المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مختصر كتاب الوتر - مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر

[محمد بن نصر المروزي]

فهرس الكتاب

- ‌مختصر قيام الليل

- ‌قِيَامُ اللَّيْلِ لِمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ،الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَاتُهُ وَسَلَامُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي اخْتَصَرْتُ فِي هَذَا الْجُزْءِ كِتَابَ قِيَامِ اللَّيْلِ، تَأْلِيفُ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ رحمه الله، عَلَى أَنِّي أَحْذِفُ

- ‌بَابُ حُكْمِ قِيَامِ اللَّيْلِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ بِسَمَرْقَنْدَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا، إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [

- ‌بَابُ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ بَعْدَهُ فِي التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَفَضِيلَتِهِ

- ‌بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا غَرَبَتْ فَقَدْ دَخَلَ اللَّيْلُ وَحَلَّ فِطْرُ الصَّائِمِ وَجَاءَ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ حَلَّتِ الصَّلَاةُ

- ‌ذِكْرُ مَنْ لَمْ يَرْكَعْهُمَا عَنِ النَّخَعِيِّ قَالَ: «كَانَ بِالْكُوفَةِ مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ رضي الله عنه، وَأَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رضي الله عنه

- ‌بَابُ اخْتِيَارِ رُكُوعِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي الْبَيْتِ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: " الْتَقَى مَلَكَانِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اصْعَدْ بِنَا، فَقَالَ: إِنَّ صَاحِبِي لَمْ يُصَلِ، قَالَ: فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ نَكْرَهُ أَنْ يُؤَخَّرَ الْمَغْرِبُ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

- ‌بَابُ إِطَالَةِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

- ‌بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ

- ‌بَابُ رُكُوعِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْبَيْتِ

- ‌بَابُ الْأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ

- ‌بَابُ أَوْقَاتِ اللَّيْلِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ قِيَامُهَا وَيُرْجَى إِجَابَةُ الدُّعَاءِ فِيهَا

- ‌بَابُ إِيقَاظِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَمَنْ يَلِيهِ، وَالْمَرْأَةُ زَوْجَهَا لِقِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ مَا يُعَاقَبُ بِهِ تَارِكُ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ الِاسْتِعَانَةِ بِقَائِلَةِ النَّهَارِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ إِذَا اعْتَادَ الرَّجُلُ قِيَامَ اللَّيْلِ نَبُهَ لِذَلِكَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: " إِذَا نَامَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُرِيدُ الْقِيَامَ مِنَ اللَّيْلِ أَيْقَظَهُ إِمَّا سِنَّورٌ، وَإِمَّا صَبِيٍّ، وَإِمَّا شَيْءٌ فَيَسْتَيْقِظُ فَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَقَدْ وُكِّلَّ بِهِ قَرِينَانِ، قَرِينُ سُوءٍ وَقَرِينٌ صَالِحٌ، فَيَقُولُ قَرِينُ السُّوءِ: افْتَحْ بِشَرٍّ، نَمْ إِنَّ عَلَيْكَ لَيْلًا

- ‌بَابُ مَا يُبْدَأُ بِهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عِنْدَ الِانْتِبَاهِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌بَابُ السِّوَاكِ عِنْدَ الْوُضُوءِ لَقِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ الِاغْتِسَالِ لَقِيَامِ اللَّيْلِ وَالتَّطَيُّبِ وَلُبْسِ الثِّيَابِ الْحَسَنَةِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَكَرِيَّا رحمه الله وَأَصْحَابُهُ يَغْتَسِلُونَ كُلَّ لَيْلَةٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ لِلْعِبَادَةَ

- ‌بَابُ مَا يُفْتَتَحُ بِهِ قِيَامُ اللَّيْلِ مِنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ

- ‌بَابُ كَرَاهَةِ السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ

- ‌بَابُ إِبَاحَةِ السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ لِمُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ أَوْ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌بَابُ عَدَدِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ

- ‌نَوْعٌ آخَرُ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌نَوْعٌ ثَالِثٌ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌نَوْعٌ رَابِعٌ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ اخْتِيَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَنْ يُصَلِّيَ مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى

- ‌بَابُ افْتِتَاحُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ

- ‌بَابُ الِاخْتِيَارِ لِطُولِ الْقِيَامِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ التَّرْتِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا " وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ وَيُرَتِّلُ السُّورَةَ حَتَّى تَكُونَ قِرَاءَتُهُ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا " وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ: أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ عَنْ قِرَاءَةِ

- ‌بَابُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ رضي الله عنها قَالَتْ: «كُنْتُ أَسْمَعُ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ وَأَنَا عَلَى عَرِيشِ أَهْلِي» وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «إِذَا قَرَأَ رَفَعَ طَوْرًا وَخَفَضَ طَوْرًا، وَذَكَرَ أَنَّهَا قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَفِي حَدِيثِ

- ‌بَابُ التَّرْجِيعِ فِي الْقِرَاءَةِ

- ‌بَابُ تَحْزِينِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَتَحْسِينِهِ

- ‌بَابُ التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ وَالِاسْتِغْنَاءِ بِهِ

- ‌بَابُ نُزُولِ الْمَلَائِكَةِ وَالسَّكِينَةِ وَحُضُورِ عُمَّارِ الدَّارِ صَلَاةَ الْمُصَلِّي بِاللَّيْلِ لِاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ الْبُكَاءِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا» إِلَى آخِرِهِ

- ‌بَابُ تَرْدِيدِ الْمُصَلِّي الْآيَةَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، يَتَدَبَّرُ مَا فِيهَا

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ السُّوَرِ فِي رَكْعَةٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ رحمه الله قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ السُّوَرِ؟ قَالَتْ: «نَعَمْ مِنَ الْمُفَصَّلِ» وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي لَأَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ

- ‌بَابُ كَرَاهَةِ تَقْطِيعِ السُّورَةِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ السُّوَرِ فِي رَكْعَةٍ

- ‌بَابُ قِيَامِ اللَّيْلَةِ كُلِّهَا وَخَتْمِ الْقُرْآنِ فِيهَا تَقَدَّمُ قَوْلُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «لَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ، وَلَا قَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ» وَقَوْلُ أَنَسٍ رضي الله عنه: «مَا كُنَّا نَشَاءُ أَنْ نَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْنَاهُ، وَلَا نَرَاهُ نَائِمًا إِلَّا رَأَيْنَاهُ»

- ‌بَابُ أَكْثَرَ مَا يُخْتَمُ فِيهِ الْقُرْآنُ، وَأَقَلَّهُ مِنْ عَدَدِ اللَّيَالِي

- ‌بَابُ مَا يَكْفِي مِنَ الْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ قِرَاءَةِ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ بِاللَّيْلِ

- ‌بَابُ مَا يُقَالُ فِي رُكُوعِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَسُجُودِهَا وَفِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ مَعَ النُّعَاسِ وَالْفُتُورِ

- ‌بَابُ مَنْ كَانَتْ لَهُ صَلَاةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَغُلِبَ عَلَيْهَا بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ قَضَاءِ الرَّجُلِ مَا يَفُوتُهُ مِنْ قِرَاءَةِ اللَّيْلِ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ

- ‌بَابُ كَرَاهَةِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ سِوَى الرَّكْعَتَيْنِ

- ‌بَابُ ذَكَرِ صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَاعِدًا

- ‌بَابُ ذِكْرِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَائِمًا

- ‌بَابُ ذِكْرِ كَيْفِيَّةِ جُلُوسِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى جَالِسًا صِفَةُ جُلُوسِهِ كَيْفَ كَانَتْ إِلَّا فِي حَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ أَخْطَأَ فِيهِ حَفْصٌ رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ التَّرَبُّعِ فِي الصَّلَاةِ عَمَّنْ رَخَّصَ فِيهِ أَوِ اخْتَارَهُ أَوْ فَعَلَهُ مِنْ عُذْرٍ سِمَاكٌ رحمه الله: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه وَابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه مُتَرَبِّعَيْنِ فِي الصَّلَاةِ. أَبُو رِحَالِ بْنُ عُبَيْدٍ رحمه الله: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ مُجَاهِدٌ رحمه الله:

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَنْ كَرِهَ التَّرَبُّعَ فِي الصَّلَاةِ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «لَأَنْ أَجْلِسَ عَلَى الرَّضْفِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَجْلِسَ مُتَرَبِّعًا فِي صَلَاتِي» وَفِي آخَرَ: «لَأَنْ أَقْعُدَ عَلَى جَمْرَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ مُتَرَبِّعًا» عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ

- ‌بَابُ مَنْ رَأَى أَنْ يَجْلِسَ كَجُلُوسِهِ فِي التَّشَهُّدِ عَاصِمٌ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا كَانَ قُعُودُهُ مِثْلَ جِلْسَتِهِ فِي الصَّلَاةِ» وَعَنْ مُجَاهِدٍ رحمه الله " عَلَّمَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ صَلَاةَ الْقَاعِدِ، فَقَالَ: يَتَرَبَّعُ إِنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ ثَنَى رِجْلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ نَصَبَ الْيُمْنَى وَثَنَى الْيُسْرَى «وَعَنِ ابْنِ أَبِي

- ‌بَابُ مِنْ صَلَّى مُتَّكِئًا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ رحمه الله: «رَأَيْتُ بَكْرًا يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا وَمُتَّكِئًا»

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى جَالِسًا عَلَى دُكَّانٍ مُدَلِّيًا رِجْلَيْهِ «كَانَ لِأَبِي بَرْزَةَ دُكَّانٌ يَجْلِسُ عَلَيْهِ وَيُدَلِّي رِجْلَيْهِ وَيُصَلِّي» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: وَأَمَّا مَنِ اخْتَارَ أَنْ يَجْلِسَ الْمُصَلِّي قَاعِدًا فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ كَجُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَإِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَدْ سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

- ‌بَابُ ذَكَرِ كَيْفِيَّةِ رُكُوعِ الْمُحْتَبِي وَالْمُتَرَبِّعِ وَسُجُودِهِمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، فَعَنْ أَبِي حَفْصٍ رحمه الله: «رَأَيْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَوْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَيْهِ» عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: «إِذَا صَلَّى مُتَرَبِّعًا وَأَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَوْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَيْهِ» مُجَاهِدٌ رحمه الله:

- ‌مختصر قيام رمضان

- ‌بَابُ ذِكْرِ الصَّلَاةِ تَطَوُّعًا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي جَمَاعَةٍ

- ‌بَابُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَفَضِيلَتِهِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَمَاعَةً لَيْلًا تَطَوُّعًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا الْإِمَامُ لِلنَّاسِ فِي رَمَضَانَ تَقَدَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى فِي رَمَضَانَ فِي لَيْلَةٍ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَوْتَرَ» وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: «أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ

- ‌بَابُ مِقْدَارِ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ: «أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه وَتَمِيمًا الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ فِي رَمَضَانَ فَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ ، حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي

- ‌بَابُ اخْتِيَارِ قِيَامِ آخِرِ اللَّيْلِ عَلَى أَوَّلِهِ تَقَدَّمَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: " وَالَّتِي تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي تَقُومُونَ، يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ وَيَنَامُونَ آخِرَهُ. طَاوُسٌ رحمه الله: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه يَقُولُ: " دَعَانِي عُمَرُ رضي الله عنه أَتَغَدَّى

- ‌بَابُ حُضُورِ النِّسَاءِ الْجَمَاعَةَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ تَقَدَّمَ قَوْلُ جَابِرٍ رضي الله عنه: جَاءَ أُبَيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ مِنِّي اللَّيْلَةَ شَيْءٌ. الْحَدِيثُ وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ جَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لِلنَّاسِ قَارِئَيْنِ ، فَكَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه يُصَلِّي بِالرِّجَالِ

- ‌بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ الْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ رحمه الله: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ رحمه الله: أَقُومُ بِأَهْلِي فِي رَمَضَانَ؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَكَ رَجُلٌ أَرَأَيْتَ إِنْ أَحْدَثْتَ وَلَيْسَ مَعَكَ رَجُلٌ مَنْ تُقَدِّمُ

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ تَؤُمُّ النِّسَاءَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ تَؤُمَّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَؤُمُّ النِّسَاءَ ، فَكَتَبَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَؤُمُّ النِّسَاءَ» وَعَنْ مَالِكٍ رحمه الله: «لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَؤُمَّ أَحَدًا ، وَقَدْ كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُهَاجِرَاتُ فَمَا أَمَّتِ امْرَأَةٌ قَطُّ أَحَدًا وَلَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَنِ اخْتَارَ الصَّلَاةَ وَحْدَهُ عَلَى الْقِيَامِ مَعَ النَّاسِ إِذَا كَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ تَقَدَّمَ صَلَاةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ

- ‌بَابُ الْإِمَامِ يَؤُمُّ فِي الْقِيَامِ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ تَقَدَّمَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَ يَؤُمُّهَا غُلَامٌ لَهَا فِي الْمُصْحَفِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ذَكْوَانُ فِي رَمَضَانَ بِاللَّيْلِ. وَسُئِلَ ابْنُ شِهَابٍ رحمه الله عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ فِي الْمُصْحَفِ قَالَ: «مَا زَالُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مُنْذُ كَانَ الْإِسْلَامُ ، كَانَ خِيَارُنَا

- ‌بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْمُصْحَفِ الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ رحمه الله: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ فِي الْمُصْحَفِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِأَهْلِ الْكِتَابِ «لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ رحمه الله أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ فِي الْمُصْحَفِ» وَمَرَّ سُلَيْمَانُ بْنُ حَنْظَلَةَ بِقَوْمٍ يَؤُمُّهُمْ رَجُلٌ فِي مُصْحَفٍ فِي رَمَضَانَ عَلَى مِشْجَبٍ فَرَمَى بِهِ

- ‌بَابُ التَّعَوُّذِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ رحمه الله: " مَا زَالَ الْقُرَّاءُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يُصَلُّونَ إِذَا خَتَمُوا أُمَّ الْقُرْآنِ يَسْتَعِيذُونَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَيَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ: نَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، سُبْحَانَكَ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ

- ‌بَابُ مَا يُبْدَأُ بِهِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ قَالَ أَبُو حَازمٍ رحمه الله «كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ يَبْدَؤُنَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ بِإِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا»

- ‌بَابُ الْإِنْصَاتِ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ فِي التَّرَاوِيحِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ رحمه الله: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَبَلَغَكَ أَنَّهُ يُجْزِئُ الْإِمَامُ عَمَّنْ وَرَاءَهُ فِي اسْتِعَاذَةٍ أَوْ تَكْبِيرٍ أَوْ تَشَهُّدٍ أَوْ شَيْءٍ إِلَّا الْقِرَاءَةَ؟ قَالَ: " مَا بَلَغَنِي أَنَّهُ يُجْزِئُ عَمَّنْ وَرَاءَهُ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي الْقِرَاءَةِ. قَالَ عَطَاءٌ: إِذَا سَمِعُوا قِرَاءَتَهُ وَعَقَلُوهَا

- ‌بَابُ التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ عَنْ نَوْفَلِ ابْنِ إِيَاسٍ الْهُذَلِيِّ رحمه الله قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي رَمَضَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَكَانُوا إِذَا سَمِعُوا قَارِئًا حَسَنَ الْقِرَاءَةِ مَالُوا إِلَيْهِ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: " قَدِ اتَّخَذُوا الْقُرْآنَ أَغَانِيَ وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ لَأُغَيِّرَنَّ هَذَا فَلَمْ تَمُرَّ

- ‌بَابُ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ قَالَ بَحِيرُ بْنُ رَيْسَانَ: رَأَيْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رضي الله عنه «يَزْجُرُ أُنَاسًا يُصَلُّونَ بَعْدَ تَرَاوِيحِ الْإِمَامِ فِي رَمَضَانَ ، فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يُطِيعُوهُ قَامَ إِلَيْهِمْ فَضَرَبَهُمْ» وَكَانَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ «يُوَكِّلُ بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ رِجَالًا يَمْنَعُونَهُمْ مِنَ السُّبْحَةِ بَيْنَ الْأَشْفَاعِ لِئَلَّا

- ‌بَابُ مَنْ رَخَّصَ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ سُئِلَ الزُّهْرِيُّ رحمه الله عَنِ الصَّلَاةِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ بَيْنَ الْأَشْفَاعِ ، فَقَالَ: إِنْ قَوِيتَ عَلَى ذَلِكَ فَافْعَلْهُ وَكَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَأَبُوعَمْرٍو ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، وَابْنُ جَابِرٍ ، وَبَكْرُ بْنُ مُضَرٍ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ

- ‌بَابُ إِمَامَةِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ التَّعْقِيبِ وَهُوَ رُجُوعُ النَّاسِ إِلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ انْصِرَافِهِمْ عَنْهُ سَعِيدٌ ، عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ التَّعْقِيبَ فِي رَمَضَانَ قَالَ سَعِيدٌ: وَهُوَ رُجُوعُ النَّاسِ إِلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَمَا يَنْصَرِفُونَ " قَتَادَةُ رحمه الله ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالتَّعْقِيبِ فِي رَمَضَانَ ، وَقَالَ:

- ‌بَابُ أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى الْإِمَامَةِ فِي رَمَضَانَ

- ‌بَابُ قِيَامِ رَمَضَانَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ

- ‌بَابُ الِاجْتِهَادِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ

- ‌بَابُ طَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ

- ‌بَابُ الْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ

- ‌بَابُ طَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ طَلَبِهَا فِي لَيْلَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ

- ‌بَابُ طَلَبِهَا فِي لَيْلَةِ سَبْعَةٍ عِشْرِينَ

- ‌بَابُ طَلَبِهَا فِي لَيْلَةِ سَابِعَ عَشْرَةَ وَتَاسِعَ عَشْرَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ صَبِيحَةَ يَوْمِ بَدْرٍ ، يَوْمِ الْفُرْقَانَ ، يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ، وَوَاحِدٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا فِي وِتْرٍ» وَفِي لَفْظٍ: " الْتَمِسُوهَا فِي سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ تِسْعَ

- ‌بَابُ أَمَارَاتِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌بَابُ مَا يُدْعَى بِهِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ قِيَامِ لَيْلَةِ الْعِيدِ هَارُونُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْأَسْلَمِيُّ رحمه الله: «بَلَغَنِي أَنَّهُ مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» أَبُو أُمَامَةَ رضي الله عنه: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْعِيدِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ حِينَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ مِثْلُهُ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: «لَيْلَةُ

- ‌بَابُ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الْقَدْرِ الْعِشَاءَ فِي الْجَمَاعَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ» وَعَنِ الضَّحَّاكِ: «مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي مَسْجِدٍ جَمَاعَةً فِي رَمَضَانَ فَقَدْ أَصَابَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ حَظًّا وَافِيًا» وَاللَّهُ أَعْلَمُ

- ‌مختصر كتاب الوتر

- ‌بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الْوِتْرِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: افْتَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتِهِ أَوَّلَ مَا افْتَرَضَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ أُمَّتَهُ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ بَعْدَ هِجْرَتِهِ وَقُدُومِهِ

- ‌بَابُ وَقْتِ الْوِتْرِ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ». وَقَوْلُهُ: «مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ». وَسَاقَهُ هُنَا مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ. ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: قَدِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ مُتُونِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:

- ‌بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي أَوْتَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا مِنَ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ اخْتِيَارِ الْوِتْرِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ

- ‌ بَابُ اخْتِيَارِ الْوِتْرِ أَوَّلَ اللَّيْلِ لِمَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ آخِرَهُ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: «مَنْ خَافَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَسْتَيْقِظَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَ اللَّيْلِ» الْحَدِيثُ

- ‌بَابُ وِتْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَكْعَةٍ

- ‌بَابُ اخْتِيَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم التَّسْلِيمَ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَالْوِتْرَ بِرَكْعَةٍ

- ‌بَابُ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ السَّلَفِ فِي الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ

- ‌بَابُ الْوِتْرِ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ

- ‌بَابُ الْوِتْرِ بِسَبْعٍ وَتِسْعٍ تَقَدَّمَ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ وَفِيهِ: «فَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهِنَّ إِلَّا عِنْدَ الثَّامِنَةِ، فَيَحْمَدُ رَبَّهُ، وَيَذْكُرُهُ، وَيَدْعُو، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَةَ فَيَقْعُدُ، ثُمَّ يَحْمَدُ رَبَّهُ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُو، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ

- ‌بَابُ تَخْيِيرِ الْمُوتِرِ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ وَالْخَمْسِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْوِتْرِ بِثَلَاثٍ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ

- ‌بَابُ الْوِتْرِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ مَا يُقْرَأُ بِهِ فِي الْوِتْرِ

- ‌بَابُ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلَ آخِرَ الصَّلَاةِ مِنَ اللَّيْلِ وِتْرًا

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ يَنَامُ ثُمَّ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ لِيُصَلِّيَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا: فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ شَفَعَ وِتْرَهُ بِرَكْعَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنٍ، ثُمَّ أَوْتَرَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بِرَكْعَةٍ. وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنَ اللَّيْلِ وِتْرًا»

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَمَّنْ شَفَعَ وِتْرَهُ مِنَ السَّلَفِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّهُ كَانَ يَشْفَعُ بِرَكْعَةٍ وَيَقُولُ: " مَا شَبَّهْتُهَا إِلَّا بِالْغَرِيبَةِ مِنَ الْإِبِلِ. وَفَى رِوَايَةٍ: إِنِّي إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ مِنَ اللَّيْلِ أَوْتَرْتُ بِرَكْعَةٍ، فَإِذَا قُمْتُ ضَمَمْتُ إِلَيْهَا رَكْعَةً، فَمَا شَبَّهْتُهَا إِلَّا بِالْغَرِيبَةِ مِنَ الْإِبِلِ تُضَمُّ إِلَى

- ‌بَابُ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَمَّنْ أَنْكَرَ أَنْ يُوتَرَ مَرَّتَيْنِ فِي لَيْلَةٍ

- ‌بَابُ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْوِتْرِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوِتْرِ عَمَّنْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ فَقَالَ: عَمَّنْ؟، قَالُوا: عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ. فَقَالَ: هَذَا خَبَرٌ لَا أَرَاهُ شَيْئًا، كَانَ الْأَسْوَدُ يَفْعَلُ وَيَفْعَلُ، وَيَرْفَعُ لَهَا مِنْ زَادِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ

- ‌بَابُ إِثْبَاتِ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ فَذَكَرَهُ. وَفَى رِوَايَةٍ: «لِأُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ عِنْدَ

- ‌بَابُ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا عَنِ الْأَسْوَدِ، صَحِبْتُ عُمَرَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَكَانَ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ «وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ السَّنَةَ كُلَّهَا» وَعَنْ عَلِيٍّ، " أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ، وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ فِي الْوِتْرِ

- ‌بَابُ تَرْكِ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْآخِرِ مِنْ رَمَضَانَ عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، أَمَّ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ، فَكَانَ لَا يَقْنُتُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَيَقْنُتُ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْعَشْرُ أَبَقَ وَخَلَا عَنْهُمْ، فَصَلَّى بِهِمْ مُعَاذٌ الْقَارِئُ وَسُئِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ بَدْءِ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ فَقَالَ:

- ‌بَابُ مَنْ قَنَتَ السَّنَةَ كُلَّهَا إِلَّا النِّصْفَ الْأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ «كَانَ يَقْنُتُ السَّنَةَ كُلَّهَا فِي وِتْرِهُ إِلَّا النِّصْفَ الْأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَقْنُتُ وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا النِّصْفَ الْأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ إِذَا كَانَ إِمَامًا، إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ، فَكَانَ

- ‌بَابُ مَنْ لَمْ يَقْنُتْ فِي الْوِتْرِ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ، وَقَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْقُنُوتِ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَفْعَلُهُ وَعَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ، صَحِبْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَشْرَ سِنِينٍ، فَمَا رَأَيْتُهُ يَقْنُتُ فِي وِتْرِهِ وَكَانَ عُرْوَةُ لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَا فِي الْوِتْرِ، إِلَّا

- ‌بَابُ الْقُنُوتِ بَعْدَ الرُّكُوعِ

- ‌بَابُ الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَنَتَ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ. وَفِي رِوَايَةٍ: بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَنَتَ فِي الْوِتْرِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، «صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى فَقَنَتُوا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ

