المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترتيب الصرفي في المؤلفات النحوية والصرفيةإلى أواخر القرن العاشر الهجري - مجلة جامعة أم القرى ١٩ - ٢٤ - جـ ٦

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌الترتيب الصرفي في المؤلفات النحوية والصرفيةإلى أواخر القرن العاشر الهجري

‌الترتيب الصرفي في المؤلفات النحوية والصرفية

إلى أواخر القرن العاشر الهجري

د. مهدي بن علي بن مهدي آل ملحان القرني

الأستاذ المساعد – بكلية المعلمين في بيشة

ملخص البحث

تكثر المؤلفات والمصنفات النحوية والصرفية كثرة يقف منها المطّلع موقف المتأمّل والمتسائل لهذه الكثرة؛ أفي كل هذه المؤلفات جديد لم يكن في غيرها، أم أن الجديد غير المادة، وهو أسلوب العرض والتناول والترتيب. ولهذا كان هذا البحث.

فهو يتحدث عن ترتيب الأبواب الصرفية في كتب النحاة والصرفيين إلى أواخر القرن العاشر الهجري.

وقد بدأ البحث بتمهيد يوضح فيه مفهوم الصرف عند النحاة والصرفيين، ليتبيّن بعد البحث والدراسة أن لهذا المفهوم ثلاث مراحل مرّ بها متطوّراً ومتوسّعاً؛ كما تطرّق التمهيد إلى بيان مباحث الصرف التي يشملها هذا البحث، والفرق بين الصرف والتصريف.

ثم انطلق البحث إلى صلب الموضوع، متخذاً استقراء المصنفات النحوية والصرفية أسلوباً لعرضه مع المقارنة واستخلاص الأصول التي منها انطلق النحاة والصرفيون لتأليف كتبهم.

وتمّ تقسيم البحث في ضوء ذلك أقساماً بحسب نوع المادة التي ضمّها الكتاب من حيث الجمع بين النحو والصرف أو استقلال أحدهما عن الآخر، ومن حيث موقع الصرف في الكتاب.

وخلص البحث إلى خاتمة تعرض أبرز النتائج التي توصل إليها البحث.

مقدمة:

الحمد لله الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على معلم البشرية الخير، أفصح من نطق بالضاد.. أما بعد:

ص: 453

فإن علم الصرف من العلوم الأساسية التي قامت خدمة للغة العربية، وهو يحتل المنزلة الأولى في خدمة هذه اللغة من حيث الأهمية، ولا ضير في أن تقدّم النحو على الصرف في كثير من المؤلفات، فذلك له أسبابٌ أخرى، ولا يعكس ذلك قلة الاهتمام بالصرف، فالصرف يمس الجانب الأول في التركيب والكلام، وهو بنية الكلمة، والنحو يمسّ جانب التركيب، وهو تالٍ للبنية، ولهذا فالخطأ في البنية غير ظاهر؛ ولأجل هذا يستمر الخطأ، أما النحو فإنه يُحتال على ذلك بالتسكين، والخطأ مع هذا ظاهر غير مستمر.

والمطّلع على المباحث والأبواب الصرفية يجد أنها تتكرر في كل كتاب مؤلف دون زيادة أو نقصان غالبًا، والجديد فيها هو ترتيبها وتنظيمها، وطريقة عرضها، ولهذا كثرت المؤلفات في النحو والصرف بغية الترتيب الجديد لا لهدف الإضافة والاستدراك غالبًا.

وعلى هذا فما في كتاب ابن السراج» الأصول «هو مادة كتاب سيبويه، والذي دعاه إلى تكرار ذلك هو محاولته ترتيبه وعرضه بطريقة جديدة.

ولأجل هذه النظرة حرصتُ أن أبحث في طرائق ترتيب النحاة والصرفيين لمباحثهم، محاولا الوصول إلى أهدافهم وغاياتهم وأساليبهم في ذلك.

ومهدت للبحث بتمهيد حرصت فيه أن أبيّن المفهوم العام للصرف والتصريف، حتى يتبيّن المراد من الأبواب والمباحث التي أعنيها، كما بيّنت مباحث التصريف على ضوء المفهوم الذي أوردته. ثم بدأت في البحث مبيّنا أوجه التشابه والاختلاف بين الصرفيين في كتبهم التي تناولت الصرف، وكان اختيار الصرفيين في البحث معتمدا على شهرته، وتوفّر مؤلفاته، وشمول هذه المؤلفات. كما أن آخر من تناولهم البحث هو السيوطي في همع الهوامع. وجنّبت من البحث الشروح والحواشي (1) ؛ لأنها تعتمد في الترتيب والتنظيم والعرض الكتاب المشروح، وإن ظهرت بعض الاعتراضات والاستدراكات في ذلك، غير أن ذلك ليس هدف هذا البحث.

وختمت البحث بخاتمة لخّصت فيها أبرز النتائج.

والله وليّ التوفيق.

ص: 454

تمهيد: معنى الصرف والتصريف:

في اللغة: أصلهما مصدران لصَرَفَ وصَرَّف، ويدلاّن على معانٍ منها: التقليب، والتحويل، والتغيير. يُقال:» صَرَفت الصبيان: قلبتهم «. وقالوا:» وصَرَف اللهُ عنك الأذى «أي: حوّله، ومن ذلك: تصريف الرياح والسحاب، أي: تحويله من مكان إلى مكان، وتصريف الأمور، وتصريف الآيات، أي: تَعْيينها في أساليب مختلفة وصور متعدّدة (1) .

والتصريف أبلغ في معنى التغيير من الصرف، والعكس في معنى التحويل والتقليب.

في اصطلاح النحاة: ظهر مصطلح التصريف في كتب النحو، ولم يتخلف عنه في بداية ظهوره، حتى قال ابن جنيّ:» لا تكاد تجد كتابًا في النحو إلاّ والتصريف في آخره (2) «.

وقد مرّ هذا العلم بعدد من المراحل؛ إذ اتسعت مباحثه، وتطوّر مفهومه، ويمكن حصر هذه المراحل في ثلاث:

الأولى: مرحلة اندماجه مع النحو في قَرَن واحد دون تفريق أو تمييز.

الثانية: بدء انفصاله واستقلاله في علم مستقل باسم: علم التصريف.

الثالثة: مرحلة تكوين علم التصريف واكتماله، وانتقال تسميته في كثير من المصنفات إلى علم الصرف.

فالمرحلة الأولى: تمثلها كتب النحاة الفحول الذين ألفوا في النحو، واندرجت مباحث التصريف مع مباحث النحو دون استقلال لأحدهما، أو تمييز، بل إن مباحث التصريف كانت مبثوثة في بعض الكتب النحوية، وممّن سار على هذا النهج: سيبويه في كتابه، والمبرّد في مقتضبه، وابن السراج في أُصوله؛ مع أنّ بين هؤلاء اختلافًا في ترتيب الأبواب الصرفية وتنظيمها، وتشابهًا وتقاربًا كبيرًا في المادة العلمية.

ومصطلح التصريف في هذه المرحلة ضيّق لا يقصد به إلا باب يسير، وهو ما يسمّى ب» القياس اللغوي «، وقد عرفه سيبويه بقوله:» هذا باب ما بنت العرب من الأسماء والصفات والأفعال غير المعتلة، والمعتلة، وما قيس من المعتل الذي لا يتكلمون به ولم يجئ في كلامهم إلاّ نظيره من غير بابه، وهو الذي يسميه النحويون التصريف والفعل « (3) .

ص: 455

ويشرح أبو سعيد السيرافي مراد سيبويه بالتصريف والفعل فيقول:» وأما التصريف فهو: تغيير الكلمة بالحركات والزيادات والقلب للحروف التي رسمنا جوازها حتى تصير على مثال كلمة أخرى، والفعل تمثيلها بالكلمة ووزنها به.... « (1) .

ومعنى التصريف عند سيبويه على هذا هو تغيير الكلمة من وزن إلى وزن آخر، سواء أكان ذلك من المعتل أم من غير المعتل، على نسق كلام العرب الذي تكلموا به في غير باب المعتل أو غير المعتل بمعنى: أن يُقاس الصحيح على وزن للمعتل لم يأت الصحيح عليه، والعكس أيضًا، وهذا يكون في مسائل التمارين والتدريبات؛ لترويض قوانين البدل والقلب والحذف، ومعرفة الأبنية، والميزان الصرفي، وهذا هو التصريف عند سيبويه، وما معرفة قوانين البدل والحذف والقلب إلاّ لِتُعين على مسائل التصريف، وإلاّ فهي ليست تصريفًا.

ولم يذكر المبرّد تعريفًا للتصريف، غير أنه لا يبتعد عن سيبويه في ذلك، وهو لا يَعُدّ البدل والزوائد والحذف والأبنية من التصريف، وإنما هي أمورٌ تقع في التصريف دون أن تكون هي التصريف (2) .

أمّا ابن السّراج فيعرّف التصريف بأنه:» ما عرض في أصول الكلام وذواتها من التغيير « (3) ؛ وهو تعريف لا يختلف كثيرًا عما فُهم من سيبويه والمبرد، غير أنه يجعل التصريف خمسة أقسام: زيادة، وإبدال، وحذفٌ، وتغيير بالحركة والسكون، وإدغام (4) . وهذه لم تكن من أقسام التصريف عند سيبويه والمبرد، وإنما هي مكمّلات للتصريف ومن دواعيه، ولعلّها أول محاولة لتوسيع دائرة مفهوم التصريف.

وعلى هذا، فالتصريف عندهم جزءٌ من النحو، فمدلول النحو عندهم يشمل جميع القواعد والمسائل التي تتعلق بالكلمة، إفرادًا وتركيبًا.

المرحلة الثانية: وهذه هي المرحلة التي مَهّدت لظهور هذا العلم، واستقلاله بالتأليف عن النحو، مع أنه لا يبدو أن الصرف أصبح قسيمًا للنحو في هذه المرحلة.

ص: 456

ويمثل هذه المرحلة عددٌ من النحاة من أبرزهم: المازني، وأبو علي الفارسيّ، وابن جنيّ.

فالمازني ألّف كتاب التصريف، وأبو علي الفارسيّ ألف كتاب التكملة على الإيضاح، وهو كتاب مستقل بالصرف مع أن أبا عليّ يعدّ هذا الكتاب الجزء الثاني من الإيضاح، كما أنه يعد الصرف هنا قسمًا من النحو، ولهذا يقول في تعريف النحو:» النحو علمٌ بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب، وهو ينقسم قسمين: أحدهما: تغيير يلحق أواخر الكلمة، والآخر تغييرٌ يلحق ذوات الكلم وأنفسها « (1) .

وفي سياق هذه المرحلة ألف ابن جنّي التصريف الملوكي.

ومفهوم التصريف عند هؤلاء لا يبتعد كثيرًا عن المفهوم السابق في المرحلة الأولى، ولهذا فابن جني في تعريفه للتصريف حين يشرح كلام المازني يقول:» التصريف إنما هو أن تجيء إلى الكلمة الواحدة فتصرفها على وجوه شتّى؛ مثال ذلك: أن تأتي إلى ضرب فتبني منه مثل جعفر فتقول: ضربب.... « (2) .

ولا يظهر من تعريف ابن جنيّ اختلافٌ عن تعريف سيبويه وابن السّراج، وما أراده المبرّد بالتصريف، وإنما هو المراد نفسه؛ وواضح أن المقصود بالتصريف في هذه المرحلة ليس معرفة قواعد الاشتقاق» أبنية كلام العرب «وإنما هو العمل على تصريف الأبنية واشتقاق بعضها من بعض، ووضع أمثلة لم تسمع عن العرب على وزن أمثلة سمعت.

والذي يَميز هذه المرحلة هو استقلال هذا العلم وإفراده بالتأليف.

المرحلة الثالثة: وفي هذه المرحلة اكتمل التصريف ليكون علمًا مستقلاً، وأصبح قسيمًا للنحو لا قسمًا منه، ويمثّل هذه المرحلة المتأخرون من النحاة، كعبد القاهر الجرجاني، وابن عصفور، وابن الحاجب، وابن مالك، وابن هشام، وغيرهم.

وتعددت تعريفات النحاة لهذا العلم، إلاّ أنّهم يتفقون في كونه علمًا مستقلاً قسيمًا للنحو، وإن اختلفوا في تفاصيل الأبواب والمسائل.

ص: 457

ولعلّ الجرجانيّ أول من ألف كتابًا وصل إلينا باسم (الصرف) وابتعد عن التسمية (التصريف) ؛ غير أنه لما أتى إلى التعريف عرّف التصريف، فقال:» اعلم أن التصريف تفعيلٌ من الصرف، وهو أن تُصرِّف الكلمة المفردة فتولّد منها ألفاظٌ مختلفة، ومعانٍ متفاوتة « (1) .

أما ابن عصفور فذكر أنّ التصريف قسمان:» أحدهما: جعل الكلمة على صيغ مختلفة لضروب من المعاني.... والآخر من قسمي التصريف: تغيير الكلمة عن أصلها من غير أن يكون ذلك التغيير دالاًّ على معنًى طارئ على الكلمة « (2) .

ويأتي ابن الحاجب فيصرّح أنّ التصريف علمٌ، فيقول:» التصريف علمٌ بأصولٍ يُعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب « (3) .

وقد ناقش الرضيّ هذا التعريف مناقشة عميقة، اتجه فيها اتجاهًا منطقيًا، وعرض لبعض المدخولات على التعريف، ليس هذا مكان عرضه (4) .

