الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علي رضي الله عنه
- (1)
531 -
حديث عامر بن سعد:
قال معاوية لأبي: ما منعك أن تَسُبَّ ابن أبي طالب؟
فقال: لا أَسُبُّه
…
الخ.
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: (مسلم فقط)(2).
(1) العنوان (أ) و (ب) قبل الحديث السابق، وهذا موضعه في المستدرك وتلخيصه.
(2)
في (أ): (فيه محمد بن سلمة بن كهيل، ولم يخرجا له، وقد وهاه السعدي)، وما أثبته من (ب)، والتلخيص، وهو الصواب، لأن ما في (أ) هو التعقب على الحديث الآتي، وإنما هو تصحيف من الناسخ، حيث أسقط الحديث الآتي، وجعل التعقب عليه على هذا الحديث.
531 -
المستدرك (3/ 108 - 109): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن سنان القزاز، ثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي. وأخبرني أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا أبو بكر الخنفي، ثنا بكير بن مسمار، قال: سمعت عامر بن سعد يقول: قال معاوية لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما: ما يمنعك أن تسب ابن أبي طالب؟ قال: فقال: لا أسبه ما ذكرت ثلاثاً قالهن له =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم. قال له معاوية: ما هن يا أبا إسحاق؟ قال: لا أسبه ما ذكرت حين نزل عليه الوحي فأخذ علياً وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: "رب إن هؤلاء أهل بيتي"، ولا أسبه ما ذكرت حين خلفه في غزوة تبوك غزاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له علي: خلفتني مع الصبيان والنساء؟ قال: "ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، ألا إنه لا نبوة بعدي؟ "، ولا أسبه ما ذكرت يوم خيبر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"لأعطين هذه الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويفتح الله على يديه"، فتطاولنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال:"أين علي؟ " قالوا: هو أرمد فقال: "ادعوه"، فبصق في وجهه، ثم أعطاه الراية، ففتح الله عليه. قال: فلا والله، ما ذكره معاوية بحرف حتى خرج من المدينة.
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، به، ثم قال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة، وقد اتفقا جميعاً على إخراج حديث المؤاخاة، وحديث الراية"، وتعقبه الذهبي بأنه على شرط مسلم فقط، وفاتهما أن الحديث أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 1871رقم 32) في فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو عنده من طريق بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً، فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له، خلفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول الله، خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هارون من موسى، إلا أنه لا نبوة بعدي؟ ". وسمعته يقول يوم خيبر:"لأعطين الراية رجلًا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله"، قال: فتطاولنا لها، فقال:"ادعوا لي علياً"، فأتي به أرمد، فبصق في عينه، ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه. ولما نزلت هذه الآية:
{فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ (61)} [آل عمران: 61].
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً، وفاطمة، وحسناً، وحسيناً، فقال:"اللهم هؤلاء أهلي".
وأخرجه النسائي في الخصائص (ص 73 - 74 رقم 54) من طريق أبي بكر الحنفي، به نحو سياق الحاكم.
وأخرجه أحمد في المسند (1/ 185).
والترمذي في سننه (10/ 228 - 229 رقم 3808) في مناقب علي من كتاب المناقب.
والنسائي في الخصائص (ص 30 - 37 رقم 11).
والحسن بن عرفة في جزئه (ص 69 - 70 رقم 49).
جميعهم من طريق بكير بن مسمار، به نحوه، إلا أن أحمد، والحسن بن عرفة لم يذكرا محاورة معاوية لسعد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (2/ 601رقم 1336 و1338) من طريق أبي بكر الحنفي، وحاتم بن إسماعيل، كلاهما عن بكير، به مختصراً بلفظ:"أنت مني بمنزلة هارون من موسى".
وأخرجه البخاري في صحيحه (7/ 71رقم 3706) في فضائل الصحابة، باب مناقب علي بن أبي طالب، و (8/ 112رقم 4416) في المغازي، باب غزوة تبوك، من طريق إبراهيم، ومصعب ابني سعد، عن أبيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك، واستخلف علياً، فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال: "ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هارون من موسى، إلا أنه ليس نبي بعدي"، وهذا لفظ مصعب، وهو أتم.
وأخرجه مسلم في الموضع السابق برقم (30 و 31) من طريق مصعب، وعامر ابني سعد، كلاهما عن أبيهما نحو رواية البخاري السابقة.
دراسه الإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم ومسلم كلاهما من طريق بكير بن مسمار، وقال الحاكم:"على شرط الشيخين"، وتعقبه الذهبي بأنه على شرط مسلم فقط، ورجال إسناد الحاكم إلى بكير بن مسمار هم كالتالي:
أبو بكر الحنفي اسمه عبد الكبير بن عبد المجيد بن عبيد الله البصري، وهو ثقة من رجال الجماعة -كما في التقريب (1/ 515رقم 1276) -، وانظر الجرح والتعديل (6/ 62 - 63 رقم331)، والتهذيب (6/ 370 - 371 رقم 707).
وأخوه عبيد الله صدوق، من رجال الجماعة أيضاً، ولم يثبت أن ابن معين ضعفه -كما في التقريب (1/ 536رقم 1480) -، وانظر الجرح والتعديل (5/ 324 رقم 1541)، والتهذيب (7/ 34 رقم 63).
والراوي عن أبي بكر الحنفي هو الإمام أحمد بن حنبل، أحد الأئمة، ثقة حافظ، فقيه حجة، من رجال الجماعة -كما في التقريب (1/ 24 رقم 110) -، وانظر الجرح والتعديل (2/ 68 - 70رقم 126)، والتهذيب (1/ 72 - 76 رقم126).
والراوي عن عبيد الله الحنفي هو محمد بن سنان بن يزيد بن الذيّال القزاز، أبو بكر البصري، نزيل بغداد، وهو ضعيف -كما في التقريب (2/ 167 رقم 283) -، فقد وثقه مسلمة في الصلة، وقال الدارقطني: لا بأس به، ورماه أبو داود، وابن خراش بالكذب، وأوضح السبب ابن خراش، فقال:"روى حديث والان، عن روح، فذهب حديثه"، وقال ابن عقدة: في أثره =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= نظر، وقال عبد الرحمن بن يوسف: ليس عندي بثقة./ انظر تاريخ بغداد (5/ 343 - 346 رقم2860)، والتهذيب (9/ 206 - 207رقم 323).
أقول: هذا الراوي اختلف فيه، فمنهم من وثقه، ومنهم من رماه بالكذب، ومنهم من ضعفه، والذي يترجح لي من حاله أنه ضعيف كما قال الحافظ في التقريب، لأن الجرح مقدم على التعديل، إذا كان الجرح مفسراً، وهو كذلك هنا، لكنه لا يصل بهذا الراوي إلى درجة التهمة بالكذب، فقد اعتذر الحافظ ابن حجر عن هذا الراوي في التهذيب، فقال عن اتهام ابن خراش له:"إن كان عمده (قصده) من كذبه: كونه ادعى سماع هذا الحديث من ابن عبادة، فهو جرح ليّن، لعله استجاز روايته عنه بالوجادة". اهـ.
وأما الراوي عن الِإمام أحمد، فهو ابنه عبد الله، وهو ثقة -كما في التقريب (1/ 401رقم179) -، وانظر تاريخ بغداد (9/ 375 - 376 رقم 4951)، والتهذيب (5/ 141 - 143 رقم 246).
وعنه شيخ الحاكم، وراوي المسند، والزهد، والفضائل للِإمام أحمد: الشيخ العالم المحدث، مسند الوقت، أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي./ تاريخ بغداد (4/ 73 - 74 رقم 1697)، والسير (16/ 210 - 213 رقم143).
وأما الراوي عن محمد بن سنان فهو شيخ الحاكم أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، وهو ثقة، ووصفه الذهبي بقوله: الِإمام المحدث، مسند العصر، رحلة الوقت./ المنتظم لابن الجوزي (6/ 386 - 387)، وسير أعلام النبلاء (15/ 452 - 460).
الحكم على الحديث:
الحديث أخرجه الحاكم من طريقين، أحدهما صحيح على شرط مسلم إلى طبقة شيوخ مسلم -كما تقدم-، والطريق الأخرى في سندها محمد بن سنان، وتقدم أنه ضعيف، والحديث أخرجه مسلم من نفس الطريق كما سبق، وبنحو سياق الحاكم، وأخرج البخاري جزءاً منه، والله أعلم.
532 -
حديث زيد بن أرقم مرفوعاً:
"من كنت مولاه، فعلي مولاه".
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: فيه محمد بن سلمة بن كُهَيْل، ولم يخرجا له، ووهّاه، السعدي (1).
(1) هذا الحديث بكامله ليس في (أ)، وانظر التعليق رقم (2) على الحديث السابق.
وأما عبارة السعدي فهي: "محمد، ويحيى ابنا مسلمة بن كهيل واهيا الحديث"./ الكامل لابن عدي (6/ 2221).
532 -
المستدرك (3/ 109 - 110)، أخرج الحاكم الحديث من طريق الإمام أحمد، وخلف بن سالم المخرمي، كلاهما قالا: ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، عن سليمان الأعمش، قال: ثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم، فذكره، ثم قال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بطوله"، ثم قال:"شاهده حديث سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل أيضاً صحيح على شرطهما"، ثم قال:
حدثناه أبو بكر بن إسحاق، ودعلج بن أحمد السجزي، قالا: أنبأ محمد بن أيوب، ثنا الأزرق بن علي، ثنا حسان بن إبراهيم الكرماني، ثنا محمد بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الطفيل (بن واثلة)، أنه سمع زيد بن أرقم رضي الله عنه يقول: نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين مكة والمدينة، عند شجرات خمس، دوحات عظام، فكنس الناس ما تحت الشجرات، ثم راح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشيّة، فصلى، ثم قام خطيباً، فحمد الله، وأثنى عليه، وذكر، ووعظ، فقال ما شاء الله أن يقول، ثم قال:"يا أيها الناس، إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن اتبعتموهما: كتاب الله، وأهل بيتي، عترتي"، ثم قال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " -ثلاث مرات-، قالوا: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"من كنت مولاه، فعلي مولاه".
تخريجه:
الحديث له عن زيد رضي الله عنه اثنا عشر طريقاً:
* الطريق الأولى: يرويها أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي، عنه رضي الله عنهما وله عن أبي الطفيل رضي الله عنه أربع طرق:
1 -
يرويها سلمة بن كهيل، عنه، عن زيد.
وله عن سلمة رحمه الله طريقان:
(أ) يرويها محمد بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الطفيل، عن زيد، به، وهي طريق الحاكم هذه، لكن في سند المستدرك المخطوط، والمطبوع، والتلخيص المطبوع خطأ في الِإسناد هكذا: (
…
محمد بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الطفيل، عن ابن واثلة، أنه سمع زيد بن أرقم
…
) الحديث.
والصواب ما أثبته هكذا: (
…
محمد بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الطفيل بن واثلة، أنه سمع زيد بن أرقم
…
) الحديث، لأن أبا الطفيل هو ابن واثلة -كما في التقريب (1/ 389رقم 69)، وغيره، وأيضاً جاء على الصواب في التلخيص المخطوط، وأظن ابن عساكر أخرجه في تاريخه على الصواب أيضاً -كما يظهر من تصرف محقق الخصائص للنسائي (ص97)، وقد ألقى اللوم في هذا التصحيف الشيخ الألباني على محمد بن سلمة بن كهيل، فقال عنه في سلسلته الصحيحة (4/ 332):"وقد خالف الثقتين السابقين (يعني حبيب بن أبي ثابت، وفطر بن خليفة)، فزاد في المسند ابن واثلة، وهو من أوهامه".
(ب) يرويها شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل، عن زيد بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أرقم، أو حذيفة بن أسيد -شكّ شعبة-، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من كنت مولاه، فعلي مولاه"، هكذا دون ذكر القصة.
أخرجه الترمذي في سننه (10/ 214 - 215رقم 3797) في مناقب علي رضي الله عنه من كتاب المناقب، ثم قال:"هذا حديث حسن غريب".
وأخرجه الِإمام أحمد في الفضائل (2/ 569رقم 959).
والطبراني في الكبير (3/ 199رقم3049).
2 -
يرويها حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد، به نحوه، وذكر القصة.
أخرجه الحاكم نفسه قبل هذا الحديث، من طريق الإمام أحمد، وطريق أخرى، وتقدمت الِإشارة إليهما، وصححه على شرط الشيخين، وسكت عنه الذهبي.
وأخرجه النسائي في الخصائص (ص 96 رقم 79).
والبزار في مسنده (3/ 189 - 190رقم2538و2539).
وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1/ 118).
وابن أبي عاصم في السنة (2/ 606رقم 1365).
والطبراني في الكبير (5/ 185 - 186 رقم 4969 و 4970).
جميعهم من طريق حبيب، به، نحوه، إلا أن عبد الله بن أحمد، وابن أبي عاصم اقتصرا على المرفوع، ولم يذكرا القصة.
3 -
يرويها فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل، قال: جمع علي -رضي الله تعالى عنه- الناس في الرحبة، ثم قال لهم: أنشد الله كل امريء مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما سمع، لما قام، فقام ثلاثون من الناس، وقال أبو نعيم: فقام ناس كثير، فشهدوا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= حين أخذ بيده، فقال للناس:"أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " قالوا: نعم يا رسول الله، قال:"من كنت مولاه، فهذا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه"، قال: فخرجت، وكان في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم، فقلت له: إني سمعت علياً -رضي الله تعالى عنه- يقول: كذا، وكذا! قال: فما تنكر؟ قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له.
أخرجه أحمد في المسند (4/ 370)، واللفظ له.
والنسائي في الخصائص (ص 113 رقم 93).
والبزار في مسنده (3/ 191 - 192 رقم 2544).
وابن حبان في صحيحه (ص 544 رقم 2205).
جميعهم من طريق فطر، به نحوه، إلا أن البزار لم يذكر بقية الحديث: "فلقيت زيد بن أرقم
…
" الحديث.
وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (2/ 606رقم 1368).
والطبراني في الكبير (5/ 185رقم 4968).
كلاهما من طريق فطر أيضاً، لكن لم يذكرا القصة، وإنما ذكرا المرفوع عن زيد بلفظ:"من كنت مولاه، فعلي مولاه"، هذا لفظ ابن أبي عاصم، ولفظ الطبراني نحوه.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 104): "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير فطر بن خليفة، وهو ثقة".
وقال الألباني في سلسلته الصحيحة (4/ 331): "إسناده صحيح على شرط البخاري".
4 -
يرويها حكيم بن جبير، عن أبي الطفيل، عن زيد، به نحو لفظ الحاكم، وفيه زيادة عليه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه الطبراني في الكبير (5/ 186 - 187رقم4971).
قال الهيثمي في الموضع السابق من المجمع: "فيه حكيم بن جبير، وهو ضعيف".
* الطريق الثانية: يرويها ميمون أبو عبد الله، عن زيد، به نحوه.
أخرجه الِإمام أحمد في المسند (4/ 372)، وفي الفضائل (2/ 597رقم 1017).
والبزار في مسنده (3/ 189رقم 2537).
والطبراني في الكبير (5/ 229 - 230 رقم 5092).
ثلاثتهم من طريق أبي عبيدة، عن ميمون، به.
وأخرجه أحمد أيضاً (4/ 372 - 373).
وابن عدي في الكامل (6/ 2408).
كلاهما من طريق شعبة، عن ميمون، به مختصراً، ولفظ ابن عدي أكثر اختصاراً.
وأخرجه النسائي في الخصائص (ص 100 رقم 84).
وابن أبي عاصم في السنة (2/ 605رقم 1362).
كلاهما من طريق عوف، عن ميمون، به مختصراً، ولفظ ابن أبي عاصم أكثر اختصاراً.
قال الهيثمي في الموضع السابق من المجمع: "رواه أحمد، والبزار، وفيه ميمون أبو عبد الله البصري، وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة".
* الطريق الثالثة: يرويها يحيى بن جعدة، عن زيد، به نحوه.
أخرجه الطبراني في الكبير (5/ 192رقم 4986)، من طريق حبيب بن أبي ثابت، عنه، به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * الطريق الرابعة: يرويها عطية العوفي، عن زيد، به نحوه.
أخرجه أحمد في المسند (4/ 368).
وفي الفضائل (2/ 586رقم 992).
والطبراني في الكبير (5/ 221 رقم 5069 و 5070).
كلاهما من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطية، به.
وأخرجه الطبراني في الموضع نفسه (برقم 5071)، من طريق فضيل بن مرزوق، عن عطية، به مختصراً.
* الطريق الخامسة: يرويها أبو الضحى، عن زيد، به مختصراً.
أخرجه الطبراني في الكبير (5/ 191رقم 4983).
وابن أبي عاصم في السنة (2/ 606 - 607رقم1371).
* الطريق السادسة: يرويها أبو إسحاق السبيعي، عن زيد، به مختصراً.
أخرجه الطبراني في الكبير (5/ 217رقم 5059).
* الطريق السابعة: يرويها أبو عبد الله الشيباني، قال: كنت جالساً في مجلس بني الأرقم، فأقبل رجل من مراد، يسير على دابته، حتى وقف على المجلس، فسلم، فقال: أفي القوم زيد؟ قالوا: نعم، هذا زيد، فقال: أنشدك بالله الذي لا اله إلا هو يا زيد، أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي:"من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه" قال: نعم، فانصرف عنه الرجل.
أخرجه الطبراني في الكبير (5/ 219 - 220 رقم 5065) من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي عبد الله هذا.
* الطريق الثامنة: يرويها ثوير بن أبي فاختة، عن زيد، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الغدير، فقال: (ألست أولى
…
" الحديث بنحوه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه الطبراني أيضاً (5/ 220 رقم 5066).
* الطريق التاسعة، والعاشرة، والحادية عشر: يرويها حبيب بن زيد، وأبو ليلى الحضرمي مولى بني فلان بن سعيد، وحبيب بن ياسر، فذكره بنحو سابقه.
أخرجه البزار في مسنده (3/ 190 رقم 2540) من طريق عمارة الأحمر، أخبرني حبيب بن زيد، وأبو ليلى مولى بني فلان بن سعيد، وحبيب بن ياسر، قالوا: كنا مع زيد بن أرقم جلوس
…
الحديث وفي أوله قصة.
وأخرجه الطبراني في الكبير (5/ 221 رقم 5068) من طريق الأعمش، عن أبي ليلى وحده، ولم يذكر القصة.
* الطريق الثانية عشر: يرويها يزيد بن شريك، عن زيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من كنت وليه، فعلي وليه".
أخرجه بحشل في تاريخ واسط (ص 154) من طريق يونس بن خباب، عن يزيد، به.
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله:"لم يخرجا لمحمد، وقد وهاه السعدي".
ومحمد هذا هو ابن سلمة بن كهيل، الكوفي، وهو ضعيف، ضعفه ابن سعد: وابن معين، وابن شاهين، وقال الجوزجاني: ذاهب، واهي الحديث، وتقدم أن السعدي وهاه، وذكره ابن عدي في كامله، وقال: كان ممن يعد من متشيعي الكوفة، وذكره ابن حبان في ثقاته
…
اهـ.
من الكامل (6/ 2221 - 2222)، والميزان (3/ 568رقم 7614)، واللسان (5/ 183رقم 633). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولم ينفرد محمد هذا بالحديث عن أبيه، بل تابعه شعبة كما تقدم، ويرويه عن شعبة محمد بن جعفر.
وشعبة بن الحجاج بن الورد العتكي، مولاهم، أبو بسطام الواسطي، ثم البصري، ثقة، حافظ، متقن، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال، وذبّ عن السنة، وكان عابداً، روى له الجماعة -كما في التقريب (1/ 351 رقم 67) -، وانظر الجرح والتعديل (4/ 369 - 371رقم1609)، والتهذيب (4/ 338 - 346 رقم 580).
ومحمد بن جعفر الهذلي، مولاهم، أبو عبد الله، البصري، المعروف بـ: غندر، ثقة روى له الجماعة، صحيح الكتاب، وهو من أوثق الناس في شعبة، وثقه ابن معين، وابن سعد، والمستملي، والعجلي، وقال: كان من أثبت الناس في حديث شعبة، وقال أبو حاتم: كان صدوقاً، وكان مؤدباً، وفي حديث شعبة ثقة، وقال ابن المبارك: إذ اختلف الناس في حديث شعبة، فكتاب غندر حكم بينهم، وقال عبد الرحمن بن مهدي: غندر أثبت في شعبة مني، وقال أيضاً: كنا نستفيد من كتب غندر في حياة شعبة، وكان وكيع يسميه: الصحيح الكتاب. وقال ابن المديني: هو أحب إلي من عبد الرحمن في شعبة، وقال أيضاً: كنت إذا ذكرت غندراً ليحيى بن سعيد عوج فمه، كأنه يضعفه، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: كان من خيار عباد الله، ومن أصحهم كتاباً، على غفلة فيه. اهـ. من الجرح والتعديل (7/ 221 - 222 رقم 1223)، والتهذيب (9/ 96 - 98 رقم129).
قلت: أما جرح يحيى بن سعيد، وابن حبان لغندر، فهو إما جرح غير مفسر، فلا يعتدّ به، مقابل توثيق من سبق له، وإما أنهم بنوه على حكاية ذكرها الحافظ في التهذيب، وهي أن غندراً اشترى سمكاً، وقال لأهله: أصلحوه، ونام، فأكلوا السمك، ولطخوا يده، فلما انتبه، قال: هاتوا السمك، فقالوا: قد أكلت، قال: لا، قالوا: فشمّ يدك، ففعل: فقال: صدقتم، ولكني ما شبعت. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد أنكر غندر هذه الحكاية، وقال: أما كان يدلّني بطني؟! / انظر الميزان (3/ 502)، ولذا قال يحيى بن معين: كان من أصح الناس كتاباً، وأراد بعضهم أن يخطئه، فلم يقدر.
وأما سلمة بن كهيل بن حصين الحضرمي، فإنه ثقة من رجال الجماعة -كما في التقريب (1/ 318رقم381)، وانظر الجرح والتعديل (4/ 170 - 171 رقم 742)، والتهذيب (4/ 155 - 157 رقم 269).
وأما الطريق السابقة التي يرويها أبو عبد الله الشيباني، ففي سندها يحيى بن سلمة بن كهيل، وتقدم في الحديث (503) أنه متروك.
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف بإسناد الحاكم هذا لضعف محمد بن سلمة بن كهيل، لكنه بمجموع الطرق الأخرى يرتقي لدرجة الصحيح لغيره، فمن الطرق السابقة ما هو صحيح لذاته، كالطريق التي رواها شعبة عن سلمة بن كهيل، والباقي أقل أحوالها أنها تصلح للاستشهاد، عدا الطريق السابعة، فإنها شديدة الضعف لأجل يحيى بن سلمة بن كهيل، فلا تصلح للاستشهاد.
وللحديث شواهد كثيرة جداً، عن عدة من الصحابة جمع كثيراً منها الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 103 - 109)، والشيخ الألباني في سلسلته الصحيحة (4/ 330 - 344 رقم 1750)، وقد أورده الألباني بلفظ:"من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه"، ثم قال:"وجملة القول أن حديث الترجمة صحيح بشطريه، بل الأول منه متواتر، عنه صلى الله عليه وسلم -كما يظهر لمن تتبع أسانيده وطرقه، وما ذكرت منها كفايةً"
…
اهـ.
533 -
حديث ابن عباس، قال:
لعلي أربع خصال (1): هو أول من صلى
…
الحديث.
قال الحاكم: وقد تواترت الأخبار بأن علياً ولد في جوف الكعبة (2).
قلت: فيه زكريا (بن يحيى الوقار، وهو متهم)(3).
(1) إلى هنا انتهى متن الحديث (ب)، وبعد قال:(الخ) بدلاً من قوله: (الحديث).
(2)
قول الحاكم هذا في (أ) فقط، وليس في (ب)، ولا في المستدرك وتلخيصه المطبوعين، ولا المخطوطين.
(3)
ما بين المعكوفين من التلخيص، وليس في (أ) و (ب).
533 -
المستدرك (3/ 111): حدثني أبو عمرو محمد بن عبد الواحد الزاهد، صاحب ثعلب، املاءً ببغداد، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا زكريا بن يحيى المصري، حدثني المفضل بن فضالة، حدثني سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعلي أربع خصال ليست لأحد: هو أول عربي وأعجمي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الذي كان لواؤه معه في على زحف، والذي صبر معه يوم المهراس، وهو الذي غسله، وأدخله قبره
…
اهـ.
وقوله: (يوم المهراس)، أي يوم أحد، حيث خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالدرقة حتى ملأها ماء من المهراس، ثم جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد له ريحاً، فعافه، فلم يشرب منه، وغسل عن وجهه الدم، وصب على رأسه، وهو يقول: اشتد غضب الله على من دمّى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. / انظر مغازي ابن إسحاق (ص 331).
والمهراس فيما ذكره المبرد: ماء بجبل أحد./ معجم البلدان (5/ 232). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، ولم يتكلم عنه بشيء، وأعله الذهبي بقوله:"فيه زكريا بن يحيى الوقار، وهو متهم".
وزكريا بن يحيى الوقار، أبو يحيى المصري هذا يضع الحديث، قاله ابن عدي، ونقل عن صالح جزرة قوله: ثنا أبو يحيى الوقار، وكان من الكذابين الكبار. اهـ. من الكامل (3/ 1071)، والميزان (2/ 77 - 78 رقم 2892).
الحكم على الحديث:
الحديث موضوع بهذا الِإسناد لنسبة الوقار لوضع الحديث.
534 -
حديث ابن عباس:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع الرّاية إلى علي يوم بدر، وهو ابن عشرين سنة.
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: هذا نص في أنه أسلم وله أقل من عشر سنين، بل نص في أنه أسلم ابن سبع سنين، أو ثمان سنين، وهو قول عروة (1).
(1) كما في المعرفة لأبي نعيم (1/ ل 21 أ).
534 -
المستدرك (3/ 111): حدثنا علي بن حمشاذ، ثنا محمد بن المغيرة السكري، ثنا القاسم بن الحكم العرني، ثنا مسعر، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دفع الراية إلى علي رضي الله عنه يوم بدر، وهو ابن عشرين سنة.
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (ل 13 ب- 14 أ).
والطبراني في الكبير (1/ 64رقم 174) كلاهما من طريق قيس بن الربيع، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، به مثله، إلا أن الطبراني لم يذكر قوله:"يوم بدر".
قال الهيثمي في المجمع (9/ 125): "إسناده حسن".
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الفضائل (2/ 650رقم 1106) من طريق أبي شيبة، عن الحكم، به، بلفظ: كان علي يأخذ راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، ولم يتعقبه الذهبي بشيء، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وإنما استشهد بهذه الرواية على أن علياً رضي الله عنه أسلم وله أقل من عشر سنين، وأن سنه يوم أسلم كانت سبع، أو ثمان سنين.
وبيان حال رجال إسناد الحديث كالتالي:
مقسم -بكسر أوله- ابن بجرة -بضم الموحدة، وسكون الجيم-، أبو القاسم، مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له: مولى ابن عباس؛ للزومه له، وهو: صدوق روى له البخاري، وذكره ابن شاهين في ثقاته، ونقل عن أحمد بن صالح المصري أنه قال عنه: ثقة ثبت لا شك فيه، ووثقه العجلي، ويعقوب بن سفيان، والدارقطني، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، لا بأس به. وضعفه ابن سعد، وقال الساجي تكلم الناس في بعض روايته، وذكره البخاري في الضعفاء، ولم يذكر فيه قدحاً، بل ساق حديثاً له من رواية الحكم عنه في الحجامة، وقال: إن الحكم لم يسمعه منه، وهذا ليس بقادح في مقسم./ الجرح والتعديل (8/ 414رقم1889)، والثقات لابن شاهين (ص 232 رقم1418)، وللعجلي (ص 438 رقم1627)، والتهذيب (10/ 288 - 289 رقم507)، والتقريب (2/ 237 رقم 1352).
والحكم بن عتيبة، أبو محمد الكندي، الكوفي: ثقة ثبت فقيه روى له الجماعة، إلا أنه ربما دلّس، لكن عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من طبقات المدلسين، وهم الذين احتمل الأئمة تدليسهم، وأخرجوا لهم في الصحيح؛ لِإمامتهم، وقلة تدليسهم في جنب ما رووا، أو كانوا لا يدلسون إلا عن ثقة./ الجرح والتعديل (3/ 123 - 125رقم 567)، والتهذيب (2/ 432 - 434 رقم 756)، والتقريب (1/ 192 رقم 494)، وطبقات المدلسين (ص 58 رقم 43).
ومسعر بن كدام بن ظهير الهلالي: ثقة ثبت فاضل، روى له الجماعة./ الجرح والتعديل (8/ 368 - 369 رقم1685)، والتهذيب (10/ 113 - 115رقم 209)، والتقريب (2/ 243رقم 1059). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والقاسم بن الحكم بن كثير العرني: صدوق، فيه لين -كما في التقريب (2/ 116رقم 11) -، وثقه أحمد، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة، وخلف بن سالم، ومحمد بن عبد الله بن نمير، والنسائي، وقال أبو زرعة: صدوق، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: مستقيم الحديث، وقال أبو نعيم: كانت فيه غفلة، وقال أبو حاتم: محله الصدق، يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال العقيلي: في حديثه مناكير، لا يتابع على كثير من حديثه./ الجرح والتعديل (7/ 109رقم 629)، والتهذيب (8/ 311 - 312 رقم 563).
ومحمد بن المغيرة السكري، الفقيه، شيخ المحدثين بهمذان، وأهل الرأي: صدوق قاله صالح بن أحمد، وجرحه السليماني بقوله: فيه نظر، وأوضحه الذهبي بقوله:"قلت: يشير إلى أنه صاحب رأي".
قلت: وهذا جرح ليس بمقبول في حق هذا الراوي، وهو معارض بثناء صالح بن أحمد عليه كما سبق./ السير (13/ 383 - 384)، والميزان (4/ 46رقم 8196).
وشيخ الحاكم هو علي بن حمشاذ العدل، وتقدم في الحديث (509) أنه: ثقة حافظ.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لما تقدم عن حال القاسم بن الحكم العرني، ولكنه لم ينفرد بالحديث، فقد تابعه متابعة قاصرة قيس بن الربيع، عن الحجاج، عن الحكم بن عتيبة، به عند ابن أبي عاصم والطبراني، وتقدم أن الهيثمي حن سنده، فيكون الحديث حسناً لغيره بهذه المتابعة، والله أعلم.
535 -
حديث علي (قال)(1): أنا عبد الله، وأخو رسوله، وأنا الصِّدّيق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كاذب؛ صليت قبل الناس (بسبع)(2) سنين.
قال الحاكم (3): على شرط البخاري ومسلم.
قلت: كذا قال! وما هو على شرط واحد منهما، بل ولا هو صحيح، بل هو حديث باطل، فَتَدَبَّرْه، وفيه عبّاد بن عبد الله الأسدي، قال ابن المديني: ضعيف (4).
(1) ما بين القوسين ليس في (أ).
(2)
في (أ): (لسبع).
(3)
قوله: (الحاكم) ليس في (ب).
(4)
في (ب): (قلت: بل هو حديث باطل، وفيه عباد الأسدي ضعيف)، وقول ابن المديني هذا في الموضوعات لابن الجوزي (1/ 341)، والتهذيب (5/ 98).
535 -
المستدرك (3/ 111 - 112): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري.
وحدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ، ثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي، قالا: ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي رضي الله عنه قال: أنا عبد الله، وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كاذب؛ صليت قبل الناس بسبع سنين، قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة.
قال الحاكم عقبه: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، وقول الحاكم هذا ليس في المستدرك المطبوع، فأثبته من المخطوط، وفي المطبوع: "إني عبد الله
…
" الخ، وما أثبته من المخطوط أيضاً. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= تخريجه:
الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (12/ 65).
والِإمام أحمد في الفضائل (2/ 586 - 587 رقم 993).
والنسائي في الخصائص (ص 24 - 25 رقم 7).
ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 341).
وأخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 44 رقم 120) في فضائل علي رضي الله عنه من المقدمة.
وابن أبي عاصم في السنة (2/ 598رقم 1324).
وفي الآحاد والمثاني (ل 15 أ).
وابن جرير في التاريخ (2/ 310).
والعقيلي في الضعفاء (3/ 137).
وأبو هلال العسكري في الأوائل (1/ 203).
وأبو نعيم في المعرفة (1/ ل 22 ب).
والذهبي في الميزان (3/ 101 - 102).
جميعهم من طريق العلاء بن صالح، عن المنهال بن عمرو، به نحوه، عدا لفظ النسائي فمثله، ولم يذكر أحد منهم قوله:"قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة"، وهذه الزيادة ليست في المستدرك المخطوط، ولا في التلخيص.
وقد روي الحديث عن علي رضي الله عنه مرفوعاً، قال علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين الناس، وتركني، فقلت: يا رسول الله، آخيت بين أصحابك، وتركتني؟ قال:"ولم تراني تركتك؟ إنما تركتك لنفسي، أنت أخي، وأنا أخوك"، قال:"فإن حاجك أحد، فقل: إني عبد الله، وأخو رسوله، لا يدعيها أحد بعدك إلا كذاب". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه أبو يعلى في مسنده -كما في المطالب المسندة (ل 153 ب)، والمطبوعة (4/ 58رقم3954) -.
ومن طريقه ابن حبان في المجروحين (2/ 92).
وأخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 1693).
ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 212 - 213 رقم 343).
كلاهما من طريق سهل بن زَنْجلة، عن الصبّاح بن محارب، عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مُرّة، عن أبيه، عن جده، به، واللفظ لأبي يعلى، ولفظ ابن عدي نحوه.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، فتعقبه الذهبي بقوله:"كذا قال! وما هو على شرط واحد منهما، بل ولا هو بصحيح، بل هو حديث باطل فتدبره. وعباد قال ابن المديني: ضعيف".
وعباد هذا هو ابن عبد الله الأسدي الكوفي، وهو ضعيف، ضعفه ابن المديني، وقال البخاري: فيه نظر، وقال الأزدي: روى أحاديث لا يتابع عليها.
وذكره ابن حبان في ثقاته./ الضعفاء للعقيلي (3/ 137)، والكامل لابن عدي (4/ 1649)، والموضوعات لابن الجوزي (1/ 341)، والتهذيب (5/ 98رقم 165)، والتقريب (1/ 392 رقم 99).
وقد أعل الحديث عدد من الأئمة، منهم أبو عبد الله أحمد بن حنبل.
قال أبو بكر الأثرم: سألت أبا عبد الله عن حديث علي: "أنا عبد الله، وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر"، فقال: اضرب عليه، فإنه حديث منكر. اهـ.
من الموضوعات لابن الجوزي (1/ 341).
وقال العقيلي عقب روايته للحديث: "الرواية في هذا فيها لين". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال ابن الجوزي عقبه: "هذا موضوع، والمتهم به عباد بن عبد الله، قال علي بن المديني: ضعيف الحديث، وقال الأزدي: روى أحاديث لا يتابع عليها".
وقال شيخ الِإسلام ابن تيمية: "واعلم أنه ثم أحاديث أُخر لم يذكرها هذا الرافضي، لو كانت صحيحة لدلّت على مقصوده، وفيها ما هو أدل من بعض ما ذكره، لكنها كلها كذب
…
، فمن أماثل الموضوعات ما رواه ابن الجوزي من طريق النسائي في كتابه الذي وضعه في خصائص علي، من حديث عبيد الله بن موسى، حدثنا العلاء بن صالح، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي، قال: قال علي رضي الله عنه: أنا عبد الله، وأخو رسول الله، وأنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كاذب؛ صليت قبل الناس سبع سنين
…
، قلت: وعباد يروي من طريقه عن علي ما يعلم أنه كذب عليه قطعاً، مثل هذا الحديث، فإنا نعلم أنه كان أَبَرّ، وأصدق، وأتقى لله من أن يكذب ويقول مثل هذا الكلام الذي هو كذب ظاهر، معلوم بالضرورة أنه كذب
…
" ثم ذكر قول ابن الجوزي الذي سيأتي ذكره في الحديث الآتي: "ومما يبطل هذه الأحاديث: أنه لا خلاف في تقدم إسلام خديجة، وأبي بكر، وزيد، وأن عمر أسلم في سنة ست من النبوة، بعد أربعين رجلاً، فكيف يصح هذا؟! ". اهـ. من منهاج السنة (4/ 119 - 120).
وذكر الحافظ الذهبي هذا الحديث في الميزان (2/ 368)، ثم قال:"هذا كذب على علي". وسيأتي ذكر تعقبه على الحديث الآتي؛ وهو بمعنى هذا الحديث.
وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (3/ 26): "وهذا الحديث منكر بكل حال، ولا يقوله علي رضي الله عنه، وكيف يمكن أن يصلي قبل الناس بسبع سنين؟! هذا لا يتصور أصلاً، والله أعلم".
قلت: والدليل على صحة ما ذهب إليه هؤلاء الأئمة من استنكارهم لمتن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هذا الحديث أن خديجة بنت خويلد رضي الله عنها هي أول من آمن به صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد أن نزل عليه الوحي أول مرة في غار حراء، فجاء إليها، وقال: زمّلوني، زمّلوني، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة -وأخبرها الخبر-:"لقد خشيت على نفسي"، فقالت: كلا والله ما يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم
…
الخ الحديث -كما في صحيح البخاري (1/ 23رقم 3) في بدء الوحي، باب منه-.
وفي صحيح البخاري أيضاً (7/ 18رقم3661) في مناقب أبي بكر رضي الله عنه من كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لو كنت متخذاً خليلاً، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق".
وذكر هذا الحديث ابن كثير في البداية (3/ 27)، وقال:"هذا كالنص على أنه أول من أسلم رضي الله عنه".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (254/ 4) بعد أن ذكر حديث أبي الدرداء هذا: "هذا ظاهر في أنه صدقه قبل أن يصدقه أحد من الناس الذين بلّغهم الرسالة، وهذا حق، فإنه أول ما بلّغ الرسالة آمن، وهذا موافق لما رواه مسلم عن عمرو بن عبسة، قلت: يا رسول الله، من معك على هذا الأمر؟ قال: حر وعبد، ومعه يومئذ أبو بكر، وبلال، وأما خديجة، وعلي، وزيد، فهؤلاء كانوا من عيال النبي صلى الله عليه وسلم، وفي بيته، وخديجة عرض عليها أمره لما فجأه الوحي، وصدقته ابتداء، قبل أن يؤمر بالتبليغ، وذلك قبل أن يجب الإيمان به، فإنه إنما يجب إذا بلغ الرسالة، فأول من صدق به بعد وجوب الِإيمان به أبو بكر من الرجال، فإنه لم يجب عليه أن يدعو علياً إلى الإيمان؛ لأن علياً كان صبياً والقلم عنه مرفوع، ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالإِيمان، وبلغه الرسالة قبل أن يأمر أبا بكر ويبلغه، ولكنه كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فيمكن أنه آمن به لما سمعه يخبر خديجة، وإن كان لم يبلغه". اهـ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وفي البداية والنهاية (3/ 28): "قال أبو القاسم البغوي: حدثني سريج بن يونس، حدثنا يوسف بن الماجشون، قال: أدركت مشيختنا منهم محمد بن المنكدر، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وصالح بن كيسان، وعثمان بن محمد، لا يشكون أن أول القوم إسلاماً أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
قال ابن كثير: قلت: وهكذا قال إبراهيم النخعي، ومحمد بن كعب، ومحمد بن سيرين، وسعد بن إبراهيم، وهو المشهور عن جمهور أهل السنة. اهـ. وانظر معه حاشية الخصائص للنسائي (ص 25 - 27)، والحديث الآتي.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد لما تقدم في دراسة الِإسناد.
وله شاهد من طريق حبّة بن جُوين، عن علي رضي الله عنه، وهو الآتي، لكنه ضعيف جداً أيضاً.
536 -
حديث شعيب بن صفوان، عن الْأجْلح، عن (سلمة)(1) بن كُهَيْل، عن حَبّة بن جُوَيْن، عن علي، قال:
عبدت الله مع رسول الله (سبع)(2) سنين قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة.
قلت: هذا باطل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم من أول ما أوحي إليه آمن به خديجة، وأبو بكر، وبلال، وزيد مع علي، قبله بساعات، أو بعده بساعات، وعبدوا الله مع نبيه، فأين السبع سنين؟ ولعل السامع أخطأ، فيكون أمير المؤمنين قال: عبدت الله مع رسول الله ولي سبع سنين، ولم يضبط الراوي ما سمع، ثم حبّة شيعي جبل، قد قال ما يعلم بطلانه من أن عليًّا شهد معه صِفِّين ثمانون بدريّاً، وذكره أبو إسحاق الجوزجاني فقال: هو غير ثقة (3)، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف (4)، (وشعيب والأجلح متكلم فيهما)(5).
(1) في (أ): (مسلمة)، ومعلق بهامشها ما نصه:(صوابه سلمة).
(2)
في (أ) و (ب): (ابن سبع)، وهو خلاف ما يقتضيه تعقب الذهبي رحمه الله، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(3)
الكامل لابن عدي (2/ 835).
(4)
الضعفاء والمتروكون للدارقطني (ص 188رقم 178).
(5)
في (أ): (وشعيب الأجلح، وسلمة متكلم فيهما).
536 -
هذا الحديث ليس في أصل المستدرك المطبوع، وإنما أورده المصحح في (3/ 112) بسياق التلخيص بجزء من سنده، وفي المستدرك المخطوط، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أورده الحاكم شاهداً للحديث السابق، فقال: وشاهده حدثناه أبو عمر الزاهد، ثنا محمد بن هشام المروذي، ثنا أبو إبراهيم الترجماني، ثنا شعيب بن صفوان، عن الأجلح، عن سلمة بن كهيل، عن حبة بن جوين، عن علي قال: عبدت الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع سنين، قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة.
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 341 - 342) من طريق شعيب بن صفوان، به بلفظ:"عبدت الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة خمس سنين، أو سبع سنين"، هكذا على الشك.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 348رقم 447) من طريق محمد بن فضيل، عن الأجلح، به نحو لفظ ابن الجوزي على الشك.
ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 590).
وأخرجه الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين المكية (ص 337)، واللآليء المصنوعة (1/ 322) -، من طريق عمرو بن هشام الجنبي، عن الأجلح، به نحوه، إلا أنه قال:"قبل أن يعبدك أحد من هذه الأمة ست سنين".
وأخرجه الطيالسي في مسنده (ص 26 رقم 188).
وأحمد في المسند (1/ 99).
كلاهما من طريق يحيى بن سلمة، عن أبيه، به، ولفظ أحمد نحوه، وفي أوله قصة، وكذا عند الطيالسي، إلا أن لفظه:"لقد رأيتني صليت قبل الناس حججاً".
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الفضائل (2/ 681رقم1164) من طريق محمد بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، به نحو سياق أحمد السابق. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه الإمام أحمد في المسند أيضاً (1/ 141).
وفي الفضائل (2/ 590و 591 رقم 999 و1003).
وابن سعد في الطبقات (3/ 21).
وابن أبي شيبة في المصنف (12/ 65رقم 12134).
والنسائي في الخصائص (ص 21 رقم 1).
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (ل 15 أ).
وفي الأوائل (ص 79 رقم 68).
والخطيب في تاريخه (4/ 233).
جميعهم من طريق شعبة، عن سلمة بن كهيل، به، ولفظ الإمام أحمد: "أنا أول رجل صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولفظ ابن أبي شيبة، وابن أبي عاصم، والنسائي نحو لفظ الإمام أحمد هذا.
وأما لفظ الخطيب فهو: "أنا أول من أسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم".
ولفظ ابن سعد، وأحد روايتي الإمام أحمد في الفضائل على الشك في:"أسلم"، أو:"صلى".
دراسة الإسناد:
الحديث أورده الحاكم شاهداً للحديث السابق، وأعلّه الذهبي سنداً، ومتناً، فقال: "هذا باطل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم من أول ما أوحي إليه آمن به خديجة، وأبو بكر، وبلال، وزيد مع علي، قبله بساعات، أو بعده بساعات، وعبدوا الله مع نبيه، فأين السبع؟! ولعل السمع أخطأ، فيكون أمير المؤمنين قال: عبدت الله ولي سبع سنين، ولم يضبط الراوي ما سمع، ثم حبة شيعي جبل، قد قال ما يعلم بطلانه من =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أن علياً شهد معه صفين ثمانون بدرياً، وذكره أبو إسحاق الجوزجاني، فقال: هو غير ثقة، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف، وشعيب، والأجلح متكلم فيهما".
قلت: أما حَبَّة -بفتح أوله، ثم موحدة ثقيلة-، فهو ابن جُوَيْن- بجيم مصغراً-، العُرَني، أبو قدامة الكوفي، وهو صدوق له أغلاط، وكان غالياً في التشيع -كما في التقريب (1/ 148رقم 103) -، فقد وثقه أحمد، والعجلي، وقال ابن عدي: ما رأيت له منكراً جاوز الحد، وقال صالح جزرة: شيخ، وكان يتشيع، ليس هو بمتروك، ولا ثبت، وسط.
وقال ابن معين وابن خراش: ليس بشيء. وقال ابن معين في رواية، والنسائي: ليس بالقوي. وقال الجوزجاني: كان غير ثقة. وقال ابن سعد: روى أحاديث، وهو يضعف. وقال الدارقطني: ضعيف، وقال ابن حبان: كان غالياً في التشيع، واهياً في الحديث./ الكامل لابن عدي (2/ 835 - 836)، والضعفاء والمتروكون للدارقطني (ص188رقم178)، والتهذيب (2/ 176 - 177رقم319).
وأما قول الذهبي هنا عن حبة هذا: "قد قال ما يعلم بطلانه من أن علياً شهد معه صفين ثمانون بدرياً"، فقد ذكره أيضاً في الميزان (1/ 450 رقم 1688)، فقال:"من غلاة الشيعة، وهو الذي حدّث أن علياً كان معه بصفين ثمانون بدرياً، وهذا مُحال". اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من التهذيب: "قال ابن الجوزي: روى أن علياً شهد معه صفين ثمانون بدرياً، وهذا كذب.
شهد معه صفين ثمانون بدرياً، وهذا كذب.
- قال ابن حجر-: قلت: إيْ والله، إن صح المسند إلى حبّة". اهـ.
وأما شعيب بن صفوان بن الربيع الثقفي، أبو يحيى الكوفي، الكاتب، فإنه مقبول، من رجال مسلم -كما في التقريب (1/ 352رقم 81) -، وانظر =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الجرح والتعديل (4/ 348رقم 1522)، والكامل (4/ 1319 - 1320)، والتهذيب (4/ 353 - 354 رقم 594).
والأجلح بن عبد الله بن حُجَيّةَ، ويقال: معاوية، الكندي، يقال اسمه: يحيى، والأجلح لقب، وهو صدوق شيعي -كما في التقريب (1/ 49رقم 323) -، فقد وثقه ابن معين، والعجلي، وقال عمرو بن علي الفلاس: مستقيم الحديث، صدوق. وقال ابن عدي: لم أجد له شيئاً منكراً مجاوزاً الحد، لا إسناداً، ولا متناً، وهو أرجو أن لا بأس به، إلا أنه يعد في شيعة الكوفة، وهو عندي مستقيم الحديث، صدوق.
وقال يحيى القطان: في نفسي منه شيء، وقال أيضاً: ما كان يفصل بين الحسين بن علي، وعلي بن الحسين -يعني أنه ما كان بالحافظ-. وقال الإمام أحمد: أجلح، ومجالد متقاربان في الحديث. وقد روى الأجلح غير حديث منكر. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه، ولا يحتج به.
وقال النسائي: ضعيف، ليس بذاك، وكان له رأي سوء./ الجرح والتعديل (9/ 163 - 164رقم 677)، والكامل لابن عدي (1/ 417 - 419)، والتهذيب (1/ 189 - 190رقم 353).
قلت: الحديث بهذا اللفظ مداره على الأجلح، يرويه عن سلمة بن كهيل، وقد رواه شعبة كما سبق، عن سلمة على أن علياً أول من صلى، أو أول من أسلم.
أما شعيب بن صفوان فلا يُعَلُّ لأجله الحديث، فإنه لم ينفرد به، فقد تابعه عليه محمد بن فضيل، وعمرو بن هشام، وإن كان عمرو قد خالف شعيباً، فقال:"ست سنين" بدلًا من قوله: "سبع سنين".
وقال ابن الجوزي عقب روايته للحديث: "هذا حديث موضوع على علي عليه السلام؛ أما حبة فلا يساوي حبّة؛ فإنه كذاب، قال يحيى: ليس حديثه بشيء، وقال السعدي غير ثقة، وقال ابن حبان: كان غالياً في التشيع، واهياً في الحديث"، وقال أيضاً: "ومما يبطل هذه الأحاديث: أنه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لا خلاف في تقدم إسلام خديجة، وزيد، وأبى بكر، وأن عمر أسلم في سنة ست من النبوة، بعد أربعين، فكيف يصح هذا؟!.
قلت: وتقدم إعلال الِإمام أحمد، والعقيلي، وابن تيمية، والذهبي، وابن كثير رحمهم الله للحديث السابق، وهو بمعنى هذا الحديث، فالعلة واحدة.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد، لما تقدم في دراسة إسناد هذا الحديث والحديث السابق، ولما أعله به الذهبي، وابن الجوزي، وغيرهما من العلماء، والله أعلم.
537 -
حديث بريدة، قال:
أوحى الله (تعالى)(1) إلى رسوله (2) صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، وصلى عليٌّ (3) يوم الثلاثاء (4).
قلت: صحيح (5).
(1) ما بين القوسين ليس في (أ)، وما أثبته من (ب).
(2)
في (ب): (رسول الله)، وما أثبته من (أ).
(3)
في (ب): (علياً).
(4)
في (ب) بعد قوله: (الثلاثاء) قال: (الحديث) على أن للحديث بقية، وليس كذلك.
(5)
في المستدرك قال: "صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي في التلخيص، فقوله:(قلت) زيادة من ابن الملقن.
537 -
المستدرك (3/ 112): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، عن يوسف بن صهيب، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: انطلق أبو ذر، ونعيم ابن عم أبي ذر، وأنا معهم نطلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو بالجبل مكتتم، فقال أبو ذر: يا محمد، أتيناك نسمع ما تقول، وإلى ما تدعو، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"أقول لا إله إلا الله، وأني رسول الله".