- ‌بَابُ التَّكْبِيرِ لِلْقُنُوتِ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ؟ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ " لَمَّا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ كَبَّرَ، ثُمَّ قَنَتَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَكَعَ، يَعْنِي فِي الْفَجْرِ وَعَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَبَّرَ فِي الْقُنُوتِ حِينَ فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَحِينَ رَكَعَ. وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يَفْتَتِحُ الْقُنُوتَ بِتَكْبِيرَةٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُكَبِّرُ فِي الْوِتْرِ إِذَا

- ‌بَابُ مَنْ كَبَّرَ لِلْقُنُوتِ بَعْدَ الرُّكُوعِ كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقْنُتُ فِي رَمَضَانَ فِي الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ، إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ ثُمَّ قَنَتَ وَعَنْ شُعْبَةَ، سَمِعْتُ الْحَكَمَ، وَحَمَّادًا، وَأَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُونَ فِي الْقُنُوتِ: «إِذَا فَرَغَ مِنَ الرُّكُوعِ كَبَّرَ ثُمَّ قَنَتَ» وَقَالَ الْمُزَنِيُّ، لَا أَعْلَمُ الشَّافِعِيَّ ذَكَرَ مَوْضِعَ الْقُنُوتِ مِنَ

- ‌بَابُ رَفْعِ الْأَيْدِي عِنْدَ الْقُنُوتِ عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ: «كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ إِلَى صَدْرِهِ» وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، كَانَ عُمَرُ، يَقْنُتُ بِنَا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُخْرِجَ ضَبْعَيْهِ وَعَنْ خِلَاسٍ، رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَمُدُّ بِضَبْعَيْهِ فِي قُنُوتِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَكَانَ أَبُو

- ‌بَابُ مَا يُدْعَى بِهِ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ

- ‌بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الدُّعَاءِ فِي الْقُنُوتِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ: كَانَ عُمَرُ يَقْنُتُ بِنَا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، حَتَّى يُسْمَعَ صَوْتُهُ مِنْ وَرَاءِ الْمَسْجِدِ وَعَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَمَّ النَّاسَ، فِي رَمَضَانَ، فَكَانَ يَقْنُتُ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ حَتَّى يُسْمِعَهُمُ الدُّعَاءَ

- ‌بَابُ تَأْمِينِ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الْإِمَامِ إِذَا دَعَا فِي الْقُنُوتِ

- ‌بَابُ مَسْحِ الرَّجُلِ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الدُّعَاءِ

- ‌بَابُ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْوِتْرِ قَبْلَ الصُّبْحِ

- ‌بَابُ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْوِتْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ

- ‌بَابُ مَنْ نَسِيَ الْقُنُوتَ فِي الْوِتْرِ عَنِ الْحَسَنِ،: إِذَا نَسِيَ الْقُنُوتَ فِي الْوِتْرِ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. وَفِي رِوَايَةٍ: إِنْ قَنَتَ يَعْنِي فِي الْوِتْرِ فَحَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْنُتْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ " فِيمَنْ تَرَكَ قُنُوتَ الْوِتْرِ: إِنَّمَا تَرَكَ سُنَّةً، لَا شَيْءَ عَلَيْهِ " وَعَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فِيمَنْ نَسِيَ الْقُنُوتَ فِي

- ‌بَابُ مَا يُدْعَى بِهِ فِي آخِرِ الْوِتْرِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْوِتْرِ

الفصل: ‌مختصر كتاب الوتر

‌قِيَامُ اللَّيْلِ لِمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ،

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَاتُهُ وَسَلَامُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي اخْتَصَرْتُ فِي هَذَا الْجُزْءِ كِتَابَ قِيَامِ اللَّيْلِ، تَأْلِيفُ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ رحمه الله، عَلَى أَنِّي أَحْذِفُ

الْمُكَرَّرَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُسْنَدَةِ وَالْآثَارِ وَأُورِدُ جَمِيعَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُسْنَدَةِ بَأَسَانِيدِهَا وَجَمِيعِ الْآثَارِ مَعَ حَذْفِ أَسَانِيدِهَا، وَاللَّهَ أَسْأَلُهُ الْإِعَانَةَ عَلَى إِتْمَامِهِ وَالتَّوْفِيقَ لِلْعَمَلِ بِهِ إِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ

ص: 21

‌بَابُ حُكْمِ قِيَامِ اللَّيْلِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ بِسَمَرْقَنْدَ: قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا، إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [

المزمل: 2]

ص: 21

ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْ شُرَيْحًا، أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا عَرَكَتْ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، شُدِّي عَلَى وَسَطِكِ» ، فَكَانَ يُبَاشِرُهَا مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاتِهِ، وَقَلَّ مَا كَانَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا قَالَ اللَّهُ لَهُ:{قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: 2] "

ص: 21

حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَا: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي

⦗ص: 22⦘

مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: حَجَجْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَسَأَلْتُهَا عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ:" كَانَ خُلُقَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنُ. وَسَأَلْتُهَا عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ، فَقَالَتْ: أَمَا تَقْرَأُ: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: فَهُوَ قِيَامُهُ "

ص: 21

حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَنَّهُ، طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ لِيَبِيعَ عَقَارًا لَهُ بِهَا، ثُمَّ يَجْعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ، ثُمَّ يُجَاهِدَ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ لَقِيتُ رَهْطًا مِنَ الْأَنْصَارِ، أَوْ قَوْمِهِ، فَحَدَّثَهُمْ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّ رَهْطًا مِنْهُمْ سِتَّةً أَرَادُوا ذَلِكَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَهَاهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُمْ:«أَلَيْسَ لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟» ، فَلَمَّا حَدَّثُوهُ حَدِيثَهُمْ هَذَا أَشْهَدَهُمْ عَلَى رَجْعَةِ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ أَتَانَا فَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ انْطَلَقَ إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها. قَالَ: فَأَتَيْتُ عَلَى حَكِيمِ بْنِ أَفْلَحَ، فَاسْتَلْحَقْتُهُ فَجَاءَ مَعِي، فَاسْتَأْذَنَّا فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا. فَقَالَتْ: أَحَكِيمٌ؟ وَعَرَفَتْهُ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ. قَالَتْ: مَنْ هِشَامٌ؟ قَالَ: ابْنُ عَامِرٍ نِعْمَ الْمَرْءُ كَانَ وَكَانَ أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ قُلْتُ: يَا

⦗ص: 23⦘

أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ الْقُرْآنُ. قَالَ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ فَلَا أَسْأَلُهَا عَنْ شَيْءٍ أَوْ فَلَا أَسْأَلُ أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ فَبَدَا لِي، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ هَذِهِ السُّورَةَ: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: فَإِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ الْقِيَامَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ " وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ:" {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: 2] أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنِينَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا، فَشَقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ خَفَّفَ عَنْهُمْ وَرَحَمَهُمْ وَأَنْزَلَ بَعْدَ هَذَا: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} [المزمل: 20] الْآيَةَ. فَوَسَّعَ اللَّهُ لَهُ وَلَمْ يُضَيِّقْ. قَالَ: كَانَ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ سَنَةٌ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2] وَ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ "، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُمْ فِي جَيْشٍ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ رضي الله عنه وَقَدْ كَانَ كَتَبَ عَلَيْهِمْ قِيَامَ اللَّيْلِ فَكَانُوا يَقُومُونَ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ فَأَصَابَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ جُوعٌ شَدِيدٌ. قَالَ: وَوَضَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ قِيَامَ اللَّيْلِ «، وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله» أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَنْزَلَ هَذِهِ السُّورَةَ وَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا سَنَةٌ: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ حَتَّى بَلَغَ {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزمل: 19] ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ سَنَةٍ {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} [المزمل: 20] قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا كُلُّ الْقَوْمِ قَامَ بِهَا. قَالَ: {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [المزمل: 20]. فَبَكَى الْحَسَنُ عِنْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ قِيَامَ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونَ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل: 20] حَتَّى بَلَغَ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} وَقَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ قَالَ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43].

⦗ص: 24⦘

قَالَ فَرِيضَتَانِ لَا صَلَاحَ لِلْأَعْمَالِ إِلَّا بِهِمَا "، وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ: " لَمَّا نَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ وَسُوقُهُمْ، حَتَّى نَزَلَتْ {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزمل: 19] حَتَّى بَلَغَ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} "، وَعَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: "{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 1] افْتَرَضَ اللَّهُ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا فَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا فِي السَّمَاءِ أَثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِهَا، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا مِنْ بَعْدِ فَرِيضَةٍ. قَالَ:{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونَ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل: 20] الْآيَةُ فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَا كَانَ قَبْلَهَا "، وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} قَالَ: «رَخَّصَ لَهُمْ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ»، وَعَنْ عِكْرِمَةَ: "{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: 1] قَالَ: " لَبِثُوا بِذَلِكَ سَنَةً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ وَتَوَرَّمَتْ أَقْدَامُهُمْ ثُمَّ نَسَخَتْهَا آخِرُ السُّورَةِ قَوْلُهُ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}. وَعَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]. قَالَ: ذَلِكَ إِذَا أُمِرُوا بِقِيَامِ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا كَانُوا يَحْتَجِرُونَ احْتِجَارًا بِالصَّلَاةِ. فَقَالَ رَجُلٌ لِعَطَاءٍ مِنَ الْجُوعِ؟ قَالَ: بَلْ لِلَّهِ كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَحْتَجِرُ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْغِطَاءَ فَيَتَعَبَّدُ عَلَيْهَا حَتَّى نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ} إِلَى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [المزمل: 20] قَالَ: الْمَكْتُوبَةُ "، وَسَأَلَ رَجُلٌ عِكْرِمَةَ: إِنِّي أَتَعْلَمُ الْقُرْآنَ وَيَقُولُونَ لَا تُوَسِّدْهُ. فَقَالَ لَهُ: «إِنَّكَ أَنْ تَنَامَ عَالِمًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَنَامَ جَاهِلًا»

ص: 22

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمْ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ بَعَثَ بَعْثًا ذَوِي عُدَّةٍ فَاسْتَقْرَأَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَأَتَى عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا. فَقَالَ: مَا مَعَكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ: مَعِي كَذَا وَمَعِي كَذَا وَمَعِي سُورَةُ كَذَا وَمَعِي سُورَةُ الْبَقَرَةِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ إِلَّا خَشْيَةَ أَنْ لَا أَقُومَ بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَاقْرَءُوهُ وَإِنْ لَمْ تَقُومُوا بِهِ فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ لِمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَرَأَهُ وَقَامَ بِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ رِيحُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَمَثَلَ مَنْ تَعَلَّمَهُ وَرَقَدَ وَهُوَ فِي جَوْفِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ أُوكِئَ عَلَى مِسْكٍ» وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ قُلْتُ: لِلْحَسَنِ رحمه الله: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَدِ اسْتَظْهَرَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ وَلَا يَقُومُ بِهِ إِنَّمَا يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ؟ قَالَ: " لَعَمْرُ اللَّهِ ذَاكَ إِنَّمَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ. قُلْتُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} قَالَ: نَعَمْ وَلَوْ خَمْسِينَ آيَةً "، وَقَالَ مَعْمَرٌ قُلْتُ لِابْنِ طَاوُسٍ:" هَلْ كَانَ أَبُوكَ رُبَّمَا نَامَ اللَّيْلَ حَتَّى يُصْبِحَ؟ قَالَ: رُبَّمَا أَتَى عَلَيْهِ ذَاكَ "

⦗ص: 26⦘

وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ رحمه الله: أَتَيْتُ سَلْمَانَ فَقُلْتُ لَأَنْظُرَنَّ كَيْفَ صَلَاتُهُ؟ فَكَانَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ ثُلُثَهُ. وَقَالَ: " حَافِظُوا عَلَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ فَإِنَّهُنَّ كَفَّارَاتٌ لِهَذِهِ الْجِرَاحَاتِ مَا لَمْ تُصِبِ الْقِبْلَةَ. فَإِذَا صَلَّى النَّاسُ الْعِشَاءَ كَانُوا عَلَى ثَلَاثَةِ مَنَازِلَ، مِنْهُمْ مَنْ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا عَلَيْهِ وَلَا لَهُ. فَقُلْتُ: مَنْ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ؟ قَالَ: رَجُلٌ صَلَّى الْعِشَاءَ، فَاغْتَنَمَ غَفْلَةَ النَّاسِ وَظُلْمَةَ اللَّيْلِ، فَرَكِبَ رَأْسَهُ فِي الْمَعَاصِي، وَرَجُلٌ اغْتَنَمَ غَفْلَةَ النَّاسِ وَظُلْمَةَ اللَّيْلِ، فَرَكِبَ رَأْسَهُ وَقَامَ يُصَلِّي، فَذَاكَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ نَامَ فَذَاكَ لَا عَلَيْهِ وَلَا لَهُ. وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي لَا أُطِيقُ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ: لَا تَعْصِ اللَّهَ بِالنَّهَارِ وَلَا عَلَيْكَ أَنْ لَا تُصَلِّي بِاللَّيْلِ " وَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عُمَرَ: إِنِي أُحِبُّ التَّهَجُّدَ وَالصَّلَاةَ لِلَّهِ وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا مَعَ الضَّعْفِ. فَقَالَ: ارْقُدْ يَا ابْنَ أَخِي مَا اسْتَطَعْتَ وَاتَّقِ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتَ. وَقَالَ سُفْيَانُ: «شَرُّ حَالَاتِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ نَائِمًا وَخَيْرُ حَالَاتِ الْفَاجِرِ أَنْ يَكُونَ نَائِمًا؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ مُسْتَيْقِظًا فَهُوَ مُتَحَلٍّ بِطَاعَةِ اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَوْمِهِ، وَالْفَاجِرُ إِذَا كَانَ مُسْتَيْقِظًا فَهُوَ مُتَحَلٍّ بِمَعَاصِي اللَّهِ فَنَوْمُهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ يَقَظَتِهِ»

ص: 25

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أَحْلَلْتُ الْحَلَالَ وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ وَأَدَّيْتُ الْمَكْتُوبَاتِ. أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . وَفِي لَفْظٍ قَالَ النُّعْمَانُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتَ إِنْ صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَاتِ وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» وَقَالَ قَتَادَةُ: " {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1] هُوَ الَّذِي يُزَمِّلُ ثِيَابَهُ "

⦗ص: 27⦘

وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: " زَمَّلْتُ هَذَا الْأَمْرَ فَقُمْ بِهِ: وَ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] دَثَّرْتُ هَذِهِ الْأَمْرَ فَقُمْ بِهِ " وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ الْمُزَّمِّلُ وَالْمُدَّثِّرُ بِالتَّشْدِيدِ وَالْإِدْغَامِ وَكَذَلِكَ نَقْرَأُهُمَا وَعَلَيْهِمَا الْأُمَّةُ وَالْمُزَّمِّلُ الْمُلْتَفُّ بِثَوْبِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ مَنْ أَثِقُ بِخَبَرِهِ وَعِلْمِهِ يَذْكُرُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فَرْضًا فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ نَسْخَهُ بِفَرْضٍ غَيْرِهِ، ثُمَّ نَسَخَ الثَّانِي بِالْفَرْضِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. قَالَ: كَأَنَّهُ يَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} [المزمل: 2] ثُمَّ نَسْخَهُ فِي السُّورَةِ مَعَهُ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} [المزمل: 20] إِلَى قَوْلِهِ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} فَنَسَخَ قِيَامَ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِمَا تَيَسَّرَ. قَالَ: وَيُقَالُ نَسَخَ مَا وَصَفَ فِي الْمُزَّمِّلِ بِقَوْلِ اللَّهِ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] زَوَالُهَا إِلَى {غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: 78] الْعَتَمَةُ {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 78] فَأَعْلَمَهُ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ نَافِلَةٌ لَا فَرِيضَةٌ، وَالْفَرَائِضُ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ لَيْلٍ وَنِهَارٍ. قَالَ: فَفَرَائِضُ الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ وَمَا سِوَاهَا تَطَوُّعٌ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو: {نِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} [المزمل: 20] بِالْخَفْضِ وَكَانَ ابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ يَقْرَأُونَهَا نَصَبًا {نِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} [المزمل: 20] غَيْرَ أَنَّ ابْنَ كَثِيرٍ كَانَ يُخَفِّفُ ثُلُثَهُ. وَقَالَ وَقِرَاءَتُنَا الَّتِي نَخْتَارُهَا الْخَفْضُ لِقَوْلِهِ: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20] فَكَيْفَ تَقْدُرُونَ عَلَى أَنْ تَعْرِفُوا نِصْفَهُ مِنْ ثُلُثِهِ وَهُمْ لَا يَحْصُونَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَتَأَوَّلَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ قَوْلَهُ: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20]: لَنْ تَعْرِفُوهُ ذَهَبَ إِلَى الْإِحْصَاءِ فِي الْعَدَدِ. وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْعَرَبِيَّةِ، إِنَّمَا قَوْلُهُ:{لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20]: لَنْ تُطِيقُوهُ. وَقَالَ تَقُولُ الْعَرَبُ مَا أَحْصَى كَذَا، أَيْ مَا أُطِيقُهُ. وَقَالَ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا» ، أَيْ لَنْ تُطِيقُوا أَنْ تَسْتَقِيمُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ يَقُولُ:«سَدِّدُوا وَقَارِبُوا»

⦗ص: 28⦘

عَنْ أَبِي صَالِحٍ لَمَّا نَزَلَتْ: " {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيْ} [المزمل: 20] إِلَى قَوْلِهِ: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20] قَالَ: قَالَ جِبْرِيلُ: أَشُقَّ عَلَيْكُمْ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} [الصافات: 164] "، وَعَنْ قَتَادَةَ:«إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَمِنْ نِصْفِهِ وَأَدْنَى مِنْ ثُلُثِهِ» وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " تَقُومُ أُدْنِيَ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَتَقُومُ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20] " وَعَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20]، لَنْ تُطِيقُوهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ:{قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: 2] أَيْ صَلِّ اللَّيْلَ إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا مِنْهُ تَنَامُ فِيهِ وَهُوَ الثُّلُثُ. ثُمَّ قَالَ: نِصْفَهُ أَيْ قُمْ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ قَلِيلًا أَيِ الثُّلُثَ أَوْ زِدْ عَلَى النِّصْفِ إِلَى الثُّلُثَيْنِ. فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَطَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ وَأَحَدَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْفُسِهِمْ بِالْقِيَامِ عَلَى الْمَقَادِيرِ حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} [المزمل: 20] أَيْ وَتَقُومُ نِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَسَائِرَ أَجْزَائِهِ. {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20] أَيْ لَنْ تُطِيقُوا مَعْرِفَةَ حَقَائِقِ ذَلِكَ، وَالْقِيَامَ فِيهِ عَلَى هَذِهِ الْمَقَادِيرِ فَتَابَ عَلَيْكُمْ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} رَخَّصَ لَهُمْ فِي أَنْ يَقُومُوا مَا أَمْكَنَ وَخَفَّ بِغَيْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَا مِقْدَارٍ. قَالَ: ثُمَّ نَسَخَ هَذِهِ بِالصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ. قَالَ: وَلَوْ قَرَأْنَا: {أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفِهِ وَثُلُثِهِ} [المزمل: 20] بِالْخَفْضِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا قَامَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَفِي هَذِهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا أُمِرَ بِهِ لَأَنَّ اللَّهَ قَالَ لَهُ: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} [المزمل: 2] إِلَى الثُّلُثِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَنْقُصَ مِنَ الثُّلُثِ شَيْئًا. قَالَ: فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْحِكَايَةِ الَّتِي حَكَاهَا وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ عَلَى الْمَقَادِيرِ الَّتِي ذَكَرَهَا، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ فِي آخِرِ السُّورَةِ وَأَوْجَبَ قِرَاءَةَ مَا تَيَسَّرَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ فَرْضًا، ثُمَّ نَسَخَ فَرْضَ قِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.

⦗ص: 29⦘

وَأَمَّا سَائِرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ آخِرَ السُّورَةِ نَسَخَتْ أَوَّلَهَا، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ بِنُزُولِ آخِرِ السُّورَةِ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ} اخْتِيَارٌ لَا إِيجَابُ فَرْضٍ. وَقَالَ: وَهَذَا أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ نَسَخَتْ قِيَامَ اللَّيْلِ، وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ مَفْرُوضَاتٌ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ، فُرِضَتْ عَلَيْهِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} إِنَّمَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَنَفْسُ الْآيَةِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، قَوْلُهُ:{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [المزمل: 20]، وَالْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [المزمل: 20] الزَّكَاةُ إِنَّمَا فُرِضَتْ بِالْمَدِينَةِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُمْ فِي الْجَيْشِ وَقَدْ كَانَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَبَعْثُهُ الْجُيُوشَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بَعْدَ قُدُومِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ قَالَ: وَيُقَالُ لِمَنْ أَوْجَبَ الْقِيَامَ بِاللَّيْلِ فَرْضًا بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ احْتِجَاجًا بِقَوْلِهِ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} ، خَبِّرْنَا عَنْهُ إِذَا لَمْ يُخَفِّفْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ أَنْ يَقْرَأَ بِشَيْءٍ هَلْ تُوجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَكَلَّفَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُخَفِّفْ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ. فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، خَالَفَ ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ. وَإِنْ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَكَلُّفُهُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ، وَيُخَفِّفُ، فَقَدْ أَسْقَطَ فَرْضَهُ، وَلَوْ كَانَ فَرْضًا لَوَجَبَ عَلَيْهِ خَفَّ أَوْ لَمْ يَخِفَّ كَمَا قَالَ:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41] وَقَوْلُهُ: {مَا تَيَسَّرَ} [المزمل: 20] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَدْبٌ وَاخْتِيَارٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ. قَالَ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ فِي إِيجَابِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ بِقَوْلِهِ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} فَأَسْقَطُوا فَرْضَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مُتَأَوِّلِينَ لِهَذِهِ الْآيَاتِ فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَلَا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. ثُمَّ نَاقَضُوا فَقَالُوا: لَابُدَّ أَنْ يَقْرَأَ بِثَلَاثِ آيَاتٍ فَصَاعِدًا أَوْ بِآيَةٍ طَوِيلَةٍ نَحْوَ آيَةِ الدِّينِ أَوْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ. فَإِنْ قَرَأَ بِآيَةٍ قَصِيرَةٍ نَحْوَ قَوْلِهِ {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] وَ {لَمْ يَلِدْ} [الإخلاص: 3]، لَمْ يَجُزْ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ فِي شَيْءٍ. إِنَّمَا نَزَلَتِ الْآيَةُ عَلَى مَا أَعْلَمْتُكَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا أُخِذَتِ

⦗ص: 30⦘

الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا أُخِذَ عَدَدُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَسَائِرُ مَا فِي الصَّلَاةِ عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام. وَلِذِكْرِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ كِتَابٌ غَيْرُ هَذَا سَنَحْكِي اخْتِلَافَ النَّاسِ وَاحْتِجَاجَاتِهِمْ فِيهَا هُنَالِكَ. وَمَا أَدْخَلْنَا عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي إِيجَابِهِمْ قِرَاءَةَ مَا تَيَسَّرَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ دَاخِلٌ عَلَى أَصْحَابِ الرَّأْيِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُمْ: خَبِّرُونَا عَمَّنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يُخَفِّفْ، هَلْ تُوجِبُونَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَكَلَّفَ مِقْدَارَ مَا حَدَّدْتُمْ مِنْ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ. وَإِنْ ثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ. قِيلَ: فَمِنْ أَيْنَ أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ قِرَاءَةَ مَا لَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَيْهِ؟ وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ بِقِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ فِي زَعْمِكُمْ، وَيُلْزِمُكُمْ أَنْ تُجِيزُوا لِلْمُصَلِّي إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ أَنْ يَقُولَ أَلْفًا وَيَرْكَعَ وَيَقُولُ: لَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ أَجَازُوا ذَلِكَ خَالَفُوا السُّنَّةَ وَخَرَجُوا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَوْلُهُ: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيِّنْهُ تَبْيِينًا وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي سَرِيعُ الْقِرَاءَةِ أَقْرَأُ الْبَقَرَةَ فِي مَقَامٍ. فَقَالَ: لَأَنْ أَقْرَأَ الْبَقَرَةَ فَأُرَتِّلُهَا وَأَقْدِرُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ كَمَا تَقُولُ وَقَرَأَ عَلْقَمَةُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ. فَقَالَ: رَتِّلْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي. فَإِنَّهُ زَيْنُ الْقُرْآنِ. قَالَ عَلْقَمَةُ: صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى انْصِرَافِهِ مِنَ الْفَجْرِ فَكَانَ يُرَتِّلُ وَلَا يَرْجِعُ وَيُسْمِعُ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ وَعَنْ قَتَادَةَ: بَلَغَنَا أَنَّ عَامَّةَ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَتِ الْمَدَّ وَعَنْ مُجَاهِدٍ: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4]. قَالَ: تُرْسِلُ فِيهِ تَرْسِيلًا، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: بَعْضُهُ عَلَى إِثْرِ بَعْضٍ وَعَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلِ مِنْهَا