أما ابن مالك فيعرف التصريف بقوله:» التصريف علمٌ يتعلق ببنية الكلمة وما لحروفها من أصالةٍ وزيادة وصحّة وإعلالٍ وشبه ذلك « (5) .

وعلى هذا فمسائل التصريف اتسعت ودخل فيها ما كان خارجًا عنها في المرحلتين السابقتين من مباحث تغيير البنية نحو: الإبدال، والحذف، والزيادة، ومعرفة الأبنية، والتصغير، والجمع، والنسب، والإدغام، وغيرها مما سيتضح فيما بعد.

التسمية بالصرف والتصريف:

الصرف في اللغة مصدرٌ للفعل الثلاثي: (صَرَف) فالتسمية هنا بالمصدر. والتصريف مصدرٌ للفعل الثلاثي المزيد بالتضعيف: (صَرَّف) ، والزيادة في الفعل تُعطي معنًى زائدًا في المصدر؛ إذ الزيادة في المبنى تدلُّ على الزيادة في المعنى.

ص: 458

ومن المعلوم أنه بُدئ باستخدام لفظة (التصريف) عنوانًا لهذا العلم، ولم يكن اختيارهم لها اعتباطا، بل لذلك دلالة على المعنى الاصطلاحي الذي أرادوه وهو معنى: تغيير الأبنية من وضع إلى وضع، ومن مثال إلى مثال، والتصريف يفيد معنى التغيير أكثر من إفادة الصرف لهذا المعنى، وكذا يوحي معنى التصريف بالعمل والتدريب وكثرة التمارين.

وحين اتسعت دائرة هذا العلم، ودخل فيه بعض المسائل والقواعد التي يبدو فيها التغيير أقل ظهورًا، ظهر مصطلح الصرف على هذا العلم، ليشمل المسائل والقواعد تلك، ولعلّ ظهور هذا المصطلح يواكب استقلال هذا العلم عن النحو، ولهذا فإنّ بعضهم (1) يَعُدّ التصريف هو المعنى العملي، والصرف هو المعنى العلمي؛ أي أن التصريف يرتبط بكثرة دوران الأبنية واشتقاقها والعمل فيها، والصرف يرتبط بالأصول الكلية التي ينبني عليها معرفة أحوال المفردات.

مباحث التصريف:

من الخطأ الإشارة إلى مباحث التصريف عند النحاة على ما هو مقرر عندنا الآن، فنُلزم النحاة بما لم يُلزموا أنفسهم به.

وواضح بما سبق بيانه في مفهوم التصريف أن المباحث تختلف باختلاف المفهوم؛ فالتصريف عند سيبويه هو ما أورده في باب» ما بنت العرب من الأسماء والصفات والأفعال غير المعتلة والمعتلة، وما قيس من المعتلّ الذي لا يتكلمون به ولم يجئ في كلامهم إلاّ نظيره من غير بابه، وهو الذي يسميه النحويون التصريف والفعل « (2) ، وقد ساق في هذا الباب تمهيدًا له أبنية الأسماء والأفعال، والزوائد فيها، ومواضعها، والإعلال والإبدال، والإدغام، إلى أن وصل إلى مسائل التمارين التي فيها تطبيقٌ عملي لما عرضه في مواضع الزيادات، وقوانين الإعلال والإبدال.

فيمكن أن تكون مسائل التصريف عند سيبويه مع التجاوز مقسّمة أربعة أقسام:

1-

أبنية الأسماء والصفات والأفعال، ومواضع الزيادات فيها.

2-

الإعلال والإبدال.

3-

مسائل التمارين أو ما يسمّى (القياس اللغوي) .

4-

الإدغام.

ص: 459

ولم يوضح المبرّد أقسام التصريف، وإنما قال:» وهذه حدود التصريف، ومعرفة أقسامه، وما يقع فيه من البدل والزوائد والحذف، ولا بُدّ أن يُصدّر بذكر شيء من الأبنية، لتعرف الأوزان وليُعلم ما يبنى من الكلام وما يمتنع من ذلك « (1) .

وواضحٌ أنّه لا يَعدّ البدل والزوائد والحذف والأبنية من التصريف، لقوله:(وما يقع فيه) ، أي في التصريف، فأخرج هذه الأمور من التصريف، فالعطف هنا يقتضي المغايرة، وممّا يدلّ على ذلك أيضًا أنه ذكر التصريف فقال:» هذا باب المسائل في التصريف (2) «، فقصر التصريف على مسائل التمارين والبناء، وهو ما يعرف بالاشتقاق، وما ذكره للأبواب السابقة إلا تمهيد وتوطئة لهذا الباب، أو أنّ هذا الباب تدريب عملي لتلك الأصول التي لا يعدها من التصريف أصلاً.

ولا يخرج المازنيّ عن الأقسام التي ذكرها سيبويه، فالأبواب الثمانية عشرة التي ضمّها كتابه التصريف تندرج تحت الأقسام الثلاثة التالية:

1-

أبنية الأسماء المجردة، والأفعال المجردة والمزيدة، وحروف الزيادة فيها.

2-

الإعلال والإبدال.

3-

مسائل التمارين أو ما يُسمّى (القياس اللغوي) .

والفرق بين المازني وسيبويه أن المازنيّ لم يذكر أبنية الأسماء المزيد فيها، وخلا كتابه من باب الإدغام.

وقسّم ابن السّراج التصريف خمسة أقسام؛ إذ يقول:» وهو ينقسم خمسة أقسام: زيادةٌ، وإبدالٌ، وحذف، وتغيير بالحركة والسكون، وإدغام (3) «.

ولم يذكر ابن السّراج مسائل التمارين ضمن هذا التقسيم مع أن كتابه قد ضمّها، ولعلّه لم يجعل التصريف قسمًا برأسه وإنما هو تطبيقات على هذه الأقسام الخمسة، ويمكن إدراج الأقسام الخمسة في ثلاثة هي: الزيادة، والإعلال والإبدال، والإدغام؛ وهو بهذا لا يختلف كثيرًا عن سابقيه.

أما أبو عليّ الفارسيّ فقد خصَّص كتابه (التكملة) لمباحث علم الصرف، وذكر أن النحو» علمٌ بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب، وهو ينقسم قسمين:

أحدهما: تغييرٌ يلحق أواخر الكلم.

ص: 460

والآخر: تغيير يلحق ذوات الكلم وأنفسها.

فأمّا التغيير الذي يلحق أواخر الكلم فهو على ضربين:

أحدهما: تغيير بالحركات والسكون أو الحروف يحدثُ باختلاف العوامل، وهذا الضرب هو الذي يسمّى الإعراب،.... وقد ذكرنا ذلك بأصنافه وأبوابه في الجزء الأول من كتابنا الموسوم بكتاب الإيضاح.

والآخر: تغيير يلحق أواخر الكلم من غير أن يختلف العامل، وهذا التغيير يكون بتحريك ساكن أو إسكان متحرك أو إبدال حرف من حرف أو زيادة حرف أو نقصان حرف....

والضرب الآخر من القسم الأول وهو التغيير الذي يلحق أنفس الكلم وذواتها، فذلك نحو التثنية والجمع الذي على حدّها.... (1) «.

وواضح أنه يعدّ هذه المباحث جزءًا من النحو، غير أنها مقابلة للإعراب، مع أنه لم يسمّ هذه المباحث، ويمكن لنا أن نتجوّز لأنفسنا فنطلق عليها التصريف؛ مع أنه ذكر التصريف مبحثًا من هذه المباحث التي تتعلق بالتغيير الذي يلحق أنفس الكلم وذواتها (2) ، ولم يبوّب له بابًا. ومع هذا فالفارسيّ هو أول من جمع هذه المباحث في نسقٍ واحد، وجعلها مقابلةً للإعراب، وهذه المباحث التي ذكرها هي:

1-

التقاء الساكنين.

2- الوقف. 3- الابتداء. 4- تخفيف الهمزة. 5- التثنية والجمع.

6- النسب.

7-

العدد. 8- المقصور والممدود. 9- المذكر والمؤنث. 10- جمع التكسير. 11- التصغير.

12-

المصادر والأفعال المشتقّة منها والمشتقات.

13- أبنية الأفعال.

14-

الإمالة. 15- حروف الزيادة.

16- الإبدال.

17- الإدغام.

وإذا ما تسمحنا قليلاً وجعلنا هذه المباحث تحت اسم: التصريف، كان تعريفه عند أبي علي هو: معرفة تغيير أواخر الكلم من غير أن يختلف العامل، والتغيير الذي يصيب ذوات الكلم.

وعلى هذا نجد أن مفهوم التصريف عند أبي علي توسّع، غير أنه لم يصبح علمًا مستقلاً عن النحو، بل هو مقابل للإعراب، وهذه المباحث قد اشتمل عليها كتاب سيبويه، والفرق بينهما في تسمية مجموع هذه المباحث.

ص: 461

وقد أخذ ابن جنيّ بتقسيم ابن السراج، فجعل التصريف أقسامًا خمسة؛ غير أنه لم يبوِّب للقسم الخامس وهو الإدغام في كتابه التصريف الملوكي.

وذكر الزَّمَخْشَرِيّ المباحث الصرفية من غير أن يشير إلى كونها نحوًا أو صرفًا، والمباحث هذه لا تخرج عما ذكره أبو عليّ الفارسيّ سوى في طريقة عرضها وترتيبها؛ وزاد على ذلك أبنية الأسماء المجردة والمزيدة، وهي مذكورة عند سيبويه والمبرد والمازنيّ وغيرهم.

وعلى هذه المباحث درج النحاة والصرفيون في تأليف مؤلفاتهم مع نقص بعض المباحث أحيانًا بدعوى أنها لا تكون في الصرف أو أنها تشترك مع مباحث النحو، فذكرها في النحو أولى، كابن عصفور الذي أخرج التصغير والنسب والتكسير من كتابه (الممتع)، حيث يقول:» التصريف ينقسم قسمين: أحدهما: جعل الكلمة على صيغ مختلفة لضروب من المعاني نحو: ضَرَبَ وضَرَّب وتضرّب وتضارب واضطرب، فالكلمة التي هي مركبة من ضاد وراء وباء نحو (ضَرْب) قد بنيت منها هذه الأبنية المختلفة لمعان مختلفة، ومن هذا النحو اختلاف صيغة الاسم للمعاني التي تعتوره من التصغير والتكسير نحو زُيَيد وزيود، وهذا النحو من التصريف جَرَت عادة النحويين أن يذكروه مع ما ليس بتصريف، فلذلك لم نضمنه هذا الكتاب (1) «.

فلم يذكر التصغير والتكسير والنسب والإمالة ونحوها؛ لأنها تشترك في أمور هي من مباحث النحو على ما رأى ابن عصفور، مع أنه أشار إلى أنها تصريف؛ وكأنه أراد أن يكون كتابه خلوًا من المباحث المشتركة مع النحو.

ومع كثرة دراسة هذه المباحث، وتعاقب عدد من النحويين والصرفيين على دراستها، أصبحت علمًا على التصريف أو الصرف، ولهذا ضمت هذه المباحث مع بعضها في المؤلفات، بحيث أصبحت جزءًا أو قسمًا من المؤلَّف، إما في أول الكتاب، أو آخره، أو مستقلة في تأليف مخصوص.

ترتيب الأبواب الصرفية

معنى الترتيب:

ص: 462

يُقال: رتّبت الشيء ترتيبًا، ورَتُب الشيء يرتب رتوبًا، أي ثبت، ومنه الرُّتبة، وهي المنزلة، وكذلك المرتبة، فالترتيب هو: جعل كل شيء في مرتبته (1) . وقيل: هو» جعل الأشياء الكثيرة بحيث يُطلق عليها اسم الواحد، ويكون لبعض أجزائه نسبة إلى البعض بالتقدم والتأخر (2) «.

أما ترتيب الأبواب الصرفية ومسائلها فهو ضمّ بعضها إلى بعض، وتقديم بعض الأبواب والمسائل على بعض أو تأخيرها لعلّةٍ اقتضت هذا التقديم أو التأخير. وهذه العلّة هي ميدان هذا البحث، وسيقوم البحث بالنظر إلى المباحث الصرفية التي تقررت عند سيبويه، وذكرها غيره كأبي علي الفارسي، وابن الحاجب، وليس المقصود بالبحث النظر إلى مفهوم التصريف عند سيبويه ومن سار معه، وإنما إلى مجموع المباحث الصرفية التي تقررت في كتابه ودرج عليها من بعده.

وتعددت المؤلفات في الصرف، ومع تعددها وتنوعها إلاّ أنها اتخذت أشكالاً متعددة في عرضها، وترتيبها، فمنها ما جاء الصرف فيه مقترنًا بالنحو في مؤلف واحد، ومنها ما استقل الصرف فيه بالتأليف، وسنعرض للأمرين معًا.

أ/ الجمع بين النحو والصرف:

ظهر الصرف مقترنًا بالنحو في التأليف، ولم يظهر التفريق بينهما إلاّ في مرحلة متأخرة -كما سبق بيانه- ومع أنّ الصرف ظهر في المرحلة الثانية مستقلاًّ وبدأ يأخذ طريقًا غير طريق النحو إلاّ أنه ظل قرين النحو في المؤلفات، ولهذا كثرت المؤلفات التي جمعت النحو والصرف في التأليف أكثر من المؤلفات التي أفردت أحد العلمين بالتأليف.