فآمن به أبو ذر وصاحبه، وآمنت به، وكان علي في حاجة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرسله فيها، وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين، وصلى علي يوم الثلاثاء.
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (ل 15 أ).
وفي الأوائل (ص 80 رقم 74). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والطبراني في الأوائل (ص 80 رقم 54).
ومن طريقه ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 591).
كلاهما من طريق عبد العزيز بن الخطاب، عن علي بن غراب، عن يوسف بن صهيب، به بلفظ:"خديجة أول من أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب"، هذا لفظ ابن أبي عاصم، ومثله لفظ الطبراني، إلا أنه قال:"ثم علي".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وفي سنده يونس بن بكير بن واصل الشيباني، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وكان الذهبي قد أعل أحد الأحاديث بهما وآخر معهما.
فقد أخرج الحاكم في المستدرك (1/ 344) من طريق أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا يحيى بن أيوب البجلي أنبأنا أبو زرعة عمرو بن جرير، عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه:"إن الرجل لتكون له المنزلة عند الله، فما يبلغها بعمل، فلا يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه ذلك"، وصحح الحاكم إسناده، فتعقبه الذهبي بقوله:"يحيى وأحمد ضعيفان، وليس يونس بحجة".
قلت: أما يحيى فليس في سند هذا الحديث.
وأما أحمد بن عبد الجبار العطاردي، فتقدم في الحديث (530) أنه: ضعيف.
وأما يونس بن بكير بن واصل الشيباني، أبو بكر ويقال: أبو بكير، الجَمّال، فإنه صدوق يخطيء -كما في التقريب (ص 390 الطبعة الهندية) -، فقد وثقه ابن معين، وابن نمير، وعبيد بن يعيش، وابن عمار، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وقال الساجي: كان صدوقاً، ونقل عن ابن المديني أنه كان لا يحدث عنه، وقال أبو داود: ليس هو عندي بحجة، وكان يأخذ كلام ابن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= إسحاق، فيوصله بالأحاديث، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال مرة: ضعيف، وقال الجوزجاني: ينبغي أن يتثبت في أمره؛ لميله عن الطريق.
وقال ابن أبي شيبة: فيه لين. وقال الإمام أحمد: ما كان أزهد الناس فيه، وأنفرهم عنه، وقد كتبت عنه. وذكر له ابن عدي عدة أحاديث، ثم قال: وليونس بن بكير غير ما ذكرت من الغرائب، وغيره، وقد وثقه الأئمة مثل ابن معين، وابن نمير، وغيرهما./ الجرح والتعديل (9/ 236رقم 995)، والكامل (7/ 2633 - 2635)، والتهذيب (11/ 434 - 436 رقم 844).
وللحديث طريق أخرى وهي التي أخرجها ابن أبي عاصم والطبراني، كلاهما من طريق، عبد العزيز بن الخطاب، عن علي بن غراب، عن يوسف بن صهيب، به اللفظ المتقدم ذكره، وبيان حال رجال سندها كالتالي:
أما علي بن غراب الفزاري، مولاهم، الكوفي، القاضي فإنه صدوق، ويتشيع، ومدلس من الثالثة -كما في التقريب (2/ 42رقم 394)، وطبقات المدلسين (ص 99 رقم 89) -، فقد وثقه، ابن معين، ووصفه بالتشيع، وقال: ظلمه الناس حين تكلموا فيه، ووثقه ابن قانع، وذكره ابن شاهين في ثقاته، ونقل توثيقه عن ابن معين، وعثمان بن أبي شيبة، وقال الِإمام أحمد: كان يدلس، وما أراه إلا كان صدوقاً. وقال النسائي وأبو حاتم: لا بأس به، وقال أبو زرعة: صدوق، وقال الدارقطني مرة: يعتبر به، وذكر في العلل جماعة منهم علي بن غراب، ووصفهم بأنهم ثقات حفاظ. وضعفه أبو داود، وقال ابن نمير: له أحاديث منكرة، وأفرط ابن حبان في تضعيفه، وقال الجوزجاني: ساقط، فأجاب عنه الخطيب بقوله: أظنه طعن عليه لأجل مذهبه، فإنه كان يتشيع. وقال ابن عدي: له غرائب وأفراد، وهو ممن يكتب حديثه./ الجرح والتعديل (6/ 200 رقم 1099)، والثقات لابن شاهين (ص 142 رقم 759)، والكامل لابن عدي (5/ 1848 - 1849)، والتهذيب (7/ 371 - 373 رقم601). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أقول: وقد صرح علي بالتحديث في رواية أبي عاصم.
وعبد العزيز بن الخطاب الكوفي، أبو الحسن، نزيل البصرة صدوق -كما في التقريب (1/ 508رقم 1214) -، وثقه النسائي، وقال أبو حاتم: صدوق./ الجرح والتعديل (5/ 381رقم1780)، والتهذيب (6/ 335 رقم 643).
وأما بقية رجال الِإسناد، فبيان حالهم كالتالي:
عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، أبو سهل المروزي، قاضيها: ثقة روى له الجماعة -كما في التقريب (1/ 403 - 404 رقم 202) -، وانظر الجرح والتعديل (5/ 13رقم 61)، والتهذيب (5/ 157 - 158 رقم 270).
ويوسف بن صهيب الكندي، الكوفي: ثقة -كما في التقريب (2/ 381 رقم 437) -، وانظر الجرح والتعديل (9/ 224 رقم940)، والتهذيب (11/ 415رقم 809).
الحكم علي الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لضعف أحمد بن عبد الجبار، وما تقدم عن حال يونس بن بكير.
وأما الطريق الأخرى التي رواها الطبراني، وابن أبي عاصم فسندها حسن كما يتضح من دراسة الِإسناد.
وللحديث شاهد من حديث أنس، وأبي رافع رضي الله عنهما.
أما حديث أنس رضي الله عنه، فأخرجه الترمذي في سننه (10/ 234 رقم 3812) في مناقب علي رضي الله عنه، من كتاب المناقب.
والحاكم في المستدرك (3/ 112).
كلاهما من طريق علي بن عابس، عن مسلم الملائي، عن أنس -رضي الله =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عنه- قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، وصلى علي يوم الثلاثاء.
هذا لفظ الترمذي، ولفظ الحاكم نحوه، إلا أنه قال:"أسلم" بدل قوله: "صلى".
قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث مسلم الأعور، ومسلم الأعور ليس عندهم بذاك القوي".
وسكت عنه الحاكم، والذهبي.
وأما حديث أبي رافع رضي الله عنه، فأخرجه البزار (3/ 182رقم 2519)، بمثل لفظ حديث أنس عند الحاكم.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 103): "فيه محمد بن عبيد الله بن أبي رافع وثقه ابن حبان، وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات".
وعليه فالحديث يكون صحيحاً لغيره بمجموع هذه الطرق.
فإن قيل: كيف الجمع بين هذا الحديث، وبين ما تقدم في الحديثين السابقين من أن أبا بكر رضي الله عنه هو أول من أسلم؟
فالجواب ما حكاه ابن كثير في البداية (3/ 29) عن أبي حنيفة أنه أجاب بالجمع بين هذه الأقوال: بأن أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر، ومن النساء خديجة، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن الغلمان علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين-، والله أعلم.
538 -
حديث ابن شهاب، عن (1) عبد الملك:
أنه لم يرفع حجر في بيت المقدس يوم قتل علي إلا وجد تحته دم.
قلت: فيه حفص (بن عمران بن أبي الرسّام)(2) لا أعرفه، والخبر مرسل.
(1) كذا في نسختي ابن الملقن، مع أن الخبر من رواية الزهري كما سيأتي، لا من رواية عبد الملك.
(2)
في (أ) و (ب): (ابن عمر بن أبي الدنيا)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، واللسان (2/ 230).
538 -
المستدرك (3/ 113): أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الله البغدادي، ثنا يحيى بن عثمان بن صالح السهمي، ثنا سعيد بن عفير، حدثني حفص بن عمران بن أبي الرسام، عن السري بن يحيى، عن ابن شهاب، قال: قدمت دمشق، وأنا أريد الغزو، فأتيت عبد الملك لأسلم عليه، فوجدته في قبة، على فرش (تفوت) القائم، وتحته سماطان، فسلمت، ثم جلست، فقال لي: يا ابن شهاب، أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل علي بن أبي طالب؟ فقلت: نعم، فقال: هَلُمّ، فقمت من وراء الناس حتى أتيت خلف القبة، فحول إليّ وجهه، فأحنى علي، فقال: ما كان؟ فقلت: لم يرفع حجر من بيت المقدس إلا وجد تحته دم، فقال: لم يبق أحد يعلم هذا غيري، وغيرك، لا يسمعنّ منك أحد، فما حدثت به حتى توفي.
وقوله: (تفوت) في المستدرك: (بقرب)، وما أثبته من مصدر التخريج.
تخريجه:
الحديث أخرجه الفسوي في تاريخه (1/ 629 - 630) حدثني سعيد بن عفير، فذكره بنحوه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن طريق يعقوب أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (ل 15 ب).
وابن عساكر في ترجمة الزهري من تاريخه (ص 34 - 35).
وقد روي الحديث من طرق أخرى عن الزهري، لكن قال:(الحسين) بدلًا من: (علي).
فقد أخرجه ابن سعد في الطبقات (ص 163 من المتمم لطبقاته)، من طريق معمر، قال: أول ما عرف الزهري أنه كان في مجلس عبد الملك بن مروان، فسألهم عبد الملك، فقال: من منكم يعلم ما صنعت أحجار بيت القدس يوم قتل الحسين؟ قال: فلم يكن عند أحد منهم من ذلك علم، فقال الزهري: بلغني أنه لم يقلب منها يومئذ حجر، إلا وجد تحته دم عبيط، قال فعرف من يومئذ.
وأخرجه الطبراني في الكبير (3/ 120و127رقم 2834 و 2835 و 2856)، من طريق أبي بكر الهذلي، وابن جريج، ومحمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص، ثلاثتهم عن الزهري، به نحو سياق ابن سعد، إلا أن الهذلي، وابن جريج لم يذكرا قصة الزهري، مع عبد الملك، وإنما من لفظ الزهري.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 196) عن طريق محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص: "رجاله ثقات".
وقال عن طريق ابن جريج: "رجاله رجال الصحيح".
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، وسكت عنه، وأعله الذهبي بقوله:"حفص لا أعرفه، والخبر مرسل". أما حفص: فهو ابن عمران بن أبي الرسام، كذا في المستدرك، وتلخيصه، ولسان الميزان (2/ 330رقم 1348) نقلاً عن المستدرك، حيث قال:(حفص بن عمران بن أبي الرسام، عن السري بن يحيى. وقع حديثه في ترجمة الحسن من مستدرك الحاكم، وتعقبه الذهبي في تلخيصه بأن حفصاً لا نعرفه). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: كذا قال الحافظ: "في ترجمة الحسين"، والصواب أنه في ترجمة علي رضي الله عنهما.
وفي تاريخ الفسوي: "حفص بن عمران بن الوسام".
وعند ابن عساكر: "حفص بن عمر بن الرسام".
ولم أجد من ترجم له سوى ابن حجر في اللسان اعتماداً على ما في المستدرك، وتلخيصه.
وأما سعيد بن عفير، فاسمه سعيد بن كثير بن عفير.
أما الِإرسال الذي أعل الذهبي به الحديث، فلأن الزهري لم يدرك علي بن أبي طالب حتى يخبر عما وقع يوم قتله، فإن علياً رضي الله عنه قتل سنة أربعين للهجرة، أما ابن شهاب الزهري فأقل ما قيل في تاريخ ولادته أنها كانت سنة خمسين للهجرة، وقيل: إحدى، وقيل: ست، وقيل: ثمان وخمسين -كما في التهذيب (9/ 450) -.
فإن قيل: إن حفصاً أخطأ في الرواية بذكره علياً رضي الله عنه، والصواب:(الحسين بن علي رضي الله عنهما) كما في باقي الروايات، فالجواب: أن يقال: هذا صحيح، لكن مع ذلك فعلّة الإرسال باقية، ورواية ابن سعد توضح المقصود، حيث قال الزهري فيها لعبد الملك: بلغني أنه لم يقلب
…
الخ، ولم يذكر الزهري من الذي أخبر بالخبر، وقد يكون أحد الرواة المقدوح فيهم بتشيع، أو غيره، ورواية ابن سعد هذه سندها صحيح على شرط الشيخين إلى الزهري.
فالراوي عن الزهري هو معمر بن راشد الأزدي، مولاهم، أبو عروة، وهو: ثقة ثبت فاضل، بل قال ابن معين: معمر أثبت في الزهري من ابن عيينة، وقال في أخرى: أثبت الناس في الزهري: مالك ومعمر، ثم عدّ جماعة، وفي رواية معمر عن ثابت، والأعمش، وهشام بن عروة شيء، وكذا فيما حدث به في البصرة، وقد روى له الجماعة، وقال الذهبي: أحد الأعلام الثقات، له أوهام معروفة احتملت له في سعة ما أتقن./ الجرح والتعديل =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (8/ 255 - 257 رقم1165)، والتهذيب (10/ 243 - 246 رقم 439)، والتقريب (2/ 266 رقم1284)، والميزان (4/ 154 رقم 8682).
وعن معمر رواه حماد بن زيد بن دِرْهم الأزدي، الجَهْضمي، أبو إسماعيل البصري، وهو ثقة ثبت فقيه، روى له الجماعة -كما في التقريب (1/ 197 رقم541) -، وانظر الجرح والتعديل (3/ 137 - 139رقم617)، والتهذيب (3/ 9 - 11 رقم 13).
وعن حماد رواه شيخ ابن سعد، وهو سليمان بن حرب الأزدي، الواشجي -بمعجمة، ثم مهملة-، البصري، القاضي بمكة، وهو ثقة إمام حافظ، روى له الجماعة -كما في التقريب (1/ 322رقم 423) -، وانظر الجرح والتعديل (8/ 104 - 109رقم 481)، والتهذيب (4/ 178 - 180 رقم 311).
أقول: ومما يؤيد أن الزهري أرسل هذا الحديث: أن الحسين بن علي رضي الله عنهما قتل سنة إحدى وستين، في أولها -كما في التهذيب (2/ 356) -، فعلى القول بأن الزهري ولد سنة ثمان وخمسين لا يكون له من العمر إلا ما يقرب من ثلاث سنين، فالِإرسال واضح، ولو ترجح أن ولادته كانت سنة خمسين، فإن رواية ابن سعد فيها دلالة على أنه أرسل هذا الحديث خاصة، وغيره ينظر فيه.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد، لِإرساله، وجهالة حفص بن عمران، ومخالفة متنه لما هو أصح منه ثبوتاً عن الزهري، من أن الخبر عن مقتل الحسين، لا علي رضي الله عنهما، وكون الخبر عن مقتل الحسين هو ضعيف أيضاً؛ لأن الزهري لم يذكر اسم من تلقّى الخبر عنه، والله أعلم.
539 -
ورواه الحاكم في آخر ترجمته (1)، من (2) حديث الزهري:
أن أسماء الأنصارية قالت: ما رفع حجر بايلياء (3) ليلة قتل علي، ألا وجد تحته دم عبيط (4).
قلت: فيه نوح، وهو كذاب.
(1) أي ترجمة علي رضي الله عنه.
(2)
في (أ): (قال: من حديث الزهري)، وما أثبته من (ب). أ
(3)
إيلياء -بكسر أوله، واللام-: اسم مدينة بيت المقدس./ معجم البلدان (1/ 293).
(4)
العبيط: الطري غير النضيج./ النهاية (3/ 172).
539 -
المستدرك (3/ 144): أخبرني أحمد بن بالويه العقصي، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عباد بن يعقوب، ثنا نوح بن دراج، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، أن أسماء الأنصارية قالت: ما رفع حجر بإيلياء ليلة قتل علي، إلا وجد تحته دم عبيط.
دراسة الِإسناد:
الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله:"نوح كذاب".
ونوح هذا هو ابن درّاج النخعي، مولاهم، أبو محمد الكوفي، القاضي، وهو متروك -كما في التقريب (2/ 308رقم 164) -، فقد كذبه ابن معين، وأبو داود، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات، حتى ربما يسبق إلى القلب أنه يتعمد ذلك من كثرة ما يأتي به، وقال النسائي: ضعيف متروك الحديث، وضعفه ابن المديني، وقال: لم يكن في الحديث بذاك، وقال الجوزجاني: زائغ، وقال البخاري: ليس بذاك.
وقال ابن نمير: ثقة، وقال أبو زرعة: أرجو أن لا يكون به بأس، وقال ابن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عدي: ليس هو بالمكثر، يكتب حديثه./ الكامل لابن عدي (7/ 2509 - 2510)، والتهذيب (10/ 482 - 484 رقم 871).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لشدة ضعف نوح بن درّاج، والصواب في متنه أن الزهري قال:"ليلة قتل الحسين"، وهو ضعيف أيضاً كما في الحديث السابق.
540 -
حديث خَيْثَمَة بن عبد الرحمن:
سمعت سعداً وقال له رجل: إن علياً يقع فيك، أنك تخلّفت عنه. فقال سعد: والله (1) إنه لرأي رأيته، وأخطأ رأيي؛ إن علياً أعطي (2) ثلاثاً
…
الحديث.
قلت: سكت الحاكم عن تصحيحه، وفيه مسلم الأعور (1) الملائي، وهو متروك.
(1) قوله: (والله)، و:(الأعور) ليسا في (ب).
(2)
في (ب): (أعطا).
المستدرك (3/ 116): حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا إبراهيم بن أبي طالب، ثنا علي بن المنذر، ثنا ابن فضيل، ثنا مسلم الملائي، عن خيثمة بن عبد الرحمن، قال: سمعت سعد بن مالك وقال له رجل: أن علياً يقع فيك؛ أنك تخلفت عنه. فقال سعد: والله إنه لرأي رأيته، وأخطأ رأيي، أن علي بن أبي طالب أعطي ثلاثاً، لأن أكون أعطيت إحداهن أحب الي من الدنيا وما فيها. لقد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خم بعد حمد الله والثناء عليه:"هل تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " قلنا: نعم. قال: "اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، وال من والاه، وعاد من عاداه". وجيء به يوم خيبر وهو أرمد ما يبصر، فقال: يا رسول الله، إني أرمد، فتفل في عينيه ودعا له، فلم يرمد حتى قتل، وفتح عليه خيبر، وأخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمه العباس وغيره من المسجد، فقال له العباس: تخرجنا ونحن عصبتك وعمومتك، وتسكن علياً؟ فقال:"ما أنا أخرجتكم وأسكنته، ولكن الله أخرجكم وأسكنه".
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق محمد بن فضيل، عن مسلم الملائي الأعور، عن خيثمة، به بهذا السياق. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 61 - 62 رقم 703) من طريق محمد بن إسماعيل بن جعفر الطحان، عن غسان بن بشر الكاهلي، عن مسلم، عن خيثمة، عن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سد أبواب الناس في المسجد، وفتح باب علي، فقال الناس في ذلك، فقال:"ما أنا فتحته، ولكن الله فتحته".
وأخرجه النسائي في الخصائص (ص 62 رقم 40) من طريق علي بن قادم، أخبرنا إسرائيل، عن عبد الله بن شريك، عن الحارث بن مالك قال: أتيت مكة، فلقيت سعد بن أبي وقاص، فقلت: هل سمعت لعلي منقبة؟ قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فنودي فينا ليلاً: ليخرج من في المسجد، إلا آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل علي. قال: فخرجنا، فلما أصبح أتاه عمه، فقال: يا رسول الله، أخرجت أصحابك، وأعمامك، وأسكنت هذا الغلام؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أنا أمرت بإخراجكم، ولا بإسكان هذا الغلام، إن الله هو أمر به".
ومن طريق النسائي أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 363).
قال النسائي عقب الحديث: "عبد الله بن شريك ليس بذاك، والحارث بن مالك لا أعرفه".
وأعل ابن الجوزي الحديث بعبد الله بن شريك، والحارث بن مالك، ونقل عن النسائي قوله السابق عن الحارث، وقال عن ابن شريك:"قال السعدي: كان كذاباً، وقال ابن حبان: كان غالياً في التشيع، روى عن الأثبات ما لا يشبه حديث الثقات". اهـ.
وأخرج النسائي الحديث أيضاً (ص 61 رقم 39). من طريق محمد بن سليمان لوين، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، فذكره بنحو اللفظ السابق. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه أيضاً البزار في مسنده (3/ 198رقم 2556).
وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 177).
والخطيب في تاريخه (5/ 293).
جميعهم من طريق محمد بن سليمان لوين، به نحوه.
وأخرجه الفسوي في تاريخه (2/ 211)، من طريق الحميدي، عن سفيان، عن عمرو، عن أبي جعفر، عن إبراهيم بن سعد، به مرسلاً.
ومن طريق الفسوي أخرجه الخطيب في تاريخه (5/ 294).
وأخرجه الخطيب أيضاً في الموضع نفسه من طريق عبد الله بن وهب، عن سفيان، به مرسلاً أيضاً.
قال البزار عقب روايته للحديث: "هكذا رواه محمد بن سليمان، عن سفيان، وغيره إنما يرويه عن سفيان، عن عمرو، عن محمد بن علي (عن إبراهيم بن سعد)، مرسلاً.
وأخرج الخطيب، عن التمروذي، قال:(وذكر -يعني أحمد بن حنبل- لوينا، فقال: قد حدث حديثاً منكراً عن ابن عيينة، ماله أصل، قلت: أيش هو؟ قال: عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه قصة علي: "ما أنا بالذي أخرجتكم، ولكن الله أخرجكم"، فأنكره إنكاراً شديداً، وقال: ما له أصل). اهـ.
وقال الخطيب عقبه: "أظن أبا عبد الله أنكر على لوين روايته متصلاً، فإن الحديث محفوظ عن سفيان بن عيينة، غير أنه مرسل، عن إبراهيم بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك"، ثم أخرجه من طريق الحميدي، وابن وهب، كلاهما عن سفيان، به مرسلاً.
وذكر الحافظ أبو نعيم في الموضع السابق عن لوين قال: "حدثنا به ابن عيينة مرة أخرى، عن إبراهيم بن سعد، لم يجاوز به". اهـ. وهذا يبريء ساحة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لوين من روايته للحديث عن سفيان متصلاً، إلا أن يكون وهم في سماعه الأول، ثم سمعه مرة أخرى وسفيان يحدث به على الصواب، فذكره.
هذا بالنسبة لقوله: "ما أنا أخرجتكم
…
"الخ.
وأما رواية حديث غدير خم، وقوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه
…
" الخ، فتقدم هذا اللفظ من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه برقم (532) وسبق بيان أنه حديث صحيح.
وأما هذا اللفظ من رواية سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فله عنه أربع طرق:
* الأولى: وهي طريق الحاكم هذه التي يرويها مسلم الأعور، عن خيثمة بن عبد الرحمن.
* الثانية: يرويها عبد الرحمن بن سابط، عن سعد، وفيه قصة، والشاهد قول سعد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كنت مولاه، فعلي مولاه".
أخرجه ابن ماجه (1/ 45رقم 221) في فضائل علي رضي الله عنه من المقدمة.
* الثالثة: يرويها عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، أن سعداً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه، فعلي مولاه".
أخرجه النسائي في الخصائص (ص 99 رقم 83).
* الرابعة: يرويها مهاجر بن مسمار، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد (علي)، فقال:"ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ من كنت وليه، فإن علياً وليه".
أخرجه البزار (3/ 187رقم2529)، وقال: "لا نعلمه يروي عن عائشة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بنت سعد، عن أبيها إلا من هذا الوجه، ولا نعلم روى المهاجر عن عائشة بنت سعد، عن أبيها إلا هذا".
وقال الهيثمي في المجمع (9/ 107): "رجاله ثقات".
وأما قوله: وجيء به يوم خيبر وهو أرمد
…
الخ، فتقدم هذا اللفظ من رواية سعد رضي الله عنه برقم (531)، وسبق بيان أنه حديث صحيح رواه مسلم، وغيره.
دراسة الإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، وسكت عنه، وأعله الذهبي بقوله:"سكت الحاكم عن تصحيحه، ومسلم متروك".
ومسلم هذا هو ابن كيسان الضبي، الملائي، الأعور، أبو عبد الله الكوفي، وهو ضعيف -كما في التقريب (2/ 246رقم1097) -، وانظر الكامل لابن عدي (6/ 2308 - 2310)، والتهذيب (10/ -135136 رقم 247).
وأما الطريق التي رواها النسائي في الخصائص عن علي بن قادم، عن إسرائيل، عن عبد الله بن شريك، عن الحارث بن مالك، عن سعد، ففي سندها الحارث بن مالك هذا، وهو مجهول -كما في التقريب (1/ 144رقم 63) -، وتقدم أن النسائي قال عنه: لا أعرفه، وانظر الميزان (1/ 441 رقم 1642)، والتهذيب (2/ 156 رقم 270).
والراوي عن الحارث هذا هو عبد الله بن شريك، وقد اختلف عليه في الحديث، فرواه علي بن قادم، عن إسرائيل، عن عبد الله بن شريك، عن الحارث بن مالك، بالسياق المتقدم.
وأخرجه النسائي عقبه من طريق فطر بن خليفة، عن عبد الله بن شريك، عن عبد الله بن الرقيم، عن سعد، أن العباس أتى النبي -صلى الله عليه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وسلم-، فقال: سددت أبوابنا، إلا باب علي، فقال:"ما أنا فتحتها، ولا سددتها".
وهذا السياق جاء من طرق أخرى ليست موضع بحثنا هذا، وقد أفاض في الكلام عليها الحافظ ابن حجر في الفتح (7/ 14 - 16)، وفي القول المسدد (ص17 - 23).
ورواه جابر بن الحر، عن عبد الله بن شريك، عن الحارث بن ثعلبة، عن سعد، ذكره الحافظ في التهذيب (2/ 156)، وذكر الاختلاف السابق، وقال:"والمحفوظ حديث فطر".
قلت: وحديث فطر يختلف متنه عن متن هذا الحديث الذي معنا كما يتضح من سياقه السابق، وعليه فالحديث لا يصلح للاستشهاد من هذه الطريق.
وأما الطريق التي رواها سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر، عن إبراهيم بن سعد، فالراجح أنها مرسلة ليس لسعد فيها ذكر.
الحكم على الحديث:
الحديث بسياق الحاكم لضعف مسلم الأعور.
وأما متنه فاشتمل على ثلاثة أحاديث:
الأول: حديث غدير خُمّ، وقوله صلى الله عليه وسلم:"من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه"، وهذا المتن صحيح ورد عن عدة من الصحابة، وتقدم الكلام عليه في الحديث رقم (532).
الثاني: حديث استدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعلي يوم خيبر، وهو أرمد، وهذا الحديث صحيح أخرجه مسلم من حديث سعد نفسه رضي الله عنه، وتقدم الكلام عنه في الحديث رقم (531). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الثالث: حديث إخراج النبي صلى الله عليه وسلم لمن في المسجد، وإبقاء علي رضي الله عنه، وأمثل طرق هذا الحديث طريق الحاكم هذه، والطريق التي ترجح أنها مرسلة، ويرويها إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص.
والحديث بمجموع هذين الطريقين قد يرتقي لدرجة الحسن لغيره، لولا أن متنه أعله بعض العلماء منهم الِإمام أحمد، وتقدم ذكر استنكاره لهذا الحديث وقوله:"ما له أصل".
وعليه فالحديث بهذا اللفظ منكر المتن، والله أعلم.
541 -
حديث الشَّعبي:
لما قتل عثمان، وبويع علي؛ خطب أبو موسى بالكوفة، فنهى الناس عن القتال، والدخول في الفتنة
…
الخ.
قلت: فيه الهَيْثم بن عَدي، وهو متروك.
541 - المستدرك (3/ 117): حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكى، ثنا الحسن بن محمد بن زياد، ثنا داود بن رشيد، ثنا الهيثم بن عدي، عن مجالد، وابن عياش، وإسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال: لما قتل عثمان، وبويع علي رضي الله عنهما، خطب أبو موسى وهو على الكوفة، فنهى الناس عن القتال، والدخول في الفتنة، فعزله علي عن الكوفة من ذي قار، وبعث إليه عمار بن ياسر والحسن بن علي، فعزلاه، واستعمل قرظة بن كعب، فلم يزل عاملاً حتى قدم علي من البصرة بعد أشهر، فعزله حيث قدم، فلما سار إلى صفين، استخلف عقبة بن عمرو أبا مسعود الأنصاري حيث قدم من صفين.
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، وسكت عنه، وأعله الذهبي بقوله:"الهيثم متروك".
والهيثم هذا هو ابن عدي الطائي، أبو عبد الرحمن المنبجي، وهو كذاب، رماه بالكذب ابن معين، والبخاري، وأبو داود، والعجلي، والساجي، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال مرة: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: متروك الحديث، محله محل الواقدي، وقال عباس الدوري: حدثنا بعض أصحابنا قال: قالت جارية الهيثم بن عدي: كان مولاي يقوم عامة الليل يصلي، فإذا أصبح جلس يكذب./ الضعفاء للنسائي (ص 104 رقم 608)، والجرح والتعديل (9/ 85رقم 350)، والكامل لابن عدي (7/ 2562 - 2563)، واليزان (4/ 324 رقم9311)، واللسان (6/ 209 - 211رقم 740).
الحكم على الحديث:
الحديث موضوع بهذا الإسناد لنسبة الهيثم بن عدي إلى الكذب.
542 -
حديث أم سلمة، قالت:
ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج بعض
أمهات المؤمنين، فضحكت عائشة، فقال:"انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت"، ثم التفت إلى علي، وقال:"إن وَلِيتَ من أمرها شيئاً، فارفق بها".
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: فيه عبد الجبار بن الورد، ولم يخرجا له.
542 - المستدرك (3/ 119): حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد، ثنا أحمد بن نصر، ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، ثنا عبد الجبار بن الورد، عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت، فذكره بلفظه.
تخريجه:
الحديث ذكره صاحب كنز العمال (12/ 136رقم 34371)، وعزاه للحاكم فقط.
وقد أخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 411) من طريق الحاكم.
وأورده الحافظ ابن كثير في البداية (6/ 212) عن البيهقي، ثم قال: "هذا حديث غريب جداً.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله:"عبد الجبار لم يخرجا له". وعبد الجبار هذا هو ابن الورد المخزومي، مولاهم، المكي، أبو هشام، وهو صدوق يهم -كما في التقريب (1/ 466 رقم 796) -، فقد وثقه ابن معين، وأبوحاتم، وأبوداود، ويعقوب بن سفيان، والعجلي. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الِإمام أحمد ثقة لا بأس به، وقال ابن المديني لا بأس به، وكذا قال ابن عدي، وزاد: يكتب حديثه. وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: يخطيء ويهم، وقال البخاري: يخالف في بعض حديثه./ الكامل لابن عدي (5/ 1962)، والتهذيب (6/ 105 - 106رقم 212).
ولم يرو لعبد الجبار هذا أحد من الشيخين، وإنما روى له أبو داود والنسائي -كما يتضح من الموضع السابق من التقريب، والتهذيب-.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإِسناد لا تقدم عن حال عبد الجبار بن الورد.
وتقدم أن ابن كثير قال عن الحديث: "غريب جداً"، مع أنه مال إلى تصحيحه في موضع آخر.
فإن ابن القيم رحمه الله قال في المنار المنيف (ص 60): على حديث فيه: "يا حميراء"، أو ذكر:"الحميراء"، فهو كذب مختلق). اهـ.
واستثنى بعضهم بعض الأحاديث التي فيها ذكر: "الحميراء"، ومنها هذا الحديث، استثناه ابن كثير -كما نقله. عنه تلميذه الِإمام بدر الدين الزركشي في كتابه "الإجابة لا يراد ما استدركته عائشة على الصحابة" (ص 51) - حيث ذكر من خصائص عائشة رضي الله عنها قوله صلى الله عليه وسلم:"خذوا شطر دينكم عن الحميراء"، ثم قال الزركشي: (وسألت شيخنا الحافظ عماد الدين بن كثير رحمه الله عن ذلك، فقال: كان شيخنا حافظ الدنيا أبو الحجاج المزي رحمه الله يقول: كل حديث فيه ذكر الحميراء باطل، إلا حديثاً في الصوم في سنن النسائي.
قلت -أي ابن كثير-: وحديث آخر في النسائي أيضاً عن أبي سلمة، قال: قالت عائشة: دخل الحبشة المسجد يلعبون، فقال لي:"يا حميراء، أتحبين أن تنظري إليهم؟ "
…
الحديث، وإسناده صحيح.
وروى الحاكم في مستدركه حديث: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= خروج بعض أمهات المؤمنين، فضحكت عائشة، فقال:"انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت"، ثم التفت إلى علي، فقال:"إن وليت من أمرها شيئاً، فارفق بها"، وقال -أي الحاكم-: صحيح الِإسناد). اهـ. وانظر أيضاً حاشية الموضع السابق من المنار للشيخ عبد الفتاح أبي غدة.
543 -
حديث أنس:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: " أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي".
قال: على (شرط)(1) البخاري ومسلم.
قلت: بل هو (فيما)(2) أعتقد من وضع ضِرار بن صُرَد المذكور في إسناده؛ قال ابن معين: كذاب (3).
(1) ما بين القوسين ليس في (أ).
(2)
في (أ): (مما)، وليس في (ب)، وما أثبته من التلخيص.
(3)
في (ب) لم يذكر التعقيب بكامله، وإنما قال:(قلت: بل موضوع).
وقول ابن معين هذا انظره في الجرح والتعديل (4/ 465).
543 -
المستدرك (3/ 122): حدثنا عَبْدان بن يزيد بن يعقوب الدقّاق من أصل كتابه، ثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، ثنا أبو نعيم ضرار بن صرد، ثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يذكر عن الحسن، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي:"أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي".
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن حبان في المجروحين (1/ 380) من طريق ضرار، به مثله.
وللحديث طريق أخرى يرويها إبراهيم بن محمد به ميمون، حدثنا علي بن عابس، عن الحارث بن حصيرة، عن القاسم بن جندب، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أنس، اسكب لي وضوءاً، ثم قام، فصلى ركعتين، ثم قال: "يا أنس، أول من يدخل عليك من هذا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الباب أمير المؤمنين، وسيد المرسلين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين"، قال أنس: فقلت: اللهم اجعله رجلاً من الأنصار، إذ جاء علي عليه السلام، قال: "من هذا يا أنس؟ "فقلت: علي، فقام مستبشراً، فاعتنقه، ثم جعل يمسح عرق وجهه، ويمسح عرق علي بوجهه، فقال علي: يا رسول الله، لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعته بي قبل؟! قال: وما يمنعني، وأنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي؟ ".
أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 63 - 64).
ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 376 - 377)، وقد سقط عنده بعض متنه، ومنه موضع الشاهد، وساقه السيوطي في اللآليء (1/ 359) بتمامه.
قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح. قال يحيى بن معين: علي بن عابس ليس بشيء.
وحكم الذهبي في الميزان (1/ 64) على هذا الحديث بالوضع، ونقله عنه السيوطي في اللآليء، إقراراً منه لابن الجوزي في حكمه على الحديث بالوضع.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله:"بل هو فيما أعتقده من وضع ضرار، قال ابن معين: كذاب".
وضرار هذا هو ابن صُرَد -بضم المهملة، وفتح الراء-، التيمي، أبو نعيم الطحان، الكوفي وهو متروك، كذبه ابن معين، وقال البخاري، والنسائي: متروك الحديث، وقال حسين بن محمد القبابي: تركوه، وقال الساجي: عنده مناكير، وقال ابن قانع: ضعيف يتشيع، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال ابن حبان: كان فقيهاً، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عالماً بالفرائض، إلا أنه يروي المقلوبات عن الثقات، حتى إذا سمعها من كان داخلًا في العلم شهد عليه بالجرح والوهن، وقال أبو حاتم: صدوق صاحب قرآن وفرائض، يكتب حديثه، ولا يحتج به، روى حديثاً عن معتمر، عن أبيه، عن الحسن، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضيلة لبعض الصحابة ينكرها أهل المعرفة بالحديث./ الجرح والتعديل (4/ 465 - 466 رقم2046)، والمجروحين (1/ 380)، والميزان (2/ 327 - 328 رقم3951)، والتهذيب (4/ 456رقم788).
قلت: والحديث الذي ذكره أبو حاتم واستنكره، هو هذا الحديث الذي معنا.
وأما الطريق الأخرى، فتقدم أن ابن الجوزي أعلها بضعف علي بن عابس، وزاد السيوطي إعلالها بـ: إبراهيم بن محمد بن ميمون، وإبراهيم هذا قال عنه الذهبي: من أجلاد الشيعة، وحكم على حديثه بالوضع، وذكره الطوسي في رجال الشيعة./ الميزان1/ 63و 64 رقم 203 و 211)، واللسان (1/ 107رقم 318).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الإِسناد لشدة ضعف ضرار بن الأصرد.
وأما الطريق الأخرى فموضوعه كما سبق، والله أعلم.
544 -
حديث ربيعة بن ناجذ (1)، عن علي مرفوعاً:
"يا علي، إن فيك من عيسى مثلاً، أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزلة التي ليس بها
…
" الحديث.
قال: صحيح.
قلت: فيه الحكم بن عبد الملك وهّاه ابن معين (2).
(1) قوله: (ابن ناجذ) ليس في (ب).
(2)
تاريخ ابن معين (2/ 125رقم1332): "الحكم بن عبد الملك ليس بشيء".
544 -
المستدرك (3/ 123): حدثني أبو قتيبة سالم بن الفضل الآدمي بمكة، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عمي أبو بكر، ثنا علي بن ثابت الدهان، ثنا الحكم بن عبد الملك، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن علي رضي الله عنه قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال:"يا علي، إن فيك من عيسى عليه الصلاة والسلام مثلاً، أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزلة التي ليس بها". قال: وقال علي: ألا وإنه يهلك في مُحبُ مُطْرٍ يُفرط بي بما ليس فيّ، ومبغض مفتٍر يحمله شنآني على أن يبهتني، ألا وإني لست بنبي، ولا يوحى إلي، ولكني أعمل بكتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ما استطعت، فما أمرتكم به من طاعة الله تعالى، فحق عليكم طاعتي فيما أحببتم، أو كرهتم، وما أمرتكم بمعصية، أنا، وغيري، فلا طاعة لأحد في معصية الله عز وجل، إنما الطاعة في المعروف.
تخريجه:
الحديث أخرجه البخاري في تاريخه (3/ 281 - 282). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والنسائي في الخصائص (ص 121 رقم 103).
وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1/ 160).
وفي السنة (ص 190).
وفي زياداته على الفضائل (2/ 639 - 640و 713 - 714رقم1087 و1221 و1222).
ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 223 - 224 رقم 357).
وأخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 406 - 407 رقم 534).
وابن أبي عاصم في السنة (2/ 484رقم1004).
وابن الجوزي في العلل (1/ 161 - 162 رقم 259).
جميعهم من طريق الحكم بن عبد الملك، به نحوه، إلا أن البخاري، والنسائي، وابن أبي عاصم اقتصروا على المرفوع منه، ولم يذكروا قول علي، وبعض الروايات عند عبد الله بن أحمد، ورواية أبي يعلى ليس فيها بقية قول علي: "ألا وإني لست بنبي
…
" الخ.
قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح، قال: يحيى بن معين: الحكم بن عبد الملك ليس بثقة، وليس بشيء. وقال أبو داود: منكر الحديث".
وقال الهيثمي في المجمع (9/ 133): "في إسناد عبد الله وأبي يعلى، الحكم بن عبد الملك، وهو ضعيف".
وأخرجه البزار في مسنده (3/ 202رقم 2566) من طريق محمد بن كثير الملائي، ثنا، الحارث بن حصيرة، به نحوه، ولم يذكر قول علي رضي الله عنه.
قال الهيثمي في الموضع السابق: "وفي إسناد البزار محمد بن كثير القرشي، الكوفي، وهو ضعيف".
وللحديث طريق أخرى عن علي رضي الله عنه، يرويها عيسى بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب، قال: جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، فوجدته في ملأ من قريش، فنظر إلي، وقال:"يا علي، إنما مثلك في هذه الأمة كمثل عيسى ابن مريم، أحبه قوم، فأفرطوا فيه، وأبغضه قوم، فأفرطوا فيه"، قال: فضحك الملأ الذي عنده، وقالوا: انظروا كيف شبه ابن عمه بعيسى، قال: ونزل القرآن:
{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)} [الزخرف: 57].
أخرجه ابن حبان في المجروحين (2/ 122).
ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 224رقم 358).
قال ابن حبان عن عيسى هذا: "يروي عن أبيه، عن آبائه أشياء موضوعة، لا يحل الاحتجاج به، كأنه كان يهم، ويخطيء حتى كان يجيء بالأشياء الموضوعة، عن أسلافه، فبطل الاحتجاج بما يرويه، لما وصفت". اهـ. ثم ذكر هذا الحديث ضمن ما انتقده عليه.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"الحكم وهاه ابن معين".
والحكم هذا هو ابن عبد الملك القرشي البصري، وهو ضعيف -كما في التقريب (1/ 191 رقم 492) -، وانظر الجرح والتعديل (3/ 122 - 123رقم 564)، والتهذيب (2/ 431 - 432 رقم 754).
وقد تابعه عند البزار محمد بن كثير القرشي، الكوفي، أبو إسحاق، وهو ضعيف أيضاً -كما في التقريب (2/ 203رقم 655) -، وانظر الكامل لابن عدي (6/ 2257 - 2258)، والتهذيب (9/ 418 - 419 رقم 685).
لكن مدار كلا الطريقين على الحارث بن حَصيرة -بفتح المهملة، وكسر =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= المهملة بعدها-، الأزدي، أبو النعمان الكوفي، وهو ضعيف شيعي غال، قال جرير عنه: شيخ طويل السكوت، يصر على أمر عظيم، وقال أبو أحمد الزبيري، كان يؤمن بالرجعة، وقال الدارقطني: شيخ للشيعة يغلو في التشيع، وقال الأزدي: زائغ، سألت أبا العباس بن سعيد عنه، فقال: كان مذموم المذهب، أفسدوه. وقال العقيلي: له غير حديث منكر لا يتابع عليه.
وقال ابن عدي: هو أحد من المحترقين بالكوفة في التشيع، وعلى ضعفه يكتب حديثه. وقال أبو حاتم: لولا أن الثوري روى عنه لترك حديثه.
ووثقه النسائي، والعجلي، وابن نمير، وابن حبان، وقال أبو داود: شيعي صدوق، وقال ابن معين: خشبي ثقة، ينسبونه إلى خشبة زيد التي صلب عليها./ الكامل لابن عدي (2/ 606 - 607)، والتهذيب (2/ 140 رقم 236).
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف الحارث بن حصيرة، وأما الحكم بن عبد الملك فإنه قد توبع عليه كما سبق.
وأما الطريق الأخرى التي رواها عيسى بن عبد الله، فتقدم أن ابن حبان حكم عليها بالوضع، والله أعلم.
545 -
حديث أبي ذرّ مرفوعاً:
"يا علي، من فارقني، فقد فارق الله، ومن فارقك، فقد فارقني".
قال: صحيح.
قلت: بل منكر.
545 - المستدرك (3/ 123 - 124): حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، ثنا عبد الله بن نمير، ثنا عامر بن السمط، عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف، عن معاوية بن ثعلبة، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: "يا علي، من فارقني، فقد فارق الله، ومن فارقك يا علي، فقد فارقني".
تخريجه:
الحديث أشار إليه البخاري في تاريخه (7/ 333)، فقال: قال: أبو عامر، نا ابن نمير، عن عامر الشيباني، عن أبي الجحاف، عن معاوية بن ثعلبة، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في علي.
وأخرجه الِإمام أحمد في الفضائل (2/ 570 رقم 962).
والبزار في مسنده (3/ 201 رقم 256).
وابن عدي في الكامل (3/ 950).
ثلاثتهم من طريق ابن نمير، به نحوه.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 135): "رجاله ثقات".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"بل منكر". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وفي سنده معاوية بن ثعلبة الراوي للحديث عن أبي ذر، وهو مجهول، لم يرو عنه سوى أبي الجحاف داود بن أبي عوف، وقد ذكره البخاري في تاريخه (7/ 333رقم1431)، وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 378رقم 1733)، وذكره ابن حبان في ثقاته (5/ 416).
وفي سنده داود بن أبي عوف سويد التميمي، البُرْجُمي، مولاهم، أبو الجحاف، وهو صدوق شيعي، ربما أخطأ -كما في التقريب (1/ 233 رقم 32)، فقد وثقه سفيان، وأحمد، وابن معين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن عيينة: كان من الشيعة، وقال ابن عدي: "هو في جملة متشيعي أهل الكوفة، وعامة ما يرويه في فضائل أهل البيت
…
، وهو من غالية أهل التشيع
…
، وهو عندي ليس بالقوي، ولا ممن يحتج به في الحديث"، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: يخطيء، وقال الأزدي: زائغ ضعيف، وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال: كان من غلاة الشيعة./ الجرح والتعديل (3/ 421 - 422رقم 1922)، والكامل (3/ 950 - 951)، والتهذيب (3/ 196 - 197 رقم 375).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لجهالة معاوية بن ثعلبة، وما تقدم عن حال أبي الجحاف، ومتنه منكر كما قال الذهبي: لتفرد أبي الجحاف به، عن معاوية هذا، حيث لم أجد للحديث غير هذه الطريق.
546 -
حديث عائشة مرفوعاً:
"أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب".
قال: صحيح، رواه عمر بن حسن الرّاسِبي، وأرجو أنه صدوق.
قلت: أظن أنه الذي وضع هذا.
546 - المستدرك (3/ 124): حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، ثنا محمد بن معاذ، ثنا أبو حفص عمر بن الحسن الراسبي، ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"أنا سيد ولد آدم، وعلى سيد العرب".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه، وفي إسناده عمر بن الحسن، وأرجو أنه صدوق، ولولا ذلك لحكمت بصحته على شرط الشيخين".
تخريجه:
الحديث له عن عائشة رضي الله عنها أربع طرق:
* الطريق الأولى: وهي طريق الحاكم هذه التي يرويها سعيد بن جبير.
وذكره في كنز العمال (11/ 681رقم33006)، وعزاه للحاكم فقط.
وذكره أيضاً (13/ 145 - رقم 36456)، وعزاه لابن النجار، فلست أدري، أمن هذه الطريق أخرجه، أم من غيرها؟
* الطريق الثانية: يرويها سلمة بن كهيل.
أخرجه الخطيب في تاريخه (11/ 89 - 90) من طريق محمد بن حميد، عن يعقوب بن عبد الله الأشعري، عن جعفر، عن سلمة بن كهيل، قال: مر علي بن أبي طالب على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة، فقال لها:"إذا سرك أن تنظري إلى سيد العرب، فانظري إلى علي بن أبي طالب"، فقالت: يا نبي الله، ألست سيد العرب؟ فقال: "أنا إمام =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= المسلمين، وسيد المتقين، إذا سرك أن تنظري إلى سيد العرب، فانظري إلى علي بن أبي طالب".
ومن طريق الخطيب أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 211 - 212 رقم 341)، ثم قال:"هذا حديث لا أصل له، وإسناده منقطع، ومحمد بن حميد قد كذبه أبو زرعة، وابن وارة، وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمقلوبات".
* الطريق الثالثة: يرويها إسماعيل بن أبي خالد، قال: نظرت عائشة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا سيد العرب، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنا سيد ولد آدم، ولا فخر، وأبوك سيد كهول العرب، وعلي سيد شباب العرب".
أخرجه القطيعي في زياداته على الفضائل لأحمد (1/ 394رقم 599) من طريق عبد الملك بن عبد ربه أبي إسحاق الطائي، عن خلف بن خليفة، عن إسماعيل، به.
* الطريق الرابعة: هي الآتية برقم (547)، وهي طريق موضوعة كما سيأتي.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وقال:"في إسناده عمر بن الحسن، وأرجو أنه صدوق"، فتعقبه الذهبي بقوله:"أظن أنه هو الذي وضع هذا".
وعمر بن الحسن هذا هو الراسبي، ومتنه منكر، تفرد به الراسبي هذا من هذه الطريق، وقد حكم عليه الذهبي بالوضع هنا، وفي الميزان قال:"خبر باطل"، وانظر الحديثين الآتيين.
وعمر بن الحسن هذا هو الراسبي، أبو حفص، ذكره الذهبي في الميزان 3/ 185رقم6069وقال لا يكاد يعرف، وأتي بخبر باطل متنه:"علي سيد العرب".
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لجهالة الراسبي، ومتنه منكر، تفرد به الراسبي هذا من هذه الطريق، وقد حكم عليه الذهبي بالوضع هنا، وفي الميزان قال:"خبر باطل"، وانظر الحديثين الآتيين.
547 -
حديث عائشة مرفوعاً:
"ادعوا لي سيد العرب".
قلت: من؟
قال: "علي سيد العرب".
قلت: فيه الحسين بن علوان، وهو الذي وضعه.
547 - هذا الحديث أورده الحاكم شاهداً للحديث السابق، حيث قال في المستدرك (3/ 124): وله شاهد من حديث عروة، عن عائشة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر القاري ببغداد، ثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، ثنا الحسين بن علوان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ادعوا لي سيد العرب"، فقلت: يا رسول الله، ألست سيد العرب؟ قال:"أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب".
تخريجه:
الحديث لم أجد من أخرجه من هذه الطريق، وله طرق أخرى تقدم تخريجها في الحديث السابق.
دراسة الِإسناد:
الحديث أورده الحاكم شاهداً للحديث السابق، وأعله الذهبي بقوله:"وضعه ابن علوان".
وابن علوان هذا هو الحسين بن علوان الكلبي، وهو كذاب يضع الحديث.
قال ابن معين، والنسائي: كذاب، قال ابن المديني: ضعيف جداً، وقال أبو حاتم، والدارقطني: متروك الحديث، وقال صالح جزرة: كان يضع =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحديث، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على هشام، وغيره وضعاً، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب. وقال ابن عدي: يضع الحديث./ الكامل (2/ 769 - 771)، والميزان (1/ 542رقم2027)، واللسان (2/ 299 - 300رقم 1244).
الحكم علي الحديث:
الحديث موضوع بهذا الِإسناد لنسبة الحسين بن علوان إلى الكذب، ووضع الحديث.
548 -
قال الحاكم: وروي من رواية جابر مرفوعاً.