ص: 26

ثنا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ، ثنا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ حُذَيْفَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، رضي الله عنه، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً فَقَرَأَ بِالطُّوَالِ قِرَاءَةً لَيْسَتْ بِالْخَفِيضَةِ وَلَا الرَّفِيعَةِ وَيُحَسِّنُ وَيُرَتِّلُ ثُمَّ رَكَعَ " قَوْلُهُ {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5] قَالَ الْحَسَنُ: «الْعَمَلُ بِهِ ثَقِيلٌ» وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «ثَقِيلًا فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَقَالَ قَتَادَةُ: «تَثْقُلُ وَاللَّهِ فَرَائِضُهُ وَحُدُودُهُ» وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: " لَيْسَ يَعْنِي قِرَأَةً وَلَكِنْ فَرَائِضَهُ وَسُنَنَهُ قَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَرَادَ ثِقَلَ الْوَحْيِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ

ص: 31

ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أُوحِيَ إِلَيْهِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ وَضَعَتْ جِرَانَهَا فَمَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَحَرَّكَ حَتَّى يُسْرَى عَنْهُ " وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ وَأَنَا آخُذُ بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَضْبَاءِ. فَكَادَتْ مِنْ ثِقَلِهَا أَنْ تَنْدَقَّ عَضُدُ النَّاقَةِ

ص: 31

ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: " يَأْتِينِي أَحْيَانًا وَلَهُ صَلْصَلَةٌ كَصَلْصَلَةِ الْجَرَسِ فَيَنفْصَمُّ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ وَذَلِكَ أَشَدُّ عَلَيَّ. وَيَأْتِينِي أَحْيَانًا فِي صُورَةِ الرَّجُلِ أَوْ قَالَ: الْمَلَكِ فَيُخْبِرُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ " وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ غَشِيَهُ عُرِقَ أَوْ بُهِرَ

ص: 31

ذِكْرُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] وَقَالَ: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} [الإنسان: 26]. وَقَالَ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40]. وَقَالَ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 48] وَقَالَ: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15]{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16]. وَقَالَ: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا، إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} وَمَدَحَ قَوْمًا فَقَالَ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 17] وَقَالَ: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 17] وَقَالَ: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يُحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر: 9]. وَقَالَ: {يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113]

ص: 32

وَمَدَحَ {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا، الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهَ سَمِعَ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَذُكِرَ عِنْدَهَا قَوْمٌ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ إِذَا أَدُّوا الْفَرَائِضَ لَا يُبَالُونَ أَنْ يَتَزَيَّدُوا. فَقَالَتْ: لَعَمْرِي لَا يَسْأَلُهُمُ اللَّهُ إِلَّا عَمَّا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يُخْطِئُونَ بِالنَّهَارِ. وَإِنَّمَا أَنْتُمْ مِنْ نَبِيِّكُمْ وَنَبِيُّكُمْ مِنْكُمْ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ إِلَّا أَنْ يَمْرَضَ فَيُصَلِّي وَهَوَ جَالِسٌ، ثُمَّ نَزَعَتْ بِكُلِّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ يُذْكَرُ فِيهَا قِيَامُ اللَّيْلِ وَعَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ: إِنَّمَا التَّهَجُّدُ بَعْدَ نَوْمَةٍ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ غَزِيَّةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَحْسِبُ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى حَتَّى يُصْبِحَ أَنَّهُ قَدْ تَهَجَّدَ. إِنَّمَا التَّهَجُّدُ الصَّلَاةُ بَعْدَ رَقْدَةٍ. ثُمَّ الصَّلَاةُ بَعْدَ رَقْدَةٍ. ثُمَّ الصَّلَاةُ بَعْدَ رَقْدَةٍ. فَتِلْكَ كَانَتْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ {نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] قَالَ: لَيْسَ هِيَ نَافِلَةٌ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ مُجَاهِدٍ {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] قَالَ: النَّافِلَةُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. فَمَا عَمِلَ مِنْ عَمَلٍ سِوَى الْمَكْتُوبَةِ فَهُوَ لَهُ نَافِلَةٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ ذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الذُّنُوبِ فَهِيَ نَوَافِلُ لَهُ وَزِيَادَةٌ، وَالنَّاسُ يَعْمَلُونَ مَا سِوَى الْمَكْتُوبَاتِ لِذُنُوبِهِمْ فِي كَفَّارَتِهَا، فَلَيْسَ لِلنَّاسِ نَوَافِلُ، إِنَّمَا هِيَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً وَعَنِ الْحَسَنِ: لَا تَكُونُ نَافِلَةُ اللَّيْلِ إِلَّا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ قَتَادَةَ: {نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] قَالَ: تَطَوُّعًا وَفَضِيلَةً لَكَ

ص: 33

ثنا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا وَكِيعٌ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ الرَّجُلُ خَرَجَتْ ذُنُوبُهُ مِنْ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَرِجْلَيْهِ، وَإِنْ جَلَسَ جَلَسَ مَغْفُورًا لَهُ

⦗ص: 34⦘

» قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: إِنَّمَا كَانَتِ النَّافِلَةُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَمَّى مَشْيَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلَاتَهُ بَعْدَ وَضُوئِهِ نَافِلَةً

ص: 33

ثنا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنَابِحِيّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ» فَذَكَرَ وَفِيهِ: ثُمَّ كَانَ مَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلَاتُهُ نَافِلَةً "

ص: 34

ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثنا بَشَّارُ بْنُ الْحَكَمِ أَبُو زَيْدٍ الضَّبِّيُّ، ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «طَهُورُ الرَّجُلِ لِصَلَاتِهِ يُكَفِّرُ اللَّهُ بِطَهُورِهِ ذُنُوبَهُ وَتَبْقَى صَلَاتُهُ نَافِلَةً لَهُ» وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، لَكُمْ بِهِنَّ خَمْسُونَ حَسَنَةً، فَمَنْ كَانَ مُقَارِفًا فَثَلَاثُونَ، وَتَبْقَى عِشْرُونَ، فَإِنْ آبَ فَأَرْبَعُونَ وَيَبْقَى لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ ثُمَّ النَّوَافِلُ بَعْدُ، كَمَا يَنَالُ الْمَقَاسِمَ فَإِنَّ الرَّجُلَ يُصِيبُ مِنْ نَفْلِهِ أَفْضَلَ مِنْ سَهْمِهِ قَالَ: فَقَدْ سَمَّى ابْنُ مَسْعُودٍ التَّطَوُّعَ نَوَافِلَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ لَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دُونَ غَيْرِهِ، وَهَذَا الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ؛ أَنَّ كُلَّ تَطَوُّعٍ نَافِلَةٌ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ

ص: 34

وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، فَإِنَّ عَبَّاسَ بْنَ وَلِيدٍ النَّرْسِيَّ أَخْبَرَنَا، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّهُ حَدَّثَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الْوُضُوءَ يُكَفِّرُ مَا قَبْلَهُ، ثُمَّ تَصِيرُ الصَّلَاةُ نَافِلَةً» قِيلَ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْتَ ذَاكَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، غَيْرُ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ وَلَا أَرْبَعَ وَلَا خَمْسٍ

ص: 34

‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [

السجدة: 16]

ص: 35

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ النَّزَّالِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ خَالِيًا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَالَ: «بَخٍ بَخٍ، لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَأَنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، تُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَلْقَى اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، أَوَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَقِيَامُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ» ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16] " وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُدَّتِ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ، وَزِيدَ فِي سَعَتِهَا كَذَا وَكَذَا، وَجُمِعَ الْخَلَائِقُ بِصَعِيدٍ وَاحِدٍ جِنُّهُمْ وَإِنْسُهُمْ وَيُنَادِي مُنَادٍ: سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الْكَرَمِ لِيَقُمِ الْحَمَّادُونَ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَيَقُومُونَ فَيُسَرَّحُونَ إِلَى الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ الثَّانِيَةَ سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الْكَرَمِ: لِيَقُمِ الَّذِينَ كَانَتْ جُنُوبُهُمْ تَتَجَافَى عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا فَيَقُومُونَ وَيُسَرَّحُونَ إِلَى الْجَنَّةِ. ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ الثَّالِثَةَ: سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الْكَرَمِ لِيَقُمِ الَّذِينَ كَانَتْ {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37] فَيَقُومُونَ فَيُسَرَّحُونَ إِلَى الْجَنَّةِ.

⦗ص: 36⦘

فَإِذَا أَخَذَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ خَرَجَ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ لَهُ عَيْنَانِ بَصِيرَتَانِ وَلِسَانٌ فَصِيحٌ فَيَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ؛ بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ فَيَلْقُطُهُمْ مِنَ الصُّفُوفِ لَقْطَ الطَّيْرِ حَبَّ السِّمْسِمِ، فَيَحْشُرُ بِهِمْ فِي جَهَنَّمَ. ثُمَّ يَخْرُجُ الثَّانِيَةَ فَيَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِمَنْ آذَى اللَّهَ فَيَلْقُطُهُمْ مِنَ الصُّفُوفِ لَقْطَ الطَّيْرِ حَبَّ السِّمْسِمِ فَيُحْبَسُ بِهِمْ فِي جَهَنَّمَ. ثُمَّ يَخْرُجُ الثَّالِثَةَ فَيَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِأَصْحَابِ التَّصَاوِيرِ فَيَلْقُطُهُمْ مِنَ الصُّفُوفِ لَقْطَ الطَّيْرِ حَبَّ السِّمْسِمِ، فَيُحْشَرُ بِهِمْ فِي جَهَنَّمَ. فَإِذَا أَخَذَ مِنْ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةً وَمِنْ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةً، نُشِرَتِ الصُّحُفُ وَوُضِعَتِ الْمَوَازِينُ وَدُعِيَ الْخَلَائِقُ لِلْحِسَابِ وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَرَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ بِمَعْنَاهُ

ص: 35

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، ثنا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ لِيَقُمِ الَّذِينَ كَانَتْ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيلٌ، ثُمَّ يُحَاسَبُ سَائِرُ النَّاسِ» وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَنَّهُ لَفِي التَّوْرَاةِ لَقَدْ أَعَدَّ اللَّهُ لِلَّذِينَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَمَا لَا يَعْلَمْهُ مَلَكٌ وَلَا مُرْسَلٌ قَالَ: وَنَحْنُ نَقْرَأُ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]

⦗ص: 37⦘

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ عَرْشُ اللَّهِ عَلَى الْمَاءِ، فَاتَّخَذَ لِنَفْسِهِ جَنَّةً، ثُمَّ اتَّخَذَ أُخْرَى فَأَطْبَقَهَا بِلُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ. ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ لَا يَعْلَمُ الْخَلْقُ مَا فِيهِمَا. ثُمَّ قَرَأَ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] تَأْتِيهِمْ فِيهَا كُلَّ يَوْمٍ تُحْفَةٌ

ص: 36

ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، أَنَّ أَبَا حَازِمٍ، حَدَّثَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، يَقُولُ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسًا وَصَفَ فِيهِ الْجَنَّةَ حَتَّى انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ: «فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] " قَالَ أَبُو صَخْرٍ فَأَخْبَرْتُهَا مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ فَقَالَ: أَبُو حَازِمٍ حَدَّثَكَ بِهَذَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ: إِنْ ثَمَّ لَكَيِّسًا كَثِيرًا، أَنَّهُمْ يَا هَذَا أَخْفَوُا اللَّهَ عَمَلًا وَأَخْفَى لَهُمْ ثَوَابًا، فَلَوْ كَانُوا قَدِمُوا عَلَيْهِ قَدْ قَرَّتْ تِلْكَ الْأَعْيُنُ وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] هُوَ قِيَامُهُمْ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ مُجَاهِدٌ: يَقُومُونَ يُصَلُّونَ مِنَ اللَّيْلِ وَعَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: هُمْ قَوْمٌ لَا يَزَالُونَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِمَّا فِي الصَّلَاةِ وَإِمَّا قِيَامًا وَإِمَّا قُعُودًا، وَأَمَّا إِذَا اسْتَيْقَظُوا مِنْ مَنَامِهِمْ هُمْ قَوْمُ لَا يَزَالُونَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ

ص: 37

ذِكْرُ مَنْ قَالَ التَّجَافِي عَنِ الْمَضَاجِعِ هِيَ الصَّلَاةُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] قَالَ: يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ، الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى: كَانَ نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] وَعَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَبِي حَازِمٍ قَالَا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] هِيَ صَلَاةُ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ، صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ

ص: 38

ذِكْرُ مَنْ قَالَ التَّجَافِي عَنِ الْمَضَاجِعِ هِيَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] قَالَتْ: عَنْ صَلَاةِ الْعَتَمَةِ وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: انْتِظَارُ الصَّلَاةِ الَّتِي تُدْعَى الْعَتَمَةَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ قَوْلُهُ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: مَا أَقَلُّ لَيْلَةٍ تَمُرُّ بِهِمْ يَنَامُونَ فِيهَا حَتَّى يُصْبِحُوا لَا يُصَلُّونَ فِيهَا، وَفِي رِوَايَةٍ: قَلِيلًا كَانُوا يَنَامُونَ وَعَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ نَجِيحٍ: مَدُّوا الْعَقِبَ إِلَى آخِرِ اللَّيْلِ، وَكَانَ الِاسْتِغْفَارُ فِي السَّحَرِ. قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: كَانُوا قَلِيلًا مَا يَنَامُونَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانُوا لَا يَنَامُونَ كُلَّ اللَّيْلِ. وَفِي لَفْظٍ: قَلِيلًا مَا يَرْقُدُونَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ لَا يَتَهَجَّدُونَ وَعَنِ الضَّحَّاكِ: كَانَ الْمُتَّقُونَ قَلِيلًا وَكَانُوا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَقُومُونَ وَمِنْهُ مَا يَنَامُونَ.

ص: 38

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ اللَّهُ: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعِيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا} [الذاريات: 16] يَقُولُ: الْمُحْسِنُونَ {كَانُوا قَلِيلًا} [الذاريات: 17] هَذِهِ مَفْصُولَةٌ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ: {مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] الْهُجُوعُ النَّوْمُ {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18]. قَالَ: يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ. يَقُولُ: كَانُوا يَقُومُونَ وَيَنَامُونَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} [المزمل: 20] فَهَذَا نَوْمٌ وَهَذَا قِيَامٌ: {وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} [المزمل: 20] كَذَلِكَ يَقُومُونَ ثُلُثًا وَنِصْفًا وَثُلُثَيْنِ. يَقُولُ: يَنَامُونَ وَيَقُومُونَ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: مَا يَنَامُونَ وَعَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: لَا يَأْتِي عَلَيْهِمْ لَيْلَةٌ إِلَّا قَامُوا فِيهَا. وَفِي لَفْظٍ: إِلَّا صَلَّوْا فِيهَا وَعَنِ الْحَسَنِ: كَابَدُوا قِيَامَ اللَّيْلِ وَعَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قَلَّمَا يَأْتِي عَلَى الْمُؤْمِنِ لَيْلَةٌ لَا يَقُومُ فِيهَا وَعَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]. قَالَ: كَانُوا يَتَيَقَّظُونَ يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَعَنْ مُطَرِّفٍ: كَانَ لَهُمْ قَلِيلٌ مِنَ اللَّيْلِ لَا يَهْجَعُونَهُ، كَانُوا يُصَلُّونَ وَعَنِ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ: كَانُوا يُصَلُّونَ كَثِيرًا مِنَ اللَّيْلِ وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: كَانُوا لَا يَنَامُونَ عَنِ الْعِشَاءِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: كَانُوا لَا يَنَامُونَ حَتَّى يُصَلُّوا الْعَتَمَةَ وَعَنْ عَطَاءٍ: كَانَ ذَلِكَ إِذْ أُمِرُوا بِقِيَامِ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَطَاءٍ: إِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَرِيضَةً قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ الصَّلَاةَ. فَلَمَّا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ نَسَخَتْهَا {قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَوْلُهُ: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَاشِئَةُ اللَّيْلِ قِيَامُ اللَّيْلِ وَفِي رِوَايَةٍ {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل: 6] قَالَ: هُوَ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ نَشَأَ قَامَ. وَمِثْلُهُ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: اللَّيْلُ كُلُّهُ نَاشِئَةٌ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَا: إِذَا أَنْشَأْتَ اللَّيْلَ فَإِنَّمَا هُوَ نَاشِئَةُ اللَّيْلِ، كُلُّهُ نَاشِئَةٌ وَعَنْ مُجَاهِدٍ:{نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل: 6] قَالَ: أَيْ سَاعَةٌ تَهَجَّدَ فِيهَا مُتَهَجِّدٌ مِنَ اللَّيْلِ وَعَنِ الضَّحَّاكِ: {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل: 6] يَعْنِي اللَّيْلَ كُلَّهُ

ص: 39

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ: قِيَامُ اللَّيْلِ وَعَنِ الْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ: نَاشِئَةَ اللَّيْلِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَعَنْ أَبِي مِجْلَزٍ مِثْلُهُ وَعَنْ ثَابِتٍ: كَانَ أَنَسٌ يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللَّهِ {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل: 6]؟ هَذِهِ نَاشِئَةُ اللَّيْلِ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: نَاشِئَةَ اللَّيْلِ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَعَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَبِي حَازِمٍ: نَاشِئَةَ اللَّيْلِ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ قَوْلُهُ {هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} . عَنِ الْأَعْمَشِ، قَرَأَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:{وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6]، «وَأَصْوَبُ قِيلًا»: فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، إِنَّمَا هِيَ أَقُومُ قِيلًا. قَالَ: أَلَيْسَ أَقُومُ وَأَصْوَبُ وَأَهْيَأُ وَاحِدٌ وَعَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: {أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} . قَالَ: اثْبُتْ فِي الْقِرَاءَةِ وَأَقْوَى عَلَى الْقِرَاءَةِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ: {أَشَدُّ وَطْئًا} . قَالَ: مُوَاطَأَةً لِلْقَوْلِ وَأَفْرَغَ لِلْقَلْبِ وَعَنِ الضَّحَّاكِ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ أَثْبَتُ مِنْهُ بِالنَّهَارِ وَأَشَدُّ مُوَاطَأَةً بِاللَّيْلِ مِنْهُ بِالنَّهَارِ وَعَنْ قَتَادَةَ: {هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا} يَقُولُ: أَثْبَتُ فِي الْخَيْرِ، {وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6] يَقُولُ: وَأَحْفَظُ لِلْخَيْرِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْقُرْآنَ وَحْشٌ فَاسْتَخْلُوا بِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْعَرَبِيَّةِ أَنْ تَكُونَ النَّاشِئَةُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3]. وَقَالَ: بَلْ هِيَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِ: {أَوْ مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} ، وَمِنْ قَوْلِهِ {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} [الواقعة: 35] أَيِ ابْتَدَأْنَاهُنَّ. وَيُقَالُ: نَشَأَتْ تَنْشَأُ نَشْئًا أَيِ ابْتِدَأَتْ وَأَقْبَلَتْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَأَنْشَأَهَا اللَّهُ فَنَشَأَتْ وَأَنْشَأَتْ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ النَّاشِئَةَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى} [الواقعة: 62] يُرِيدُ: ابْتِدَاءَ خَلْقِهِمْ

ص: 40

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا شَرِيكٌ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَأَى نَاشِئًا فِي السَّمَاءِ اسْتَقْبَلَهُ حَيْثُ كَانَ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ

⦗ص: 41⦘

وَفِي رِوَايَةٍ: إِذَا رَأَى نَاشِئًا مِنْ أُفُقِ السَّمَاءِ تَرَكَ عَمَلَهُ وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ وَأَقْبَلَ يَدْعُو قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: {هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا} فَإِنَّ الْقُرَّاءَ اخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَةِ هَذَا الْحَرْفِ. فَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ {وَطْئًا} بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الطَّاءِ مَقْصُورَةٌ. وَكَانَ ابْنُ عَامِرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَأَبُو عَمْرٍو يَقْرَؤُهَا (وِطَاءً) مَكْسُورَةَ الْوَاوِ وَمَمْدُودَةَ الطَّاءِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ التَّفْسِيرَ يُصَدِّقُهَا. فَإِنَّمَا هِيَ مُوَاطَأَةُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ إِيَّاهُ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدٍ مَنْ قَرَأَهَا {وَطْئًا} أَرَادَ شِدَّةَ الْوَطْءِ أَيْ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ أَشَدُّ وَأَثْقَلُ عَلَى الْمُصَلِّي مِنَ الصَّلَاةِ فِي سَاعَاتِ النَّهَارِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمِ اشْتَدَّتْ عَلَى الْقَوْمِ وَطْأَةُ سُلْطَانِهِمْ إِذَا ثَقُلَ عَلَيْهِمْ مَا يُلْزِمُهُمْ وَيَأْخُذُهُمْ بِهِ. فَأَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الثَّوَابَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ عَلَى قَدْرِ شِدَّةِ الْوَطْأَةِ وَثِقَلِهَا. وَمَنْ قَرَأَ (وِطَاءً) فَهُوَ مَصْدَرٌ لِوَاطَأْتُ فُلَانًا عَلَى كَذَا وَكَذَا مُوَاطَأَةً وَوِطَاءً {وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6] أَيْ أَخْلُصُ لِلْقَوْلِ لِأَنَّ اللَّيْلَ تَهْدَأُ عَنْهُ الْأَصْوَاتُ وَيَنْقَطِعُ فِيهِ الْحَرَكَاتِ فَيُخْلَصُ الْقَوْلُ وَلَا يَكُونُ دُونَ تَسْمَعُهُ وَتَفْهَمُهُ حَائِلٌ قَوْلُهُ: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل: 7]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: النَّوْمُ وَالْفَرَاغُ وَقَالَ الضَّحَّاكُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَتَادَةُ: فَرَاغًا طَوِيلًا وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8] قَالَ: أَخْلِصْ لَهُ الْمَسْأَلَةَ وَالدُّعَاءَ وَقَالَ مَرَّةً: أَخْلِصْ إِلَيْهِ إِخْلَاصًا، وَعَنِ الضَّحَّاكِ مِثْلُهُ. وَعَنْ قَتَادَةَ: أَخْلِصْ لَهُ الدَّعْوَةَ وَالْعِبَادَةَ قَوْلُهُ: وَ {آنَاءَ اللَّيْلِ} [آل عمران: 113] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آنَاءَ اللَّيْلِ: جَوْفُ اللَّيْلِ وَقَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ} [الزمر: 9] قَالَ: سَاعَاتُ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا. قَالَ: يُرِيحُ رَأْسَهُ بِقَدَمِهِ وَقَدَمَيْهِ بِرَأْسِهِ وَفِي رِوَايَةٍ: {آنَاءَ اللَّيْلِ} [آل عمران: 113]. قَالَ: مِنْ أَوَّلِهِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، عَنْ قَتَادَةَ:{أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113]. يَقُولُ: قَائِمَةٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَفَرَائِضِهِ وَحُدُودِهِ

⦗ص: 42⦘

يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: 113] قَالَ: لَا يَسْتَوِي أَهْلُ الْكِتَابِ وَأَمَةُ مُحَمَّدٍ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ. قَالَ: صَلَاةُ الْعَتَمَةِ، هُمْ يُصَلُّونَهَا، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يُصَلِّيهَا وَقَالَ مُجَاهِدٌ:{أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: 113]. قَالَ: أُمَّةٌ عَادِلَةٌ وَعَنْ مَنْصُورٍ {يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ} [آل عمران: 113] قَالَ: سَمِعْنَا مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

ص: 40

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ " وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيَزِيدِ بْنِ الْأَخْنَسِ، وَلَفْظُهُ:«لَا تَنَافُسَ بَيْنَكُمْ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ» ، فَذَكَرَ مِثْلَ مَعْنَاهُ، وَفِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَوْلُهُ:{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64] قَالَ الْحَسَنُ: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63]. قَالَ: بِالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63] يَقُولُ: حُلَمَاءُ لَا يَجْهَلُونُ وَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ حَلُمُوا، ذَلَّتْ وَاللَّهِ الْأَبْدَانُ وَالْأَبْصَارُ حَتَّى حَسِبَهُمُ الْجَاهِلُ مَرْضَى، وَاللَّهِ مَا بِالْقَوْمِ مَرَضٌ، وَأَنَّهُمْ لَأَصِحَّاءُ الْقُلُوبِ وَلَكِنْ دَخَلَهُمْ مِنَ الْخَوْفِ مَا لَمْ يَدْخُلْ غَيْرَهُمْ، وَمَنَعَ مِنْهُمُ الدُّنْيَا عِلْمُهُمْ بِالْآخِرَةِ. هَذِهِ أَخْلَاقُهُمُ الَّتِي انْتَشَرُوا بِهَا فِي النَّاسِ وَهُمُ الَّذِينَ يَبِتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا. أَسْهَرُوا وَاللَّهِ الْأَعْيُنَ وَهَضَمُوا فِي الْآخِرَةِ كُلَّ شَيْءٍ، وَاللَّهِ مَا تَعَاظَمَ فِي أَنْفُسِهِمْ شَيْءٌ طَلَبُوا بِهِ الْجَنَّةَ، وَقَالُوا حِينَ دَخَلُوا الْجَنَّةَ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 34]، ثُمَّ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَدْ كَابَدُوا فِي الدُّنْيَا أَحْزَانًا شَدِيدَةً وَخَوْفًا شَدِيدًا، وَاللَّهِ مَا أَحْزَنَهُمْ مِنْ أَحْزَانِ النَّاسِ شَيْءٌ، أَبْكَاهُمُ الْخَوْفُ مِنَ النَّارِ، وَأَنَّ اللَّهَ لَنْ يَجْمَعَ عَلَى الْمُؤْمِنِ خَوْفَ الدُّنْيَا وَخَوْفَ الْآخِرَةِ، فَعَجِّلُوا الْخَوْفَ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ.

