي تماثل وتشابه الأول الذي صدرت عنه، وهذه توازي عند ابن عربي وأتباعه ما يسميه الحقيقة المحمدية.
ثم عن النفس الكلية صدرت أرواح الكواكب كما هو عند أرسطو وهكذا هو عند ابن عربي حيث زعم أن الله أنشأ من الحقيقة المحمدية محمداً (ثم اقتطع العالم كله تفصيلاً على تلك الصورة بالخيال ثم أنشأ من الحقيقة سائر العالم المحسوس.
فمن هذا يتبين أن هذا الضال المضل أسس مذهباً مركباً من قول الفلاسفة الوثنيين وأضاف عليه بعض المسميات التي جاءت في الإسلام والشرع كاسم محمد (والعرش والكرسي ونحو ذلك، وذكر هذه الأسماء وإقحامها في مقولته لا تصحح انتماءه إلى الإسلام لا من قريب ولا بعيد بل هو مغرق في الإلحاد والكفر، وهو أشد كفراً وبعداً عن الحق من هذا الوجه من مقالة أرسطو وأتباعه، لأن أولئك اعتقدوا تنزيه الله (عن المحدثات على العموم والذي يعني التعطيل.
وهؤلاء قالوا بتنزيهه أي تعطيله أولاً، ثم جعلوه هو المحدثات طيبها وخبيثها حسنها وقبيحها، وهذا متضمن لنفي وجوده مرتين:
الأولى: بتعطيله وإثبات الوجود المطلق الذي هو وجود ذهني.
والثانية: بزعمهم أنه هو الوجود كله والكون كله.
فمن هنا فكل رد لنا على القائلين بوحدة الوجود أو على القائلين بالوجود المطلق من فلاسفة اليونان على مقتضى العقل (7) هو رد على هؤلاء، وكذلك كل رد على الفلاسفة المنتسبين للإسلام بمقتضى الشرع (8) هو رد على هؤلاء في تعطيلهم لله (وعدم وصفه بالصفات.
يبقى أن نرد عليهم في دعواهم وحدة الوجود بمقتضى الشرع مع أن باطلهم أظهر وأوضح من أن يرد عليهم فيه، ولكن نقول على سبيل الاختصار حتى لا يغتر أحد بتدليسهم وتلبيسهم وزخرفتهم للباطل بالتحريفات الفاسدة ما يلي:
1 إن الله (قد أثبت لنفسه الصفات والأفعال نحو قوله ( {وهو السميع البصير} الشورى (11) ، وقوله {كل شيء هالك إلا وجهه} القصص (88) ، {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} ص (75){الرحمن على العرش استوى} طه (5) ، {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما نفسك} المائدة (116) ، {وهو العليم القدير} الروم (54) ، {الله خالق كل شيء} الزمر (62) ، {الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور} الأنعام (1) .
فهذه النصوص الدالة على صفات الله تعالى وأفعاله، وغيرها كثير مما يعتبر أعظم وأكبر موضوع تكرر ذكره في القرآن الكريم بشكل فاق جميع الموضوعات بكثرة الآيات الواردة فيه، فإنه لا تكاد تخلو آية من ذكره كيف لا وهو متضمن للتعريف بالله (وتمجيده وتعظيمه.
فإذا كانت هذه الآيات مع كثرتها لا تدل على ذات موصوفة بالصفات، وذات للخالق تبارك وتعالى تميزه عن سائر مخلوقاته، وتجعل لكل من الخالق والمخلوق وجوده الذي يتميز به وصفاته التي يتميز بها، فإن نصوص التوحيد والصلاة والحج والإيمان باليوم الآخر والجنة والنار، وكذلك النصوص التي تحرم الشرك وتحرم القتل والزنا والربا والظلم والبغي وسائر المحرمات والفواحش، لا تدل على تلك الواجبات ولا على تحريم تلك المحرمات، ويكون الدين بذلك كله باطلاً.
2 إن دعوى هؤلاء الصوفية الضلال متناقضة غاية التناقض وهي أشد في تناقضها من دعوى فلاسفة اليونان المؤلهة، حيث يزعم هؤلاء أن الله تبارك وتعالى ليس له صفة ولا نعت ولا حد ولا ماهية ولا وجود إلا الوجود المحض، ثم يزعمون مع هذا أنه المادة قبل تشكلها وتصورها أو ما يسمونه التعين والظهور، فهذا تناقض بين لا يستقيم بحال؛ إذ كيف يستقيم أن يكون مادة ثم مع ذلك ليس له نعت ولا وصف ولا وجود ولا ماهية؟ هذا يعني شيئاً واحداً أن أصحاب هذه المقالة زنادقة امتلأت قلوبهم كفراً وإلحاداً فأخذوا يبرزون المقالات المتناقضة لعلهم بذلك يتوصلون إلى غرضهم في إضلال الناس مع التعمية على إلحادهم ودهريتهم.
3 إن دعواهم أن الله لا صفة له ولا رسم ولا نعت ولا ماهية، كل هذه الدعاوى تمنع أن يكون خالقاً موجداً كما تمنع أن يكون هو هذا الكون، لأن حقيقة المقالة أنه غير موجود وإن كان موجوداً فهو عاجز لأنه لا صفة له ولا رسم ولا ماهية، فكيف يمكن أن يوجد ما له صفة ورسم وماهية ووجود؟ (ففاقد الشيء لا يعطيه.