ص: 463

ولعلّنا نجد تفسيراً لهذا الجمع في ما ذكره أبو عليّ الفارسيّ في التكملة من أن النحو» علم بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب (1) «. ولا شكّ أن الكلام له أجزاء، منها ما يتعلق بذات الكلمة إفرادًا، ومنها ما يتعلق بارتباطها مع غيرها، فالأول صرف، والثاني نحوٌ أو إعراب، ولأجل هذا الترابط تم الجمع بين مباحث النحو ومباحث الصرف؛ لأنهما مكمّلان لصحة النطق بالكلمة على الوجه السليم الذي ورد عن العرب؛ ومن المعلوم أيضًا أنه لا يغني صحة جزء الكلمة، والخطأ في جزء آخر، وإنما الصواب تكامليّ.

ولا يخفى أن كثيرًا من المؤلفات كانت تستهدف التعليم، ولهذا تنوعت في أساليبها وطرق عرض مادتها، مع أن المادة في كثير منها واحدة.

ولا نبالغ إذا قلنا إن ما في كتاب سيبويه سواءً أكان ذلك في المباحث النحوية أم الصرفية لم يختلف أو يتغير عند النحاة المتأخرين، وكان جلّ شغلهم شرح ما في الكتاب، أو بيان غوامضه، أو عرض مادته بطريقة جديدة، وإن جاء أحدٌ بجديد فهو قليلٌ، إلاّ إن كان اعتراضًا أو استدراكًا.

وممّن جمع بين النحو والصرف: سيبويه في الكتاب، والمبرد في المقتضب، وابن السرّاج في الأصول، والصيمري في التبصرة، والزمخشري في المفصل، والعكبري في اللباب، وابن معطٍ في ألفيته، وابن مالك في ألفيته، وفي الكافية الشافية، وفي التسهيل، وأبو حيان في ارتشاف الضرب، والسيوطي في همع الهوامع، وغيرهم كثير، وبخاصة ممن اعتمد على الألفيات والمتون فشرحها.

غير أن هؤلاء يختلفون في طرق عرض موادهم العلمية على النحو التالي:

أولاً: عرض أبواب الصرف ومباحثه متفرقة ومتداخلة:

درجت بعض كتب النحو والصرف على عرض أبواب الصرف متفرقة بين أبواب النحو، وإذا ما بحثنا عن الرابط بين الأبواب والمباحث، وجدنا أن ذلك يختلف من كتاب لآخر، وممّن سار على هذا النهج: سيبويه، والمبرد، والزمخشري.

ص: 464

كتاب سيبويه: هو الكتاب الذي ضمّ بين دفتيه أبواب الصرف ومباحثه كلها، غير أن بعض هذه المباحث تفرّق، ولم ينضمّ بعضه مع بعض، غير أن الذي تقرّر عندنا من مباحث وأبواب أدخلناها تحت اسم الصرف، قد يكون لسيبويه رأي آخر في هذه التسمية؛ فلم يكن التصريف عنده -كما سبق- إلاّ أربعة أنواع وهي: الأبنية، والإعلال والإبدال، والقياس اللغوي، والإدغام؛ وهذه الأمور الأربعة تسلسلت في كتابه من حيث الأبواب والمباحث، ولم تتفرق؛ ومعنى هذا أن سيبويه كان يسير على منهج واحد، وأن ما نحمّله إياه من أن بعض المباحث الأخرى قد تفرّق إنما هو تطبيقٌ لمنهج ارتسم متأخرًا، ولعلّ هذا المنهج لم يكن في ذهنه، وهو ما نحاول أن نعيّن ونفسّر هذا المنهج عنده.

أول أبواب الصرف في كتاب سيبويه هو النسب (1) ، وقد جاء بعد الحكاية، ولعلّ الرابط بين النسب والأبواب السابقة له أن سيبويه يتحدث في عدد من الأبواب السابقة عن الأسماء، والتسمية: تسمية المذكر بلفظ الاثنين والجميع (2) ، وتسمية المذكر بالمؤنث (3) ، والأسماء الأعجمية (4) ، وأسماء الأرضين (5) ، والقبائل والأحياء (6) ،

إلخ.

ص: 465

والنسب في منظومة الأسماء، إلاّ أن النسب ليس تسميةً صريحة بقدر ما هو وصف؛ إذ إن النسب يخرج الأسماء إلى الأوصاف، ولعلّ سيبويه رأى هذا الرابط، فجعل النسب بعد حديثه عن التسمية؛ ولهذا عنون لهذا الباب بالإضافة، ولعلّه يقصد الإضافة إلى الأسماء لتتحول إلى أوصاف؛ ومع هذا فالتحول المعنويّ هنا يقابله تحوّلٌ لفظيّ في آخر الكلمة، وهو إضافة الياء، ولأجل هذا التغيير في آخر الكلمة بإضافة حرف جاء باب التثنية (1) ؛ والجمع (2) ، بعد باب النسب، فالعلاقة بينهما علاقة تغيّر الآخر في الأسماء بإضافة حرف أو أكثر؛ ولأنّ الحديث عن التغيير الذي يحدث من جرّاء إضافة حرف أو أكثر إلى الكلمة من الأسماء جاء باب التصغير (3) بعد هذا؛ وكأن سيبويه ينظر إلى إيراد هذه الأبواب التي تتعلق بالتغيير متوالية بالنظر إلى الأواخر قبل الأوائل؛ لأن الأواخر أكثر عرضة للتغيير، أي التدرج من آخر الكلمة إلى وسطها ثم أولها، ثم النظر في مقدار هذا التغيير، فإضافة حرف واحد أحقّ في الذكر أولاً من إضافة حرفين.

وجاء بابٌ في حروف القسم (4) فاصلاً بين باب التصغير وباب النون الثقيلة والخفيفة (5) ، ولعلّ العلاقة هنا معنوية؛ إذ إن القسم من متطلباته أحيانًا توكيد الفعل، ولذا جاء تمهيدًا للتوكيد؛ والنون الثقيلة والخفيفة بابٌ يتقاسمه النحو والصرف، فقد جمعه سيبويه معًا ولم يشطّر أجزاءه، ولعلّ علاقة التغيير ما زالت سارية هنا؛ إذ إن إلحاق نون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة هو تغيير في الفعل سواءً أكان هذا التغيير إعرابيًا أم صرفيًا.

وما زالت علاقة التغيير باقية، فذكر مضاعف الفعل واختلاف العرب فيه عند إسناده (6) وما يحصل له من التغيير، وإن كان التغيير هنا يسير إلى حيث لا يضاف حرف، وإنما هو فكٌّ أو إدغام أو تحريك.

ص: 466

والذي يلاحظ هنا أن التغيير هنا انتقل إلى الأواخر بعد ذكر التصغير وهو تغيير في حشو الكلمة، ولعلّه نظر إلى أن التغييرات في الأسماء قد انتهت فبدأ بالأفعال.

وذكر بعد ذلك المقصور والممدود (1) ، والهمز (2) ، والعدد (3) ، وهذه المباحث لها علاقة بالتغيير إلاّ أَنّه يسير، والمقصور والممدود مختصان بالأسماء، والهمز مشترك بين الأسماء والأفعال، والعدد علاقته بالأسماء، ولهذا فلم أهتد إلى الوجه الذي دعاه إلى أن يذكر هذه الأبواب هنا، وبخاصة إذا علمنا أنه ذكر بعد هذه الأبواب جمع التكسير، وهو تغيير بزيادة حرف أو نقصان آخر، أو تغيير حركة، وعلاقته مع العدد قوية، وإن كانت هذه العلاقة تتضح لو تقدم جمع التكسير على العدد؛ ليكون تمهيدًا ومبيّنًا لتمييز العدد.

وجاء حديثه بعد ذلك عن المصادر (4) بأنواعها، وبعض المشتقات، ولم يغفل في هذا الجانب أن يذكر الأفعال المجردة والمزيدة هنا ليبيّن مصادرها، وقد حاول أن يلتمس لهذه الأبنية قواعد وقياسات؛ وحفل هذا القسم بمساحة كبيرة من الكتاب.

ثم بدأ بعد ذلك في بيان الظواهر التي تعرض للأسماء والأفعال والحروف، وهي: الإمالة (5) ، والابتداء (6) ، والتقاء الساكنين (7) ، والوقف (8) ، وهذه المباحث جاءت متتالية، مما يعني الترابط القويّ فيما بينها.

وعقد بعد ذلك بابًا في علم حروف الزوائد (9) ، وبابًا في حروف البدل (10) ، ليجعلهما مقدمة للتصريف (11) الذي جاء بعد هذه المباحث كلها، وختم به كتابه.

وبعد، فإنه يمكن بالنظر إلى ترتيب كتاب سيبويه للمباحث الصرفية أن نستخلص بعض الأصول التي اعتمد عليها في منهجه:

أولاً: اعتمد أولاً على أصل التغيير، فحاول أن يجمع المباحث التي تحمل هذا الأصل مع بعضها، مع أنه تخلّل هذه الأبواب والمباحث بعض القضايا النحوية واللغوية، وإن كان بعض المباحث التي تحمل تغييرا تقديريًا لم يذكرها هنا؛ لأن المباحث التي ذكرها هنا تحمل تغييرًا حقيقيًا.

ص: 467

ثانيًا: جعل الأبنية تالية لمباحث التغيير، وما تأخيره لها إلاّ لأن مباحث التغيير لها صلةٌ بالنحو واللغة، فتلك التغييرات لها معانٍ اقتضت التغيير.

ثالثًا: جعل الظواهر المشتركة بالأسماء والأفعال والحروف مجموعة، ونظر إليها على أنها ظواهر ليست ثابتة في الكلمة، وإنما تأتي حسب نسق الكلام وقد تختفي.

رابعًا: ختم بالتصريف، وما يدلُّ ويفيد فيه، كحروف الزوائد والبدل.

المقتضب للمبرد: كان المبرّد أشدّ تفريقًا لمباحث الصرف من سيبويه، ويكفي أن ننظر في ترتيب الأبنية عنده على نحو لم نستطع معه ضبط منهجه، وكأنه قائمٌ على الخواطر، فبعد أن عَنْوَن لبابٍ في الأبنية ومعرفة حروف الزوائد (1) ، ذكر في هذا الباب أبنية الاسم الثلاثي المجرد فقط، ثم تلاه بباب في معرفة حروف الزوائد ومواضعها (2) ، فباب في حروف البدل (3) ، ثم عاد إلى ذكر بنات الأربعة التي لا زيادة فيها (4) ، وكان حقّها أن تنضمّ مع أبنية الاسم الثلاثي المجرد، وتلاه بمعرفة بنات الخمسة من غير زيادة (5) ، ولعلّنا نتلمّس له مخرجًا هنا وهو أنه أراد أن يجعل المبتدئ عالمًا أقلّ الأبنية وهي الثلاثية التي لا زيادة فيها، أما الرباعية والخماسية فتشترك مع المزيدة في عدد حروفها، ولهذا فإن الحكم بالزيادة والأصالة تعود إلى معرفة حروف الزوائد أولاً، فكان هذا الترتيب، وهو منطقٌ تعليمي. غير أنه بعد هذا انتقل إلى مسائل التمارين أو ما يعرف بالتصريف، وقال في هذا:» وإنما ذكرنا هذا الباب توطئةً لما بعده « (6)، والباب الذي جاء بعده هو معرفة الأفعال: أصولها وزوائدها (7) ، وتلاه بباب في معرفة ألفات القطع وألفات الوصل (8) ، وتبدو العلاقة بين هذا الباب وما قبله ضعيفة؛ لأن الباب السابق يختص بالأفعال، وهمزة القطع والوصل تشترك بين أنواع الكلم الثلاث، ثم عاد إلى معرفة بنات الأربعة من الأسماء المزيدة (9) ، ثم انتقل إلى باب بناء المضارع من الماضي الثلاثيّ مِمّا

ص: 468

كانت فاؤه واوًا (1) ، ثم عاد إلى بيان ما لحقته الزوائد من الأفعال (2) ؛ ثم عاد مرة أخرى إلى بيان بناء المضارع من الماضي مما كانت عينه واوًا أو ياءً (3) ، ثم أتبع ذلك باشتقاق اسم الفاعل والمفعول من هذا الفعل (4) ، والعلاقة هنا قوية بين الباب الأخير وما سبقه من حيث ارتباط الاشتقاق لهذه الأسماء المذكور من الأفعال السابقة، ثم ذكر الزوائد التي تلحق هذا الفعل (5) ، وكأنه يريد أن يتناول هذا الفعل بالبحث والتمحيص من حيث البناء، والزوائد، والإعلال والإبدال، والاشتقاق، غير أنه عاد فذكر بابًا في الأسماء يتعلق بما كان على ثلاثة أحرف وعينه واوًا أو ياءً (6) ، وما لبث أن عاد مرة أخرى إلى الأفعال فذكر بابًا فيما اعتلّت عينه ولامه همزة (7)، ورجع فذكر بابًا في ما كان من الأسماء الصحيحة والمعتلة مثال: فَعِل وفَعُل (8) ، وما كان منها في ثاني حروفه كسرة، وما كان من الأفعال كذلك، وتلاه بجمع الأسماء المعتلة عيناتها (9) .

وعلى هذا سار المبرّد في باقي كتابه؛ إذ فَرّق المباحث الصرفية، فلم يحاول جمع الأبواب المتشابهة إلى بعضها، ولا أبالغ إذا قلت إن المطّلع على المقتضب ليخيّل إليه أن المبرّد كتب كل باب مستقلاً، وجمع غيره هذه الأبواب.

وكان تأثر المبرد بكتاب سيبويه كبيرًا؛ إذ يتشابه إلى درجة كبيرة في أبوابه مع أبواب الكتاب، والذي يختلف فيه عن سيبويه هو في ترتيبه؛ إذ إن المقتضب حوى أربعة أبواب مرتبة، أو بعبارة أخرى: مسائلها مجموعٌ بعضها إلى بعض، وهي: التصغير (10) ، والنسب (11) ، والإمالة (12) ، والإدغام (13) ، أما غيرها كالأبنية، والجمع والتثنية فقد تكرر بعض أبوابها، وتفرق كثيرٌ من مباحثها.