⦗ص: 43⦘

وَكَانَ يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ عِفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَكُنْ عَابِدًا، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ غَنِيًّا، وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ مِنَ النَّاسِ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَصَاحِبِ النَّاسَ بِالَّذِي تُحِبُّ أَنْ يُصَاحِبُوكَ بِهِ تَكُنْ عَدْلًا. وَإِيَّاكَ وَالضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ. إِنَّهُ قَدْ كَانَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ أَقْوَامٌ يَجْمَعُونَ كَثِيرًا وَيَبْنُونَ شَدِيدًا وَيَأْمَلُونَ بَعِيدًا، فَأَيْنَ هُمْ؟ أَصْبَحَ جَمْعُهُمْ بُورًا، وَأَصْبَحَ أَمَلُهُمْ غُرُورًا، وَأَصْبَحَتْ مَسَاكِنُهُمْ قُبُورًا. يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مُرْتَهَنٌ بِعِلْمِكَ وَآتٍ عَلَى أَجَلِكَ وَمَعْرُوضٌ عَلَى رَبِّكَ، فَخُذْ مِمَّا فِي يَدَيْكَ لِمَا بَيْنَ يَدَيْكَ عِنْدَ الْمَوْتِ يَأْتِيكَ الْخَيْرُ. يَا ابْنَ آدَمَ، طَإِ الْأَرْضَ بِقَدَمَيْكَ فَإِنَّهَا عَنْ قَلِيلٍ قَبْرُكَ. يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ فِي هَدْمِ عُمْرِكَ مُنْذُ سَقَطْتَ مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ. يَا ابْنَ آدَمَ، خَالِطِ النَّاسَ وَزَائِلْهُمْ خَالِطْهُمْ بِبَدَنِكَ وَزَائِلْهُمْ بِقَلْبِكَ وَعِلْمِكَ. يَا ابْنَ آدَمَ، تُحِبُّ أَنْ تُذْكَرَ بِحَسَنَاتِكَ وَتَكْرَهُ أَنْ تُذْكَرَ بِسَيِّئَاتِكَ وَتُبْغِضُ عَلَى الظَّنِّ وَتَغْتَمُّ عَلَى الْيَقِينِ. وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا جَاءَتْهُمْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ مِنَ اللَّهِ صَدَّقُوا بِهَا وَأَفْضَى يَقِينُهَا إِلَى قُلُوبِهِمْ خَشَعَتْ لِلَّهِ قُلُوبُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ، كُنْتُ وَاللَّهِ إِذَا رَأَيْتُهُمْ رَأَيْتُ قَوْمًا كَأَنَّهُمْ رَأْيُ عَيْنٍ. وَاللَّهِ مَا كَانُوا بِأَهْلِ جَدَلٍ وَلَا بَاطِلٍ وَلَكِنَّهُمْ جَاءَهُمْ أَمْرٌ عَنِ اللَّهِ فَصَدِّقُوا بِهِ فَنَعَتَهُمُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ أَحْسَنَ نَعْتٍ قَالَ:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63]. قَالَ الْحَسَنُ: وَالْهَوْنُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ اللِّينُ وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63] قَالَ: حُلَمَاءُ لَا يَجْهَلُونُ وَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ حَلُمُوا يُصَاحِبُونَ عِبَادَ اللَّهِ نَهَارَهُمْ بِمَا يَسْمَعُونَ. قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ لَيْلَهُمْ خَيْرَ لَيْلٍ فَقَالَ: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64] يَنْتَصِبُونَ لِلَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَيَفْتَرِشُونَ وُجُوهَهُمْ سُجَّدًا لِرَبِّهِمْ تَجْرِي دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ فَرَقًا مِنْ رَبِّهِمْ. قَالَ الْحَسَنُ لِأَمْرٍ مَا سَهِرُوا لَيْلَهُمْ وَلِأَمْرٍ مَا خَشَعُوا نَهَارَهُمْ. قَالَ: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: 65] قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ يُصِيبُ ابْنَ آدَمَ ثُمَّ يَزُولُ عَنْهُ فَلَيْسَ بِغَرَامٍ إِنَّمَا الْغَرَامُ اللَّازِمُ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ. قَالَ: صَدَقَ الْقَوْمُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَعَمِلُوا وَأَنْتُمْ تَتَمَنَّوْنَ فَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْأَمَانِيَّ رَحِمَكُمُ اللَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُعْطِ عَبْدًا بِأُمْنِيَّتِهَ خَيْرًا فِي دُنْيَا وَلَا آخِرَةٍ.

⦗ص: 44⦘

وَكَانَ يَقُولُ: يَا لَهَا مِنْ مَوْعِظَةٍ لَوْ وَافَقَتْ مِنَ الْقُلُوبِ حَيَاةً. قَالَ: لَقَدْ صَحِبْتُ أَقْوَامًا يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ فِي سَوَادِ هَذَا اللَّيْلِ سُجَّدًا وَقِيَامًا يَقُومُونَ هَذَا اللَّيْلَ عَلَى أَطْرَافِهِمْ تَسِيلُ دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ، فَمَرَّةً رُكَّعًا وَمَرَّةً سُجَّدًا يُنَاجُونَ رَبَّهُمْ فِي فِكَاكِ رِقَابِهِمْ، لَمْ يَمِلُّوا طُولَ السَّهَرِ لِمَا خَالَطَ قُلُوبَهُمْ مِنْ حُسْنِ الرَّجَاءِ فِي يَوْمِ الْمَرْجِعِ، فَأَصْبَحَ الْقَوْمُ بِمَا أَصَابُوا مِنَ النَّصَبِ لِلَّهِ فِي أَبْدَانِهِمْ فَرِحِينَ، وَبِمَا يَأْمَلُونَ مِنْ حُسْنِ ثَوَابِهِ مُسْتَبْشِرِينَ، فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً نَافَسَهُمْ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ وَلَمْ يَرْضَ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ بِالتَّقْصِيرِ فِي أَمْرِهِ وَالْيَسِيرِ مِنْ فِعْلِهِ فَإِنَّ الدُّنْيَا عَنْ أَهْلِهَا مُنْقَطِعَةٌ وَالْأَعْمَالَ عَلَى أَهْلِهَا مَرْدُودَةٌ. ثُمَّ يَبْكِي حَتَّى تَبْتَلَّ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوعِ وَعَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا يَوْمًا فَعَرَضَتْ لَهُ هَذِهِ الْآيَةُ:{لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 10]. فَانْتَبَهَ فَقَالَ: عَلَيَّ بِالْمُصْحَفِ، لِأَلْتَمِسَ ذِكْرِي الْيَوْمَ حَتَّى أَعْلَمَ مَعَ مَنْ أَنَا وَمَنْ أُشْبِهُ، فَنَشَرَ الْمُصْحَفَ فَمَرَّ بِقَوْمٍ {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 18]، وَمَرَّ بِقَوْمٍ:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16]. وَمَرَّ بِقَوْمٍ: {يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64]. وَمَرَّ بِقَوْمٍ: {يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]. وَمَرَّ بِقَوْمٍ: {يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9].

⦗ص: 45⦘

وَمَرَّ بِقَوْمٍ: {يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: 37]، {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الشورى: 38]. قَالَ: فَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ لَسْتُ أَعْرِفُ نَفْسِي هَهُنَا ثُمَّ أَخَذَ فِي السَّبِيلِ الْآخَرِ. فَمَرَّ بِقَوْمٍ: {إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتَنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: 35]. وَمَرَّ بِقَوْمٍ: {إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر: 45] وَمَرَّ بِقَوْمٍ يُقَالُ لَهُمْ {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرٍ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر: 42]. قَالَ فَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ هَؤُلَاءِ. قَالَ: فَمَا زَالَ يُقَلِّبُ الْوَرَقَ وَيَلْتَمِسُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 102] فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ: لَمَّا رَأَى الْعَابِدُونَ اللَّيْلَ قَدْ هَجَمَ عَلَيْهِمْ وَنَظَرُوا إِلَى أَهْلِ الْغَفْلَةِ قَدْ سَكَنُوا إِلَى فُرُشِهِمْ وَرَجَعُوا إِلَى مَلَاذِهِمْ مِنَ النَّوْمِ، قَامُوا إِلَى اللَّهِ فَرِحِينَ مُسْتَبْشِرِينَ بِمَا قَدْ وَهَبَ لَهُمْ مِنْ حُسْنِ عَادَةِ السَّهَرِ وَطُولِ التَّهَجُّدِ، فَاسْتَقْبَلُوا اللَّيْلَ بِأَبْدَانِهِمْ وَبَاشَرُوا الْأَرْضَ بِصِفَاحِ وُجُوهِهِمْ فَانْتَقَى عَنْهُمُ اللَّيْلُ وَمَا انْقَضَتْ لَذَّتُهُمْ مِنَ التِّلَاوَةِ وَلَا مَلَّتْ أَبْدَانُهُمْ مِنْ طُولِ الْعِبَادَةِ، فَأَصْبَحَ الْفَرِيقَانِ وَلَّى عَنْهُمُ اللَّيْلُ بِرِبْحٍ وَغَبْنٍ، أَصْبَحَ هَؤُلَاءِ قَدْ مَلُّوا النَّوْمَ وَالرَّاحَةَ وَأَصْبَحَ هَؤُلَاءِ مُتَطَلِّعِينَ إِلَى مَجِيءِ اللَّيْلِ لِلْعَادَةِ، شَتَّانَ مَا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. فَاعْمَلُوا أَنْفُسَكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ فِي هَذَا اللَّيْلِ وَسَوَادِهِ فَإِنَّ الْمَغْبُونَ مَنْ غُبِنَ خَيْرَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَالْمَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهُمَا، إِنَّمَا جُعِلَا سَبِيلًا لِلْمُؤْمِنِينَ إِلَى طَاعَةِ رَبِّهِمْ وَوَبَالًا عَلَى الْآخَرِينَ لِلْغَفْلَةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، فَأَحْيُوا أَنْفُسَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ. فَإِنَّمَا تَحْيَى الْقُلُوبُ بِذِكْرِ اللَّهِ. كَمْ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ فِي هَذَا اللَّيْلِ قَدِ اغْتَبَطَ بِقِيَامِهِ فِي ظُلْمَةِ حُفْرَتِهِ. وَكَمْ مِنْ نَائِمٍ فِي هَذَا اللَّيْلِ قَدْ نَدِمَ عَلَى طُولِ نَوْمِهِ عِنْدَمَا يَرَى مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ لِلْعَابِدِينَ غَدًا فَاغْتَنِمُوا مَمَرَّ السَّاعَاتِ وَاللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ رَحِمَكُمُ اللَّهُ

ص: 42

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، ثنا حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" الْقُرْآنُ وَالصِّيَامُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ، يَقُولُ الْقُرْآنُ: رَبِّ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الصِّيَامُ: رَبِّ إِنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، فَيُشَفَّعَانِ " وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله قَالَ: قُرَّاءُ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ اتَّخَذُوهُ بِضَاعَةً. وَصِنْفٌ أَقَامُوا حُرُوفَهُ، وَضَيَّعُوا حُدُودَهُ، وَاسْتَطَالُوا بِهِ عَلَى أَهْلِ بِلَادِهِمْ، وَاسْتَدَرُّوا بِهِ الْوُلَاةَ، وَقَدْ كَثُرَ هَذَا الضَّرْبُ مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ لَا كَثَّرَهُمُ اللَّهُ. وَصِنْفٌ عَمَدُوا إِلَى دَوَاءِ الْقُرْآنِ فَوَضَعُوهُ عَلَى دَاءِ قُلُوبِهِمْ فَاسْتَشْعَرُوا الْخَوْفَ وَرَكَدُوا فِي مَحَارِسِهِمْ وَخَبُّوا فِي بَرَانِسِهِمْ فَأُولَئِكَ اللَّهُ يَنْصُرُ بِهِمْ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَيَسْقِي بِهِمُ الْغَيْثَ فَوَاللَّهِ لَهَذَا مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ أَقَلُّ مِنَ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ. قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ أَقْوَامًا وَصَحِبْتُ طَوَائِفَ مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْرَحُونَ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا أَقْبَلَ وَلَا يَأْسَفُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا أَدْبَرَ. وَلَهِيَ أَهْوَنُ فِي أَعْيُنِهِمْ مِنْ هَذَا التُّرَابِ. كَانَ أَحَدُهُمْ يَعِيشُ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ سَنَةً لَمْ يُطْوَ لَهُ ثَوْبٌ، وَلَمْ يُنْصَبَ لَهُ قِدْرٌ وَلَا جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ شَيْئًا

⦗ص: 47⦘

قَطُّ، وَلَا أَمَرَ فِي بَيْتِهِ بِصَنْعَةِ طَعَامٍ قَطُّ. فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَقِيَامٌ عَلَى أَطْرَافِهِمْ يَفْتَرِشُونَ وُجُوهَهُمْ تَجْرِي دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ يُنَاجُونَ رَبَّهُمْ فِي فِكَاكِ رِقَابِهِمْ، كَانُوا إِذَا عَمِلُوا الْحَسَنَةَ ذَابُوا فِي شُكْرِهَا وَسَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يَقْبَلَهَا، وَإِذَا عَمِلُوا السَّيِّئَةَ أَحْزَنَتْهُمْ وَسَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَهَا. فَمَا زَالُوا كَذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ مَا سَلِمُوا مِنَ الذُّنُوبِ وَلَا نَجَوْا إِلَّا بِالْمَغْفِرَةِ. وَإِنَّكُمْ أَصْبَحْتُمْ فِي أَجَلٍ مَنْقُوصٍ وَعَمَلٍ مَحْفُوظٍ، وَالْمَوْتُ وَاللَّهِ فِي رِقَابِكُمْ وَالنَّارُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَتَوَقَّعُوا قَضَاءَ اللَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِلَالٍ الثَّقَفِيُّ رحمه الله: لَا تَشْهَدُ عَلَيَّ شَمْسٌ بِأَكْلٍ أَبَدًا، وَلَا يَشْهَدُ عَلَيَّ لَيْلٌ بِنَوْمٍ أَبَدًا، فَأَقْسَمَ عَلَيْهِ عُمَرُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ أَنْ يُفْطِرَهُمَا، وَكَانَ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ إِذَا دَخَلَ فِرَاشَهُ كَانَ فِي فِرَاشِهِ بِمَنْزِلَةِ الْقَمْحَةِ فِي الْمِقْلَاةِ عَلَى النَّارِ وَكَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ النَّارَ مَنَعَتْ مِنِّي النَّوْمَ، فَيَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ فَيُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ، وَقَفَلَ أَبُو رَيْحَانَةَ مِنْ غَزْوٍ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى أَهْلِهِ تَعَشَّى، ثُمَّ قَامَ إِلَى مَسْجِدِهِ، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا يُصَلِّي حَتَّى أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ. فَلَمَّا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ شَدَّ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ لِيَغْدُو إِلَى الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ فَقَالَتْ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، قَدْ مَكَثْتَ فِي غَزْوَتِكَ مَا مَكَثْتَ ثُمَّ انْصَرَفْتَ، أَمَا كَانَ لَنَا مِنْكَ حَظٌّ أَوْ نَصِيبٌ إِذْ قَدِمْتَ؟ فَقَالَ لَهَا: بَلَى، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ لَكِ حَظٌّ، وَلَوْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَانْصَرَفْتُ إِلَيْكِ وَلَكِنْ لَمْ تَخْطُرِي لِي عَلَى بَالٍ. فَقَالَتْ: مَا الَّذِي شَغَلَكَ عَنِّي؟ قَالَ: لَمْ يَزَلْ قَلْبِي فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ فِي جَنَّتِهِ مِنْ نَعِيمِهَا وَأَرْوَاحِهَا وَكَرَامَاتِهَا فَلَوْ خَطَرْتِ لِي عَلَى بَالٍ لَانْصَرَفْتُ إِلَيْكِ وَلَوْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَفَعَلْتُ، وَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِهْرَاسٌ فِيهِ مَاءٌ فَيُصَلِّي مَا قُدِّرَ لَهُ ثُمَّ يَصِيرُ إِلَى الْفِرَاشِ فَيَغْفَى إِغْفَاءَ الطَّيْرِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَوَضَّأُ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَيَغْفَى إِغْفَاءَ الطَّيْرِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْجِعُ ثُمَّ يَثِبُ فَيَتَوَضَّأُ فَيُصَلِّي. يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي اللَّيْلَةِ أَرْبَعَ مِرَارًا أَوْ خَمْسًا، وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا،

⦗ص: 48⦘

وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لَا يَنَامُ بِاللَّيْلِ، وَكَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ، وَكَانَ يُحْيِي الدَّهْرَ أَجْمَعَ فَكَانَ يُحْيِي لَيْلَةً قَائِمًا حَتَّى يُصْبِحَ، وَلَيْلَةً يُحْيِيهَا رَاكِعًا حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلَيْلَةً يُحْيِيهَا سَاجِدًا حَتَّى الصَّبَاحِ

ص: 46

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ، عَنْ زِيَادٍ الْجَصَّاصِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه اعْتَمَرَ أَيَّامَ ابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه، فَقَالَ: لَا تَأْخُذُوا بِي عَلَيْهِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُرَاهُ مَصْلُوبًا. فَقَالَ لَنَا سَالِمٌ: خُذُوا بِنَا عَلَيْهِ حَتَّى نَنْظُرَ مَا يَقُولُ، فَلَمَّا هَجَمْنَا عَلَيْهِ قَالَ: أَلَمْ أَنْهَكُمْ عَنْ هَذَا؟ ثُمَّ دَنَا مِنْهُ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا كُنْتَ صَوَّامًا قَوَّامًا بَرًّا بِوَالِدَيْكَ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَفْلَحَتْ أُمَّةٌ تَكُونُ أَنْتَ شَرَّهَا. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: إِنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُعَجِّلُ لِلْمُؤْمِنِ عُقُوبَةَ دِينِهِ فِي الدُّنْيَا» وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يُعَذِّبَكَ اللَّهُ يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ بَعْدَهَا أَبَدًا «. قَالَهَا مَرَّتَيْنِ» وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: مَا رَأَيْتُ مُصَلِّيًا أَحْسَنَ صَلَاةً مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: قَالَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي نَزَلَ عَلَيْهَا عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ: مَا لِلنَّاسِ يَنَامُونَ وَلَا تَنَامُ؟ قَالَ: إِنَّ جَهَنَّمَ لَا تَدَعُنِي أَنْ أَنَامَ. وَكَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَقُولُ: أَبَتْ عَيْنَايَ أَنْ تَذُوقَ طَعْمَ النَّوْمِ مَعَ ذِكْرِ النَّارِ، وَقَالَتْ بِنْتُ الرَّبِيعِ لِأَبِيهَا: يَا أَبَتَاهُ مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَنَامُونَ وَلَا أَرَاكَ تَنَامُ؟ قَالَ: يَا بُنَيَّتَاهُ إِنَّ أَبَاكِ يَخَافُ الْبَيَاتَ وَقَالَتْ أُمُّ عُمَرَ بْنِ الْمُنْكَدِرِ لِعُمَرَ: إِنِّي لَأَشْتَهِي أَنْ أَرَاكَ نَائِمًا. فَقَالَ: يَا أُمِّي وَاللَّهِ إِنَّ اللَّيْلَ لِيَرُدَّ عَلَيَّ فَيُهَوِّلُنِي فَيَنْقَضِي عَنِّي وَمَا قَضَيْتُ مِنْهُ إِرَبِي

ص: 48

وَكَانَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ تُسْرِجُ سِرَاجَهَا مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ تَقُومُ فِي مُصَلَّاهَا فَرُبَّمَا طُفِيَ السِّرَاجُ فَيُضِيءُ لَهَا الْبَيْتَ حَتَّى تُصْبِحَ. وَمَكَثَتْ فِي مُصَلَّاهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً لَا تَخْرُجُ إِلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ قَائِلَةٍ وَكَانَتْ تَدْخُلُ مَسْجِدَهَا فَتُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحُ وَلَا تَزَالُ فِيهِ حَتَّى يَرْتَفِعَ النَّهَارُ فَتَرْكَعُ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَيَكُونُ عِنْدَ ذَلِكَ وُضُوءُهَا وَنَوْمُهَا حَتَّى إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ عَادَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا إِلَى مِثْلِهَا. وَكَانَتْ تَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، خُذُوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَأَنْتُمْ شَبَابٌ، فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ الْعَمَلَ إِلَّا فِي الشَّبَابِ. وَقَرَأَتِ الْقُرْآنَ وَهِيَ بِنْتُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَمَاتَتْ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا أُشْكِلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ: اذْهَبُوا فَسَلُو حَفْصَةَ كَيْفَ تَقْرَأُهُ وَكَانَ الْهُذَيْلُ ابْنُهَا يَجْمَعُ الْحَطَبَ فِي الصَّيْفِ فَيُكْسِرُهُ وَيَأْخُذُ الْقَصَبَ فَيَفْلِقُهُ فَإِذَا وَجَدَتْ حَفْصَةُ أُمُّهُ بَرْدًا فِي الشِّتَاءِ جَاءَ بِالْكَانُونِ فَوَضَعَهُ خَلْفَهَا وَهِيَ فِي مُصَلَّاهَا ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَقِدُ بِذَلِكَ الْحَطَبَ وَالْقَصَبَ وَقُودًا لَا يُؤْذِيهَا دُخَانُهُ وَيُدْفِئُهَا. فَمَكَثَ كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ. قَالَتْ حَفْصَةُ وَعِنْدَهُ مَنْ يَكْفِيهِ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ، قَالَتْ: فَرُبَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَرِفَ إِلَيْهِ فَأَقُولُ: يَا بُنَيَّ ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ. ثُمَّ أَذْكُرُ مَا يُرِيدُ فَأَدَعُهُ. قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ رَزَقَنِي اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الصَّبْرِ مَا شَاءَ أَنْ يَرْزُقَ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أَجِدُ عَضَّةً لَا تَذْهَبُ. فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ أَقْرَأُ سُورَةَ النَّحْلِ إِذْ أَتَيْتُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ:{وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ، وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 96] فَأَعَدْتُهَا فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّي مَا أَجِدُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ وَكَانَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلَاةً، فَإِذَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثُهُ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ فِي فَسَاطِيطِنَا، فَنَادَى: قُومُوا فَتَوَضَّئُوا وَصِلُوا صِيَامَ هَذَا النَّهَارِ بِقِيَامِ هَذَا اللَّيْلِ، فَهُوَ أَيْسَرُ مِنْ مُقَطَّعَاتِ الْحَدِيدِ وَشَرَابِ الصَّدِيدِ الْوَحَاءَ الْوَحَاءَ ثُمَّ النَّجَاءَ النَّجَاءَ ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى صَلَاتِهِ. وَكَانَ أَبُو الصَّهْبَاءِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى يَأْتِيَ الْفِرَاشَ حَبْوًا أَوْ زَحْفًا، وَعَنْ ثَابِتٍ كَانَ قَوْمٌ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ قَدْ أَدْرَكْنَا بَعْضَهُمْ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لِيُصَلِّيَ حَتَّى مَا يَسْتَطِيعَ أَنْ يَأْتِيَ فِرَاشَهُ إِلَّا حَبْوًا.

