المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌حسن اختيار الاسم:

والنهي عن المنكر، هيئة تؤهل الناس لممارسة هذا الموضوع بفقه وبكل المجندين فيها حق ممارسة الإنكار بمراتبه المختلفة حسبما يقتضيه الحال.

فالحسبة هيئة إسلامية لا بد من وجودها في الدولة الإسلامية وزارة الحسبة أو هيئة الأمر بالمعروف إلى آخره، فجعلت من مهام المحتسب معاقبة الآباء الذين ينكرون نسبة أولادهم لهم بعد ثبوتها، ذكر الإمام الماوردي صلى الله عليه وسلم أنه من نفى ولدًا قد ثبت فراش أمه ولحوق نسبه أخذه المحتسب بأحكام الآباء جبرًا، وعزره، لو أن أبًا مارس ذلك الحق الذي كان من شأن الجاهلية إن بعد ما يثبت نسب الطفل لهذا الأب يحدث أي نوع من المشاكل أو كذا فيريد أن يعاقب الأب أو الأم أو يتنصل من التزامات التي تلزمه بها الشريعة فيقول هذا ليس ابني، وينفي نسبه، فإذا وقع أب في هذه الجريمة وهي نفي نسب الولد الذي ثبت فراش أمه وثبت لحوق نسبه به فالمحتسب من ضمن وظائفه أن له حق أن يأخذه بأحكام الآباء، جبرًا يجبره على تطبيق أحكام الآباء والحقوق التي تترتب على ثبوت هذا النسب، ليس هذا فحسب يجبر ثم إنه يعاقب بالتعذير لارتكاب هذا الجرم الجاهلي.

‌من حقوق الطفل:

‌حسن اختيار الاسم:

الدستور الحضاري الإسلامي نص على أن من حقوق الطفل على والديه أو وليه أن يختار له اسمًا مناسبًا لأن الاسم له أهمية في حياته وفي علاقاته بالآخرين الاسم، إذا كان مما تستريح له النفس، وهو مقبول اجتماعيًا، فإنه يكون عاملا ًمساعدًا لهذا الطفل على التكيف الاجتماعي، وحسن تقديره لذاته.

أما الاسم الذي يعرضه للنفور وسخرية الناس منه، هذا الشاعر للأسف الشديد في مجتمعاتنا نتيجة قيم تنافي الإسلام، بعض الناس من أجل أن الطفل لا يحسد، فيسموه اسم منفر حتى لا يحسد وتسمع أسماء غريبة جدًا يمكن بالذات في الجيل الماضي، يرجى أن يكون الأمر تحسن وبعدين هو الطفل

ص: 3

واحد، لكن بيقابل في حياته كام واحد في اليوم الواحد بيروح المدرسة بيتعامل مع أصدقائه مع أقاربه مع الناس في الشارع.

فكل الذي سيسمع اسم بيعلق عليه، هو واحد فقط لكن بيسمع النقد من كام شخص، على طول كل الذي يسمع يبدي استغراب أو يسخر منه أو يضحك عليه، فهذه أذية من الأذايا الشديدة ولذلك من حق الأولاد في الشريعة الإسلامية أن تحسن اختيار اسمه، لأن مثل ما قلنا الاسم لو ما كانش الاسم له أهمية كان ممكن الأولاد يتعرفوا بالأرقام، مثل ما ولاد الملوك يقول لك فلان الخامس، فلان السادس، ما اعرفش جايبينها منين، هذا عنده كذا واحد اسمه محمد فهو محمد الأول، ومحمد الثاني، ومحمد الثالث، دعك من هذا ليست هذه القضية، لكن الذي أقوله إن قضية الاسم لولا أهميتها.

كان من السهل إن الأولاد يتعرفوا بالأرقام، واحد اثنين ثلاثة إلى آخره، لكن اختيار اسم هو يثبت له الهوية المتميزة أنه كيان متفرد ليس من المطلوب يكون نسخة من آخرين، لكن هو بيكون اعتراف بكيانه المتميز، ولا شك أن لكل إنسان حظًا من اسمه حسب ما بتسمي الطفل هو بيتقمص ما يرمز إليه هذا، الاسم حينما لو واحد سماه ابنه اسمه كريمًا، فأكيد هذا هايحبب إليه صفة الكرم، لأن كل إنسان بقدر الله يكون له نصيبًا من اسمه ينعكس على سلوكه وعلى حياته.