ص: 469

المفصل للزمخشري: وقد سار الزمخشري على منهج تفريق الأبواب الصرفية، غير أنه أكثر الثلاثة وضوحًا في ترتيبه، وهو يسير وفق منهج ظاهر، حيث قسّم كتابه أقسامًا أربعة دون النظر إلى النحو أو الصرف، وإنما راعى أقسام الكلم الثلاث، وما يرد عليها من ظواهر مختصّة أو مشتركة، وعلى هذا التقسيم تفرّقت المباحث الصرفية في ثلاثة أقسام بعد استبعاد قسم الحرف؛ لأن التصريف لا يتناوله. فالقسم الأول جاءت مباحث التصريف فيه على النحو التالي: 1- المثنى. 2- المجموع. 3- المذكر والمؤنث. 4- المصغر. 5- المنسوب. 6- المقصور والممدود. 7- المشتقات. 8- أبنية الأسماء.

والقسم الثاني جاءت مباحث التصريف فيه مقصورة على أبنية الأفعال، ومعانيها.

أما القسم الرابع، وهو المشترك فكان مختصًا بمباحث التصريف عدا باب القسم، والمباحث التي ذكرها في هذا القسم هي:

1-

الإمالة. 2- الوقف. 3- تخفيف الهمزة. 4- التقاء الساكنين. 5- حكم أوائل الكلم. 6- زيادة الحروف. 7- إبدال الحروف. 8- الاعتلال. 9- الإدغام.

وممّا يلاحظ هنا أنّ الزمخشري لم يذكر باب التصريف الذي هو مسائل التمارين واشتقاق الأبنية؛ ولعله خرج بالتصريف عن أصله إلى الظواهر التي تعترض الأبنية، وهذا الترتيب الذي سار عليه الزمخشري يشبه ترتيب سيبويه، غير أنه حاول أن يجعل هذا الترتيب بحسب أنواع الكلم، مع وضوح تقسيمه.

ثانيًا: عرض أبواب الصرف ومباحثه مجتمعة متقاربة:

سار على هذا أكثر الكتب التي جمعت بين النحو والصرف، ثمّ هي تنقسم قسمين:

الأول: يعرض النحو قبل الصرف، وهو الغالب في هذه المؤلفات.

الثاني: يعرض الصرف قبل النحو.

القسم الأول: عرض النحو قبل الصرف:

ص: 470

وقد نهجه كثيرٌ من النحاة، ومنهم: ابن السراج في» الأصول «، والصيمري في» التبصرة «، والعكبري في» اللباب «، والجزولي في» الجزولية «، وأبو علي الشلوبين في» التوطئة «، وابن مالك في» الألفية «، و» تسهيل الفوائد «، و» الكافية الشافية «، والسيوطي في» همع الهوامع «.

غير أن هؤلاء يختلفون فيما بينهم في طريقة عرض الأبواب الصرفية، فتبيّن أنّ لهم أربعة مذاهب في ذلك:

المذهب الأول: تقسيم مباحث التصريف أربعة أقسام على النحو التالي:

1-

مباحث تتعلق بالأسماء كالنسب والتصغير والجمع.

2-

ظواهر مشتركة تقع في الأسماء والأفعال، كالإمالة والوقف والتقاء الساكنين.

3-

الأبنية.

4- التصريف، ويشمل: الإلحاق، والزيادة، والإعلال، والإبدال، والإدغام، ومسائل التمارين.

وسار على هذا المذهب ابن السّرّاج، والصيمريّ، مع العلم أن أحدهما قد يقدّم قسمًا على آخر في هذا الترتيب.

أما عن ترتيب الأبواب داخل هذه الأقسام، فيمكن استعراض كتابي ابن السراج والصيمري معًا، لعمل بعض الموازنات في طريقة العرض والترتيب:

عمد ابن السراج في القسم المتعلق بالأسماء إلى ذكر بابٍ للمذكر والمؤنث (1) وفصلٍ للمقصور والممدود (2) ، وكأنّ هذين البابين توطئة لمباحث التغيير في الأسماء، ثم ذكر الجمع (3) فالتصغير (4) فالنسب (5) ، وهذه المباحث الثلاثة تعتمد على التغيير، فالجمع قد يكون التغيير فيه حادثا في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها، ولهذا فهو أكثر الأبواب تعرضًا للتغيير، ثم يأتي التصغير فيكون التغيير في وسطه غالبا، ثم يكون النسب فيكون التغيير الغالب في آخره، مع العلم أن تغيير التصغير والنسب قد يتبعه تغييرات في غير المواضع التي يكون فيها بسبب التصغير والنسب.

ص: 471

أما الصيمري فذكر النسب (1) أولاً، ثم ثنّى بالمقصور والممدود (2) ، وكان الأولى به أن يقدّم المقصور والممدود على باب النسب؛ لأن بعض مسائل النسب تعتمد على معرفة المقصور والممدود، ثم ذكر بعد ذلك باب المذكر والمؤنث (3) ، وهو ذكر للعام بعد الخاص، غير أن هذا لا يفيد في الترتيب العلمي؛ إذ كان من حق هذا الباب أن يقدّمه على المقصور والممدود؛ لأنه أخصّ من التأنيث، ثم ذكر التثنية وجمع التصحيح للمقصور والممدود والمعتل (4) ، ثم جمع التكسير (5) ، وبعده التصغير (6) ، ولم نلاحظ أن الصيمري قد نهج منهجًا واضحًا اعتمد عليه في هذا الترتيب، بل إنه قد خالف الأولى في بعض أبوابه من حيث التقديم والتأخير.

وبدأ ابن السراج القسم الثاني عنده بالحديث عن التقاء الساكنين (7) ، وضمّنه همزة الوصل، ثم الوقف (8) ، ثم ذكر بعده الهمزة (9) ، وأخّر الإمالة (10) إلى القسم الثالث؛ وكان هذا القسم أولاً عنده.

ولم يكن الصيمري على هذا، بل ذكر هذه الظواهر بعد القسم الأول على النحو التالي (11) :

1-

الإمالة. 2- الوقف. 3- التقاء الساكنين. 4- الهمز. 5- التضعيف.

وإذا ما تأمّلنا منهج ابن السراج نجد أنّه اعتمد على أنواع التغيير؛ إذ يقول:» أما ما يتحرك من السواكن لغير إعرابٍ فهو على ضربين: إما أن يحرك من أجل ساكنٍ يلقاه،

وإما أن يكون بعده حرف متحرك فيحذف ويلقى حركته عليه (12) «، وهذا هو التقاء الساكنين.

ثم ذكر أحوال ما يحرك من السواكن في أواخر الكلم، وما يسكن من المتحركات، وما تغيّر حركته لغير إعراب، وما يحذف لغير جزم، فقال:» وأما الذي يحذف في الوقف ويثبت في غيره فنذكره في الوقف والابتداء، ونجعله يتلو ما ذكرنا، ثم نتبعه الهمز للحاجة إليه إن شاء الله (13) «.

ص: 472

ثم ذكر في أول باب الابتداء بعض دواعي هذا الترتيب، فقال:» كلُّ كلمة يبتدأ بها من اسم وفعل وحرف، فأول حرف تبتدئ به وهو متحرك ثابت في اللفظ، فإن كان قبله كلام لم يحذف ولم يُغيّر إلاّ أن يكون ألف وصل فتحذف ألبتة من اللفظ وذلك إجماع من العرب، أو همزة قبلها ساكن فيحذفها من يحذف الهمزة ويلقي الحركة على الساكن، وسنذكر هذا في تخفيف الهمزة، فأما ما يتغيّر ويسكن من أجل ما قبله فنذكره بعد ذكر ألف الوصل إن شاء الله (1) «.

وواضحٌ تسلسل الأبواب الصرفية عند ابن السراج وفق رؤية واضحة، وارتباطها بمنهج قويّ عنده، وأنه يسير في كتابه وفق ترتيب ارتضاه وقصده؛ ولهذا يقول في المقدمة:» فقد أعلنت في هذا الكتاب أسرار النحو وجمعته جمعًا يحصره، وفصّلته تفصيلاً يظهره، ورتبت أنواعه وصنوفه على مراتبها بأخصر ما يمكن من القول وأبينه، ليسبق إلى القلوب فهمه، ويسهل على متعلميه حفظه (2) «.

أما الظواهر المشتركة بين الأسماء والأفعال عند الصيمريّ فكانت على النحو الذي سبق بيانه، ومن أن الإمالة أول هذه الظواهر، ثم الوقف، فالتقاء الساكنين، ثم الهمز، فالتضعيف. وواضح الفرق في الترتيب بين ابن السراج والصيمريّ، فعلى حين أن ابن السراج جعل الإمالة متأخرة؛ إذ ذكرها بين الأبنية، وسأوضح سبب هذا التأخير، فإنَّ الصيمريّ جعلها أول هذه الظواهر؛ ولعلّه نظر إلى أن هذه الظاهرة بسيطة لا تخلّ ببنية الكلمة، ولا تؤدي إلى حذفٍ أو تغيير كبير، فهي أخف الظواهر، ولعلّ السبب نفسه هو الذي جعل ابن السراج يجعلها متأخرة؛ لأنه بدأ بظواهر التغيير الكبيرة أولاً، وما يحصل فيه حذف جرّاء هذه الظواهر؛ كما أن ابن السراج جعل الإمالة فاصلاً بين أبنية الأفعال والأسماء بعد باب ما يكسر فيه أوائل الأفعال المضارعة (3)، ففي هذا الباب شبهان بالإمالة؛ الأول: الكسر، والثاني: أنها لغة قومٍ، فلعلّه نظر إلى أحدهما أو كليهما معًا.

ص: 473

والصيمريّ ذكر الوقف، ثم التقاء الساكنين، والوقف أقل تغييرًا من التقاء الساكنين، ولهذا يمكن أن نقول: إن الصيمريّ بدأ بالظواهر الخفيفة فالأقوى، وهو عكس نهج ابن السراج؛ ويستثنى من هذه الظواهر الهمز والتضعيف؛ لأنهما مختصّان، فالهمز بحرف الهمزة، والتضعيف مختصٌ بالأفعال.

أما القسم الثالث وهو الأبنية، فابن السراج بدأ بذكر أبنية المصادر في باب أسماه» هذا باب المصادر وأسماء الفاعلين « (1) وقد قدّم لهذا الباب بقوله:» المصادر الأصول والأفعال مشتقة منها، وكذلك أسماء الفاعلين، وقد تكون أسماءً في معاني المصادر، لم يشتقّ منها فعلٌ، ولكن لا يجوز أن يكون فعلٌ لم يتقدمه مصدرٌ فإذا نطق بالفعل فقد وجب المصدر الذي أُخذ منه.... ونحن نذكر أربعة أشياء: المصدر، والصفة، والفعل، وما اشتقّ منه « (2) . فبيّن أنه سيذكر أبنية المصادر والفعل والصفة، والمشتقات، وبدأ ببيان أقسام الفعل؛ لأن المصادر تبعٌ لأقسام الفعل.

واعتمد في بيان بعض المصادر الثلاثية على المعاني المتقاربة في الفعل والصفة والمصدر فجعلها ثلاثة أقسام: المتفقة في المصدر، والمتفقة في الصفة، والمتفقة في الفعل (3) ، وهو ترتيب يستحق الثناء؛ لأنه يُسهّل دراسة المصادر الثلاثية، كما أنه يجمع في نسقٍ واضح المصادر الثلاثية.

ثم ذكر الأفعال التي فيها زوائد من بنات الثلاثة ومصادرها ومعانيها.

وانتقل بعد عدة أبواب في أبنية الأفعال إلى الإمالة (4) ، وذكرنا العلاقة في ذلك، ثم تحدث عن أبنية الأسماء (5)، وقسمها قسمين: مجردة ومزيدة، وبَيَّن أبنية كل قسم، وذكر في آخر هذه الأقسام الزوائد التي تلحق هذه الأسماء ومواضعها.

وهذا الترتيب الذي انتهجه ابن السراج في الأبنية ترتيب بديع، ولهذا فلا غرابة أن نجد هذا الترتيب هو السائد في كثير من المصنفات الصرفية بعد ابن السراج، ولهذا كان ابن السراج في ترتيب الأبنية رائدًا لم يُسبق إلى هذا الترتيب والتنظيم.

ص: 474

أما الصيمريّ في ترتيب الأبنية فبدأ بباب عدّة أبنية الأفعال (1) ، وما يجيء عليه مستقبلها، فبيّن الأفعال الثلاثية، ثم الأفعال التي فيها الزوائد، وقسّمها قسمين: أحدهما: ما في أوله ألف الوصل، والآخر: ليس في أوله ألف الوصل، وذكر أن ما في أوله ألف الوصل تسعة أبنية، وما ليس في أوله ألف الوصل ستة أبنية، وهو تقسيم جديد بالنظر إلى شكل الفعل لا إلى أمورٍ أخرى ترتبط به.

ثم انتقل إلى باب أبنية المصادر، وذكر» أنّ المصادر أصولٌ للأفعال، والأفعال مشتقة منها « (2) .

وبدأ بذكر مصادر الأفعال الثلاثية، وبيّن أنها كثيرة الاختلاف لا تكاد تجيء على قياس مستمر.

ورتب المصادر على الأفعال، فيذكر الفعل، ويذكر معه المصادر التي تأتي عليه.