ص: 49

وَكَانَ ابْنُ الرَّبِيعِ الْعَدَوِيُّ يُصَلِّي حَتَّى مَا يَأْتِيَ الْفِرَاشَ إِلَّا زَحْفًا أَوْ حَبْوًا وَمَا كَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنَ أَعْبَدِهِمْ. وَعَنْ بِلَالِ بْنِ سَعْدٍ: رَأَيْتُهُمْ يَشْتَدُّونَ بَيْنَ الْأَغْرَاضِ وَيَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ كَانُوا رُهْبَانًا ، وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ: مِنْ يَدُلُّنِي عَلَى رَجُلٍ بَكَّاءٍ بِاللَّيْلِ بَسَّامٍ بِالنَّهَارِ. وَعَنْ ثَابِتٍ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْعُبَّادِ يَقُولُ: إِذَا أَنَا نِمْتُ فَاسْتَيْقَظْتُ ثُمَّ أَرَدْتُ أَنْ أَعُودَ إِلَى النَّوْمِ، فَلَا أَنَامَ اللَّهُ عَيْنِي إِذًا فَكُنَّا نَرَاهُ يَعْنِي نَفْسَهُ. وَقَالَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ: إِذَا أَنَا نِمْتُ فَاسْتَيْقَظْتُ ثُمَّ عُدْتُ فِي النَّوْمِ فَلَا أَنَامَ اللَّهُ عَيْنِي وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ مَعْبَدَ بْنَ خَالِدٍ نَعَسَ فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْفِنِي مِنَ النَّوْمِ فَمَا رُئِيَ نَاعِسًا فِي صَلَاتِهِ وَكَانَ هَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ يَدْعُو: اللَّهُمَّ اشْفِنِي مِنَ النَّوْمِ وَارْزُقْنِي سَهَرًا فِي طَاعَتِكَ وَقِيلَ لِرَجُلٍ: أَلَا تَنَامُ؟ فَقَالَ: عَجَائِبُ الْقُرْآنِ أَذْهَبْنَ نَوْمِي وَكَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ يَرْكَبُ فَرَسَهُ فِي جُنْحِ اللَّيْلِ وَيَأْتِي الْمَقَابِرَ فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْمَقَابِرِ طُوِيَتِ الصُّحُفُ وَرُفِعَتِ الْأَقْلَامُ لَا تَسْتَعْتِبُونَ مِنْ سَيِّئَةٍ وَلَا تَسْتَزِيدُونَ مِنْ حَسَنَةٍ، ثُمَّ يَبْكِي وَيَنْزِلُ عَنْ فَرَسِهِ فَيَصِفَّ قَدَمَيْهِ وَيُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ رَكِبَ فَرَسَهُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي مَعَ الْقَوْمِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِمَّا كَانَ فِيهِ وَكَانَ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ يَخْرُجُ إِلَى الْجِبَانِ يَتَعَبَّدُ، فَكَانَ يَمُرُّ عَلَى شَبَابٍ يَلْهُونَ وَيَلْعَبُونَ فَيَقُولُ لَهُمْ: أَخْبِرُونِي عَنْ قَوْمٍ أَرَادُوا سَفَرًا فَجَارُوا النَّهَارَ عَنِ الطَّرِيقِ وَنَامُوا اللَّيْلَ مَتَى يَقْطَعُونَ سَفَرًا؟ فَكَانَ كَذَلِكَ يَمُرُّ بِهِمْ فَيَقُولُ لَهُمْ، فَمَرَّ بِهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ لَهُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فَانْتَبَهَ شَبَابٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا قَوْمُ إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا يَعْنِي غَيْرَنَا نَحْنُ بِالنَّهَارِ نَلْهُوا وَبِاللَّيْلِ نَنَامُ، ثُمَّ اتَّبَعَ صِلَةَ فَلَمْ يَزَلْ يَخْتَلِفُ مَعَهُ إِلَى الْجِبَانِ فَيَتَعَبَّدُ مَعَهُ حَتَّى مَاتَ وَعَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ متعَبْدةٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، إِذَا أَمْسَتْ قَالَتْ: يَا نَفْسُ، اللَّيْلَةُ لَيْلَتُكَ لَا لَيْلَةَ لَكِ غَيْرُهَا، فَاجْتَهَدَتْ، وَإِذَا أَصْبَحَتْ قَالَتْ: يَا نَفْسُ، الْيَوْمُ يَوْمُكِ لَا يَوْمَ لَكِ غَيْرُهُ، فَاجْتَهَدَتْ

ص: 50

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِ إِذِ النَّاسُ نَائِمُونَ، وَبِنَهَارِهِ إِذِ النَّاسُ مُفْطِرُونَ، وَبِحُزْنِهِ إِذِ النَّاسُ يَفْرَحُونَ، وَبِخُشُوعِهِ إِذِ النَّاسُ يَخْتَالُونَ، وَبِوَرَعِهِ إِذِ النَّاسُ يَخْلِطُونَ، وَبِصَمْتِهِ إِذِ النَّاسُ يَخُوضُونَ، وَبِبُكَائِهِ إِذِ النَّاسُ يَضْحَكُونَ وَعَنْ جُنْدُبِ بْنِ الرَّبِيعِ: صَحِبتُ مُحَمَّدَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ فِي سَفِينَةٍ فَمَا رَايَتُهُ نَائِمًا فِي لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ وَلَا رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا قَوْلُهُ {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: 7] قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ فَانْصَبْ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَقِيلَ: فَرَاغُكَ بِاللَّيْلِ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ إِذَا فَرَغْتَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَقُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَانْصَبْ إِلَى رَبِّكِ وَارْغَبْ إِلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: 7] قَالَ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَانْصَبْ فِي حَاجَتِكَ إِلَى رَبِّكَ قَوْلُهُ: {فَارْغَبْ} [الشرح: 8] إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَفِي أُخْرَى {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8] اجْعَلْ رَغْبَتَكَ وَنِيَّتَكَ لِرَبِّكَ وَفِي أُخْرَى: إِذَا فَرَغْتَ الصَّلَوَاتَ فَانْصَبْ إِلَى رَبِّكَ فِيهَا وَارْغَبْ إِلَيْهِ وَعَنِ الضَّحَّاكِ: إِذَا فَرَغْتَ مِنَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَسَلَّمْتَ فَانْصَبْ فِي الدُّعَاءِ وَعَنْ قَتَادَةَ: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ صَلَاتِكَ فَانْصَبْ إِلَى رَبِّكَ فِي دُعَائِكَ وَفِي رِوَايَةٍ: أَمَرَهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَنْ يُبَالِغَ فِي دُعَائِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ رحمه الله: أَمَرَهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ غَزْوَةٍ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْعِبَادَةِ قَوْلُهُ: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29] قَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ السُهُومُ إِذَا سَهِرَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ أَصْبَحَ مُصْفَرًّا. وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مِنَ اللَّيْلِ فَإِذَا أَصْبَحُوا رُئِيَ سُهُومُ ذَلِكَ فِي وُجُوهِهِمْ. وَفِي أُخْرَى: قَوْلُهُ {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} [الفتح: 29] يَعْنِي السِّيمَاءَ، هُوَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ، وَلَيْسَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ. ثُمَّ قَالَ اللَّهُ {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [الفتح: 29] قَالَ: هَذَا مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ، يَعْنِي أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ يَكُونُونَ قَلِيلًا ثُمَّ يَزْدَادُنَ وَيَكْثُرُونَ وَيَسْتَغْلِظُونَ وَعَنْ عِكْرِمَةَ: هُوَ السَّهَرُ يُرَى فِي وُجُوهِهِمْ وَعَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ: مَوْضِعُ السُّجُودِ مِنْ وُجُوهِهِمْ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ وُجُوهِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

ص: 51

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيَاضٌ يَغْشَى وُجُوهَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي رِوَايَةٍ: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: 29] السَّمْتُ الْحَسَنُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْخُشُوعُ وَالتَّوَاضُعُ وَفِي رِوَايَةٍ: لَيْسَ بِنَدَبِ التُّرَابِ فِي الْوَجْهِ، وَلَكِنَّهُ التَّخَشُّعُ وَالْوَقَارُ وَعَنْ طَاؤُسٍ رحمه الله: هُوَ الْخُشُوعُ وَالتَّوَاضُعُ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: ثَرَى الْأَرْضِ وَنَدَى الطُّهُورِ وَعَنِ الْحَسَنِ: هُوَ بَيَاضٌ فِي وُجُوهِهِمْ وَعَنْ عِكْرِمَةَ: هُوَ التُّرَابُ الَّذِي فِي جِبَاهِهِمْ وَعَنْ خَالِدٍ الْحَنَفِيِّ رحمه الله قَالَ: يُعْرَفُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ سُجُودِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ قَوْلُهُ: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} [المطففين: 24] وَعَنْ قَتَادَةَ رحمه الله قَالَ: عَلَامَتُهُمُ الصَّلَاةُ فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ، وَذَكَرَ مَثَلًا فِي الْإِنْجِيلِ {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [الفتح: 29] وَعَنِ الزُّهْرِيِّ رحمه الله، وَقَتَادَةِ رحمه الله: أَخْرَجَ شَطْأَهُ قَالَا: نَبَاتَهُ فَآزَرَهُ، قَالَا: فَتَلَاحَقَ {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29] يَقُولُ: لِيَغِيظَ اللَّهُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ الْكُفَّارَ وَعَنْ قَتَادَةَ {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29]. قَالَ: عَلَامَتُهُمُ الصَّلَاةُ {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} [الفتح: 29] أَيْ هَذَا الْمَثَلُ فِي التَّوْرَاةِ {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [الفتح: 29] وَهَذَا نَعْتُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي الْإِنْجِيلِ، قِيلَ أَنَّهُمْ يُنْبَتُونَ نَبَاتَ الزَّرْعِ يَخْرُجُ مِنْهُمْ قَوْمٌ {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71]

ص: 52

‌بَابُ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ بَعْدَهُ فِي التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَفَضِيلَتِهِ

ص: 53

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، وَقِيلَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لَأَنْظُرَ. فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَاذِبٍ. وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ؛ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ»

ص: 53

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ، إِذَا عَمِلْتُ بِهِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَقَالَ:«أَفْشِ السَّلَامَ، وَأَطْعِمِ الطَّعَامَ، وَصَلِّ وَالنَّاسُ نِيَامٌ؛ تَدْخُلِ الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ»

ص: 54

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى بُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا، وَظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا» ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِمَنْ قَالَ طَيِّبَ الْكَلَامِ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، وَلَفْظُهُ:«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَغُرَفًا يَرَى مَنْ فِي ظَاهِرِهَا مَنْ فِي بَاطِنِهَا، وَيَرَى مَنْ فِي بَاطِنِهَا مَنْ فِي ظَاهِرِهَا» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَنْ؟ قَالَ:«لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ، وَأَفْشَى السَّلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَبَاتَ لِلَّهِ قَائِمًا وَالنَّاسُ نِيَامٌ» وَفِيهِ لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه وَلَفْظُهُ: «وَبَاتَ قَانِتًا وَالنَّاسُ نِيَامٌ» وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: الدَّرَجَاتُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، وَالْكَفَّارَاتُ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ، وَنَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ

ص: 54

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ كَدِيرٍ الضَّبِّيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «قُلِ الْعَدْلَ، وَقَدِّمَ الْفَضْلَ» . قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟. قَالَ: «هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «انْظُرْ بَعِيرًا مِنْ إِبِلِكَ، وَسِقَاءً يُسْقَى عَلَيْهِ الْمَاءُ، وَانْظُرْ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ لَا يَجِدُونَ الْمَاءَ إِلَّا غِبًّا، فَلَعَلَّهُ إِنْ لَا يَنْفِقُ بَعِيرُكَ وَلَا يَنْخَرِقُ سِقَاؤُكَ حَتَّى تَجِبَ لَكَ الْجَنَّةُ»

ص: 54

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، ثنا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ بِلَالٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ. وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ وَمَنْهَاةٌ عَنِ الْإِثْمِ وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنِ الْجَسَدِ» وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، وَلَفْظُهُ:«عَلَيْكُمْ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَلَوْ رَكْعَةً وَاحِدَةً» وَفِي رِوَايَةٍ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَرَغَّبَ فِيهَا حَتَّى قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَلَوْ رَكْعَةً وَاحِدَةً»

ص: 55

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا أَنْ نَقُومَ مِنَ اللَّيْلِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَأَنْ نَجْعَلَ آخِرَ ذَلِكَ وِتْرًا "

ص: 55

حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ اللَّجْلَاجِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِشٍ الْحَضْرَمِيُّ،

⦗ص: 56⦘

قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «رَأَيْتُ رَبِّيَ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ» ، فَقَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ؟ قُلْتُ: «أَنْتَ أَعْلَمُ يَا رَبِّ» ، فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَوَجَدَ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ. قَالَ:«فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» . قَالَ: " ثُمَّ تَلَا {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}. ثُمَّ قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ؟ قُلْتُ: فِي الْكَفَّارَاتِ وَالدَّرَجَاتِ. قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قُلْتُ: الْمَشْيُ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ لِانْتِظَارِ الصَّلَوَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ. فَقَالَ اللَّهُ: مَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَعِشْ بِخَيْرٍ وَيَمُتْ بِخَيْرٍ وَيَكُنْ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ". قَالَ: " وَمِنَ الدَّرَجَاتِ إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَطَيِّبُ الْكَلَامِ، وَأَنْ تَقُومَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. قَالَ: قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الطَّيِّبَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينَ، وَأَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ، وَتَغْفِرَ لِي، وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَعَلَّمُوهُنَّ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُنَّ لَحَقٌّ» وَفِي الْبَابِ عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنهم قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رحمه الله: هَذَا حَدِيثٌ قَدِ اضْطَرَبَتِ الرُّوَاةُ فِي إِسْنَادِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَيْسَ يَثْبُتُ إِسْنَادُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ:{مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [ص: 69]. قَالَ: قَوْلُهُ: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] فَهَذِهِ كَانَتِ الْخُصُومَةَ وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله قَالَ: اخْتَصَمُوا إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا لِلَّذِي خَلَقَهُ بِيَدِهِ وَعَنْ قَتَادَةَ رحمه الله قَالَ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ كَانَ خُصُومَتُهُمْ فِي شَأْنِ آدَمَ عليه السلام حِينَ قَالَ: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مِنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30]. يَعْنِي اخْتِصَامَ الْمَلَإِ الْأَعْلَى. قَالَ: فَهَذَا التَّأْوِيلُ أَشْبَهُ مِمَّا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 55

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ، رَجُلٌ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي، وَالْقَوْمُ يَصُفُّونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقَوْمُ يَصُفُّونَ فِي الْقِتَالِ» وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: أَنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إِلَى رَجُلَيْنِ، رَجُلٍ قَامَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مِنْ فِرَاشِهِ وَدِثَارِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنَ أَهْلِهِ وَجِيرَانِهِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: مَا حَمَلَ عَبْدِي عَلَى مَا صَنَعَ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا، رَجَاءَ مَا عِنْدَكَ وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدَكَ، قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَعْطَيْتُهُ مَا رَجَا وَأَمَّنْتُهُ مِمَّا يَخَافُ. قَالَ: وَرَجُلٌ لَقِيَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ الْعَدُوَّ فَفَرَّ أَصْحَابُهُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَاتَلَ الْعَدُوَّ حَتَّى قُتِلَ، يَقُولُ اللَّهُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا، فَرَّ أَصْحَابُهُ فَرَجَعَ هُوَ وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، رَهْبَةً مِنِّي وَرَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي. وَفِي رِوَايَةٍ: فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ فِي الْفِرَارِ وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ. وَعَنْ عَمْرٍو الْبِكَالِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَبْشِرُوا وَاعْمَلُوا، فَإِنَّ فِيكُمْ ثَلَاثَةَ أَعْمَالٍ لَيْسَ عَمَلٌ إِلَّا وَهُوَ يُوجِبُ لِأَهْلِهِ الْجَنَّةَ: رَجُلٌ يَقُومُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ مِنْ دِفْئِهِ وَفِرَاشِهِ إِلَى الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: مَا حَمَلَ عَبْدِي عَلَى مَا صَنَعَ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَنْتَ أَعْلَمُ. فَيَقُولُ: إِنِّي أَعْلَمُ وَلَكِنْ أَخْبِرُونِي. فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا رَجَّيْتَهُ شَيْئًا فَرَجًا وَخَوَّفْتَهُ شَيْئًا فَخَافَهُ. فَيَقُولُ: فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَعْطَيْتُهُ مَا رَجَا وَأَمَّنْتُهُ مِمَّا خَافَ

ص: 57

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى، ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، ثنا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ مَكَانَ كُلِّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ» وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُقْبَةِ بْنِ عَامِرٍ

ص: 58

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَّافُ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحْرِمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ»

ص: 58

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ مُوسَى، ثنا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ» وَقِيلَ لِلْحَسَنِ رحمه الله: مَا بَالُ الْمُتَهَجِّدِينَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وُجُوهًا؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ خَلَوْا بِالرَّحْمَنِ فَأَلْبَسَهُمْ مِنْ نُورِهِ نُورًا

ص: 58

حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَيْنُ، ثنا أَبُو حَفْصٍ التِّنِّيسِيُّ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ بِاللَّيْلِ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ»

ص: 59

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ، قَالَا: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ، ثني إِسْحَاقُ بْنُ بَكْرِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ لِلْمُنَافِقِينَ عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا تَحَيَّتُهُمْ لَعْنَةٌ، وَطَعَامُهُمْ نُهْبَةٌ وَغَنِيمَتُهُمْ غُلُولٌ، لَا يَقْرَبُونَ الْمَسَاجِدَ إِلَّا هَجْرًا، وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا دَبْرًا مُسْتَكْبِرِينَ لَا يَأْلَفُونَ وَلَا يُؤْلَفُونَ خُشُبٌ بِاللَّيْلِ صُخُبٌ بِالنَّهَارِ»

ص: 59

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُبَارَكٍ، ثنا بَزِيعٌ أَبُو الْخَلِيلِ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَذِيبُوا طَعَامَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ وَلَا تَنَامُوا عَلَيْهِ فَتَقْسُوَ لَهُ قُلُوبُكُمْ» وَعَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ قَيِّمٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ يَقُومُ عَلَيْهِمْ إِذَا أَفْطَرُوا فَيَقُولُ: لَا تَأْكُلُوا كَثِيرًا فَإِنَّكُمْ إِنْ أَكَلْتُمْ كَثِيرًا نِمْتُمْ كَثِيرًا، وَإِنْ نِمْتُمْ كَثِيرًا صَلَّيْتُمْ قَلِيلًا وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ رحمه الله: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليهما السلام لِابْنِهَا سُلَيْمَانَ عليه السلام: يَا بُنَيَّ، لَا تُكْثِرِ النَّوْمَ فَيُفْقِرَكَ يَوْمَ تَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ، وَلَا تُكْثِرِ الْجِمَاعَ فَيُفْقِرُكَ يَوْمَ تَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى قُوَّتِهِمْ. وَرَأَى مَعْقِلُ بْنُ حَبِيبٍ رحمه الله قَوْمًا يَأْكُلُونَ كَثِيرًا فَقَالَ: مَا نَرَى أَصْحَابَنَا يُرِيدُونَ يُصَلُّونَ اللَّيْلَةَ. وَعَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَيُدْخِلُ خَلْقًا مِنْ خَلْقِهِ الْجَنَّةَ فَيَعْطِيهِمْ فِيهَا حَتَّى يَثْمَلُوا وَفَوْقَهُمْ نَاسٌ فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى، فَإِذَا نَظَرُوا إِلَيْهِمْ عَرَفُوهُمْ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا إِخْوَانُنَا

⦗ص: 60⦘

كَانُوا مَعَنَا فِي الدُّنْيَا وَكُنَّا مَعَهُمْ فَبِمَ فَضَّلْتَهُمْ عَلَيْنَا؟ فَيَقُولُ اللَّهُ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ إِنَّهُمْ كَانُوا يَجُوعُونَ حِينَ تَشْبَعُونَ وَيَظْمَئُونَ حِينَ تَرْوُونَ وَيَقُومُونَ حِينَ تَنَامُونَ وَيَشْخَصُونَ حِينَ تَخْفِضُونَ. وَعَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ رحمه الله قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ إِبْلِيسَ تَبَدَّى لِيَحْيَى عليه السلام بْنُ زَكَرِيَّا عليه السلام، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَنْصَحَكَ قَالَ: كَذَبْتَ أَنْتَ لَا تَنْصَحُنِي وَلَكِنْ أَخْبِرْنِي عَنْ بَنِي آدَمَ، قَالَ هُمْ عِنْدَنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ. أَمَّا صِنْفٌ مِنْهُمْ فَهُمْ أَشَدُّ الْأَصْنَافِ عَلَيْنَا نُقْبِلُ عَلَيْهِ حَتَّى نَفْتِنَهُ وَنَسْتَمْكِنَ مِنْهُ ثُمَّ يَفْزَعُ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ، فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكْنَا مِنْهُ، ثُمَّ نَعُودُ لَهُ فَيَعُودُ، فَلَا نَحْنُ نَيْئَسُ مِنْهُ وَلَا نَحْنُ نُدْرِكُ مِنْهُ حَاجَتَنَا. وَأَمَّا الصِّنْفُ الْآخَرُ فَهُمْ فِي أَيْدِينَا بِمَنْزِلَةِ الْأُكْرَةِ فِي أَيْدِي صِبْيَانِكُمْ نَتَلَقَّفُهُمْ كَيْفَ شِئْنَا قَدْ كَفَوْنَا أَنْفُسَهُمْ. وَأَمَّا الصِّنْفُ الْآخَرُ فَهُمْ مِثْلُكَ مَعْصُومُونَ لَا نَقْدِرُ مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ. فَقَالَ لَهُ يَحْيَى عَلَى ذَلِكَ: هَلْ قَدَرْتَ مِنِّي عَلَى شَيْءٍ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّكَ قَدِمْتَ طَعَامًا تَأْكُلُهُ فَلَمْ أَزَلْ أُشَهِّيهِ إِلَيْكَ حَتَّى أَكَلْتَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا تُرِيدُ، فَنِمْتَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَلَمْ تَقُمْ إِلَى الصَّلَاةِ كَمَا كُنْتَ تَقُومُ إِلَيْهَا. فَقَالَ لَهُ يَحْيَى عليه السلام: لَا جَرَمَ لَا شَبِعْتُ مِنْ طَعَامٍ أَبَدًا حَتَّى أَمُوتَ. فَقَالَ لَهُ الْخَبِيثُ: لَا جَرَمَ لَا نَصَحْتُ آدَمِيًّا بَعْدَكَ. وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ رحمه الله، وَأَبِي عُجَيْلٍ رحمه الله، وَزَارَهُمَا الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: حَدِّثْ أَبَا يَزِيدَ مَا سَمِعْتَ مِنَ كَعْبٍ. فَقَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ كَعْبٍ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ بَيْنَ بُرْدَيْ حِبَرَةٍ فَإِذَا هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه لِكَعْبٍ رضي الله عنه: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ أَشْيَاءٍ أَجِدُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ. فَسَأَلَهُ عَنْ إِدْرِيسَ عليه السلام وَرَفْعِ مَكَانِهِ، فَقَالَ: إِنَّ إِدْرِيسَ كَانَ رَجُلًا خَيَّاطًا وَكَانَ يَتَكَسَّبُ، فَيُجْزِئُ كَسْبُهُ فَيَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَكَانَ لَا يَنَامُ اللَّيْلَ، وَلَا يُفْطِرُ النَّهَارَ، وَلَا يَفْتُرُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَأَتَاهُ إِسْرَافِيلُ فَبَشَّرَهُ. وَقَالَ هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ؟ قَالَ: وَدِدْتُ أَنْ أَعْلَمَ مَتَى أَجْلِي؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُ ذَلِكَ فَصَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام، فَسَأَلَهُ مَتَى أَجَلُهُ؟ فَنَظَرَ مَلَكُ الْمَوْتِ فِي الْكِتَابِ فَوَجَدَهُ لَمْ تَبْقَ مِنْ أَجَلِهِ إِلَّا سِتُّ سَاعَاتٍ أَوْ سَبْعٌ. وَقَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أَقْبِضَ رُوحَهُ هَهُنَا فَقَبَضَ رُوحَهُ فِي السَّمَاءِ، فَذَلِكَ رَفْعُ مَكَانِهِ