4 لو كانت دعوى ابن عربي وأمثاله صحيحة للزم من ذلك أن القرآن والسنة وجميع ما فيهما من العلوم والأوامر والنواهي كلمات جوفاء لا معنى لها حقيقي وظاهر، بل هي مجرد رموز لمعان بعيدة ظلت خفية على الرسول (وعلى أصحابه والمسلمين في العصور الأولى، بل استمر خفاؤها على المسلمين، ولم يعرف تلك المعاني الخفية إلا ابن عربي وأضرابه من أفراخ ملاحدة الفلاسفة.
5-
لماذا لم يصرح الله تبارك وتعالى بوحدة الوجود، ويدع إليها وينبه عليها؟ مع أن ذلك لو حدث لما وجد من يعارض ذلك ويرده لأن فيه أمران خطيران:
الأمر الأول: أن جميع البشر بل جميع الأشياء آلهة بل هم الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
الأمر الثاني: أنه ليس هناك شيء محرم أو لا يجوز أو مكروه، بل كل شيء محبوب مطلوب سواء كان شركاً أو قبيحاً مثل الزنا أو الربا، أو بغياً وظلماً مثل القتل والاعتداء. فكل ذلك داخل في نطاق المباح الذي ليس فيه حرمة بوجه من الوجوه، إذ الكل الله تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.
6 أن الرسول (لم يرد عنه لا من قريب ولا بعيد شيء يدل على دعوى وحدة الوجود، فما الذي منعه عليه الصلاة والسلام من الدعوة إلى ذلك والجهر به؟ مع كمال شجاعته وكمال نصحه وفصاحته وبلاغته عليه الصلاة والسلام، وهو الذي عرض نفسه للقتل في سبيل الله وفي بيان بطلان معبودات أولئك المشركين، بل استباح دماءهم وأموالهم بسبب شركهم، كما استباح المشركون أيضاً دمه (ودم أصحابه بسبب معارضته لمعبوداتهم ودعوته لهم إلى توحيد الله (. فبناءً على دعوى ابن عربي وأضرابه كل ذلك كان من العبث، إذ أن الأمر لا يستحق شيئاً من ذلك، لأن المشركين على دعوى ابن عربي وأضرابه إنما كانوا يعبدون الله -تعالى الله علواً كبيراً- فهل في الأقوال الفاسدة أفسد من هذه الأقوال.
7 أن الله (قد لعن من أشرك معه في العبادة وأوجب له الخلود في النار وذلك في مثل قوله تعالى {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار} المائدة (72) ، كما لعن إبليس وذلك في قوله
{وأن عليك لعنتي إلى يوم الدين} ص (78) ، كما لعن الله (اليهود في قوله {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بماعصوا وكانوا يعتدون} المائدة (78) ، فالله (في هذه الآيات وغيرها كثير لعن وأثبت غضبه وعذابه لمن عبد شيئاً معه أو غيره عاماً أو خاصاً.
فلو كان الأمر كما زعم هؤلاء الزنادقة من أنه ما ثمَّ إلا الله وأن الوجود كله مظهر ومجلى لله (لكان لازم ذلك أن يكون الله (لعن نفسه -عياذاً بالله تعالى-وحكم على نفسه بالخلود في النار سبحانك هذا بهتان عظيم.
8 أن الله لعن من عبد غيره وكذلك كل من ادعى الألوهية من البشر، فقد لعن فرعون وجعله إماماً في الضلال متبوعاً بلعنة الله هو ومن اتبعه قال ( {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين} القصص (42) وذلك لقوله
{أنا ربكم الأعلى} الذاريات (24) ، فمن زعم أن المخلوق هو الخالق فقد زعم أن فرعون كان صادقاً وأن اللعنة والتقبيح له ولأتباعه بغير وجه حق أو هو ظلم غاية الظلم.
وقد التزم ابن عربي الضال المضل في مقابل ذلك إيمان فرعون ونجاته، بل زعم أنه صادق في قوله {أنا ربكم الأعلى} (1) .
ولا شك أن هذا تكذيب صريح لكلام الله (واستدلال على الفاسد وهو قوله بوحدة الوجود بما هو مثله في الفساد وهو تكذيب
الله (وتحريف كلامه بادعاء أن فرعون مؤمن وأنه صادق في دعواه للربوبية.
9 إن دعوى وحدة الوجود يلزم منها أن كل إنسان هو الله أو جزء من الإله، وهذا أمر لا وجود له في قرارة الإنسان، بل كل إنسان يشعر بنقصه وعجزه وحاجته وفقره، وأنه مخلوق مربوب، هذا واقع كل إنسان وهو مما يشعر به أيضاً، لهذا يسعى الإنسان إلى تكميل نفسه وتسديد حاجة نفسه من غيره، وإذا انقطعت الأسباب بالنسبة للإنسان على العموم لجأ إلى خالقه وموجده وهو يقر بوجوده وربوبيته، هذا مما لا يستطيع بشر أن ينفك عنه إلا مكابرة، وفرعون وهو من أكبر المتكبرين عن عبادة الله لما دهمه الماء وأشرف على الغرق وأدرك أن نجاته وحاجته عند واحد فقط وهو رب العالمين اضطر إلى ندائه والاستغاثة به لعله ينجو.
10 يقال للصوفية من أصحاب وحدة الوجود في جميع دعاويهم التي ادعوها في الله (:من أين علمتم وأخذتم معلوماتكم هذه التي تتناقض مع الشرع تناقضاً بيناً؟ فإن ما في الشرع جاء عن طريق الوحي وما ادعيتموه لابد أن تثبتوا مصدره فإن العقل لا يستطيع أن يتوصل إلى ما ذكرتموه.
وشيوخ الصوفية الضلال من أصحاب وحدة الوجود ليسوا أنبياء ينزل عليهم الوحي.
فهنا قد يدعون أن فيهم خاتم الأولياء (1) .