وذكر بعد ذلك مصادر المعاني المتقاربة.

ثم جاء إلى مصادر ما زاد على ثلاثة أحرف (3) ، ولم يخرج في ترتيبها على المنهج المعروف، وهو بحسب الأفعال؛ لأن مصادرها لا يكاد يفارقها القياس.

ومن الملاحظ أنه لم يذكر الأفعال المجردة الرباعية، وما زيد عليها، فذكرها بعد أبنية الأسماء بعد أن ضمّها في باب تحت عنوان:» باب أبنية الأسماء والأفعال « (4) .

ومما يجدر ذكره هنا أنّ الصيمريّ ذكر مصادر الأفعال الرباعية الأصول قبل أن يذكر الأفعال نفسها، وهو ما يخالف منهجه الذي سار عليه، من حيث ذِكْر الأفعال أولاً، ثم بيان المصادر مع الأفعال في باب واحد، وإن كان ترتيب الصيمريّ فيه تنظيم واضح إلاّ أن تباعد بعض المسائل المتقاربة يؤدي إلى خلل في الفهم وبخاصة عند المتعلّمين.

أما القسم الرابع وهو التصريف: فقد اتفق ابن السراج والصيمريّ في موقع هذا القسم؛ إذ جاء آخر المباحث الصرفية.

ص: 475

يقول ابن السراج في مقدمة هذا القسم:» هذا الحدّ إنما سمّي تصريفًا لتصريف الكلمة الواحدة بأبنية مختلفة، وخصّوا به ما عرض في أصول الكلام، وذواتها من التغيير، وهو ينقسم خمسة أقسام: زيادةٌ، وإبدال، وحذفٌ، وتغييرٌ بالحركة والسكون، وإدغامٌ؛ وله حدٌّ يعرف به « (1) .

وواضح أنه رتب هذه الأبواب على هذا الأساس في التغيير، فبدأ بالزيادة؛ لأن المباحث التالية لها تقتضي معرفتها أولاً، ثم كان الإبدال؛ لأنه أقل المباحث تغييرًا، ثم كان آخر المباحث التي ترتبط بالتغيير، وختم التصريف بالإدغام؛ لأن تأخيره مفيدٌ للمتعلم لدقة مباحثه، وعسر فهمه.

ولم يخرج الصيمريّ كثيرًا عن منهج ابن السراج؛ إذ يقول:» اعلم أن التصريف هو تغيير الكلمة بالحركات والزيادات، والنقصان، والقلب للحروف، وإبدال بعضها من بعض، وأول التصريف: معرفة الحروف الزوائد ومواضعها « (2) .

ومما زاده الصيمريّ باب الإلحاق فذكره قبل حروف البدل، ثم كان التغيير بالحذف والنقل، وكان هذا التغيير عند الصيمريّ بابًا واحدًا؛ لاقتضاء النقل والتحويل للحذف في كثير من مسائله.

وبعد، فواضح التقارب بين ابن السراج والصيمريّ في منهجهما، والاختلاف كان يسيرًا، ويبقى ابن السراج له فضل السبق والريادة، ولعل الصيمريّ قد استفاد كثيرًا من ابن السراج كما استفاد غيره، ولم يختلف عنه إلاّ في ترتيب بعض الظواهر والمباحث إما بالتقديم أو التأخير.

المذهب الثاني: تقسيم المباحث والأبواب الصرفية أربعة أقسام على النحو التالي:

1-

مقدمات.

... 2- التغيير لأجل المعاني الواردة.

3-

ظواهر مشتركة.

4- التصريف.

وسار على هذا المذهب ابن مالك في مؤلفاته التي جمع فيها بين النحو والصرف كالألفية والتسهيل، والكافية والشافية.

وكان ترتيبه على هذا النسق في المؤلفات الثلاثة، ولم يختلف إلا في التسهيل حيث قدّم التصريف على الظواهر المشتركة.

ص: 476

والمقدمات عند ابن مالك نوعان: أحدهما: مقدمات مخصوصة بقسم واحد، والأخرى مقدمات عامة لمباحث التصريف كلها.

وقد عمد ابن مالك في الألفية والكافية الشافية إلى النوع الأول، وفي التسهيل إلى النوع الثاني.

أما النوع الأول فهو: التأنيث، والمقصور والممدود، وذلك لأنها مهمّة في معرفة مباحث القسم الثاني كالتثنية والجمع والنسب والتصغير.

أما النوع الثاني فهو: أبنية الأفعال ومعانيها، وهمزة الوصل، والمصادر، والتأنيث، والمقصور والممدود، وقد جمعها ابن مالك في أول الكتاب، ولعلّه أرادها مقدملتٍ عامةٍ لمباحث التصريف المتعددة الأخرى.

وكانت أبواب كيفية التثنية وجمع التصحيح وجمع التكسير، والتصغير، والنسب، هي الأبواب التي تُعنى بالقسم الثاني، ورتّبها ابن مالك على النحو السابق في الألفية والكافية الشافية، أما التسهيل فقدّم النسب فجعله أولاً، ثم الجمع ثم التصغير، وترتيبه في الكتابين يتوافق مع قوة التغيير الحادث في الكلمة، ومكان التغيير، فبدأ بالأقوى، وما يحصل فيه تغيير شامل في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها إلى أن يصل إلى ما يحصل فيه تغيير في آخر الكلمة وهو النسب؛ وهذا هو منهج ابن السراج الذي سبق بيانه.

ونأتي إلى الظواهر المشتركة بين الأسماء والأفعال فلا يبتعد عن ابن السراج والصيمريّ، حيث ذكر في الألفية والتسهيل: الوقف والإمالة، وفي الكافية الشافية: الإمالة والوقف والتقاء الساكنين.

أما التصريف فلم يتغيّر عنده ما تقرّر عند أسلافه، فذكر فيه: الميزان الصرفي، والزيادة، والإعلال والإبدال، والحذف، والإدغام، ومسائل التمارين، وذكر في الكافية الشافية: تصريف الأفعال والأسماء، وهو ما جعله مقدمةً للتصريف في الألفية تحت عنوان: الأبنية.

ص: 477

وبعد، فإن ابن مالك كان يسير على ترتيب متقارب في كل مؤلفاته، ولم يختلف كثيرًا، وإن وجد بعض الاختلاف فإنه يُعزى غالبًا إلى مراعاة ابن مالك مستوى المتعلمين، فيحذف بعض المباحث لصعوبتها، ويؤخر أخرى لأن المتعلّم يحتاج تأخيرها حتى يكون ما قبلها موطئًا وممهّدًا لها.

المذهب الثالث: تقسيم أبواب الصرف أربعة أقسام على النحو التالي:

1-

ذوات الأبنية.

2- أحوال ذوات الأبنية. 3- أحوال آخر الكلمة. 4- التصريف.

وسار على هذا المذهب السيوطيّ في» همع الهوامع «، ولم يكن رائدًا فيه، فقد سبقه إلى هذه النظرة أبو عليّ الفارسيّ -كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله.

وإن كان قد زعم السيوطيّ (1) أن هذا الترتيب بديع لم يُسبق إليه، فهو يقصد ترتيب الكتاب كله، وكذا ترتيب الأبواب النحوية والصرفية.

فذوات الأبنية ذكر فيها: أبنية الاسم، وأبنية الفعل، والمصادر، والمشتقات، وألفا التأنيث، والمقصور والممدود (2) ، وهذا الترتيب منطقي، فبدأ بأبنية الاسم لشرف الأسماء على الأفعال، ثم ذكر أبنية الأفعال قبل المصادر لأهمية معرفة الأفعال في تسهيل بيان المصادر، ثم المشتقات التي تكون تبعًا للأفعال في الاشتقاق، وذكر المقصور والممدود بعد التأنيث، وذلك ذكرٌ للخاص بعد العام، وهو ترتيب علمي مفيد.

أما أحوال ذوات الأبنية فكان على النحو التالي: جمع التكسير، والتصغير، والمنسوب (3) .

وقد نحا السيوطيّ منحى التدرج في التغيير من الأكثر والأعم إلى الأقل والمتأخر. وجاءت بعد ذلك أحوال آخر الكلمة على النحو التالي: التقاء الساكنين، والإمالة، والوقف (4) ، وإن كانت الإمالة ليست متعلقة بالآخر إلاّ أنها ظاهرة صوتية تلحق أحوال الحركة في الكلمة.

ص: 478

ثم جاء التصريف (1) ، ولم يخرج فيه عن نمط النحاة السابقين، فذكر فيه: الاشتقاق، والميزان الصرفي، وحروف الزيادة، ومعاني حروف الزيادة، والحذف، والإبدال، والنقل والقلب، ثم الإدغام، وواضحٌ التسلسل المنطقي في الترتيب، والتدرج من الأصل إلى الفرع، ومن الأهم إلى المهم.

المذهب الرابع: وهذا المذهب أقرب إلى العشوائية منه إلى المنهجية، فلم يكن له ترتيب منهجي، أو خطة واضحة المعالم يمكن البناء عليها، وإنما هو أشبه بالخواطر، وممَّن سار على هذا المذهب الجزولي في» الجزولية «، وأبو علي الشلوبين في» التوطئة «، ويكفي أن نبيّن الأبواب الصرفية عند أحدهما ليغني عن الآخر؛ لأنهما سلكا ترتيبًا واحدًا لا يختلف، فعند الجزولي كان الترتيب على النحو التالي:

1-

التصغير. 2- ألف الوصل. 3- النسب. 4- الهجاء. 5- الهمزة في الخط. 6- المقصور والممدود. 7- الوقف.

8-

جمع التكسير. 9- الأبنية. 10- الاشتقاق. 11- الإمالة. 12- التصريف. 13- الإدغام.

فضلاً عن أن الكتاب لم يشمل جميع الأبواب الصرفية.

القسم الثاني: عرض الصرف قبل النحو:

ولم يكن هذا النهج شائعًا بين النحاة والصرفيين؛ ولعلهم جعلوا الصرف متأخرًا في دراسته لصعوبته؛ أو لأن طلبه يحتاج إلى عقلية أقوى مما يحتاجه النحو، أما من ناحية التسلسل المنطقي فإن الصرف يرتبط بالمفردات، وهو أمرٌ سابقٌ للتركيب؛ لأن الصحة في تركيب الجملة ينبغي أن يسبقها صحة المفردات، وهو اهتمام الصرف، ولعلّ هذه النظرة هي التي قادت أبا حيّان إلى أن يقدم الصرف على النحو في كتابه» ارتشاف الضرب «، بل إنه يصرّح بذلك فيقول:» وحصرته [أي موضوع الكتاب] في جملتين: الأولى: في أحكام الكلم قبل التركيب، والثانية: في أحكامها حالة التركيب « (2) .

وقسم حالة الكلمة (3) في الإفراد ثلاثة أقسام، وكلّها تتعلق بنظرة الصرفيّ، وهذه الأقسام الثلاثة على النحو التالي:

1-

ما يكون من أحكام للكلمة نفسها.

2-

ما يلحقها من أولها.

ص: 479

3-

ما يلحقها من آخرها.

أما القسم الأول فذكر أنه يتفرع إلى فرعين (1) :

الأول: جعل الكلمة على صيغ مختلفة لضروب من المعاني، وينحصر ذلك في: التصغير، والتكسير، والمصدر، واسمي الزمان والمكان، واسم الفاعل، واسم المفعول، والمقصور والممدود القياسيين.

الثاني: تغيير الكلمة لغير معنًى طارئ عليها، وينحصر ذلك في: الزيادة، والحذف، والإبدال، والقلب، والنقل، والإدغام.

والقسم الثاني محصورٌ في باب واحد وهو همزة الوصل.

والقسم الثالث ينحصر في: التثنية، وجمعي التصحيح، والنسب، والألف المقصورة والممدودة، ونون التوكيد، ونون التنوين.

فهذه هي المباحث التي ذكرها في هذه الأقسام التي تُعنى بالكلمة حالة الإفراد، وبقي بابٌ واحد ذكره دون أن يصنفه إنما قال فيه:» ويعرض لبعض الحروف تغيير صفة، وقد تقدم منه شيء في ذكر حروف المعجم، ونذكر هنا ما تبقى علينا من ذلك وهو الإمالة « (2) . وقد سبق أن قدّم في أول الكتاب (3) القول في مواد الكلم وهي حروف المعجم وحروف العربية، وجعله مقدّمة لما بعده.

وقد ضمّت الجملة الثانية (أحكام الكلمة حالة التركيب) بعض المباحث الصرفية، وهي: التقاء الساكنين، والوقف، والإدغام من كلمتين.

وهذا التقسيم يرتبط بمعنى الجملة، ودور الكلمة في بناء الجملة بناءً تامًّا، كما أنه يساير المنطق الذي يبدأ بمعرفة الجزئيات للوصول إلى الكليات، وقد راعى أبو حيان ظاهرة التغيير في ترتيب الأبواب الصرفية كما فعل ابن السراج، فسار على نهجه؛ إذ يبدأ بالباب الذي يحمل عملاً أكبر من غيره.

وبعد، فإن أبا حيان قد استفاد من جهود العلماء السابقين، وبخاصة من سار على منهج في ترتيب أبوابه كابن السراج، وأضفى على ذلك لمسات من بنيّات أفكاره وإبداعه، ولهذا جاء ترتيبه يسيرًا على المتعلمين، والباحثين.

ب/ استقلال الصرف بالتأليف:

ص: 480

حين تستعرض كتب التراجم تجد أن المؤلفات في التصريف التي استقلت تأليفًا بهذا العلم لم تكن قليلة، غير أن الذي وصل إلينا يختلف عن هذا العدد، وأكثر تلك المصنفات لم يصل إلينا، أو أنه ظلّ مفقودًا أو مجهولاً.