ص: 59

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ عَمْرُو بْنُ أُوَيْسٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى دَاوُدُ لَيْلَةً فَلَمَّا أَصْبَحَ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ سُرُورًا فَنَادَتْهُ ضِفْدَعٌ: يَا دَاوُدُ، كُنْتُ أَدْأَبُ مِنْكَ قَدْ أَغْفَيْتَ إِغْفَاءَةً وَفِي رِوَايَةٍ: لَا تَعْجَبْ بِنَفْسِكَ فَقَدْ رَأَيْتُكَ الْبَارِحَةَ حِينَ خَفَقْتَ بِرَأْسِكَ، وَمَحْلُوفَةً إِنِّي لَمْ أَزَلْ أَذْكُرُ اللَّهَ مُنْذُ غَرَبَتْ حَتَّى طَلَعَتْ وَعَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ رحمه الله، بَلَغَنَا أَنَّ دَاوُدَ عليه السلام كَانَ قَدْ جَعَلَ اللَّيْلَ كُلَّهُ نَوْبًا عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ لَا تَمُرُّ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا وَفِي بَيْتِهِ مُصَلٍّ لِلَّهِ وَذَاكِرٌ. فَلَمَّا كَانَ نَوْبَةُ دَاوُدَ، قَامَ يُصَلِّي وَبَيْنَ يَدَيْهِ غَدِيرٌ، وَكَانَ أُعْجِبَ بِمَا هُوَ فِيهِ وَأَهْلُ بَيْتِهِ مِمَّا فُضِّلُوا بِهِ مِنَ الْعِبَادَةِ فَأَنْطَقَ اللَّهُ ضِفْدَعًا مِنَ الْمَاءِ فَنَادَتْهُ: يَا دَاوُدُ، كَأَنَّكَ أُعْجِبْتَ بِمَا أَنْتَ فِيهِ وَأَهْلُ بَيْتِكَ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّكَ، فَوَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالنُّبُوَّةِ إِنِّي لَقَائِمَةٌ لِلَّهِ مُنْذُ خَلَقَنِي عَلَى رِجْلٍ مَا اسْتَرَاحَتْ أَوْدَاجِي مِنْ تَسْبِيحِهِ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ، فَمَا الَّذِي يُعْجِبُكَ مِنْ نَفْسِكِ وَأَهْلِ بَيْتِكَ؟ قَالَ: فَتَصَاغَرَتْ إِلَى دَاوُدَ نَفْسُهُ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ رضي الله عنه جَارَ عُمَرَ رضي الله عنه، وَكَانَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ عُمَرَ رضي الله عنه قَطُّ نَهَارُهُ صَائِمٌ وَفِي حَاجَاتِ النَّاسِ، وَلْيَلُهُ قَائِمٌ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ رضي الله عنه سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يُرِيَنِيهِ. فَمَكَثْتُ سَنَةً ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ مُقْبِلًا مِنَ السُّوقِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ. فَقُلْتُ: كَيْفَ أَنْتَ وَمَاذَا وَجَدْتَ؟ فَقَالَ: الْآنَ فَرَغْتُ مِنَ الْحِسَابِ وَإِنْ كَادَ عَرْشِي لَيَهْوِي لَوْلَا أَنِّي وَجَدْتُ رَبًّا رَحِيمًا

⦗ص: 62⦘

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ رحمه الله قَالَ: قُمْتُ لَيْلَةً عِنْدَ الْمَقَامِ، فَقُلْتُ: لَا يَغْلِبُنِي اللَّيْلَةَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي فَغَمَزَنِي فَأَبَيْتُ أَنْ أَلْتَفِتَ إِلَيْهِ. ثُمَّ غَمَزَنِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ، فَقَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَخْرُجُ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسْجِدِ لِيُصَلِّيَ تَطَوُّعًا، وَكَانَ النَّاسُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حَتَّى كَانَ شَبِيبٌ الْحَرُورِيُّ. فَقَالَ: بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: لَوْ جَعَلْنَا عَلَيْنَا عَقِبًا يَحْرُسُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنَّا عَشَرَةٌ، فَكُنْتُ فِي أَوَّلِ مَنْ حَرَسَهُ، فَجَلَسْنَا مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ قَرِيبًا فَخَرَجَ فَأَلْقَى دِرَّتَهُ. ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَلَمَّا فَرَغَ أَتَانَا فَقَالَ: مَا يُجْلِسُكُمْ؟ قُلْنَا: جَلَسْنَا نَحْرُسُكَ لَا يُصِيبُكَ إِنْسَانٌ. فَقَالَ: أَمِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ؟ قُلْنَا: نَحْنُ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ أَنْ نَحْرُسَكَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ. قَالَ: فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يُقْضَى فِي السَّمَاءِ، وَإِنَّ عَلَيَّ مِنَ اللَّهِ لَجُنَّةً حَصِينَةً، فَإِذَا جَاءَ أَجَلِي كُشِفَتْ عَنِّي وَإِنَّهُ لَا يَجِدُ عَبْدٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ

ص: 61

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا رَأَى الرُّؤْيَا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَيْتُ فِيَ النَّوْمَ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِيرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَا لِي: لَنْ تَرْعَ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ رضي الله عنها فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ» قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه بَعْدَهُ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رحمه الله قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: «مَا آسِي عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا عَلَى ظَمَأِ الْهَوَاجِرِ وَمُكَابَدَةِ اللَّيْلِ، وَإِنِّي لَمْ أُقَاتِلْ هَذِهِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ الَّتِي نَزَلَتْ بِنَا، يَعْنِي الْحَجَّاجَ» ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: " لَوْلَا ثَلَاثٌ: لَوْلَا أَنْ أُسَافِرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ أُعَفِّرَ جَبْهَتِي فِي التُّرَابِ سَاجِدًا أَوْ أُجَالِسَ قَوْمًا يَلْتَقِطُونَ طَيِّبَ الْقَوْلِ كَمَا يَلْتَقِطُونَ طَيِّبَ التَّمْرِ لَسَرَّنِي أَنْ أَكُونَ لَحِقْتُ بِاللَّهِ،

⦗ص: 63⦘

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «فَضْلُ صَلَاةِ اللَّيْلِ عَلَى صَلَاةِ النَّهَارِ كَفَضْلِ صَدَقَةِ السِّرِّ عَلَى صَدَقَةِ الْعَلَانِيَةِ» ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه:«رَكْعَةٌ بِاللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرٍ بِالنَّهَارِ» ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه:«شَرَفُ الرَّجُلِ قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ وَغِنَاهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ» ، وَرُوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ رحمه الله:«قِيَامُ اللَّيْلِ يَشْرُفُ بِهِ الْوَضِيعُ وَيَعِزُّ بِهِ الذَّلِيلُ، وَصِيَامُ النَّهَارِ يَقْطَعُ عَنْ صَاحِبِهِ الشَّهَوَاتِ وَلَيْسَ لِلْمُؤْمِنِينَ رَاحَةٌ دُونَ دُخُولِ الْجَنَّةِ» ، وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رحمه الله:«لَوْ بَاتَ رَجُلٌ يُعْطِي الْقِيَانَ الْبِيضَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى الصَّبَاحِ وَبَاتَ رَجُلٌ يَذْكُرُ اللَّهَ أَوْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ لَرَأَيْتَ أَنَّ ذَاكِرَ اللَّهِ أَفْضَلُ» ، وَسُمِعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَهُوَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ يَبْكِي وَيَقُولُ:«اللَّهُمَّ إِنَّكَ آتَيْتَ عَمْرًا مَالًا فَإِنْ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ أَنْ تَسْلُبَ عَمْرًا مَالَهُ وَلَا تُعَذِّبُهُ بِالنَّارِ فَاسْلُبْهُ مَالَهُ، وَإِنَّكَ آتَيْتَ عَمْرًا وَلَداً فَإِنْ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ أَنْ تَثْكِلَ عَمْرًا وَلَدَهُ وَلَا تُعَذِّبُهُ بِالنَّارِ فَأَثْكِلْهُ وَلَدَهُ، وَإِنَّكَ آتَيْتَ عَمْرًا سُلْطَانًا فَإِنْ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ أَنْ تَنْزِعَ مِنْهُ سُلْطَانُهُ وَلَا تُعَذِّبُهُ بِالنَّارِ فَانْزِعْ مِنْهُ سُلْطَانَهُ» ، وَعَنِ الْحَسَنِ، كَانَ يُقَالُ:" مَا عَمِلَ النَّاسُ مِنْ عَمَلٍ أَثْبَتَ فِي خَيْرٍ مِنْ صَلَاةٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَمَا فِي الْأَرْضِ شَيْءٌ أَجْهَدُ لِلنَّاسِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَالصَّدَقَةِ، قِيلَ: فَأَيْنَ الْوَرَعُ؟ وَقَالَ: ذَاكَ مِلَاكُ الْأَمْرِ "، وَكَانَ الْحَسَنُ رحمه الله قَائِمًا يُصَلِّي فَإِذَا أُعْيِيَ صَلَّى قَاعِدًا فَإِذَا فَتَرَ صَلَّى مُضْطَجِعًا، وَعَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ رحمه الله: قَرَأْتُ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عليهما السلام قَالَ: كَلِّمُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَكَلِّمُوا النَّاسَ قَلِيلًا قَالُوا: يَا رَوْحُ اللَّهِ وَكَيْفَ نُكَلِّمُ اللَّهَ كَثِيرًا؟ قَالَ: اخْلُوا بِمُنَاجَاتِهِ وَاخْلُوا بِدُعَائِهِ، وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله يَرْفَعْهُ:«لِلْمُصَلِّي ثَلَاثُ خِصَالٍ يَتَنَاثَرُ الْبِرُّ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ وَتَحُفُّ بِهِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ لَدُنْ قَدَمَيْهِ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ وَيُنَادِيهِ مُنَادٍ لَوْ يَعْلَمُ الْمُصَلِّي مَنْ يُنَاجِي مَا انْفَتَلَ» ،

⦗ص: 64⦘

وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَامِلِ الْبَصْرَةِ أَنْ يُزَوِّجَ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ رحمه الله مِنْ صَالِحِ نِسَاءِ قَوْمِهِ وَيُصْدِقَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَمْ يَدَعْهُ حَتَّى زَوَّجَهُ، فَجُهِّزَتْ ثُمَّ ذَهَبَ بِعَامِرٍ حَتَّى أُدْخِلَ عَلَيْهَا. فَقَامَ إِلَى مُصَلَّاهُ، لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا حَتَّى إِذْ رَأَى تبَاشيِرَ الصُّبْحِ، قَالَ: يَا هَذِهِ ضَعِي خِمَارُكِ. فَلَمَّا وَضَعَتْ خِمَارَهَا قَالَ: اعْتَدِّي. ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرِينَ لِمَ أَمَرْتُكِ أَنْ تَضَعِي خِمَارَكِ؟ لِئَلَّا يُؤْخَذُ مِنْكِ شَيْءٌ أَعْطَيْتُ، وَقَالَ عَامِرٌ رحمه الله:" مَا رَأَيْتُ مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا، وَلَا رَأَيْتُ مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ قَالَ: أَذْهَبَ حَرُّ النَّارِ النَّوْمَ. فَمَا يَنَامُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَإِذَا جَاءَ النَّهَارُ قَالَ: أَذْهَبَ حَرُّ النَّارِ النَّوْمَ. فَمَا يَنَامُ حَتَّى يُمْسِيَ. فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ قَالَ: مَنْ خَافَ أَدْلَجَ. وَيَقُولُ عِنْدَ الصَّبَاحِ: يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى "، وَكَانَتْ مُعَاذَةُ الْعَدَوِيَّةُ رَحِمَهَا اللَّهُ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ تَقُولُ:" هَذِهِ لَيْلَتِي الَّتِي أَمُوتُ فِيهَا: فَمَا تَنَامُ حَتَّى تُصْبِحَ، وَإِذَا جَاءَ النَّهَارُ قَالَتْ: هَذَا يَوْمِي الَّذِي أَمُوتُ فِيهِ. فَمَا تَنَامُ حَتَّى تُمْسِيَ، وَإِذَا جَاءَ الشِّتَاءُ لَبِسَتِ الثِّيَابَ الرِّقَاقَ حَتَّى يَمْنَعَهَا الْبَرْدُ مِنَ النَّوْمِ "، وَقَالَ عَامِرٌ رحمه الله:" وَجَدْتُ عَيْشَ النَّاسِ فِي أَرْبَعَ: فِي النِّسَاءِ وَاللِّبَاسِ وَالنَّوْمِ وَالطَّعَامِ. فَأَمَّا النِّسَاءُ فَوَاللَّهِ مَا أُبَالِي أَرَأَيْتُ امْرَأَةً أَمْ رَأَيْتُ جِدَارًا. وَأَمَّا اللِّبَاسُ فَمَا أُبَالِي مَا وَارَيْتُ بِهِ عَوْرَتِي صُوفٌ أَوْ غَيْرُهُ. وَأَمَّا النَّوْمُ وَالطَّعَامُ فَغَلَبَانِي أَنْ لَا أُصِيبُ مِنْهُمَا وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَأَضُرَّنَّ بِهِمَا جَهْدِي "، قَالَ الْحَسَنُ رحمه الله: فَأَضَرَّ بِهِمَا جَهْدَهُ حَتَّى مَاتَ. وَصَحِبَهُ رَجُلٌ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَمْ يَرَهُ يَنَامُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:«كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهُ لِيفٌ»

ص: 62

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: " كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَاقًا وَاحِدًا. فَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ثَنَتْ عَبَاءَةً، فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ نَفْسُهُ. فَقَالَ:«مَا صَنَعْتِ؟» قَالَتْ: ثَنَيْتُهَا. قَالَ: «فَلَا تَعُودِي»

ص: 64

وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله أَنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لِيَعِيشَ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ سَنَةً عُمْرَهُ كُلَّهُ مَا طُوِيَ لَهُ ثَوْبٌ قَطُّ، وَلَا أَمَرَ فِي أَهْلِهِ بِصَنْعَةِ طَعَامٍ قَطُّ، وَلَا جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ شَيْئًا قَطُّ، قَالَ: وَاحْتُضِرَ رَجُلٌ مِنَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ فَبَكَى وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ. فَقَالُوا لَهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَفُوٌّ وَإِنَّهُ غَفُورٌ. فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي شَيْئًا أَبْكِي عَلَيْهِ إِلَّا ثَلَاثَ خِصَالٍ: ظَمَأَ هَاجِرَةٍ فِي يَوْمٍ بَعِيدٍ مَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، أَوْ لَيْلَةً يَبِيتُ الرَّجُلُ يُرَاوِحُ مَا بَيْنَ جَبْهَتِهِ وَقَدَمَيْهِ، أَوْ غَدْوَةً أَوْ رَوْحَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ " وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ رحمه الله قَالَ: قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ، افْرَحُوا بِي وَتَنَعَّمُوا بِذِكْرِي " وَخَرَجَ الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمَ فِي غَزَاةٍ وَأَرْسَلَ غُلَامَهُ يَحْتَشُّ وَرَبَطَ فَرَسَهُ، قَامَ يُصَلِّي، فَجَاءَ الْغُلَامُ، قَالَ: يَا رَبِيعُ أَيْنَ الْفَرَسُ؟ قَالَ: سُرِقَتْ يَا يَسَارُ. قَالَ: تُسْرَقُ وَأَنْتَ تَنْظُرُ إِلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ يَا يَسَارُ، إِنِّي كُنْتُ أُنَاجِي رَبِّي فَلَمْ يَكُنْ يَشْغَلُنِي عَنْ مُنَاجَاةِ رَبِّي شَيْءٌ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ غَنِيًّا فَاهْدِهِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنِهِ. وَقَالَتْ أُمُّ غَزْوَانَ لَهُ: أَمَا لِفِرَاشِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ أَمَا لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ؟ قَالَ: يَا أُمَّاهُ إِنَّمَا أَطْلُبُ رَاحَتَهَا أُبَادِرُ طَيَّ صَحِيفَتِي. وَقَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا يَرَانِي ضَاحِكًا حَتَّى أَعْلَمَ أَيَّ الدَّارَيْنِ دَارِي " قَالَ الْحَسَنُ رحمه الله: عَزَمَ فَفَعَلَ فَوَاللَّهِ مَا رُئِيَ ضَاحِكًا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ وَكَانَ هَمَّامٌ رحمه الله لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشِهِ يُصَلِّي حَتَّى يَنْعَسَ فِي مَسْجِدِهِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي لَيْلَهُ كُلَّهُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: رحمه الله، كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ يُوَاصِلُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا حَتَّى نَعُودَهُ وَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَجَّاجَ فَحَبَسَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي بَيْتٍ ثُمَّ فَتَحَ عَنْهُ فَوَجَدَهُ قَائِمًا يُصَلِّي، فَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ رَاهِبُ الْعَرَبِ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رحمه الله: بِتُّ عِنْدَ الْحَجَّاجِ بْنِ فَرَافِصَةَ رحمه الله إِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً، فَلَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ وَلَا نَامَ.

ص: 65

وَكَانَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ لَا يُطْفِئُ سِرَاجَهُ بِاللَّيْلِ. فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: إِنَّ هَذَا السِّرَاجَ يَضْرِبُنَا إِلَى الصَّبَاحِ. فَقَالَ: وَيْحَكِ إِنَّكِ إِذَا أَطْفَيْتِيهِ ذَكَرْتُ ظُلْمَةَ الْقَبْرِ فَلَمْ أَتَقَارَّ وَكَانَ مَمْلُوكٌ تَقُولُ لَهُ مَوْلَاتُهُ: أَلَا تَدَعُنَا نَنَامُ؟ فَيَقُولُ: إِنَّمَا لَكِ نَهَارِي وَلَيْسَ لَكِ لَيْلِي، إِنِّي إِذَا ذَكَرْتُ النَّارَ طَارَ نَوْمِي، وَإِنِّي إِذَا ذَكَرْتُ الْجَنَّةَ طَالَ حُزْنِي. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ رحمه الله:" لَنْ يَبْرَحَ الْمُتَهَجِّدُونَ مِنْ عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُؤْتُوا بِنَجَائِبَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ قَدْ نُفِخَ فِيهَا الرُّوحُ. فَيُقَالُ لَهُمُ: انْطَلِقُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ رُكْبَانًا، فَيَرْكَبُونَهَا فَتَطِيرُ بِهِمْ مُتَعَالِيَةً وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهِمْ إِلَى مَسَاكِنِهِمْ مِنَ الْجَنَّةِ " وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ رحمه الله: بَلَغَنِي أَنَّهُ «مَنْ أَطَالَ قِيَامَ اللَّيْلِ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ رحمه الله: بَلَغَنِي أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِلتَّهَجُّدِ نَادَاهُ مَلَكَانِ: طُوبَاكَ سَلَكْتَ مِنْهَاجَ الْعَابِدِينَ قَبْلَكَ " وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ رحمه الله: بَلَغَنِي أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ اللَّيْلَ لِلصَّلَاةِ تَنَاثَرَ عَلَيْهِ الْبِرُّ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ، وَهَبَطَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ لِتَسْتَمْتِعَ لِقِرَاءَتِهِ، وَاسْتَمَعَ لَهُ عُمَّارُ دَارِهِ وَسُكَّانُ الْهَوَاءِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَجَلَسَ لِلدُّعَاءِ أَحَاطَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ تُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِ، فَإِنْ هُوَ اضْطَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ نُودِيَ: نَمْ قَرِيرَ الْعَيْنِ مَسْرُورًا نَمْ خَيْرَ نَائِمٍ عَلَى خَيْرِ عَمَلٍ "

ص: 66

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا هِشَامُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِعَبْدٍ فِي شَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا، وَإِنَّ الْبِرَّ لَيُذَرُّ فَوْقَ رَأْسِ الْعَبْدِ مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ وَمَا تَقَرَّبَ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَا خَرَجَ مِنْهُ، يَعْنِي الْقُرْآنَ»

⦗ص: 67⦘

وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: كَانَ يُقَالُ: «قِيَامُ اللَّيْلِ مَحْيَاةٌ لِلْبَدَنِ، وَنُورٌ فِي الْقَلْبِ، وَضِيَاءٌ فِي الْبَصَرِ، وَقُوَّةٌ فِي الْجَوَارِحِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ مُتَهَجِّدًا أَصْبَحَ فَرِحًا يَجِدُ لِذَلِكَ فَرَحًا فِي قَلْبِهِ. وَإِذَا غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَصْبَحَ حَزِينًا مُنْكَسِرَ الْقَلْبِ كَأَنَّهُ قَدْ فَقَدَ شَيْئًا وَقَدْ فَقَدَ أَعْظَمَ الْأُمُورِ لَهُ نَفْعًا» . وَقَالَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ: «بِطُولِ التَّهَجُّدِ تَقَرُّ عُيُونُ الْعَابِدِينَ وَبِطُولِ الظَّمَأِ تَفْرَحُ قُلُوبُهُمْ عِنْدَ لِقَاءِ اللَّهِ» . وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ: كَانُوا يَرَوْنَ السِّيَاحَةَ صِيَامَ النَّهَارِ وَقِيَامَ اللَّيْلِ ". وَكَانَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ رحمه الله عَامَّةَ دَهْرِهِ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ وَقْتُ صَلَاةٍ إِلَّا وَهُوَ يُصَلِّي، وَكَانَ يُسَبِّحُ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ وَيَصُومُ الدَّهْرَ. وَانْصَرَفَ النَّاسُ يَوْمَ عِيدٍ مِنَ الْجِبَانِ فَأَصَابَهُمْ مَطَرٌ. فَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ فَتَغَاصُّوا فِيهِ. وَإِذَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ رحمه الله قَائِمٌ يُصَلِّي انْهَدَمَ بَيْتُهُ، فَضَرَبَ فِيهِ خَيْمَةً فَكَانَ فِيهَا حَتَّى مَاتَ. وَطُوِيَ فِرَاشُهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَمْ يَضَعْ جَنْبَهُ بِالْأَرْضِ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ، وَكَانَ يَطْلُبُ الْحَدِيثَ بِالْكُوفَةِ، وَقَدِمَ عَلَى الْأَعْمَشِ رحمه الله فَخَرَجَ فِي سَاعَةٍ كَانَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ يُصَلِّي فِيهَا، فَأَقْبَلَ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْأَعْمَشِ، وَصَلَّى بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ مَرَّةً فَقَرَأَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ حَتَّى أَتَى عَلَى قَوْلِهِ {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الملك: 27] جَعَلَ يُرَدِّدُهَا إِلَى الْفَجْرِ، وَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنْ جِيرَانِهِ لِأُمِّهَا: يَا أُمَّاهُ مَا فَعَلَ الْمِشْجَبُ الَّذِي كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ السَّطْحِ؟ تَظُنُّ أَنَّ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ رحمه الله كَانَ الْمِشْجَبَ. وَكَانَ مُعْتَمِرٌ رحمه الله يُصَلِّي الْغَدَاةَ بِوُضُوءِ الْعَتَمَةِ، وَكَانَ لِأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ رحمه الله سَوْطٌ يُعَلِّقُهُ فِي مَسْجِدِهِ فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ وَنَعَسَ أَوْ مَلَّ أَخَذَ السَّوْطَ وَضَرَبَ بِهِ سَاقَيْهِ ثُمَّ قَالَ: لَأَنْتِ أَوْلَى بِالضَّرِبِ مِنْ شِرَارِ الدَّوَابِّ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ رحمه الله: إِنَّ الْعَيْنَ إِذَا عَوَّدْتَهَا النَّوْمَ اعْتَادَتْ، وَإِذَا عَوَّدْتَهَا السَّهَرَ اعْتَادَتْ.