فقضية الاختيار الاسم هذه من حقوق الطفل، صحيح هو لا يملك أن يعترض والاسم غالبًا بيلصق بيه وهذه المشكلة، ويكون صعب جدًا تغييره بعد ذلك، حينما يدرك خطورة هذا الاسم وآثاره السلبية عليه، يعني المختصين بالعلوم النفسية يعرفوا أهمية الاسم أكثر من غيرهم، لأن الاسم هذا مجرد ان الواحد بيدخل يقول اسمه يبقى لها دلالات كثير جدًا، يعني لو واحد دخل وقلنا له اسمك إيه قال معرفش يبقى هنا نقول هذا فاقد الذاكرة ممكن، لو دخل واحد وقال اسمين هو عنده في مناسبتين قال كل مرة اسم ممكن يكون ازدواجية الشخصية مرض آخر من أمراض الشقاقية وهكذا، اسمه هو ولد واسمه

ص: 4

اسم بنت أو اسم محايد ليس محدد للهوية بتاعته التي ينتمي إليها، طبعًا له أثر أيضًا على هذا الطفل، فاسمه لا بد أن يدل على عقيدته، هذا ساعات الاسم بيعكس البيئة الذي الواد تربى فيها.

لما يجيلك ولد واسمه معاوية مثلاً، هل ممكن يكون شيعي لا بل سني ملتزم جدًا، لأن الناس العادية لا تلتفت لمثل هذا الاسم، هذا الذي سماه قاصد إنه يسميه معاوية من أجل أن يفتخر بخال المؤمنين وكاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين وأفضل ملوك الإسلام على الإطلاق، معاوية رضي الله عنه لأنه من الصحابة وبيرد على من يطعنون في أمير المؤمنين معاوية أو يتطاولون عليه، هذا موقف يعني اسم ساعات بينبين موقف ليس مجرد اسم عادي فدا اسم يدل على موقف، وهكذا قضية الاسم الحقيقة تستحق كثيرًا من الكلام، لكن لا نريد أن نطيل فيها لكن يكفي مثل هذه الإشارة.

فكان من أولويات النبي صلى الله عليه وسلم في إعادة بناء المجتمع الإسلامي الأول، تغيير الأسماء النشاز، لأن هناك إشاعة في الجاهلية اسمها نشاز تعبر عن قسوة وغلاظة وفظاظة هذه البيئة الجاهلية، فالبيئة الصحراوية بيئة قاسية، وكادت تنعكس على أهلها، ولذلك كان العربي يتناغم وينسجم مع هذه البيئة، ويتبادل معها القسوة والجفاء، فكانت القسوة تتجلى في مظاهر شتى بتأثير هذه البيئة القاسية الصحراوية، فتجلت في وأد البنات مثلاً، تجلت في تقديم الأطفال أو فلذات كبدهم قرابين للآلهة، تارة باشتعال الحروب لأتفه الأسباب مما تجلى فيه قسوة هذه البيئة وتأثير البيئة القاسية الفظة الغليظة على أهلها أنهم كانوا يرون أن من العيب تسمية الأبناء بالأسماء الحسنة، كانوا يعتقدون الأسماء الحسنة لا تليق إلا بالخدم والعبيد أما الفرسان وأبناء البيوتات والأشراف فيجب أن يختار لهم أسماء تثير الهلع والفزع والرعب في قلب من يسمعها.

فكانوا يقولون أسماء أولادنا لأعدائنا، والأسماء اللطيفة لعبيدنا أسماء أولادنا لأعدائنا يعني يختاروا الاسم من أجل أن لما الولد يواجه عدوه اسمه يلقي الرعب (حرب)(صخر)(مرة) وهكذا

ص: 5

(حنش)(جعل)(غراب)(عاصية) ونحو ذلك من هذه الأسماء التي كانوا يختاروها من أجل أن تؤثر على العدو.

نفس الشيء كان موجودًا وسائدًا بالذات في الأرياف عملية إن تلاقي أسماء غريبة جدًا ليه بيكونوا سموه من أجل أن الأم جابت قبل هكذا كام ولد وكانوا بيموتوا وتقول دول بيتحسدوا فينبغي تسمي اسم يؤثر في من يراه بحيث لا يقع في الحسد أو تهمل الطفل وتخليه قذر ومشوش إلى آخره من أجل أن لا يحسد إلى آخره، فكان من اللمسات الحضارية الإسلامية هدم هذه الأعراف، وهذه القيم وتصدى لذلك النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، فصار التقيد باختيار اسم حسن شكلاً من أشكال العبادات والطاعات التي يتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى.

روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ» (1) لم يكتف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسنة القولية في هذا الأمر، لكنه أتبعها بالسنة الفعلية من خلال تغييره لعشرات الأسماء القبيحة إلى أسماء جميلة، حتى إن الإمام البخاري صلى الله عليه وسلم في جامعه الصحيح عنون بأحد الأبواب بباب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه غير النبي صلى الله عليه وسلم اسم العاص ابن عمر بن الخطاب إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب، فيه فرق بين العاص وبين عبد الله اسم أجمل بكثير.

ومن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن فغير اسم العاص ابن عمر بن الخطاب إلى عبد الله العجيب سمعت من أيام قليلة فقط من شخص يقول إن فيه واحد كان اسمه محمد وسمى نفسه عاصي، يظهر أن هو مغني أو حاجة مثل هكذا إنما اسمه الأصلي محمد فراح مغير اسمه لعاصي .. الله المستعان، فمثلاً زحم سماه (بشيرًا) شخص اسمه حرب سماه (سلمًا) المضجع سماه (المنبعث) شيطان بن قرض سماه (عبد الله بن قرض) شخص اسمه غراب فسماه النبي صلى الله عليه وسلم (مسلمًا) طبعًا تعرفون من ضمن

(1) سنن أبي داود من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، (ضعفه الألباني).

ص: 6

أحكام الأسماء يكره اختيار اسم يوهم نفيه نقصًا يعني مينفعش مثلاً تسمي ابنك إسلام أو إيمان لأن لما يجي واحد يقول عندكم إيمان يقول له لأ عندكم إسلام لأ.

فالنفي يوحي بإن ما عندناش إسلام صحيح الأعمال بالنيات، لكن يوهم نقصًا مثل ما تقول مثلاً واحد سمى المولود أو الطفل حياء، فتقول عندكم حياء لأ ما تلاقيش، مثلاً فنفس الشيء فالمفروض إن اختيار الاسم ينتقى بحيث لا يوهم نفيه نقصًا، فالمسلمون ما سموا لو تلاحظ بأسامي الأجيال الماضية، واللي كان فيها العلم والفهم وكذا لا أحد يسمي إسلام، ما تلاقيش إسلام أبدًا في كتب الرجال لكن مسلم من أجل أن إذا وقع ذم يقع الذم على الشخص ليس على دين الإسلام، فينبغي الالتفات لهذا، بعض الناس بحسن نية بيسموا إسلام كنوع من الفخر، لكن قول مسلم كذلك غير عاصية ابنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسماها (جميلة)(برة) لأن فيها تزكية من البر سماها (جويرية) حرب ابن علي بن أبي طالب غير اسمه إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

طبعًا ما يسمى بهيئة الأمم المتحدة خيال المآتة، لم تستيقظ ولم يستيقظ كل البشر لأهمية أو الاعتراف بحق النسب، وحق الاسم، إلا بعد مضي أكثر من أربعة عشر قرنًا حيث قرر هذا الحق في الشريعة الإسلامية فمؤخرًا ضمنوا حق ميثاق أو ميثاق حقوق الطفل إنه من حقوق ضمان هذا الحق الذي هو حق النسب، والاسم يقول الإمام ابن القيم صلى الله عليه وسلم إن الأسماء قوالب المعاني ودالة عليها ولها تأثير في المسميات وللمسميات تأثير على أسمائهن في الحسن والقبح والخفة والثقل واللطافة والكثافة ولهذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء فقال:«حَسِّنُوْا أَسْمَائَكُمْ فَإِنَّ صَاحِبَ الاِسْمَ الْحَسَنِ قَدْ يُسْتَحْيَى مِنْ اسْمِهِ وَقَدْ يَحْمِلُهُ اسْمُهُ عَلَى فِعْلِ مَا يُنَاسِبَهُ وَعَلَى تَرْكِ مَا يُضَادَّهُ» مثلاً سمي شجاعًا مثلاً فيستحي أن يكون جبانًا كيف هو اسمه شجاع أو كريم كيف يكون بخيل وهكذا.

ص: 7