أما أقدم كتاب وصل إلينا فهو كتاب التصريف بشرح ابن جنيّ عليه المسمى» المنصف «، ثم توالت المؤلفات بعد ذلك، غير أننا نقتصر على أهمها، وأكثرها انتشارًا مع الأخذ في الحسبان تمثيل مذاهب التأليف الصرفي، وطريقة ترتيب المسائل الصرفية.

وهذه المؤلفات هي التي تبيّن ما هو من التصريف، وما ليس منه؛ إذ المذكور من الأبواب والمسائل سيكون قطعًا تصريفًا، وهذا بخلاف المؤلفات التي جمعت بين الصرف والنحو؛ إذ لا يَتَبَيَّنُ في كثير منها قسم النحو وقسم الصرف، فتأتي الأبواب والمباحث متتالية دون بيان الصرف من النحو.

ومن المؤلفات في هذا الباب:

1-

» التصريف «: لأبي عثمان المازني (ت249هـ) ، وصل إلينا بشرح ابن جنيّ المسمى المنصف «.

2-

» التكملة «: لأبي علي الفارسي (ت377هـ) ، وهو الجزء الثاني من كتاب» الإيضاح «.

3-

» التصريف الملوكي «: لأبي الفتح ابن جنيّ (ت392هـ) .

4-

» المفتاح في الصرف «: لعبد القاهر الجرجاني (ت471هـ) .

5-

» الوجيز في علم التصريف «: لأبي البركات الأنباري (ت577هـ) .

6-

» التتمّة في التصريف «: لابن القبيصي (ت في أوائل القرن السابع) .

7-

» الشافية «: لابن الحاجب (ت646هـ) .

8-

» الممتع «: لابن عصفور (ت669هـ) .

9-

» نزهة الطرف «: لابن هشام (ت761هـ) .

وهذه الكتب تنقسم من حيث الموضوعات الصرفية قسمين:

1-

ما يقتصر على أصول التصريف، وما يتعلق بجعل الكلمة على صيغ مختلفة من غير أن تدلّ على معنًى جديد، وهي:» التصريف «للمازني، و» التصريف الملوكي «، و» المفتاح في الصرف «، و» الوجيز في علم الصرف «، و» التتمة في التصريف «، و» الممتع في التصريف «.

ص: 481

2-

ما يشمل أصول التصريف والمباحث المتعلقة بجعل الكلمة على صيغ مختلفة لضروب من المعاني، وهي:» التكملة «، و» الشافية «، و» نزهة الطرف في علم الصرف «.

ولم تخرج موضوعات القسم الأول عمّا يلي:

1-

أبنية الأسماء والأفعال المجردة والمزيدة، ومعاني الزوائد في الأفعال.

2-

الزيادة، حروفها، ومواقعها، وأغراضها، وأدلتها.

3-

الإبدال.

4-

القلب، والحذف، والنقل.

5-

الإدغام.

6-

مسائل التمارين.

أما القسم الثاني فإنه يشمل المباحث والأبواب السابقة بالإضافة إلى الأبواب التالية:

التصغير. 2- النسب. 3- جمع التكسير. 4- التقاء الساكنين.5- الابتداء. 6- الوقف. 7- المقصور والممدود.

8-

الإمالة. 9- تخفيف الهمزة.

ومن حيث الترتيب، فقد أصبح الترتيب هدفًا لذاته في كثير من هذه المصنفات؛ ولهذا يقول ابن عصفور:» فإني لمّا رأيت النحويين قد هابوا؛ لغموضه، علم التصريف، فتركوا التأليف فيه والتصنيف، إلاّ القليل منهم فإنّهم قد وضعوا فيه ما لا يُبرِدُ غليلاً، ولا يُحصِّل لطالبه مأمولاً؛ لاختلال ترتيبه، وتداخُل تبويبه، وضعتُ في ذلك كتابًا رفعتُ فيه من علم التصريف شرائعَه، ولّكتُه عاصيَه وطائعَه، وذلّلتُه للفهم بحسن الترتيب، وكثرة التهذيب لألفاظه والتقريب « (1) . وواضح أن ابن عصفور جعل حسن الترتيب يذلّل الفهم، فجعل الترتيب الحسن هدفًا للتأليف، وهو الغالب في المؤلفات المتأخرة؛ إذ إن أصول العلم قد تقررت، ولم تكن الإضافة بالقدر الذي يسمح بتأليف كتاب جديد غير أنّ الذي يُغري بالتأليف هو محاولة الوصول إلى ترتيب جديد يُعين على الفهم وبخاصة للمتعلمين.

وقد سلك أصحاب المؤلفات السابقة طرقًا متشابهة غير متباعدة في طريقة ترتيبهم للأبواب الصرفية. ونبدأ بأصحاب القسم الأول:

ص: 482

فأولهم المازني، في كتابه» التصريف «وقد اشتمل ثمانية عشر بابًا، وصدّر كل باب بقوله:(باب....) ، غير أن هذه الأبواب تعود في مجملها إلى مباحث أقل من هذا العدد، فهي تعود إلى أربعة أبواب رئيسة، وهي:

1-

الأبنية.

... 2- الزيادة.

... 3- الإعلال.

4- القياس اللغوي.

ويُعدُّ هذا الترتيب ترتيبًا منطقيًا؛ إذ الأبنية مقررة عندهم فيلزم معرفتها، وهذا يدعو إلى معرفة بعض الظواهر التي تعتريها، وأهمها الزيادة والإعلال، ثم يكون القياس اللغوي آخر الأبواب؛ لأن الهدف مما سبق من مباحث وأبواب، فهي تعدّ توطئة وتمهيدًا لهذا الباب؛ فهو أصل التصريف في تلك المرحلة.

وممّا يلاحظ أنّ القياس اللغوي ذكره في بابين متفرقين، فالأول ذكره بعد مباحث الزيادة وهو: ما قيس من الصحيح على ما جاء من الصحيح من كلام العرب (1)، والثاني ذكره بعد مباحث الإعلال وهو: ما قيس من المعتل ولم يجئ مثاله إلاّ من الصحيح (2) ، وكان بإمكانه أن يجعل البابين في مكان واحد بعد الإعلال، غير أنه يُلمح من ذلك حرص المازني أن يصل إلى هدف الكتاب وهو القياس اللغوي، والتصريف في الألفاظ، ولهذا ذكر هذا الباب حين لم يلزم له شيء في الإعلال، وأخّر الآخر حين لزم تقديم الإعلال عليه.

ص: 483

ومع هذا الترتيب الذي ذكرناه إلاّ أن الأبواب التي أوردها المازني لا تخرج أبدًا عما ذكره سيبويه في كتابه، ولم يكن ثمة اختلاف سوى الترتيب الذي سلكه المازني، وجمعه لهذه الأبواب المتفرقة عند سيبويه في كتاب واحد، وإهماله لأبنية الأسماء المزيدة والإدغام، ولهذا فكتاب سيبويه أشمل وأوسع مِمّا ذكره المازني، ولعلّ المازني لم يرد إضافة جديد إلى كتاب سيبويه، ولكنه درسه واستوعبه فأراد أن يقدّمه في صورة أخرى تناسب المتعلمين، وتسهل لهم الطريق إلى تعلّم التصريف، ولهذا جاء كتابه مختصرًا موجزًا بعيدًا عن الإسهاب والشرح والتطويل، وهو ما استدعى ابن جنيّ إلى تأليف شرح له؛ إذ يقول:» ولما كان هذا الكتاب الذي قد شرعتُ في تفسيره وبسطه من أنفس كتب التصريف وأسدّها وأرصنها، عريقًا في الإيجاز والاختصار، عاريًا من الحشو والإكثار، متخلصًا من كزازة ألفاظ المتقدمين، مرتفعًا عن تخليط كثير من المتأخرين، قليل الألفاظ، كثير المعاني، عُنيت بتفسير مشكله، وكشف غامضه، والزيادة في شرحه « (1) .

وكان ترتيب المازني للأبنية مراعيًا عدد حروف الكلمة، بادئًا بالأسماء والأفعال المجردة الثلاثية ثم الرباعية، ثم الأسماء الخماسية، ثم الأبنية المزيدة في الأفعال، ولم يتطرق -كما سبق بيان ذلك- إلى الأبنية المزيدة في الأسماء، ولعلّه رأى كثرتها، وهو ما لا يليق بهذا المختصر، وإنما يحتاج الأمر إلى وضع قانون يعرف به الأصليّ من الزائد، وهو ما عقّب به بعد الأبنية حيث تحدث عن الزيادة من حيث حروفها، ومواقعها.

ص: 484

أما الإعلال، فبدأ ببيان مواضع الإعلال للواو والياء حسب مواقع الإعلال، حيث بدأ بالفاء فالعين ثم اللام، وحاول أن يكون ذلك في الثلاثي وما اشتق منه، ثم انتقل بعد ذلك إلى ما زاد على الأربعة، وكما هو واضحٌ فإنه ترتيبٌ قويّ؛ إذ الإعلال في أكثره ينبني على معرفة الأصل، وما أصابه من تغيير، فالإعلال في الأصل، والفرع تبعٌ له، وهو ما نظر إليه المازنيّ هنا.

ولم يبتعد أصحاب الكتب الأخرى في هذا القسم عن المازني كثيرًا، وقد نظروا جميعًا إلى أن التصريف خمسة أنواع: زيادة، وبدل، وحذف، وتغيير حركة أو سكون، وإدغام (1) . وهذه الأنواع تحتاج إلى معرفة الأبنية، ولهذا يقول ابن عصفور بعد الحديث عن أدلة الزيادة:» ولمّا كان النظير والخروج عنه لا يُعلمان إلاّ بعد معرفة أبنية الأسماء والأفعال، وضعت من أجل ذلك بابين، حصرتُ في أحدهما أبنية الأسماء، وفي الآخر أبنية الأفعال « (2) .

ولم يستقص ذكر الأبنية سوى ابن عصفور، مع أن عبد القاهر الجرجاني ذكر بابين في الأبنية، أحدهما في الأسماء، والآخر في الأفعال، إلاّ أنه سار فيهما على نحو ما عند المازني، وكذا فعل ابن الأنباري الذي ذكر فصلاً في معرفة أبنية الأسماء التي لا زيادة فيها، ولم يتطرّق إلى الأفعال.

وكان القياس اللغوي خاتمة الأبواب في التصريف الملوكي والممتع، ولم تتناوله الكتب الأخرى، وكأنها أرادت ذكر الأصول والمبادئ دون التطبيق والتدريب.

أما القسم الثاني الذي يمثله أبو عليّ الفارسيّ في» التكملة «، وابن الحاجب في» الشافية «، وابن هشام في» نزهة الطرف «- فتختلف الثلاثة في طرق ترتيبها.

ص: 485

فأبو علي اتخذ طريقة التدرج في التغيير منهجًا لترتيب أبوابه الصرفية، ويكفي أن نذكر كلامه الذي يدل على ذلك؛ إذ يقول بعد أن قسّم النحو قسمين، فالأول هو الإعراب، وخصّص له كتابه» الإيضاح «، أما الضرب الآخر فهو:» تغيير يلحق أواخر الكلم، من غير أن يختلف العامل، وهذا التغيير يكون بتحريك ساكن، أو إسكان متحرك، أو إبدال حرف من حرف، أو زيادة حرف، أو نقصان حرف.... والضرب الآخر من القسم الأول وهو التغيير الذي يلحق أنفس الكلم وذواتها، فذلك نحو التثنية والجمع الذي على حدها، والنسب، وإضافة الاسم المعتل إلى ياء المتكلم، وتخفيف الهمزة، والمقصور والممدود، والعدد، والتأنيث والتذكير، وجمع التكسير، والتصغير، والإمالة، والمصادر، وما اشتق منها من أسماء الفاعلين والمفعولين وغيرها، والتصريف، والإدغام، وسنذكر ذلك بابًا بابًا إن شاء الله « (1) .

ولم يكن ترتيبه لأبواب الكتاب على هذا النسق الذي ذكره، وإنما راعى بعضه، ولم يلتزم أكثره، وذلك أنه ذكر تخفيف الهمزة في الضرب الثاني، ومع هذا ذكره بعد الوقف الذي هو من الضرب الأول، كما أنه ذكر المصادر والمشتقات وأبنية الأفعال قبل الإمالة وهذا يخالف نصّه السابق.

وقد راعى في ترتيب القسم الأول التحريك والتسكين؛ فبدأ بتحريك الساكن وهو التقاء الساكنين، فالابتداء، ثم بتسكين المتحرك وهو الوقف.

أما القسم الثاني فبدأ بالتغييرات التي تشترك بين الأسماء والأفعال، ثم التي تخص الأسماء، ثم تلك التي تخص الأفعال وأخيرًا التصريف.

ص: 486

ولأن الكتاب مخصوص بالتغيير فلم يتناول إلاّ ما اعتراه التغيير، ولهذا لم يذكر تثنية الصحيح في هذا الجزء المخصّص للتصريف؛ إذ يقول:» لا يخلو الاسم المثنّى من أن يكون صحيحًا أو معتلاً، فتثنية الصحيح قد تقدّم ذكرها في الكتاب « (1) ولعلّ أبا علي لم يرد منهجًا واضحًا في إيراده الأبواب الصرفية فيما يخصّ الأسماء؛ لأن هذه الأبواب هي أكثر المباحث الصرفية في الكتاب، ولهذا فقد رتب هذه الأبواب على النحو التالي:

1-

تثنية وجمع الأسماء المقصورة والممدودة. 2- النسب. 3- العدد. 4- المقصور والممدود.