⦗ص: 68⦘

وَكَانَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ رحمه الله يُصَلِّي الْعَتَمَةَ ثُمَّ يُحَوِّلُ نَعْلَيْهِ عَنْ مَقَامِهِ فَيَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ فَيَجِيءُ الْقَوْمُ غُدْوَةً فَإِذَا هُوَ مَكَانَهُ. وَكَانَ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ رحمه الله خَفِيفَ الْقِرَاءَةِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي صَلَاةِ الضُّحَى، وَيَخْتِمُ الْقُرْآنَ بَيْنَ الْأُولَى وَالْعَصْرِ، وَيَخْتِمُ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ. وَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ. وَقَالَتْ أُمُّ وَلَدِهِ: كَانَ يَقُومُ هَذَا اللَّيْلَ فَلَا يَضَعُ جَنْبَهُ وَمَا كَانَ يَأْتِينِي إِلَّا كَمَا يَأْتِي الْعُصْفُورُ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى مُصَلَّاهُ فَلَا يَنَامُ هَذَا اللَّيْلَ. وَقَالَ شُمَيْطٌ:«اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَحَبَّ سَاعَاتِنَا إِلَيْكَ سَاعَاتِ ذِكْرِكَ وَعِبَادَتِكَ، وَاجْعَلْ أَبْغَضَ سَاعَاتِنَا إِلَيْكَ سَاعَاتِ أَكْلِنَا وَشُرْبِنَا وَنَوْمِنَا» وَقَالَ عَبْثَرٌ أَبُو زُبَيْدٍ رحمه الله: اخْتَفَى عِنْدِي مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ مِنْ يَعْقُوبَ بْنِ دَاوُدَ فِي هَذِهِ الْعَلِيَّةِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَمَا رَأَيْتُهُ نَائِمًا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا. قَالَ: وَكَانَ يَجِيئُنِي نِصْفَ النَّهَارِ فِي الْقَائِلَةِ فَأَقُولُ لَهُ: أَمَا تَقِيلُ؟ فَيَقُولُ: أَكْرَهُ أَنْ أُعْطِيَ عَيْنِي سُؤْلَهَا فِي النَّوْمِ. وَتَرَكَ مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ رحمه الله النَّوْمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَتَيْنِ إِلَّا الْقَيْلُولَةَ ثُمَّ تَرَكَ الْقَيْلُولَةَ أَيْضًا، وَكَانَ يُصَلِّي مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ. وَكَانَ دَاؤُدُ الطَّائِيُّ رحمه الله صَاحِبَ فِكْرَةٍ. وَقَالَ رَجُلٌ لِدَاؤُدَ: عِظْنِي. قَالَ: " لَا يَرَاكَ اللَّهُ حَيْثُ نَهَاكَ وَلَا يَفْقِدُكَ عِنْدَ مَا أَمَرَكَ بِهِ. وَقَالَ: فِرَّ مِنَ النَّاسِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ. وَقَالَ: ارْضَ بِالْيَسِيرِ مَعَ سَلَامَةِ الدِّينِ كَمَا رَضِيَ قَوْمٌ بِالْكَثِيرِ مَعَ خَرَابِ دِينِهِمْ. وَقَالَ: اجْعَلِ الدَّهْرَ يَوْمًا وَاحِدًا صُمْتَهُ عَنْ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا وَآخِرَ فِطْرِكَ مِنْهُ الْمَوْتَ. وَكَانَ هُوَ هَكَذَا. كَانَ يَدْخُلُ الرُّطَبُ فَلَا يَعْلَمُ بِهِ وَالْعِنَبُ فَلَا يَعْلَمُ بِهِ صَائِمًا أَبَدًا. كِسَرٌ يَابِسَةٌ يَبُلُّهَا فَيَأْكُلُهَا. وَأَشْرَفَ عَلَيْهِ جَارٌ لَهُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَإِذَا فِي يَدِهِ رَغِيفَانِ يَابِسَانِ، وَهُوَ يَقُولُ لِنَفْسِهِ: تَأْكُلِينَ تَأْكُلِينَ فَكَأَنَّهَا أَبَتْ فَأَلْقَاهُمَا، وَافْتَتَحَ الصَّلَاةَ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ مِنَ الْقَابِلَةِ وَفِي يَدِهِ الرَّغِيفَانِ فَجَعَلَ يَقُولُ: تَأْكُلِينَ. ثُمَّ أَكَلَ ". وَقِيلَ لِأُمِّ الدَّرْدَاءِ: أَلَا تَعْجَبِينَ مِنَ الرَّجُلِ الْكَبِيرِ السَّقِيمِ لَا يَكَادُ يُرَى إِلَّا وَهُوَ يُصَلِّي، وَالرَّجُلُ الشَّابُّ الْقَوِيُّ لَا يَكَادُ أَنْ يُتِمَّ الْفَرِيضَةَ؟ فَقَالَتْ:«كُلٌّ يَعْمَلُ فِي ثَوَابٍ قَدْ أُعِدَّ لَهُ» وَقَالَ وُهَيْبٌ رحمه الله: بَلَغَنِي عَنْ مُوسَى عليه السلام أَنَّهُ قَالَ: يَا رَبِّ، أَخْبِرْنِي عَنْ آيَةِ رِضَاكَ عَنْ عَبْدِكَ، فَأَوْحَى إِلَيْهِ إِذَا رَأَيْتَنِي أُهَيِّئُ لَهُ طَاعَتِي وَأَصْرِفُهُ عَنْ مَعْصِيَتِي فَذَاكَ آيَةُ رِضَائِي عَنْهُ ".

⦗ص: 69⦘

وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ رحمه الله: " مَا ضُرِبَ عَبْدٌ بِعُقُوبَةٍ أَعْظَمَ مِنْ قَسْوَةِ قَلْبٍ، وَقَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عُقُوبَاتٍ فَتَعَاهَدُوهُنَّ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فِي الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ وَضَنْكٍ فِي الْمَعِيشَةِ وَوَهَنٍ فِي الْعِبَادَةِ وَسَخْطَةٍ فِي الرِّزْقِ. وَقَالَ: إِنَّ الْبَدَنَ إِذَا سَقَمَ لَمْ يَنْجَعْ فِيهِ طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ وَلَا نَوْمٌ وَلَا رَاحَةٌ. وَكَذَلِكَ الْقَلْبُ إِذَا عَلِقَهُ حُبُّ الدُّنْيَا لَمْ يَنْجَعْ فِيهِ الْمَوَاعِظُ ". وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَبِيبٍ رحمه الله: لَمَّا بَرَزَ الْعَدُوُّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ رحمه الله: " عَلَى مَا آسَى مِنَ الدُّنْيَا، فَوَاللَّهِ مَا فِيهَا لِلَبِيبِ جِذْلٌ. وَوَاللَّهِ لَوْلَا مَحَبَّتِي لِمُبَاشَرَةِ السَّهَرِ بِصَفْحَةِ وَجْهِي وَافْتِرَاشِ الْجَبْهَةِ لَكَ يَا سَيِّدِي وَالْمُرَاوَحَةِ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ وَالْكَرَادِيسِ فِي ظُلَمِ اللَّيَالِي رَجَاءَ ثَوَابِكَ وَحُلُولِ رِضْوَانِكَ، لَقَدْ كُنْتُ مُتَمَنِّيًا لِفِرَاقِ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا، ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ وَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. فَلَمَّا دُفِنَ أَصَابُوا مِنْ قَبْرِهِ رَائِحَةَ الْمِسْكِ فَرَآهُ رَجُلٌ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، فَقَالَ: يَا أَبَا فِرَاسٍ مَاذَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: خَيْرَ الصَّنِيعِ. قَالَ: إِلَى مَا صِرْتَ؟ قَالَ: إِلَى الْجَنَّةِ. قَالَ: بِمَ. قَالَ: بِحُسْنِ الْيَقِينِ وَطُولِ التَّهَجُّدِ وَظَمَأِ الْهَوَاجِرِ. قَالَ: فِيمَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ الَّتِي تُوجَدُ مِنْ قَبْرِكَ؟ قَالَ: تِلْكَ رَائِحَةُ التِّلَاوَةِ وَالظَّمَأِ. قَالَ: أَوْصِنِي. قَالَ: بِكُلِّ خَيْرٍ أُوصِيكَ، قَالَ: أَوْصِنِي، قَالَ: اكْسَبْ لِنَفْسِكَ خَيْرًا، لَا تَخْرُجُ عَنْكَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ عَطَلًا، فَإِنِّي رَأَيْتُ الْأَبْرَارَ نَالُوا الْبِرَّ بِالْبِرِّ ".

⦗ص: 70⦘

وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ رحمه الله يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ مِائَةَ رَكْعَةٍ يَقْرَأُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ سَبْعًا وَفِي آخِرِهِ سَبْعًا. وَقَالَ سَعِيدٌ الزُّبَيْدِيُّ: «لَا يُعْجِبُنِي مِنَ الْقُرَّاءِ كُلُّ مِضْحَاكٍ أَلْقَاهُ بِالْبِشْرِ وَيَلْقَانِي بِالْعُبُوسِ يَمُنُّ عَلَيَّ بِعِبَادَتِهِ لَا أَكْثَرَ اللَّهُ فِي الْقُرَّاءِ مِثْلَ هَذَا» . وَقَالَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ: إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا يَدْفَعُونَ النَّوْمَ مَخَافَةَ أَنْ يَمُوتُوا فِي مَنَامِهِمْ. وَكَانَ طَاوُسٌ يَفْرِشُ فِرَاشَهُ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ يَتَقَلَّى كَمَا تَتَقَلَّى الْحَبَّةُ فِي الْمِقْلَاةِ. ثُمَّ يَثِبُ فَيُدْرِجُهُ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ حَتَّىالصَّبَاحِ، وَيَقُولُ:«طَيَّرَ ذِكْرُ جَهَنَّمَ نَوْمَ الْعَابِدِينَ» وَقِيلَ لِعَفِيرَةَ الْعَابِدَةِ: إِنَّكِ لَا تَنَامِينَ بِاللَّيْلِ، فَبَكَتْ ثُمَّ قَالَتْ: رُبَّمَا اشْتَهَيْتُ أَنْ أَنَامَ فَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَكَيْفَ يَنَامُ أَوْ يَقْدِرُ عَلَى النَّوْمِ مَنْ لَا يَنَامُ حَافِظَاهُ عَنْهُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا " وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رحمه الله: إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا خَمَّصُوا لَهُ الْبُطُونَ عَنْ مَطَاعِمِ الْحَرَامِ وَغَضُّوا لَهُ الْجُفُونَ عَنْ مَنَاظِرِ الْآثَامِ، وَأَهْمَلُوا لَهُ الْعُيُونَ لَمَّا اخْتَلَطَ عَلَيْهِمُ الظَّلَامُ رَجَاءَ أَنْ يُنِيرَ لَهُمْ ظُلْمَةَ قُبُورِهِمْ، إِذَا تَضَمَّنَتْهُمُ الْأَرْضُ بَيْنَ أَطْبَاقِهَا فَهُمْ فِي الدُّنْيَا مُكْتَتِبُونَ وَإِلَى الْآخِرَةِ مُتَطَلِّعُونَ، نَفَذَتْ أَبْصَارُ قُلُوبِهِمْ بِالْغَيْبِ إِلَى الْمَلَكُوتِ، فَرَأَتْ فِيهِ مَا رَجَتْ مِنْ عَظِيمِ ثَوَابِ اللَّهِ. فَازْدَادُوا بِذَلِكَ لِلَّهِ جِدًّا وَاجْتِهَادًا عِنْدَ مُعَايَنَةِ أَبْصَارِ قُلُوبِهِمْ مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ آمَالُهُمْ. فَهُمُ الَّذِينَ لَا رَاحَةَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَهُمُ الَّذِينَ تَقَرُّ أَعْيُنُهُمْ غَدًا بِطَلْعَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ عَلَيْهِمْ. ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ بِالدُّمُوعِ "

ص: 66

‌بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا غَرَبَتْ فَقَدْ دَخَلَ اللَّيْلُ وَحَلَّ فِطْرُ الصَّائِمِ وَجَاءَ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ حَلَّتِ الصَّلَاةُ

، وَالصَّلَاةُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا مُرَغَّبٌ فِيهَا إِلَّا الْأَوْقَاتِ الَّتِي نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا. فَالصَّلَاةُ فِي اللَّيْلِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ مُبَاحٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي شَيْءٍ مِنْ سَاعَاتِهِ، فَكُلُّ صَلَاةٍ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَهِيَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ. وَالْفَضَائِلُ الَّتِي جَاءَتْ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهِ، وَإِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي بَعْضٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ. وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَذِنَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ وَفَعَلَ عَلَى عَهْدِهِ بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ

ص: 71

حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلِ الْمُزَنِيِّ، رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:«بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ»

ص: 71

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: كَتَبْتُهُ فَنَسِيتُهُ لَا أَدْرِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ أَوْ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ لِمَنْ شَاءَ، خَشْيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً»

ص: 71

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا ثَابِتُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ أَبِي عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ إِلَّا وَبَيْنَ يَدَيْهَا سَجْدَتَانِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: يَعْنِي رَكْعَتَيْنِ

ص: 71

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيٌّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رضي الله عنه يَقُولُ:«كَانَ الْمُؤَذِّنَ يُؤَذِّنُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَيَبْتَدِرُ لُبَابُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّوَارِي يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَخْرُجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ يُصَلُّونَ» زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: وَكَانَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ يَسِيرٌ وَعَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قُلْتُ: هَلْ مِنْ صَلَاةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ؟ قَالَ: " لَا، حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ. قُلْتُ: فَإِذَا غَابَتْ؟ قَالَ: رَكْعَتَيْنِ. قُلْتُ: قَبْلَ الصَّلَاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: هَلْ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَهَلْ رَآكُمْ تُصَلُّونَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَكَانَ أَمَرَكُمْ بِهِمَا؟ قَالَ: لَا، وَلَا نَهَانَا عَنْهُمَا، كَانَ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ أَحَدُنَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ " وَعَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِي إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَعَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ إِلَيْنَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَيَرَانَا نُصَلِّي فَلَا يَنْهَانَا وَلَا يَأْمُرُنَا» وَفِي رِوَايَةٍ: إِنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ لِيُؤَذِّنَ فَيَتَبَادَرُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّوَارِي، فَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ، فَمَا يُعَابُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَفِي أُخْرَى:«كُنَّا بِالْمَدِينَةِ إِذَا أُذِّنَ بِالْمَغْرِبِ ابْتَدَرَ الْقَوْمُ السَّوَارِيَ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى أَنَّ الْغَرِيبَ لِيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَرى أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهَا» وَفِي أُخْرَى: «ثُمَّ إِذَا صَلَّيْتَ الْعَصْرَ فَلَا تُصَلِّ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ. فَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ» وَعَنْ أَبِي الْخَيْرِ: رَأَيْتُ أَبَا تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيَّ رحمه الله يَرْكَعُ الرَّكْعَتَيْنِ حِينَ يَسْمَعُ أَذَانَ

⦗ص: 73⦘

الْمَغْرِبِ. فَأَتَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ رضي الله عنه فَقُلْتُ لَهُ: لَا أَعْجَبَكَ مِنْ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ رحمه الله يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَغْمِصُهُ. فَقَالَ عُقْبَةُ رضي الله عنه: إِنَّمَا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَمْنَعُكَ الْآنَ؟ قَالَ: الشُّغْلُ " وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نَرْكَعُهُمَا إِذَا زَاحَمْنَا بَيْنَ الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْمَغْرِبِ» وَعَنْ زِرٍّ رحمه الله: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَزِمْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رضي الله عنه وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه، «فَكَانَا يُصَلِّيَانِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لَا يَدَعَانِ ذَلِكَ» وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: أَدْرَكْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ يُصَلُّونَ عِنْدَ كُلِّ تَأْذِينٍ " وَعَنْ رَغْبَانَ رحمه الله مَوْلَى حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَهُبُّونَ إِلَيْهِمَا كَمَا يَهُبُّونَ إِلَى الْمَكْتُوبَةِ " يَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ. وَعَنْ رَاشِدِ بْنِ يَسَارٍ: «أَشْهَدُ عَلَى خَمْسَةٍ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ»

ص: 72

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ طَاوُسٍ: أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ صَلَّى مَعَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ الصَّلَاةِ ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ مَعَ عُمَرَ رضي الله عنه ثُمَّ صَلَّى مَعَ عُثْمَانَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ: «إِنِّي صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، وَفَرِقْتُ مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه فَلَمْ أُصَلِّ مَعَهُ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَنَّهُ لَيِّنٌ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: وَهَذَا عِنْدِي وَهْمٌ. إِنَّمَا الْحَدِيثُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ لَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَيَضْرِبُ عَلَيْهِمَا. فَأَمَّا الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ فَلَا، وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَلَى مَا قُلْنَا وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ وَأَثْبَتُ

⦗ص: 74⦘

وَعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ أَنَّهُ كَانَ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لَمْ يَدَعْهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. وَكَانَ يَقُولُ: أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه كَانَ يَرْكَعُهُمَا وَيَقُولُ: " لَا أَدَعُهُمَا وَإِنْ ضُرِبْتُ بِالسِّيَاطِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الثَّقَفِيُّ: «رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ». وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ صَحِبَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه إِلَى الشَّامِ فَلَمْ يَكُنْ يَتْرُكْ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ كُلِّ أَذَانٍ ". وَسُئِلَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ رحمه الله عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ. فَقَالَ: «مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا يُصَلِّيهِمَا لَيْسَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ» وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَا يَرْكَعُونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَرْكَعُونَهُمَا. وَكَانَ أَنَسٌ رضي الله عنه يَرْكَعُهُمَا. وَعَنْ مُجَاهِدٍ رحمه الله، قَالَتِ الْأَنْصَارُ:«لَا نَسْمَعُ أَذَانًا إِلَّا قُمْنَا فَصَلَّيْنَا» وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ رحمه الله أَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّ عِنْدَ كُلِّ أَذَانٍ رَكْعَتَيْنِ ". وَسُئِلَ قَتَادَةُ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ. فَقَالَ: كَانَ أَبُو بَرْزَةَ رضي الله عنه يُصَلِّيهِمَا " وَسَأَلَ رَجُلُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ: " مِنَ الَّذِينَ يُحَافِظُونَ عَلَى رَكْعَتَيِ الضُّحَى. فَقَالَ: وَأَنْتُمْ تُحَافِظُونَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه: كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ عِنْدَ كُلِّ أَذَانٍ " وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ مَا بَيْنَ الْأَذَانِ وَإِقَامَةِ الْمَغْرِبِ» وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ رحمه الله: «كُنَّا نُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَهِيَ بِدْعَةٌ ابْتَدَعْنَاهَا فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ» وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، كَانَ يُقَالُ:«ثُلُثُ صَلَوَاتِ صَلَاةِ الْأَوَّابِينَ وَصَلَاةِ الْمُنِيبِينَ وَصَلَاةِ التَّوَّابِينَ. صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَصَلَاةُ الْمُنِيبِينَ صَلَاةُ الضُّحَى، وَصَلَاةُ التَّوَّابِينَ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ» ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، وَيَحْيَى بْنُ عَقِيلٍ يُصَلِّيَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ.

⦗ص: 75⦘

وَعَنِ الْحَكَمِ رحمه الله: رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يُصَلِّي قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ. وَسُئِلَ الْحَسَنُ رحمه الله عَنْهُمَا. فَقَالَ: «حَسَنَتَانِ وَاللَّهِ جَمِيلَتَانِ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهَ بِهِمَا» وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رحمه الله: «حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ إِذَا أُذِّنَ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ» ، وَكَانَ الْأَعْرَجُ رحمه الله وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رحمه الله يَرْكَعُهُمَا. وَأَوْصَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه وَلَدَهُ أَنْ لَا يَدَعُوهُمَا وَعَنْ مَكْحُولٍ رحمه الله:«عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى إِثْرِ التَّأْذِينِ» وَعَنِ الْحَكَمِ بْنِ الصَّلْتِ: «رَأَيْتُ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ بِالْمَغْرِبِ قَامَ فَصَلَّى سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ» وَعَنِ السَّكَنِ بْنِ حَكِيمٍ: «رَأَيْتُ عِلْبَاءَ بْنَ أَحْمَرَ الْيَشْكُرِيَّ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ» وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: «إِنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ لَيُؤَذِّنُ بِالْمَغْرِبِ ثُمَّ تَقْرَعُ الْمَجَالِسُ مِنَ الرِّجَالِ يَقُومُونَ يُصَلُّونَهَا» وَعَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحَسَنِ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ تُصَلَّيَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَغْرِبِ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ» . وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رحمه الله: " فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَحَادِيثُ جِيَادٌ، أَوْ قَالَ: صِحَاحٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: لِمَنْ شَاءَ فَمَنَ شَاءَ صَلَّى، قِيلَ لَهُ: قَبْلَ الْأَذَانِ أَمْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ؟ فَقَالَ: بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ صَلَّى إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَحَلَّتِ الصَّلَاةُ أَيْ فَهُوَ جَائِزٌ. قَالَ: هَذَا شَيْءٌ يُنْكِرُهُ النَّاسُ وَتَبَسَّمَ كَالْمُتَعَجِّبِ مِمَّنْ يُنْكِرُ ذَلِكَ. وَسُئِلَ عَنْهُمَا فَقَالَ: أَنَا لَا أَفْعَلُهُ وَإِنْ فَعَلَهُ رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ "

ص: 73

‌ذِكْرُ مَنْ لَمْ يَرْكَعْهُمَا عَنِ النَّخَعِيِّ قَالَ: «كَانَ بِالْكُوفَةِ مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ رضي الله عنه، وَأَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رضي الله عنه

، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رضي الله عنه، فَأَخْبَرَنِي مَنْ رَمَقَهُمْ كُلَّهُمْ فَمَا رَأَى أَحَدًا مِنْهُمْ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْمَغْرِبِ» وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم كَانُوا لَا يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ. وَقِيلَ لِإِبْرَاهِيمَ: إِنَّ ابْنَ أَبِي الْهُذَيْلِ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ: إِنَّ ذَاكَ لَا يُعْلَمُ " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رحمه الله: لَيْسَ فِي حِكَايَةِ هَذَا الَّذِي رَوَى عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ أَنَّهُ رَمَقَهُمْ فَلَمْ يَرَهُمْ يُصَلُّونَهُمَا دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهَتِهِمْ لَهُمَا. إِنَّمَا تَرَكُوهُمَا لَأَنَّ تَرْكَهُمَا كَانَ مُبَاحًا. أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ لَمْ يُرْوَ عَنْهُ أَنَّهُ رَكَعَهُمَا غَيْرَ أَنَّهُ رَغَّبَ فِيهِمَا. وَكَانَ تَرْغِيبُهُ فِيهِمَا أَكْثَرَ مِنْ فِعْلِهِ لَوْ فَعَلَهُمَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَغِّبَ فِيهِمَا وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَكَى عَنْهُمْ مَنْ حَكَى أَنَّهُ رَمَقَهُمَ فَلَمْ يَرَهُمْ يُصَلُّونَهَا قَدْ صَلُّوهُمَا فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الَّذِي رَمَقَهُمْ هَذَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَكَعَهُمَا فِي بَيْتِهِ حَيْثُ لَمْ يَرَهِ النَّاسُ لَأَنَّ أَكْثَرَ تَطَوُّعِهِ كَانَ فِي مَنْزِلِهِ. وَكَذَلِكَ الَّذِينَ رَمَقُوا بَعْدُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا قَدْ صَلُّوا فِي بُيُوتَهُمْ وَلِذَلِكَ لَمْ يَرَهُمُ الَّذِي رَمَقَهُمْ يُصَلُّونَهَا. فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعُلَمَاءِ كَانُوا لَا يَتَطَوَّعُونَ فِي الْمَسْجِدِ. عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: " لَمَّا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِلْمَغْرِبِ قَامَ رَجُلٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَجَعَلَ يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ. فَعَلَاهُ عُمَرُ رضي الله عنه بِالدِّرَّةِ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نِعْمَ مَا كَسَوْتَ. قَالَ: رَأَيْتُكَ تَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِكَ، وَلَمْ يَعِبِ الرَّكْعَتَيْنِ "

