الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذرياته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد،،
أما بعد
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد،،
نعود لمدارسة مفصلة إن شاء الله وتكون هذه المرة مستوعبة كل جوانبها يمكن كانت أول محاضرة من حوالي اثنتي عشرة سنة؛ فللأسف الشديد ما أخذت حقها، وإن كان أحد الإخوة أرسل لي سؤالاً مرعبًا يقول لي فيه إيه موضوع ضرب الأطفال هذا الذي تريد أن تتكلم فيه؟ هناك حاجات أهم بكثير.
موضوع ضرب الأطفال ليس القضية الأساسية بل هو موضوع من ضمن قضايا كثيرة في التربية لكن كان هذا الكلام يشير بفظاعة وهول ما نحن فيه من عدم إدراك خطورة قضية التربية.
حينما عثرت تلك المرأة الأسيرة على ولدها الذي كان قد ضل عنها فلما وجدته ألصقته بها وأخذت تحتضنه وتقبله فقال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف بالذات وفي تلك اللحظة قال صلى الله عليه وسلم: «أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ قُلْنَا لَا وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ فَقَالَ للهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» (1) فبين لهم أن الله سبحانه وتعالى أرحم بعباده من هذه الأم بولدها.
(1) متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
الشاهد هنا في قوله: «أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ» ؛ لا يوجد أب يريد أن يطرح أبناءه في النار لكن في الواقع هناك من يلقي أولاده ليس في نار الدنيا، وإنما في نار جهنم بأن يفرط في تربيتهم لإنقاذهم من النار وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (1).
فهدف التربية الإسلامية يختلف تمامًا عن جميع أنواع التربية الأخرى؛ فجميع تعريفات التربية في المفهوم الغربي تلتقي حول إعداد الطفل ليكون قادرًا على تحقيق رغباته الدنيوية أن يعيش متكيفًا مع المجتمع من حوله وأن يحقق ما يصبوا إليه لا تُذكر فيها الآخرة على الإطلاق السلام النفسي الاستقرار التكيف إلى آخره لكن في دائرة الحياة الدنيا، الأمر الذي يختلف تمامًا مع الهدف الإسلامي من التربية؛ فالهدف الإسلامي من التربية أن يكون الأبناء عبيدًا لله سبحانه وتعالى متحررين من عبودية غيره لأن هذا هو الغاية من الخلق {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)} (2).
وأول أمر في القرآن الكريم {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)} (3) ويقول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} (4).
(1) التحريم: 6.
(2)
الذاريات: 56 - 57.
(3)
البقرة: 21.
(4)
الأنعام: 162 - 163.
قضية التربية قضية هي أخطر القضايا على الإطلاق في المنظور الإسلامي هي قضية القضايا إن جاز لنا التعبير. جاء في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم «أَلَا لَا يَجْنِى وَالِدٌ عَلَى وَلَدٍ» (1) كما رواه الدارقطني؛ فالإرشاد إن الأب لا يجني على ولده قوله مثلاً صلى الله عليه وسلم «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُوْلُ» (2) التضييع ليس فقط بالقوت والأموال والتقصير في هذه الناحية لكن أيضًا التضييع أعم و «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُوْلُ» كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
صورت آيات كثيرة من القرآن الكريم خطورة موضوع التربية وإن الأطفال هم في الحقيقة هم مستقبل الأمة حينما يقول عباد الرحمن في دعائهم {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)} (3).
المسلمون اهتموا بذلك، فالتراث الإسلامي حافل بقضايا تربوية في غاية الأهمية يكفي أنك حينما تَدْرُس أي قضية من القضايا التربوية ثم تقف على آثار علمائنا من السلف والخلف ونصوصهم فيها تجدها أروع بكثير جدًا مما يدندن حوله الباحثون العصريون سواء من الغربيين أو غيرهم ليصلوا في النهاية إلى ما لخصه العالم المسلم في جمل يسيرة جدًا، لكنها في غاية القوة؛ لأن التربية كانت شيء ممارس بطريقة عملية بعد ما رباهم الكتاب والسنة والصحابة رضي الله عنهم.