فنقول: إن الأنبياء عليهم السلام قد أقاموا الأدلة والبراهين على صدقهم، فأين براهين هؤلاء الكذبة من أصحاب وحدة الوجود على دعاويهم؟ وأين معجزاتهم التي تبرهن على أنه يوحى إليهم؟ لا شك أنه لا يوجد شيء من ذلك سوى الدعاوى الكاذبة التي يفترون بها على الله بدون أن يقيموا عليها برهاناً شرعياً ولا حتى عقلياً.
11 إن ما ادعاه ابن عربي الضال في الله (وما ادعاه من وحدة الوجود ادعاه من أخذ بمنهجه من الصوفية بعده،بدون أن يسندوه إلى الله (أو إلى الأنبياء عليهم السلام، كما أنهم لم يسندوه إلى ابن عربي نفسه بل كل واحد منهم يزعم أنه توصل إلى هذا القول من خلال عرفانه ومقامه، فمعنى ذلك أنهم لم يأخذوا معلوماتهم من خاتم الأولياء ابن عربي في زعمهم. فهي إذا -أعني ختم الولاية- دعوى فارغة المضمون، كما أن معنى ذلك أن كل واحد منهم يوحى إليه في هذا المقام بهذه الدعاوي الخطيرة التي هي عين الكفر والزندقة ولا شك أنها إذا تناقضت مع الوحي المنزل من الرحمن لم يبق إلا وحي الشيطان كما قال الله (:
وهذه الآية نص في أولئك الضلال، وبيان صريح لمصدرهم في العلم، وكذلك سبب دعاويهم تلك ألا وهو: الغرور والإعجاب بالنفس مع عدم الإيمان باليوم الآخر.
12 نرى أن ما ادعاه ابن عربي وكذلك ما ادعاه سائر الصوفية من بعده من أصحاب وحدة الوجود ويزعمون أنه حصل لهم من
الله (من خلال مقاماتهم التي يدعونها أو من خلال منامات رأوها أو القاء من قبل الله ((1) كل ذلك كذب بين واضح، إذ أن أقوالهم لم تخرج عن قول ملاحدة اليونان قبلهم سواء كانوا من الفلاسفة الدهريين والوجوديين أو المؤلهة منهم، وكذلك من جاء بعدهم من أصحاب الأفلاطونية الحديثة، وكذلك من أخذ بتلك الأقوال من المنتسبين للأديان من اليهود والنصارى والمسلمين من أمثال الفارابي وابن سينا وملاحدة الباطنية وغيرهم، فهي دعاوى قد سبق إليها ملاحدة اليونان ابن عربي وأضرابه من دعاة وحدة الوجود، وكان دور هؤلاء الزنادقة أنهم جمعوها ولفقوا بينها وأضافوا إليها بعض المسميات الإسلامية حتى تروج على الناس.
فيظهر من هذا كذب ابن عربي وأتباعه في دعواهم أن هذا العلم حصلوه بالكشف أو الوحي فهم كاذبون في ذلك مستحقون لوعيد الكاذب على الله في ادعاء الوحي قال ( {ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون} الأنعام (93) .
وقد زاد ابن عربي وأضرابه على فلاسفة اليونان في الضلال والفجور؛ إذ أن أولئك توصلوا إلى أقوالهم تلك بالبحث والنظر العقلي البعيد تماماً عن الوحي.
أما هؤلاء فقد أخذوا أقوالهم تلك من الفلاسفة السابقين،وعزوها إلى أنفسهم، وزعموا أيضاً أنها وحي من الله أوحاه إليهم فزادوا بذلك الكذب على الله (والافتراء عليه، عليهم من لله عالى مايستحقون.
• • •
خاتمة:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والحمد لله الذي هدانا بغير حول منا ولا طول والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وصلي الله على معلم البشرية الخير وهاديها إلى كل فلاح ونجاح نبينا وسيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فبعد أن طوفنا خلال هذا البحث المختصر على قول أهل الباطل ممن أخذ بقول الفلاسفة من المنتسبين للإسلام نختم هذا البحث بأهم النتائج المستفادة منه وهي:
1 أن العقل غير قادر باستقلال للوصول إلى العلم الصحيح عن الله (.
2 أن العقل مهما كان ناضجاً وقوياً فإنه لا يسلم من تأثير البيئات المحيطة به والتربية التي تربى عليها الشخص، فلهذا تأتي أحكامه وتصوراته متأثرة بمؤثرات خارجية تفسد عليه نقاوته وصحته وتقلب في بعض الأحيان موازينه.
3 أن الفلاسفة الوثنيين أثروا في أناس عديدين من أهل الأديان من اليهود والنصارى والمسلمين.
4 أن الفلاسفة المنتسبين إلى الاسلام تركوا النور والهدى الذي بين أيديهم، وراحوا يتلمسون الهدى في زبالات الأذهان والخيالات والأوهام
5 أن أهل الفلسفة المحضة، وكذلك الباطنية المنتسبين للإسلام قد أخذوا بقول فلاسفة اليونان الوثنيين في الله (في صفاته وفي أفعاله وإيجاده لهذا العالم حذو القذة بالقذة.
6 أن فلاسفة الصوفية كابن عربي وأتباعه قد أتوا بخليط متناقض من الأقوال غاية التناقض لأنهم لفقوا بين أفسد الأقوال وأقبحها، فقد أخذوا بقول الوجوديين من الفلاسفة وقول الفلاسفة المؤلهة وجمعوا بينها، فأفرز لهم مقالة هي من أفسد المقالات وأقبحها وأبعدها عن الإسلام والحق بل أبعدها عن العقل والفهم السليم.