قلت: فيه عمر بن موسى الوجيهي (1)، وهو وضاع.
(1) في أصل (أ): (الرحمي)، ومعلق بهامشها:(صوابه: الوجيهي)، وليست في أصل (ب)، وإنما بهامشها.
548 -
هذا الحديث أورده الحاكم أيضاً شاهداً للحديث قبل السابق، لكنه جاء في المستدرك المطبوع معلقاً بلا إسناد، وهو بتمامه في المخطوط كما يلي: قال الحاكم: وله شاهد آخر من حديث جابر.
حدثناه أبو عبد الله محمد بن موسى القاضي الخازن من أصل كتابه، ثنا إبراهيم بن مالك الزعفراني، ثنا سهل بن عثمان العسكري، ثنا المسيب بن شريك، ثنا عمر بن موسى الوجيهي، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أدعوا لي سيد العرب"، فقالت عائشة: ألست سيد العرب يا رسول الله؟ فقال: "أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب".
تخريجه:
الحديث ذكره في كنز العمال (11/ 681رقم33006)، وعزاه للحاكم فقط.
دراسة الِإسناد:
الحديث أورده الحاكم شاهداً للحديث قبل السابق، وأعله الذهبي بقوله:"عمر وضاع".
وعمر هذا هو ابن موسى بن وجيه الميتمي، الوجيهي، الحمصي، وهو كذاب يضع الحديث. قال ابن معين عنه: كذاب ليس بشيء. وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث، كان يضع الحديث. وقال ابن عدي: هو في عداد من يضع الحديث متناً، وإسناداً./ الكامل (5/ 1669 - 1673)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والميزان (3/ 224 - 225 رقم 6222)، واللسان (4/ 332 - 334 رقم 944).
الحكم على الحديث:
الحديث موضوع بهذا الِإسناد لنسبة عمر الوجيهي للكذب ووضع الحديث.
549 -
حديث علي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله علياً، اللهم أدِر الحق معه حيث دار".
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: كذا قال! وفيه مختار بن نافع، وهو ساقط؛ قال النسائي (1)، وغيره: ليس بثقة.
(1) الميزان (4/ 80).
549 -
المستدرك (3/ 124 - 125): أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، ثنا أبو قلابة، ثنا أبو عتاب سهل بن حماد، ثنا المختار بن نافع بالتميمي، ثنا أبو حيان التيمي، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكره بلفظه.
تخريجه:
هذا الحديث جزء من حديث اقتصر الحاكم على موضع الشاهد منه، وأخرجه بتمامه الترمذي (10/ 216 - 217رقم 3798) في مناقب علي رضي الله عنه، من كتاب المناقب، ولفظه:"رحم الله أبا بكر؛ زوجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالاً من ماله. رحم الله عمر؛ يقول الحق وإن كان مراً، تركه الحق، وماله صديق. رحم الله عثمان، تستحييه الملائكة. رحم الله علياً، اللهم أدر الحق معه حيث دار".
أخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 418 - 419 رقم 550).
وابن حبان في المجروحين (3/ 10).
وابن عدي في الكامل (6/ 2437).
وعلقه ابن الجوزي في العلل (1/ 253 - 254 رقم 410). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= جميعهم من طريق المختار بن نافع، به، مثل لفظ الترمذي، عدا ابن حبان فنحوه.
قال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه".
وقال ابن الجوزي: "هذا الحديث يعرف بمختار، قال البخاري: هو منكر الحديث. وقال ابن حبان: كان يأتي بالمناكير عن المشاهير، حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لذلك". اهـ.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله:"كذا قال! ومختار ساقط: قال النسائي، وغيره: ليس بثقة".
ومختار هذا هو ابن نافع التميمي، العكلي، أبو إسحاق التمار، الكوفي، وهو منكر الحديث، قاله البخاري، والنسائي، وأبو حاتم، والساجي، وقال النسائي في موضع آخر: ليس بثقة، وقال أبو زرعة: واهي الحديث، ووثقه العجلي، وقال ابن حبان:"منكر الحديث جداً، كان يأتي بالمناكير عن المشاهير، حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لذلك"./ الضعفاء للبخاري (ص 11 رقم 357)، والمجروحين (3/ 9 - 10)، والكامل (6/ 2437)، والتهذيب (10/ 69 - 70 رقم119).
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد، ومتنه منكر، تفرد به المختار هذا، وقد عدّه ابن حبان، وابن عدي، والذهبي في ما أنكر عليه، والله أعلم.
550 -
حديث عمر، قال:
لقد أعطي علي (1) ثلاث خصال (2): تزوّج فاطمة، وسُكناه في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرايةَ يوم خيبر.
قال: صحيح.
قلت: بل فيه المديني (3) عبد الله بن جعفر، ضعيف.
(1) في (ب): (عليا).
(2)
في (ب): (خطال).
(3)
قوله: (المديني) ليس في (ب).
550 -
المستدرك (3/ 125): أخبرني الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفرائيني، ثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء، ثنا علي بن عبد الله بن جعفر المديني، ثنا أبي، أخبرني سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال، لأن تكون لي خصلة منها أحب إلي من أن أعطى حمر النعم، قيل: وما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسكناه المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحل له فيه ما يحل له، والراية يوم خيبر.
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 1496) من طريق أبي يعلى، عن القواريري، عن عبد الله بن جعفر المديني، به مثله.
وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 120 - 121)، وقال:"رواه أبو يعلى في الكبير، وفيه عبد الله بن جعفر بن نجيح، وهو متروك". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة (3/ 158)، وعزاه لابن السمّان في الموافقة.
وأخرجه القطيعي في زياداته على الفضائل (2/ 659رقم1123)، من طريق يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب قال: لقد أوتي علي بن أبي طالب ثلاثاً، لأن أكون أوتيتها أحب إلي من إعطاء حمر النعم: جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، والراية يوم خيبر، والثالثة نسيها سهيل.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"بل المديني عبد الله بن جعفر ضعيف".
وعبد الله هذا هو ابن جعفر بن نجيح السعدي، مولاهم، أبو جعفر المديني، والد علي ابن المديني، وهو ضعيف، يقال: تغير حفظه بآخره -كما في التقريب (1/ 406 - 407رقم 232)، وانظر الكامل لابن عدي (4/ 1493 - 1497)، والتهذيب (5/ 174 - 176 رقم 298).
وقد خالفه يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد الِإسكندراني، وهو ثقة من رجال الشيخين كما في الحديث (509)، فرواه عن سهيل، عن أبيه، أن عمر، فذكره، ولم يذكر أبا هريرة.
قال محقق الفضائل لأحمد: "إسناده صحيح".
قلت: هو كذلك لو أن والد سهيل أدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ووالد سهيل هذا اسمه ذكوان السمان، أبو صالح، وقد نص أبو زرعة على أنه لم يسمع من عمر رضي الله عنه -كما في المراسيل لابن أبي حاتم (ص 57 رقم 82).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف عبد الله المديني، ومخالفته لمن هو أوثق منه، بزيادة أبي هريرة في سند الحديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والذي خالفه المديني هو يعقوب بن عبد الرحمن الِإسكندراني، والحديث من طريقه ضعيف أيضاً لانقطاعه.
لكن قوله في الحديث: "تزوجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم" صحيح لا أعلم بين أهل القبلة مخالف فيه.
وأما قوله: "سكناه المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم" فتقدم في الحديث (540) ما يشهد له من قول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (وأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس، وغيره من المسجد، فقال له العباس: تخرجنا ونحن عصبتك، وعمومتك، وتسكن علياً؟ فقال: "ما أنا أخرجتكم، ولكن الله أخرجكم، وأسكنه")، لكن تقدم هناك أن متنه أعله بعض العلماء، منهم الِإمام أحمد حين قال:"ما له أصل".
وأما قوله: "والراية يوم خيبر" فإنه صحيح تقدم في الحديث (531) أن مسلماً أخرجه من رواية سعد بن أبي وقاص، وقد أخرجه غيره من غير طريق سعد.
551 -
حديث ابن عباس:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في حجة الوداع: "لأقتلنّ العمالقة (1) في (كتيبة) "(2)، فقال له جبريل: أَوْ علي؟ فقال: "أَوْ علي".
قلت: فيه إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كُهَيْل، عن أبيه، وهما متروكان.
(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعد قال:(الحديث) إشارة لاختصار متنه.
(2)
في (أ): (كتفه)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
551 -
المستدرك (3/ 126): حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان، ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حدثني أبي، عن أبيه، عن سلمة، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في خطبة خطبها في حجة الوداع:"لأقتلن العمالقة في كتيبة"، فقال له جبريل عليه الصلاة والسلام: أو علي؟ قال: "أو علي بن أبي طالب".
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 2655) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحِمّاني، ثنا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لئن بقيت لأقتلن العمالقة"، قال: فقال جبريل: أو علي؟.
كذا جاء سياقه في الكامل لابن عدي.
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حدثني أبي، عن أبيه، وسكت عنه، فتعقبه الذهبي بقوله:"إسماعيل، وأبوه متروكان". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: تقدم في الحديث (503) أنهما متروكان، وأن ابنهما إبراهيم ضعيف.
وأما رواية ابن عدي للحديث، فمع ما فيها من النقص المخل في المتن، فإنها من رواية يحيى الحمائي، عن يحيى بن سلمة بن كهيل.
ويحيى بن سلمة بن كهيل تقدم آنفاً أنه: متروك.
ويحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمّاني -بكسر المهملة، وتشديد الميم-، الكوفي، مع كونه حافظاً، إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث -كما في التقريب (2/ 352رقم 116) -، فقد كذبه أحمد بن حنبل، قال عبد الله: قلت لأبي: ابن الحماني حدث عنك بحديث إسحاق الأزرق، قال: كذب، ما حدثته به، قلت: حكوا عنه أنه سمعه منك في المذاكرة على باب إسماعيل؟ فقال: "كذب، إنما سمعه من إسحاق بعد ذلك، أنا لا أعلم في تلك الأيام أن هذا الحديث غريب -أي وقت التقينا على باب إسماعيل-، إنما كنا نتذاكر الفقه والأبواب.
وقال أيضاً: ما زلنا نعرفه أنه يسرق الأحاديث، أو يلتقطها، أو ينقلها.
وقال جعفر بن سهل الدقاق: قلت لعبد الله بن أحمد: أبو عبد الله ترك حديث الحماني من أجل الحديث الذي ادعى أنه سمعه منه، عن إسحاق الأزرق؟ فقال عبد الله: ليس هذا العلة في تركه حديثه، ولكن حدث عن قريش بن حيان، عن بكر بن وائل بحديث، وقريش مات قبل أن يدخل الحماني البصرة./ انظر الكامل لابن عدي (7/ 2693 - 2695)، والتهذيب (11/ 243 - 249 رقم 398).
قلت: وقد وثق الحماني هذا يحيى بن معين، لكنه معارض بجرح من جرحه، وهو جرح مفسر، منه ما سبق ذكره عن الِإمام أحمد، وأمور أخرى ذكرها الحافظ ابن حجر في التهذيب، مفادها أن الحماني هذا يسرق الحديث كما قال الِإمام أحمد، والجرح إذا كان مفسراً مقدم على التعديل.
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً لما تقدم في دراسة الِإسناد، وهو من رواية ابن عدي أشد ضعفاً لنسبة الحماني إلى سرقة الحديث.
552 -
حديث ابن عباس مرفوعاً:
"أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد المدينة، فليأت الباب".
قال: صحيح.
قلت: بل موضوع.
قال: وأبو الصلت المذكور في إسناده ثقة مأمون.
قلت: لا والله، لا ثقة، ولا مأمون.
552 - المستدرك (3/ 126 - 127): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي بالرملة، ثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكره بلفظه.
قال الحاكم عقبه: (هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأبو الصلت ثقة مأمون، فإني سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب في التاريخ يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت الهروي، فقال: ثقة، قلت: أليس قد حدّث عن أبي معاوية، عن الأعمش:"أنا مدينة العلم"؟ فقال: قد حدث به محمد بن جعفر الفيدي، وهو ثقة مأمون.
سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه القباني إمام عصره ببخارى يقول: سمعت صالح بن محمد بن حبيب الحافظ يقول، وسئل عن أبي الصلت الهروي، فقال: دخل يحيى بن معين، ونحن معه على أبي الصلت، فسلم عليه، فلما خرج، تبعته، فقلت له: ما تقول -رحمك الله- في أبي الصلت؟ فقال: هو صدوق، فقلت له: إنه يروي حديث الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم، فليأتها من بابها"؟! فقال: قد روى هذا ذاك الفيدي، عن أبي معاوية، عن الأعمش كما رواه أبو الصلت).
تخريجه:
الحديث يرويه الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، به. وله عن الأعمش أربع طرق:
* الأولى: يرويها أبو معاوية:
وله عن أبي معاوية أحد عشر طريقاً:
1 -
يرويها أبو الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، عن أبي معاوية، وهي طريق الحاكم هذه التي يرويها عن محمد بن عبد الرحيم، عن أبي الصلت، به.
وأخرجه الحاكم أيضاً من طريق الحسن بن فهم، عن أبي الصلت- به.
وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار"(ص 105 رقم 173 من مسند علي) من طريق محمد بن إسماعيل الضراري.
والطبراني في الكبير (11/ 65 - 66 رقم 11061) من طريق المعمري، ومحمد بن علي الصائغ.
وابن عدي في الكامل (5/ 1722) من طريق علي بن سعيد بن بشير الرازي.
والخطيب في تاريخه (11/ 48و 49) من طريق إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي، والقاسم بن عبد الرحمن الأنباري.
ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 351).
جميع هؤلاء، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح، به نحوه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 2 - يرويها محمد بن جعفر الفيدي.
أخرجه الحاكم (3/ 127) عقب روايته لطريق أبي الصلت السابقة.
وهذه الطريق هي التي ذكرها ابن معين، بعد أن سئل عن رواية أبي الصلت، فقال:"قد روى هذا ذاك الفيدي، عن أبي معاوية، عن الأعمش، كما رواه أبو الصلت".
وقد أخرج الحاكم طريق الفيدي هذه من طريق الحسين بن فهم، ثنا محمد بن يحيى بن الضريس، ثنا محمد بن جعفر الفيدي، فذكره بمثله.
قال الحاكم: "ليعلم المستفيد لهذا العلم أن الحسين بن فهم بن عبد الرحمن ثقة مأمون حافظ".
3 -
يرويها عمر بن إسماعيل بن مجالد.
أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 150).
وابن عدي في الكامل (5/ 1722).
والخطيب في تاريخه (11/ 204).
ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 351).
ثلاثتهم من طريق عمر بن إسماعيل هذا، عن أبي معاوية، به نحوه، إلا أن ابن عدي اقتصر على قوله:"أنا مدينة العلم وعلي بابها".
4 -
يرويها أبو هارون إسماعيل بن محمد بن يوسف، عن أبي عبيد القاسم بن سلاّم، عن أبي معاوية، به نحوه.
أخرجه ابن حبان في المجروحين (1/ 130).
ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 352).
5 -
يرويها الحسن بن علي بن راشد، عن أبي معاوية، به نحوه.
أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 752). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 352).
6 -
يرويها إبراهيم بن موسى الرازي، عن أبي معاوية، به نحوه.
أخرجه الطبري في تهذيب الآثار (ص 105 رقم 174 من مسند علي).
7 -
يرويها موسى بن محمد الأنصاري الكوفي، عن أبي معاوية، به بلفظ:"أنا مدينة الحكمة، وعلي بابها".
أخرجه خيثمة بن سليمان الطّرابلسي في حديثه (ص 200): حدثنا ابن عوف، حدثنا محفوظ بن بحر الأنطاكي، حدثنا موسى بن محمد الأنصاري الكوفي، فذكره.
8 -
يرويها أحمد بن سلمة أبو عمرو الكوفي، عن أبي معاوية، به نحوه.
أخرجه ابن عدي في الكامل (1/ 193)، وتحرف فيه أبو معاوية إلى أبي ميمون.
وأخرجه من طريقه على الصواب ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 352).
9 -
يرويها جعفر بن محمد البغدادي، عن أبي معاوية، به نحوه.
أخرجه الخطيب في تاريخه (7/ 172 - 173).
ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 350).
10 -
يرويها رجاء بن سلمة، عن أبي معاوية، به نحوه.
أخرجه الخطيب أيضاً (4/ 348).
ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات أيضاً (1/ 350 - 351).
11 -
يرويها الحسن بن عثمان، عن محمود بن خداش، عن أبي معاوية.
ذكره ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 352)، وعزاه لابن مردويه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * الطريق الثانية: يرويها سعيد بن عقبة، عن الأعمش، به نحوه.
أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 1248).
ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 352).
* الطريق الثالثة: يرويها عيسى بن يونس، عن الأعمش، به بلفظ: أنا مدينة الحكمة وعلي بابها".
أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 1823) و (3/ 1248).
* الطريق الرابعة: يرويها سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش، به.
أخرجه ابن عدي أيضاً (3/ 1248)، بعد أن ذكر الحديث من طريق سعيد بن عقبة، فقال: "رواه شيخ ضعيف يقال له عثمان بن عبد الله الأموي، عن عيسى بن يونس، عن الأعمش.
وثناه عن بعض الكذابين، عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش". اهـ.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"موضوع"، ونقل قول الحاكم عن أبي الصلت:"ثقة مأمون"، فتعقبه بقوله:"لا والله، لا ثقة، ولا مأمون".
وأبو الصلت هذا اسمه عبد السلام بن صالح بن سليمان بن أيوب بن ميسرة القرشي، مولاهم، أبو الصلت الهروي.
وثقه ابن معين والحاكم، ووصفه ابن معين بالتشيع، وفي رواية عنه: لم يكن أبو الصلت عندنا من أهل الكذب، وفي رواية: ما أعرفه بالكذب، وفي أخرى: هو صدوق. وقال أبو داود: كان حافظاً.
وسئل الامام أحمد عن أبي الصلت هذا، فقال: روى أحاديث مناكير، قيل له: روى حديث مجاهد، عن علي (كذا!):"أنا مدينة العلم، وعلي بابها"، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال: ما سمعنا بهذا، قيل له: هذا الذي تنكر عليه؟ قال: غير هذا، أما هذا فما سمعنا به، وروى عن عبد الرزاق أحاديث لا نعرفها، ولم نسمعها. قيل لأبي عبد الله: قد كان عند عبد الرزاق من هذه الأحاديث الرديّة؟ قال: لم أسمع منها شيئاً.
ولما ذكر للِإمام أحمد هذا الحديث: "أنا مدينة العلم" قال: قبّح الله أبا الصلت.
وقال أحمد بن سيار عن أبي الصلت هذا: ناظرته لاستخراج ما عنده، فلم أره يفرق، ورأيته يقدم أبا بكر وعمر، ويترحم على علي وعثمان، ولا يذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالجميل، وسمعته يقول: هذا مذهبي الذي أدين الله به، إلا أن ثم أحاديث يرويها في المثالب، وسألت إسحاق بن إبراهيم عن تلك الأحاديث، وهي أحاديث مروية نحو ما جاء في أبي موسى، وما روي في معاوية، فقال: هذه أحاديث قد رويت، قلت: فتكره كتابتها، وروايتها، والرواية عمن يرويها؟ فقال: أما من يرويها على طريق المعرفة، فلا أكره ذلك، وأما من يرويها ديانة، ويريد عيب القوم، فإني لا أرى الرواية عنه.
وقال النسائي عنه: ليس بثقة. وقال الساجي: يحدث بمناكير، وهو عندهم ضعيف.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: لم يكن بصدوق، وهو ضعيف، ولم يحدثني عنه.
وضرب أبو زرعة على حديثه، وقال: لا أحدث عنه، ولا أرضاه.
وقيل لأبي سعد الهروي الزاهد: ما تقول في عبد السلام بن صالح؟ فقال: نعيم بن الهيصم ثقة، فقيل: إنما سألناك عن عبد السلام، فقال: نعيم ثقة، لم يزد على هذا.
وقال ابن حبان عنه: "يروي عن حماد بن زيد، وأهل العراق العجائب في فضل علي، وأهل بيته، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، وهو الذي روى عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال رسول الله =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= صلى الله عليه وسلم: "أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد المدينة، فليأت من قبل الباب"، وهذا شيء لا أصل له، ليس من حديث ابن عباس، ولا مجاهد، ولا الأعمش، ولا أبو معاوية حدث به، وكل من حدث بهذا المتن، فإنما سرقه من أبي الصلت هذا، وإن قلب إسناده".
وقال الحاكم، والنقاش، وأبو نعيم: روى مناكير. وذكره العقيلي في ضعفائه، وقال: كان رافضياً، خبيثاً، غير مستقيم الأمر. وروى مسلمة عن العقيلي أنه قال عن أبي الصلت أيضاً: كذاب. وقال الدارقطني: كان رافضياً خبيثاً، روى حديث:"الِإيمان إقرار بالقول، وعمل بالجوارح" الحديث، وهو متهم بوضعه، لم يحدث به إلا من سرقه منه، فهو الابتداء في هذا الحديث. وقال ابن عدي "ولعبد السلام هذا عن عبد الرزاق أحاديث مناكير في فضائل علي وفاطمة والحسن والحسين، وهو متهم في هذه الأحاديث. وقال محمد بن طاهر المقدسي: كذاب. وقال ابن الجوزي: كذاب، وهو الذي وضع هذا الحديث على أبي معاوية، وسرقه منه جماعة. اهـ. من الجرح والتعديل (6/ 48رقم 257)، والضعفاء للعقيلي (3/ 70 - 71)، والمجروحين لابن حبان (2/ 151 - 152)، والكامل لابن عدي (5/ 1968)، وتاريخ بغداد (11/ 46 - 51)، ومعرفة التذكرة لابن طاهر المقدسي (ص 260 رقم 1041)، والموضوعات لابن الجوزي (1/ 354)، والتهذيب (6/ 319 - 322 رقم 616).
قلت: أما الذهبي رحمه الله فقال عن أبي الصلت هنا: "لا ثقة، ولا مأمون"، وفي الميزان (2/ 616) قال:"الرجل الصالح، إلا أنه شيعي جلد"، وذكر أقوال من اتهمه، وتوثيق ابن معين، وسكت، وفي الميزان أيضاً (1/ 26) قال عنه:"أحد الهلكي". وفي ديوان الضعفاء (ص 193 رقم 2528) اختار قول من اتهمه، فقال:
"عبد السلام بن صالح، أبو الصلت الهروي، اتهمه بالكذب غير واحد، قال أبو زرعة: لم يكن بثقة، وقال ابن عدي: متهم، وقال غيره: رافضي". اهـ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وفي (الكاشف (2/ 195رقم 3413) قال: "واه شيعي، متهم مع صلاحه".
وأعدل الأقوال في حق أبي الصلت هذا ما اختاره الذهبي رحمه الله في كتابه المغني في الضعفاء (2/ 394رقم 3694) حيث قال: "عبد السلام بن صالح، أبو الصلت الهروي، الشيعي، الرجل العابد: متروك الحديث، قال ابن عدي: متهم". اهـ.
وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله في حاشيته على الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 293): (وأبو الصلت -فيما يظهر لي- كان داهية، من جهة خدم علي الرضا بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وتظاهر بالتشيع، ورواية الأخبار التي تدخل في التشيع، ومن جهة كان وجيهاً عند بني العباس، ومن جهة تقرب إلى أهل السنة برده على الجهمية، واستطاع أن يتجمل لابن معين حتى أحسن الظن به، ووثقه، وأحسبه كان مخلصاً لبني العباس، وتظاهر بالتشيع لأهل البيت مكراً منه؛ لكي يصدق فيما يرويه عنهم، فروى عن علي بن موسى، عن آبائه الموضوعات الفاحشة -كما نرى بعضها في ترجمة علي بن موسى من التهذيب-، وغرضه من ذلك حطّ درجة علي بن موسى، وأهل بيته عند الناس، وأتعجب من الحافظ، ابن حجر، يذكر في ترجمة علي بن موسى من التهذيب تلك البلايا، وإنه تفرد بها عنه أبو الصلت، ثم يقول في ترجمة علي من التقريب:"صدوق، الخلل ممن روى عنه"، والذي روى عنه هو أبو الصلت، ومع ذلك يقول في ترجمة أبي الصلت من التقريب:"صدوق له مناكير، وكان يتشيع، وأفرط العقيلي، فقال: كذاب"، ولم ينفرد العقيلي، فقد قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق
…
)، ثم ذكر أقوال من سبق ذكره من الأئمة عن أبي الصلت.
وقد تابع أبا الصلت على الحديث عشرة من الرواة كما سبق، جميعهم عن أبي معاوية، به، وبيان حال تلك الطرق إلى أبي معاوية كما يلي:
* أما الطريق الأولى فهي التي رواها أبو الصلت، وتقدم الكلام عنه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * وأما الثانية فيرويها محمد بن جعفر الفيدي، وهو الذي اعتبره ابن معين متابعاً لأبي الصلت -كما تقدم-، فقال:"قد حدث به محمد بن جعفر الفيدي، وهو ثقة مأمون".
والفيدي هذا قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (2/ 151 رقم 107): "مقبول"، ورجح في التهذيب (9/ 95 - 96) أنه ليس الذي روى عنه البخاري في كتاب الهبة من صحيحه، فقال:"وقع في الهبة: حدثنا محمد بن جعفر، أبو جعفر، ولم يذكر نسبه، والذي أظن أنه القومسي، فإنه لم يختلف في أن كنيته أبو جعفر، بخلاف هذا (يعني الفيدي)، والقومسي ثقة حافظ، بخلاف هذا، فإن له أحاديث خولف فيها". اهـ.
قلت: ورجح بعض الأئمة أن جميع من روى الحديث من هذه الطريق فإنما سرقه من أبي الصلت الهروي، ومن هؤلاء ابن عدي، والدارقطني، وابن حبان، وابن الجوزي، كما سيأتي، بل نص الدارقطني على أن محمد بن جعفر الفيدي ممن سرقه كما نقله عنه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 355).
وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله في حاشيته، على الفوائد المجموعة (ص 350):"وتبعه (يعني أبا الصلت) محمد بن جعفر الفيدي، فعده ابن معين متابعاً، وعدّه غيره سارقاً، ولم يتبين من حال الفيدي ما يشفي، ومن زعم أن الشيخين أخرجا له، أو أحدهما، فقد وهم". اهـ.
* أما الطريق الثالثة: فهي التي رواها عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد الكوفي، الهمذاني، نزيل بغداد، وهو متروك -كما في التقريب (2/ 52رقم 388) -، وقد كذبه ابن معين، فقال: كذاب رجل سوء خبيث./ الضعفاء للعقيلي (3/ 149 - 150)، والكامل لابن عدي (5/ 1722)، والتهذيب (7/ 427 - 428 رقم 697).
* وأما الطريق الرابعة: فهي التي يرويها أبو عبيد القاسم بن سلاّم، وعنه إسماعيل بن محمد بن يوسف، أبو هارون الجبريني، الفلسطيني، وهو يسرق =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحديث، قال عنه ابن حبان:"ممن يقلب الأسانيد، ويسرق الحديث، لا يجوز الاحتجاج به"، وكذبه ابن طاهر، وتبعه ابن الجوزي، وقال ابن أبي حاتم: لم أجد حديثه حديث أهل الصدق، وقال الحاكم: روى عن سنيد، وأبي عبيد، وعمرو بن أبي سلمة أحاديث موضوعة./ المجروحين (1/ 130)، واللسان (1/ 432 - 433 رقم1342).
* وأما الطريق الخامسة: فهي التي يرويها الحسن بن علي بن راشد، وعنه الحسن بن علي بن صالح بن زكريا، أبو سعيد العدوي، وهو كذاب، يضع الحديث. قال ابن عدي:"يضع الحديث، ويسرق الحديث، ويلزقه على قوم آخرين، ويحدث عن قوم لا يعرفون، وهو متهم فيهم، إن الله لم يخلقهم"، ثم ذكر ابن عدي الحديث من طريق العدوي هذا، عن الحسن بن علي بن راشد، عن أبي معاوية، وقال:"وهذا حديث أبي الصلت الهروي، عن أبي معاوية، على أنه قد حدث به غيره، وسرقه منه من الضعفاء (كذا)، وليس أحد ممن رواه عن أبي معاوية خيراً وأصدق من الحسن بن علي بن راشد الذي ألزقه العدوي، عليه".
وقال الدارقطني عن العدوي هذا: متروك. وقال حمزة السهمي: سمعت أبا محمد الحسن بن علي البصري يقول: أبو سعيد العدوي كذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول عليه ما لم يقل./ الكامل لابن عدي (2/ 750 - 754)، واللسان (2/ 228 - 231 رقم 987).
* وأما الطريق السادسة: فهي التي يرويها إبراهيم بن موسى الرازي، وعنه ابن جرير الطبري، ثم قال: "وليس بالفرّاء
…
، وهذا الشيخ لا أعرفه، ولا سمعت منه غير هذا الحديث".
وفي طبقة إبراهيم بن موسى هذا راو يقال له إبراهيم بن موسى الأنصاري، ذكره النجاشي في شيوخ الشيعة -كما في اللسان (1/ 116رقم 354) -، فإن كان هو، وإلا فلم أجده، ويكفي في سقوط روايته أن تلميذه ابن جرير لم يعرفه، وإذْ كان كذلك، فمن يعرفه إذن؟!!. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
* وأما الطريق السابعة: فهي التي يرويها موسى بن محمد الأنصاري الكوفي، ولم أجد له ذكراً فيما لدي من كتب التراجم.
لكن الراوي عنه محفوظ بن بحر الأنطاكي، وقد كذبه أبو عروبة، وقال ابن عدي:"له أحاديث يوصلها، وغيره يرسلها، وأحاديث يرفعها، وغيره يوقفها على الثقات".
وذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمته في الميزان (3/ 444رقم 7092)، وعدّه من بلاياه.
* وأما الطريق الثامنة: فهي التي يرويها أحمد بن سلمة أبو عمرو الكوفي، وهو يسرق الحديث كما في ترجمته في الكامل (1/ 192 - 193)، ونص ابن عدي على أنه سرق هذا الحديث من أبي الصلت، فرواه عن أبي معاوية.
* وأما الطريق التاسعة: فهي التي يرويها جعفر بن محمد البغدادي، أبو محمد الفقيه، ورواه عنه مطين، ثم قال: لم يرو هذا الحديث من الثقات أحد، رواه أبو الصلت فكذبوه، ذكره الخطيب في تاريخه (7/ 172 - 173).
وذكره الذهبي في الميزان (1/ 415رقم 1525)، وقال:"فيه جهالة"، ثم ذكر هذا الحديث في ترجمته، وقال:"هذا موضوع".
وقال ابن الجوزي عنه: "هو متهم بسرقة هذا الحديث"./ الموضوعات (1/ 354).
* أما الطريق العاشرة: فهي التي رواها رجاء بن سلمة، وقد نص ابن الجوزي على أنه ممن سرقه أيضاً، الموضوعات (1/ 354)، ولم أجد له ترجمة.
والحديث ذكره الخطيب في ترجمة أحمد بن قاذويه بن عزرة، أبو بكر الطحان، وساقه من طريقه في تاريخ بغداد (4/ 348)، ولم يذكر عنه جرحاً أو تعديلًا، فهذه علة أخرى للحديث أيضاً.
* وأما الطريق الحادية عشرة: فهي التي رواها الحسن بن عثمان، عن محمود بن خداش، عن أبي معاوية. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والحسن بن عثمان بن زياد بن حكيم هذا كذاب يضع الحديث، كذبه عبدان الأهوازي، وأبو علي النيسابوري، وقال ابن عدي:"كان عندي يضع ويسرق حديث الناس". / الكامل (2/ 756 - 757)، واللسان (2/ 219 - 220 رقم 968).
هذا بالنسبة لطرف الحديث التي عن أبي معاوية.
وأما طرقه التي عن الأعمش، فتقدم أربع طرق:
* إحداها: طريق أبي معاوية السابقة.
* والثانية: هي التي رواها سعيد بن عقبة، أبو الفتح الكوفي، قال عنه ابن عدي:"مجهول غير ثقة"./ الكامل (3/ 1247 - 1248).
والراوي عنه شيخ ابن عدي أحمد بن حفص بن عمر بن حاتم بن نجم بن ماهان السعدي، أبو محمد الجرجاني، وهو واه ليس بشيء -كما في ديوان الضعفاء (ص 3 رقم 28) -، قال عنه ابن عدي: "حدث بأحاديث منكرة لم يتابع عليها
…
، وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب، وهو ممن يُشبّه عليه، فيغلط، فيحدث منه حفظه".
وقال حمزة السهمي: لم يتعمد الكذب./ الكامل (1/ 202 - 203)، والميزان (1/ 94 رقم 353).
* أما الطريق الثالثة: فهي التي رواها عيسى بن يونس، ويرويها عنها عثمان بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان الأموي، وعثمان هذا كذاب يضع الحديث ويسرقه، قال ابن حبان: يضع الحديث. وقال ابن عدي: حدث في كل موضع بالمناكير عن الثقات، وذكر جملة من حديثه، ثم قال: ولعثمان غير ما ذكرت من الأحاديث، أحاديث موضوعات. وقال الجوزجاني: كذاب يسرق الحديث، وكذا قال الحاكم. وقال الدارقطني: متروك./ اهـ. من المجروحين (2/ 102)، والكامل (5/ 1823 - 1824)، واللسان (4/ 143 - 147رقم 332). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * وأما الطريق الرابعة: فهي التي رواها سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش، وهذه كفانا مؤنة الكلام عنها ابن عدي رحمه الله حيث قال:"وحُدّثناه عن بعض الكذابين، عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش"./الكامل 3/ 1248).
الحكم على الحديث:
الحديث من طريق أبي الصلت الهروي التي أخرجها الحاكم وغيره ضعيف جداً لشدة ضعف أبي الصلت.
وقد روي الحديث من عشر طرق أخرى عن أبي معاوية، غير طريق أبي الصلت هذه، ومن ثلاث طرق أخرى عن الأعمش، غير طريق أبي معاوية.
أما بالنسبة للطرق الثلاث عن الأعمش، فالثالثة، والرابعة الحديث موضوع من جهتهما، في الثالثة عثمان الأموي وهو كذاب يضع الحديث، ويسرقه، وفي الرابعة الراوي للحديث عن سفيان بن وكيع لم يفصح ابن عدي باسمه، وإنما وصفه بأنه كذاب.
وأما الطريق الثانية عن الأعمش فضعيفة جداً لشدة ضعف شيخ ابن عدي أحمد بن حفص، وجهالة سعيد بن عقبة.
وأما طرق الحديث عن أبي معاوية، فإحدى عشر طريقاً:
* الأولى: طريق أبي الصلت المتقدمة.
* والثانية: طريق محمد بن جعفر الفيدي، وتقدم أن ابن معين عدّه متابعاً، واعتبره الدارقطني وغيره سارقاً، والفيدي هذا لم يتبين من حاله ما يشفي كما قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي، وقد قال عنه ابن حجر: مقبول، وهو من =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، فهو مقبول حيث يتابع، وإلا فليّن الحديث./ مقدمة التقريب (1/ 5).
فمثل هذا الراوي حديثه ضعيف.
* والطريق الثالثة: ضعيفة جداً: فيها ابن مجالد، وهو متروك، بل كذبه ابن معين.
* والرابعة: موضوعة؛ فيها إسماعيل بن محمد بن يوسف، وهو يسرق الحديث.
* والخامسة: موضوعة أيضاً، فيها أبو سعيد العدوي، وهو كذاب يضع الحديث.
* والسادسة: ضعيفة جداً؛ فيها شيخ ابن جرير الطبري، وهو نكرة لا يعرف، واسمه إبراهيم بن موسى الرازي، ولم يعرفه ابن جرير نفسه الذي روى عنه الحديث، وذكر أنه لم يسمع منه غير هذا الحديث، ويحتمل أن يكون الأنصاري الذي هو من شيوخ الشيعة.
* والسابعة: موضوعة؛ فيها محفوظ بن بحر الأنطاكي كذبه أبو عروبة، وشيخه موسى بن محمد الأنصاري نكرة لا يعرف.
* والثامنة: موضوعة أيضاً، فيها أحمد بن سلمة يسرق الحديث.
* والتاسعة: موضوعة؛ فيها جعفر بن محمد البغدادي، نص ابن الجوزي على أنه ممن سرق هذا الحديث، ويؤيده ما نص عليه ابن حبان، وابن عدي، من أن كل من روى الحديث عن أبي معاوية فإنما سرقه من أبي الصلت، والذي روى هذا الحديث عن البغدادي هذا هو محمد بن عبد الله الحضرمي المعروف بـ:"مُطّين"، وهو أعلم بشيخه من غيره، وقد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال بعد أن روى الحديث: "لم يرو هذا الحديث من الثقات أحد، رواه أبو الصلت، فكذبوه"، ومقتضى كلامه أن يكون شيخه البغدادي هذا: غير ثقة.
* والطريق العاشرة: موضوعة أيضاً: فيها رجاء بن سلمة، نص ابن الجوزي على أنه ممن سرق هذا الحديث، ويؤيده أيضاً ما تقدم ذكره عن ابن حبان، وابن عدي.
* والطريق الحادية عشرة: موضوعة أيضاً؛ فيها الحسن بن عثمان، وهو كذاب يضع الحديث.
وللحديث شاهدان، الأول من حديث جابر، والثاني من حديث علي رضي الله عنهما.
أما حديث جابر فموضوع، وهو الآتي برقم (553).
وأما حديث علي رضي الله عنه، فله عنه سبع طرق:
* الطريق الأولى: يرويها سلمة بن كهيل.
وهي التي سئل عنها الدارقطني في العلل (3/ 247)، فقال: (هو حديث يرويه سلمة بن كهيل. واختلف عنه. فرواه شريك، عن سلمة، عن الصنابحي، عن علي. واختلف عن شريك، فقيل عنه، عن سلمة، عن رجل، عن الصنابحي.
ورواه يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن سويد بن غفلة، عن الصنابحي. ولم يسنده.
والحديث مضطرب، غير ثابت، وسلمة لم يسمع من الصنابحي). اهـ.
قلت: أما رواية يحيى بن سلمة، عن أبيه، فلم أجد من أخرجها، لكن لا عبرة بمخالفته، فإنه متروك كما في الحديث المتقدم برقم (503).
ورواية شريك، عن سلمة، عن رجل، عن الصنابحي، لم أجد من أخرجها أيضاً. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما رواية شريك للحديث عن سلمة، عن الصنابحي، عن علي، فرواها عن شريك اثنان:
أحدهما: محمد بن عمر بن الرومي.
والآخر: عبد الحميد بن بحر البصري.
واختلف على كل منهما.
أما رواية ابن الرومي، فأخرجها:
الترمذي في سننه (10/ 225 - 226 رقم 3807) في مناقب علي من كتاب المناقب.
وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (ص 104 رقم 8 من مسند علي).
كلاهما من طريق إسماعيل بن موسى الفزاري، عن محمد بن عمر بن الرومي، عن شريك، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، عن الصنابحي، عن علي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أنا دار الحكمة، وعلي بابها".
وأخرجه القطيعي في زياداته على الفضائل لأحمد (2/ 634 - 635 رقم 1081).
وأبو نعيم في المعرفة (1/ ل 23 أ).
وابن الجوزي في الموضوعات (1/ 249) من طريق ابن بطة.
ثلاثتهم من طريق إبراهيم بن عبد الله البصري، أبي مسلم الكشي، عن ابن الرومي، عن شريك، عن سلمة، عن الصنابحي، عن علي، ولم يذكر سويد بن غفلة، ولفظ القطيعي، وابن الجوزي مثل لفظ الترمذي السابق.
ولفظ أبي نعيم: "أنا مدينة العلم، وعلي بابها".
قال الترمذي: "هذا حديث غريب منكر، روى بعضهم هذا الحديث عن شريك، ولم يذكروا فيه: عن الصنابحي". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: وهذا اختلاف آخر، ولم أجد من أخرج هذه الرواية، وتتمة كلام الترمذي قال:"ولا نعرف هذا الحديث عن أحد من الثقات غير شريك، وفي الباب عن ابن عباس".
وقال ابن جرير: "وهذا خبر صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح؛ لعلتين:
إحداهما: أنه خبر لا يعرف له مخرج عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه.
والأخرى: أن سلمة بن كهيل عندهم ممن لا يثبت حجة، وقد وافق علياً في رواية هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره"، ثم ذكره من طريق ابن عباس السابقة.
قلت: الحديث ضعيف جداً لأمور:
1 -
الاضطراب فيه، خاصة على ابن الرومي، وتقدم إعلال الترمذي والدارقطني له بالاضطراب.
2 -
الانقطاع بين سلمة بن كهيل، والصنابحي، فإنه لم يسمع منه كما قال الدارقطني آنفاً، وهذا في حال الترجيح لرواية أبي مسلم الكشي للحديث عن ابن الرومي، وهي التي ليس فيها واسطة بين سلمة والصنابحي.
3 -
ضعف شريك من قبل حفظه، وتقدم في الحديث (497) أنه: صدوق يخطيء كثيراً.
4 -
ضعف محمد بن عمر بن عبد الله، أبو عبد الله بن الرومي، البصري، قال فيه أبو زرعة: شيخ ليّن، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: هو قديم، روى عن شريك حديثاً منكراً. قلت: ما حاله؟ فقال: فيه ضعف، وقال أبو داود: ضعيف، وذكره ابن حبان في ثقاته، ونقل عنه ابن الجوزي أنه قال عنه: كان يأتي عن الثقات بما ليس من أحاديثهم، لا يجوز الاحتجاج به بحال./ الجرح والتعديل (8/ 21 - 22 =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رقم 94)، والموضوعات لابن الجوزي (1/ 353)، والتهذيب (9/ 360 رقم 598).
فائدة: وقع في التهذيب أن أبا حاتم قال: "صدوق قديم روى عن شريك حديثاً منكراً، ولم يذكر تضعيف أبي حاتم له، وما أثبته من كتاب الجرح والتعديل لابنه، فلعله وقع في التهذيب تصحيف، أو أن ابن حجر اعتمد على نسخة سقيمة، كاعتماده على النسخة السقيمة لثقات ابن حبان باعترافه هو بنفسه./ انظر التهذيب (8/ 403).
هذا بالنسبة لرواية ابن الرومي.
أما رواية عبد الحميد بن بحر فأخرجها:
أبو نعيم في الحلية (1/ 64) من طريق عبد الحميد هذا، عن شريك، عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي، عن علي، بمثل لفظ الترمذي السابق.
ومن طريق أبي نعيم أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 349 - 350).
وأخرجه ابن الجوزي أيضاً من طريق ابن بطة، عن عبد الحميد بن بحر هذا، عن شريك، عن سلمة بن كهيل، عن أبي عبد الرحمن، عن علي، مرفوعاً بلفظ:"أنا مدينة الفقه، وعلي، بابها". قلت: كذا في موضوعات ابن الجوزي (1/ 350): عن سلمة بن كهيل، عن أبي عبد الرحمن، عن علي.
وفي اللآليء (1/ 329): عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي، عن علي، فلست أدري أهو اختلاف على عبد الحميد بن بحر، أم هو خطأ من النسخ أو الطباعة؟ وبكل حال فعبد الحميد بن بحر البصري هذا يسرق الحديث كما قال ابن حبان، وابن عدي./ المجروحين (2/ 142)، والكامل (5/ 1959).
وعليه فالحديث موضوع من هذه الطريق لأجل عبد الحميد هذا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * الطريق الثانية، والثالثة: ذكرهما ابن الجوزي في موضوعاته (1/ 350)، وعزاهما لأبي بكر بن مردويه، إحداهما من طريق الشعبي، والأخرى من طريق الحسن بن علي، كلاهما عن على رفعه، ولفظ الشعبي مثل لفظ الترمذي، ولفظ الحسن بن علي نحو لفظ الحاكم لحديث ابن عباس.
قال ابن الجوزي عن طريق الشعبي: "في الطريق الرابع محمد بن قيس، وهو مجهول".
وقال عن طريق الحسن: "وفي الخامس مجاهيل"./ الموضوعات (1/ 353).
قلت: لم يذكر ابن الجوزي سندي هاتين الروايتين حتى يتأتى النظر فيهما، ولم يذكرهما السيوطي في اللآليء.
* الطريق الرابعة: يرويها داود بن سليمان المغازي، عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه، عن علي رضي الله عنه، به نحو لفظ الحاكم لحديث ابن عباس.
أخرجه ابن النجار في تاريخه -كما في اللآلي (4/ 331 - 335) -.
قلت: وهذه الطريق موضوعة.
داود بن سليمان الجرجاني، المغازي كذاب، كذبه يحيى بن معين، ولم يعرفه أبو حاتم، فقال: مجهول. وقال الذهبي: "وبكل حال فهو شيخ كذاب له نسخة موضوعة عن علي بن موسى الرضا"./ الجرح والتعديل (3/ 413 رقم1891)، وتاريخ بغداد (8/ 366رقم4465)، والميزان (2/ 8رقم 2608)، واللسان (2/ 417 - 418 رقم 1725).
* الطريق الخامسة: أخرجها أبو الحسن علي بن عمر الحربي في أماليه -كما في اللآليء (1/ 335): حدثنا إسحاق بن مروان، حدثنا أبي، حدثنا عامر بن كثير السراج، عن أبي خالد، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الله عليه وسلم-: "أنا مدينة العلم، وأنت بابها يا علي، كذب من زعم أنه يدخلها من غير بابها".
قلت: وهذه الطريق أيضاً موضوعة.
الأصبغ بن نباتة التميمي الحنظلي، أبو القاسم الكوفي متروك، ورمي بالوضع -كما في التقريب (1/ 81 رقم 613) -، وانظر الضعفاء للعقيلي (1/ 129 - 130)، والمجروحين لابن حبان (1/ 173 - 174)، والكامل لا بن عدي (1/ 398)، والتهذيب (1/ 362 - 363 رقم 658).
وسعد بن طريف الِإسكاف، الحذاء، الحنظلي، الكوفي رافضي متروك، ورماه ابن حبان بالوضع -كما في التقريب (1/ 287رقم 88) -، وانظر المجروحين (1/ 357)، والكامل (3/ 1186 - 1188)، والتهذيب (3/ 473 - 474 رقم 881).
وشيخ الحربي هو إسحاق بن محمد بن مروان، الكوفي، القطان، أخو جعفر، قال الدارقطني عنه، وعن أخيه:"ليسا ممن يحتج بحديثهما"./ سؤالات الحاكم للدارقطني (ص 108 رقم 70)، واللسان (1/ 375 رقم 1164).
وأبوهما محمد بن مروان القطان قال عنه الدارقطني: "شيخ من الشيعة، حاطب ليل، لا يكاد يحدث عن ثقة، متروك"./ سؤالات البرقاني للدارقطني (ص 62 رقم 458)، واللسان (5/ 376 رقم1223).
* الطريق السادسة، والسابعة: أخرجهما الخطيب في تلخيص المتشابه -كما في اللآليء (1/ 334) -، من طريق عباد بن يعقوب الرواجني، عن يحيى بن بشار الكندي، عن إسماعيل بن إبراهيم الهمداني، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، وعن عاصم بن ضمرة، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب".
قال الخطيب: "يحيى بن بشار، وشيخه إسماعيل مجهولان". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: اللفظ السابق جزء من الحديث، ويحسن إيراده بتمامه ليطلع القاريء على نكارة متنه وهو في الميزان للذهبي (4/ 366)، ولفظه:"شجرة أنا أصلها، وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمرها، والشيعة ورقها، فهل يخرج من الطيب إلا الطيب، وأنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب".
قال الذهبي: "يحيى بن بشار الكندي شيخ لعباد بن يعقوب الرواجني، لا يعرف عن مثله، وأتى بخبر باطل".
قلت: وهذا ما أمكن إيراده من طرق هذا الحديث؛ وذلك على سبيل إيضاح العموم؛ ليتبين المقصود من كلام المحقق العلامة الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله، فإنه اختصر الطريق على الباحثين بعبارة موجزة، حيث قال في حاشيته على الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 349 - 353).
(كنت من قبل أميل إلى اعتقاد قوة هذا الخبر حتى تدبرته، وله لفظان: الأول "أنا مدينة العلم وعلي بابها" والثاني: "أنا دار الحكمة وعلي بابها" ولا داعي للنظر في الطرق التي لا نزاع في سقوطها، وانظر فيما عدا ذلك على ثلاثة مقامات.
المقام الأول: سند الخبر الأول إلى أبي معاوية، والثاني: إلى شريك. روى الأول عن أبي معاوية: أبو الصلت عبد السلام بن صالح، وقد تقدم حال أبي الصلت في التعليق ص 292 وتبين مما هناك أن من يأبى أن يكذبه يلزمه أن يكذب علي بن موسى الرضا وحاشاه. وتبعه محمد بن جعفر الفيدي، فعده ابن معين متابعاً، وعده غيره سارقاً، ولم يتبين من حال الفيدي ما يشفي، ومن زعم أن الشيخين أخرجا له، أو أحدهما فقد وهم.
وروى جعفر بن درستويه عن أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز عن ابن معين في هذا الخبر قال: "أخبرني ابن نمير قال: حدث به أبو معاوية قديماً ثم تركه"، وهذه شهادة قوية، لكن قد يقال: يحتمل أن يكون ابن نمير ظن ظناً، وذلك أنه رأى ذينك الرجلين زعما أنهما سمعاه من أبي معاوية، وهما =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ممن سمع منه قديماً، وأكثر أصحاب أبي معاوية لا يعرفونه فوقع في ظنه ما وقع. هذا مع أن ابن محرز له ترجمة في تاريخ بغداد لم يذكر فيها من حاله إلا أنه روى عن ابن معين وعنه جعفر بن درستويه. نعم: ثم ما يشهد لحكايته، وهو ما في ترجمة عمر بن إسماعيل ابن مجالد من كتاب ابن أبي حاتم أنه حدث بهذا عن أبي معاوية، فذكر ذلك لابن معين فقال: "قل له: يا عدو الله
…
إنما كتبت عن أبي معاوية ببغداد ولم يحدث أبو معاوية هذا الحديث ببغداد".