وصل الأمر إلى أن بعض من المحسنين المسلمين كان يبذل أموالاً وقفًا على الأطفال الذين تضيع نقودهم مثلاً الأطفال الذين راحوا يشتروا حاجة أو العبيد أو الخدم راح يشتري حاجة ووقعت منه
(1) رواه الدارقطني من حديث طارق بن عبد الله المحاربي رضي الله عنه (صححه الألباني).
(2)
السنن الكبرى للنسائي، المستدرك على الصحيحين للحاكم وصححه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقال الألباني (حسن لغيره).
(3)
الفرقان: 74.
الفلوس أو ضاعت أو سرقت حتى يجبروا كسره ومصيبته ويؤمنه من العقوبة الشديدة في مثل هذا فأوقفوا الأموال إن الأطفال الذين يضيع منهم شيء فهذه الأموال وقف على هؤلاء الأطفال.
الاهتمام بالتربية اهتمام للجيل القادم وبالأطفال في الإسلام لا نظير له على الإطلاق يبدأ مبكرًا جدًا يبدأ أساسًا من اختيار الزوجة التي ستكون أمًا لهؤلاء الأولاد هذه الدلالة الحقيقية، يبدأ حتى عند التقاء الزوجين باحتياط حتى لا يضر الشيطان هذا المولود أو هذا الجنين إذا خُلِّقَ.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم «مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ أَنْ يَقُولَ حِينَ يُجَامِعُ أَهْلَهُ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا» (1).
فهذا إجراء تربوي، إجراء وقائي يبدأ مبكرًا جدًا «اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا» .
ولقد تكلمنا من قبل ومنذ زمن على خريطة الأمية التربوية وذكرنا أن الناس يتداعون وكل مكان لمحو الأمية أمية القراءة والكتابة، لكن أقل الناس هم الذين يعترفون بوجود أمية تربوية فضلاً عن أن يفكروا في محو هذه الأمية التربوية، مع أن الفارق خطير جدًا بين أمية القراءة والكتابة وبين الأمية التربوية؛ فأمية القراءة والكتابة تتفشى في طبقات خاصة من الناس -طبقات معينة من الناس أو أنواع معينة من الناس-، أما الأمية التربوية فلا يسلم منها تقريبًا كل فئات المجتمع؛ فتجد الأمية التربوية في ساسة وأساتذة جامعة ومعلمين وآباء وأمهات فيه أشياء كثيرة جدًا تجد تَفَشِّي ظاهرة الأمية التربوية.
ولو ذهبنا نعدد أخطاء المعلمين مثلاً أو غيرهم في هذه الناحية وما يترتب عليه من مشاكل نفسية في غاية الخطورة؛ فإننا عندنا رصيد كبير في مثل هذا الأمر.
(1) رواه الدارمي بهذا اللفظ. ورواه البخاري ومسلم بلفظ «مَا مِنْ أَحَدٍ لَوْ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَه قَالَ ...... » كلهم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
أمية القراءة والكتابة شيء ظاهر يسهل التعامل معه ولكن الأمية التربوية مختفية؛ لأن المحضن الأساسي للتربية هو البيت وما أحد يتدخل في البيت ممكن يكون رجلاً فقيرًا بسيطًا تربويًا، وممكن يكون لا يقرأ ولا يكتب لكنه يتعامل مع أولاده بطريقة سوية تخرجهم أصحاء نفسيين، لكن واحد ممكن يكون في أعلى درجات التعليم ويكون أيضًا أميًا في التربية فأيضًا يحصل الخلل في حياة أولاده.
أنا لست أدعي أننا نمحو الأمية التربوية لكن الهدف من العنوان «محو الأمية التربوية» هو تسليط الضوء على هذه القضية والتداعي من أجل محاربتها ومحوها ومثل هذه القضية قضية «محو الأمية التربوية» قضية ليست محاضرة ولا اثنين ولا مائة حتى تعالجها لكنها تحتاج زمنًا طويلاً وجهودًا مكثفة.
المقصود بمحو الأمية التربوية بيان أهمية وضرورة محو الأمية التربوية حتى تنتقل القضية إلى دائرة الاهتمام فيسلط الضوء عليها وتُعطى القدر الذي تستحقه.