7 أن فلاسفة الصوفية غلفوا أقوالهم ببعض المسميات الإسلامية حتى تروج على بعض المسلمين ويظهروا بمظهر المنتمي للإسلام والمعتمد عليه.
8 أن الله (بفضله وكرمه قد حمى هذا الدين فحفظ له أصوله القرآن والسنة والطائفة التي تلتزم بمنهج القرآن والسنة وهم السلف ومن سار على منهجهم، ولولا هذا التكرم من ربنا الكريم لأصاب الإسلام ما أصاب الأديان الأخرى من اختلاط الحق بالباطل وتلبسه على الناس بحيث لا يستطيع الإنسان أن يتوصل إلى الحق من خلاله وذلك بفعل الفلسفات الوافدة وأصحاب الضلالة والانحراف والأهواء من المنتسبين للدين، الذين يزخرفون الباطل بالألفاظ المنمقة والدعاوى الباطلة.
فلربنا الحمد والشكر والثناء الأول والآخر وله سبحانه المنة والفضل في كل هدى وخير.
هذا آخر ما تيسر جمعه في هذه الدراسة المختصرة. وفي الختام نسأل الله تعالى أن يهدي المسلمين ويبصرهم بمواقع عزهم ورفعتهم في دنياهم وأخراهم، وأن يردهم إلى الحق رداً جميلاً، وأن يستعملنا في طاعته، ويثبتنا على دينه، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه، وأن يتقبله منا، ويبارك لنا فيه،وينفع به اخواننا المسلمين، إنه جواد كريم غفور حليم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الحواشي والتعليقات
انظر: دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية ص 254-262.
حران مدينة في الجزيرة على طريق الموصل والشام وقد فتحت في عهد عمر بن الخطاب (معجم البلدان (2/236) .
الفيثاغورية: نسبة إلى فيثاغورس اليوناني كان نحو 570 - 457 ق. م هرب بسبب الاضطرابات في بلاده إلى إيطاليا وأسس بها فرقة دينية سياسية فلسفية سيطرت بعض الوقت على بعض المدن هناك ثم قضي عليها وبقيت تعاليمه، وهي تدور على الدعوة إلى الطهارة بالصمت واختبار الذات والامتناع عن اللحوم باعتبار أن المخلوقات أقارب، ويرى تناسخ الأرواح ويرون أن الأشياء أعداد، والعدد عندهم ليس رقماً إنما هو شكل وهو ما يسمى الأصل الرياضي. انظر: الموسوعة الفلسفية ص 353.
الأفلاطونية المحدثة: هي فلسفة تعزى في أصلها إلى أفلوطين المصري وتابعه غيره عليها، وهي تجمع بين فلسفة أفلاطون وأرسطوا والرواقيين والفيثاغوريين، فهي فلسفة دينية تذهب إلى احتواء المعتقدات السائدة والأساطير والطقوس، وعبادات الشرق والسحر والكيمياء القديمة، وقد أثرت تأثيراً قوياً في النصرانية. انظر: الموسوعة الفلسفية
(ص 56) .
جنديسابور: مدينة بخورستان، فتحها المسلمون صلحاً سنة 19 هـ في عهد عمر بن الخطاب (. معجم البلدان
(2/171) .
النساطرة: فرقة من النصارى تنسب إلى نسطور المتوفى سنة 451 م الذي ادعى: أن المسيح له طبيعتان إلهية وبشرية وأن مريم أم الإنسان وليس أم الإله، ومن النصارى من يعزو إليه أنه يقول: أن المسيح لم يكن إلهاً وإنما كان إنساناً، والنساطرة على القول الأول. وقد عقد مجمع أفسس سنة 431م من أجل مقالته وطرد نسطور من الكنيسة إلا أن مذهبه انتشر في فارس والعراق وهو المذهب الرسمي هناك. وقد استمر وجودهم هناك إلى العصر الحديث، إلا أن أعدادهم قليلة. انظر: معجم الحضارات السامية (ص 846) ، قاموس المذاهب والأديان ص209، موسوعة الأديان 2/661.
السريان: تسمية تطلق على نصارى سورية وهم ينقسمون إلى عدة كنائس منها الكنيسة النسطورية، واليعقوبية، والمارونية، والكلدانية والملكانية. انظر: معجم الحضارات السامية (ص474) .
فيلون اليهودي كان نحو 20 ق. م-40م. وكان من أسرة غنية بالاسكندرية من ضمن الجالية اليهودية التي بها، وقد درس الفلسفة وشرح التوراة بالرمز والتأويل وفق الفلسفة اليونانيةخاصة مذهب أفلاطون. الموسوعة الفلسفية (ص 356) .
اليعاقبة: هم فرقة من من فرق النصارى القائلين بالطبيعة الواحدة وهو مذهب أقباط مصر، وينتسبون إلى يعقوب البرادعي، وهو أسقف الرها من أصل سوري ولد نحو 490م وتوفي 578م كان له نشاط في تنظيم كنيسة الطبيعة الواحدة، فنسبوا إليه وإلا فالمذهب أقدم منه يعود إلى مجمع أفسس عام 431م. معجم الحضارات السامية (ص 917) .
انظر في هذا: كتاب الفهرست لابن النديم ص338-340، تاريخ الفكر الفلسفي في الإسلام د/ محمد علي أبو ريان 90-104، تاريخ الفلسفة في الإسلام، ت. ج دي بور 36-38.
المأمون هو عبد الله بن هارون الرشيد الخليفة العباسي تولى الخلافة بعد خلع أخيه الأمين سنة 198هـ وتوفي سنة 218هـ. الإعلام للزركلي (4/142) .
المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد الخليفة العباسي تولى الخلافة بعد أخيه المأمون بعهد منه سنة 218هـ وتوفي سنة 227هـ. الأعلام للزركلي (7/127) .
الواثق بالله هارون بن محمد بن هارون الرشيد الخليفة العباسي تولى الخلافة بعد أبيه المعتصم سنة 227هـ وتوفي سنة 232هـ. الأعلام للزركلي (8/62) .
أفلاطون، ولد نحو 427 وتوفي نحو 347 ق. م من مشاهير فلاسفة اليونان، وهو تلميذ سقراط ومعلم أرسطو. الموسوعة الفلسفية (ص 52) ، والمنجد في الأعلام (ص 54) .
أرسطو طاليس ولد نحو 384 وتوفي نحو 322 ق. م، وهو أشهر فلاسفة اليونان وأكثرهم تأثيراً فيمن بعدهم وهو مربي الأسكندر المقدوني وتلميذ أفلاطون. انظر: الموسوعة الفلسفية (ص 35) والمنجد في الأعلام (ص 34) .
أبقراط الحكيم أحد أطباء اليونان ولد في حدود 460 ق. م. انظر: في سبيل موسوعة فلسفية ص11.
هي دعوى المعتزلة بأن القرآن مخلوق فمال إلى قولهم، وأخذ به المأمون وحمل الناس على القول به وامتحنهم في ذلك، وقد دامت هذه المحنة خلال آخر حياة المأمون ثم المعتصم ثم الواثق إلى أن جاء المتوكل سنة 232هـ ورفع المحنة عن الناس وأوقف الجدل في القرآن وكان ثبت في ذلك الامتحان الإمام أحمد بن حنبل، وأبى أن يقول إن القرآن مخلوق فحبس وجلد على ذلك فصبر حتى جاء الفرج في زمن المتوكل على الله سنة 237 هـ فانقمع المعتزلة وارتفعت راية السنة. انظر: البداية والنهاية (9/296-342) .
ابن سينا كما هو معلوم من عائلة باطنية، إلا أن قوله في التوحيد من جنس مقالة الفارابي، وليست من جنس مقالة الباطنيين، كما سيتبين.
هو يعقوب بن إسحاق أبو يوسف الكندي. كان له حظوة عند المأمون والمعتصم، نشأ في البصرة ثم في بغداد وتوفي نحو سنة 260هـ. الأعلام للزركلي (8/195) ، موسوعة الفلسفة (2/297) .
موسوعة الفلسفة (2/301-302) .
هو محمد بن محمد بن طرخان أبو نصر الفارابي من أهل فارس درس ببغداد واتصل بسيف الدولة الحمداني أمير حلب وأخذ الفلسفة عن رجل نصراني يسمى يوحنا بن حيلان، وكان من رفقائه في الدرس أبو بشر متى بن يونس القنائي، ومن تلاميذه يحي بن عدي، وكل هؤلاء من النصارى، وقد اعتنى الفارابي بكتب أرسطو عناية خاصة حتى قال:((قرأت السماع لأرسطو أربعين مرة وأرىأني محتاج إلى معاودته)) . توفي في دمشق سنة 329هـ وهو في الثمانين من عمره. انظر: تاريخ فلاسفة الإسلام في المشرق والمغرب (ص 13-17) .
تاريخ الفلسفة في الإسلام ص 209.
هو أبو علي بن الحسين بن عبد الله بن سينا الملقب بالشيخ الرئيس، فارسي الأصل، نشأ في بلاد ما وراء النهر، وكان ذكياً حاز كثيراً من العلوم في وقت مبكر من عمره، وبرز في مجال الطب ووضع كتاب ((القانون في الطب)) وهو من أشهر كتبه، وكان أبوه وأخوه اسماعيليين، وقد تتلمذ على كتب أرسطو، واستفاد من الفارابي كثيراً في فهمها ومعرفتها. توفي سنة 428هـ. انظر: فلاسفة الإسلام في المشرق والمغرب (ص 53) .
الشفا (1/354) ، الرسالة العرشية ص 16، 22، موسوعة الفلسفة (1/48-49) .
معنى السلب: أي يقال ليس بجاهل ولا عاجز ولا ميت.
الإضافة: بالنسبة إلى ما هو سبب فيه وهي عندهم جميع صفات الأفعال مثل خالق وبارئ ومصور، فهي مضافة إليه على اعتبار أنه سبب فيها وليس أنه فاعلها.
المركب منهما مثل المريد والقادر، فإنهما مركبان من العلم الذي هو عندهم العقل والإضافة الذي هو سبب في وجوده كالخلق والرزق. انظر: هذه التعريفات في الرسالة العرشية (ص54) .
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله المدني. زين العابدين. كان مع أبيه الحسين رضي الله عنه حين قتل، إلا أنه سلم. قال الزهري: ما رأيت أحداً كان أفقه منه، ولكنه كان قليل الحديث. توفي سنة 94هـ، وقيل: بعدها. انظر تهذيب التهذيب (7/304) .
محمد بن علي بن الحسين، أبو جعفر. قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث، وليس يروي عنه من يحتج به. وذكره النسائي في فقهاء أهل المدينة من التابعين. وسئل عن أبي بكر وعمر، فقال: ما أدركت أحداً من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما. توفي سنة 118هـ. انظر تهذيب التهذيب (9/350) .
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الهاشمي، المدني. قال الساجي: كان صدوقاً مأموناً. إذا حدث عنه الثقات فحديثه مستقيم. وقيل له: إن جاراً لي يزعم أنك تبرأ من أبي بكر وعمر، فقال جعفر: برىء الله من جارك. والله إني لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر. توفي سنة 148هـ. انظر تهذيب التهذيب (2/103) .