5-

المذكر والمؤنث.

6- جمع التكسير. 7- التصغير. 8- المصادر والمشتقات.

ومما يلاحظ هنا أن أبا علي عدّ العدد من المباحث الصرفية؛ لأنه نظر إلى أن في العدد تغييرًا في ذوات الكلم، فعدّه هنا بناءً على التقسيم الذي اعتمده.

ص: 487

ومِمّن اختطّ منهجًا قريبًا من منهج أبي علي إلاّ أنّه طوّره وهذبه ابنُ الحاجب في» الشافية «، وقد نهج في ترتيبه منهجًا واضحًا، واعتمد في ذلك على أحوال الأبنية، فبعد أن ذكر المبادئ العامة في التصريف وهي: تعريف التصريف، وأنواع الأبنية، والميزان الصرفي، وانقسام الأبنية إلى صحيح ومعتل، وأبنية الاسم الثلاثية والرباعية والخماسية المجردة، ومزيداتها. شرع في الأبواب الصرفية التي اعتمد في ترتيبها على أحوال الأبنية؛ إذ يصرّح بهذا فيقول:» وأحوال الأبنية قد تكون للحاجة، كالماضي والمضارع، والأمر، واسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبّهة، وأفعل التفضيل، والمصدر، واسمي الزمان والمكان، والآلة، والمصغّر، والمنسوب والجمع، والتقاء الساكنين، والابتداء، والوقف، وقد تكون للتوسّع، كالمقصور والممدود، وذي الزيادة، وقد تكون للمجانسة، كالإمالة، وقد تكون للاستثقال، كتخفيف الهمزة، والإعلال، والإبدال، والإدغام، والحذف « (1) . وهذه النظرة من ابن الحاجب نظرة ثاقبة؛ إذ تُعطي هدفًا معيّنًا للأبواب الصرفية، وتوضّح العلل التي بسببها جاءت هذه الأبواب، وتتفرّع هذه العلل، فالحاجة قد تكون» إما لتغيّر المعنى باعتبارها كالماضي والمضارع، وإما للاضطرار إلى بعضها بعد الإعلال كالتقاء الساكنين في نحو» لم يقل «أو بعد وصل بعض الكلم ببعض كالتقائهما في نحو» اذهب اذهب «أو عند الشروع في الكلام كالابتداء، وإما لوجه استحساني لا ضروري كوجوه الوقف « (2) . وهذا نموذجٌ على تفرّع هذه الأسباب.

وكان ابن الحاجب بهذه النظرة رائدًا في مجاله، ولتسلسلها المنطقي الذي ابتعد عن الحشو العشوائي حظيت شافيته بالإقبال الكبير، فشرحها علماء كثر، ونظمها آخرون، ودرس عليها ودرّسها خلقٌ كثير.

ولم يبتعد ابن هشام كثيرًا في كتابه» نزهة الطرف «عن ترتيب ابن الحاجب، بل جاء مساويًا لترتيب ابن الحاجب في مجمله، وإن اختلف عنه في بعض الأمور، لعلّ منها:

ص: 488

أولاً: أن كتاب ابن هشام خلا من بعض الأبواب التي ذكرها ابن الحاجب في كتابه وهي: جمع التكسير، والابتداء، والوقف، والمقصور والممدود، والإمالة، وإن توزعت بعض أحكامها في بعض المباحث التي تتعلق بالتغيير إلاّ أنها قليلة.

ثانيًا: اختلف تبويب ابن هشام للأبنية عما كان عند ابن الحاجب؛ إذ بدأ ابن هشام بالأفعال الثلاثية، وذكر صياغة المشتقات منها والمصادر ثم ثنّى بعد ذلك بالأفعال الرباعية ومشتقاتها ومصادرها، وبعد ذلك جاء بأوزان الأسماء الثلاثية فالرباعية فالخماسية، على حين جعل ابن الحاجب الأوزان الثلاثية والرباعية والخماسية للأسماء من مبادئ علم التصريف، وجعل أوزان الأفعال من أحوال الأبنية.

ثالثًا: أن كتاب ابن هشام أشدّ اختصارًا من شافية ابن الحاجب.

رابعًا: جعل ابن هشام الإعلال في بابين هما: القلب والنقل، وقدّم الحذف على الإدغام على عكس ابن الحاجب.

ومع هذا الاختلاف إلاّ أن شخصية ابن الحاجب ظهرت بوضوح في كتاب ابن هشام» نزهة الطرف «ولعل تأثر ابن هشام بالشافية كان واضحًا، ولا أدلّ على ذلك من أنه شرحها بشرح سماه: عمدة الطالب في تحقيق تصريف ابن الحاجب (1) .

• • •

الخاتمة:

الترتيب الصرفي أخذ عناية العلماء المتقدمين والمتأخرين، وما ذلك إلاّ لإيمانهم أن الترتيب الجيد يوصل إلى الهدف والغاية بسهولة ويسر، كما أن التخطيط لأيّ عمل يولّد إنتاجًا وبناءً قويًّا ومتكاملاً، ويمكن أن نذكر في نهاية هذا البحث بعض النتائج التي ظهرت خلال البحث والمناقشة:

ص: 489

1-

كان حرص النحاة والصرفيين بهذه المؤلفات التي وضعوها ضبط اللغة، وتقريب قوانينها وقواعدها إلى أفهام الناس، وبخاصة المتعلمين، كما لا يخفى سعي العلماء إلى إبراز ما تكنُّه هذه اللغة من إعجاز وبيان، ولأجل ذلك توسعوا في دراسة الظواهر اللغوية وحاولوا -ما استطاعوا- تقنينها وتقعيدها حتى يسهل تعلمها وإدراكها، ولا يضيرهم إن بقيت بعض المواد اللغوية متعلقة ومرتبطة بسماع العرب، ولهذا قال ابن فارس:» إن لعلم العرب أصلاً وفرعًا: أما الفرع فمعرفة الأسماء والصفات، كقولنا: رجلٌ وفرس، وطويل وقصير، وهذا هو الذي يبدأ به عند التعلم. وأما الأصل فالقول على موضوع اللغة، وأوّليتها ومنشئها، ثم على رسوم العرب في مخاطباتها، وما لها من الافتنان تحقيقًا ومجازًا.

والناس في ذلك رجلان: رجلٌ شُغل بالفرع فلا يعرف غيره، وآخر جمع الأمرين معًا، وهذه هي الرتبة العُليا؛....

والفرق بين معرفة الفروع ومعرفة الأصول: أن متوسّمًا بالأدب لو سُئل عن الجزم (1) والتسويد (2) في علاج النوق، فتوقّف أو عيّ به أو لم يعرفه - لم ينقصه ذلك عند أهل المعرفة نقصًا شائنًا؛ لأن كلام العرب أكثر من أن يُحصى.

ولو قيل له: هل تتكلم العرب في النفي بما لا تتكلم به في الإثبات؟ ثم لم يعلمه - لنقصه ذلك في شريعة الأدب عند أهل الأدب؛ لا أنّ ذلك يُردي دينه أو يجرُّه لمأثم.

كما أنّ متوسّمًا بالنحو لو سئل عن قول القائل:

لَهِنّك من عبسيّة لوسيمةٌ

... على هنواتٍ كاذبٌ من يقولها

فتوقف أو فكّر أو استمهل - لكان أمره في ذلك عند أهل الفضل هيّنًا. لكن لو قيل له مكان (لهنّك) : ما أصل القسم؟ وكم حروفه؟ وما الحروف الخمسة المشبّهة بالأفعال التي يكون الاسم بعدها منصوبًا وخبره مرفوعًا؟ فلم يُجب - لحكم عليه بأنه لم يشامّ صناعة النحو قطّ، فهذا الفصلُ بين الأمرين « (3) .

ص: 490

ولأجل ضبط قياسات اللغة، واستخراجها من منطوق العرب، والوصول بالمتعلم إلى الرتب العليا في معرفة أصول اللغة، حرص العلماء على الإكثار من التعمّق في اللغة بغية الضبط والتقنين والتقعيد؛ لأن الضوابط والقوانين والقواعد هي التي يَسهل تعلمها ويُقبل عليها الخلق الكثير، بعكس حفظ اللغة ومتونها وألفاظها، فهذه لا يصل إليها إلا الخاصة.

وحين ينتقد المتأخرون هؤلاء العلماء الأسلاف على هذا الضبط، فإن ذلك ليس مسوّغًا للنقد والخروج على هؤلاء بمحاولة بعثرة هذا الجهد، وسيكون البديل معدومًا عندهم.

أذكر ذلك حين اطلعت على مقالة للدكتور كمال بشر في مفهوم علم الصرف (1) ، والذي يحاول أن يخرج كثيرًا من المباحث والأبواب من علم الصرف؛ لعدم استقامة القاعدة واطّرادها، أو أن متن اللغة أولى بها من الصرف، ولو بقيت تلك المباحث التي عدّها الدكتور بشر من اللغة بعيدة عن الصرف، وصار مجالها المعاجم والقواميس لأصبحت بمنأى عن التعلُّم والإدراك، ولا يحتج بصعوبة ظاهرة من الظواهر على إخراجها من أحد العلوم.

2-

الجمع بين النحو والصرف في مؤلف واحد كان ديدن العلماء الذين ألفوا في النحو، وممّا يلفت له أن النحو متقدّم على الصرف في أكثر تلك المصنفات، مع أن معرفة التصريف تتقدم تسلسلاً على معرفة النحو، ولهذا يوضّح ابن جنيّ العلة في ذلك فيقول:» من الواجب على من أراد معرفة النحو أن يبدأ بمعرفة التصريف؛ لأن معرفة ذات الشيء الثابتة ينبغي أن يكون أصلاً لمعرفة حاله المتنقلة، إلاّ أن هذا الضرب من العلم لما كان عويصًا صعبًا بُدئ قبله بمعرفة النحو، ثم جيء به بَعْد، ليكون الارتياضُ في النحو موطّئًا للدخول فيه، ومعينًا على معرفة أغراضه ومعانيه، وعلى تصرّف الحال « (2) .

ص: 491

وعلى هذا فإنْ تأخَّر التصريف في المؤلفات فهو مقدّم على النحو في المعرفة، وليس تأخره تقليلاً من أهميته؛ فقد يتأخر الشيء وهو أهمُّ من غيره المتقدم، وإنما ينظر إلى جانب آخر وهو قضية التعلم.

3-

بعض المؤلفات في الصرف من قبيل الترف العلمي؛ إذ إنّ غيرها يغني عنها، ولم يضف جديدًا في المادة العلمية، أو الترتيب، وقد يكون الجديد فيها الأسلوب الذي صيغت به، ولعلّ حرص بعض العلماء على أن يناسب تفكير العصر العلمي هو الذي يدفعه إلى أن يقدّم كتابًا مؤلفًا بأسلوب ذلك العصر، وعلى هذا فمراعاة العصر في التأليف كانت ظاهرة في المؤلفات الصرفية، وهذا يدعم موقف من يرى أن التأليف بأُسلوب عصري قد يكون هو الجديد، وهو مسوّغٌ يكفي لتأليف كتاب جديد عندهم.

4-

الترتيب الواضح هو الذي يجمع المتشابهات، ويضمّ المتفرقات في أبواب متناسقة، ويبدأ بالأبواب اليتيمة، أي التي يحتاجها غيرها ولا يلزم في معرفتها معرفة غيرها، وهذا الترتيب يساعد على الفهم الجيد. يقول ابن عصفور وهو يتحدث عن علم التصريف:» وذلّلته للفهم بحسن الترتيب، وكثرة التهذيب لألفاظه والتقريب حتى صار معناه إلى القلب أسرع من لفظه إلى السمع « (1) .

5-

الترتيب الصرفي أخذ عدة طرائق لعرض المادة العلمية، تتلخص في ست طرائق:

1-

طريقة ابن السراج، وهو رائد في الترتيب الصرفي، وقد ألف كتابه» الأصول «ليصل بالمادة النحوية والصرفية إلى ترتيب بديع.

2-

طريقة الزَّمَخْشَرِيّ، وذلك بعرض المباحث التي تخصّ الأسماء ثم الأفعال، ثم المشتركة بينهما، غير أن ذلك يتم بالتداخل مع المباحث النحوية.

3-

طريقة ابن الحاجب، وذلك بالنظر إلى أحوال الأبنية، وهو أسلوبٌ جديد في عرض المادة العلمية اهتم العلماء به بعد ذلك.

4-

طريقة السيوطيّ، وذلك بتقسيم الأبواب إلى أربعة بالنظر إلى ذات الأبنية وأحوالها، وأحوال أواخرها ثم التصريف، وإن أشار إليه بشيء يسير في مقدمته أبو عليّ الفارسيّ.

ص: 492

5-

طريقة ابن مالك، وذلك بعمل مقدمات يذكر فيها الأصول والمبادئ لعلم التصريف، ثم يرتب الأبواب بحسب ظواهر التغيير وأنواعه.

6-

طريقة أبي حيان، وقد كان متفردًا بتقديم علم التصريف على النحو، ومنفردا في طريقته التي اعتمدت على عرض أحكام الكلمة حسب موقعها من الكلام.

7-

طريقة أصحاب الكتب التي استقلت بعلم التصريف، وهي نوعان:

... 1- عرض أصول التصريف ومبادئه، وما يتعلق بجعل الكلمة على صيغ مختلفة من غير أن تدلّ على معنًى جديد.