وروى اللفظ الثاني، محمد بن عمر بن الرومي، عن شريك، وابن الرومي، ضعفه أبو زرعة، وأبو داود، وقال أبو حاتم "صدوق قديم روى عن شريك حديثاً منكراً" يعني هذا، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر في التقريب:"لين الحديث" ووهم من زعم أن الشيخين أخرجا له أو أحدهما، وأخرجه الترمذي من طريقه، ثم قال "غريب منكر" ثم قال: وروى بعضهم هذا الحديث عن شريك، ولم يذكروا فيه "الصنابحي" فزعم العلائي أن هذا ينفي تفرد ابن الرومي، ولا يخفى أن كلمة "بعضهم" تصدق بمن لا يعتد بمتابعته، ولم يذكر في اللآليء أحداً رواه عن شريك غير ابن الرومي إلا عبد الحميد بن بحر، وهو هالك يسرق الحديث، فالحق أن الخبر غير ثابت عن شريك.
المقام الثاني: على فرض أن أبا معاوية حدث بذاك. وشريكاً حدث بهذا، فإنما جاء ذاك "عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد" وجاء هذا عن "شريك عن سلمة بن كهيل" وأبو معاوية، والأعمش، وشريك، كلهم مدلسون متشيعون، ويزيد شريك بأنه يكثر منه الخطأ، فإن قيل: إنما ذكروا في الطبقة الثانية من طبقات المدلسين، وهي طبقة من "احتمل الأئمة تدليسه، وأخرجوا له في الصحيح"، قلت: ليس معنى هذا أن المذكورين في الطبقة الثانية تقبل عنعنتهم مطلقاً، كمن ليس بمدلس البتة، إنما المعنى أن الشيخين انتقيا في المتابعات ونحوها من معنعناتهم، ما غلب على ظنهما أنه سماع، أو أن الساقط منه ثقة، أو كان ثابتاً من طريق أخرى، ونحو ذلك =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كشأنهما فيمن أخرجا له، ممن فيه ضعف، وقد قرر ابن حجر في نخبته ومقدمة اللسان، وغيرهما، أن من نوثقه، ونقبل خبره من المبتدعة، يختص ذلك بما لا يؤيد بدعته، فأما ما يؤيد بدعته، فلا يقبل منه البتة، وفي هذا بحث، لكنه حق فيما إذا كان مع بدعته مدلساً، ولم يصرح بالسماع، وقد أعل البخاري في تاريخه الصغير ص 68، خبراً رواه الأعمش، عن سالم، يتعلق بالتشيع بقوله:"والأعمش لا يدري، سمع هذا من سالم أم لا؟ قال أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، أنه قال: نستغفر الله من أشياء كنا نرويها على وجه التعجب، اتخذوها ديناً"، ويشتد اعتبار تدليس الأعمش في هذا الخبر خاصة، لأنه عن مجاهد، وفي ترجمة الأعمش، من تهذيب التهذيب "قال يعقوب بن شيبة في مسنده: ليس يصح للأعمش، عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة، قلت: لعلي بن المديني، كم سمع الأعمش من مجاهد؟ قال: لا يثبت منها إلا ما قال سمعت، هي نحو من عشرة، وإنما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه، في أحاديث الأعمش عن مجاهد، قال أبو بكر بن عياش، عنه حدثنيه ليث (بن أبي سليم) عن مجاهد" أقول: والقتات وليث، ضعيفان، ولعل الواسطة في بعض تلك الأحاديث من هو شر منهما، فقد سمع الأعمش من الكلبي أشياء، يرويها عن أبي صالح باذام، ثم رواها الأعمش عن باذام تدليساً، وسكت عن الكلبي، والكلبي كذاب، ولا سيما فيما يرويه عن أبي صالح، كما مر في التعليق ص 315، ويتأكد وهن الخبر بأن من يثبته عن أبي معاوية، يقول إنه حدث به قديماً، ثم كف عنه، فلولا أنه علم وهنه لما كف عنه، والخبر عن شريك اضطربوا فيه، رواه الترمذي، من طريق ابن الرومي "عن شريك، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، عن الصنابحي، عن علي"، وذكر الترمذي أن بعضهم رواه عن شريك، فأسقط الصنابحي، والخبر في اللآليء من وجه آخر، عن ابن الرومي نفسه. وعن عبد الحميد بن بحر، بإسقاط سويد بن غفلة. وفيها1/ 171 "قال الدارقطني: حديث علي رواه سويد بن غفلة عن الصنابحي، فلم يسنده، وهو مضطرب، وسلمة لم يسمع من الصنابحي" فالحاصل أن الخبر أن ثبت =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن أبي معاوية، لم يثبت عن الأعمش، ولو ثبت عن الأعمش، فلا يثبت عن مجاهد، وأن المروى عن شريك، لا يثبت عنه، ولو ثبت لم يتحصل منه على شيء، لتدليس شريك وخطئه، والاضطراب الذي لا يوثق منه على شيء.
وفي اللآليء طرق أخرى، قد بين سقوطها، وأخرى سكت عنها، وهي:
(أ) للحاكم بسند إلى جابر، فيه أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني، المؤدب، المترجم في اللسان1/ 197رقم 620، قال ابن عدي" كان بسامرا يضع الحديث".
(ب) لعلي بن عمر الحربي السكري، بسند إلى علي، فيه "إسحاق (بن محمد) بن مروان "عن أبيه" وهما تالفان، مترجمان في اللسان، وفيه بعد ذلك من لم أعرفه، وفي آخره "سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة" شيعيان متروكان.
(ج) للفضلي، بسند إلى جابر، فيه من لم أعرفه عن "الحسين بن عبد الله التميمي" أراه الحسن بن عبيد الله التميمي، المترجم في اللسان2/ 296 وهو مجهول، واه "ثنا خبيب" صوابه:"حبيب بن النعمان" شيعي مجهول، ذكر في اللسان أن الطوسي ذكره في رجال الشيعة.
(د) للديلمي بسند إلى سهل بن سعد، عن أبي ذر، فيه من لم أعرفه، عن "محمد بن علي بن خلف العطار" متهم ترجمته في اللسان5/ 289رقم 988، ثنا موسى بن جعفر بن إبراهيم
…
" تألف، ترجمته في اللسان 6/ 114 "ثنا عبد المهيمن بن العباس" متروك.
المقام الثالث: النظر في متن الخبر. كل من تأمل منطوق الخبر، ثم عرضه على الواقع، عرف حقيقة الحال، والله المستعان). اهـ. كلامه رحمه الله.
أقوال العلماء في الحديث: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= انقسم العلماء في نظرتهم إلى الحديث إلى قسمين:
فقسم استنكره، وقدح في صحته.
وقسم قبله.
أولًا: الذين استنكروا الحديث، وقدحوا في صحته، وهم كثير، ويحضرني منهم: يحيى بن سعيد، والِإمام أحمد، وابن معين، والبخاري، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والترمذي، ومُطيّن، والعقيلي، وابن حبان، والدارقطني، وابن عقدة، وابن عدي، وابن الجوزي، والبغوي، والقزويني، وابن طاهر المقدسي، والنووي، وابن دقيق العيد، وابن تيمية، والذهبي، والعجلوني، والمعلمي، والألباني.
1 -
يحيى بن سعيد:
ذكر العجلوني في كشف الخفاء (1/ 235) أن يحيى بن سعيد قال عن هذا الحديث: "لا أصل له".
2 -
أبو عبد الله أحمد بن حنبل:
قال أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروزي: سئل أبو عبد الله عن أبي الصلت، فقال:"روى أحاديث مناكير"، قيل له: روى حديث مجاهد، عن علي:"أنا مدينة العلم، وعلي بابها"، قال:"ما سمعنا بهذا"، قيل له: هذا الذي تنكر عليه؟ قال: "غير هذا، أما هذا فما سمعنا به، وروى عن عبد الرزاق أحاديث لا نعرفها، ولم نسمعها".
وحينما سئل مرة أخرى عن هذا الحديث أنكره، وقال:"قبّح الله أبا الصلت" -يعني على روايته لهذا الحديث-./ تاريخ بغداد (11/ 48 و 49)، والموضوعات لابن الجوزي (1/ 354).
3 -
يحيى بن معين:
أما يحيى بن معين فله قولان ظاهرهما التعارض.
(أ) سأله القاسم بن عبد الرحمن الأنباري عن هذا الحديث، فقال:"هو صحيح". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (ب) سأله إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عن أبي الصلت الهروي، فقال: قد سمع، وما أعرفه بالكذب. قال إبراهيم: قلت: فحديث الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس؟ قال: ما سمعت به قط، وما بلغني إلا عنه.
وقال إبراهيم مرة أخرى: سمعت يحيى، وذكر أبا الصلت الهروي، فقال: لم يكن أبو الصلت عندنا من أهل الكذب، وهذه الأحاديث التي يرويها ما نعرفها.
وقال يحيى بن أحمد بن زياد: سألته -يعني يحيى بن معين- عن حديث أبي معاوية الذي رواه عبد السلام الهروي، عنه، عن الأعمش، حديث ابن عباس، فأنكره جداً.
وسأله أيضاً عبد الخالق بن منصور، فقال: ما هذا الحديث بشيء.
وقال إبراهيم بن الجنيد أيضاً: سمعت يحيى بن معين، وسئل عن عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد، فقال: كذاب، يحدث أيضاً بحديث أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم، وعلي بابها"، وهذا كذب ليس له أصل. اهـ. من تاريخ بغداد (11/ 48 - 49 و204 - 205).
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت يحيى بن معين يقول: رأيت عمر بن إسماعيل بن مجالد ليس بشيء، كذاب، رجل سوء، خبيث؛ حدث عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنا مدينة العلم، وعلي بابها"، وهذا حديث ليس له أصل./ الجرح والتعديل (6/ 99)، والضعفاء للعقيلي (3/ 149 - 150)، والكامل لابن عدي (5/ 1722).
وقد جمع الخطيب بين هذين القولين عن ابن معين، فذكر سؤال القاسم لابن معين عن هذا الحديث، وجوابه له بقوله:"هو صحيح"، ثم قال الخطيب:"أراد أنه صحيح من حديث أبي معاوية، وليس بباطل، إذ قد رواه غير واحد عنه"، ثم أورد الخطيب الشاهد على صحة ما ذهب إليه، فساق ثلاث روايات: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (أ) أخرج عن العباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يوثق أبا الصلت عبد السلام بن صالح، فقلت، أو قيل له: إنه حدث عن أبي معاوية، عن الأعمش:"أنا مدينة العلم، وعلي بابها"، فقال: ما تريدون من هذا المسكين؟ أليس قد حدث به محمد بن جعفر الفيدي، عن أبي معاوية؟!.
(ب) أخرج عن أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز قال: سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، فقال: ليس ممن يكذب، فقيل له في حديث أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس:"أنا مدينة العلم، وعلي بابها"، فقال: هو من حديث أبي معاوية: أخبرني ابن نمير، قال: حدث به أبو معاوية قديماً، ثم كف عنه، وكان أبو الصلت رجلاً موسراً يطلب هذه الأحاديث، ويكرم المشايخ، وكانوا يحدثونه بها.
(ج) أخرج عن أبي علي صالح بن محمد، أنه سئل عن أبي الصلت الهروي، فقال: رأيت يحيى بن معين يحسن القول فيه، ورأيت يحيى بن معين عنده، وسئل عن هذا الحديث الذي روى عنه أبي معاوية، حديث علي (كذا):"أنا مدينة العلم، وعلي بابها"، فقال: رواه أيضاً الفيدي، قلت: ما اسمه؟ قال: محمد بن جعفر. اهـ.
قلت: ومن خلال ما ذكره الخطيب يتضح أن استنكار ابن معين للحديث، وقدحه فيه هو رأيه في أصل الحديث، وإنما صحح مجيئه من طريق أبي معاوية، ودافع عن أبي الصلت في روايته له، فكأنه يقول: إن علة الحديث ممن هو فوق أبي الصلت.
4 -
محمد بن اسماعيل البخاري:
ذكر السخاوي في المقاصد الحسنة (ص 97) أن البخاري قال عن الحديث "منكر، ليس له وجه صحيح"، وفي فيض القدير (3/ 47) حكى عن البخاري قوله:"منكر". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 5 - أبو حاتم محمد بن إدريس:
في ترجمة محمد بن عمر بن الرومي في الجرح والتعديل (8/ 21 - 22) نقل ابن أبي حاتم، عن أبيه أنه قال عن ابن الرومي:"روى عن شريك حديثاً منكراً".
قلت: يعني به حديث: "أنا مدينة العلم" هذا الذي رواه ابن الرومي، عن شريك، عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة، عن الصنابحي، عن علي.
وذكر العجلوني في كشف الخفاء (1/ 235) أن أبا حاتم قال أيضاً عن الحديث: "لا أصل له".
6 -
أبو زرعة الرازي:
أخرج الخطيب في تاريخه (11/ 205) عن سعيد بن عمرو قال: قال أبو زرعة: حديث أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس:"أنا مدينة الحكمة، وعلي بابها"، كم من خلق قد افتضحوا فيه.
ثم قال لي أبو زرعة: أتينا شيخاً ببغداد يقال له: عمر بن إسماعيل بن مجالد، فأخرج إلينا كراسة لأبيه، فيها أحاديث جياد، عن مجالد، وبيان، والناس، فكنا نكتب إلى العصر، فيقرأ علينا، فلما أردنا أن نقوم، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، بهذا الحديث، فقلت له: ولا كل هذا بمرّة، فأتيت يحيى بن معين، فذكرت ذلك له، فقال: قل له: يا عدو الله، إنما كتبت أنت عن أبي معاوية ببغداد، فمتى روى هذا الحديث ببغداد. اهـ. والقصة بنحوه في الجرح والتعديل (6/ 99).
7 -
أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي:
أخرج الحديث في سننه (10/ 225 - 227)، وقال عقبة:"هذا حديث غريب منكر".
8 -
أبو جعفر محمد بن عبد الله الحضرمي. مُطين:
أخرج الخطيب في تاريخه (7/ 172 - 73 1) الحديث من طريق أبي جعفر =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= محمد بن عبد الله الحضرمي: مُطين، عن جعفر بن محمد البغدادي، عن أبي معاوية، به، ثم قال:
قال أبو جعفر: "لم يرو هذا الحديث عن أبي معاوية من الثقات أحد، رواه أبو الصلت فكذبوه".
أبو جعفر العقيلي:
أخرج الحديث في الضعفاء له (3/ 150) من طريق ابن مجالد، عن أبي معاوية، به، ثم قال:"ولا يصح في هذا المتن حديث".
10 -
ابن حبان:
ذكر الحديث في كتابه المجروحين (2/ 151 - 152) من طريق أبي الصلت الهروي، عن أبي معاوية، ثم قال:"وهذا شيء لا أصل له من حديث ابن عباس، ولا مجاهد، ولا الأعمش، ولا أبو معاوية حدث به، وكل من حدث بهذا المتن فإنما سرقه من أبي الصلت هذا، وإن قلب إسناده".
11 -
الدارقطني:
قال في العلل (3/ 247 - 248) عن حديث علي: "الحديث مضطرب، غير ثابت".
واعتبر الدارقطني كل من رواه عن أبي معاوية سارقاً له من أبي الصلت، وذكر جماعة ممن سرقه، أحدهم: عمر بن إسماعيل بن مجالد، والثاني: محمد بن جعفر الفيدي، والثالث: محمد بن يوسف شيخ لأهل الري حدث به عن شيخ مجهول، عن أبي عبيد، والرابع: شيخ شامي حدث به عن هشام بن عمار، عن أبي معاوية./ الموضوعات لابن الجوزي (1/ 355).
12 -
أحمد بن حنبل بن سعيد (ابن عقدة):
ذكر الذهبي هذا الحديث في الميزان (2/ 153) في ترجمة سعيد بن عقبة، ثم قال عقبة:"قال ابن عقدة: لا أعرف هذا".
13 -
ابن عدي: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرج الحديث في كامله (1/ 193) من طريق أحمد بن سلمة، عن أبي معاوية، ثم قال:"وهذا الحديث يعرف بأبي الصلت الهروي، عن أبي معاوية، سرقه منه أحمد بن سلمة هذا، ومعه جماعة ضعفاء".
وأخرجه (2/ 752 - 753) من طريق أبي سعيد العدوي، عن الحسن بن علي بن راشد، عن أبي معاوية، ثم قال:
"وهذا حديث أبي الصلت الهروي، عن أبي معاوية، على أنه قد حدث به غيره، وسرقه منه من الضعفاء، وليس أحد ممن رواه عن أبي معاوية خير وأصدق من الحسن بن علي بن راشد، والذي ألزقه العدوي عليه".
وأخرجه (3/ 1247 - 1248) من طريق سعيد بن عقبة، عن الأعمش، ثم قال:"وهذا يروي عن أبي معاوية، عن الأعمش، وعن أبي معاوية يعرف بأبي الصلت الهروي، عنه، وقد سرقه عن أبي الصلت جماعة ضعفاء، فرووه عن أبي معاوية، وألزق هذا الحديث على غير أبي معاوية، فرواه شيخ ضعيف يقال له: عثمان بن عبد الله الأموي، عن عيسى بن يونس، عن الأعمش، وحدثناه عن بعض الكذابين، عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش".
وفي (5/ 1722) ذكر تكذيب ابن معين لابن مجالد لروايته هذا الحديث، ثم قال:"وهذا الذي ذكره يحيى بن معين، أن عمر بن إسماعيل حدث عن أبي معاوية، فذكر هذا الحديث، وهذا يعرف أيضاً بأبي الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، عن أبي معاوية، ثناه علي بن سعيد بن بشير الرازي، عن أبي الصلت. وحدث به أحمد بن سلمة الكوفي، من ساكني جرجان -وكان متهماً-، عن أبى معاوية كذلك. وثناه الحسن بن علي العدوي -وهو ضعيف-، عن الحسن بن علي بن راشد، عن أبي معاوية، فقد شاركوا عمر بن إسماعيل بن مجالد، والحديث لأبي الصلت، عن أبي معاوية، وبه يعرف، وعندي أن هؤلاء كلهم سرقوا منه". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه (5/ 1823 - 1824) من طريق عثمان بن عبد الله الأموي، عن عيسى بن يونس، عن الأعمش، ثم قال:
وهذا الحديث لا أعلم رواه أحد عن عيسى بن يونس غير عثمان بن عبد الله، وهذا الحديث في الجملة معضل عن الأعمش، ويروي عن أبي معاوية، ويرويه عن أبي معاوية أبو الصلت الهروي، وقد سرقه من أبي الصلت جماعة ضعفاء".
وأخرجه (1/ 195) في ترجمة أحمد المؤدب من حديث جابر الآتي برقم (553)، ثم قال:"هذا حديث منكر موضوع، لا أعلم رواه عن عبد الرزاق إلا أحمد بن عبد الله المؤدب هذا".
14 -
ابن الجوزي:
أما ابن الجوزي رحمه الله فإنه حكم على الحديث بالوضع، وذكره في الموضوعات (1/ 349 - 355)، وقال: "هذا حديث لا يصح من جميع الوجوه
…
، والحديث لا أصل له".
15 -
الحسن بن مسعود البغوي:
جاء في السؤال الذي وجه لابن حجر عن أحاديث المصابيح للبغوي، وهو ملحق بالجزء، الثالث من مشكاة المصابيح (ص 1777) ما نصه:
"قال محيي السنة (هو البغوي): هذا حديث غريب لا يعرف عن أحد من الثقات غير شريك، وإسناده مضطرب".
16 -
أبو حفص عمر بن علي القزويني:
في السؤال الماضي (ص 1774) ذكر أن القزويني حكم على هذا الحديث بالوضع، وحكاه عنه المناوي في فيض القدير (3/ 46).
17 و 18 - ابن طاهر المقدسي، والنووي:
ذكر الغماري في "فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي"(ص51) أن ابن طاهر المقدسي، والنووي حكما على الحديث بالوضع. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 19 - ابن دقيق العيد:
ذكر السخاوي في المقاصد الحسنة (ص 97) أن ابن دقيق العيد قال عن هذا الحديث: "هذا الحديث لم يثبتوه، وقيل: إنه باطل"، وعلق السخاوي على هذا القول بقوله:"وهو مشعر بتوقفه فيما ذهبوا إليه من الحكم بكذبه".
20 -
أبو العباس أحمد بن تيمية:
أما شيخ الِإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقال في الفتاوى (18/ 377):"هذا حديث ضعيف، بل موضوع عند أهل المعرفة بالحديث، لكن قد رواه الترمذي وغيره، ومع هذا فهو كذب".
وقال في منهاج السنة (4/ 138 - 139)، وفي الفتاوى (4/ 410 - 413)، وهذا سياق ما في الفتاوى، ونحوه في منهاج السنة، قال رحمه الله:
(وأما حديث "أنا مدينة العلم" فأضعف وأوهى، ولهذا إنما يعد في الموضوعات المكذوبات، وإن كان الترمذي قد رواه. ولهذا ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وبين أنه موضوع من سائر طرقه.
والكذب يعرف من نفس متنه؛ لا يحتاج إلى النظر في إسناده: فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان "مدينة العلم" لم يكن لهذه المدينة إلا باب واحد، ولا يجوز أن يكون المبلغ عنه واحداً؛ بل يجب أن يكون المبلغ عنه أهل التواتر الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب، ورواية الواحد لا تفيد العلم إلا مع قرائن، وتلك القرائن إما أن تكون متنفية، وإما أن تكون خفية عن كثير من الناس، أو أكثرهم فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنة المتواترة، بخلاف النقل المتواتر: الذي يحصل به العلم للخاص والعام.
وهذا الحديث إنما افتراه زنديق، أو جاهل: ظنه مدحاً؛ وهو مطرق الزنادقة إلى القدح في علم الدين -إذا لم يبلغه إلا واحد من الصحابة-.
ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر: فإن جميع مدائن المسلمين بلغهم العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير طريق علي رضي الله عنه. أما أهل المدينة ومكة فالأمر فيهم ظاهر، وكذلك أهل الشام =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والبصرة- فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن علي إلا شيئاً قليلاً، وإنما غالب علمه كان في أهل الكوفة، ومع هذا فقد كانوا تعلموا القرآن والسنة قبل أن يتولى عثمان، فضلاً عن خلافة علي.
وكان أفقه أهل المدينة، وأعلمهم تعلموا الدين في خلافة عمر، وقبل ذلك لم يتعلم أحد منهم من علي شيئاً إلا من تعلم منه لما كان باليمن، كما تعلموا حينئذ من معاذ بن جبل. وكان مقام معاذ بن جبل في أهل اليمن وتعليمه لهم أكثر من مقام علي وتعليمه، ولهذا روى أهل اليمن عن معاذ أكثر مما رووه عن علي، وشريحٌ، وغيرُه من أكابر التابعين إنما تفقهوا على معاذ.
ولما قدم علي الكوفة كان شريح فيها قبل ذلك. وعلي وجد على القضاء في خلافته شريحاً وعبيدة السلماني، وكلاهما تفقه على غيره.
فإذا كان علم الِإسلام انتشر في "مدائن الِإسلام": بالحجاز، والشام، واليمن، والعراق، وخراسان، ومصر، والمغرب قبل أن يقدم إلى الكوفة، ولما صار إلى الكوفة ما بلغه من العلم بلغه غيره من الصحابة، ولم يختص علي بتبليغ شيء من العلم إلا وقد اختص غيره بما هو أكثر منه.
"فالتبليغ العام" الحاصل بالولاية حصل لأبي بكر وعمر وعثمان منه أكثر مما حصل لعلي. "وأما الخاص": فابن عباس كان أكثر فتياً منه، وأبو هريرة أكثر رواية منه، وعلي أعلم منهما؟ كما أن أبا بكر وعمر وعثمان أعلم منهما أيضاً. فإن الخلفاء الراشدين قاموا من تبليغ العلم العام بما كان الناس أحوج إليه مما بلغه من بلغ بعض العلم الخاص.
وأما ما يرويه أهل الكذب والجهل من اختصاص علي بعلم انفرد به عن الصحابة فكله باطل، وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قيل له:"هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء فقال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه وما في هذه الصحيفة وكان فيها عقول الديات -أي: أسنان الإبل التي تجب فيه الدية-، وفيها فكاك الأسير، وفيها لا يقتل مسلم بكافر". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وفي لفظ: "هل عهد إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لم يعهده إلى الناس فنفى ذلك"، إلى غير ذلك من الأحاديث عنه، التي تدل على أن كل من ادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم خصه بعلم فقد كذب عليه.
وما يقوله بعض الجهال أنه شرب من غسل النبي صلى الله عليه وسلم فأورثه علم الأولين والآخرين: من أقبح الكذب البارد، فإن شرب غسل الميت ليس بمشروع، ولا شرب علي شيئاً، ولو كان هذا يوجب العلم لشركه في ذلك كل من حضر. ولم يرو هذا أحد من أهل العلم.
وكذلك ما يذكر: أنه كان عنده علم باطن امتاز به عن أبي بكر، وعمر، وغيرهما فهذا من مقالات الملاحدة الباطنية، ونحوهم: الذين هم أكفر منهم، بل فيهم من الكفر ما ليس في اليهود، والنصارى، كالذين يعتقدون إلهيته، ونبوته، وأنه كان أعلم من النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان معلماً للنبي صلى الله عليه وسلم في الباطن، ونحو هذه المقالات: التي إنما يقولها الغلاة في الكفر، والِإلحاد والله سبحانه وتعالى أعلم). اهـ. كلامه رحمه الله.
21 -
أبو عبد الله الذهبي:
قال في تلخيص المستدرك (3/ 126) عن هذا الحديث كما سبق: "موضوع".
وقال فيه أيضاً (3/ 127): "العجب من الحاكم وجرأته في تصحيحه هذا وأمثاله من البواطيل"، وسيأتي هذا التعقب في الحديث الآتي:
وقال في الميزان (1/ 415) بعد أن ذكر الحديث من طريق جعفر بن محمد الفقيه: "هذا موضوع".
وفي الميزان أيضاً (2/ 153) ذكر الحديث من طريق أحمد بن حفص السعدي، عن أبي الفتح سعيد بن عقبة، عن الأعمش، ونقل قول ابن عقدة:"لا أعرف هذا"، فأتبعه بقوله:"قلت: لعله اختلقه السعدي". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وفيه أيضاً (3/ 668) ذكر الحديث من طريق ابن الرومي، عن شريك، ثم قال:"فما أدري من وضعه؟ ".
22 -
إسماعيل بن محمد العجلوني:
ذكر الحديث في كتابه "كشف الخفاء"(1/ 235)، وقال: "وهذا حديث مضطرب، غير ثابت كما قاله الدارقطني في العلل
…
الخ".
23 -
عبد الرحمن بن يحيى العلمي:
تقدم ذكر كلامه بطوله، حيث قال في أوله: "كنت من قبل أميل إلى اعتقاد قوة هذا الخبر، حتى تدبرته
…
" الخ، كلامه المتقدم.
24 -
ناصر الدين الألباني:
ذكر الحديث في ضعيف الجامع الصغير (2/ 13رقم 1416) وحكم عليه بالوضع، وعزا تخريجه لسلسلته الضعيفة، الحديث رقم (2955)، ولمّا يطبع بعد.
ثانياً: العلماء الذين أدخلوا هذا الحديث في قسم المقبول، ومنهم: ابن جرير الطبري، والحاكم، والزركشي، والعلائي، وابن حجر العسقلاني، وابن حجر الهيتمي المكي، والسخاوي، والسيوطي، والشيخ محمود الميرة.
1 -
محمد بن جرير الطبري:
قال في "تهذيب الآثار"(ص 104 - 105 من مسند علي رقم 8) بعد أن أخرج الحديث: "وهذا خبر صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح. لعلتين
…
" وذكرهما كما تقدم.
2 -
أبو عبد الله الحاكم النيسابوري:
أخرج الحديث في مستدركه (2/ 126) وقال: "صحيح الإسناد".
3 -
الزركشي:
قال الزركشي رحمه الله: "الحديث ينتهي إلى درجة الحسن المحتج به، ولا يكون ضعيفاً، فضلاً عن كونه موضوعاً"./ فيض القدير (3/ 47). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 4 - العلائي:
قال السيوطي في اللآليء (1/ 332 - 334): "قال الحافظ صلاح الدين العلائي ومن خطه نقلت في أجوبته عن الأحاديث التي تعقبها السراج القزويني على مصابيح البغوي وادعى أنها موضوعة حديث "أنا مدينة العلم، وعلي بابها" قد ذكره أبو الفرج في الموضوعات من طرق عدة وجزم ببطلان الكل وكذلك قال بعده جماعة منهم الذهبي في الميزان وغيره والمشهور به رواية أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي عن أبي معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً.
وعبد السلام هذا تكلموا فيه كثيراً. قال النسائي ليس بثقة. وقال الدارقطني وابن عدي متهم زاد الدارقطني رافضي. وقال أبو حاتم لم يكن عنده بصدوق وضرب أبو زرعة على حديثه ومع ذلك فقد قال الحاكم حدثنا الأصم، حدثنا عباس -يعني الدوري- قال: سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت، فقال: ثقة، فقلت: أليس قد حدث عن أبي معاوية حديث أنا مدينة العلم؟ فقال: قد حدث محمد بن جعفر الفيدي، وهو ثقة، عن أبي معاوية. وكذلك روى صالح جزرة أيضاً عن ابن معين، ثم ساقه الحاكم من طريق محمد بن يحيى بن الضريس، وهو ثقة حافظ، عن محمد بن جعفر الفيدي، عن أبي معاوية، قال العلائي: فقد برىء أبو الصلت عبد السلام من عهدته، وأبو معاوية ثقة مأمون من كبار الشيوخ وحفاظهم المتفق عليهم، وقد تفرد به عن الأعمش فقال ماذا؟ وأي استحالة في أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا في حق علي رضي الله عنه؟ ولم يأت كل من تكلم في هذا الحديث وجزم وضعه بجواب عن هذه الروايات الصحيحة، عن ابن معين، ومع ذلك فله شاهد رواه الترمذي في جامعه عن إسماعيل بن موسى الفزاري، عن محمد بن عمر بن الرومي، عن شريك بن عبد الله، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، عن أبي عبد الله الصنابحي، عن علي مرفوعاً أنا دار الحكمة، وعلي بابها. رواه أبو مسلم الكجي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وغيره، عن محمد بن عمر بن الرومي، وهو ممن روى عنه البخاري في غير الصحيح. وقد وثقه ابن حبان، وضعفه أبو داود. وقال أبو زرعة فيه لين.
وقال الترمذي بعد إخراج الحديث: هذا حديث غريب، وقد روى بعضهم هذا عن شريك، ولم يذكر فيه الصنابحي ولا نعرف هذا عن أحد من الثقات، غير شريك، النخعي القاضي، فبرىء محمد بن الرومي من التفرد به، وشريك هو ابن عبد الله النخعي القاضي، احتج به مسلم، وعلق له البخاري، ووثقه يحيى بن معين، وقال العجلي ثقة، حسن الحديث. وقال عيسى بن يونس ما رأيت أحداً قط أورع في علمه من شريك.
فعلى هذا يكون تفرده حسناً، فكيف إذا انضم إلى حديث أبي معاوية، ولا يرد عليه رواية من أسقط منه الصنابحي، لأن سويد بن غفلة تابعي مخضرم أدرك الخلفاء الأربعة وسمع منهم، وذكر الصنابحي فيه من المزيد في متصل الأسانيد، ولم يأت أبو الفرج ولا غيره بعلة قادحة في حديث شريك سوى دعوى الوضع دفعاً بالصدر". اهـ.
5 -
ابن حجر العسقلاني:
قال في لسان الميزان (2/ 123): "هذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم، أقل أحوالها أن يكون للحديث أصل، فلا ينبغي أن يطلق القول عليه بالوضع".
وذكر السيوطي في اللآليء (1/ 334) أن ابن حجر قال في فتيا له عن هذا الحديث: "هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال: إنه صحيح، وخالفه أبو الفرج بن الجوزي، فذكره في الموضوعات، وقال: إنه كذب، والصواب خلاف قولهما معاً، وإن الحديث من قسم الحسن، لا يرتقي إلى الصحة، ولا ينحط إلى الكذب، وبيان ذلك يستدعي طولًا، ولكن هذا هو المعتمد في ذلك".
6 -
السخاوي: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ذكر في المقاصد الحسنة (98) أن للحديث طرقاً، ثم قال:
"وبالجملة فكلها ضعيفة، وألفاظ أكثرها ركيكة، وأحسنها حديث ابن عباس، بل هو حسن".
7 -
السيوطي:
ذهب في اللآليء (1/ 329 - 336) إلى أن الحديث حسن؛ حيث ذكر تحسين العلائي، وابن حجر له، وأقرهما عليه، بل تجاوز ذلك، فذكر في الجامع الكبير -كما في الكنز (13/ 148 - 149) - قول ابن حجر السابق:" الحديث من قسم الحسن"، ثم أردفه بقوله:
"وقد كنت أجيب بهذا الجواب دهراً، إلى أن وقفت على تصحيح ابن جرير لحديث علي في تهذيب الآثار، مع تصحيح الحاكم لحديث ابن عباس، فاستخرت الله، وجزمت بارتقاء الحديث من مرتبة الحسن إلى مرتبة الصحة، والله أعلم".
8 -
محمود الميرة:
ذكر هذا الحديث، وحديث الطير في رسالته عن الحاكم وكتابه المستدرك، ثم قال (ص 463): "فالحديثان بمرتبة الحسن
…
" الخ.
هذا وبعد استعراض ما أمكن من أقوال من تكلم عن هذا الحديث من الأئمة فمن بعدهم من العلماء، أشير إلى أني على علم بما كتبه أحمد بن محمد بن الصديق الغماري في مؤلفه الذي أسماه:"فتح الملك العلي، بصحة حديث باب مدينة العلم علي"، وما منعني من إدراجه فيمن تكلم عن الحديث من العلماء، إلا أني وجدته شيعياً جلداً، نصب العداوة لسلف الأمة من الصحابة فمن بعدهم، ومن كان هكذا فليس من أهل السنة، ولا كرامة، ومن تتبع مصنفاته تيقن ذلك، والدليل على صحة ما أقول يتضح من إلقاء الضوء على مصنفين اثنين:
1 -
كتابه آنف الذكر: "فتح الملك العلي".
2 -
رسالة بعنوان: "المحور في عين من رد حديث الحارث الأعور"، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أو: "الباحث عن علل الطعن في الحارث"، وهي لأخيه عبد العزيز، وعلاقة أحمد بها من جهتين:
(أ) تعليقه عليها.
(ب) إقراره لهذه الرسالة، وامتداحه لها، ولمؤلفها، وثناؤه عليه في تقريظه المطبوع بآخر هذه الرسالة، وفيه يقول:
(من قرأ هذا الجزء المسمى بالمحور في عين من أنكر ثقة الحارث الأعور، لشقيقنا العلامة المحدث الواعية الناقد البصير بالعلوم الأثرية، والروائية، جمال الدين أبي اليسر عبد العزيز بن محمد بن الصديق أبقاه الله، وأدام توفيقه -وكان من أهل الفضل والِإنصاف، والتذوق لطعم التحقيق في العلوم بلا تعصب، ولا اعتساف- علم أنه من العدول الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله"
…
ولولا وجود تعب ملمِّ بنا في هذه اللحظة، لأملينا في مدح هذا الجزء وتأييده ما يفوق حجمه أو يماثله، على أن في كتابنا "فتح الملك العليّ"، وكتابنا "البرهان الجلي"ما فيه كفاية لتأييد هذا الجزء الشريف، والبحث المنيف).اهـ.
وبذا تتضح علاقة أحمد بهذه الرسالة التي ملئت بالسب والشتم، والعبارات التي يترفع عن ذكرها عامة الناس، فضلاً عمن ينتسب إلى العلم وأهله، ثم في حق من تصدر هذه العبارات؟ وإلى من توجه؟
كم كان بودّي ذكر شيء مما ورد في هذه الرسالة، وفي كتابه "فتح الملك العلي"، ليكون القاريء على علم باعتقاد هذا الرجل ومنهجه الأصولي، ولكن المقام لا يسمح ببسط المقال، فأشير إشارة لبعض ذلك:
1 -
طعنة في معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما/ ص 4 من المحور، وص 160 من فتح الملك.
2 -
دعوى كون العدد الجم من الصحابة رضي الله عنهم ذهبوا إلى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= تفضيل علي على الشيخين رضي الله عنهم أجمعين -./ ص 14 - 15 و 28 من المحور.
3 -
انتصاره للشيعة، وطعنه في أئمة الجرح والتعديل بحجة ردهم لرواية
الشيعي، وقبولهم لرواية الناصبي./ ص 4 - 5 و12، 37، 38، 39، 40، 42 من المحور.
4 -
طعنه في الصحيحين./ ص 5 - 6، 12،21، 33 فما بعد من المحور، وص 25 من فتح الملك.
5 -
وفي تعليقه على المحور (ص 13 - 18) طعن في ديانة عامر الشعبي رحمه الله.
6 -
وكذّب عكرمة مولى ابن عباس./ ص 40، والجوزجاني./ ص 11 و25.
7 -
كذبه على أبي زرعة وأبي حاتم./ ص 113 من فتح الملك.
8 -
نيله من ابن حبان، وابن طاهر، وابن الجوزي، والنووي، وابن تيمية، والذهبي، وابن حجر./ ص90و113و114و 73 و 24 و40و41 و107و 93 من فتح الملك العلي.
وبالجملة فهو لم يأت في كتابه "فتح الملك العلي" بطرق لهذا الحديث:" أنا مدينة العلم"، سوى ما تقدم الكلام عليه منها، وفيما سبق من نقد الروايات كفاية عن الخوض معه في أمور يختلف فيها من أهل هذا الشأن اختلافاً جذرياً، مثل إهداره لأقوال أئمة الجرح والتعديل في رجل يريد تقويته، واعتباره بالطرق المكذوبة التي لا تزيد الحديث إلا وهناً، وتحريفه لقول الجارح، فيصبح تعديلاً، إلى غير ذلك من الأغاليط، ورحم الله الأئمة الذين أراحوا الأمة من هذه الأحاديث التي يسعى أصحابها في جعلها سُلّماً لزحزحة العقيدة، والله الموفق.
553 -
ثم رواه الحاكم من رواية جابر، وقال: إسناده صحيح.
قلت: العجب من الحاكم في جرأته (في)(1) تصحيح هذا وأمثاله من (البواطيل)(2)، وفيه أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني، وهو دجال كذاب.
(1) ما بين المعكوفين من التخليص.
(2)
في (أ): (البواطل)، وفي (ب):(الأباطيل)، وما أثبته من التلخيص.
553 -
المستدرك (3/ 127)، قال الحاكم عقب روايته لحديث ابن عباس السابق: ولهذا الحديث شاهد من حديث سفيان الثوري بإسناد صحيح.
حدَّثني أبو بكر محمد بن علي الفقيه الِإمام الشاشي، القفال ببخارى، وأنا سألته، حدثني النعمان بن الهارون البلدي ببلد من أصل كتابه، ثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني، ثنا عبد الرزاق، ثنا سفيان الثوري، عن عبد الله بن بن عثمان بن خثيم، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم، فليأت الباب".
تخريجه:
هذا الحديث متنه يتمامه هكذا: قال جابر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهوآخذ بضبع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو يقول:"هذا إمام البررة، قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله -ثم مدَّ بها صوته-، أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم، فليأت الباب".
والحاكم هنا أخرج منه موضع الشاهد، وهو شطره الأخير، وشطره الأول ساقه بهذا الِإسناد سواء في (3/ 129)، وسيأتي برقم (557).
والحديث أخرجه ابن حبان في المجروحين (1/ 152 - 153).
وابن عدي في الكامل (1/ 195). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 353).
وأخرجه الخطيب في تاريخه (2/ 377).
ومن طريقه ابن الجوزي في الموضع السابق.
جميعهم من طريق أحمد بن عبد الله الحراني، عن عبد الرزاق، به نحوه بتمامه.
وأخرجه الخطيب (4/ 219) من طريق الحراني أيضاً، ولم يذكر آخره: "أنا مدينة العلم
…
" الحديث.
قال ابن حبان: "هذا شيء مقبول إسناده ومتنه معاً".
وقال ابن عدي: "هذا حديث منكر موضوع، لا أعلم رواه عن عبد الرزاق إلا أحمد بن عبد الله المؤدب هذا".
وقال الخطيب: "لم يرْوه عن عبد الرزاق إلا أحمد بن عبد الله هذا، وهو أنكر ما حفظ عليه، والله أعلم".
قلت: ذكر ابن الجوزي أنه رواه أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى المصري، عن عبد الرزاق، مثله سواء، إلا أنه قال:"فمن أراد الحكم فليأت الباب".
وللحديث طريق أخرى.
فقد أخرجه أبو الحسن بن شاذان في خصائص علي، والخطيب في تلخيص المتشابه -كما في اللآلي (1/ 335) -، كلاهما من طريق أبي بكر محمد بن إبراهيم بن فيروز الأنماطي، حدثنا الحسين بن عبد الله التميمي، حدثنا (حبيب) بن النعمان، حدثنا جعفر بن محمد، حدثني أبي، عن جدي، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ "أنا مدينة الحكمة، وعلي بابها، فمن أراد المدينة، فليأت إلى بابها".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"العجب من الحاكم، وجرأته في تصحيحه هذا وأمثاله من البواطيل، وأحمد هذا دجال كذاب". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأحمد هذا هو ابن عبد الله بن يزيد الهُشَيّمي، المؤدب، أبو جعفر الحراني، وهو يضع الحديث -كما في ديوان الضعفاء للذهبي (ص 4 رقم 63) -، قال ابن عدي: كان بسُر من رأى يضع الحديث. وقال ابن حبان: يروي عن عبد الرزاق والثقات الأوابد والطامات. وقال الدارقطني: يحدث عن عبد الرزاق، وغيره بالمناكير، يترك حديثه. وقال الخطيب: في بعض أحاديثه نكرة/ المجروحين (1/ 152 - 153)، والكامل (1/ 195)، وتاريخ بغداد (4/ 218 - 220)، والميزان (1/ 109 رقم 429)، واللسان (1/ 197 - 198 رقم 620).
وذكر ابن الجوزي أن أحمد هذا تابعه أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى التجيبي المصري، ولا يفرح بمتابعته؛ فإنه كذاب، كذبه الدارقطني، وابن عدي، وأحمد بن الحسن المدائني، وقال ابن حبان:"لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه، إلا على سبيل الاعتبار"./ المجروحين (1/ 151 - 152)، والكامل (1/ 199 - 200)، والميزان (1/ 105رقم 414)، واللسان (1/ 189 رقم 599).
وأما الطريق الأخرى التي رواها ابن شاذان، والخطيب، ففي سندها حبيب بن النعمان الهمداني، ذكره الحافظ في اللسان (2/ 173رقم 775)، وذكر أن الطوسي ذكره في رجال الشيعة.
وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي في حاشيته على الفوائد المجموعة (ص 353): "شيعي مجهول".
وفي الِإسناد أيضاً الحسن بن عبد الله التميمي، وهو مجهول -كما في ديوان الضعفاء (ص 63 رقم 992) -، وقال العقيلي في الضعفاء (1/ 252):"مجهول بالنقل".
وفيه أيضاً أبو بكر محمد بن إبراهيم بن فيروز الأنماطي، ولم أجد من ذكره، ولم يذكره السمعاني في نسبة "الأنماطي"(1/ 378 - 379)، وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي في الموضع السابق (ص 352):"لم أعرفه". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحكم على الحديث:
الحديث موضوع بهذا الإسناد من كلا الطريقين عن عبد الرزاق، ففي الأولى أحمد المؤدب، وهو يضع الحديث، وفي الأخرى أحمد بن طاهر، وهو كذاب.
وأما الطريق الأخرى فبعض رواتها تبين من حاله أنه من رجال الشيعة، وبعضهم لم تعرف حاله، ولا يبعد أن يكون من رجال الشيعة أيضاً، فطريق كهذه لا يخرج الحديث بها عن حكم الموضوع، وتقدم أن ابن عدي حكم على الحديث بالوضع، وكذا ابن الجوزي.
والحديث بالجملة تقدم الكلام عنه مفصلاً في الحديث السابق، والله أعلم.
554 -
حديث ابن عباس، قال:
نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال: "أنت سيد في الدنيا والآخرة"
…
الخ (1).
قال: على شرط البخاري، ومسلم.
قلت: هذا وإن كان رواته ثقات، فهو منكر ليس ببعيد من الموضع، وإلا لأي شيء حدَّث (به)(2) عبد الرزاق سراً، ولم يجسر أن يتفوَّه (به)(2) لأحمد، وابن معين، والخلق الذين رحلوا إليه؟!.
(1) ما بين القوسين من (ب)، وليس في (أ).
(2)
ما بين المعكوفين من التلخيص، وليس في (أ) و (ب).
554 -
المستدرك (3/ 127 - 128): حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكي، ثنا أحمد بن سلمة، والحسن بن محمد القباني.
وحدثني أبو الحسن أحمد بن الخضر الشافعي، ثنا إبراهيم بن أبي طالب، ومحمد بن إسحاق.
وحدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أمية القرشي بالساقة، ثنا أحمد بن يحيى بن إسحاق الحلواني، قالوا: ثنا أبو الأزهر.
وقد حدثنا أبو علي المذكر، عن أبي الأزهر، قال: ثنا عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلي علي فقال: "يا علي، أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة، حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله، والويل لمن أبغضك بعدي".
قال الحاكم عقبه، "صحيح على شرط الشيخين، وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة، وإذا انفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح. سمعت أبا عبد الله =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= القرشي يقول: سمعت أحمد بن يحيى الحلواني يقول: لما ورد أبو الأزهر من صنعاء، وذاكر أهل بغداد بهذا الحديث، أنكره يحيى بن معين، فلما كان يوم مجلسه قال في آخر المجلس: أين هذا الكذاب النيسابوري الذي يذكر عن عبد الرزاق هذا الحديث؟ فقام أبو الأزهر فقال: هو ذا أنا، فضحك يحيى بن معين من قوله وقيامه في المجلس، فقربه وأدناه، ثم قال له كيف حدثك عبد الرزاق بهذا، ولم يحدث به غيرك؟ فقال: اعلم يا أبا زكريا أني قدمت صنعاء، وعبد الرزاق غائب في قرية له بعيدة، فخرجت إليه وأنا عليل، فلما وصلت إليه، سألني عن أمر خراسان، فحدثته بها، وكتبت عنه، وانصرفت معه إلى صنعاء، فلما ودعته، قال لي: قد وجب عليَّ حقك، فأنا أحدثك بحديث لم يسمعه مني غيرك، فحدثني والله بهذا الحديث لفظاً، فصدقه يحيى بن معين، واعتذر إليه".
تخريجه:
الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين المكّيَّة (ص 340) -.
وابن عدي في الكامل (1/ 195 - 196) و (5/ 1948 - 1949).
والخطيب في تاريخه (4/ 41).
ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 218رقم 348).
والحافظ المزي في تهذيب الكمال (1/ 15).
ثلاثتهم من طريق أبي الأزهر النيسابوري، به نحوه، ولفظ ابن عدي مختصر.
ولم ينفرد به أبو الأزهر، فقال الخطيب في الموضع السابق:"وقد رواه محمد بن حمدون النيسابوري، عن محمد بن علي بن سفيان النجار، عن عبد الرزاق، فبريء أبو الأزهر من عهدته؛ إذ قد توبع على روايته، والله أعلم"، وأقره المزي في الموضع السابق، والذهبي في الميزان (1/ 82)، وابن حجر في التهذيب (1/ 12). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله:"هذا وإن كان رواته ثقات، فهو منكر، ليس ببعيد من الموضع، وإلا لأي شيء حدث به عبد الرزاق سراً، ولم يجسر أن يتفوَّه به لأحمد، وابن معين، والخلق الذي رحلوا إليه؟! ".
وقال الهيثمي في المجمع (9/ 133) بعد أن ذكر الحديث: "رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات، إلا أن في ترجمة أبي الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري أن معمراً كان له ابن أخ رافضي، فأدخل هذا الحديث في كتبه، وكان معمر مهيباً، لا يراجع، وسمعه عبد الرزاق".
قلت: وإعلال الحديث بهذه العلة هو من أبي حامد الشرقي رحمه الله فإنه سئل عن حديث أبي الأزهر، عن عبد الرزاق، عن معمر، في فضائل علي، فقال أبو حامد:"هذا حديث باطل، والسبب فيه أن معمراً كان له ابن أخ رافضي، وكان معمر يمكِّنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث، وكان معمر رجلاً مهيباً، لا يقدر عليه أحد في السؤال، والمراجعة، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخي معمر"./ تاريخ بغداد (4/ 42).
وقال ابن الجوزي في العلل (1/ 219): "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعناه صحيح، فالويل لمن تكلف في وضعه، إذ لا فائدة في ذلك
…
" وذكر كلام أبي حامد السابق.
وقال الذهبي في ترجمة أبي الأزهر في الميزان (1/ 82): "لم يتكلموا فيه إلا لروايته عن عبد الرزاق، عن معمر حديثاً في فضائل علي، يشهد القلب أنه باطل،، وذكر قول أبي حامد، ثم قال: "وكان عبد الرزاق يعرف الأمور، فما جسر يحدث بهذا إلا سراً لأحمد بن الأزهر، ولغيره، فقد رواه محمد بن حمدون النيسابوري، عن محمد بن علي بن سفيان النجار، عن عبد الرزاق، فبرىء أبو الأزهر من عهدته". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال ابن عدي (1/ 196): "وأما هذا الحديث عن عبد الرزاق، (فعبد الرزاق) من أهل الصدق، وهو ينسب إلى التشيع، فلعله شُبِّه عليه، لأنه شيعي"./ وانظر التهذيب (1/ 13).
الحكم على الحديث:
الحديث رجاله ثقات كما تقدم عن الذهبي، والهيثمي، فلا مطعن في أحد منهم، لكن استنكره الأئمة، كابن معين، وغيره ممن تقدم ذكرهم، واستنبط أبو حامد الشرقي علته، فأظهرها كما سبق، فالحديث معلول بما ذكر أبو حامد، والله أعلم.
555 -
حديث زيد بن أرقم مرفوعاً:
"من أراد أن يحي حياتي، ويموت موتتي، ويسكن جنة الخلد:(فليتوَّل)(1) علي بن أبي طالب
…
" الحديث.
قال: صحيح.
قلت: أنَّى له الصحة (2)؛ فيه القاسم بن أبي شيْبة متروك، وشيخه يحيى بن يعلى (3) الأسلمي، وهو ضعيف، واللفظ ركيك؟ فهو إلى الوضع أقرب.
(1) في (أ): (فليتولي).
(2)
في (ب): (بالصحه).
(3)
في أصل (أ): (العلي)، وبالهامش ما نصه:(صوابه: يعلى. ص).