توجد عقبات في تناول هذه القضية في الحقيقة بالذات في المساجد لأن المساجد تتواجد فيها جميع المراحل العمرية من الرجال والنساء فطبعًا هذا يؤدي إلى أنه لا يتناسب مع تنوع مستويات الحديث وتعدد الآراء إن فيه كلام يقال مثلاً للمراهقين فقط وفيه كلام يقال للآباء وفيه كلام يقال للأطفال وهكذا كل فئة لها ما يناسبها لكن هذه أحد العوائق نجتهد في محاولة التغلب عليها وإن كان العالم الآن أصبح مفتوحًا وكل أحد يطّلع على كل شيء كما تعلمون.
والمحور الأساسي المطلوب هنا في هذه القضية هو أهم شريحتين في الأمة الأطفال والشباب لماذا؟
لأن الأطفال بصفة أساسية ثم يليهم الشباب هم الطائفتان القابلان للتوجيه؛ لأن الأطفال عجينة فيمكن تشكيلها، ممكن مبكرًا جدًا أن نقيهما الكثير من الأخطار والأمراض والاضطرابات وهذه الأشياء؛ فلأنه عجينه كل ما يكون الإنسان ينتبه إليهم مبكرًا كلما يوفر المشاكل فيما بعد لكن الشباب بعد 18 سنة لا نسميها تربية لكن نسميها علاج أو تكوين، لكن التربية تكون في الفترة أساسًا الست سنوات
الأولى على إحدى نظريات التربية ويتم فيها حوالي 95% من العملية التربوية من صناعة هذه العجينة وتشكيلها ست سنوات الأولى التي تحظى لدينا بأكبر قدر من الإهمال؛ حيث ننظر للطفل بأنه لعبة نلهو بها نتسلى بها ونغفل القضايا التربوية في أخطر المراحل التي يتشكل فيها شخصيته في المستقبل، وحينما نتكلم عن مظاهر الخلل في قضية التربية إساءة للأطفال أو إيذاؤهم فالثقافة الغربية الحديثة أو الدراسات النفسية الحديثة أوجدت مصطلحًا أحيانًا سنضطر نستعمل بعض المصطلحات باللغة الانجليزية في مجال استعمال مصطلح هذا ما في حرج فيه كاصطلاح بجانب إن بعض الناس ممكن يكون عنده همه فيبحث مثلاً في النت أو غيره عن مزيد من الاطلاع مصطلح نستعمله يقوله child abuse and neglect في قضية الإساءة للأطفال فيستعملوها بوجهين:
وجه إيجابي ووجه سلبي يعتبروا الإساءة للأطفال أو الاعتداء عليهم يسموه تحت كلمة الإساءة أو الانتهاك.
الوجه الآخر من هذه الإساءة هذا الوجه الإيجابي سواء إيذاء بالضرب بالعدوان بالتحرش إلى آخر هذه الأشياء.
وهناك إساءة بالوجه الثاني والمفاهيم هذه تلتقي طبعًا مع الإسلام بل هي أوضح في الإسلام.
الإهمال: هذا نوع من الإساءة بعدم أداء بما يجب عليك أن تؤديه؛ سواء الإهمال العاطفي الحرمان العاطفي للأطفال من العواطف التي يحتاجونها الإهمال في التغذية الإهمال في الترفيه، الإهمال في النفقة أي شيء، الإهمال الصحي، عدم تعليمهم، عدم إعطاؤه التطعيمات
…
الخ، كل هذه مظاهر الإساءة للطفل ليس بطريقة فعلية لكن بطريقة سلبية لا يفعل ما يجب أن يؤديه فطبعًا هذا مفهوم جيد جدًا وشامل ويوضح القضية.
كما نقول دائمًا إن عدم العلم جهل، والخطأ في العلم جهل؛ إذا قلت مثلاً ما هذه (واحد قال لي هذه دبابة مثلاً أو هذه طائرة فمعناها لا أنه فاهم الساعة ولا فاهم الطائرة) فإذن عدم العلم جهل لما
يقول لا أدري هذا جهل لكن لما يسميها باسم آخر فلا هو عارف هذه ولا عارف هذه فأيضًا الخطأ في العلم جهل.