إسماعيل بن جعفر بن محمد. يعرف بالأعرج، كان أكبر ولد أبيه، ومات في حياة أبيه سنة 133هـ، ودفن بالبقيع. انظر: الشجرة الزكية في الأنساب وسير آل بيت النبوة ص428.
محمد بن إسماعيل بن جعفر الهاشمي. إمام عند القرامطة، وعند الدروز أول الأئمة المستورين، وكانت وفاته نحو 198هـ. انظر: فرق الشيعة ص72-74، الأعلام للزركلي (6/34) . والرافضة الاثنا عشرية تعرض عن إسماعيل وابنه محمد، ويجعلون الإمام بعد جعفر ابنه موسى الكاظم. انظر: أصول مذهب الشيعة،1/104،105.
انظر: فرق الشيعة للنوبختي ص 68، الملل والنحل للشهرستاني (1/191) ، أديان وفرق (ص 144) ، فرق معاصرة
(1/310) .
أحمد حميد الدين الكرماني، من أصل فارسي من مدينة كرمان، تلقى علومه في المدارس الإسماعيلية، يلقب بحجة العراقيين. توفي بعد سنة 412هـ. انظر معجم الأعلام (ص 49) .
راحة العقل (ص 130) .
راحة العقل (ص 147) .
إبراهيم بن الحسن الهمداني الحامدي، أحد دعاة الإسماعيلية وعلمائها في اليمن، توفي سنة 557 هـ، الأعلام (1/36) .
نقلاً عن: الحركات الباطنية في العالم الإسلامي (ص 85) .
لم أقف له على ترجمة.
الكافية ضمن ثلاث رسائل إسماعيلية لعارف تامر (ص 25) .
منصور بن نزار. من خلفاء الدولة الفاطمية. تولى الخلافة وعمره أحد عشر عاماً في القاهرة، وتوفي وعمره ست وثلاثون سنة، وذلك عام 411هـ، بعد أن دعا إلى تأليه نفسه. انظر الأعلام (7/305) .
انظر: موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب ص344، عقيدة الدروز عرض ونقد ص121.
هكذا في المطبوع، ولعلها " ولا مستقبل"
أضواء على مسلك التوحيد ص71.
انظر في ذلك: الرد على المنطقيين ص364.
انظر: بيان تلبيس الجهمية 1/326، بمعناه.
انظر: نهاية الأقدام في علم الكلام ص 128، غاية المرام في علم الكلام ص 9.
صحيح مسلم، كتاب الإيمان (1/388) ، بشر ح النووي.
انظر ص 378.
انظر ص 379.
انظر: التعريفات ص137.
انظر المراجع في ذلك في الدراسة الأولى " قول الفلاسفة الوثنيين في التوحيد عرض ونقد في ضوء مذهب السلف ".
موسوعة الفلسفة (1/306 - 307) .
المرجع السابق (2/304) ، وانظر تاريخ الفكر الفلسفي في الاسلام ص98.
انظر تاريخ الفكر الفلسفي في الاسلام ص149.
انظر: موسوعة الفلسفة 2/104-106، تاريخ الفكر الفلسفي في الاسلام 149-152.
الشفا لابن سينا (1/402-406)، وانظر: موسوعة الفلسفة (1/50) .
انظر: في سبيل موسوعة فلسفية (ص 47) .
الشفا (1/407) .
في سبيل موسوعة فلسفية (ص 48) .
الشفا (1/415) .
في سبيل موسوعة فلسفية (ص 43) .
راحة العقل (ص 176) .
المصدر السابق (ص 181) .
المصدر السابق (ص 197) .
راحة العقل (ص 159) .
تحفة المستجيبين لأبي يعقوب السجستاني (ص 13-14) ضمن مجموعة ((ثلاث رسائل إسماعيلية)) .
ضمن مجموعة ((ثلاث رسائل إسماعيلية)) (ص 25-26) .
انظر: اخوان الصفا لمصطفى غالب (ص 49-54) .
إخوان الصفا (ص 68) .
المرجع السابق (ص 91) . وانظر: الحركات الباطنية في الإسلام (ص 179-180) .
أضواء على مسلك التوحيد ((الدرزية)) (ص 81-83) .
أضواء على مسلك التوحيد (ص 83-84) .
سبق أن رددنا على دعوى الفلاسفة في الدراسة الأولى.
مجموع الفتاوى (11/6، 16) ، الرسالة القشيرية (ص 126) ، فرق معاصرة (2/578) .
الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي الحزاز، أبو القاسم الصوفي، شيخ الصوفية في زمانه. توفي سنة 297هـ. الأعلام (2/141) .
الحسين بن منصور الحلاج. قتل ببغداد في دعوى الحلول سنة 309هـ. الأعلام (2/260) .
محمد بن سليمان بن محمد الحنفي، أبو سهل الصعلوكي، فقيه شافعي. توفي في نيسابور سنة 369هـ. الأعلام
(6/149) .
الرسالة القشيرية (ص 126-128) ، التصوف المنشأ والمصادر (ص 20-35) .
انظر: كتاب العلم، باب الاغتباط في العلم، فتح الباري (1/165) .
أبو نضرة المنذر بن مالك بن قطعة البصري. قال ابن حجر: ثقة. توفي سنة 109هـ. التقريب ص347.
ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (1/399) ، وأخرجه ابن سعد في الطبقات مختصراً (3/499) .
مجموع الفتاوى (11/6-19) .
السري السقطي: هو خال الجنيد، متقدم من زهاد الصوفية. توفي سنة 253هـ.