555 -
المستدرك (3/ 128): حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو، ثنا إسحاق، ثنا القاسم بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن يعلى الأسلمي، ثنا عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن زياد بن مطرف، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من يريد أن يحي حياتي، ويموت موتتي، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي، فليتول علي بن أبي طالب، فإنه لن يخرجكم من هدي، ولن يدخلكم في ضلالة".
تخريجه:
الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (5/ 220 رقم 5067) من طريق إبراهيم بن عيسى التنوخي.
ومن طريق الطبراني أخرجه الشيعي يحيى الشجري في "الأمالي الخميسية"(1/ 144).
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (4/ 349 - 350 و 350) من طريق إبراهيم بن الحسن التغلبي، ويحيى الحماني. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ثلاثتهم، عن يحيى بن يعلى الأسلمي، به نحوه، وفيه عندهم:"ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي عز وجل، غرس قصباتها بيده"، وعند أبي نعيم:"قضبانها بيديه".
وأخرجه ابن شاهين في شرح السنة -كما في السلسلة الضعيفة للألباني (2/ 294) -، من طريق يحيى بن يعلى، به.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 108): "فيه يحيى بن يعلى الأسلمي، وهو ضعيف".
وأخرجه أيضاً مُطَيّن، والباوَرْدي، وابن جرير، وابن شاهين في الصحابة، وابن منده -كما في الِإصابة (2/ 587) -، جميعهم من طريق يحيى بن يعلى، به، وليس فيه ذكر لزيد بن أرقم، وظهر منه أن زياد بن مطرف صحابي، وعلى هذه الرواية اعتمد من أدخله في الصحابة كمُطَين، ومن تبعه، ورد ذلك الذهبي بقوله:"ولم يصح". "/ تجريد أسماء الصحابة (1/ 196).
ونقل ابن حجر في الموضع السابق من الِإصابة عن ابن منده أنه قال عن الحديث: "لا يصح"، وأبان العلة ابن حجر بقوله:"قلت: في إسناده يحيى بن يعلى المحاربي (كذا، والصواب: الأسلمي)، وهو واه".
وللحديث طريقان آخران عن زيد بن أرقم:
* الأولى: أخرجها القطيعي في زياداته على الفضائل لأحمد (2/ 664 رقم 1132).
وابن الجوزي في الموضوعات (1/ 387) من طريق الدارقطني.
كلاهما عن الحسن بن علي بن زكريا، عن الحسن بن علي بن راشد، عن شريك، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يستمسك بالقضيب الأحمر الذي غرسه الله بيده في جنة عدن، فليستمسك بحب علي بن أبي طالب عليه السلام". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال الدارقطني: "ما كتبته إلا عنه" -يعني الحسن بن علي بن زكريا-.
قال ابن الجوزي: "وهو العدوي الكذاب الوضاع".
* الطريق الثانية: أخرجها الشيرازي في الألقاب -كما في اللآليء (1/ 369) -، من طريق عبد الملك بن دليل، حدثني أبي دليل، عن السدي، عن زيد بن أرقم مرفوعاً:"من أحب أن يتمسك بالقضيب الياقوت الأحمر الذي غرسه الله تعالى بيمينه في الجنة، فليستمسك بحب علي بن أبي طالب".
قال السيوطي عقبه: "قال ابن حبان: دليل، عن السدي، عن زيد بن أرقم، روى عنه ابنه عبد الملك نسخة موضوعة، لا يحل ذكرها في الكتب.
قال الذهبي في الميزان: منها هذا الحديث". أهـ.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"أنى له الصحة، والقاسم متروك، وشيخه ضعيف، واللفظ ركيك؟ فهو إلى الوضع أقرب".
والقاسم هذا هو ابن محمد بن أبي شيبة العبسي، أخو الحافظين أبي بكر، وعثمان، وهو: متروك، قال الدارقطني: يكذب، وقال الساجي: متروك الحديث، يحدث بمناكير، وقال أبو حاتم: كتبت عنه، وتركت حديثه، وقال أبو زرعة: كتبت عن القاسم بن محمد بن أبي شيبة، ولم أحدث عنه بشيء.
وقال الخليلي: ضعفوه، وتركوا حديثه، وضعفه ابن معين، والنسائي، والعجلي، وابن عدي، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: يخطيء ويخالف./ الجرح والتعديل (7/ 120رقم 682)، والضعفاء والمتروكون للدارقطني (ص 329 رقم 440)، والضعفاء للنسائي (ص 88 (رقم 496)، والميزان (3/ 379 رقم6839)، واللسان 4/ 465 - 466 رقم 1466).
وشيخ القاسم هو يحيى بن يعلى الأسلمي، الكوفي، وهو شيعي ضعيف =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= -كما في التقريب (2/ 361رقم 208)، وانظر الكامل لابن عدي (7/ 2688)، والتهذيب (11/ 304رقم 587).
قلت: ولم ينفرد القاسم بالحديث، فإنه قد توبع عليه -كما تقدم-، عند الطبراني، وأبي نعيم، وغيرهما وللحديث علل أخرى.
1 -
الاختلاف فيه على يحيى بن يعلى، فروي مرة عنه، عن عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن زياد بن مطرف، عن زيد بن أرقم.
وروي مرة عنه، عن عمار، عن أبي إسحاق، عن زياد، ولم يذكر زيد بن أرقم.
2 -
زياد بن مطرف مجهول، ذكره الحافظ في الِإصابة، (2/ 587) بناء على هذا الحديث، وضعفه، وقال الذهبي في التجريد (1/ 196):"زياد بن مطرف، ذكره مُطَين في الصحابة، ولم يصح".
وقال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (2/ 297): أورد الحافظ ابن حجر الحديث في ترجمة زياد بن مطرف، في القسم الأول من الصحابة، وهذا القسم خاص كما قال في مقدمته (1/ 3 - 4):"فيمن وردت صحبته بطريق الرواية عنه، أو عن غيره، سواء كانت الطريق صحيحة، أو حسنة، أو ضعيفة، أو وقع ذكره بما يدل على الصحبة بأي طريق كان، وقد كنت أولاً رتبت هذا القسم الواحد على ثلاثة أقسام، ثم بدا لي أن أجعله قسماً واحداً، وأميز ذلك في على ترجمة" -قال الألباني-. قلت: فلا يستفاد إذن من إيراد الحافظ للصحابي في هذا القسم أن صحبته ثابتة، ما دام أنه قد نص على ضعف إسناد الحديث الذي صرح فيه بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو هذا الحديث، ثم لم يتبعه بما يدل على ثبوت صحبته من طريق أخرى، وهذا ما أفصح بنفيه الذهبي في التجريد
…
" ثم ذكر قول الذهبي السابق، ثم قال: "وإذا عرفت هذا، فهو بأن يذكر في المجهولين من التابعين أولى من أن يذكر في الصحابة المكرمين". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 3 و 4 - أبو إسحاق السبيعي مدلس من الثالثة، واختلط بآخره -كما في الحديث المتقدم برقم (496) -، والراوي عنه هنا هو عمَّار بن رُزَيْق، وهو ممن سمع منه بأخرة بعد الاختلاط، نص على ذلك أبو حاتم -كما في العلل لابنه (2/ 166) -.
وأما الطريقان الآخران عن زيد بن أرقم، فالأولى منهما في سندها الحسن بن علي بن زكريا، أبو سعيد العدوي، وتقدم في الحديث (552) أنه كذاب يضع الحديث.
وأما الطريق الثانية، فقد كفانا إياها ابن حبان، والذهبي- رحمهما الله-.
قال ابن حبان في المجروحين (1/ 295): "دليل بن عبد الملك الفزاري، من أهل حلب، يروي عن السدي، روى عنه ابنه عبد الملك بن دليل، عنه، عن السدي، عن زيد بن أرقم نسخة موضوعة، لا يحل ذكرها في الكتب، ولا الاحتجاج بدليل هذا". أهـ.
وذكر الذهبي في الميزان (2/ 28) قول ابن حبان هذا، ثم قال: فمنها: "من أراد أن يمسك بالقضيب
…
" وذكر هذا الحديث.
الحكم على الحديث:
الحديث بهذا الِإسناد ضعيف جداً للأمور المتقدم ذكرها في دراسة الِإسناد، وذكره الألباني في السلسلة الضعيفة (2/ 294 - 297 رقم 892) وحكم عليه بالوضع.
وأما الطريقان الآخران للحديث عن زيد فموضوعتان، وتقدم ذكر علتيهما.
556 -
حديث أبي ذر:
ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله (1)، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي.
قال: على شرط مسلم.
قلت: بل فيه إسحاق بن بشر، متهم بالكذب.
(1) في (ب): (ورسله).
556 -
المستدرك (3/ 129): حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد الحافظ بهمدان، ثنا الحسن بن علي الفسوي، ثنا إسحاق بن بشر الكاهلي، ثنا شريك، عن قيس بن مسلم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن شاذان بنحوه -كما في الرياض النضرة (3/ 190).
والخطيب في المتفق والمفترق -كما في الكنز (13/ 106رقم 36346) -، بنحوه أيضاً.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله:"بل إسحاق متهم، بالكذب".
وإسحاق هذا هو ابن بشر بن مقاتل، أبو يعقوب الكاهلي، وهو كذاب -كما في ديوان الضعفاء للذهبي (ص 17 رقم 325) -، فقد كذبه أبو بكر بن أبي شيبة، وموسى بن هارون الحمال، وأبو زرعة، وقال الدارقطني: هو في عداد من يضع الحديث. وقال ابن عدي: يضع الحديث./ الكامل (1/ 335 - 336) والميزان (1/ 186 - 188 رقم740). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحكم على الحديث:
الحديث موضوع بهذا الِإسناد، وأما متنه فصحيح المعنى.
فتكذيب الله ورسوله من صفات المنافقين بنص القرآن، كما قال تعالى عنهم:
{وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ (90)} (الآية 90 من سورة التوبة).
والتخلف عن الصلوات من صفاتهم أيضاً -كما في الحديث الذي رواه مسلم (1/ 453رقم 257) في كتاب المساجد، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "
…
ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق
…
" الحديث.
وأما موضع الشاهد من الحديث، وهو أن من صفات المنافقين بغضهم لعلي، فله عدة شواهد منها:
1 -
ما أخرجه البزار في مسنده (3/ 199رقم 2560) من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر، قال: كنا ما نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم علياً رضي الله عنه.
وأخرجه الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين المكيَّة (ص 340) - من طريق أبي الزبير، ومحمد بن علي، كلاهما عن جابر، به نحو سابقه، ولم يذكر قوله:"معشر الأنصار".
قال الهيثمي في المجمع (9/ 132 - 133): "رواه الطبراني في الأوسط، والبزار
…
بأسانيد كلها ضعيفة".
2 -
وأخرج مسلم في صحيحه (1/ 86رقم 131) في الِإيمان، باب الدليل على أن حب الأنصار، وعلي رضي الله عنه من الِإيمان وعلاماته، وبغضهم من علامات النفاق، من حديث علي رضي الله عنه قال: والذي فلق الحبة، وبرأ النَّسَمَة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم أليَّ: أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهذه المزيَّة لعلي رضي الله عنه ليست خاصة به وحده دون سواه، وإنما يشركه معه غيره.
فقد أخرج البخاري (7/ 113رقم 3783 و3784) في مناقب الأنصار، باب الأنصار من الِإيمان.
ومسلم (1/ 85 رقم 128 و 129) في الباب السابق.
كلاهما من حديثي أنس، والبراء رضي الله عنهما، واللفظ لحديث البراء عند البخاري، أنه صلى الله عليه وسلم قال:" الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله"، والله أعلم.
557 -
حديث جابر مرفوعاً:
"علي إمام البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله".
قال: صحيح.
قلت: بل والله موضوع، فيه أحمد بن عبد الله بن يزيد الحرَّاني كذاب، فما أجهلك على سعة معرفتك!!.
557 - المستدرك (3/ 129): حدثني أبو بكر محمد بن علي الفقيه الِإمام الشاشي ببخارى، ثنا النعمان بن هارون البلدي، ثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني، ثنا عبد الرزاق، ثنا سفيان الثوري، عن عبد الله بن خثيم، عن عبد الرحمن بن عثمان، قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو يقول:"هذا إمام البررة، قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله"، ثم مدَّ بها صوته.
والحديث سبق أن رواه الحاكم (3/ 127) من نفس الطريق، مقتصراً على جزء من متنه، وتقدم تخريجه برقم (553)، وبيان أنه موضوع.
558 -
حديث أبي هريرة:
قالت فاطمة: زوجتني من علي، وهو فقير يا رسول الله؟ قال:" (أما) (1) ترضين أن الله (2) اطّلع على أهل الأرض، فاختار رجلين، أحدهما: أبوك، والآخر: بعلك"(3).
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: بل موضوع على سُرَيْج (4) بن يونس.
(1) في (أ): (من).
(2)
في (ب): (أن الله تعالى
…
) الخ.
(3)
في (أ) قال: (الخ) مع أن الحديث ليس له بقية.
(4)
في أصل (أ): (شريج)، ومعلق بهامشها ما نصه:(صوابه: سريج -بالمهملة، والجيم).
558 -
المستدرك (3/ 129): حدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ، ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن سفيان الترمذي، ثنا سريج بن يونس، ثنا أبو حفص الأبار، ثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالت فاطمة رضي الله عنها: يا رسول الله، زوجتني من علي بن أبي طالب، وهو فقير، لا مال له؟ فقال:"يا فاطمة، أما ترضين أن الله عز وجل اطلع إلى أهل الأرض، فاختار رجلين، أحدهما: أبوك، والآخر: بعلك".
دراسة الِإسناد:
الحديث ذكر الذهبي في التلخيص أن الحاكم قال عنه: "على شرط البخاري ومسلم"، ولم أجد كلام الحاكم عن الحديث في المستدرك المطبوع، ولا في المخطوط الذي لدي، ثم تعقب الذهبي الحاكم بقوله: "بل موضوع =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= على سريج"، ويقصد بقوله هذا: محمد بن أحمد بن سفيان، أبا بكر الترمذي، يدل عليه ترجمته له في الميزان (3/ 457رقم 7140)، حيث قال: "محمد بن أحمد بن سفيان، أبو بكر الترمذي، ولعله الباهلي، روى عن سريج بن يونس حديثاً موضوعاً، هو المتهم به.".
قلت: والباهلي اسمه محمد بن أحمد بن سهل بن علي بن مهران، أبو الحسن الباهلي المؤدب، وهو في طبقة هذا الراوي، وهو ممن يضع الحديث كما قال ابن عدي في الكامل (6/ 2304).
الحكم على الحديث:
الحديث في إسناده أبو بكر الترمذي هذا، فإن كان الباهلي فالحديث موضوع بهذا الِإسناد لما رمي به من وضع الحديث، وإن لم يكن هو فالحديث ضعيف جداً لجهالته، وتهمته بهذا الحديث من قبل الذهبي.
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس، وهو الآتي، لكنه ضعيف جداً.
559 -
قال (1): وروي عن ابن عباس، أن فاطمة قالت: زوجتني من عائل لا مال له؟ فذكر نحوه.
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: والآخر كذب، فيه أبو الصّلت عبد السلام: كذاب (2).
(1) أي: الحاكم.
(2)
قوله: (قلت: والآخر كذب
…
) الخ ليس في أصل (ب)، ومعلق بالهامش.
وقوله: (فيه أبو الصلت
…
) الخ ليس في التلخيص المطبوع، ولا المخطوط، فالظاهر أنه بيان من ابن الملقن لسبب الحكم على الحديث بأنه كذب.
559 -
هذا الحديث سقط من المستدرك المطبوع، والمخطوط الذي لدي أيضاً، وسياقه في التلخيص (3/ 129) هكذا:
(أبو الصلت عبد السلام بن صالح، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قالت فاطمة: زوجتني من عائل لا مال له؟ فذكر نحوه). اهـ.
تخريجه:
الحديث له عن ابن عباس رضي الله عنهما طريقان:
* الأولى: يرويها عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس.
وله عن عبد الرزاق خمس طرق:
1 -
يرويها أبو الصلت الهروي، وهي طريق الحاكم هذه.
وأخرجه الطبراني في الكبير (11/ 94رقم 11154).
وابن عدي في الكامل (5/ 1949 - 1950 و 1968). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والخطيب في تاريخه (4/ 196).
ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 220 - 221 رقم 352).
جميعهم من طريق أبي الصلت، عن عبد الرزاق، به إلى ابن عباس قال: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم علياً من فاطمة قالت: زوجتني من عائل لا مال له؟ فقال لها: "أما ترضين أن يكون الله اطلع إلى الأرض، فاختار منها رجلين، جعل أحدهما: أباك، والآخر: زوجك؟ ".
وهذا لفظ الطبراني، ولفظ الآخرين نحوه.
2 -
يرويها محمد بن جابان الجنديسابوري، عن عبد الرزاق، به نحو سابقه.
أخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (11153) عن شيخه محمد بن جابان هذا.
3 -
يرويها محمد بن سهل البخاري، عن عبد الرزاق، به نحو سابقه.
أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 1950) من طريق شيخه الحسن بن عثمان التستري، عن محمد بن سهل، به.
قال ابن عدي عقبه: "هذا يعرف بأبي الصلت الهروي، عن عبد الرزاق، وابن عثمان هذا ليس بذاك: الذي حدثناه عن البخاري.
4 -
يرويها أحمد بن عبد الله بن يزيد الهشيمي، عن عبد الرزاق، به نحو اللفظ السابق.
أخرجه الخطيب في تاريخه (4/ 196).
5 -
يرويها إبراهيم بن الحجاج، عن عبد الرزاق، به نحو السابق أيضاً.
أخرجه الخطيب أيضاً (4/ 195).
وأبو الشيخ -كما في الميزان (1/ 26). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * الطريق الثانية: أخرجها ابن الجوزي في العلل (1/ 222رقم 354) من طريق الحسين بن عبيد الله الأبزاري، حدثني إبراهيم بن سعيد، حدثني المأمون، حدثني الرشيد، عن جدي المهدي، عن أبيه المنصور، عن أبيه، قال: قال لي عكرمة، قال ابن عباس: جاءت فاطمة تبكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: مالك؟ فقالت: إن نساء قريش يعيرنني؛ قلن: زوّجك أبوك بأقل قريش مالاً (فغضب) حتى قام عرق بين عينيه، وكان إذا غضب قام، ثم قال:
…
الحديث بنحوه.
قال ابن الجوزي: "هذا حديث موضوع، وهو مما عمله الأبزاري".
دراسة الإسناد:
الحديث ذكر الذهبي أن الحاكم قال عنه: "على شرط البخاري ومسلم"، وتعقبه بقوله:"والآخر كذب"، ويقصد به هذا الحديث عطفاً على سابقه.
وفي نسخة ابن الملقن، ويظهر أن من زياداته:"فيه أبو الصلت عبد السلام: كذاب".
وأبو الصلت الهروي هذا هو عبد السلام بن صالح الذي تقدم في الحديث (552) أنه: متروك الحديث، وهذا الحديث من روايته عن عبد الرزاق، وقد قال الإمام أحمد عن أبي الصلت هذا:"روى عن عبد الرزاق أحاديث لا نعرفها، ولم نسمعها"./ تاريخ بغداد (11/ 48).
وتابع أبا الصلت أربعة من الرواة:
الأول: شيخ الطبراني محمد بن جابان الجنديسابوري، كذا في المعجم الكبير، وفي المعجم الصغير (2/ 47):"محمد بن حامان"، وبكلا الاسمين لم أجد له ترجمة.
الثاني: محمد بن سهل البخاري، لكن الراوي عنه. هو الحسن بن عثمان، وتقدم في الحديث (55) أنه: كذاب يضع الحديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الثالث: أحمد بن عبد الله بن يزيد الهشيمي، وتقدم في الحديث (553) أنه: يضع الحديث.
الرابع: إبراهيم بن الحجاج، وهذا ذكره الذهبي في الميزان (1/ 26)، وقال:"نكرة لا يعرف، والخبر الذي رواه باطل"، ثم ساق هذا الحديث من طريقه، وقال: تابعه عبد السلام بن صالح أحد الهلكى، عن عبد الرزاق".
والحديث من هذه الطريق ينبغي النظر فيه من جهتين:
1 -
النظر في ثبوته عن عبد الرزاق.
2 -
وفي ثبوته عن معمر.
وبيان ذلك كما يلي:
إن الذي ينظر بتأمل في الحديث (552) يجد العلماء اتهموا به أبا الصلت عبد السلام بن صالح، وتابعه عليه رواة آخرون، هم ما بين وضاع، ونكرة لا يعرف، والأغلب أنه شيعي سرق الحديث من أبي الصلت، ثم رواه، ولذا حكم الأئمة المتقدم ذكرهم هناك على الحديث بالبطلان، وأن كل من رواه فإنما سرقه من أبي الصلت، والعلاقة بين هذا الحديث وذاك الحديث قوية من هذه الناحية، خاصة وأن الحسن بن عثمان، وأحمد الهشيمي هما ممن حكم عليهما بالوضع، واتهما بسرقة ذاك الحديث، فهل سرقا هذا الحديث أيضاً؟ والسر يكمن في كون كل من تابع أبا الصلت ممن لا يعرف، والغرض الرغبة في انضمام رواية هذا المجهول للمجهول الآخر، فيحكم من ينظر لظاهر الِإسناد وتعدد الطرق، على الحديث بأنه حسن لغيره، لكن رحم الله الأئمة الذين كشفوا زيف هذه الروايات، ومنهم ابن عدي حين حكم على الحديث بأنه منكر، وسيأتي كلامه، وقال الخطيب عقب الحديث:"هذا حديث غريب من رواية عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، وغريب من حديث معمر بن راشد، عن ابن أبي نجيح، تفرد بروايته عنه عبد الرزاق، وقد رواه عن عبد الرزاق غير واحد". وتقدم آنفاً أن الذهبي رحمه الله قال عن الحديث: "باطل"، فالحاصل أن الحديث =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لا يثبت عن عبد الرزاق، ولو ثبت لنظرنا فيه من الجهة الأخرى، أعني في ثبوته عن معمر، فيُعل بما أعل به الحديث المتقدم برقم (554)، وهذا ما ذهب إليه ابن الجوزي في العلل (1/ 221)، فقال عن هذا الحديث:"وقد ذكرنا أن معمراً كان له ابن أخ رافضي، فيجوز أن يكون من إدخاله".
قلت: ويقصد به إعلال أبي حامد الشرقي رحمه الله للحديث رقم (554) بقوله: "هذا حديث باطل، والسبب فيه أن معمراً كان له ابن أخ رافضي، وكان معمر يمكنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث، وكان معمر رجلاً مهيباً، لا يقدر عليه أحد في السؤال، والمراجعة، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخي معمر".
وقد ذكر ابن عدي رحمه الله هذا الحديث في الأحاديث التي انتقدت على عبد الرزاق، وأبي الصلت، وتقدم أنه قال عن الحديث:"يعرف بأبي الصلت".
وقال عن عبد الرزاق: "وقد روى أحاديث في الفضائل مما لا يوافقه عليها أحد من الثقات، فهذا أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث، ولما رواه في مثالب غيرهم، مما لم أذكره في كتابي هذا، وأما في باب الصدق، فأرجو أنه لا بأس به، إلا أنه قد سبق منه أحاديث في فضائل أهل البيت، ومثالب آخرين مناكير"./ الكامل (5/ 1952).
أما الطريق الأخرى عن ابن عباس، فتقدم أن ابن الجوزي قال:"هذا حديث موضوع، وهو مما عمله الأبزاري".
والأبزاري هذا اسمه الحسين بن عبيد الله بن الخصيب، أبو عبد الله الأبزاري، يلقب: منقاراً، وهو كذاب -كما في ديوان الضعفاء للذهبي (ص63 رقم 991) -؛ قال عنه أحمد بن كامل القاضي: "كان الحسين بن عبيد الله الأبزاري ماجناً، نادراً، كذاباً في تلك الأحاديث التي حدث بها من =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الأحاديث المسندة عن الخلفاء، قال: ولم أكتبها عنه لهذه العلة"./ تاريخ بغداد (8/ 56 - 57 رقم 4124)، والميزان (1/ 541 رقم 2022).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد، ومتنه معلول بالنكارة، وطرقه الأخرى تقدم الكلام عليها آنفاً، ولا يصلح شيء منها لرفع درجة الحديث، والله أعلم.
560 -
حديث علي: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)} [الرعد: 7](1).
قال (2): رسول الله صلى الله عليه وسلم (3)(المنذر)(4)، وأنا الهادي.
قال: صحيح.
قلت: بل كذب، قبّح الله من وضعه.
(1) الآية (7) من سورة الرعد.
(2)
القائل علي رضي الله عنه.
(3)
قوله: صلى الله عليه وسلم ليس في (ب).
(4)
في (أ): (أنا المنذر).
560 -
المستدرك (3/ 129 - 130): أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، ثنا حسين بن حسن الأشقر، ثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي:(إنما أنت منذر، ولكل قوم هاد)، قال علي: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنذر، وأنا الهادي.
تخريجه:
الحديث أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1/ 126).
والطبراني في الصغير (1/ 261 - 262).
وفي الأوسط (3/ 212رقم 1382).
وابن أبي حاتم في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (2/ 502) -.
جميعهم من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن المطلب بن زياد، عن السّدّي، عن عبد خير، عن علي في قوله:(إنما أنت منذر، ولكل قوم هاد)، قال (أي علي): رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر، والهاد رجل من بني هاشم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هذا لفظ عبد الله بن أحمد، والطبراني، وأما لفظ ابن أبي حاتم فاقتصر فيه على قوله:"الهاد رجل من بني هاشم".
وأخرجه ابن مردويه، وابن عساكر -كما في الدر المنثور (4/ 608) -.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"بل كذب قبّح الله واضعه".
وفي سند الحديث عبّاد بن عبد الله الأسدي، والحسين بن الحسن الأشقر، وعبد الرحمن الحارثي.
أما عباد الأسدي، فتقدم في الحديث (535) أنه: ضعيف.
وأما الحسين بن الحسن الأشقر الفزاري، الكوفي، فإنه ضعيف، ويغلو في التشيع، حدث عنه الِإمام أحمد، ثم استنكر بعض أحاديثه، وقال: ليس هذا بأهل أن يحدث عنه. وقال البخاري: فيه نظر، عنده مناكير.
وقال أبو زرعة: منكر الحديث. وقال أبو حاتم، والنسائي، والدارقطني، وأبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي. وقال الجوزجاني، غال شتام للخيرة.
وقال أبو معمر الهذلي: كذاب. وذكر له ابن عدي بعض المناكير، وقال: البلاء عندي من الأشقر. وضعفه الأزدي، وذكره العقيلي في ضعفائه.
وعده الذهبي في الضعفاء، واختار رأي ابن عدي، فقال:"اتهمه ابن عدي". وقال ابن الجنيد: سمعت ابن معين ذكر الأشقر، فقال: كان من الشيعة الغالية، فقلت: فكيف حديثه؟ قال: لا بأس به، قلت: صدوق؟ قال: نعم، كتبت عنه. وذكره ابن حبان في الثقات./ الكامل لابن عدي (2/ 771 - 772)، وديوان الضعفاء (ص 62 رقم 971)، والميزان (1/ 531 - 532 رقم1986)، والتهذيب (2/ 335 - 337 رقم596).
وقد ترجم الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على المسند (2/ 167 - 168) لحسين هذا، ورجح أنه: ضعيف جداً. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما عبد الرحمن بن محمد بن منصور، أبو سعيد الحارثي، البصري، فإنه ليس بالقوي كما قال الدارقطني، وغيره. وذكره ابن عدي في الضعفاء، وقال: حدث بأشياء لا يتابعه (عليها) أحد. وكان موسى بن هارون الحمال يرضاه، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال مسلمة بن القاسم: ثقة مشهور./ الكامل (4/ 1927)، وديوان الضعفاء (ص 190 رقم 2484)، واللسان (3/ 430 - 431 رقم1687).
وأما الطريق الأخرى التي يرويها عثمان بن أبي شيبة، عن المطلب بن زياد، عن السّدّي، عن عبد خير، عن علي، به، وفيه:"الهادي رجل من بني هاشم"، هذه الطريق قال عنها الهيثمي في المجمع (7/ 41):"رواه عبد الله بن أحمد، والطبراني في الصغير والأوسط، ورجال المسند ثقات".
وقال الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على المسند (2/ 227 - 228): "إسناده صحيح"، ثم ذكر أن السيوطي نسب الحديث في الدر المنثور إلى الحاكم، فانتقده قائلاً: "وهو تساهل منه، فإن رواية الحاكم في المستدرك (3/ 129 - 130) بلفظ منكر
…
، وهو بإسناد غير هذا الإِسناد، رواه الحاكم من طريق حسين بن حسن الأشقر
…
، وحسين الأشقر ضعيف جداً.
قلت: ولست أدري ما الفرق عند الشيخ أحمد شاكر بين رواية الحاكم هذه، ورواية عبد الله في زوائد المسند؟
فقوله: "رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر، والهاد رجل من بني هاشم"، يقتضي أن يكون الهادي غير المنذر، وإلا لقال:"رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر والهاد"، وإذا كان المقصود بالهادي غير الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن أولى بذلك من بني هاشم غير علي رضي الله عنه؟ هذا على فرض صحته، مع أنه من طريق السُّدِّي، واسمه إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السُّدِّي -بضم المهملة، وتشديد الدال-، أبو محمد الكوفي، وهو صدوق يهم، ورمي بالتشيع -كما في التقريب (1/ 71 - 72 رقم 531) -، فقد وثقه أحمد، والعجلي، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال يحيى القطان: لا بأس به، ما سمعت أحداً يذكره إلا بخير، ما تركه أحد.
وضعفه يحيى بن معين، فأنكر عليه عبد الرحمن بن مهدي. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به، وقال أبو زرعة: لين، وقال الساجي: صدوق، فيه نظر. وقال الطبري: لا يحتج بحديثه. وقال حسين بن واقد: سمعت من السّدّي، فأقمت حتى سمعته يتناول أبا بكر، وعمر، فلم أعد إليه.
وقال العقيلي: ضعيف، كان يتناول الشيخين./ الجرح والتعديل (2/ 184 - 185 رقم 625)، والتهذيب (1/ 313 - 314 رقم 572).
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً، والذهبي حكم عليه بالوضع استنكاراً منه لمتنه، وهو ضعيف من الطريق الأخرى التي رواها عثمان بن أبي شيبة، عن المطلب بن زياد، عن السّدّي، لما تقدم عن حال السّدّي.
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت:
{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)} [الرعد: 7].
وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره، فقال:"أنا المنذر، ولكل قوم هاد"، وأومأ بيده إلى منكب علي، فقال:"أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون".
أخرجه ابن جرير في تفسيره (13/ 108)، واللفظ له.
وأبو نعيم في المعرفة (1/ ل 22 ب- 23 أ) بنحوه.
كلاهما من طريق أحمد بن يحيى الصوفي، عن الحسن بن الحسين العرني، الأنصاري، عن معاذ بن مسلم بياع الهروي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور (4/ 608)، وعزاه أيضاً لابن مردويه، والضياء المقدسي في المختارة، والديلمي، وابن عساكر، وابن النجار. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (2/ 502) بعد أن ذكره: "هذا الحديث فيه نكارة شديدة".
قلت: وسنده ضعيف جداً، فيه الحسن بن الحسن العرني الكوفي، وهو شيعي ضعيف جداً، قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق عندهم، كان من رؤساء الشيعة.
وقال ابن حبان: يأتي عن الأثبات بالملزقات، ويروي المقلوبات. وقال ابن عدي: "روى أحاديث مناكير
…
، ولا يشبه حديثه حديث الثقات". / الكامل (2/ 743 - 744)، والميزان (1/ 483 رقم 1829).
وفي سنده أيضاً معاذ بن مسلم بياّع الهروي، وهو مجهول، قال الذهبي في ترجمة الحسن بن الحسن العرني بعد أن ذكر الحديث:"معاذ نكرة، فلعل الآفة منه".
وقال في الميزان أيضاً (4/ 132): "معاذ بن مسلم .. مجهول، وله عن عطاء ابن السائب خبر باطل سقناه في الحسن بن الحسين".
قلت: وهو هذا الحديث.
وعليه فالحديث لا ينجبر ضعفه بهذا الشاهد، والله أعلم.
561 -
حديث أم سلمة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غضب لم (يَجْتَرِىءْ)(1) أحد منا يكلِّمه غير علي.
قال: صحيح.
قلت: فيه حسين الأشْقر، وقد وُثّق، واتّهمه ابن عدي (2)، وجعفر الْأحْمر، تُكُلِّم فيه.
(1) في (أ): (يجتر).
(2)
في الكامل (2/ 772).
561 -
المستدرك (3/ 130): حدثنا مكرم بن أحمد بن مكرم القاضي، ثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي، ثنا يحيى بن معين، ثنا حسين الأشقر، ثنا جعفر بن زياد الأحمر، عن مخول، عن منذر الثوري، عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا غضب لم يجتريء أحد منا يكلمه غير علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
تخريجه:
الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين المكية (ص 339) -، من طريق حسن الأشقر، به نحو سياق الحاكم.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 116): "رواه الطبراني في الأوسط، وسقط منه التابعي، وفيه حسين بن حسن الأشقر، وثقه ابن حبان، وضعفه الجمهور، وبقية رجاله وثقوا".
قلت: لم يسقط من إسناد الطبراني أحد، والحديث عنده من رواية منذر الثوري، عن أم سلمة كما عند الحاكم، وسيأتي الكلام عن سماعه منها.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"الأشقر وثق، وقد اتهمه ابن عدي، وجعفر تكلم فيه". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والأشقر هو حسين بن حسن الأشقر، وتقدم في الحديث السابق أنه ضعيف ويغلو في التشيع.
وجعفر بن زياد الأحمر الكوفي صدوق يتشيع -كما في التقريب (1/ 130 رقم 81) -، قال ابن ابنه حسين بن علي بن جعفر الأحمر: كان جدي من رؤساء الشيعة، وقال الأزدي، مائل عن القصد، فيه تحامل، وشيعية غالية، وحديثه مستقيم./ انظر الجرح والتعديل (2/ 480 رقم 1952)، والكامل لا بن عدي (2/ 564 - 566)، والتهذيب (2/ 92 - 93 رقم 142).
وفي سند الحديث أيضاً منذر بن يعلى الثوري، أبو يعلى الكوفي، وهو ثقة من رجال الجماعة -كما في التقريب (2/ 275رقم1376) -، لكن لم يتأكد سماعه من أم سلمة، فروايته عنها هنا بالعنعنة، ولم يصح المسند إليه، وقد ذكره ابن حبان في طبقة أتباع التابعين من ثقاته (7/ 518)، فقال:"منذر الثوري، أبو يعلى، يروي عن جماعة من التابعين، روى عنه أهل الكوفة".
فبناء على ترجمة ابن حبان له هنا يكون المسند منقطعاً، ولكن ترجم في طبقة التابعين (5/ 421) لراو يشبهه في الاسم، فقال:"المنذر أبو يعلى، شيخ يروي عن أم سلمة، إن كان سمع منها، روى عنه جامع بن أبي راشد".
قلت: ابن حبان في شك من سماعه من أم سلمة، ولم يذكر أنه هو الثوري، ولو كان هو لصرح باسمه، فالثوري لا يخفى عليه، وقد أودعه في طبقة أتباع التابعين كما سبق، ولذا فإن المزي رحمه الله في تهذيب الكمال (3/ 1374) ذكر توثيق ابن حبان له، ولم يذكر شيئاً عن روايته عن أم سلمة، وأظن الحافظ ابن حجر إنما اطلع على ترجمة غير الثوري في الثقات، ولذا تعقب المزي في التهذيب (10/ 305) بقوله:"قلت: تتمة كلام ابن حبان: روى عن أم سلمة، إن كان سمع منها"، والذي يظهر أن المزي ذكر توثيق ابن حبان للثوري، وليس في ترجمته ذكر لأم سلمة، وأعرض عن الآخر لعدم تحققه من أنه هو الثوري.
وعليه ففي سند الحديث انقطاع بين منذر الثوري، وأم سلمة -رضي الله =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عنها-، وهذا الذي دعا الهيثمي رحمه الله لقوله:"رواه الطبراني في الأوسط، وسقط منه التابعي".
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد للانقطاع بين منذر الثوري، وأم سلمة، وضعف حسين الأشقر، ووصفه هو والأحمر بالغُلوِّ في التشيع.
562 -
حديث بريدة مرفوعاً:
"إن الله (أمرني بحب) (1) أربعة، وأخبرني أنه يحبهم"، ثم قال:" (ألا) (2) إن، علياً منهم".
قال: على شرط مسلم.
قلت: فيه (أبو ربيعة)(3) الِإيادي، وما خرج له مسلم.
(1) في (أ): (إن الله يحب).
(2)
ما بين القوسين ليس في (أ).
(3)
في (أ) و (ب): (ربيعة)، وما أثبته من المستدرك، وتلخيصه، ومصادر الترجمة.
562 -
المستدرك (3/ 130): حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأ بشر بن موسى، ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، ثنا شريك.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا الأسود بن عامر، وعبد الله بن نمير، قالا: ثنا شريك، عن أبي ربيعة الأيادي، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله أمرني بحب أربعة من أصحابي، وأخبرني أنه يحبهم"، قال: قلنا: من هم يا رسول الله؟ وكلنا نحب أن نكون منهم. فقال: "ألا إن علياً منهم"، ثم سكت، ثم قال:"أما إن علياً منهم"، ثم سكت.
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريقين، أحدهما من طريق الإمام أحمد، الذي أخرج الحديث في مسنده (5/ 356) بلفظ:"أمرني الله عز وجل بحب أربعة من أصحابي، أرى شريكاً قال: "وأخبرني أنه يحبهم، علي منهم، وأبو ذر، وسلمان، والمقداد الكندي". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه الترمذي (10/ 220رقم3802) في مناقب علي من كتاب المناقب.
وابن ماجه (1/ 53رقم 149) في فضل سلمان، وأبي ذر، والمقداد، من المقدمة.
وعبد الله بن أحمد في زوائده على الفضائل (2/ 648رقم1103).
وأبو نعيم في الحلية (1/ 172).
جميعهم من طريق شريك، به نحو رواية الِإمام أحمد في المسند، عدا عبد الله بن أحمد، فلفظه نحو لفظ الحاكم.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله:"ما خرج مسلم لأبي ربيعة".
وأبو ربيعة هذا اسمه عمر بن ربيعة، ولم يرو له مسلم، إنما روى له أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، في المقدمة، وهو ضعيف، قال عنه أبو حاتم: منكر الحديث. وعدّه الذهبي في الضعفاء، ونقل قول أبي حاتم هذا./ الجرح والتعديل (6/ 109رقم 575)، والميزان (3/ 196رقم6106)، والمغني في الضعفاء (2/ 466)، وتهذيب الكمال (3/ 1604)، والتهذيب (12/ 94 رقم 414).
أقول: وقد ذكر ابن أبي حاتم عن ابن معين أنه وثق أبا ربيعة هذا، ولم يذكره الذهبي عن ابن معين، مع أنه نقل قول أبي حاتم، والقولان في موضع واحد في الجرح والتعديل، ولم يذكر المزي، ولا ابن حجر قول أبي حاتم، ولا قول ابن معين، وإنما ذكر ابن حجر أن الترمذي حسن بعض أفراد أبي ربيعة هذا، وأحسب المزي، وابن حجر لم يطلعا على ترجمة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أبي ربيعة في الجرح والتعديل، ولذا قال ابن حجر عنه في التقريب (2/ 421رقم 12):"مقبول"، وأما الذهبي، فلعله ترجح لديه قول أبي حاتم، فأخذ به، وأعرض عن قول ابن معين، أو أن قول ابن معين لم يثبت عنده، فإن ابن أبي حاتم ساقه من طريق شيخه يعقوب بن إسحاق، عن عثمان بن سعيد الدارمي، عن ابن معين، ولم أعرف يعقوب بن إسحاق هذا.
وفي سند الحديث شريك القاضي، وهو صدوق، إلا أنه يخطيء كثيراً كما في الحديث (497).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف أبي ربيعة الِإيادي، وضعف شريك من قبل حفظه، والله أعلم.
563 -
حديث أنس:
كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم له فرخ مشوي، فقال: "اللهم، ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير (1)
…
الحديث، وفيه أن علياً هو الذي أكل معه.
قال: على شرط البخاري، ومسلم.
قلت: فيه ابن عياض لا أعرفه. ولقد كنت زماناً طويلًا أظن أن حديث الطير لم (يجسر)(2) الحاكم أن يودعه مستدركه، فلما علقت هذا الكتاب، رأيت الهول من الموضوعات التي فيه، فإذا حديث الطير بالنسبة إليها سماء.
قال: ورواه عن أنس جماعة أكثر من ثلاثين نفساً، ثم صحت الرواية عن علي، وأبي سعيد، وسفينة (3).
(1) قوله: (من هذا الطير) ليس في (ب).
(2)
في (أ): (يجرأ).
(3)
نقل ابن كثير في البداية (7/ 351 - 352) عن الذهبي تعقبه للحاكم بقوله: "لا والله، ما صح شيء من ذلك"، وأظنه في الجزء الذي جمع فيه طرق هذا الحديث كما سيأتي.
563 -
المستدرك (3/ 130 - 131): حدثني أبو علي الحافظ، أنبأ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أيوب الصفار، وحميد بن يونس بن يعقوب الزيات، قالا: ثنا محمد بن أحمد بن عياض بن أبي طيبة، ثنا أبي، ثنا يحيى بن حسان، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقدم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرخ مشوي، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقال: "اللهم، ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير"، قال: فقلت: اللهم، اجعله رجلاً من الأنصار، فجاء علي رضي الله عنه، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حاجة، ثم جاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ "افتح، فدخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما حبسك علي؟ " فقال: إن هذه آخر ثلاث كرَّات يردني أنس، يزعم أنك على حاجة، فقال: "ما حملك على ما صنعت؟ " فقلت: يا رسول الله، سمعت دعاءك، فأحببت أن يكون رجلاً من قومي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الرجل قد يحب قومه".
تخريجه:
الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين المكيَّة (ص 339 - 340) -، من طريق أحمد بن عياض بن أبي طيبة، به نحوه.
وأخرجه ابن يونس في تاريخ مصر -كما في لسان الميزان (5/ 58) - من طريق أحمد بن عياض أيضاً.
قال الهيثمي في المجمع (9)(125): "في أحد أسانيد الأوسط أحمد بن عياض بن أبي طيبة، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح".
وللحديث عن أنس خمس وعشرون طريقاً:
* الطريق الأولى: هذه التي يرويها يحيى بن سعيد، عن أنس.
* الطريق الثانية: يرويها ثابت البناني، عن أنس، وهي الآتية برقم (564).
* الطريق الثالثة: يرويها السُّدِّي، عن أنس قال: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير، فقال: اللهم، ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير"، فجاء علي، فأكل معه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه الترمذي (10/ 223) - 224 رقم 3805) في مناقب علي من كتاب المناقب.
والنسائي في الخصائص (ص 29 رقم 10).
وابن عدي في الكامل (6/ 2449).
ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 226رقم 362).
وأخرجه ابن الجوزي أيضاً برقم (363) من طريق الدارقطني.
وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 607 - 608) من طريق أبي يعلى.
جميعهم من طريق عيسى بن عمر القاري، عن السدي، به، واللفظ للترمذي، ولفظ الباقين نحوه، إلا أن عند النسائي قال: فجاء أبو بكر، فرده، وجاء عمر، فرده وجاء علي فأذن له، وكذا هو عند ابن عدي، لكن أيصرح باسم أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، وإنما قال:"رجل".
* الطريق الرابعة: يرويها عبيد الله بن موسى، عن إسماعيل بن سلمان الأزرق، عن أنس، قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أطيار، فقسمها بين نسائه، فأصاب كل امرأة منها ثلاثة، فأصبح عند بعض نسائه -صفية، أو غيرها-، فأتته بهن فقال: اللهم، ائتني
…
الحديث بنحو سياق الحاكم.
أخرجه البزار (3/ 193 - 194 رقم2548) واللفظ له.
والبخاري في تاريخه الكبير (1/ 358) مختصراً.
* الطريق الخامسة: يرويها سُكَين بن عبد العزيز، عن ميمون أبي خلف، عن أنس، بنحو رواية الترمذي.
أخرجه العقيلي في الضعفاء (4/ 188 - 189) واللفظ له.
والبخاري في الموضع السابق، ساق الِإسناد، ثم قال:"في الطير". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * الطريق السادسة: يرويها مسلم بن كيسان الأعور، عن أنس.
أخرجه البخاري في الموضع السابق، ولم يذكر المتن، وإنما أشار إليه بقوله:"في الطير".
وأخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 2309) مختصراً.
والخطيب في الموضح (2/ 398) بنحو رواية الحاكم، إلا أن فيه عنده:"أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيار".
وذكره ابن الجوزي في العلل (1/ 232 - 233 رقم 375 و 376) بمعناه، وعزاه لابن مردويه.
* الطريق السابعة: يرويها حماد بن المختار، عن عبد الملك بن عمير، عن أنس، به نحو سياق الحاكم.
أخرجه الطبراني في الكبير (1/ 226 - 227 رقم 730).
وابن عدي في الكامل -كما في لسان الميزان (2/ 354رقم1435) -.
ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 228 - 229 رقم 367) مختصراً، وذكر أن ابن مردويه أخرجه وذكر سياقه، وهو بنحو سياق الحاكم.
وذكر ابن عدي في الكامل (2/ 773) أن حسين بن سليمان الطلحي، روى حديث الطير أيضاً عن عبد الملك بن عمير، عن أنس، وذكر له أيضاً بعض الأحاديث، وقال:"لا يتابعه أحد عليها".
* الطريق الثامنة: أخرجها الطبراني في الأوسط (2/ 442 - 443 رقم 1765)، من طريق عبد الرزاق، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أنس، قال: أهدت أم أيمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم طائراً بين رغيفين، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"هل عندكم شيء؟ " فجاءته بالطائر، فرفع يديه، فقال: "اللهم، ائتني بأحب خلقك إليك
…
" الحديث بنحو سياق الحاكم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * الطريق التاسعة: يرويها أبو الهندي، عن أنس، بنحو سياق الحاكم.
أخرجه الخطيب في تاريخه (3/ 171).
ومن طريق ابن الجوزي في العلل (1/ 227رقم 364).
* الطريق العاشرة: يرويها يَغْنَم بن سالم، عن أنس، به.
أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 2738) بنحوه إلى قوله: "يأكل معين من هذا الطير"، ثم قال:"الحديث".
* الطريق الحادية عثرة: يرويها أبو مكَيْس دينار خادم أنس، عن أنس، به.
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 976)، ولم يذكر متنه، وإنما قال: فذكر حديث الطير.
ومن طريق ابن عدي أخرجه السهمي في أخبار جرجان (ص 176).
وأخرجه الخطيب في تاريخه (8/ 382) مختصراً.
ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 229 - 230 رقم 369).
* الطريق الثانية عشرة: يرويها عثمان الطويل، عن أنس بن مالك، به مختصراً.
أخرجه البخاري في تاريخه (2/ 2 - 3).
* الطريق الثالثة عشرة: يرويها عبد الملك بن أبي سليمان، واختلف عليه.
فرواه إسحاق بن يوسف، عنه، عن أنس، به.
ذكره البخاري عقب الرواية السابقة.
وأخرجه الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين المكيَّة (ص 340).
والخطيب في تاريخه (9/ 369). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 227 - 228 رقم 365).
كلاهما من طريق حفص بن عمر المهرقاني، عن النجم بن بشير، عن إسماعيل بن سليمان أخي إسحاق بن سليمان الرازي، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن أنس، به، ولفظ الطبراني نحو لفظ الحاكم، ولفظ الخطيب مختصر.
* الطريق الرابعة عشرة: طريق الصباح بن محارب، عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن جده، وعن أنس، قالا: أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طيراً ما نراه إلا حبارى، فقال: اللهم، ابعث إلي أحب أصحابي إليك يواكلني هذا الطير
…
" وذكر الحديث.
أخرجه الخطيب في تاريخه (11/ 376).
ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 230 رقم 370).
* الطريق الخامسة عشرة: أخرجها أبو نعيم في الحلية (6/ 339) من طريق محمد بن صالح بن مهران، عن عبد الله بن محمد بن عمارة القداحي، ثم السعدي، قال: سمعت هذا من مالك بن أنس سماعاً يحدثنا به عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، قال: بعثتني أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطير مشوي، ومعه أرغفة من شعير، فأتيته به، فوضعته بين يديه، فقال:"يا أنس، ادع لنا من يأكل معنا هذا الطير، اللهم ائتنا بخير خلقك"، فخرجت، فلم تكن لي همة إلا رجل من أهلي آتيه فأدعوه، فإذا أنا بعلي بن أبي طالب، فدخلت، فقال:"أما وجدت أحداً؟ " قلت لا، قال:"انظر"، فنظرت، فلم أجد أحداً إلا علياً، ففعلت ذلك ثلاث مرات، ثم خرجت، فرجعت، فقلت: هذا علي بن أبي طالب يا رسول الله، فقال:"ائذن له، اللهم وال، اللهم وال"، وجعل يقول ذلك بيده، وأشار بيده اليمنى يحركها.
ومن طريق أبي نعيم أخرجه ابن الجوزي في العلل (1/ 225 - 226 رقم 361). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
* الطريق السادسة عشرة: طريق حفص بن عمر العدني، عن موسى بن سعيد، عن الحسن، عن أنس، قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطير جبلي، فقال: "اللهم ائتني
…
" الحديث بنحو سياق الحاكم.
أخرجه ابن عدي (2/ 793).
ومن طريقه ابن الجوزي (1/ 228رقم 366).
وأخرجه ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 608) من طريق أبي أحمد الحاكم، بسنده إلى حفص بن عمر.
* الطريق السابعة عشرة: يرويها خالد بن عبيد أبو عصام، حدثني أنس، قال: بينا أنا ذات يوم عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل بطبق مغطى، فقال: هل من إذن؟ قلت: نعم، فوضع الطبق بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه طائر مشوي، فقال: أحب أن تملأ بطنك من هذا يا رسول الله، قال:"غطّ عليه"، ثم سأل ربه، فقال:"اللهم، أدخل علي أحب خلقك إلي ينازعني هذا الطعام"، فذكر حديث الطير، قصة علي. اهـ.