2-

عرض أصول التصريف، والمباحث المتعلقة بجعل الكلمة على صيغ مختلفة من غير أن تدل على معنًى جديد، وكذا ما تدل على ضروبٍ من المعاني.

وفي الختام أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم وأن ينفع به، والله ولي التوفيق.

الحواشي والتعليقات

(1)

من الشروح:

-

شرح الملوكي في التصريف.

-

شروح شافية ابن الحاجب.

-

شرح السيرافي على الكتاب.

-

شرح الرماني على الكتاب.

-

وشروح ألفية ابن مالك.

ينظر: الصحاح: 4/1385؛ واللسان: 9/189؛ والقاموس المحيط: 3/166؛ وتاج العروس: 12/318.

المنصف: 1/4.

الكتاب: 4/242.

شرح الكتاب: 5/210.

المقتضب: 1/35.

الأصول: 3/231.

ينظر: الأصول: 3/231.

التكملة: 181، 182.

المنصف: 1/3، 4.

المفتاح في الصرف: 26.

الممتع: 1/31-33.

الشافية: 6.

ينظر: شرح الشافية: 1/4، 5.

التسهيل: 29.

ينظر: التصريح: 2/352؛ وتصريف الأفعال: 42.

الكتاب: 4/242.

المقتضب: 1/35.

المقتضب: 1/172.

الأصول: 3/231.

التكملة: 181-185.

ينظر: التكملة: 185.

الممتع: 1/31.

ينظر: الصحاح: 1/133؛ واللسان: 1/409؛ والتعريفات: 55.

التعريفات: 55.

التكملة: 181.

ينظر: الكتاب: 3/335.

ينظر: الكتاب: 3/232.

ينظر: الكتاب: 3/235.

ينظر: الكتاب: 3/234.

ينظر: الكتاب: 3/242.

ينظر: الكتاب: 3/246.

ينظر: الكتاب: 3/389.

ينظر: الكتاب: 3/390.

ينظر: الكتاب: 3/415.

ينظر: الكتاب: 3/496.

ص: 493

ينظر: الكتاب: 3/508.

ينظر: الكتاب: 3/529.

ينظر: الكتاب: 3/536.

ينظر: الكتاب: 3/541.

ينظر: الكتاب: 3/557.

ينظر: الكتاب: 4/5.

ينظر: الكتاب: 4/117.

ينظر: الكتاب: 4/144.

ينظر: الكتاب: 4/152.

ينظر: الكتاب: 4/166.

ينظر: الكتاب: 4/235.

ينظر: الكتاب: 4/237.

ينظر: الكتاب: 4/242.

ينظر: المقتضب: 1/53.

ينظر: المقتضب: 1/56.

ينظر: المقتضب: 1/61.

ينظر: المقتضب: 1/66.

ينظر: المقتضب: 1/68.

ينظر: المقتضب: 1/70.

ينظر: المقتضب: 1/71.

ينظر: المقتضب: 1/80.

ينظر: المقتضب: 1/86.

ينظر: المقتضب: 1/88.

ينظر: المقتضب: 1/91.

ينظر: المقتضب: 1/96.

ينظر: المقتضب: 1/99.

ينظر: المقتضب: 1/104.

ينظر: المقتضب: 1/111.

ينظر: المقتضب: 1/115.

ينظر: المقتضب: 1/117.

ينظر: المقتضب: 1/118.

ينظر: المقتضب: 1/236.

ينظر: المقتضب: 1/133.

ينظر: المقتضب: 1/42.

ينظر: المقتضب: 1/192.

ينظر: الأصول: 2/407.

ينظر: الأصول: 2/415.

ينظر: الأصول: 2/429.

ينظر: الأصول: 3/36.

ينظر: الأصول: 3/63.

ينظر: التبصرة: 2/585.

ينظر: التبصرة: 2/608.

ينظر: التبصرة: 2/613.

ينظر: التبصرة: 2/632.

ينظر: التبصرة: 2/640.

ينظر: التبصرة: 2/686.

ينظر: الأصول: 2/361.

ينظر: الأصول: 2/371.

ينظر: الأصول: 2/398.

ينظر: الأصول: 3/160.

ينظر: التبصرة: 2/710، 716، 723، 732، 737.

الأصول: 2/361.

الأصول: 2/366.

الأصول: 2/367.

الأصول: 2/27.

ينظر: الأصول: 3/156.

الأصول: 3/85.

ينظر: الأصول: 3/160.

ينظر: الأصول: 3/89-97.

ينظر: الأصول: 3/160.

ينظر: الأصول: 3/179.

ينظر: التبصرة: 2/743.

التبصرة: 2/754.

ينظر: التبصرة: 2/754.

التبصرة: 2/783.

الأصول: 3/231.

التبصرة: 2/788.

ينظر: همع الهوامع: 1/18.

ينظر: همع الهوامع: 3/255-307.

ينظر: همع الهوامع: 3/308-369.

ينظر: همع الهوامع: 3/370-401.

ينظر: همع الهوامع: 3/407-449.

ارتشاف الضرب: 1/4.

ينظر: ارتشاف الضرب: 1/13.

ص: 494

ينظر: ارتشاف الضرب: 1/13.

ارتشاف الضرب: 1/237.

ينظر: ارتشاف الضرب: 1/13.

الممتع: 1/22.

ينظر: المنصف: 1/173.

ينظر: المنصف: 2/242.

المنصف: 1/5.

ينظر: التصريف الملوكي: 13، وقد صرّح ابن جنيّ فيه بهذا التقسيم، أما الكتب الأخرى فبوّب مسائلها على هذا التقسيم دون تصريح.

الممتع: 1/59.

التكملة: 182-185.

التكملة: 237 ويقصد بقوله (أول الكتاب) كتاب الإيضاح؛ لأنه يعد كتاب التكملة -كما سبق- الجزء الثاني لكتاب الإيضاح.

الشافية: 15، 16.

شرح الشافية للرضي: 1/66.

ينظر: نزهة الطرف: 48.

الجزم: شيء يدخل في حياء الناقة لتحسبه ولدها فترأمه. الصحاح: 5/1887، واللسان: 14/365.

التسويد: معالجة أدبار الإبل بالشعر المدقّ من الكساء. ينظر: اللسان: 4/213.

الصاحبي في فقه اللغة العربية: 3-5.

ينظر: مجلة مجمع اللغة العربية، القاهرة، الجزء الخامس والعشرون: ص110.

المنصف: 1/4، 5.

الممتع: 1/22.

المصادر والمراجع

المطبوعات

ارتشاف الضرب من لسان العرب. أبو حيان الأندلسي. الطبعة الأولى. تحقيق: د. مصطفى النماس. القاهرة: مطبعة المدني، 1408هـ - 1987م.

الأصول في النحو. أبو بكر محمد بن سهل بن السرّاج. الطبعة الثالثة. تحقيق: د. عبد الحسين الفتلي. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1408هـ - 1988م.

الإيضاح. أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار. الطبعة الثانية. تحقيق: د. كاظم بحر المرجان. بيروت: عالم الكتب، 1406هـ - 1996م.

تاج العروس من جواهر القاموس. محب الدين محمد مرتضى الزبيدي. تحقيق: علي شبري. بيروت: دار الفكر،

1414هـ - 1994م.

التبصرة والتذكرة. أبو محمد عبد الله بن علي بن إسحاق الصيمري. الطبعة الأولى. تحقيق: د. فتحي أحمد مصطفى عليّ الدين. مكة المكرمة: جامعة أم القرى، 1402هـ - 1982م.

ص: 495

التتمة في التصريف. أبو عبد الله محمد بن أبي الوفاء الموصليّ. الطبعة الأولى. تحقيق: د. محسن بن سالم العميري. مكة المكرمة: نادي مكة الثقافي الأدبي، 1414هـ-1993م.

تصريف الأفعال. د. عبد الحميد السيد عبد الحميد. القاهرة: المكتبة الأزهرية للتراث، 1409هـ - 1989م.

التعريفات. الشريف علي بن محمد الجرجاني. الطبعة الثالثة. بيروت: دار الكتب العلمية، 1408هـ - 1988م.

التعليقة على كتاب سيبويه. أبو علي الحسن بن أحمد الفارسيّ. تحقيق: د. عوض بن حمد القوزي. الرياض: جامعة الملك سعود، 1415هـ - 1984م.

التكملة. أبو علي الفارسي. تحقيق: د. حسن شاذلي فرهود. الرياض: جامعة الرياض.

التوطئة. أبو علي الشلوبيني. تحقيق: د. يوسف أحمد المطوع. مطابع سجل العرب، 1401هـ - 1981م.

خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب. عبد القادر بن عمر البغدادي. الطبعة الثانية. تحقيق: عبد السلام محمد هارون. القاهرة: مكتبة الخانجي، 1979م.

الخصائص. أبو الفتح عثمان بن جني. الطبعة الثالثة. تحقيق: محمد علي النجار. بيروت: عالم الكتب، 1403هـ - 1983م.

ديوان الأدب. أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الفارابي. الطبعة الأولى. تحقيق: د. أحمد مختار عمر. القاهرة: الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، 1399هـ - 1979م.

الشافية في علم التصريف. جمال الدين ابن الحاجب. الطبعة الأولى. تحقيق: حسن أحمد العثمان. مكة: المكتبة المكية، 1415هـ - 1995م.

شرح الكافية الشافية. جمال الدين ابن مالك. تحقيق: د. عبد المنعم هريدي. مكة المكرمة: جامعة أم القرى.

شرح المقدمة الجزولية الكبير. أبو علي عمر الشلوبين. الطبعة الأولى. تحقيق: د. تركي بن سهو العتيبي. الرياض: مكتبة الرشد، 1413هـ - 1993م.

شرح الملوكي في التصريف. ابن يعيش. الطبعة الأولى. تحقيق: د. فخر الدين قباوة. حلب: المكتبة العربية، 1393هـ - 1973م.

ص: 496

شرح شافية ابن الحاجب. رضي الدين محمد بن الحسن الأستراباذي. تحقيق: محمد نور الحسن؛ ومحمد الزفزاف، ومحمد محيي الدين عبد الحميد. بيروت: دار الكتب العلمية، 1402هـ - 1982م.

شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ. جمال الدين بن محمد بن مالك. تحقيق: عدنان عبد الرحمن الدوري. بغداد: مطبعة العاني، 1397هـ - 1977م.

شرح كتاب سيبويه. أبو الحسن الرمّاني. تحقيق: د. المتولي الدميري. القاهرة: مطبعة التضامن، 1408هـ - 1988م.

الصاحبي. أبو الحسين أحمد بن فارس. تحقيق: السيد أحمد صقر. القاهرة: مطبعة عيسى البابي الحلبي.

الصحاح. إسماعيل بن حمّاد الجوهريّ. الطبعة الثالثة. تحقيق: أحمد عبد الغفور عطّار. بيروت: دار العلم للملايين، 1404هـ - 1984م.

القاموس المحيط. مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي. بيروت: دار الجيل.

كتاب سيبويه. أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر (سيبويه) . تحقيق وشرح: عبد السلام هارون. عالم الكتب: بيروت.

اللباب في علل البناء والإعراب. أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري. الطبعة الأولى. تحقيق: غازي طليمات؛ ود. عبد الإله نبهان. بيروت - دمشق: دار الفكر، 1416هـ - 1995م.

لسان العرب. جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور. الطبعة الأولى. بيروت: دار صادر، 1410هـ - 1990م.

المغني في تصريف الأفعال. د. محمد عبد الخالق عضيمة. دار الحديث.

المفصّل في علم اللغة العربية. أبو القاسم محمود بن عمر الزَّمَخْشَرِيّ، الطبعة الأولى. مصر: مطبعة التقدم، 1323هـ.

المقتضب. أبو العباس محمد بن يزيد المبرد. تحقيق: محمد عبد الخلق عضيمة. بيروت: عالم الكتب.

الممتع في التصريف. ابن عصفور الإشبيلي. تحقيق: د. فخر الدين قباوة. بيروت: دار المعرفة.

مناهج الصرفيين ومذاهبهم في القرنين الثالث والرابع من الهجرة. د. حسن هنداوي. الطبعة الأولى. دمشق: دار القلم، 1409هـ - 1989م.

ص: 497

المنصف في شرح كتاب التصريف. أبو الفتح عثمان بن جني. الطبعة الأولى. تحقيق: إبراهيم مصطفى؛ وعبد الله أمين. القاهرة: مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1373هـ - 1954م.

نزهة الطرف في علم الصرف. عبد الله بن يوسف النحوي الأنصاري المعروف بابن هشام. تحقيق: د. أحمد عبد المجيد هريدي. القاهرة: مكتبة الزهراء، 1410هـ - 1990م.

همع الهوامع في شرح جمع الجوامع. جلال الدين السيوطي. الطبعة الأولى. تحقيق: أحمد شمس الدين. بيروت: دار الكتب العلمية، 1408هـ - 1998م.

الوجيز في علم التصريف، أبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن الأنباري، تحقيق: د. علي حسين البواب، دار العلوم، 1402هـ.

المخطوطات

شرح كتاب سيبويه. أبو سعيد السيرافي. صنعاء: مكتبة دار المخطوطات 390، مصورة بمكتبة مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى رقم 1158.

شرح كتاب سيبويه. أبو سعيد السيرافي. القاهرة: دار الكتب المصرية 137 نحو، مصورة بمكتبة مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى.

الدوريات

مجلة مجمع اللغة العربية، الجزء الخامس والعشرون، بحث الدكتور كمال بشر: مفهوم علم الصرف، القاهرة، رمضان: 1389هـ.

ص: 498