انظر: تاريخ بغداد 9/192، الرسالة القشيرية ص10..
سهل بن عبد الله التستري. متوفى سنة 283هـ. انظر: الرسالة القشيرية ص15.
انظر في المراحل كتاب الصوفية نشأتها وتطورها (ص 20) .
انظر: الموسوعة الصوفية، عبد المنعم الحفني ص128.
اللمع لأبي سراج الطوسي ص382 نقلاً عن تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي ص485.
محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي الملقب بالشيخ الأكبر، فيلسوف توفي سنة 638هـ. الأعلام (9/281) .
عمر بن علي بن مرشد الحموي المصري ابن الفارض، أشعر المتصوفين، توفي سنة 632هـ. الأعلام (5/55) .
انظر: مصرع التصوف (ص 64) ، وهذه هي الصوفية (ص 29) .
هذه هي الصوفية (ص 174-175) .
هذا كلامه على حديث ((حبب إلي من دنياكم النساء والطيب)) .
فصوص الحكم (ص 217) .
فصوص الحكم (1/90) .
المصدر السابق (1/130) .
المصدر السابق (1/200) .
عنقا مغرب في ختم الأولياء وشمس مغرب (ص 28) .
عنقا مغرب (ص 29) ، ويلاحظ أنه في هذا الكتاب قد ألغز ألغازاً شديداً وحجب المقصود تحت عبارات تلاعب فيها ساتراً لعقيدته مرة وملوحاً بها أخرى.
عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن سبعين الأشبيلي،من الفلاسفة القائلين بوحدة الوجود متوفى سنة 669هـ. الأعلام (3/280) .
نقلاً عن بغية المرتاد لشيخ الإسلام (ص 419) .
عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي مكثر من التصنيف، متصوف توفي سنة 1143هـ. الأعلام (4/32) .
محمد بن فضل الله البرهابنوري الهندي، صوفي من القائلين بوحدة الوجود، توفي سنة 1029هـ في الهند. الأعلام
(6/331) .
القول المتين في بيان توحيد العارفين (ص 4) .
سبق ذكر أقوالهم والرد عليها في الدراسة الأولى.
هكذا فهمتها من كلامه مع شدة انغلاق عبارته وإلغازه.
كلام غير ظاهر المعنى وإنما أراد منه إثبات أن الحقيقة المحمدية قطعة منه سبحانه ومنها أوجد العالم أو ظهر في العالم.
عنقا مغرب (ص 33-45) .
عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي صوفي من دعاة وحدة الوجود توفي سنة 832هـ. الأعلام (4/50) .
القول المتين في بيان توحيد العارفين (ص 11-17) .
يقصد أسماء الله تعالى.
يقصد أن يظهر لأسماء الله وصفاته ذات.
هكذا في المطبوعة ويبدو أنها (فعندما) .
عنقا مغرب (ص 35) .
المصدر السابق.
فصوص الحكم (1/103) .
المصدر السابق (ص 204) .
محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف القونوي الرومي صدر الدين صوفي ربيب ابن عربي توفي سنة 673هـ. الأعلام (6/30) .
نقل هذا عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في بغية المرتاد (ص 410) .
سليمان بن علي بن عبد الله الكرمي التلمساني يتبع طريقة ابن عربي، توفي سنة 690هـ. الأعلام (3/130) .
نقلاً عن بغية المرتاد ص 419-421.
مصرع التصوف ص 64، هذه هي الصوفية ص 29-30. وقد سبق أن ذكرنا الأبيات من قبل عند ذكر مراحل التصوف.
عامر بن عامر أبو الفضل عزالدين. صوفي متشيع، كان يعيش في القرن الثامن الهجري. انظر: الموسوعة الصوفية ص281.
هذه هي الصوفية (57) .
القول المتين في بيان توحيد العارفين (ص 5،9) .
أكسينوفان القولوفوني. فيلسوف يوناني، كان نحو 570-480ق. م. انظر: موسوعة الفلسفة والفلاسفة (1/176) .
برمنيدس الإلياني. فبلسوف يوناني، له قصيدة في الطبيعة ادعى فيها التوحيد المطلق، وعدم التغير، وأزلية كل شيء. كان نحو 540-450ق. م. المنجد ص127.
الرواقيون: نسبة إلى الرواق الذي اتخذه زينون مقراً له يجتمع فيه مع أصحابه في أثينا، فسموا رواقيين. والرواقية فلسفة خلقية، ومن قولهم القول بوحدة الوجود. انظر: الموسوعة الفلسفية ص214.
أفلاطون. ولد نحو 427، وتوفي نحو 347ق. م. من مشاهير فلاسفة اليونان،وهو تلميذ سقراط، ومعلم أرسطو. الموسوعة الفلسفية ص52، والمنجد في الأعلام ص54.
أرسطوطاليس. ولد نحو 384، وتوفي نحو 322ق. م. وهو أشهر فلاسفة اليونان، وأكثرهم تأثيراً فيمن بعدهم، وهو مربي الإسكندر المقدوني، وتلميذ أفلاطون.
انظر: الموسوعة الفلسفية ص35، والمنجد في الأعلام ص34.
أفلوطين.ولد نحو 205م، وتوفي 270م، وهو فيلسوف مصري، متأثر بأفلاطون، وتعزى إليه مع آخرين الأفلاطونية الحديثة، وكان يسعى في فلسفته للتوفيق بين المعتقدات الدينية النصرانيةوالفلسفة اليونانية، وكان له تأثير كبير على النصرانية.الموسوعة الفلسفية ص57، والمنجد في الأعلام ص56.
انظر الدراسة الأولى " قول فلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية " ص384.