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 896) وهذا سياقه.
ومن طريقه ابن الجوزي (1/ 229رقم 368).
* الطريق الثامنة عشرة: يرويها أحمد بن سعيد بن فرقد الجُدّي، قال: نا أبو حُمَّة محمد بن يوسف اليمامي، قال: نا أبو قرة موسى بن طارق، عن موسى بن عقبة، عن أبي النضر سالم مولى عمر بن عبيد الله، عن أنس، به نحو لفظ الترمذي.
ذكره الحافظ ابن حجر في اللسان (1/ 177)، ولم يذكر متنه، وعزاه للحاكم وليس هو في المستدرك، فلعله في أحد كتبه الأخرى.
وأخرجه ابن الجوزي في العلل (1/ 230 - 231 رقم371) من طريق الصابوني والبيهقي، كلاهما عن محمد بن عبد الله الأندلسي، عن الطبراني، عن أحمد بن سعيد هذا، واللفظ له. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * الطريق التاسعة عشرة: طريق محمد بن طريف، عن مفضل بن صالح، عن الحسن بن الحكم، عن أنس، به نحو لفظ الترمذي.
ذكره ابن الجوزي (1/ 231 رقم 372)، وعزاه لابن مردويه.
* الطريق العشرون: طريق قطن بن نسير، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن المثنى، عن عبد الله بن أنس بن مالك، عن أنس رضي الله عنه قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حجل مشوي بخبزة وصبابة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معين من هذا الطعام"، فقالت عائشة رضي الله عنها: اللهم اجعله أبي، وقالت حفصة رضي الله عنها: اللهم اجعله أبي، قال أنس رضي الله عنه: فقلت: اللهم اجعله سعد بن عبادة، قال: فسمعت حركة بالباب، فخرجت فإذا علي
…
الحديث بنحوه.
أخرجه أبو يعلى في مسنده، واللفظ له -كما في المطالب العالية المسندة (ل 154 أ) -، وهو في المطبوعة (4/ 61 - 62 رقم 3962).
وأخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 570) مختصراً.
* الطريق الحادية والعشرون: طريق محمد بن زكريا، عن العباس بن بكار الضبي، عن عبد الله بن المثنى الأنصاري أيضاً، عن عمه ثمامة بن عبد الله، عن أنس، به نحو سياق الحاكم، وفيه أن أنساً ردَّ علياً رضي الله عنهما في المرة الأولى، وفي المرة الثانية قال أنس: فرفع علي يده، فركز في صدري، ثم دخل
…
الحديث.
ذكره ابن الجوزي (1/ 231 - 232 رقم 373)، وعزاه لابن مردويه.
* الطريق الثانية والعشرون: طريق عبد الله بن ميمون القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أنس، به نحو سياق الحاكم، وفيه أن أنساً ردَّ علياً رضي الله عنهما في المرة الأولى، قال أنس: فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الثانية، فأقبل علي كأنما يضرب بالسياط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم؛ "افتح، افتح"، فدخل
…
الحديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ذكره ابن الجوزي (1/ 232 رقم 374)، وعزاه لابن مردويه أيضاً.
* الطريق الثالثة والعشرون: قال ابن الجوزي (1/ 233رقم 377): "روى ابن مردويه، من طريق خالد بن طهمان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن أنس، وكلاهما مقدوح فيه "يعني ابن طهمان وابن مهاجر، وليت ابن الجوزي ذكر كامل الِإسناد، فلعل هناك من هو أشد ضعفاً ممن ذكر.
* الطريق الرابعة والعشرون: طريق بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن أنس، به مختصراً.
أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 232).
* الطريق الخامسة والعشرون: طريق محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي، عن الحسن بن عيسى، عن الحسن بن السميدع، عن موسى بن أيوب، عن شعيب بن إسحاق، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن أنس، به نحو لفظ الترمذي.
أخرجه ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 608).
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "ابن عياض لا أعرفه
…
الخ.
وابن عياض هذا اسمه أحمد بن عياض بن عبد الملك بن نصر الفرضي، ابن أبي طيبة، المحسبي، أبو غسان، ذكره ابن يونس في تاريخ مصر، ولم يذكر فيه جرحاً، ولا تعديلاً، وأسند له جزءاً من حديث الطير هذا./ اللسان (5/ 57 - 58 رقم 193)، وقال الذهبي في الميزان (3/ 465 رقم 7180)، عن أحمد هذا:"لا أعرفه"، وتقدم أن الهيثمي قال:"لا أعرفه".
هذا بالنسبة للطريق الأولى عن أنس.
* أما الطريق الثانية، فهي الآتية برقم (564)، وهي ضعيفة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * والطريق الثالثة يرويها عن أنس: إسماعيل بن عبد الرحمن السدِّي، وتقدم في الحديث (506) أنه: صدوق يهم، ورمي بالتشيع، بل هو في عداد الغلاة في التشيع، حيث سبق في ترجمته أنه يتناول الشيخين رضي الله عنهما.
وعن السدي رواه عيسى بن عمر القاري، ورواه عن القاري هذا إثنان:
أحدهما مسهر بن عبد الملك بن سلع الهمداني، أبو محمد الكوفي، وروايته عند النسائي، وابن عدي، وذكر ابن عدي هذا الحديث في الأحاديث المنتقدة عليه، وقال:"وهذا من الطريق ما أعلم رواه غير مسهر".
قلت: ومسهر هذا قال عنه البخاري: فيه بعض النظر. وقال النسائي: ليس بالقوي، وذكره ابن عدي في الضعفاء، وقال:"ولمسهر غير ما ذكرت، وليس بالكثير"، وقال أبو داود: أما الحسن بن علي الخلال، فرأيته يحسن الثناء عليه، وأما أصحابنا، فرأيتهم لا يحمدونه، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال أبو يعلى الموصلي: حدثنا الحسن بن حماد الوراق، حدثنا مسهر بن عبد الملك، وكان ثقة. ولخص الذهبي القول فيه بقوله:"ليس بالقوي"، ولخصه ابن حجر بقوله:"لين الحديث"./ الكامل لابن عدي (6/ 2449)، والمغني في الضعفاء (2/ 658رقم 6243)، والتهذيب (10/ 149رقم 283)، والتقريب (2/ 249 رقم1130).
وأما الراوي الثاني للحديث عن القاري، فهو عبيد الله بن موسى بن أبي المختار، ورواه عنه اثنان:
أحدهما سفيان بن وكيع عن الترمذي، والآخر حاتم بن الليث عن ابن الجوزي.
أما سفيان بن وكيع بن الجراح الرؤاسي، أبو محمد الكوفي، فإنه صدوق، إلا أنه ابتلي بورَّاقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح، فلم يقبل، فسقط حديثه، حتى اتهمه أبو زرعة بالكذب، وقال أبو حاتم: كلمني فيه مشايخ من أهل الكوفة، فأتيته مع جماعة من أهل الحديث، فقلت له: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= حقك واجب علينا، لو صنت نفسك، واقتصرت على كتب أبيك، لكانت الرحلة إليك في ذلك، فكيف وقد سمعت؟ فقال: وما الذي ينقم عليَّ؟ قلت: قد أدخل ورَّاقك ما ليس من حديثك بين حديثك، قال: فكيف السبيل في هذا؟ قلت: ترضى بالمخرجات، وتقتصر على الأصول، وتُنحِّي هذا الوراق، وتدعو بابن كرامة، وتوليه أصولك، فإنه يوثق به، فقال: مقبول منك، قال: فما فعل شيئاً مما قاله، وبلغني أن وراقه كان يستمع علينا الحديث، فبطل الشيخ، وكان يحدث بتلك الأحاديث التي أدخلت بين حديثه.
وقال ابن عدي: "ولسفيان بن وكيع حديث كثير، وإنما بلاؤه أنه كان يتلقن ما لقن، ويقال: كان له وراق يلقنه من حديث موقوف يرفعه، وحديث مرسل، فيوصله، أو يبدل في الِإسناد قوماً بدل قوم"./ الكامل لابن عدي (3/ 1253 - 1254)، والتهذيب (4/ 123 - 124 رقم210)، والتقريب (1/ 312رقم 323).
قلت: وحيث حال سفيان بن وكيع ما ذكر، خاصة قول ابن عدي:"يبدل في الِإسناد قوماً، بدل قوم"، فلا يبعد أن يكون بدل في الِإسناد عبيد الله بن موسى، مكان مسهر بن عبد الملك وقد قال ابن عدي آنفاً عن الحديث:"وهذا من هذا الطريق ما أعلم رواه غير مسهر"، ولذا ضعف الترمذي الحديث بقوله عقبه:"هذا حديث غريب، لا نعرفه من حديث السدِّي إلا من هذا الوجه، وقد روي الحديث من غير وجه عن أنس".
وقال ابن الجوزي في العلل (1/ 227): "هذا لا يصح؛ لأن إسماعيل السدي قد ضعفه ابن مهدي، ويحيى بن معين. قال البخاري: وفي مسهر بعض النظر".
وأما متابعة حاتم بن الليث لسفيان بن وكيع، فيتوقف فيها إلى أن يتضح من هو حاتم بن الليث هذا، فإني لم أجد له ذكراً في غير هذا الموضع من علل ابن الجوزي، ولم يذكره المزي في الرواة عن عبيد الله بن موسى، ولا الخطيب البغدادي في شيوخ محمد بن مخلد بن حفص شيخ الدارقطني. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * وأما الطريق الرابعة فهي التي يرويها عن أنس: إسماعيل بن سلمان بن أبي المغيرة الأزرق، التميمي، وهو متروك قاله ابن نمير، والنسائي، وقال أبو زرعة: واهي الحديث، ضعيف الحديث، وقال ابن عدي:"روى عن أنس أيضاً حديث الطير في فضائل علي -رضوان الله عليه-، وغيره من الأحاديث، والبلاء فيها منه"، وقال ابن حبان:"ينفرد بمناكير، ويرويها عن المشاهير".
وذكره الفسوي في باب من يرغب عن الرواية عنهم، وقال الخليلي في الِإرشاد: ما روى حديث الطير ثقة، رواه الضعفاء مثل إسماعيل بن سلمان الأزرق، وأشباهه، وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وضعفه أيضاً أبو حاتم، والدارقطني، وأبو داود، والساجي، والعقيلي./ الجرح والتعديل (2/ 176رقم590)، والمجروحين (1/ 120)، والكامل (1/ 276)، والتهذيب (1/ 303 - 304 رقم 557).
* الطريق الخامسة، هي التي يرويها ميمون بن جابر، أبو خلف الرفاء، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 234 رقم 1055)، وقال: "روى عن أنس قصة الطير
…
، سألت أبا زرعة عنه، فقال: منكر الحديث، وترك حديثه، ولم يقرأ علينا"، وانظر الميزان (4/ 232 رقم 8961).
وذكر العقيلي ميمون هذا في الضعفاء (4/ 188 - 189)، وقال:"لا يصح حديثه"، ثم أخرج حديثه هذا، وقال:"طرق هذا الحديث فيها لين".
* السادسة، هي التي يرويها مسلم بن كيسان الأعور، عن أنس، ومسلم، تقدم في الحديث (540) أنه: ضعيف.
* السابعة، هي التي يرويها حماد بن المختار، وحسين بن سليمان الطلحي، كلاهما عن عبد الملك بن عمير، عن أنس.
أما حماد، فهو ابن يحيى بن المختار، وهو شيعي مجهول، ذكره ابن عدي في كامله، وقال:"مجهول"، وذكر عنه هذا الحديث، وحديثاً آخر، وقال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "ليس بالمعروف، ولا أعرف له غير هذين الحديثين، ودلاً (يعني الحديثين) على أنه من شيعي الكوفة"./ الميزان (1/ 602رقم 2280)، واللسان (2/ 354رقم1435).
وقال الذهبي بعد أن ذكر الحديث في ترجمة حماد: "هذا حديث منكر"، وأقره ابن حجر في اللسان.
وأما حسين بن سليمان الطلحي، فإنه مجهول، وتقدم أن ابن عدي ذكر أنه لا يتابع على هذا الحديث، وذكره العقيلي في الضعفاء (1/ 252 - 253) وقال:"لا يتابع على هذا، وليس بمعروف بالنقل"، وذكره الذهبي في الميزان (1/ 536رقم 2007) وقال: "لا يعرف
…
، روى عن عبد الملك حديث الطير، ولم يصح".
* الطريق الثامنة، وهي التي يرويها يحيى بن أبي كثير، عن أنس، ويحيى لم يسمع من أنس، روايته عنه مرسلة، قاله أبو حاتم، وغيره، وقال يحيى بن سعيد: مرسلات يحيى بن أبي كثير شبه الريح، وقال ابن حبان: كان يدلس، فكلما روى عن أنس، فقد دلس عنه، لم يسمع من أنس، ولا من صحابي./ المراسيل لابن أبي حاتم (ص 240 - 244)، والتهذيب (11/ 269).
* الطريق التاسعة، وهي التي يرويها أبو الهندي، عن أنس.
قال الخطيب في تاريخه (3/ 171) بعد أن روى الحديث: "غريب بإسناده، لم نكتبه إلا من حديث أبي العيناء محمد بن القاسم، عن أبي عاصم، وأبو الهندي مجهول، واسمه لا يعرف"، وكذا في الميزان (4/ 583رقم 10703).
* الطريق العاشرة، هي التي يرويها يَغْنَم بن سالم بن قنبر، مولى علي رضي الله عنه، وهو يضع الحديث، قال ابن حبان:"شيخ يضع الحديث على أنس بن مالك، روى عنه بنسخة موضوعة، لا يحل الاحتجاج به، ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار"، وقال ابن يونس: حدث عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أنس، فكذب، وقال أبو حاتم: مجهول ضعيف الحديث، وقال ابن عدي: "يروي عن أنس مناكير
…
، وأحاديث يغنم عامتها غير محفوظة"، وقال العقيلي: عنده عن أنس نسخة أكثرها مناكير./ المجروحين (3/ 145)، والكامل (7/ 2738 - 2739)، واللسان (6/ 315رقم1131).
* الطريق الحادية عشرة، هي التي يرويها أبو مكيس دينار بن عبد الله الحبشي، خادم أنس بن مالك، وهو متهم تالف. قال ابن حبان:"روى عن أنس أشياء موضوعة، لا يحل ذكره في الكتب، ولا كتابة ما رواه، إلا على سبيل القدح فيه".
وقال الحاكم: روى عن أنس قريباً من مائة حديث موضوعة. وقال ابن عدي: "منكر الحديث
…
، شبه المجهول
…
، ضعيف، ذاهب".
وقال الذهبي عنه: "ذاك التالف المتهم"، وذكر له جملة أحاديث، ونقل عن القناص أنه قال: أحفظ عن دينار مائتين وخمسين حديثاً، فتعقبه بقوله:"قلت: إن كان من هذا الضرب، فيقدر أن يروي عنه عشرين ألفاً كلها كذب". / المجروحين (1/ 295)، والكامل 3/ 976 - 979)، والميزان (2/ 30 - 31 رقم 2692)، واللسان 2/ 434 - 435 رقم 1781).
* الطريق الثانية عشرة، وهي التي يرويها عثمان الطويل، عن أنس، وعثمان هذا لا يعرف له سماع من أنس كما قال البخاري، وقد ذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: ربما أخطأ، ولم أجد من تكلم عنه سوى ابن حبان، والظاهر لأنه مُقلّ، فقد ذكره ابن عدي في ترجمة رفيع أبي العالية الرياحي، وقال:"وعثمان الطويل عزيز المسند، إنما له هذا وآخر عن أنس بن مالك"./ التاريخ الكبير (2/ 3)، والكامل (3/ 1026)، واللسان (4/ 159رقم 371).
* الطريق الثالثة عشرة، هي التي يرويها عبد الملك بن أبي سليمان، وتقدم أن فيها اختلافاً عليه، فرواه إسحاق بن يوسف، عنه، عن أنس. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه حفص بن عمر، عن النجم بن بشير، عن إسماعيل بن سليمان، عن عبد الملك هذا، عن عطاء، عن أنس.
وعبد الملك بن أبي سليمان لم يسمع من أنس، روايته عنه مرسلة كما قال البخاري، وأبو حاتم./ التاريخ الكبير (2/ 3)، والمراسيل لابن أبي حاتم (ص 132 رقم 230).
وأما رواية عبد الملك للحديث عن عطاء، عن أنس، ففي سندها إسماعيل بن سليمان الرازي أخو إسحاق بن سليمان الرازي، وإسماعيل هذا صاحب أوهام كثيرة -كما في ديوان الضعفاء (ص 21 رقم 408) -، ذكره العقيلي في الضعفاء (1/ 82)، وقال:"الغالب على حديثه الوهم"، وذكر له حديث الطير هذا، وحديثاً آخر، ثم قال:"كلاهما لا يتابع عليه، وليسا بمحفوظين"، وانظر الميزان (1/ 232 - 233 رقم891).
ومع ضعف إسماعيل هذا، ومخالفته لِإسحاق بن يوسف، ففي الإِسناد من لا يعرف، قال ابن الجوزي في العلل (1/ 228):"وهذا لا يصح، وفيه مجاهيل".
* الطريق الرابعة عشرة، هي التي يرويها الصباح بن محارب، عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة، عن أنس.
وعمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة هذا متروك، قال أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائي: منكر الحديث، وقال أبو حاتم مرة: متروك الحديث، وقال الدارقطني: متروك، وقال البخاري: يتكلمون فيه، وقال أبو زرعة: ليس بقوي، قيل له: فما حاله؟ قال: أسأل الله السلامة./ الجرح والتعديل (6/ 118رقم 638)، والتهذيب (7/ 470 - 471رقم 782).
* الطريق الخامسة عشرة، هي التي يرويها عبد الله بن محمد بن عمارة القداحي، السعدي، عن مالك بن أنس، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وابن عمارة هذا مستور، ما وثق ولا ضعف، وقَلَّ ما روى، كذا قال الذهبي في الميزان (2/ 489رقم4545)، وأورد له الدارقطني هذا الحديث في غرائب مالك، وقال:"تفرد به القداحي، عن مالك، وغيره أثبت منه"، ذكره الحافظ في اللسان (3/ 336)، وقال عن هذا الحديث:"هو خبر منكر".
* الطريق السادسة عشرة، هي التي يرويها حفص بن عمر العدني، عن موسى بن سعيد، عن الحسن، عن أنس.
وحفص بن عمر العدني تقدم في الحديث (501) أنه ضعيف.
* الطريق السابعة عشرة، هي التي يرويها أبو عصام خالد بن عبيد العتكي، البصري، وهو متروك الحديث مع جلالته -كما في التقريب (1/ 215رقم 53) -، وانظر الكامل لابن عدي (3/ 895 - 897)، والتهذيب (3/ 105 - 106 رقم 191).
* الطريق الثامنة عشرة، هي التي يرويها شيخ الطبراني أحمد بن سعيد بن فرقد الجُدِّي، عن أبي حُمّة، عن أبي قرة، عن موسى بن عقبة، عن أبي النضر، عن أنس.
وأحمد بن سعيد بن فرقد الجُدِّي هذا اتهمه الذهبي في الميزان (1/ 100 رقم 390) بوضع هذا الحديث؛ لأنه رواه بإسناد الصحيحين، وأقره ابن حجر في اللسان (1/ 177رقم 566)، لكن اعتذر عن الجدي هذا بأنه معروف من شيوخ الطبراني، وقال:"أظنه دخل عليه إسناد في إسناد".
* الطريق التاسعة عشرة، هي التي يرويها مفضل بن صالح الأسدي، أبو جميلة، ويقال: أبو علي النخاس، وهو ضعيف -كما في التقريب (2/ 271رقم 1333) -، وانظر الكامل لابن عدي (6/ 2405 - 2406)، والتهذيب (10/ 271 - 272 رقم 487).
* الطريق العشرون، وهي التي يرويها قطن بن نسير، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن المثنى، عن عبد الله بن أنس، عن أنس. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري لم أجد من وثقه سوى ابن حبان، فقد ذكره في ثقاته (5/ 11 - 12)، وذكره البخاري في تاريخه (5/ 42رقم 73)، وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 7رقم 36)، وبيض له، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى يزيد الرشك، فهو مجهول.
والراوي عنه عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري، أبو المثنى البصري، وهو صدوق، إلا أنه كثير الغلط -كما في التقريب (1/ 445رقم 584) -، فقد وثقه الترمذي، والعجلي، والدارقطني في رواية، وضعفه في أخرى، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال؛ ربما أخطأ، وقال ابن معين: صالح، وقال مرة: ليس بشيء، وقال إسحاق بن منصور وأبو زرعة: صالح، وكذا قال أبو حاتم، وزاذ: شيخ، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال أبو داود: لا أخرج حديثه، وقال الساجي: فيه ضعف، لم يكن من أهل الحديث، روى مناكير، وبنحوه قال الأزدي، وقال العقيلي: لا يتابع على أكثر حديثه./ الضعفاء للعقيلي (2/ 304)، والتهذيب (5/ 387رقم 659).
قلت: ولم يذكروا أن عبد الله هذا روى عن جده عبد الله بن أنس، ولو كان له رواية لنصُّوا عليها في ترجمته، أو في ترجمة جده، غير أنهم لم يذكروا أنه روى عنه، عن جده سوى يزيد الرشك.
وقطن بن نُسَيْر، أبو عباد البصري، صدوق إلا أنه يخطيء -كما في التقريب (2/ 126رقم 121) -، روى عنه مسلم حديثاً واحداً، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عنه، فرأيته يحمل عليه، وذكر أنه روى أحاديث عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس، مما أنكر عليه، وقال ابن عدي: كان يسرق الحديث، ويوصله./ الكامل (6/ 2075 - 2076)، والتهذيب (8/ 382 - 383 رقم 677).
* الطريق الحادية والعشرون، هي التي يرويها محمد بن زكريا، عن العباس بن بكار الضبي، عن عبد الله بن المثنى، عن عمه ثمامة بن عبد الله، عن أنس. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعبد الله بن المثنى تقدم الكلام عنه آنفاً.
والعباس بن بكار الضبي البصري قال عنه الدارقطني: كذاب، وقال ابن حبان: "يروي عن أبي بكر الهذلي، وخالد الواسطي، وأهل البصرة العجائب،
…
لا يجوز الاحتجاج به بحال، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار للخواص".
وقال العقيلي: الغالب على حديثه الوهم والمناكير./ المجروحين (2/ 190)، الضعفاء والمتروكون للدارقطني (ص 321 رقم 423)، واللسان (3/ 237 رقم1052).
والراوي عن العباس هو محمد بن زكريا الغلابي، البصري، أبو جعفر، وهو يضع الحديث -كما قال الدارقطني في الضعفاء (ص 350 رقم 483) -، وذكر له الذهبي في الميزان (3/ 550) حديثاً، وقال:"هذا من كذب الغلابي"، وروى له الحاكم في تاريخه حديثاً، وقال:"رواته ثقات، إلا محمد بن زكريا، وهو الغلابي المذكور، فهو آفته"./ اللسان (5/ 168 - 169).
* الطريق الثانية والعشرون، هي التي يرويها عبد الله بن ميمون القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أنس.
وعبد الله بن ميمون بن داود القداح، المخزومي، مولاهم، المكي منكر الحديث، متروك -كما في التقريب (1/ 455 رقم 679) -، وانظر الكامل لابن عدي (4/ 1504 - 1506)، والتهذيب (6/ 49رقم 91).
* الطريق الثالثة والعشرون، تقدم أن ابن الجوزي عزا الحديث لابن مردويه وأعله بخالد بن طهمان، وإبراهيم بن مهاجر، ولم يذكر كامل الإسناد حتى يتأتى النظر فيه.
* الطريق الرابعة والعشرون، هي التي يرويها بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن أنس. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وبشر بن الحسين أبو محمد الأصبهاني الهلالي، صاحب الزبير بن عدي كذبه أبو داود الطيالسي، وأبو حاتم، ولما قيل لأبي حاتم: إن ببغداد قوماً يحدثون عن محمد بن زياد، عن بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن أنس رضي الله عنه نحو عشرين حديثاً، فقال: هي أحاديث موضوعة، ليس للزبير عن أنس إلا أربعة أحاديث. وقال ابن حبان: يروي بشر بن الحسين عن الزبير نسخة موضوعة شبيهاً بمائة وخمسين حديثاً، وقال في ترجمة الزبير في الثقات: بشر بن الحسين كأن الأرض أخرجت له أفلاذ كبدها في حديثه، لا ينظر في شيء رواه عن الزبير إلا على جهة التعجب، وقال عنه الدارقطني: متروك، يروي عن الزبير بواطيل، والزبير ثقة، والنسخة موضوعة./ الضعفاء والمتروكون للدارقطني (ص 159 - 160 رقم 126)، والميزان (1/ 315 - 316 رقم 1192)، واللسان (2/ 21 - 23 رقم 74).
* الطريق الخامسة والعشرون، هي التي يرويها محمد بن إسحاق الأهوازي، عن الحسن بن عيسى، عن الحسن بن السميدع، عن موسى بن أيوب، عن شعيب بن إسحاق، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن أنس.
ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي الملقب: سَرْكَره أقر على نفسه بالوضع -كما في الميزان (3/ 478 رقم 7211) -، والكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث (ص 352 رقم 622).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لجهالة أحمد بن عياض بن أبي طيبة.
والطريق الأخرى الآتية برقم (564) ضعيفة أيضاً لضعف إبراهيم القصار.
وتقدم أن الحاكم صحح هذا الحديث، مع أنه كان يقول ببطلانه، قال أبو عبد الرحمن الشاذياخي: كنا في مجلس السيد أبي الحسن، فسئل أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير، فقال: "لا يصح، ولو صح لما كان =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أحد أفضل من علي رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم".
قال الذهيي: "ثم تغير رأي الحاكم، وأخرج حديث الطير في مستدركه"
…
اهـ. من تذكرة الحفاظ (2/ 1042).
والذهبي رحمه الله هنا وإن ضعف الحديث من هذين الطريقين، إلا أنه متوقف في صحة الحديث وضعفه في الجملة، فإنه قال عقب عبارته السابقة في تذكرة الحفاظ: "ولا ريب أن في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة، بل فيه أحاديث موضوعة شأن المستدرك بإخراجها فيه.
وأما حديث الطير، فله طرق كثيرة جداً، قد أفردتها بمصنف، ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل".
وقال في سير أعلام النبلاء (13/ 233): "وحديث الطير -على ضعفه-، فله طرق جَمَّة، وقد أفردتها في جزء، ولم يثبت، ولا أنا بالمعتقد بطلانه".
قلت: وهذا الجزء ذكره ابن كثير في البداية (7/ 353)، فقال: قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي -في جزء جمعه في هذا الحديث بعد ما أورد طرقاً متعددة نحواً مما ذكرنا-: "ويروي هذا الحديث من وجوه باطلة، أو مظلمة، عن حجاج بن يوسف، وأبي عصام خالد بن عبيد
…
"، وذكر ممن رواه، ثم قال بعد أن ذكر الجميع: "الجميع بضعة وتسعون نفساً، أقربها غرائب ضعيفة، وأردؤها طرق مُختلفة مُفتعلة، وغالبها طرق واهية"، وذكر ابن كثير في الموضع السابق جملة كبيرة من طرق هذا الحديث، منها ما سبق ذكره، ومنها ما لم يرد له ذكر، ثم قال (ص 353): "فهذه طرق متعددة عن أنس بن مالك، وكل منها فيه ضعف ومقال".
قلت: وتقدم ذكر خمس وعشرين طريقاً للحديث، منها ثلاث عشرة طريقاً ساقطة لا تصلح للاستشهاد، بعضها موضوع، والآخر شديد الضعف، وهي الرابعة، والخامسة، والعاشرة، والحادية عشرة، والرابعة عشرة، والسابعة عشرة، والثامنة عشرة، والعشرون، والحادية، والثانية، والثالثة، والرابعة، والخامسة والعشرون. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والباقي اثنتا عشرة طريقاً ضعيفة واهية، أغلبها رواتها مجهولون، فقد يكونون شيعة أفاكين، وقد يكونون غير ذلك، وتقدم أن الذهبي رحمه الله جمع طرقاً كثيرة لهذا الحديث، تزيد على التسعين، ومع ذلك، فليس منها طريق واحدة تثبت عن أنس، وهذا في الحقيقة يدعو للعجب، والدهشة!! فأين أصحاب أنس رضي الله عنه عن هذا الحديث، وقد صحبوه السنين الطوال؟! وهم من هم في الثقة والضبط، أمثال الحسن البصري، وثابت البناني، وحميد الطويل، وحبيب بن أبي ثابت، وبكر بن عبد الله المزني، وأسعد بن سهل بن حنيف، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وأبان بن صالح، وإبراهيم بن ميسرة، وغيرهم كثير ممن روى عن أنس، ولا يعرف عن أحد منهم طريق ثابت لهذا الحديث! وهذا الذي دعا الذهبي، وابن كثير، وغيرهم من الحفاظ للتوقف عن القول بصحة هذا الحديث -برغم كثرة طرقه-، وذكر ابن كثير أن هناك من ألف في هذا الحديث، فقال في البداية (7/ 354):"وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة، منهم: أبو بكر بن مردويه، والحافظ أبو طاهر محمد بن أحمد بن حمدان -فيما رواه شيخنا أبو عبد الله الذهبي- ورأيت فيه مجلداً في جمع طرقه، وألفاظه لأبي جعفر بن جرير الطبري المفسر صاحب التاريخ، ثم وقفت على مجلد كبير في رده وتضعيفه سنداً ومتناً للقاضي أبي بكر الباقلاني المتكلم، وبالجملة ففي القلب من صحة هذا الحديث نظر -وإن كثرت طرقه-، والله أعلم"
…
اهـ.
وقد روى الحديث عن صحابة آخرين، منهم سفينة، وابن عباس، وعلي، وجابر، وأبو سعيد، وحبشي بن جنادة، ويعلى بن مرة، وأبو رافع رضي الله عنهم، ذكر أحاديثهم ابن كثير في البداية (7/ 353 - 354)، وتكلم عن بعضها، فقال:"وروي أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري، وصححه الحاكم، ولكن إسناده مظلم، وفيه ضعفاء، وروي من حديث حبشي بن جنادة، ولا يصح أيضاً، ومن حديث يعلى بن مرة، والإسناد إليه مظلم، ومن حديث أبي رافع نحوه، وليس بصحيح". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: أما حديث سفينة، فأخرجه أبو يعلى في مسنده -كما في المطالب العالية المسندة (ل 154 ب)، والمطبوعة (4/ 62 - 63 رقم 3964) -، فقال: حدثنا عبيد الله بن عمر، ثنا يونس بن أرقم، عن مطير بن أبي خالد، عن ثابت البجلي، عن سفينة رضي الله عنه صاحب زاد النبي صلى الله عليه وسلم قال: أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طيرين بين رغيفين، وكان في المسجد، ولم يكن في البيت غيري، وغير أنس بن مالك، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا بالغداء، فقلت: يا رسول الله، قد أهدت لك امرأة هدية، فقدمت إليه الطيرين، فقال:"اللهم ائتني بأحب خلقك -أحسبه قال:- إليك وإلى رسولك"، قال: فجاء علي، فضرب الباب ضرباً خفيفاً، فقلت: من هذا؟ قال: أبو الحسن، ثم ضرب، ورفع صوته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من هذا؟ " قلت: علي، قال:"افتح له"، ففتحت، وأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطيرين حتى فنيا.
ومن طريق عبيد الله بن عمر أخرجه القطيعي في زياداته على فضائل الصحابة لأحمد (2/ 560 - 562 رقم 945).
وسنده ضعيف جداً؛ فيه مطير بن أبي خالد، وهو متروك الحديث -كما قال أبو حاتم-، وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث./ الجرح والتعديل (8/ 394 رقم 1805)، والميزان (4/ 129 - 130 رقم 8597).
وهذا الرجل مما فات ابن حجر إيراده في اللسان، وليس هو في التهذيب.
وأخرجه البزار في مسنده (3/ 193رقم 2547) من طريق سهل بن شعيب، عن بريدة بن سفيان، عن سفينة، قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طواير، وصنعت له بعضها، فلما أصبح أتيته به، فقال:"من أين لك هذا؟ "، فقلت من الذي أتيتَ به أمس، قال:"ألم أقل لك لا تدَّخرنَّ لغد طعاماً، لكل يوم رزقه"، ثم قال: "اللهم أدخل علي أحب =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= خلقك إليك يأكل معي هذا الطير"، فدخل علي رضي الله عنه، فقال: "اللهم ولي".
وسنده ضعيف جداً أيضاً؛ بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي لا أدري، سع من سفينة أو لا؟ وهو متروك، وفيه رفض، سئل أحمد عن حديثه، فقال: بليَّة، وقال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث، وقال الجوزجاني: رديء المذهب جداً، غير مقنع، مغموص عليه في دينه، وقال أبو داود: لم يكن بذاك، تكلم فيه إبراهيم بن سعد، قلت لأبي داود: كان يتكلم في عثمان؟ قال: نعم، وقال الدارقطني: متروك، ووثقه ابن حبان، وقال ابن عدي: لم أر له شيئاً منكراً جداً./ الكامل (2/ 494)، والمغني في الضعفاء (1/ 102رقم 871)، والتهذيب (1/ 433 رقم 798).
والراوي عنه سهل بن شعيب النهمي، الكوفي ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ 199 رقم 859)، وبيض له.
وأخرجه الطبراني في الكبير (7/ 95 - 96 رقم 6437) من طريق سليمان بن قرم، عن فطر بن خليفة، عن عبد الرحمن بن أبي نعم، عن سفينة، به نحو رواية الترمذي لحديث أنس.
وسنده ضعيف.
سليما بن قَرْم -بفتح القاف، وسكون الراء- ابن معاذ، أبو داود البصري، النحوي، سيء الحفظ يتشيع -كما في التقريب (1/ 329رقم 480) -، بل قال ابن حبان: كان رافضياً غالياً في الرفض، ويقلب الأخبار مع ذلك، وقال ابن عدي: وتدل صورة سليمان هذا على أنه مفرط في التشيع، وله أحاديث حسان أفراد، وهو خير من سليمان بن أرقم بكثير، ووثقه الِإمام أحمد، وقال مرة: لا أرى به بأساً، لكنه كان يفرط في التشيع، وضعفه ابن معين، والنسائي، وقال أبو زرعة: ليس بذاك، وقال أبو حاتم: ليس بالمتين./ الكامل (3/ 1105 - 1108)، والتهذيب (4/ 213 - 214) رقم 367). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فيرويه سليمان بن قرم أيضاً، عن محمد بن شعيب، عن داود بن علي، عن أبيه، عن ابن عباس بنحو لفظ الطريق السابقة.
أخرجه العقيلي في الضعفاء (4/ 82 - 83).
والطبراني في الكبير (10/ 343رقم10667).
وابن عدي في الكامل (3/ 958).
ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 225رقم 360).
وسنده ضعيف جداً.
داود بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، ليس بحجة -كما في الميزان (2/ 13رقم 2633)، والمغني (1/ 219رقم2013) -، قال ابن معين: أرجو أنه لا يكذب، وروى له الترمذي حديثاً واحداً، واستغربة، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: يخطيء، وقال ابن عدي:"عندي أنه لا بأس برواياته عن أبيه، عن جده"./ الكامل (3/ 955 - 959)، والتهذيب (3/ 194رقم 371).
والراوي عنه محمد بن شعيب، وهو مجهول، قال ابن عدي:"لا أعرفه"، وذكره العقيلي في الضعفاء، وذكر هذا الحديث في ترجمته، وقال: "حديثه غير محفوظ
…
والرواية في هذا فيها لين"، وقال الذهبي: "لا يعرف"./ الكامل (3/ 958)، والضعفاء للعقيلي (4/ 82 - 83)، والميزان (3/ 580 رقم 7671).
والراوي عن محمد هذا هو سليمان بن قرم، وتقدم آنفاً أنه سيء الحفظ، ويفرط في التشيع.
وأما حديث علي رضي الله عنه، فذكره ابن كثير في الموضع السابق، ولم يعزه لأحد، وفي سنده عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وهو متروك -كما قال الدارقطني، وقال ابن حبان: "يروي عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أبيه، عن آبائه أشياء موضوعة، لا يحل الاحتجاج به، كأنه كان يهم، ويخطيء، حتى كان يجيء بالأشياء الموضوعة عن أسلافه، فبطل الاحتجاج بما يرويه لما وصفت". وقال ابن عدي:"عامة ما يرويه لا يتابع عليه"./ المجروحين (2/ 121 - 122)، والكامل (5/ 1883 - 1885)، والميزان (3/ 315 - 316رقم 6578).
وأما حديث يعلى بن مرة فإنه مقرون بالطريق الرابعة عشر لحديث أنس، وهو ضعيف جداً؛ في سنده عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة، وهو متروك كما تقدم.
وأما الحديث من طريق جابر، وأبي سعيد، وحبشي، وأبي رافع، فلم أجد من أخرجه، وتقدم كلام ابن كثير عنه.
وبالجملة فالحديث لا ينقصه كثرة طرق، وإنما يفتقر إلى سلامة المتن، فإنما أنكر من أنكر من الأئمة هذا الحديث؛ لما يظهر من متنه من تفضيل علي على الشيخين رضي الله عنهم، بل على الرسول صلى الله عليه وسلم، بالِإضافة لما في متنه من ركة اللفظ، والاضطراب.
فمما يدل على سقوط هذا الحديث اضطراب الرواة في متنه، فالمتأمل في متن الحديث من الطرق المتقدمة، يجد الاختلاف ظاهراً بين الروايات، وهذه بعض الأمثلة على ذلك:
1 -
ففي بعضها: الذي فتح الباب: أنس بن مالك، وفي بعضها الآخر: الذي فتحه سفينة.
2 -
الاختلاف في عدد الطير.
ففي بعض الروايات طائر واحد، وفي بعضها طيران، وفي بعضها ثلاثة، وجمع في بعضها، فقيل: أطيار أو طوائر.
3 -
الاختلاف في صفة الطير.
فقيل: فرخ مشوي، وقيل: حبارى، وقيل: طير جبلي، وقيل: حجل بخبزة وصبابة، وقيل: بين رغيفين، وقيل: معه أرغفة من شعير. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 4 - الاختلاف فيمن قدَّم الطير.
ففي بعضها يقول أنس: بعثتني أم سليم بطير مشوي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه أرغفة من شعير، فأتيته به، فوضعته بين يديه.
وفي بعضها الذي قدَّمه إحدى نسائه، وبعضها أم أيمن، وبعضها رجل، وبعضها امرأة من الأنصار، وفي بعضها الذي صنعه سفينة.
5 -
الاختلاف في صفة مجيء علي رضي الله عنه.
ففي بعضها أنه طرق الباب ثلاث مرات، ويرده أنس، وفي بعضها أربع مرات، وفي بعضها أنه طرقه في المرة الأولى، فرده أنس، وفي الثانية ضرب أنساً في صدره، ودخل، وفي بعضها في المرة الثانية جاء كأنما يضرب بالسياط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"افتح، افتح". وفي بعضها أن علياً لم يضرب الباب، وإنما خرج أنس يبحث عن رجل يكون صاحب الدعوة، فوجد علياً، فعاد، وهكذا ثلاث مرات.
وهذا الاختلاف إنما هو في عدد يسير من طرق الحديث، فكيف لو جمعت طرقه التي ذكرها الذهبي؟ لكان الاختلاف أكثر، وقد ذكر محقق الخصائص للنسائي (ص 34 - 35) جملة من ذلك.
وتقدم آنفاً ذكر إعلال الذهبي، وابن كثير -رحمهما الله- للحديث، من أن هناك من أعل الحديث غيرهما.
1، 2 - البخاري، والعقيلي:
قال العقيلي في الضعفاء (1/ 42): "وهذا الباب الرواية فيها لين، وضعف، لا يعلم في شيء ثابت، وهكذا قال محمد بن إسماعيل البخاري".
3 -
البزار:
ذكر الحديث في مسنده (3/ 193 - 194) ثم قال: "قد روي عن أنس من وجوه، وكل من رواه عن أنس فليس بالقوي".
4 -
وضعفه الترمذي بقوله في السنن (10/ 223 - 224) بعد أن أخرج =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحديث: "هذا حديث غريب، لا نعرفه من حديث السدي إلا من هذا الوجه، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أنس".
5 -
أبو بكر بن أبي داود:
نقل عنه الذهبي في السير (3/ 232) أنه سئل عن حديث الطير، فردَّه بعبارة فيها مبالغة تعقبه الذهبي عليها.
6 -
الدارقطني:
بلغ الدارقطني أن الحاكم أدخل حديث الطير في المستدرك على الصحيحين، فقال:"يستدرك عليهما حديث الطائر؟! "./ العلل المتناهية (1/ 233).
7 -
أبو يعلى الخليلي صاحب الِإرشاد:
نقل عنه ابن حجر في التهذيب (1/ 303 - 304) قوله: "ما روى حديث الطير ثقة، رواه الضعفاء مثل إسماعيل بن سلمان الأزرق، وأشباهه"، زاد محقق الخصائص للنسائي (ص 35) نقلاً عن الخليلي في الإرشاد قوله:"ويرده جميع أئمة الحديث".
8 -
محمد بن طاهر المقدسي:
قال عن حديث الطير: "كل طرقه باطلة معلولة"./ العلل المتناهية لابن الجوزي (1/ 233 - 234).
9 -
محمد بن ناصر السلامي:
نقل عنه ابن الجوزي في المنتظم (7/ 275) قوله عن حديث الطير: "حديث موضوع إنما جاء من سقاط أهل الكوفة، عن المشاهير والمجاهيل، عن أنس وغيره".
10 -
ابن الجوزي:
ذكر الحديث في العلل المتناهية (1/ 225 - 234)، وقال:"قد ذكره ابن مردويه من نحو عشرين طريقاً كلها مظلم، وفيها مطعن، فلم أر الإِطالة بذلك". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 11 - أبو بكر الباقلاني، القاضي:
تقدم أن ابن كثير قال: "وقفت على مجلد كبير في رده وتضعيفه سنداً، ومتناً للقاضي أبي بكر الباقلاني المتكلم".
12 -
أبو حفص عمر بن علي القزويني:
في الأسئلة التي سئل عنها الحافظ ابن حجر بشأن الأحاديث المنتقدة على مشكاة المصابيح، والمطبوعة بآخر المشكاة (3/ 1774 - 1776)، ذكر أن القزويني حكم على هذا الحديث بالوضع.
13 -
أبو العباس أحمد بن تيمية:
قال في منهاج السنة (4/ 99): "حديث الطائر من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة بحقائق النقل"، ثم أطال الكلام في ردِّ متنه.
14 -
جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي:
ذكر المباركفوري في تحفة الأحوذي (10/ 224) أن الزيلعي قال في نصب الراية: "كم من حديث كثرت رواته، وتعددت طرقه، وهو حديث ضعيف كحديث الطير
…
، بل قد لا يزيد الحديث كثرة الطرق إلا ضعفاً".
15 -
الجد الفيروزبادي صاحب القاموس:
نقل الشوكاني في الفوائد المجموعة (ص 382) عنه قوله عن هذا الحديث:
" له طرق كثيرة كلها ضعيفة".
16 -
ناصر الدين الألباني:
في تعليقه على مشكاة المصابيح (3/ 1721) ذكر قول الترمذي عن الحديث: "غريب"، ثم قال:"أي ضعيف، وهو كما قال".
وقال أيضاً: "صرح الحافظ -أي ابن حجر- بأنه حديث حسن، مع أن الترمذي مع تساهله المعروف لما خرجه لم يحسنه، بل ضعفه بقوله: حديث غريب
…
" الخ كلام له طويل في تعقبه للحافظ ابن حجر، وتضعيفه الحديث سنداً، ومتناً، نقله عنه الشيخ محمود الميرة في رسالته عن الحاكم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومستدركه (ص 432 - 433)، وذكر أن كلام الألباني هذا في مقدمة كتبت في أول الجزء الثالث من المشكاة، ولم أجده في النسخة المتداولة أخيراً، ولعله في نسخة متقدمة.
وكما أن هؤلاء العلماء قدحوا في صحة الحديث، فقد قابلهم طائفة أخرى ذهبت إلى القول بصحة الحديث، أو حسنه، منهم:
1 -
أبو عبد الله الحاكم، هنا في المستدرك.
2 -
ابن جرير الطبري:
تقدم أن ابن كثير ذكر أن الطبري له مجلد في جمع طرق وألفاظ هذا الحديث، وظاهر كلام ابن كثير أن الطبري يرى صحة الحديث، وإن لم يصرح به.
3 -
ابن حجر:
وقد اختلفت نظرة ابن حجر للحديث، ففي لسان الميزان (3/ 336) يقول عن الحديث:"هو خبر منكر".
وقال الذهبي في الميزان (1/ 602): "هذا حديث منكر"، وأقره ابن حجر في اللسان (2/ 354).
وفي أجوبته عن الأحاديث التي وصفت بالوضع في كتاب المصابيح (3/ 1787 - 1788 من مشكاة المصابيح) ذكر الحديث، وبعض الكلام عنه، ثم قال:"قال الحاكم رواه عن أنس أكثر من ثلاثين نفساً، ثم ذكر له شواهد عن جماعة من الصحابة، وفي الطبراني منها عن سفينة، وعن ابن عباس، وسند كل منهما متقارب".
فالحافظ ابن حجر في أجوبته كأنه يميل إلى تحسين الحديث، والمعوّل عليه: المتأخر من قوليه، والله أعلم.
4 -
الشيخ محمود الميرة:
أطال الكلام عن هذا الحديث وحديث: "أنا مدينة العلم" في رسالته عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحاكم ومستدركه، ثم قال (ص 463):" فالحديثان بمرتبة الحسن". هذا ما تيسر أيراده عن حديث الطير، وأشير إلى أن محقق خصائص علي رضي الله عنه للنسائي قد أطال الكلام عن هذا الحديث وأجاد، ورجح عدم ثبوته، وفيما تقدم من كلام ابن كثير رحمه الله كفاية، والله أعلم.
564 -
ثم ساقه (1) من حديث ثابت البناني، عن أنس.
قلت: فيه إبراهيم بن ثابت، وهو ساقط.
(1) أي الحاكم.
564 -
المستدرك (3/ 131 - 132)، قال الحاكم عقب كلامه عن الحديث السابق: وفي حديث ثابت البناني، عن أنس زيادة ألفاظ، كما حدثنا به الثقة المأمون أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن بن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علية بن خالد السكوني بالكوفة، من أصل كتابه، ثنا عبيد بن كثير العامري، ثنا عبد الرحمن بن دبيس.
وحدثنا أبو القاسم، ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح، قالا: ثنا إبراهيم بن ثابت البصري، القصار، ثنا ثابت البناني، أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان شاكياً، فأتاه محمد بن الحجاج يعوده في أصحاب له، فجرى الحديث، حتى ذكروا علياً رضي الله عنه، فتنقصه محمد بن الحجاج، فقال أنس: من هذا؟! أقعدوني، فأقعدوه، فقال: يا ابن الحجاج، ألا أراك تنقص علي بن أبي طالب؟ والذي بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بالحق، لقد كنت خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين يديه، وكان كل يوم يخدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غلام من أبناء الأنصار، فكان ذلك اليوم يومي، فجاءت أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطير، فوضعته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"يا أم أيمن، ما هذا الطائر؟ " قالت: هذا الطائر أصبته، فصنعته لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم جئني بأحب خلقك إليك يأكل معين هذا الطائر"، وضرب الباب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا أنس، انظر من كل الباب"، قلت: اللهم اجعله رجلاً من الأنصار، فذهبت، فإذا علي بالباب، قلت: إن رسول الله -صلى الله =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عليه وآله وسلم- على حاجة، فجئت حتى قمت مقامي، فلم ألبث أن ضرب الباب، فقال:"يا أنس، انظر من على الباب"، فقلت: اللهم اجعله رجلاً من الأنصار، فذهبت، فإذا علي بالباب، قلت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حاجة، فجئت حتى قمت مقامي، فلم ألبث أن ضرب الباب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"يا أنس، اذهب فأدخله، فلست بأول رجل أحب قومه، ليس هو من الأنصار"، فذهبت، فأدخلته، فقال:"يا أنس، قرِّب إليه الطير"، قال: فوضعته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأكلا جميعاً.
قال محمد بن الحجاج: يا أنس، كان هذا بمحضر منك؟ قال: نعم، قال: أعطي بالله عهداً أن لا أنتقص علياً بعد مقامي هذا، ولا أعلم أحداً ينتقصه إلا أشنت له وجهه.
تخريجه:
الحديث أخرجه العقيلي في الضعفاء (1/ 46) من طريق عبد الله بن عمر بن أبان، عن إبراهيم بن ثابت القصار، قال: حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: جاءت أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم بطائر، فوضعته، فقال لها رسول الله:"ما هذا؟ " قالت: طائر صنعته لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معين"، فجاء علي.
قال العقيلي: "ليس لهذا الحديث من حديث ثابت أصل، وقد تابع هذا الشيخ معلى بن عبد الرحمن، ورواه عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس.
حدثنا الصائغ، عن الحسن الحلواني، عنه، ومعلى عندهم يكذب، ولم يأت به ثقة عن حماد بن سلمة، ولا عن ثقة عن ثابت، وهذا الباب الرواية فيها لين، وضعف، لا يعلم فيه شيء ثابت، وهكذا قال محمد بن إسماعيل البخاري". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: وفي ضعفاء العقيلي المطبوع تصحيف ونقص في بعض العبارات، استدركته من المخطوط (ل 39 أ)، واللسان (1/ 42).
دراسة الإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم من طريق إبراهيم بن ثابت القصار، عن ثابت البناني، عن أنس، متابعاً للطريق السابقة، وسكت عنه، وأعله الذهبي بقوله:"إبراهيم بن ثابت ساقط".
وإبراهيم بن ثابت هذا هو القصَّار، البصري، ويقال: إبراهيم بن باب، وتقدم أن العقيلي ذكره في الضعفاء، وقال: إن الحديث لم يأت به ثقة عن ثابت، والذي رواه عن ثابت هو إبراهيم القصار هذا، فهو عند العقيلي غير ثقة.
وأما الذهبي فإنه ذكره في موضعين في الميزان (1/ 21و 25 رقم 47 و 59)، في إبراهيم بن باب، وإبراهيم بن ثابت.
وقال في الموضع الأول: "واه، لا يكاد يعرف إلا بحديث الطير"، وقال في الموضع الآخر:"ماذا بعمدة، ولا أعرف حاله جيداً".
