الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* * *
سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى -: قطرة العين والأنف والاكتحال والقطرة في الأذن هل تفطر الصائم
؟
فأجاب فضيلته بقوله: جوابنا على هذا أن نقول: قطرة الأنف إذا وصلت إلى المعدة فإنها تفطر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث لقيط بن صبرة:«بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» فلا يجوز للصائم أن يقطر في أنفه ما يصل إلى معدته، وأما ما لا يصل إلى ذلك من قطرة الأنف فإنها لا تفطر.
وأما قطرة العين ومثلها أيضاً الاكتحال وكذلك القطرة في الأذن فإنها لا تفطر الصائم، لأنها ليست منصوصاً عليها، ولا بمعنى المنصوص عليه، والعين ليست منفذاً للأكل والشرب، وكذلك الأذن فهي كغيرها من مسام الجسد، وقال أهل العلم: لو لطخ الإنسان قدميه ووجد طعمه في حلقه لم يفطره ذلك، لأن ذلك ليس منفذاً، وعليه فإذا اكتحل، أو قطر في عينه، أو قطر في أذنه لا يفطر بذلك ولو وجد طعمه في حلقه، ومثل هذا لو تدهن بدهن للعلاج، أو لغير العلاج فإنه لا يضره، وكذلك لو كان عنده ضيق تنفس فاستعمل هذا الغاز الذي يبخ في الفم لأجل تسهيل التنفس عليه فإنه لا يفطر، لأن ذلك لا يصل إلى المعدة، فليس أكلاً ولا شرباً، والله أعلم.
* * *
سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى -: قرأت كتابكم
«شرح بلوغ المرام» وكان في كتاب الصيام وكان الموضوع في الاكتحال، ومال فضيلتكم إلى أنه لا يفسد الصوم على
ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله واعترض عليَّ القاضي في هذا المجلس، وقال: كيف أن الشيخ ينشر مثل هذا على عامة الناس، كأنه الأحوط أن الاكتحال يفسد الصوم، وتكلم في هذا الموضوع وقال: ومثل قوله: «إن التعزية بدعة مع أن فيها شيئاً من التراحم» فما ردكم على مثل هذا؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما مسألة الاكتحال فلابد من بيانها للناس، لأن الاكتحال مما تدعو الحاجة إليه أحياناً.
فإذا قلنا للصائم لا تكتحل، حرمناه مما أحل الله له وهو محتاج إليه، فضيقنا على الناس ما هو واسع.
وأما قوله: إن الاحتياط اتباع هؤلاء. فنقول: ما هو الاحتياط؟ الاحتياط: اتباع ما دلت عليه السنة، ليس الاحتياط الأخذ بالأشد، قد يكون الأخذ بالأيسر هو الاحتياط، فالاحتياط موافقة الشرع، ونحن يلزمنا إذا علمنا من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم حكماً أن نبينه للناس {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} لاسيما في المسائل التي يحتاج الناس إليها.
والكحل يحتاج الناس إليه خصوصاً الذين اعتادوه وصارت أعينهم لا يستقيم نظرها إلا به، فما ظنك برجل يحتاج إلى الكحل أو امرأة، ولكنه نسي حتى طلع الفجر وهو صائم، إن قلنا لا تكتحل تعب في نظره، وإن قلنا: اكتحل وأفطر أفسدنا صومه، وليس هناك دليل، فما الجواب على هذه المسألة وعلى غيرها
أيضاً، كل شيء يحتاج الناس إلى بيانه يجب على العالم أن يُبين ما يتبين له الحق فيه لأنه مسؤول عن ذلك.
فمثل هذه المسائل يجب على طلبة العلم أن يبينوا للناس الحق فيها، حتى يسير الناس به على الهدى لا على الهوى، والواجب لمن كان ناصحاً لله ولأئمة المسلمين، إذا رأى من أخيه شيئاً يرى أنه خطأ فعليه أن يكلم أخاه مباشرة ويقول له: أنت قلت كذا وكذا، وأشكل علينا حتى لا تحصل البلبلة في العامة، وأيضاً إذا رجع المخطىء من نفسه أحسن مما إذا رُدّ عليه، وربما إذا رُدّ عليه يركب رأسه ويرتكب الخطأ وقد تبين له الخطأ، تأخذه العزة بالإثم. فالواجب على العلماء إذا رأوا من إخوانهم خطأ أن يكلموهم، قد يكون الخطأ في فهمهم وهو صواب، ويرجعون إليه، ولذلك أنا أود أن تقول لهذا الأخ الذي قال الاحتياط: إن الاحتياط اتباع ما جاء في الكتاب والسنة هذا هو الاحتياط.
فأين في كتاب الله تعالى، أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الكحل مفطر، فإذا كان عنده نص من القرآن، أو السنة فعلى العين والرأس، وإذا لم يكن عنده نص فالأصل أن صومه صحيح منعقد بمقتضى دليل الشرع، ولا يمكن أن نضيق على عباد الله، وأن نحرم عليهم ما أحل الله لهم إلا بدليل، لأن الله سبحانه وتعالى يسألنا: لماذا حرمتم على عبادي هذا الشيء بغير إذن مني؟ فالمسألة ليست بهينة لأنه تحريم الحلال فهي أشد من تحليل الحرام، لأن تحليل الحرام فيه تسهيل، وتحريم الحلال فيه