انظر ما سبق ص 387.
انظر فصوص الحكم (ص 201، 210، 212) .
ختم الولاية دعوى ادعاها الحكيم الترمذي،وادعاها لنفسه ابن عربي وغيره من الكذبة وهي أنه كما للأنبياء خاتم فللأولياء خاتم يأخذ علمه من المشكاة التي يأخذ منها خاتم الأنبياء، وهم يفضلون ختم الولاية على ختم النبوة. انظر: فصوص الحكم (2/30) ، هذه هي الصوفية (ص 127) .
كما يدعي ابن عربي في كتابه الفصوص (ص 47) حيث يزعم أن الرسول هو الذي أعطاه كتاب الفصوص في المنام، وأمره أن يخرجه للناس، ثم زعم (ص 56) أن الله أطلعه في سره على ما أودع في آدم عليه السلام وجعل ذلك في كتابه الفصوص حسب ما حُدَّ له.
المصادر والمراجع
أديان وفرق. أمين القضاة. ط1. عمان: دار عمار /1411هـ.
اصطلاحات الصوفية. عبد الرزاق أحمد القاشاني. تحقيق: محمد كمال إبراهيم. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب /1961م.
أصول مذهب الشيعة. ناصر عبد الله القفاري. ط2 /1415هـ.
أضواء على مسلك التوحيد. سامي نسيب مكارم. بيروت: دار صادر /1966م.
الأعلام. خير الدين الزركلي.ط8. بيروت: دار العلم /1989م.
البداية والنهاية. الجافظ ابن كثير. تحقيق: أحمد عبد الوهاب قدح. دار زمزم/1414هـ بغية المرتاد. ابن تيمية. تحقيق: موسى الدويش. ط1. مكتبة العلوم والحكم / 1408هـ
تاريخ بغداد. أبو بكر أحمد البغدادي. بيروت: دار الكتب.
تاريخ الفكر الفلسفي. محمد أبو ريان. ط2. بيروت: دار النهضة العربية /1976م.
تاريخ الفكر الفلسفي في الاسلام.د. مصطفى شاهين. الفجالة. دار الثقافة والنشر.
تاريخ الفلسفة في الإسلام. ت. ج.دي بور عربه: محمد أبو ريدة.ط5.دار النهضة.
تاريخ فلاسفة الإسلام في المشرق والمغرب. محمد لطفي جمعة. المكتبة العلمية.
التصوف المنشأ والمصدر. إحسان إلهي ظهير.ط1. إدارة ترجمان السنة /1406هـ.
تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي. محمد أحمد لوح. ط1. الرياض: دار الهجرة.
التعرف لمذهب أهل التصوف. أبو بكر محمد الكلاباذي. تقديم: محمود أمين النواوي. ط2. الكليات الأزهرية /1400هـ.
التعريفات. علي بن محمد الجرجاني. ط1. بيروت: دار الكتب /1403هـ.
ثلاث رسائل إسماعيلية. تحقيق: عارف تامر. ط1. دار الآفاق الجديدة /1403هـ.
الحركات الباطنية في العالم الإسلامي. محمد أحمد الخطيب.ط1. عمان: مكتبة الأقصى.
دراسات في الأديان. سعود بن عبد العزيز الخلف.ط1. المدينة: مكتبة العلوم والحكم.
راحة العقل. أحمد حميد الدين الكرماني. مصطفى غالب. ط2. بيروت: دار الأندلس.
الرد على المنطقيين. ابن تيمية. ط4. مكة: المكتبة الإمدادية /1402هـ.
الرسالة العرشية (ضمن مجموعة رسائل ابن سينا) . ط: حيدر أباد /1354هـ.
الرسالة القشيرية. عبد الكريم القشيري. بيروت: دار الكتاب العربي.
الشجرة الزكية في الأنساب وسيرة آل بيت النبوة. يوسف جمل الليل. الرياض: دار الحازمي للطباعة والنشر.
الشفا. ابن سينا. تحقيق: إبراهيم مدكور. وزارة الثقافة والإرشاد القومي بمصر.
الصوفية نشأتها وتطورها. محمد العبده، طارق عبد الحليم.ط1. دار الأرقم: 1406هـ
عقيدة الدروز عرض ونقد. محمد أحمد الخطيب. ط3. الرياض: دار عالم الكتب.
عنقا مغرب في ختم الأولياء وشمس مغرب. ابن عربي. الناشر: محمد علي صبيح.
فرق الشيعة. النوبختي. تحقيق: عبد المنعم الحفني. ط1. دار الرشاد /1412هـ.
فرق معاصرة. غالب عواجي. ط1. مكتبة لينة /1414هـ.
فصوص الحكم. محي الدين بن عربي. ط2. دار الكتاب العربي /1400هـ.
القول المتين في بيان توحيد العارفين. عبد الغني النابلسي. الناشر: محمد علي صبيح.
مصرع التصوف. برهان الدين البقاعي. ت: عبد الرحمن الوكيل. مكتبة الباز /1400هـ.
معجم البلدان. شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت الحموي.بيروت: دار صادر / 1404هـ
معجم الحضارات السامية. هنري.س. عبودي. ط2. لبنان: جروس برس /
1411هـ.
الملل والنحل. الشهرستاني.تحقيق: محمد سيد كيلاني. بيروت: دار المعرفة.
الموسوعة الصوفية. عبد المنعم الحفني. ط1. دار الرشاد /1412هـ.
موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب. عبد المنعم الحفني. ط2. القاهرة: مكتبة مدبولي /1999م.
هذه هي الصوفية. عبد الرحمن الوكيل. ط3. بيروت: دار الكتب /1399هـ.