وذكره في ديوان الضعفاء (ص 8 رقم 155) فقال: "إبراهيم بن باب البصري، القصار، عن ثابت البناني، تالف"، وذكره في المغني (101 رقم 43)، وقال:"ضعيف واه".
وتعقب ابن حجر الذهبي في اللسان (1/ 37رقم 71) بقوله: "قد ذكره البخاري، فلم يذكر فبه جرحاً، وابن أبي حاتم، وبيض، وضعفه العقيلي".
قلت: الذي ذكره البخاري، وابن أبي حاتم هو إبراهيم بن ثابت، أبو إسماعيل، ويروي عن جابر بن زيد، وعنه سوادة بن أبي الأسود، وليس هناك ما يدل على أنه هو هذا./ انظر التاريخ الكبير (1/ 278رقم 892)، والجرح والتعديل (2/ 90رقم 232). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الحافظ ابن كثير في البداية (7/ 352) عن القصار هذا: "مجهول".
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف إبراهيم القصار، وذكره ابن كثير في الموضع السابق من هذه الطريق، وقال:"منكر سنداً ومتناً".
وبقية طرق الحديث تقدم الكلام عنها في الحديث السابق، والله أعلم.
565 -
حديث عمَّار (1) بن ياسر:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا علي، طوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك".
قال: صحيح.
قلت: بل فيه سعيد بن محمد الوَرّاق، وعلي بن الحَزَوَّر، وهما متروكان.
(1) في (ب): (عامر).
565 -
المستدرك (3/ 135): أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا سعيد بن محمد الوراق، عن علي بن الحزور، قال: سمعت أبا مريم الثقفي يقول: سمعت عمار بن ياسر رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي
…
، فذكره بلفظه.
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق الِإمام أحمد.
والِإمام أحمد أخرجه في الفضائل (2/ 680 رقم1162).
ومن طريقه أخرجه الخطيب في تاريخه (9/ 72).
ومن طريق الخطيب أخرجه ابن الجوزي في العلل (1/ 242رقم 391).
وأخرجه الحسن بن عرفة في جزئه (ص 46 رقم 8).
ومن طريقه أبو يعلى في مسنده (3/ 178 - 179رقم1602).
وابن عدي في الكامل (5/ 1832).
والخطيب في تاريخه (9/ 71 - 72). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والذهبي في الميزان (3/ 118).
جميعهم من طريق سعيد بن محمد الوراق، به مثله.
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 132)، وعزاه للطبراني في الكبير والأوسط، وقال:"فيه علي بن الحزور، وهو متروك".
وقال ابن الجوزي: "هذا لا يصح؛ قال البخاري: علي بن الحزوّر عنده عجائب، وقال السعدي: ذاهب، وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال يحيى: وسعيد الوراق ليس بثقة، وقال الدارقطني: متروك".
وقال الذهبي بعد أن رواه: "هذا باطل".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"بل سعيد وعلي متروكان".
وسعيد هو ابن محمد الورّاق الثقفي، أبو الحسن الكوفي، وهو ضعيف -كما في التقريب (1/ 304رقم250) -، وانظر الكامل (3/ 1238 - 1239)، وتاريخ بغداد للخطيب (9/ 71 - 73)، والتهذيب (4/ 77 رقم 135).
وعلي هو ابن الحَزَوَّر -بفتح المهملة، والزاي، والواو المشددة، بعدها راء-، الكوفي، ابن أبي فاطمة، وهو متروك، شديد التشيع -كما في التقريب (2/ 33رقم308) -، وانظر الكامل لابن عدي (5/ 1831 - 1832)، والتهذيب (7/ 296 - 297 رقم507).
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد لشدة ضعف علي بن الحزور، وضعف سعيد الوراق، والله أعلم.
566 -
حديث أسعد بن زُرَارة مرفوعاً:
"أوحي إليَّ في علي: أنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغرِّ المحجَّلين".
قال: صحيح.
قلت: أحسبه موضوعاً، وعمرو بن الحصن، وشيخه يحيى بن العلاء الرازي متروكان.
566 - المستدرك (3/ 137 - 138): حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمد بن أيوب، أنا عمرو بن الحصين العقيلي، أنبأ يحيى بن العلاء الرازي، ثنا هلال بن أبي حميد، عن عبد الله بن أسعد بن زرارة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أوحي إليّ في علي ثلاث: أنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين".
تخريجه:
الحديث يرويه هلال بن أبي حميد، عن عبد الله بن أسعد بن زرارة، عن أبيه، مرفوعاً.
وهلال هذا في نسبه اختلاف سيأتي ذكره في دراسة الِإسناد: وقد اختلف عليه في هذا الحديث، ويرويه عنه أربعة هم: يحيى بن العلاء، وجعفر بن زياد الأحمر، والمثنى بن القاسم الحضرمي، وعيسى بن سوادة الرازي.
أما رواية يحيى بن العلاء، فيرويها عنه عمرو بن الحصين، واختلف على عمرو.
فرواه محمد بن أيوب، وأبو يعلى، كلاهما عنه، عن يحيى بن العلاء، عن هلال، عن عبد الله بن أسعد، عن أبيه.
وخالفهما أبو معشر الدارمي، فرواه عنه، عن يحيى بن العلاء، عن حماد بن هلال، عن محمد بن أسعد بن زرارة، عن أبيه، عن جده. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أما رواية محمد بن أيوب، فهي التي أخرجها الحاكم هنا.
وأخرجها الخطيب في الموضح (1/ 192) بمثل لفظ الحاكم.
وأما رواية أبي يعلى، فأخرجها ابن عدي في الكامل (7/ 2657) بنحوه.
وأما رواية أبي معشر الدارمي، فأخرجها الخطيب في الموضع السابق بمثله.
هذا بالنسبة لرواية يحيى بن العلاء للحديث عن هلال.
وأما رواية جعفر بن زياد الأحمر للحديث عن هلال، فقد اختلف فيها على جعفر.
فرواه نصر بن مزاحم العطار، عنه، عن هلال، عن عبد الله بن أسعد، عن أبيه، وهذا موافق لرواية محمد بن أيوب، وأبي يعلى للحديث عن عمرو بن الحصين، ولفظ هذه الرواية: لما عرج بي إلى السماء انتهي بي إلى قصر من لؤلؤ، فراشه ذهب يتلألأ، وأوحي أليَّ في علي بثلاث خصال
…
الحديث بمثله.
أخرج هذه الرواية الخطيب في الموضح (1/ 189)، وهذا لفظه.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده -كما في المطالب المسندة (ل 172 أ)، والمطبوعة (4/ 200رقم 4286) -، إلا أن لفظ المسندة قال فيه:"فأوحي إلي بثلاث خصال: بأنك سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين".
ورواه يحيى بن أبي بكير، وأحمد بن المفضل الكوفي، كلاهما عن جعفر، عن هلال، عن أبي كثير الأنصاري، عن عبد الله بن أسعد بن زرارة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس في هذه الرواية ذكر لأسعد بن زرارة، وفيها زيادة أبي كثير الأنصاري.
أما رواية يحيى فأخرجها البزار في مسنده (1/ 49 رقم 60).
والخطيب في الموضح (1/ 188 - 189).
كلاهما من طريق يحيى، به، ولفظ الخطيب: "انتهيت إلى ربي، فأوحى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= إليَّ -أو: أمرني، جعفر شك- في علي ثلاث: إنه سيد المسلمين، وولي المتقين، وقائد الغر المحجلين".
وأما لفظ البزار فهو؛ "ليلة أسري بي انتهيت إلى قصر من لؤلؤة تتلألأ نوراً، وأعطيت ثلاثاً: إنك سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين".
قال الهيثمي في المجمع (1/ 78): "فيه هلال الصيرفي، عن أبي كثير الأنصاري، لم أر من ذكرهما".
وأما رواية أحمد بن المفضل الكوفي فأخرجها الخطيب في الموضع السابق، ولفظه نحو لفظ رواية نصر بن مزاحم السابقة عنده.
هذا بالنسبة لرواية جعفر الأحمر.
وأما رواية المثنى بن القاسم الحضرمي للحديث عن هلال، فيرويها ابن عقدة أحمد بن محمد بن سعيد، عن محمد بن الفضل بن إبراهيم الأشعري، عن أبيه، عن مثنى بن القاسم، عن هلال، واختلف على ابن عقدة.
فرواه الحسين بن هارون الضبي القاضي، عنه بالسياق المتقدم إلى هلال، عن أبي كثير الأنصاري، عن عبد الله بن أسعد بن زرارة، عن أنس، عن أبي أمامة، به نحو لفظ الحاكم، هكذا بزيادة أنس، وأبي أمامة في سنده.
أخرجه الخطيب في الموضع السابق (1/ 191).
ورواه محمد بن أحمد بن جميع الغسَّاني الصيداوي، عن ابن عقدة بالسياق المتقدم أيضاً إلى هلال، عن أبي كثير، عن عبد الله بن أسعد بن زرارة، عن أبيه، به بلفظ:"أوحي إلي في علي أنه أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين".
أخرجه الخطيب في الموضع نفسه.
وأما رواية عيسى بن سوادة الرازي للحديث عن هلال، فأخرجها الخطيب =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أيضاً (1/ 190 - 191) من طريق عيسى هذا، عن هلال، عن عبد الله بن عكيم الجهني، رفعه بنحو لفظ الحاكم.
والحديث ذكره الحافظ ابن حجر في الِإصابة (4/ 6)، وعزاه أيضاً لأبي بكر بن أبي شيبة، والبغوي، وابن السكن.
وأخرجه أيضاً ابن قانع، والباوردي، وابن النجار -كما في كنز العمال (11/ 619 - 620رقم33010و 33011).
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"أحسبه موضوعاً، وعمرو، وشيخه متروكان".
وعمرو هذا هو ابن الحصين العُقَيلي -بضم أوله-، أبو عثمان البصري، ثم الجزري، وهو متروك -كما في التقريب (2/ 68رقم 563) -، وانظر الجرح والتعديل (6/ 229 رقم1272)، والكامل لابن عدي (5/ 1798 - 1799)، والتهذيب (8/ 21 رقم 32).
وشيخه هو يحيى بن العلاء البجلي، أبو سلمة، ويقال: أبو عمرو الرازي، وهو كذاب يضع الحديث، كما قال الِإمام أحمد. وقال وكيع بن الجراح: كان يكذب. وقال عمر وبن علي، والبخاري، والنسائي، والدارقطني: متروك الحديث./ الكامل لابن عدي (7/ 2655 - 2658)، والتهذيب (11/ 261 - 262 رقم 526).
وقد روى الحديث من غير طريق يحيى بن العلاء كما سبق، إلا أن فيه اضطراباً شديداً في سنده بَيَّنه الخطيب في الموضح (1/ 186 - 192)، ولخص كلامه الحافظ ابن حجر في الإصابة (4/ 6 - 7)، فقال: "وقد ذكر الخطيب الاختلاف في سند هذا الحديث في الموضح؛ قال الخطيب: هكذا رواه أحمد بن المفضل، ويحيى بن أبي (بكير) الكرماني، عن جعفر الأحمر، وخالفهما نصر بن مزاحم، عن جعفر، فزاد في السند: عن أبيه، فصار من مسند أسعد بن زرارة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وخالف جعفر المثنى بن القاسم، فقال: عن هلال، عن أبي كثير الأنصاري، عن عبد الله بن أسعد بن زرارة، عن أنس، عن أبي أمامة، رفعه.
وقيل: عن المثنى، عن هلال، كرواية نصر بن مزاحم.
ورواه أبو معشر الدارمي، عن عمرو بن الحصين، عن يحيى بن العلاء، عن حماد بن هلال، عن محمد بن أسعد بن زرارة، عن أبيه، عن جده.
وقال محمد بن أيوب بن الضُّرَيس: عن عمرو بن الحصين، بهذا المسند، مثل رواية نصر بن مزاحم. انتهى كلام الخطيب ملخصاً. -قال الحافظ:- ويمكن الجمع بأن يكون عبد الله بن أسعد ليس ولداً لأسعد لصلبه، بل هو ابن ابنه، ولعل أباه هو محمد، فيوافق رواية نصر، وهذه الرواية الأخيرة، ويكون قوله: رواية المثنى بن القاسم، عن أنس تصحيفاً، وإنما هي: عن أبيه، وأما أبو أمامة، فهو أسعد بن زرارة، هكذا كان يُكنَّى، والله أعلم".
قلت: وجمع الحافظ هذا يلاحظ عليه بما يلي:
1 -
أنه مجرد احتمال لا دليل عليه.
2 -
ليس الاضطراب فقط من جهة كون الحديث من مسند أسعد بن زرارة، أو ابنه، فمرة يقول هلال: عن أبي كثير الأنصاري، عن عبد الله بن أسعد، ومرة لا يذكر أبا كثير، ومرة يقول هلال: عن عبد الله بن عكيم الجهني، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولايذكر أسعد بن زرارة، ولا ابنه.
قال ابن حجر بعد محاولة الجمع بين الروايات: "ومعظم الرواة في هذه الأسانيد ضعفاء، والمتن منكر جداً، والله أعلم".
ونقل عنه السيوطي -كما في الكنز (11/ 619) - أنه قال أيضاً: "ضعيف جداً، منقطع". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ونقل أيضاً عن الحاكم قوله: "غريب المتن في الِإسناد".
ونقل أيضاً عن ابن العماد قوله: "هذا حديث منكر جداً، ويشبه أن يكون من بعض الشيعة الغلاة، وإنما هذه صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا صفات علي".
وهلال بن أبي حميد الذي عليه مدار الحديث اختلف في نسبه وكنيته، فقيل كما هنا، وهو أشهر الأقوال، وقيل: هلال بن حميد، وقيل: ابن عبد الله، وقيل: ابن أيوب، وقيل: ابن مقلاص، وفي كنيته قيل: أبو أمية، وقيل: أبو الجهم، وقيل: أبو أيوب، وقيل: أبو عروة، وقيل: أبو عمرو.
وقد رجح البخاري أن هلالًا هذا ليس بالوزان، وحكم عليه الخطيب بالوهم، ورجح أنه الوزان، ورد ذلك الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله في تعليقه على الموضح-، وأطال في ذلك، ورجح أن هلالًا الذي يروي هذا الحديث مجهول، وأن الوزان ثقة، واستنكر هذا الحديث، وانتصر لقول ابن حجر:"ومعظم الرواة في هذه الأسانيد ضعفاء، والمتن منكر جداً، ثم قال -أي المعلمي-: "والذي يظهر أن الحديث حديث جعفر، عن ذاك المجهول، وأن الآخرين سرقوه منه، وتفننوا فيه، والله المستعان".
اهـ. من الموضح وحاشيته (1/ 186 - 194).
الحكم علي الحديث:
الحديث من طريق الحاكم موضوع، لنسبة يحيى بن العلاء إلى الكذب، ووضع الحديث، ولشدة ضعف عمرو بن الحصين.
وهو من الطرق الأخرى ضعيف جداً لاضطرابه، وما في رواته من الكلام المتقدم ذكره عن ابن حجر، والمعلمي، ومتنه منكر جداً كما تقدم، والله أعلم.
567 -
حديث علي بن (أبي)(1) طلحة قال (2):
حججنا، فمررنا بحسن بن علي بالمدينة (2)
…
الخ.
قال: صحيح.
قلت: بل منكر، واهٍ؛ فيه غير واحد من الضعفاء.
(1) ما بين المعكوفين من المستدرك، وتلخيصه، ومصادر الترجمة، وليس في (أ) و (ب).
(2)
قوله: (قال) و (بالمدينة) ليسا في (ب).
567 -
المستدرك (3/ 138): أخبرني علي بن عبد الرحمن بن عيسى السبيعي بالكوفة، ثنا الحسين بن الحكم الجيزي، ثنا الحسين بن الحسن الأشقر، ثنا سعيد بن خثيم الهلالي، عن الوليد بن يسار الهمذاني، عن علي بن أبي طلحة، قال: حججنا، فمررنا على الحسن بن علي بالمدينة، ومعنا معاوية بن خُدَيج، فقيل للحسن: إن هذا معاوية بن حديج الساب لعلي، فقال: عليَّ به، فأتي به، فقال: أنت الساب لعلي؟ فقال: ما فعلت، فقال: والله إن لقيته -وما أحسبك تلقاه- يوم القيامة، لتجده قائما على حوض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذود عنه رايات المنافقين، بيده عصاً من عوسج، حدثنيه الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم، وقد خاب من افترى.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"بل منكر، واه؛ فيه غير واحد من الضعفاء".
وفي سنده علي بن أبي طلحة سالم، مولى بني العباس، وهو صدوق، إلا أنه فد يخطيء -كما في التقريب (2/ 39رقم 362) -، فقد وثقه العجلي، وقال أبو داود: هو إن شاء الله مستقيم الحديث، ولكن له -رأي سوء، كان يرى السيف، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الِإمام أحمد: له أشياء منكرات، وقال يعقوب بن سفيان: ضعيف الحديث، منكر، ليس محمود الذهب، وقال في موضع آخر: شامي، ليس هو بمتروك، ولا هو حجة./ تاريخ بغداد (11/ 428 - 429 رقم6317)، والتهذيب (7/ 339 - 341رقم 567).
في سند الحديث أيضاً الوليد بن يسار الهمذاني، وفي طبقته اثنان يشتبهان معه في الاسم، واسم الأب، ولم يذكر في نسب أحد منهم أنه: همذاني.
أما الأول فهو الوليد بن يسار البصري، يروي عن الحسن، وعنه عبد الملك بن قريب الأصمعي، بيض له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 21 رقم 88)، وذكره ابن حبان في ثقاته (7/ 550).
والآخر الوليد بن يسار الخزاعي، أبو عبيدة، بصري يروي عن معاوية بن قرة، وعنه موسى بن إسماعيل، ذكره البخاري في تاريخه (8/ 157 رقم2552) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم (9/ 21 رقم 89)، وذكره ابن حبان في ثقاته (7/ 556).
فإن كان أحد هذين فهو مجهول الحال، وإلا فلم أعرفه.
وفي سنده أيضاً سعيد بن خُثَيْم -بمعجمة، ومثلثة مصغراً- ابن رَشد، -بفتح الراء-، الهلالي، أبو معمر الكوفي، وهو صدوق له أغاليط، ورمي بالتشيع -كما في التقريب (1/ 294رقم 151) -، وثقه ابن معين، والعجلي، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال النسائي: ليس به بأس.
وقال الأزدي: كوفي منكر الحديث، وقال ابن عدي: أحاديثه ليست بمحفوظة./ الكامل (3/ 1244 - 1245)، والتهذيب (4/ 22 - 23 رقم 32).
وفي سنده أيضاً الحسين بن الحسن الأشقر، وتقدم في الحديث (560) أنه ضعيف، ويغلو، في التشيع. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد لما تقدم في دراسة الِإسناد.
وله شاهد مرفوع من حديث أبي سعيد الخدري، وآخر موقوف على علي رضي الله عنهما.
أما حديث أبي سعيد، فلفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا علي، معك يوم القيامة عصاً من عصَيِّ الجنة تذود بها المنافقين عن حوضي".
أخرجه الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين المكيَّة (ص 343) -، من طريق سلام بن سليمان المدايني، عن شعبة، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، به.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 135): "فيه سلام بن سليمان المدايني، وزيد العمي، وهما ضعيفان، وقد وثقا، وبقية رجاله ثقات".
قلت: سلاّم -بتشديد اللام- ابن سليم، أو سلم، أبو سليمان الطويل، المدايني متروك -كما في التقريب (1/ 342رقم 611) -، وانظر الكامل (3/ 1146 - 1149)، والتهذيب (4/ 271 - 282 رقم 485).
وعليه فالحديث ضعيف جداً بهذا الإِسناد لأجله.
وأما حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فأخرجه الطبراني في الموضع السابق، عنه رضي الله عنه قال: إني أذود عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين القصيرتين الكفار والمنافقين كما يذود السقاة غريبة الِإبل عن حياضهم.
قال الهيثمي في الموضع السابق: "فيه محمد بن قدامة الجوهري، وهو ضعيف".
وعليه فالحديث لا ينجبر ضعفه بهذه الشواهد، والله أعلم.
568 -
حديث أنس:
دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على علي، وهو مريض، وعنده أبو بكر، وعمر، فتحوَّلا، حتى جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أحدهما لصاحبه: ما أراه إلا هالك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنه لمن يموت إلا مقتولًا، وإنه (1) لمن يموت حتى يُملأ غيظاً".
قلت: إسناده واهٍ.
(1) قوله: (إنه) من (أ) فقط، وليس في (ب)، ولا في المستدرك وتلخيصه.
568 -
المستدرك (3/ 139): حدثنا دعلج بن أحمد السجزي ببغداد، ثنا عبد العزيز بن معاوية، البصري، ثنا عبد العزيز بن الخطاب، ثنا ناصح بن عبد الله المحلمي، عن عطاء بن السائب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخلت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم على علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعوده وهو مريض، وعنده أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، فتحولا، حتى جلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال أحدهما لصاحبه: ما أراه إلا هالك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"إنه لمن يموت إلا مقتولًا، ولن يموت حتى يملأ غيظاً".
تخريجه:
الحديث أخرجه الدارقطني في الأفراد، وابن عساكر -كما في كنز العمال (11/ 618رقم 32999).
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، وسكت عنه، وأعله الذهبي بقوله:"إسناده واه".
وفي سند الحديث عطاء بن السائب، وناصح المحلِّمي.
أما عطاء بن السائب، فتقدم في الحديث (526) أنه: صدوق اختلط. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والراوي عنه ناصح بن عبد الله المحلِّمي -بالمهملة وتشديد اللام-، التميمي، أبو عبد الله الحائك، وهو ضعيف -كما في التقريب (2/ 294 رقم 9) -، وانظر الكامل لابن عدي (7/ 2510 - 2511)، والتهذيب (10/ 401 - 402رقم 721).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لاختلاط عطاء بن السائب، وضعف ناصح بن عبد الله المحلمي، والله أعلم.
569 -
حديث أبي أيوب:
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً بقتال (الناكثين)(1)، والقاسطين، والمارقين (2).
قلت: لم يصح.
(1) في (أ): (الباكين).
(2)
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 305): "المراد بالناكثين يعني أهل الجمل، وبالقاسطين أهل الشام، وأما المارقون فالخوارج؛ لأنهم مرقوا من الدين".
569 -
المستدرك (3/ 139): حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، ثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، ثنا محمد بن حميد، ثنا سلمة بن الفضل، حدثني أبو زيد الأحول، عن عتاب بن ثعلبة، حدثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب بقتال الناكثين، والقاسطين والمارقين.
تخريجه:
الحديث له عن أبي أيوب رضي الله عنه أربع طرق:
* الأولى: هذه التي أخرجها الحاكم هنا من طريق محمد بن حميد، عن سلمة بن الفضل، عن أبي زيد الأحول، عن عتاب بن ثعلبة، عن أبي أيوب.
* الثانية: هي الآتية برقم (570)، وهي من طريق محمد بن يونس، عن عبد العزيز بن الخطاب، عن علي بن غراب، عن الأصبغ بن نباتة، عن أبي أيوب.
* الثالثة: طريق محمد بن كثير، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن مخنف بن سليم، قال: أتينا أبا أيوب، فقلنا: قاتلت =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بسيفك المشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جئت تقاتل المسلمين؟! فقال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين، والمارقين والقاسطين.
أخرجه الحاكم -كما في البداية والنهاية لابن كثير (7/ 306 - 307) -، واللفظ له.
وأخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 606 - 607) بنحوه.
وذكره في كنز العمال (11/ 352 رقم 31721)، وعزاه لابن جرير.
* الرابعة: طريق أحمد بن عبد الله المؤدب، عن المعلى بن عبد الرحمن، عن شريك، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين، فقلنا له: يا أبا أيوب، إن الله أكرمك بنزول محمد صلى الله عليه وسلم، وبمجيء ناقته تفضلًا من الله، وإكراماً لك حتى أناخت ببابك دون الناس، ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب به أهل لا إله إلا الله؟! فقال: يا هذا، إن الرائد لا يكذب أهله، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بقتال ثلاثة مع علي: بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين. فأما الناكثون، فقد قابلناهم: أهل الجمل، طلحة والزبير، وأما القاسطون، فهذا منصرفنا من عندهم -يعني معاوية، وعمراً- وأما المارقون، فهم أهل (الطرقات)، وأهل السعيفات، وأهل النخيلات، وأهل النهروانات، والله ما أدري أين هم، ولكن لا بد من قتالهم -إن شاءالله-.
أخرجه الخطيب في تاريخه (13/ 186 - 187).
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، وسكت عنه، وأعله الذهبي بقوله:"لم يصح"، وضعف سنده كما في الحديث الآتي برقم (570).
وفي سنده عتاب بن ثعلبة، وسلمة بن الفضل، ومحمد بن حميد الرازي. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أما عتاب بن ثعلبة فذكره الذهبي في الميزان (3/ 27 رقم 5466)، وقال:"عداده في التابعين، روى عنه أبو زيد الأحول حديث قتال الناكثين، والِإسناد مظلم، والمتن منكر".
وأقره ابن حجر في اللسان (4/ 127 رقم 283).
وأما سلمة بن الفضل الأبرش، مولى الأنصار، قاضي الري، فإنه صدوق، إلا أنه كثير الخطأ فقد وثقه ابن معين، وابن سعد، وأبو داود، وسئل عنه أحمد، فقال: لا أعلم إلا خيراً، وقال" أبو حاتم: صالح، محله الصدق، في حديثه إنكار، ليس بالقوي، لا يمكن أن أطلق لساني فيه بأكثر من هذا، يكتب حديثه، ولا يحتج به. وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: يخطيء ويخالف. وقال علي بن المديني: ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديث سلمة. وقال البخاري: عنده مناكير، وَهَّنَهُ علي، وضعفه إسحاق، والنسائي، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال ابن عدي: عنده غرائب، وأفراد، ولم أجد في حديثه حديثاً قد جاوز الحد في الإنكار، وأحاديثه متقاربة، محتملة./ الجرح والتعديل (4/ 168 - 170 رقم 739)، والتهذيب (4/ 153 - 154رقم 265)، والتقريب (1/ 318رقم 377).
وأما محمد بن حميد الرازي، فتقدم في الحديث (515) أنه كذاب.
وأما الطريق الثانية، فموضوعة، وسيأتي تفصيل ذلك في الحديث الآتي.
وأما الطريق الثالثة، ففي سندها الحارث بن حصيرة، وتقدم في الحديث (544) أنه: ضعيف، شيعي غال في التشيع.
والراوي عنه هو محمد بن كثير القرشي الكوفي وتقدم في الحديث (544) أيضاً أنه: ضعيف.
وأما الطريق الرابعة، ففي سندها المعلى بن عبد الرحمن الواسطي، وهو متهم بالوضع، ورمي بالرفض، سئل عنه ابن معين، فقال: أحسن أحواله عندي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أنه قيل له عند موته: ألا تستغفر الله تعالى؟ فقال: ألا أرجو أن يغفر لي، وقد وضعت في فضل علي سبعين حديثاً؟ وذهب ابن المديني إلى أنه كان يكذب ويضع الحديث، وقال الدارقطني: ضعيف كذاب، وقال أبو حاتم: متروك الحديث./ الجرح والتعديل (8/ 334 رقم1540)، والتهذيب (10/ 238رقم 435)، والتقريب (2/ 265رقم1280).
والراوي عن معلى هذا هو أحمد بن عبد الله المؤدب، وتقدم في الحديث (553) أنه يضع الحديث.
الحكم على الحديث:
الحديث من الطريق الأولى التي رواها الحاكم هنا موضوع لما تقدم في دراسة الإِسناد.
والطريق الثانية الآتية برقم (570) موضوعة.
والثالثة ضعيفة جداً أيضاً لضعف محمد بن كثير، والحارث بن حصيرة، وغلو الأخير في التشيع.
والرابعة موضوعة، لاتهام معلى بن عبد الرحمن بالوضع، ونسبة أحمد المؤدب إلى وضع الحديث.
570 -
وساقه الحاكم بإسنادين مختلفين إلى أبي أيوب، ضعيفين (1).
(1) في (ب): (وساقه إلى أبي أيوب بإسنادين ضعيفين)، وما أثبته من (أ)، والتلخيص.
570 -
المستدرك (3/ 139 - 140): (حدثنا) أبو بكر بن بالويه، ثنا محمد بن يونس القرشي، ثنا عبد العزيز بن الخطاب، ثنا علي بن غراب بن أبي فاطمة، عن الأصبغ بن نباته، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي بن أبي طالب: "تقاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين، بالطرقات، والنهروانات، وبالشعفات"، قال أبو أيوب: قلت: يا رسول الله، مع من نقاتل هؤلاء الأقوام؟ قال:"مع علي بن أبي طالب".
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، وسكت عنه، وأعله الذهبي بقوله:"ساقه الحاكم بإسنادين مختلفين إلى أبي أيوب، ضعيفين"، ويقصد الحديث السابق، وهذا الحديث.
والحديث في سنده أصبغ بن نباتة، وتقدم في الحديث (522) أنه: متروك، ورمي بوضع الحديث.
وفي سنده أيضاً محمد بن يونس بن موسى بن سليمان الكُدَيْمي، وهو متهم بوضع الحديث، فقد كذبه أبو داود، والقاسم بن مطرز، وكان موسى بن هارون ينهى الناس عن السماع منه، ويقول: تقرب إلي بالكذب، قال لي: كتبت عن أبيك في مجلس محمد بن القاسم النهدي، قال موسى: لم يحدث أبي عن محمد بن القاسم قط، وقال لي: كتبت عن أبيك في مجلس محمد بن سابق، وقد سمعت أبي يقول: ما كتبت عن محمد بن سابق شيئاً، ولا رأيته.
وقال ابن حبان: كان يضع الحديث، ولعله قد وضع على الثقات أكثر من ألف حديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال ابن عدي: قد اتهم بالوضع، وادعى الرواية عمن لم يرهم، ترك عامة مشايخنا الرواية عنه، ومن حدث عنه نسبه إلى جده لئلا يعرف، وقال أيضاً: روى الكديمي عن أبي هريرة، عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر غير حديث باطل، وكان مع وضعه الحديث، وادعائه ما لم يسمع قد علَّق لنفسه شيوخاً
…
الخ.
وقال الدارقطني: كان الكديمي يتهم بوضع الحديث، وما أحسن القول فيه إلا من لم يخبر حاله.
قلت: قد أحسن القول فيه الِإمام أحمد، فقال: حسن المعرفة، حسن الحديث.
وقال محمد بن الهيثم أبو الأحوص: تسألوني عن الكديمي وهو أكبر مني، وأكثر علماً؟ ما علمت إلا خيراً.
وقال الخطيب: لم يزل معروفاً عند أهل الحجاز بالحفظ، مشهوراً بالطلب، حتى أكثر روايات الغرائب والمناكير، فتوقف بعض الناس عنه.
ووثقه أبو جعفر الطيالسي، وقال إسماعيل الخطبي: ما رأيت أكثر ناساً من مجلسه، وكان ثقة، فجهله الذهبي حيث قال: أما إسماعيل الخطبي، فقال بجهل: كان ثقة، ما رأيت خلقاً أكثر من مجلسه لما، وقال الذهبي أيضاً عن الكديمي:"هالك، قال ابن حبان، وغيره: كان يضع الحديث على الثقات"./ الكامل لابن عدي (6/ 2294 - 2296)، والميزان (4/ 74 - 76 رقم 8353)، والمغني في الضعفاء (2/ 646رقم6109)، والتهذيب (9/ 539 - 544رقم 884).
الحكم على الحديث:
الحديث موضوع بهذا الإِسناد لاتهام أصبغ، والكديمي بوضع الحديث، وتقدم ذكر بعض الطرق لهذا الحديث في تخريج الحديث السابق، وأمثلها ضعيف جداً.
571 -
حديث علي، وقصته مع عبد الله بن سلام، في قوله له:
(لا تأت العراق، فإنك إن أتيته)(1) أصابك به ذُبَابُ السيف (2)، وقول علي له: وأيم الله، لقد قالها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك
…
الحديث.
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: فيه إبراهيم بن (بشار)(3)، وهو ذو مناكير، وعبد الملك بن أعين، وهو غير مرضي.
(1) في (أ): (لا تأبى القرآن، فإنك إن أبيته)، وفي (ب): لا تأبى القرآن،
فإنك إن
…
الحديث) ولم يذكر فيها بقية متن الحديث، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2)
ذُبَابُ السيف: طرفه الذي يُضرب به./ النهاية (2/ 152).
(3)
في (أ): (يسار)، ولم تتضح نقطها في (ب)، وما أثبته من المستدرك، وتلخيصه، ومصادر الترجمة.
571 -
المستدرك (3/ 140): حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنا أبو مسلم إبراهيم بن بشار، ثنا سفيان، عن عبد الملك بن أعين، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدَّيلي، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه قال: أتاني عبد الله بن سلام، وقد وضعت رجلي في الغرز، وأنا أريد العراق، فقال: لا تأت العراق، فإنك إن أتيته أصابك به ذباب السيف، قال علي: وأيم الله، لقد قالها لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبلك، قال أبو الأسود: فقلت في نفسي: يا لله، ما رأيت كاليوم رجل محارب يحدث الناس بمثل هذا!!.
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن حبان في صحيحه (ص 545قم 2210) من طريق إبراهيم بن بشار الرمادي، به نحوه، إلا أن عنده:"أصابك ذنب السيف". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه الحميدي في مسنده (1/ 30 رقم 53)، فقال: حدثنا سفيان، فذكره بنحوه.
وأخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 620 - 621).
وأبو نعيم في المعرفة (1/ ل 21 ب).
كلاهما من طريق الحميدي.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 381رقم 491) من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل.
والبزار (3/ 203 - 204 رقم 2571) من طريق أحمد بن أبان القرشي.
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (ل 14 أ) من طريق حامد بن يحيى.
جميعهم، عن سفيان، به نحوه.
قال البزار عقبه: "لا نعلم رواه إلا علي، ولا نعلم رواه إلا عبد الملك، عن أبي حرب، ولا نعلم رواه عن عبد الملك إلا ابن عيينة".
وعزاه الهيثمي في المجمع (9/ 138) للبزار وأبي يعلى، ثم قال:"رجال أبي يعلى رجال الصحيح، غير إسحاق بن أبي إسرائيل، وهو ثقة مأمون".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله:"ابن بشار ذو مناكير، وابن أعين غير مرضي".
أما إبراهيم بن بشار الرَّمَادي، أبو إسحاق البصري، فقال أبو عوانة في أوائل الصلاة في صحيحه: كان إبراهيم بن بشار ثقة من كبار أصحاب ابن عيينة، وممن سمع منه قديماً، وقال الحاكم: ثقة مأمون، وقال يحيى بن الفضل: ثنا إبراهيم الرمادي، وكان والله ثقة، وقال ابن حبان في الثقات: كان متقناً ضابطاً، صحب ابن عيينة سنين كثيرة، وسمع أحاديثه مراراً، وقال أبو حاتم الرازي، والطيالسي: صدوق. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأُنكر علي إبراهيم حديثه عن سفيان بن عيينة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى: كلكم راع، قال ابن عدي:"هو وهم، كان ابن عيينة يرويه مرسلاً".
ولذا قال الِإمام أحمد: كان سفيان الذي يروي عنه إبراهيم بن بشار ليس هو سفيان بن عيينة -يعني مما يغرب عنه- وقال البخاري: يهم في الشيء بعد الشيء، وهو صدوق.
وقال ابن عدي: "لا أعلم أنكر عليه إلا هذا الحديث الذي ذكره البخاري، وباقي حديثه مستقيم، وهو عندنا من أهل الصدق"./ الجرح والتعديل (2/ 89 - 90 رقم 225)، والكامل (1/ 265)، والتهذيب (1/ 108 - 110 رقم 190).
وذكر الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله في التنكيل (1/ 86) قول الِإمام أحمد آنفاً، وأجاب عنه بقوله:"وحق لمن لازم مثل ابن عيينة في كثرة حديثه عشرات السنين، أن يكون عنده عنه ما ليس عند غيره ممن صحبه مدة قليلة"، وأجاب عن قول البخاري بكلام ابن عدي السابق، وأردفه بقوله:"فإن كان وهم في هذا، فهو وهم يسير في جانب ما روى، فالرجل ثقة ربما وهم، والسلام".
قلت: ومما اتهم به إبراهيم بن بشار أنه كان ينام في درس ابن عيينة، وأنه يملي على الناس ما لم يسمعوا من سفيان، ويغير الألفاظ، ولذا قال ابن معين: ليس بشيء، لم يكن يكتب عند سفيان، وكان يملي على الناس ما لم يقله سفيان، وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقد أجاب ابن حبان -كما في التهذيب- عن أنه كان ينام بجواب أجاد فيه، ونصره الشيخ المعلمي في الموضع السابق من التنكيل، وأجاب المعلمي أيضاً عن دعوى إملاء إبراهيم على الناس ما لم يقله سفيان، وخرج من جميع الأقوال بأن الرجل ثقة ربما وهم، وهذا الذي تطمئن إليه النفس، مع أنه لم ينفرد بهذا الحديث، بل تابعه عليه الحميدي وغيره كما تقدم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أما عبد الملك بن أَعْينَ الكوفي، مولى بني شيبان، فإنه شيعي صدوق، له في الصحيحين حديث واحد متابعة./ الجرح والتعديل (5/ 343رقم 161)، والميزان (2/ 651 - 652 رقم 5190)، والكاشف (2/ 207 رقم 3483)، ومن تكلم فيه وهو موثق (ص 125 رقم 221)، والتهذيب (6/ 385 - 386 رقم 726)، والتقريب (1/ 517رقم 1294).
وأما سفيان بن عيينة فتقدم في الحديث (510) أنه ثقة حافظ فقيه إمام حجة.
وأما أبو حرب بن أبي الأسود الدَّيلي، البصري، فإنه ثقة من رجال مسلم./ الثقات لابن حبان (5/ 576)، الكنى لابن عبد البر (2/ 1131 رقم1503)، الكاشف للذهبي (3/ 325 رقم102)، والتهذيب (12/ 69 - 70 رقم 275)، والتقريب (2/ 410رقم 22).
وأبو الأسود الدَّيلي -بكسر المهملة، وسكون التحتانية-، البصري، اسمه: ظالم بن عمرو بن سفيان، ويقال: عمرو بن عثمان، أو: عثمان بن عمرو، وهو ثقة فاضل مخضرم، من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (4/ 503 رقم 2214)، والتهذيب (12/ 10 - 11 رقم 52)، والتقريب (2/ 391 رقم 52).
الحكم علي الحديث:
الحديث أعله الذهبي بإبراهيم الرمادي، وعبد الملك بن أعين، وتقدم في دراسة الإِسناد أن الرمادي، ثقة ربما وهم، فحديثه حسن مع أنه لم ينفرد بهذا الحديث كما تقدم، وعبد الملك بن أعين صدوق، وقد وصفه بذلك الذهبي نفسه، إلا أنه شيعي، فحديثه حسن، إلا فيما فيه نصرة لاعتقاد الشيعة، وليس هذا الحديث كذلك، وعليه فالحديث حسن لذاته بهذا الإِسناد، وقد صححه ابن حبان كما سبق، والله أعلم.
572 -
حديث ميمونة:
أنها قالت (لِجُرَيّ)(1) بن كُلَيب: كن مع علي، فوالله ما ضلَّ، ولا ضُلَّ به
…
الحديث.
قلت: على شرط البخاري ومسلم (2).
(1) في (أ) و (ب): (حربي)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2)
في المستدرك: (صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)، وأقره الذهبي في التلخيص، فالتعقيب من ابن الملقن.
572 -
المستدرك (3/ 141): حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمد بن عيسى بن السكن، ثنا الحارث بن منصور، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن جري بن كليب العامري قال: لما سار علي إلى صفين، كرهت القتال، فأتيت المدينة، فدخلت على ميمونة بنت الحارث، فقالت: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قالت: من أَيِّهم؟ قلت: من بني عامر، قالت: رحباً على رحب، وقرباً على قرب تجيء، ما جاء بك؟ قال: قلت سار علي إلى صفين، وكرهت القتال، فجئنا إلى ها هنا، قالت: أكنت بايعته؟ قال: قلت: نعم، قالت: فارجع إليه، فكن معه، فوالله ما ضَلَّ، ولا ضُلَّ به.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وأقره الذهبي، وقال ابن الملقن:"على شرط البخاري ومسلم" وهو محتمل لإقراره الذهبي والحاكم عليه، لكنه على خلاف عادته، ومحتمل لوجود تصحيف في نسخته من التلخيص، أو أن الحديث تصحف عليه.
والذهبي هنا أقرَّ الحاكم على أن الحديث على شرط الشيخين، مع أنه ليس كذلك على مراده في تعقباته للحاكم.
فجُرَي بن كليب العامري، الكوفي هذا لم يخرج له أحد من الشيخين، وقد فرق أبو داود بينه وبين السدوسي، فقال: "جري بن كليب صاحب قتادة: سدوسي بصري، لم يرو عنه غير قتادة، وجري بن كليب كوفي، روى عنه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أبو إسحاق"، ولم يتعقبه ابن حجر بشيء، سوى أنه روى عنه أيضاً يونس بن أبي إسحاق، وعاصم بن أبي النجود، كذا في التهذيب (2/ 78 رقم 120)، ولم يفرد الكوفي بترجمة، بخلاف صنيعه في التقريب (1/ 128 رقم 60 و 61)، فإنه فرق بين السدوسي وبين الكوفي، فذكر أن السدوسي يروي عن علي، والكوفي عن رجل له صحبة من بني سليم، وهذا صنيع الذهبي في الميزان (1/ 397رقم1475و1476).
قال ابن حجر عن جُرَي الكوفي هذا: "مقبول"، وقد أخرج الترمذي (9/ 501رقم 3585) في الدعوات، باب منه، من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن جُرَي هذا، عن رجل من بني سليم، قال: عدَّهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في يدي، أو في يده: "التسبيح نصف الميزان
…
" الحديث.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن".
والحارث بن منصور الواسطي الزاهد صدوق يهم، ولم يرو له أحد من الشيخين.
قال أبو حاتم: صدوق، وقال أبو داود: كان من خيار الناس، وقال ابن عدي: في حديثه اضطراب، ونسبه أبو نعيم الأصبهاني إلى كثرة الوهم./ الجرح والتعديل (3/ 90 - 91 رقم 421)، والكامل لابن عدي (2/ 614 - 615)، والميزان (1/ 443 - 444 رقم 1648)، والتهذيب (2/ 158رقم 275)، والتقريب (1/ 144رقم 68).
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد؛ لجهالة حال جُريِّ كليب، وضعف الحارث بن منصور من قبل حفظه، والله أعلم.
573 -
حديث عمران بن حصين (مرفوعاً)(1):
"النظر إلى علي عبادة".
قال: صحيح.
قلت: موضوع.
(1) ما بين القوسين ليس في (أ)، وما أثبته من (ب)، والتلخيص.
573 -
المستدرك (3/ 141): حدثنا دعلج بن أحمد السِّجزي، ثنا علي بن عبد العزيز بن معاوية، ثنا إبراهيم بن إسحاق الجعفي، ثنا عبد الله بن عبد ربه العجلي، ثنا شعبة، عن قتادة، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "النظر إلى علي عبادة".
تخريجه:
الحديث له عن عمران رضي الله عنه ثلاث طرق:
* الأولى: طريق الحاكم هذه التي أخرجها من طريق علي بن عبد العزيز بن معاوية، عن إبراهيم الجعفي، عن عبد الله العجلي، عن شعبة، عن قتادة، عن حميد، عن أبي سعيد، عن عمران، به.
وأخرجه ابن مردويه من طريق محمد بن يونس الكديمي، عن إبراهيم الجعفي، به مثله -كما في الموضوعات لابن الجوزي (1/ 361).
* الثانية: طريق أبي نجيد عمران بن خالد بن طليق، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت عمران بن حصين يُحِدُّ النظر إلى علي، فقيل له، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "النظر إلى علي رضي الله عنه عبادة".
أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 109 - 110 رقم 207). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال الهيثمي في المجمع (9/ 119): "فيه عمران بن خالد الخزاعي، وهو ضعيف".
وأخرجه يعقوب الفسوي -كما في الميزان (3/ 236) -.
قال الذهبي بعد أن ذكره: "هذا باطل في نقدي"، فتعقبه ابن حجر في اللسان (4/ 345) بقوله:"قال العلائي: الحكم عليه بالبطلان فيه بعيد (كذا، ولعل الصواب: بعد)، ولكنه كما قال الخطيب: غريب".
* الطريق الثالثة: طريق محمد بن زكريا الغلابي، عن العباس بن بكار، عن أبي بكر الهذلي، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: "عُدْ عمران بن الحصين، فإنه مريض"، فأتاه، وعنده معاذ، وأبو هريرة، فأقبل عمران يُحِدُّ النظر إلى علي، فقال له معاذ:"لِمَ تُحد النظر إلى علي؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "النظر إلى علي عبادة"، فقال معاذ: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو هريرة: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن أبي الفراتي في جزئه -كما في اللآلىء (1/ 345 - 346) -.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"ذا موضوع"، ولم يذكر علة الحكم عليه بالوضع.
وفي سند الحديث عبد الله بن عبد ربه العجلي، ولم أجد من ذكره، وحكم عليه الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله بالجهالة في تعليقه على الفوائد المجموعة (ص 361).
والراوي عن العجلي هذا هو إبراهيم بن إسحاق الجعفي، النهاوندي، ثم الأحمري، أبو إسحاق، قال الحافظ ابن حجر في اللسان (1/ 32 رقم 57):"ذكره الطوسي في رجال الشيعة، وقال: كان ضعيفاً في حديثه". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والراوي عن الجعفي هذا هو علي بن عبد العزيز بن معاوية، ولم أجد من ترجم له، وقال الشيخ المعلمي في الموضع السابق:"لم يتبين لي من هو".
وقد تابع علي بن عبد العزيز هذا محمد بن يونس الكديمي، عن إبراهيم الجعفي عند ابن مردويه كما سبق، لكن لا يفرح بمتابعته؛ فإنه متهم بوضع الحديث كما في الحديث (570).
هذا بالنسبة للطريق الأولى.
أما الطريق الثانية، ففي سندها عمران بن خالد بن طليق بن عمران بن حصين الخزاعي، وهو متروك الحديث، قاله الِإمام أحمد، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال ابن حبان: روى عنه أهل البصرة العجائب، وما لا يشبه حديث الثقات، فلا يجوز الاحتجاج بما انفرد من الروايات./ الجرح والتعديل (6/ 297 رقم 1648)، والمجروحين (2/ 124)، والميزان (3/ 236 رقم 6279 و 6280)، واللسان (4/ 345 رقم 997 و 998).
وأبوه خالد بن طليق بن محمد بن عمران بن حصين الخزاعي، ضعيف، قال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال الساجي: صدوق يهم./ الضعفاء والمتروكون للدارقطني (ص 200 رقم 202)، ولابن الجوزي (1/ 246 رقم1065)، والميزان (1/ 633 رقم2435)، واللسان (2/ 379 رقم 1568).
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في اللسان أن ابن حبان وثق خالداً هذا، والذي في ثقات ابن حبان (6/ 258):"خالد بن طليق، من أهل الشام، يروي عن يزيد بن خمير اليزني، عن عبد الرحمن بن شبل، روى عنه الزبيدي".
قلت: وهذا ليس بالخزاعي، وقد فرق بينهما ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 337رقم1519و1520)، والخزاعي بصري، وهذا شامي.
وطليق بن عمران بن حصين، ويقال: طليق بن محمد بن عمران بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= حصين، مقبول -كما في التقريب (1/ 381 رقم 53) -، وانظر ثقات ابن حب (4/ 397)، والتهذيب (5/ 34 رقم 55).
وأما الطريق الثالثة، ففي سندها محمد بن زكريا الغلابي، عن العباس بن بكار الضبي، والأول يضع الحديث، والثاني كذبه الدارقطني، تقدم ذلك في الحديث (563).
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف جداً بإسناد الحاكم للعلل المذكورة في دراسة الإسناد.
والطريق الثانية، ضعيفة جداً أيضاً، لشدة ضعف عمران الخزاعي، وضعف أبيه، وجهالة حال جده طليق.
والطريق الثالثة موضوعة، لنسبة الغلابي لوضع الحديث، وما رمي به شيخه الضبي من الكذب.
وهذا الحديث من الأحاديث التي نَشِطَ الوضاعون من الرافضة وغيرهم في الإكثار من طرقه، فيظن من لا دراية له أن للحديث أصلاً، وهو ليس كذلك. وها أنا أسوق ما تيسَّر منها، مع الكلام على عللها:
فالحديث روي أيضاً من طريق أبي بكر، وعثمان، ومعاذ، وجابر، وأبي هريرة، وأنس، وابن عباس، وثوبان وعائشة، وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين-.
أما حديث أبي بكر رضي الله عنه، فيروى من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن أبي بكر.
وله عن عبد الرزاق طريقان:
1 -
طريق الحسن بن علي بن زكريا العدوي، عن أبي الربيع الزهراني، ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني، كلاهما عن عبد الرزاق، به نحوه.
أخرجه ابن حبان في المجروحين (1/ 241). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 358).
والحسن بن علي بن زكريا العدوي تقدم في الحديث (552) أنه كذاب يضع الحديث، فالحديث موضوع بهذا الِإسناد لأجله، ولذا قال ابن حبان عقبه:"هذا شيء لا يشك عوام أصحاب الحديث أنه موضوع، ما روى الصديق هذا الخبر قط، ولا الصديقة روته، ولا عروة حدث به، ولا الزهري ذكره، ولا معمر قاله، فمن وضع هذا على الزهراني، والصنعاني، وهما متقنا أهل البصرة، لبالحريِّ أن يهجر في الروايات". اهـ.
2 -
طريق محمد بن عبد الله الجعفي، عن أبي الحسين محمد بن أحمد بن مخزوم، عن محمد بن الحسن الرقي، عن مؤمل بن إهاب، عن عبد الرزاق، به مثله.
أخرجه ابن الجوزي في الموضع السابق، ثم قال (ص 361):" إن أحد الكوفيين الغلاة سرقه، فرواه، والله أعلم، هل هو الجعفي، أو شيخه".