تقول الدكتورة/ عزيزة المانع في قضية الوعي التربوي تقول: الوعي التربوي لدى أغلبنا منخفض جدًا، حتى عند المثقفين التربية لا تؤخذ مأخذًا جادًا كعلم يكتسب ومهارة تحتاج إلى تدريب.
التربية العملية ليست سهلة نريد في البداية نعترف أنها علم وفن؛ الفطرة وحدها لا تكفي. الفطرة تقوم بدور مهم جدًا لكن لا تكفي كل شيء الآن في هذا العالم أصبح علمًا وفنًا في نفس الوقت يحتاج مهارة وتدريب واكتساب خبرات التربية لسنا نحن فقط الذين نربي أولادنا، سنكتشف من الدراسات إن الأولاد يربونا لأننا نستفيد منهم وهناك خبرات لا تستطيع أن تحصل عليها إلا من خلال أن يكون عندك أولاد وتقوم بتربيتهم ومعايشتهم.
لو أردنا أن نرصد الخلل الذي ينشأ نتيجة إهمال قضية التربية نجد أنواعًا كثيرًا جدًا من الناس عند تناول هذه القضية ففيه ناس لا مبالاة مطلقًا بأي نوع من الواجبات تجاه أولادهم، من الناس من يهتموا جدًا بالدراسات التربوية لكن دراساتهم كلها دراسات أكاديمية تستغلق على فهم الشخص العادي -الناس المستهدفة أساسًا بالتربية الجماهير العادية- فتجد كتب كثيرة في التربية تخاطب فقط
المختصين؛ لأنهم جالسون في برج عالي ولهذا يوجد في قضية تناول هذه القضايا على مستوى المجتمع فئة مهم جدًا أن نحاول تسليط الضوء عليها المهمشون «التهميش» وهذه قضية وحدها ممكن بعد ذلك نتناولها وحدها.
مثلاً: كبار السن مهمشون، أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة إلى حد ما وإن كان الآن يحصل فيه اهتمام كبير جدًا بهم، لكن أيضًا اعتبروه من الطوائف المهمشة، بعض الأزواج ممكن يكونوا مهمشين في بيوتهم، وكذلك بعض الزوجات قد تكون مهمشة وهكذا فالناس المركونة على الهامش بعيدًا عن صلب الحياة مع أن لهم حقوقًا كما ذكرنا من قبل يعني لا يوجد واحد عديم التربية ممكن نقول «عديم التربية الحسنة» لكن كل واحد يُربى لكن إما أن يربى بطريقة صحيحة وإما أن يربى بطريقة ضارة تسيء إليه.
كذلك من الناس من يحصل عنده افتتان نتيجة إنه أصلاً ليس عنده حصانة إسلامية ولا خبرة ثقافة إسلامية؛ فبالتالي ينبهر بالمعطيات الغربية أو المنهج التربوي الغربي ويطبقونه بطريقة عشوائية في بيئتنا وهذا بالضبط مثل المثل الذي ضربوه بتاع القرد حينما حصل سيل فالمياه فاضت وسمكة بدأت الأمواج تتقاذفها بعيدًا عن مجرى النهر أو المياه فالقرد رآها وهي تحركها الأمواج فأخرجها من أجل أن يحسن إليها وينقذها وفصلها عن بيئتها المائية فماتت.
فنفس الشيء؛ الجماعة القردة الذين يقلدون ما عند الغرب ويظنون أن ما يصلح الغربيين يصلحنا، مع أن الهدف الأساسي في التربية به اختلاف بيننا وبينهم تمامًا؛ فأكيد الأساليب أيضًا ستختلف لأننا مختلفون. هم هدفهم كله مثل ما تكلمه عن موضوع الحضارة، ما هي الحضارة عندهم، كل حاجة عندهم الدنيا، كل الكلام يتركز على المباني والأجهزة وعلى الدنيا، ويهمل تمامًا الكلام على الآخرة وهذا يتفق مع المنحى العالماني الذي لا يتصرف على أساس وجود دار آخرة، المسألة كلها أنه لا يوجد غير هذه الفرصة الوحيدة للحياة لا جنة ولا نار ولا بعث ولا نشور ولا إله ولا شيء من هذا؛ فهذه نظرة العالمانية