قلت: شيخ الجعفي هو أبو الحسين محمد بن أحمد بن مخزوم المقرىء، قال حمزة السهمي في سؤالاته (ص 108 رقم 68):"سالت أبا محمد بن غلام الزهري عن أبي الحسين محمد بن أحمد بن مخزوم المقرىء، حدث بالإبلة، فقال: ضعيف. وسألت الحسن بن النضر بن زوران الصغاذكي في شط عثمان عن أبي الحسين بن مخزوم، فقال: كان في عقله شيء، وكان يعبث بلحيته، واختلط عقله. وسألت أبا الحسن التَّمَّار عنه، فقال: كان يكذب". اهـ. وانظر معه تاريخ بغداد (1/ 362رقم 301)، والميزان (3/ 463 رقم 7171)، واللسان (5/ 54 - 55 رقم 175).
وعليه فالحديث موضوع بهذا الِإسناد لأجل أبي الحسين هذا.
وأما حديث عثمان رضي الله عنه فأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 358 - 359) عنه، بمثل لفظ الحاكم، ثم قال (ص 362):"رواته مجاهيل".
وأما حديث معاذ رضي الله عنه، فهو من طريق محمد بن إسماعيل =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الرازي، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا هوذة بن خليفة، أنبأنا ابن جريح، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن معاذ، به نحوه.
أخرجه الخطيب في تاريخه (2/ 51).
ومن طريقه ابن الجوزي (1/ 359).
والذهبي في الميزان (3/ 484 - 485).
والحديث موضوع بهذا الإسناد؛ محمد بن إسماعيل بن موسى بن هارون، أبو الحسين الرازي المكتب ذكره الخطب في تاريخه (2/ 50 - 53 رقم 448)، وقال عنه:"كان غير ثقة"، وذكر أحد الأحاديث من طريقه، ثم قال:"هذا حديث منكر بهذا الِإسناد، ورجاله كلهم ثقات، والحمل فيه على الرازي"، ثم ذكر حديثين أحدهما حديث معاذ هذا، وقال:"هذان الحدِيثان بهذين الإسنادين باطلان، على أنا لا نعلم أن محمد بن أيوب روى عن هوذة بن خليفة شيئاً قط، ولا سمع منه؛ لأن هوذة مات في سنة ست عشرة ومائتين، وطلب محمد بن أيوب الحديث في سنة عشرين ومائتين".
قلت: وحديث معاذ هذا فيه التصريح بالتحديث بين محمد بن أيوب، وهوذة، فمقتضى ما ذكر الخطيب، يكون الرازي قد كذب في هذا، وهذا ما أراده الخطيب فإنه ذكر أن الرازي هذا ادعى السماع من موسى بن نصر المقانعي صاحب جرير سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال الخطيب:"فذكرت ذلك لأبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الحافظ، فقال: موسى بن نصر شيخ قديم حدث عنه كبار الرازيين، وأنكر أن يكون محمد بن إسماعيل (هو الرازي) أدركه، وكذّبه في روايته عنه"، وروى الخطيب عن حمزة السهمي قوله:"سمعت أبا محمد بن غلام الزهري يقول: محمد بن إسماعيل بن موسى الرازي المكتب: ضعيف".
وقال الذهبي في الموضع السابق من الميزان بعد أن روى الحديث: "المتهم بوضعه الرازي، ثم إن محمد بن أيوب بن الضرَيْس لم يدرك هوذة، ولا ابن جريج (أبا صالح)، وقد ساق الخطيب في ترجمة هذا عدة أحاديث من =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وضعه، وعاش إلى بعد الخمسين وثلاثمائة، وذكر أنه سمع من موسى بن نصر الرازي صاحب جرير، فما صدق، ولا لحقه".
وأما حديث جابر فأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 359 - 360) من طريق أبي سعيد العدوي، عن العباس بن بكار الضبي، عن أبي بكر الهذلي، عن أبي الزبير، عن جابر، به مثله.
وهو موضوع بهذا الِإسناد؛ تقدم آنفاً أن العدوي كذاب يضع الحديث، وأن العباس بن بكار الضبي كذبه الدارقطني.
وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فلفظه نحوه، وهو موضوع أيضاً.
أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 750).
وابن الجوزي في الموضوعات (1/ 360).
كلاهما من طريق أبي سعيد العدوي المتقدم آنفاً أنه كذاب يضع الحديث، يرويه عن شعبة، وسفيان، كلاهما عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
هذا، ولحديث معاذ وأبي هريرة، وجابر طريق أخرى موضوعة، مقرونة بالطريق الثالثة لحديث عمران، في سندها الغلابي، والعباس الضبي، وتقدم أن الأول يضع الحديث، والثاني كذبه الدارقطني.
وأما حديث أنس رضي الله عنه، فله ثلاث طرق:
1 -
طريق أبي سعيد العدوي، عن الحسن بن علي بن راشد، عن هشيم، عن حميد، عن أنس، به نحوه.
أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 750).
ومن طريقه ابن الجوزي في الموضع السابق.
والحديث موضوع من هذه الطريق؛ العدوي هذا تقدم مراراً أنه كذاب يضع الحديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 2 - أخرجها ابن الجوزي أيضاً من طريق ابن عدي، عن مطر بن أبي مطر، عن أنس، به نحوه.
والحديث بهذا الإسناد ضعيف جداً، مطر بن أبي مطر هذا هو مطر بن ميمون المحاربي، الإِسكاف، أبو خالد الكوفي، وهو متروك، قال البخاري، والنسائي، وأبو حاتم، والساجي: منكر الحديث، وقال الأزدي: متروك، وقال ابن حبان:"كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، يروي عن أنس ما ليس من حديثه، في فضل علي بن أبي طالب، وغيره، لا تحل الرواية عنه"، وذكر الذهبي هذا الحديث وحكم عليه بالوضع، وذكر معه بعض الأحاديث، وقال:"المتهم بهذا وما قبله مطر". / المجروحين (3/ 5)، والميزان (4/ 127 - 128رقم 8590)، والتهذيب (10/ 170 رقم320)، والتقريب (2/ 253 رقم1168).
3 -
قال ابن الجوزي في الموضع السابق: "رواه أبو بكر بن مردويه، من طريق محمد بن القاسم الأسدي، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس".
ومحمد بن القاسم الأسدي، الكوفي هذا لقبه: كاو، وهو كذاب، كذبه الإِمام أحمد والدارقطني، ونقل عبد الله بن أحمد عن أبيه قوله: محمد بن القاسم أحاديثه موضوعة ليس بشيء. وقال أبو داود: غير ثقة، ولا مأمون، أحاديثه موضوعة، وقال الأزدي: متروك، وقال النسائي: كوفي متروك الحديث، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه لا يتابع عليها./ الكامل (6/ 2252 - 2254)، والتهذيب (9/ 407 - 408 رقم 661)، والتقريب (2/ 201 رقم 630). وعليه فالحديث بهذا الِإسناد.
وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فأخرجه ابن الجوزي أيضاً (1/ 359) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن ابن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس، به مثله.
وهذا موضوع أيضاً بهذا الِإسناد؛ يحيى الحماني تقدم في الحديث (551) أنه يسرق الحديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما حديث ثوبان رضي الله عنه فيرويه يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن سالم، عن ثوبان، به مثله.
أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 2654).
ومن طريقه ابن الجوزي (1/ 361).
وسنده ضعيف جداً، يحيى بن سلمة بن كهيل تقدم في الحديث (503) أنه: شيعي متروك.
وأما حديث عائشة رضي الله عنها، فيرويه عباد بن صهيب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به نحوه.
أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/ 182 - 183).
ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوع السابق.
وسنده ضعيف جداً؛ عباد بن صهيب أبو بكر الكليبي، البصري متروك؛ قال البخاري، والنسائي: متروك، وتركه ابن المديني، وقال: ذهب حديثه، وقال أبو بكر بن أبي شيبة: تركنا حديثه قبل أن يموت بعشرين سنة، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث، تُرك حديثه، وقال الساجي: كتبه ملأى من الكذب، وقال ابن معين: ما كتبت عنه شيئاً، وقال ابن حبان: كان قدرياً داعية، ومع ذلك يروي أشياء إذا سمعها المبتدىء في هذه الصناعة شهد لها بالوضع./ الجرح والتعديل (6/ 81 - 82 رقم 417)، والكامل (4/ 1652 - 1653)، والميزان (2/ 367 رقم4122)، واللسان (3/ 230 - 231 رقم1029).
وأما حديث ابن مسعود فهو الآتي بعد هذا الحديث، وله طريقان إحداهما ضعيفة جداً، والأخرى سندها ضعيف.
وهذا الحديث ذكره الشوكاني في الفوائد المجموعة (ص 359 - 361)، ونقد جميع طرقه الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله في حاشيته، ثم قال الشوكاني: "فظهر بهذا أن الحديث من قسم الحسن لغيره، لا صحيحاً =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كما قال الحاكم، ولا موضوعاً كما قال ابن الجوزي"، فتعقبه المعلمي بقوله: "خفي على المؤلف حال بعض الروايات، فظنها قوية، والأمر على خلاف ذلك كما رأيت".
وذكر الألباني الحديث في ضعيف الجامع (6/ 20 رقم 6004)، وحكم عليه بالوضع، وعزا تخريجه لسلسلته الضعيفة رقم (4702)، ولما يطبع، وذكر طريقاً واحدة في سلسلته الضعيفة (1/ 359رقم 356)، وحكم عليها بالوضع، وذكر أنه سيفرغ لبيان حال الحديث بشواهده، وبالجملة فالحديث لا يثبت بشيء من هذه الطرق، والله أعلم.
574 -
قال (1): وشاهده صحيح عن علقمة، عن عبد الله، مرفوعاً بمثله.
قلت: وهذا موضوع أيضاً (2).
(1) أي الحاكم.
(2)
قوله: (أيضاً) ليس في (ب).
574 -
المستدرك (3/ 141 - 142) قال الحاكم عقب الحديث السابق: "وشواهده (كذا) عن عبد الله بن مسعود صحيحة.
حدثناه عبد الباقي بن قانع الحافظ، ثنا صالح بن مقاتل بن صالح، ثنا محمد بن عبيد بن عتبة، ثنا عبد الله بن محمد بن سالم، ثنا يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "النظر إلى وجه علي عبادة".
تخريجه:
الحديث يرويه إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن ابن مسعود.
وله عن إبراهيم طريقان:
* الأولى: طريق الأعمش، عنه.
وله عن الأعمش ثلاث طرق:
1 -
طريق يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، وهي طريق الحاكم هذه التي أخرجها من طريق عبد الله بن محمد بن سالم، عن الرملي هذا.
وأخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 2674).
وأبو نعيم في الحلية (5/ 58).
ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 359).
كلاهما من طريق هارون بن حاتم، عن الرملي، به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه الطبراني في الكبر (10/ 93رقم 10006) من طريق أحمد بن بديل اليامي، عن الرملي، به نحوه.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 119): "فيه أحمد بن بديل اليامي، وثقه ابن حبان، وقال: مستقيم الحديث، وابن أبي حاتم، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح".
2 -
طريق أحمد بن الحجاج بن الصلت، عن محمد بن مبارك اشتوية، عن منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، به.
أخرجه الشيرازي في الألقاب -كما في اللآليء (1/ 343).
3 -
طريق أحمد بن جعفر بن أصرم، عن علي بن المثنى، عن عاصم بن عمر البجلي، عن الأعمش، به مثله.
أخرجه أبو نعيم في فضائل الصحابة -كما في الموضع السابق من اللآليء-.
* الطريق الثانية: طريق عمرو بن مرة، عن إبراهيم النخعي، به مثله.
أخرجه الحاكم عقب هذه الرواية من طريق المسيب بن زهير الضبي، عن عاصم بن علي، عن المسعودي، عن عمرو، به.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "وذا موضوع أيضاً، ولم يذكر علة الحكم عليه بالوضع.
وفي سنده يحيى بن عيسى التميمي، النهشلي، الرملي، وهو صدوق يخطيء، ورمي بالتشيع، قال ابن معين: ضعيف لا يكتب حديثه، وقال مرة: ليس بشيء.
وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال عثمان الدارمي: ضعيف. وقال مسلمة: لا بأس به، وفيه ضعف. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الإمام أحمد: ما أقرب حديثه، وقال أبو داود: بلغني عن أحمد أنه أحسن الثناء عليه.
وقال العجلي: ثقة، وكان فيه تشيع. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال أبو معاوية: اكتبوا عنه، فطالما رأيته عند الأعمش./ الكامل (7/ 2673 - 2675)، التهذيب (11/ 262 - 263، رقم 527) التقريب (2/ 355 رقم 145).
وفي سنده أيضاً صالح بن مقاتل بن صالح، وهو ضعيف، قال عنه الدارقطني: ليس بالقوي، وروى البيهقي من طريقه عن أبيه، عن سليمان بن داود القرشي، عن حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه حديثاً، وقال: في إسناده ضعفاء، قال ابن حجر: عنى بذلك صالحاً، وأباه، وسليمان./ سؤالات الحاكم للدارقطني (ص 119 رقم 112)، الميزان (2/ 103 رقم 3830)، واللسان (3/ 177رقم712).
وفي سند الحديث عبد الله بن محمد بن سالم، ولم أعرفه، إلا أن يكون عبد الله بن سالم المفلوج، لكن لم يذكروا أنه روى عن يحيى الرملي، ولا عنه محمد بن عبيد بن عتبة.
وقد تابع عبد الله بن محمد بن سالم هذا هارون بن حاتم الكوفي، لكنه متروك، قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبو زرعة، ثم أمسك عن الرواية عنه، وقال: سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عن هارون بن حاتم، ولا أحدث عنه، وقال: سمعت أبي وسئل عن هارون بن حاتم، فقال: أسأل الله السلامة، كان أبو زرعة كتب عنه، فأخبرته بسببه، فكان لا يحدث عنه، وترك حديثه.
وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني: ضعيف، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال الذهبي في ترجمته: "ومن مناكيره
…
" فذكر هذا الحديث، ثم قال: "هذا باطل"، وذكر الحديث أيضاً في ترجمة يحيى بن عيسى الرملي، ثم قال: "لعله من وضع هارون"./ الجرح والتعديل (9/ 88 رقم 364)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والثقات لابن حبان (9/ 241)، والميزان (4/ 282 و401 - 402رقم 9152و9600)، واللسان (6/ 177 - 178 رقم 625).
وتابع ابن سالم أيضاً أحمد بن بديل بن قريش، أبو جعفر اليامي، قاضي الكوفة، وهو صدوق، إلا أن له أوهاماً، فقد قال عنه النسائي: لا بأس به، وقال ابن أبي حاتم: محله الصدق، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: مستقيم الحديث.
وقال النضر قاضي همدان: ثنا أحمد بن بديل، عن حفص بن غياث، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب بقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، فذكرته لأبي زرعة، فقال: من حدثك؟ قلت: ابن بديل، قال: شرٌّ له. وقال الدارقطني: تفرد به أحمد، عن حفص.
وقال الدارقطني عن أحمد هذا: لين. وقال ابن عقدة: رأيت إبراهيم بن إسحاق الصواف، ومحمد بن عبد الله بن سليمان، وداود بن يحيى لا يرضونه. وقال ابن عدي: حدث عن حفص بن غياث وغيره أحاديث أنكرت عليه، وهو ممن يكتب حديثه على ضعفه./ الكامل (1/ 189 - 190)، والتهذيب (1/ 17 - 18 رقم 14)، والتقريب (1/ 11 رقم 13).
هذا بالنسبة للطريق الأولى عن الأعمش.
أما الطريق الثانية عنه، ففي سندها محمد بن مبارك أشتوية، ولم أعرفه.
والراوي عنه أحمد بن الحجاج بن الصلت أبو العباس الأسدي، ذكره الذهبي في الميزان (1/ 89رقم 328)، وذكر أنه روى حديثاً بإسناد الصحاح أنكره عليه، وقال:"هو آفته"، ثم قال:"والعجب أن الخطيب ذكره في تاريخه (4/ 117رقم1783)، ولم يضعفه! وكأنه سكت عنه لانتهاك حاله"، وأقره ابن حجر في اللسان (1/ 149 رقم 478)، وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي في حاشيته على الفوائد المجموعة (ص 359):"السند إلى منصور ساقط، فيه أحمد بن الحجاج بن الصلت، هالك، وفيه من لم أجده". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أما الطريق الثالثة عن الأعمش، ففي سندها عاصم بن عمر البجلي، كذا في اللآليء، وفي ذكر شيوخ علي بن المثنى في تهذيب الكمال (2/ 989) قال:"عاصم بن عامر البجلي"، ولم أجد له ترجمة بهذا الاسم، أو ذاك، وقال الشيخ المعلمي في الموضع السابق:"لم أجد عاصماً هذا".
وعلي بن المثنى الطُّهَوي -بفتح الهاء- مقبول -كما في التقريب (2/ 43 رقم 401) -، فقد ذكره ابن حبان في ثقاته (8/ 475)، وأشار ابن عدي إلى ضعفه في ترجمة عمر بن غياث من كتاب الكامل (5/ 1714)، وانظر التهذيب (7/ 377رقم610)، وقال الشيخ المعلمي في الموضع السابق:"اتهم بسرقة الحديث"، ولم أجد من اتهمه بما ذكره الشيخ، وليته ذكر مصدره.
والراوي عن علي هذا هو أحمد بن جعفر بن أصرم البجلي الكوفي، ولم أجد من ترجم له، وقد ذكره المزّي في الرواة عن علي بن المثنى في الموضع السابق من تهذيبه، وذكر الشيخ العلمي في الموضع السابق أنه لم يعرفه.
أما الطريق الثانية عن النخعي، فهي التي أخرجها الحاكم عقب هذا الحديث، وصححها، وسكت الذهبي عنه.
وفي سند هذه الطريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المسعودي، وهو صدوق، إلا أنه اختلط قبل موته، وضابطه: أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط./ الجرح والتعديل (5/ 250 - 252 رقم1197)، والتهذيب (6/ 210رقم 427)، والتقريب (1/ 487رقم1008)، والكواكب النيرات (ص 282 - 298 رقم 35).
والراوي عن المسعودي هنا هو عاصم بن علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، أبو الحسن التيمي، وهو ممن سمع من المسعودي بعد الاختلاط، وهو صدوق، إلا أنه ربما وهم، قال عنه الإِمام أحمد: صحيح الحديث، قليل الغلط، ما كان أصح حديثه، وكان إن شاء الله صدوقاً. وقال أبو حاتم: صدوق، ووثقه ابن سعد، وابن قانع، والعجلي، وضعفه ابن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= معين، والنسائي، وذكر له ابن عدي بعض الأحاديث التي أنكرت عليه، وقال:"لا أعرف له شيئاً منكراً في رواياته إلا هذه الأحاديث التي ذكرتها، وقد حدثنا عنه جماعة، فلم أر بحديثه بأساً، إلا فيما ذكرت، وقد ضعفه ابن معين، وصدّقه أحمد بن حنبل"./ الكامل (5/ 1875 - 1876)، والتهذيب (5/ 49 - 51 رقم 81)، والتقريب (1/ 384 رقم 17)، والموضع السابق مع الكواكب النيرات.
وفي سند الحديث أيضاً المسيب بن زهير الضبي، ولم أجد من ذكره.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً من جميع طرقه، عدا التي رواها الطبراني من طريق أحمد بن بديل اليامي، فضعيفة فقط، وتقدم ذكر ما للحديث من شواهد في الحديث السابق، ولا يثبت بشيء منها، والله أعلم.
575 -
حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، (عن علي بن الحسين)(1)، أن عمر قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة، إلا سببي ونسبي
…
" الحديث بقصّته.
قال: صحيح.
قال: منقطع.
(1) ما بين المعكوفين ليس في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك، وأما التلخيص، ففيه:(عن جده)، وهو علي بن الحسين كما في التهذيب (2/ 103).
575 -
المستدرك (3/ 142): حدثنا الحسن بن يعقوب، وإبراهيم بن عصمة العدلان، قالا: ثنا السّريّ بن خزيمة، ثنا معلى بن أسد، ثنا وهيب بن خالد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب إلى علي رضي الله عنه أم كلثوم، فقال: انكحنيها، فقال علي: إني أرصدها لابن أخي عبد الله بن جعفر، فقال عمر: أنكحنيها، فوالله ما من الناس أحد يرصد من أمرها ما أرصده، فأنكحه علي، فأتى عمر المهاجرين، فقال: ألا تهنئوني؟ فقالوا: بمن يا أمير المؤمنين؟ فقال: بأم كلثوم بنت علي، وابنة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:"كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة، إلا ما كان من سببي ونسبي"، فأحببت أن يكون بيني، وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نسب، وسبب.
تخريجه:
الحديث له عن عمر رضي الله عنه ثماني طرق:
* الأولى: طريق أبي جعفر محمد بن علي، وللحديث عنه ثلاث طرق: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 1 - يرويها ابنه جعفر، عنه، وهي طريق الحاكم هذه التي يرويها عن السري بن خزيمة، عن معلى بن أسد، عن وهيب بن خالد، عن جعفر، عن أبيه، عن جده علي بن الحسن، عن عمر، به.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في سنته (7/ 63 - 64) في النكاح، باب الأنساب كلها منقطعة يوم القيامة إلا نسبه، ثم قال البيهقي:"هو مرسل حسن".
قلت: هكذا رواه السري بن خزيمة، عن معلى بن أسد.
وخالفه محمد بن يونس الكديمي، فرواه عن معلى، عن وهيب، عن جعفر، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب خطب إلى علي
…
، الحديث، ولم يذكر علي بن الحسن.
أخرجه القطيعي في زياداته على الفضائل لأحمد (2/ 625رقم1069) بنحوه.
والكديمي ساقط كما تقدم مراراً، لكن روايته هذه موافقة لرواية من روى الحديث عن وهيب، ولرواية الأكثر عن جعفر.
فالحديث رواه البيهقي في مناقب الشافعي (1/ 64) من طريق أبي حاتم الرازي، عن موسى بن إسماعيل أبي سلمة التبوذكي، عن وهيب بن خالد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عمر خطب أم كلثوم
…
، الحديث هكذا دون ذكر لعلي بن الحسين.
ورواية التبوذكي هذه للحديث عن وهيب، موافقة لرواية الأكثرين للحديث عن جعفر.
فالحديث رواه إسحاق بن راهويه، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وأنس بن عياض الليثي، ثلاثتهم عن جعفر، عن أبيه
…
الحديث بنحوه كما في رواية التبوذكي، عن وهيب بن خالد.
أما رواية إسحاق فأخرجها هو في مسنده -كما في المطالب العالية المسندة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (ل157/ أ)، وهو في المطبوعة (4/ 80 رقم 4020) -.
وأما رواية الدراوردي فأخرجها سعيد بن منصور في سننه (1/ 130 - 131 رقم 520).
وأما رواية أنس فأخرجها ابن سعد في الطبقات (8/ 463).
قال ابن حجر في الموضع السابق من المطالب: "هذا منقطع".
وخالف هؤلاء جميعاً سفيان بن عيينة، فرواه عن جعفر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ينقطع يوم القيامة كل سبب ونسب، إلا سببي ونسبي".
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 37رقم 2635) من طريق الحسن بن سهل الحناط، ثنا سفيان، فذكره.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 173): "رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار، ورجالهما رجال الصحيح، غير الحسن بن سهل، وهو ثقة".
2 -
طريق عروة الجعفي، عن محمد بن علي.
أخرجه إسحاق بن راهويه في الموضع السابق، فقال: أخبرنا يحيى بن آدم، ثنا شريك، عن عروة الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال خرج عمر رضي الله عنه إلى أهل الصفة، فقال: ألا تهنئوني؟ قالوا: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال رضي الله عنه: تزوجت أم كلثوم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولفاطمة، ولعلي، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
…
، فذكره، قال: فأحببت أن أكون.
3 -
طريق ابن إسحاق، حدثني أبو جعفر، عن أبيه علي بن الحسين، قال: لما تزوج عمر بن الخطاب
…
الحديث بنحوه، هكذا موافقاً لرواية الحاكم بزيادة علي بن الحسين في سنده.
أخرجه البيهقي في الموضع السابق. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * الطريق الثانية: طريق عبد الله بن عمر، عن أبيه رضي الله عنهما، وللحديث عن ابن عمر ثلاث طرق:
1 -
طريق عبادة بن زياد الأسدي، عن يونس بن أبي يعفور، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر، سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
…
، الحديث بنحوه.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 36 - 37 رقم 2634).
وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 199 - 200).
2 -
طريق عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن عاصم بن عبيد الله، عن ابن عمر، عن عمر
…
، الحديث بنحو سابقه.
أخرجه البزار في مسنده (3/ 152رقم 2455).
وبحشل في تاريخ واسط (ص 148 - 149)، إلا أن في سند بحشل تصحيفاً، لا أدري من الطباعة، أو من الأصل المخطوط؟
3 -
طريق محمد بن سعد صاحب الطبقات، عن عصمة بن محمد الأنصاري، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، به نحو سابقه.
أخرجه أحمد بن جُميع الغسّاني الصيداوي في معجمه (ص 338)، من طريق عمر بن الحسن الأشناني، قال: وحدّث في كتاب أبي الحسن، عن محمد بن سعد
…
الحديث.
* الطريق الثالثة: طريق زيد بن أسلم، عن أبيه.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 36رقم 2633).
ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (2/ 34).
وأخرجه الدولابي في الذرية الطاهرة (ص 75). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كلاهما من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه علي بن أبي طالب، فسارّه، ثم قام علي، فجاء الصُفّة، فوجد العباس، وعقيلاً، والحسين، فشاورهم في تزويج أم كلثوم عمر، فغضب عقيل، وقال: يا علي، ما تزيدك الأيام والشهور والسنون إلا العمى في أمرك، والله لئن فعلت ليكونن، وليكونن، لأشياء عددها، ومضى يجر ثوبه، فقال علي للعباس: والله ما ذاك منه نصيحة، ولكن دِرّةُ عمر أخرجته إلى ما ترى، أما والله ما ذاك رغبة فيك يا عقيل، ولكن قد أخبرني عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة، إلا سببي ونسبي"، فضحك عمر رضي الله عنه، وقال: ويح عقيل! سفيه أحمق.
هذا لفظ الطبراني، ولفظ الدولابي نحوه.
وأخرجه البزار (3/ 152رقم 2456) من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عمر، به نحو المرفوع منه، ولم يذكر القصة.
* الطريق الرابعة: أخرجها عبد الرزاق في مصنفه (6/ 163 - 164 رقم 10354)، عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة، قال تزوج عمر بن الخطاب أم كلثوم
…
الحديث بنحوه.
* الطريق الخامسة: طريق إبراهيم بن مهران، عن الليث بن سعد، عن موسى بن علي بن رباح اللخمي، عن أبيه، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: خطب عمر
…
الحديث بنحوه، وفي القصة زيادة.
أخرجه الخطيب في تاريخه (6/ 182).
* الطريق السادسة: أخرجها الدولابي في الذرية الطاهرة (ص 74 - 75)، فقال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، نا يونس بن بكير، عن خالد بن صالح، عن واقد بن محمد بن عبد الله بن عمر، عن بعض أهله، قال: خطب عمر
…
الحديث بنحوه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * الطريق السابعة: طريق محمد بن يونس الكديمي، عن بشر بن مهران، عن شريك عن شبيب بن غرقدة، عن المستظل، أن عمر بن الخطاب خطب إلى علي
…
الحديث بنحوه.
أخرجه القطيعي في زياداته على الفضائل لأحمد (2/ 626 رقم1070).
ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة (1/ ل 15 أ).
* الطريق الثامنة: طريق سفيان بن وكيع، عن روح بن عبادة، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن حسن بن حسن، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب
…
الحديث، وفيه زيادة في القصة.
أخرجه البيهقي في الموضع السابق (7/ 64).
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله:"منقطع".
ويقصد بالانقطاع بين علي بن الحسين، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسين لم يسمع من جده علي بن أبي طالب، فضلاً عن أن يكون أدرك عمر -كما في ترجمته في التهذيب (7/ 304 - 307)، بل إن مولده في سنة أربعين، أو إحدى وأربعين -كما في التهذيب (9/ 351)، وهو ثقة ثبت عابد، فقيه، مشهور./ الجرح والتعديل (6/ 178 - 179رقم 977)، والتقريب (2/ 35رقم 321).
والراوي للحديث عن علي هو ابنه محمد، أبو جعفر الباقر، وهو ثقة فاضل، روى له الجماعة./ ثقات العجلي (ص 410 رقم 1486)، والتهذيب (9/ 350 - 352 رقم 580)، والتقريب (2/ 192رقم 542).
والراوي عن محمد هذا هو ابنه جعفر الصادق، أبو عبد الله، وهو ثقة، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقيه، إمام، وثقه الشافعي، والنسائي، وقال ابن معين: ثقة مأمون، وقال أبو حاتم: ثقة لا يسأل عن مثله، وسئل أبو زرعة عن جعفر بن محمد، عن أبيه، وسهيل بن أبي صالح، عن أبيه، والعلاء، عن أبيه، أيما أصح؟ قال: لا يقرن جعفر إلى هؤلاء -يريد: جعفر أرفع من هؤلاء في كل معنى-.
وقد تكلم بعضهم في جعفر بن محمد بكلام لا يعتد به عند تمييزه، فقيل لأبي بكر بن عياش: مالك لم تسمع من جعفر وقد أدركته؟ قال: سألناه عما يتحدث به من الأحاديث: أشيء سمعته؟ قال: لا، ولكنها رواية رويناها عن آبائنا.
قلت: وهذا لا يحطّ من روايته، ومبلغه الاحتياط فيما لم يصرح جعفر فيه بالسماع.
وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، ولا يحتج به، ويستضعف؛ سئل مرة: سمعت هذه الأحاديث من أبيك؟ فقال: نعم، وسئل مرة، فقال: إنما وجدتها في كتبه.
قال ابن حجر عقب ذكره لكلام ابن سعد هذا: يحتمل أن يكون السؤالان وقعا عن أحاديث مختلفة، فذكر فيما سمعه أنه سمعه، وفيما لم يسمعه أنه وجده، وهذا يدل على تثبته.
وقال مصعب الزبيري: كان مالك لا يروي عنه حتى يضمه إلى آخر، وقال ابن المديني: سئل يحيى بن سعيد عنه، فقال: في نفسي منه شيء، ومجالد أحب إلي منه.
قال الذهبي بعد أن ذكر قول يحيى هذا: "هذه من زلقات يحيى القطان، بل أجمع أئمة هذا الشأن على أن جعفراً أوثق من مجالد، ولم يلتفتوا إلى قول يحيى"، وقال أيضاً:"جعفر ثقة صدوق، ما هو في الثبت كشعبة، وهو أوثق من سهيل، وابن إسحاق، وهو في وزن ابن أبي ذئب، ونحوه". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما مالك، فقال: اختلفت إليه زماناً، فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصلّ، وإما صائم، وإما يقرأ القرآن، وما رأيته يحدّث إلا على طهارة.
أقول: ولم أجد مالكاً رحمه الله تكلم في جعفر بكلام فيه جرح له، ومجرد روايته عنه مقروناً بآخر لا يعني جرحه له، فقد يحصل له الحديث من طريقه، وطريق آخر، فيروي الحديث من الطريقين زيادة في تقوية الحديث.
وقد يحمل كلام من تكلم فيه على مجيء بعض الروايات المنتقدة من طريقه، والحمل فيها على غيره، وإليه أشار الساجي بقوله: كان صدوقاً مأموناً، إذا حدث عنه الثقات، فحديثه مستقيم.
وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال:"كان من سادات أهل البيت، فقهاً، وعلماً، وفضلاً، يُحتجَّ بحديثه من غير رواية أولاده عنه، وقد اعتبرت حديث الثقات عنه، فرأيت أحاديث مستقيمة، ليس فيها شيء يخالف حديث الأثبات، ومن المحال أن يلصق به ما جناه غيره".
وقد ذكر ابن عدي بعض الأحاديث في ترجمته، ثم قال:"جعفر من ثقات الناس كما قال يحيى بن معين"./ الجرح والتعديل (2/ 487 رقم1987)، والكامل (2/ 555 - 558)، وسير أعلام النبلاء (6/ 255 - 270)، والميزان (1/ 414 - 415رقم1519)، ومن تكلم فيه وهو موثق (ص60 - 61رقم 69)، والتهذيب (2/ 103 - 105 رقم 156).
وقد اختلف على جعفر في الحديث كما سبق.
فرواه سفيان بن عيينة، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر، عن عمر.
ورواه السري بن خزيمة، عن معلى بن أسد، عن وهيب بن خالد، عن جعفر، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن عمر.
ورواه الباقون عن جعفر، عن أبيه، عن عمر.
أما رواية سفيان، فيرويها عنه الحسن بن سهل الحنَّاط، ذكره ابن حبان في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ثقاته (8/ 181)، والسمعاني في الأنساب (4/ 271)، ولم يذكرا عنه من الرواة سوى محمد بن عبد الله الحضرمي مطيَّن، ولم يذكر السمعاني فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول.
وأما قول الهيثمي عن الحسن هذا: "ثقة"، فإنه اعتمد على ذكر ابن حبان له في ثقاته.
وأما رواية السري بن خزيمة للحديث بزيادة علي بن الحسين في سنده، فتقدم عليها رواية الأكثرين للحديث عن جعفر دون الزيادة.
وخالف جعفراً محمد بن إسحاق، فرواه عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسن، عن عمر.
وجعفر بن محمد أوثق من ابن إسحاق، تقدم أن جعفراً ثقة، وأما محمد بن إسحاق بن يسار، أبو بكر المطلبي، ففيه كلام طويل، ينظر في الجرح والتعديل (7/ 191 - 194رقم1087)، وثقات ابن حبان (7/ 380 - 385)، والكامل لابن عدي (6/ 2116 - 2125)، وسير أعلام النبلاء (7/ 33 - 55)، والميزان (3/ 468 - 475 رقم7197)، والتهذيب (9/ 38 - 46 رقم51).
وخلاصته أنه إمام في المغازي، صدوق حسن الحديث، لكنه مدلس من الرابعة -كما في "من تكلم فيه وهو موثق"(ص 159 رقم 293)، والتقريب (2/ 144رقم 40)، وطبقات المدلسين (ص 132 رقم 125) -.
قال ابن حبان عنه: "من أحسن الناس سياقاً للأخبار، وأحسنهم حفظاً لمتونها، وإنما أتى ما أتى لأنه كان يدلس على الضعفاء، فوقع المناكير في روايته من قبل أولئك، فأما إذا بيَّن السماع فيما يرويه، فهو ثبت يحتج بروايته".
وقد استثنى الذهبي من حديث ابن إسحاق ما شذَّ فيه، فقال في الموضع السابق من السير:"له ارتفاع بحسبه، ولا سيَّما في السِّيَر، وأما في أحاديث الأحكام، فينحطّ حديثه فيها عن رتبة الصحة، إلى رتبة الحسن، إلا ما شذَّ فيه، فإنه يُعَدُّ منكراً، هذا الذي عندي في حاله، والله أعلم". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال في الموضع السابق من الميزان: "فالذي يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث، صالح الحال، صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة؛ فإن في حفظه شيئاً، وقد احتج به أئمة، فالله أعلم".
قلت: وقد صرَّح ابن إسحاق بالتحديث في روايته لهذا الحديث، لكن خالفه جعفر بن محمد، فتقدم رواية جعفر على روايته، لا سيَّما وقد تابع جعفراً عروة الجعفي كما سبق.
أما الطريق الثانية للحديث عن عمر، فهي التي يرويها ابنه عبد الله، عنه رضي الله عنهما.
وتقدم أن للحديث عن عبد الله ثلاث طرق:
1 -
في سندها يونس بن أبي يَعْفور -بفتح التحتانية، وسكون المهملة، وضم الفاء-، واسم أبي يعفور: وقدان، العبدي، الكوفي، ويونس هذا صدوق، إلا أنه يخطيء كثيراً، فقد ضعفه أحمد، وابن معين، والنسائي، والساجي، وذكره ابن حبان في ثقاته، ثم ذكره في المجروحين، وقال: يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الِإثبات، وقال ابن عدي: هو عندي ممن يكتب حديثه، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال العجلي: لا بأس به، ووثقه الدارقطني./ الكامل (7/ 2632 - 2633)، والتهذيب (11/ 452 رقم870)، والتقر يب (2/ 386 رقم497).
2 -
طريق عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن عاصم بن عبيد الله، عن ابن عمر، به.
وعاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب ضعيف./ الكامل لا بن عدي (5/ 1866 - 1869)، والتهذيب (5/ 46 - 49 رقم 79)، والتقريب (1/ 384 رقم 15).
وعبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ضعيف، ذكره ابن حبان في ثقاته (7/ 1 - 2)، وقال:"يخطيء ويخالف"، وقال ابن المديني: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هو وسط، وقال ابن سعد: كان قليل الحديث./ التهذيب (6/ 18 رقم 22).
وعبد الله هذا ذكره الحافظ ابن حجر في التقريب (1/ 448رقم 610)، وقال:"مقبول"، وسبق التنبيه على أن نسخة الحافظ من ثقات ابن حبان سقيمة، وأنه شكى من سقمها في مواضع من كتبه، وحكمه على هذا الرجل له صلة بما ذكر، فإنه قال في الموضع السابق من التهذيب:"ذكره ابن حبان في الثقات"، مع أن ابن حبان قال:"يخطيء ويخالف"، وقول ابن حبان هذا يظهر أنه سقط من نسخة ابن حجر، ونشأ من هذا السقط قلب الجرح تعديلاً.
3 -
في سندها عصمة بن محمد بن فضالة بن عبيد الأنصاري، وهو كذاب يضع الحديث كما قال ابن معين، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال العقيلي: يحدث بالبواطيل عن الثقات، ليس ممن يكتب حديثه إلا على جهة الاعتبار، وقال الدارقطني وغيره: متروك، وقال ابن عدي: على حديثه غير محفوظ، وهو منكر الحديث./ الكامل (5/ 2009 - 2010)، والميزان (3/ 68رقم 5631)، واللسان (4/ 170رقم418).
وأما الطريق الثالثة للحديث عن عمر، فهي التي يرويها زيد بن أسلم، عن أبيه.
ويرويها عن زيد اثنان: أحدهما عبد العزيز الدراوردي، والآخر عبد الله بن زيد بن أسلم.
أما عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي، أبو محمد الجهني، مولاهم، فإنه صدوق، لكنه كان يحدث من كتب غيره، فيخطيء، وحديثه عن عبيد الله العمري منكر./ الجرح والتعديل (5/ 395 - 396 رقم1833)، والتهذيب (6/ 353 - 355 رقم 677)، والتقريب (1/ 512رقم 1248).
ورواية الطبراني لهذا الحديث من طريق شيخه جعفر بن محمد بن سليمان النوفلي المديني، ولم أجد من ذكره. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما عبد الله بن زيد بن أسلم العدوي، أبو محمد المدني، فصدوق فيه لين./ الكامل (4/ 1502 - 1504)، والتهذيب (5/ 222 - 223 رقم 384)، والتقريب (1/ 417رقم316).
أما الطريق الرابعة التي أخرجها عبد الرزاق في مصنفه عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة، عن عمر، فمنقطعة؛ عكرمة لم يسمع من علي، وسعد بن أبي وقاص، فضلاً عن أن يكون سمع من عمر./ المراسيل لابن أبي حاتم (ص158رقم 297)، والتهذيب (7/ 263 - 273).
وأما الطريق الخامسة ففيها إبراهيم بن مهران بن رستم، أبو إسحاق المروزي، وهو مجهول الحال، ذكره الخطيب (6/ 182)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولم أجد من ذكره سواه.
والطريق السادسة طريق أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن خالد بن صالح، عن واقد بن محمد، عن بعض أهله، قال خطب عمر
…
الحديث.
وهذه الطريق لها ثلاث علل:
1 -
الراوي للحديث عن عمر مبهم.
2 -
يونس بن بكير تقدم في الحديث (537) أنه: صدوق يخطيء.
3 -
أحمد بن عبد الجبار العطاردي تقدم في الحديث (530) أنه: ضعيف.
والطريق السابعة فيها محمد بن يونس الكديمي، وتقدم في الحديث (570) أنه متهم بوضع الحديث.
والطريق الثامنة فيها سفيان بن وكيع، وتقدم في الحديث (563) أنه صدوق، إلا أنه ابتلي بورّاقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فسقط حديثه.
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لانقطاعه، والصواب فيه أيضاً أنه عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أبي جعفر بن محمد بن علي، عن عمر، فيكون الانقطاع أبلغ.
والحديث من طريق ابن عمر، عن أبيه له ثلاث طرق، الثالثة موضوعة، لنسبة عصمة بن محمد إلى الكذب، ووضع الحديث، والطريق الأولى ضعيفة، لضعف يونس بن أبي يعفور من قبل حفظه، والثانية ضعيفة أيضاً، لضعف عاصم، وعبد الله بن محمد، والحديث بهذين الطريقين يكون حسناً لغيره، وهو بمجموع الطرق الأخرى صحيح لغيره، عدا الطرق الثلاث الأخيرة، وهي السادسة، والسابعة، والثامنة فضعيفة جداً.
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة، إلا سببي ونسبي".
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 243رقم 11621).
والخطيب في تاريخه (10/ 271).
كلاهما من طريق عبد الرحمن بن بشر بن الحكم المروزي، عن موسى بن عبد العزيز العدني، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 173): "رجاله ثقات".
ويشهد له أيضاً حديث المسور بن مخرمة الآتي، وهو حديث حسن.
576 -
قال جامعه (1):
أخرجه الحاكم بعد ذلك بأوراق في ترجمة فاطمة رضي الله عنها من حديث المِسْوَر بن مخرمة مرفوعاً:
"إن الأنساب تنقطع يوم القيامة، غير نسبي، وسببي، وصهري"، ثم قال الحاكم: صحيح، وأقرَّه الذهبي عليه.
(1) أي ابن الملقن رحمه الله.
576 -
المستدرك (3/ 158): أخبرني أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، ثنا عبد الله بن جعفر، حدثتنا أم بكر بنت المسور بن مخرمة، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور، أنه بعث إليه حسن بن حسن يخطب ابنته، فقال له: قل له فيلقاني في العتمة، قال: فلقيه، فحمد الله المسور، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: أيْمُ الله، ما من نسب ولا سبب، ولا صهر أحب إلي من نسبكم، وسببكم، وصهركم، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:"فاطمة بضعة مني، يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها، وإن الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي، وسببي، وصهري"، وعندك ابنتها، ولو زوَّجتك، لقبضها ذلك، فانطلق عاذراً له.
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق الِإمام أحمد.
والِإمام أحمد أخرجه في المسند (4/ 323).
وفي الفضائل (2/ 758رقم1333).
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في سُننِه (7/ 64) في النكاح، باب الأنساب كلها منقطعة يوم القيامة إلا نسبه.
وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (4/ 332) وابنه عبد الله في زياداته على الفضائل (2/ 765 رقم 1347). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والطبراني في الكبير (20/ 25 - 26 رقم 30).
ثلاثتهم من طريق محمد بن عباد المكي، نا أبو سعيد، نا عبد الله بن جعفر، عن أم بكر، وجعفر، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور، به نحوه، وفي إسناد الطبراني خطأ صوابه ما في إسناد الإمام أحمد، وابنه عبد الله.
وأخرجه الطبراني في الكبير أيضاً (3/ 27رقم 33) من طريق إبراهيم بن زكريا العبدي، ثنا عبد الله بن جعفر المخرمي، حدثتني عمتي أم بكر بنت المسور بن خرمة، أن الحسن بن علي خطب إلى المسور بن مخرمة ابنته، فزوَّجه، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة، إلا سببي ونسبي".
وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 154) من طريق إسحاق بن محمد الفروي، عن عبد الله بن جعفر الزهري، عن جعفر بن محمد، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"إنما فاطمة شجنة مني، يبسطني ما يبسطها، ويقبضني ما يقبضها".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه"، وأقرَّه الذهبي.
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق إسحاق الفروي أيضاً، عن عبد الله بن جعفر الزهري، عن أم بكر بنت المسور، عن المسور رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينقطع كل نسب، إلا نسبي، وسببي، وصهري".
قال البيهقي: "هكذا رواه جماعة عن عبد الله بن جعفر، دون ابن أبي رافع في إسناده".
دراسه الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وأقرَّه الذهبي، وأورده ابن الملقن في هذا الموضع شاهداً للحديث السابق. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وبيان حال رجال إسناده كالتالي:
عبيد الله بن أبي رافع المدني ثقة، قال ابن سعد، كان ثقة كثير الحديث، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال أبو حاتم، والخطيب: ثقة./ الجرح والتعديل (5/ 307رقم 1460)، والتهذيب (6/ 10 - 11رقم 20)، والتقريب (1/ 532رقم 1441).
وأم بكر بنت المسور بن مخرمة قال عنها الهيثمي في المجمع (9/ 203): "لم يجرحها أحد، ولم يوثقها".
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (2/ 619 رقم 7): "مقبولة"، وانظر معه التهذيب (12/ 460 رقم 2917).
وعبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، أبو محمد المدني، المخْرَمي، الزهري ثقة، وثقه الأمام أحمد، وابن المديني، والترمذي، والعجلي، وقال البخاري: صدوق ثقة، وقال الحاكم: ثقة مأمون، وقال بكار بن قتيبة: ثنا أبو المطرف، ثنا المخرمي ثقة، وقال ابن خراش: صدوق، وقال أبو حاتم والنسائي: ليس به بأس./ الجرح والتعديل (5/ 22 رقم100)، وثقات العجلي (ص 252 رقم 788)، والتهذيب (5/ 171 - 173رقم295).
وأبو سعيد مولى بني هاشم اسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري، لقبه: جَرْدَقَة، وهو صدوق من رجال البخاري، وثقه الإمام أحمد، وابن معين، والطبراني، والبغوي، والدارقطني، وذكره ابن شاهين في ثقاته، وسئل عنه أبو حاتم، فقال: كان أحمد يرضاه، فقيل له: ما تقول فيه؟ فقال: ما كان به بأس.
وقال الساجي: يهم في الحديث، ونقل العقيلي عن الإمام أحمد قوله: كان كثير الخطأ./ الجرح والتعديل (5/ 254رقم 1205)، والضعفاء للعقيلي (2/ 341)، والتهذيب (6/ 209 رقم 426). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والإمام أحمد، وابنه عبد الله، والقطيعي تقدمت تراجمهم في الحديث (531).
ولم تنفرد أم بكر بنت المسور بالحديث عن عبيد الله بن أبي رافع، بل تابعها جعفر الصادق عند الِإمام أحمد، وابنه عبد الله، والطبراني كما سبق، وجعفر تقدم في الحديث السابق أنه ثقة.
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم فيه أم بكر بنت المسور، وتقدم أنه لم يوثقها أو يجرحها أحد، وقد تابعها جعفر الصادق، فيكون الحديث حسناً لغيره بهذه المتابعة، وصحيحاً لغيره بالطرق المتقدم ذكرها في الحديث السابق، والله أعلم.
577 -
حديث ابن الحنفية، قال:
عاش أبي ثلاثاً وستين سنة.
قلت: فيه الواقدي.
577 - المستدرك (3/ 144 - 145)، قال الحاكم:"قد اختلفت الروايات في مبلغ سن أمير المؤمنين حين قتل"، وذكر الرواية عمن قال: مات وهو ابن ثمان وخمسين، ثم قال: وحدثنا محمد بن أحمد بن بطة الأصبهاني، ثنا الحسن بن الجهم، ثنا الحسن بن الفرج، ثنا محمد بن عمر، حدثني علي بن عمر بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل قال: سمعت ابن الحنفية في السنة التي مات فيها حين دخلت سنة إحدى وثمانين قال: هذه لي خمس وستون، جاوزت سن أبي، مات أبي وهو ابن ثلاث وستين، ومات ابن الحنفية في تلك السنة.
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 38) من طريق شيخه الواقدي.
ومن طريق ابن سعد أخرجه الطبري في تاريخه (5/ 152).
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، وسكت عنه، وأعلَّه الذهبي بقوله:"فيه الواقدي".
والواقدي هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي، وهو متروك، تركه أحمد، وابن المبارك، وابن نمير، وإسماعيل بن زكريا، وغيرهم، بل قال الذهبي:"مجمع على تركه"./ الجرح والتعديل (8/ 20 - 21 رقم 92)، والكامل (6/ 2245 - 2247)، والمغني في الضعفاء (2/ 619رقم 5861)، والتهذيب (9/ 363 رقم604)، والتقريب (2/ 194رقم 567). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الإِسناد؛ لشدة ضعف الواقدي.
وله شاهد من حديث شريك عن أبي اسحاق السبيعي، قال: توفي علي، وهو يومئذ ابن ثلاث وستين سنة.
أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 38).
وابن جرير الطبري في تاريخه (5/ 151).
وشريك تقدم في الحديث (497) أنه صدوق يخطيء كثيراً، فقول أبي إسحاق هذا ضعيف لأجله.
وأخرج ابن جرير الطبري في الموضع السابق، عن جعفر بن محمد قال: قتل علي وهو ابن ثلاث وستين سنة، قال: وذلك أصح ما قيل فيه.
وأخرج الطبراني في الكبير (1/ 53رقم 165) من طريق حسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: توفي علي رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستين سنة.
وحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ضعيف، قال ابن المديني: فيه ضعف، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن أبي حاتم: قلت لأبي: ما تقول فيه؟ فحرك يده، وقلبها -يعني تعرف، وتنكر-، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، إلا أني وجدت في بعض حديثه النكرة، ووثقه الدارقطني./ الجرح والتعديل (3/ 53 رقم 237)، والكامل لابن عدي (2/ 762)، والميزان (1/ 535 رقم2002)، والتهذيب (2/ 339 رقم600).
وبالإضافة لضعف حسين بن زيد، فهذا القول مخالف لما صح عن قائله.
فقد أخرج الحاكم قبل هذا الحديث من طريق الحميدي، عن سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: قتل علي رضي الله عنه، وهو ابن ثمان وخمسين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وسكت عنه الحاكم، والذهبي.
وأخرجه الطبراني من طريق إبراهيم بن المنذر، عن سفيان، به مثله.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 145): "رجاله رجال الصحيح".
وبالجملة فما صح من هذه الأقوال فإنما يعبر عن ما اختاره صاحب القول، وقد اختار ابن حبان في ثقاته (2/ 303) قول من قال إنه توفي وهو ابن ثلاث وستين، ولم يذكر ابن حجر في الِإصابة شيئاً من ذلك، والله أعلم.