ص: 76

حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ، ثنا أَبِي، ثنا حُسَيْنٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ الْمُزَنِيَّ رضي الله عنه حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ:«صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ» . ثُمَّ قَالَ عِنْدَ الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ شَاءَ» خَافَ أَنْ يَحْسَبَهَا النَّاسُ سُنَّةً " قَالَ كَاتِبُهُ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ فَإِنَّ عَبْدَ الْوَارِثِ بْنَ عَبْدِ الصَّمَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وَالْبَاقُونَ احْتَجَّ بِهِمُ الْجَمَاعَةُ وَقَدْ صَحَّ فِي ابْنِ حَبَّانَ حَدِيثٌ آخِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ قَالَ ابْنُ حَبَّانَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، ثني أَبِي، ثنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ الْمُزَنِيَّ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ

ص: 77

بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40] قَالَ: " رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 49] رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ «وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه» أَدْبَارُ السُّجُودِ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَأَدْبَارُ النُّجُومِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ " وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما مِثْلَهُ. وَعَنْ أَبِي تَمِيمٍ رحمه الله أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَقُولُونَ: «الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ هُمَا أَدْبَارُ السُّجُودِ، وَالرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ هُمَا إِدْبَارُ النُّجُومِ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: " {إِدْبَارُ النُّجُومِ} [الطور: 49] الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، {وَأَدْبَارُ السُّجُودُ} [ق: 40] الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ " وَعَنْ قَتَادَةَ رحمه الله: " كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّهُمَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ يَعْنِي {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40] «وَعَنْ مُجَاهِدٍ» {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40] هُمَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ " وَعَنْ عِكْرِمَةَ وَالنَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ: " {أَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40] الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ " وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: «هُوَ التَّسْبِيحُ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا»

ص: 78

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: «كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ»

ص: 78

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ»

⦗ص: 79⦘

قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَذَلِكَ بَعْدَمَا يَطْلُعُ الْفَجْرُ " وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، صَلَّيْتُ مَعَهُ فِي السَّفَرِ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثًا، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ» وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلَّى عَلَى إِثْرِ كُلِّ صَلَاةٍ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ»

ص: 78

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا الْمُؤَمَّلُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً سِوَى الْمَكْتُوبَةِ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ " وَرُوِي عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ مَوْقُوفًا مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا: وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ

ص: 79

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا فُلَيْحٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ صَلَّى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَاثْنَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَاثْنَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَاثْنَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَاثْنَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ " وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَعَنْ كَعْبٍ رضي الله عنه مَوْقُوفًا وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: «لَا تَدَعْ رَكْعَتَيْنِ عَلَى أَثَرِ الْمَغْرِبِ وَإِنْ حُشِكْتَ بِالنَّبْلِ» وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ رحمه الله: «كَانُوا يَعُدُّونَ مِنَ السُّنَّةِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ» وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله: «أَنَّهُ كَانَ يَرَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَاجِبَتَيْنِ، وَكَانَ يَرَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَاجِبَتَيْنِ» وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رحمه الله: «لَوْ تَرَكْتُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَخَشِيتُ أَنْ لَا يُغْفَرَ لِي»

ص: 79

‌بَابُ اخْتِيَارِ رُكُوعِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي الْبَيْتِ

ص: 80

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِد رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الظُّهْرِ سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ سَجْدَتَيْنِ، فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَالْجُمُعَةُ فَفِي بَيْتِهِ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَطَوُّعِهِ. فَقَالَتْ:«كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ»

ص: 80

حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، رضي الله عنه قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي الْأَشْهَلِ فَصَلَّى بِهِمُ الْمَغْرِبَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ:«ارْكَعُوا هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي بُيُوتِكُمْ»

ص: 80

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ " وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ:«لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ زَمَانَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِذَا انْصَرَفُوا مِنَ الْمَغْرِبِ انْصَرَفُوا جَمِيعًا حَتَّى مَا يَبْقَى فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ» كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا يُصَلُّونَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَنْصَرِفُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ، وَعَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ رحمه الله، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّى بِهِمُ الْمَغْرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَتَبِعْتُهُ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ "،

ص: 80

وَعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه: «لَقَدْ أَدْرَكْتُ النَّاسَ زَمَانَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه وَإِنَّهُ لَيُسَلِّمُ مِنَ الْمَغْرِبِ فَلَا أَرَى رَجُلًا يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ يَبْتَدِرُونَ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ يَخْرُجُونَ حَتَّى يُصَلُّوهُمَا فِي بُيُوتِهِمْ» ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَرْكَعُ الرَّكْعَتَيْنِ إِذَا رَجَعَ بَيْتَهُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ «، وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، وَسُئِلَ عَنْ قَوْمٍ يَتَطَوَّعُونَ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ» أَكْرَهُهُ بَيْنَا هُمْ جَمِيعًا إِذْ تَفَرَّقُوا "، وَعَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ رحمه الله:«كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي أَهَالِيهِمْ» ، وَكَانَ مَيْمُونٌ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ سَجَدَهُمَا فِي أَهْلِهِ

ص: 81

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا وَكِيعٌ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاتُكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَفِي رِوَايَةٍ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ» وَفِي أُخْرَى: «صَلَاتُكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي مَسْجِدِي هَذَا إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ»

ص: 81

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو الْبَجَلِيِّ، أَنَّ نَفَرًا، أَتَوْا عُمَرَ رضي الله عنه فَسَأَلُوهُ عَنْ تَطَوُّعِ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: لَقَدْ سَأَلْتُمُونِي عَنْ أَمْرٍ سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ نُورًا فَنَوِّرُوا بُيُوتَكُمْ»

ص: 81

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ وَلَا تَجْعَلُوهَا عَلَيْكُمْ قُبُورًا» وَفِي رِوَايَةٍ: «لَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا»

ص: 81

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا»

⦗ص: 82⦘

وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: الْحَدِيثُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ مِنْ صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ نُورًا

ص: 81

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، صَلُّوا فِيهَا»

ص: 82

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، أَخْبَرَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَفِرُّ مِنْ بَيْتٍ يُقْرَأُ فِيهِ الْبَقَرَةُ» وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ قَيْسٍ «مَا رَأَيْتُ عَبِيدَةَ رحمه الله مُتَطَوِّعًا فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ قَطُّ» وَعَنْ يَسِيرٍ رحمه الله: «مَا رَأَيْتُ رَبِيعَ بْنَ خَيْثَمٍ مُتَطَوِّعًا فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ قَطُّ إِلَّا مَرَّةً، وَكَانَ عَمْرٌو لَا يَتَطَوَّعُ فِي الْمَسْجِدِ» وَعَنِ الْأَعْمَشِ: «مَا رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ يَتَطَوَّعُ فِي الْمَسْجِدِ» وَكَانَ الْأَعْمَشُ لَا يَتَطَوَّعُ فِي الْمَسْجِدِ. وَعَنْ مَعْمَرٍ: «رَأَيْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيَّ وَكَانَ جَارًا لِمَسْجِدٍ لَا يَخْرُجُ حَتَّى يَسْمَعَ الْإِقَامَةَ وَرَأَيْتُ رِجَالًا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ»

ص: 82

‌بَابُ تَعْجِيلِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: " الْتَقَى مَلَكَانِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اصْعَدْ بِنَا، فَقَالَ: إِنَّ صَاحِبِي لَمْ يُصَلِ، قَالَ: فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ نَكْرَهُ أَنْ يُؤَخَّرَ الْمَغْرِبُ

"

ص: 83

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي زَيْدٌ الْعَمِّيُّ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«عَجِّلُوا الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُمَا تَرْفَعَانِ مَعَ الْمَكْتُوبَةِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ بِثَابِتٍ، وَقَدْ رُوِي عَنْ حُذَيْفَةَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ خِلَافِ هَذَا. عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ يُحِبُّونَ تَأْخِيرَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، حَتَّى كَانَ بَعْضُ النَّاسِ تَفْجَأُهُمُ الصَّلَاةُ وَلَمْ يُصَلُّوهُمَا فَعَجَّلَهُمَا النَّاسُ» وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ بِثَابِتٍ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: «إِذَا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ فَقُمْ لَا يَشْغَلُكَ عَنْهُمَا شَيْءٌ حَتَّى تَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ حُشِكْتَ بِالنَّبْلِ»

ص: 83

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَكْحُولٍ، رحمه الله أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ، بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ كُتِبَتْ صَلَاتُهُ فِي عِلِّيِّينَ» وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ فَرْوَةَ: «مَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ كَانَ كَعِدْلِ عُمْرَةٍ» وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ «يَسْتَحِبُّ تَعْجِيلَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لِتَرْفَعْهُمَا الْمَلَائِكَةُ وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ تُؤَخَّرَا حَتَّى تَغِيبَ الشَّفَقُ»

ص: 83

‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

ص: 84

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا أُحْصِي مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُحْيِي: لَوْ شَاءَ قَائِلٌ لَقَالَ مُسْنَدٌ، وَلَوْ شَاءَ قَائِلٌ لَقَالَ مُنْكَرٌ

ص: 84

حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:«رَمَقْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ شَهْرًا فَلَمْ أَسْمَعْهُ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ إِلَّا بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رحمه الله: وَهَذَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ عِنْدِي لَأَنَّ الْمَعْرُوفَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ رَوَى عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَقَالَ: تِلْكَ سَاعَةٌ لَمْ أَكُنْ أَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ " كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَقْرَءُوا فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ رحمه الله:«اقْرَأْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» ، وَقَالَ عَطَاءٌ:«اقْرَأْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»

ص: 84

‌بَابُ إِطَالَةِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

ص: 85

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقُمِّيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَيُطِيلُهُمَا حَتَّى يَكُونَ آخِرَ مِنْ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رحمه الله: وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، وَالْأَحَادِيثُ الْأُخَرُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ فَعَلَ هَذَا مَرَّةً

ص: 85

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثنا نَصْرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ يُطِيلُهُمَا حَتَّى يَتَصَدَّعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ "

ص: 85

بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الصَّلَاةِ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ سِوَى الرَّكْعَتَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى رحمه الله: " كَانَ نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] " وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]، قَالَ:«يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ» وَفِي قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]، قَالَ:«كَانُوا يَتَيَقَّظُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» وَكَانَ لِأَنَسٍ رضي الله عنه ثَوْبَانِ إِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ لَبِسَهُمَا فَلَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قَائِمًا يُصَلِّي

ص: 86

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مَنْصُورُ بْنُ سُقَيْرٍ، ثنا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ:" {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل: 6] قَالَ: مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ " وَعَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي حَازِمٍ قَالَا:" {نَاشِئَةُ اللَّيْلِ} [المزمل: 6] هِيَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ، {هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا}، قَالَا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] الْآيَةَ، هِيَ صَلَاةُ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ، صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ " وَعَنْ ثَابِتٍ رحمه الله قَالَ: أَمْسَيْتُ عِنْدَ أَنَسٍ رضي الله عنه صَائِمًا فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ الْأَذَانَ، قَالَ لِي: يَا ثَابِتُ لَعَلَّكَ مِمَّنْ يَنْظُرُ إِلَى الْأَذَانِ هَذَا اللَّيْلَ، قَدْ جَاءَ وَحَلَّ الْإِفْطَارُ فَأَفْطِرْ، ثُمَّ أَمَرَ مُؤَذِّنَهُ فَأَذَّنَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، وَكَانَ يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَيَقُولُ: هِيَ نَاشِئَةُ

⦗ص: 87⦘

اللَّيْلِ، حَتَّى إِذَا ظَنَنْتُ أَنَّ الشَّفَقَ قَدْ غَابَ، قَالَ: أَيْنَ ثَابِتٌ؟ قُلْتُ: هُوَ ذَا، قَالَ: أَلَا تُصَلِّي؟ قُلْتُ: بَلَى، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ ثُمَّ أَقَامَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ، ثُمَّ أَوْتَرَ ثُمَّ دَخَلَ " وَعَنْ مَنْصُورٍ رحمه الله فِي قَوْلِهِ:{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113] قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُمْ «كَانُوا يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَيَّكُمٍ رحمه الله: سَأَلْتُ سُفْيَانَ عَنِ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ أَمِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ لِي: نَعَمْ. وَرَأَيْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ كَثِيرًا يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: " أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللَّهِ: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل: 6] فَهَذِهِ نَاشِئَةُ اللَّيْلِ "

ص: 86

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ أَبِي: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، قَالَ: سُئِلَ عُبَيْدٌ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِصَلَاةٍ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ»

ص: 87

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي خَثْعَمٍ الْيَمَامِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَمْ يَتَكَلَّمْ بَيْنَهُنَّ بِسُوءٍ عُدِلْنَ بعَبَادَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً»

ص: 87

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّنْعَانِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو أَيُّوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ غَزْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ غُفِرَ لَهُ بِهَا ذُنُوبُ خَمْسِينَ سَنَةً»

ص: 87

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيٌّ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَا: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ النَّهْدِيِّ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ

⦗ص: 88⦘

حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَتْ لِي أُمِّي مَتَى عَهْدُكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْتُ: مَالِي بِهِ عَهْدٌ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، فَنَالَتْ مِنِّي، قُلْتُ: فَإِنِّي آتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُصَلِّي مَعَهُ وَيَسْتَغْفِرُ لِي وَلَكِ، فَأَتَيْتُهُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْمَغْرِبَ فَصَلَّى مَا بَيْنَهُمَا، ثُمَّ مَضَى وَتَبِعْتُهُ. فَقَالَ لِي:«مَنْ هَذَا» ؟ فَقُلْتُ: حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، فَقَالَ:«مَا جَاءَ بِكَ» فَأَخْبَرْتُهُ مَا قَالَتْ لِي أُمِّي، فَقَالَ:«غَفَرَ اللَّهُ لَكَ وَلِأُمِّكَ»

ص: 87

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ رحمه الله يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ صَلَّى مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَإِنَّهَا مِنْ صَلَاةِ الْأَوَّابِينَ» وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ الْخَلْوَةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حَتَّى يَثُوبَ النَّاسُ إِلَى الصَّلَاةِ»

ص: 88

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الْكَرِيمِ بْنَ الْحَارِثِ، يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ رَكَعَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بُنِيَ لَهُ قَصْرٌ فِي الْجَنَّةِ» ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: إِذًا تَكْثُرُ قُصُورُنَا أَوْ بُيُوتُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُ أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ»

ص: 88

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنِي مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يُصَلِّي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهِنَّ " وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «مَنْ أَدْمَنَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ كَانَ كَمَا تَعَقَّبَ غَزْوَةً بَعْدَ غَزْوَةٍ» وَعَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَخْبَرَةَ قَالَ: «كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ» وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رحمه الله: «كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ» وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ رحمه الله «إِذَا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ فَقُمْ فَصَلِّ صَلَاةَ رَجُلٍ لَا يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَإِنْ رُزِقْتَ مِنَ اللَّيْلِ قِيَامًا كَانَ خَيْرًا رُزِقْتَهُ، وَإِنْ لَمْ تُرْزَقْ قِيَامًا كُنْتَ قَدْ قُمْتَ أَوَّلَ اللَّيْلِ»

ص: 88

وَعَنِ الْأَسْوَدِ رحمه الله: مَا أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي تِلْكَ السَّاعَةِ إِلَّا وَجَدْتُهُ يُصَلِّي، فَقُلْتُ لَهُ: فِي ذَلِكَ، قَالَ:«نِعْمَ سَاعَةُ الْغَفْلَةِ يَعْنِي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» وَعَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ كَانَ يُصَلِّي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِائَتَيْ رَكْعَةٍ فَأَتَيْتُهُ فَجَلَسْتُ نَاحِيَةً وَهُوَ يُصَلِّي فَجَعَلْتُ أَعُدُّ ثُمَّ قُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ الْغَبْنُ، ثُمَّ قُمْتُ فَجَعَلْتُ أُصَلِّي مَعَهُ " وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ:«رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَإِذَا نَعَسَ تَنَحَّى عَنْ مَكَانِهِ إِلَى النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى» وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ رحمه الله: «مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ صَلَاةُ الْغَفْلَةِ» وَقَالَ إِسْرَائِيلُ: حَدَّثَنِي ثُوَيْرٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه الْمَسْجِدَ فَرَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ؟ قَالُوا: صَلَاةُ الْغَفْلَةِ، قَالَ:«فِي الْغَفْلَةِ وَقَعْتُمْ فَنَهَى عَنْهَا» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رحمه الله: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَضَعَّفَ ثُوَيْرًا

ص: 89

‌بَابُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ

ص: 90

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، رضي الله عنها تَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ " وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه وَعَنْ ثُوَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ:«رَأَيْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يُصَلِّي بَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ» وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «كَانَ تَطَوُّعُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه الَّذِي لَا يَكَادُ يَدَعُهُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَأَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «وَكَانَ لَا يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ، وَلَا بَعْدَهَا شَيْئًا» وَعَنِ النَّخَعِيِّ: «أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ مِنَ السُّنَّةِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهَا سُنَّةٌ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ سُنَّةٌ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ سُنَّةٌ، وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ سُنَّةٌ» وَفِي رِوَايَةٍ: كَانُوا يَعُدُّونَ مِنَ السُّنَّةِ فَذَكَرَهُ

ص: 90

‌بَابُ رُكُوعِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْبَيْتِ

ص: 90

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنه، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ "

ص: 90

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، وَالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي بَيْتِهِ "

ص: 90

بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْرَأَ فِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: " مَا أَرَى رَجُلًا وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَدْرَكَ عَقْلُهُ الْإِسْلَامَ يَبِيتُ أَبَدًا حَتَّى يَقْرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا إِنَّمَا أُعْطِيَهَا نَبِيُّكُمْ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَلَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ قَبْلَ نَبِيِّكُمْ، ثُمَّ قَالَ: مَا بِتُّ لَيْلَةً حَتَّى أَقْرَأَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَقْرَؤُهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَفِي وِتْرِي، وَحِينَ آخُذُ مَضْجَعِي مِنْ فِرَاشِي " وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ: «أَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ} وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ: " كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَقْرَءُوا فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة: 285]، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ "

ص: 91

‌بَابُ الْأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ

ص: 92

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ بَشِيرٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: «لَمْ يَكُنْ مِنَ الصَّلَاةِ شَيْءٌ أَحْرَى أَنْ يُؤَخِّرَهَا إِذَا كَانَ عَلَى حَدِيثٍ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَمَا صَلَّاهَا قَطُّ فَدَخَلَ عَلَيَّ إِلَّا صَلَّى بَعْدَهَا أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا، وَمَا رَأَيْتُهُ مُتَّقِيًا الْأَرْضَ بِشَيْءٍ قَطُّ»

ص: 92

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«كُنْتُ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعَتَمَةَ جَاءَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ»

ص: 92

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنِي أَبُو فَرْوَةَ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَرْفَعُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ خَلْفَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَالم تَنْزِيلُ كُتِبْنَ لَهُ كَأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كُنَّ كَعِدْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» وَعَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ وَمُجَاهِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ: «مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ كُنَّ كَمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَوْ يَعْدِلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَوْ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ» وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُصَلِّي بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَأُكَلِّمُهُ فَمَا يُرَاجِعُنِي الْكَلَامَ " وَعَنْ كَعْبٍ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ، وَصَلَّى بَعْدَهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يُحْسِنُ رُكُوعَهُنَّ وَسُجُودَهُنَّ، وَيَعْلَمُ مَا يَقْتَرِئُ فِيهِنَّ كُنَّ لَهُ بِمَنْزِلَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ»

ص: 92

‌بَابُ أَوْقَاتِ اللَّيْلِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ قِيَامُهَا وَيُرْجَى إِجَابَةُ الدُّعَاءِ فِيهَا

ص: 93

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَوْفٌ، حَدَّثَنِي مُهَاجِرٌ أَوْ مَخْلَدٌ، حَدَّثَنِي أَبُو الْعَالِيَةِ، حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي أَبُو ذَرٍّ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ صَلَاةِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ؟، فَقَالَ:«نِصْفُ اللَّيْلِ أَوْ جَوْفُ اللَّيْلِ وَقَلِيلٌ فَاعِلُهُ»

ص: 93

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، ثني أَبُو يَحْيَى وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ وَأَبُو طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَقَالَ لِي:«إِنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ الْعَبْدِ جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَافْعَلْ» وَفِي رِوَايَةٍ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ سَاعَةٌ أَفْضَلُ مِنْ سَاعَةٍ أُخْرَى؟ قَالَ:«جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرِ» وَفِي أُخْرَى: أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ دَعْوَةً؟ قَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ. وَفِي لَفْظٍ قَالَ: «جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخَرِ أَجْوَبُهُ دَعْوَةً» وَفِي أُخْرَى: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَيُّ السَّاعَاتِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جَوْفُ اللَّيْلِ الْغَابِرِ، ثُمَّ الصَّلَاةُ مَكْتُوبَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى يَتَفَجَّرَ الْفَجْرُ، فَإِذَا انْفَجَرَ الْفَجْرُ فَأَمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى تُصَلِّيَ الْفَجْرَ» وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ رضي الله عنه وَسُئِلَ أَبُو ذَرٍّ: أَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: " جَوْفُ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ، قِيلَ: وَمَنْ يُطِيقُ ذَاكَ؟ قَالَ: مَنْ خَافَ أَدْلَجَ "

ص: 93

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ " وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَيَنْزِلُ. وَفِي أُخْرَى: حَتَّى يَذْهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ. وَفِي لَفْظٍ: يَنْزِلُ اللَّهُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا نِصْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ أَوْ لَثُلُثِ اللَّيْلِ الْآخِرِ. وَفِي آخَرَ: إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ "

ص: 94

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي زِيَادَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ يَبْقَيْنَ مِنَ اللَّيْلِ، يَفْتَحُ الذِّكْرَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى مِنْهَا، يَرَى الذِّكْرَ الَّذِي لَمْ يَرَهْ أَحَدٌ غَيْرُهُ، فَيَمْحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ، ثُمَّ يَنْزِلُ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى جَنَّةِ عَدْنٍ، وَهِيَ دَارُهُ الَّتِي لَمْ تَرَهَا عَيْنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ثُمَّ يَقُولُ: طُوبَى لِمَنْ دَخَلَكِ، ثُمَّ يَنْزِلُ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِرُوحِهِ وَمَلَائِكَتِهِ فَتَنْقَضُّ فَيَقُولُ: قَوْمِي بِعِزَّتِي، ثُمَّ يَطْلُعُ إِلَى عِبَادِهِ فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ أَغْفِرْ لَهُ؟ وَهَلْ مِنْ دَاعٍ أُجِيبُهُ؟ حَتَّى يَكُونَ صَلَاةُ الْفَجْرِ فَلِذَلِكَ يَقُولُ: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] فَيَشْهَدُ اللَّهُ وَمَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ "

ص: 94

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «فِي اللَّيْلِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ»

ص: 94

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَ: سَأَلْتُهَا عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ، فَقَالَتْ:«كَانَ يَرْقُدُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ آخِرَهُ»

ص: 94

وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ لِيَضْحَكُ إِلَى رَجُلٍ قَامَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَأَهْلُهُ نِيَامٌ لَا يَرَاهُ إِلَّا اللَّهُ فَتَطَهَّرَ، وَذَكَرَ اللَّهَ، وَصَلَّى، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا لَوْ شَاءَ أَنْ يَنَامَ كَمَا نَامَ أَهْلُهُ فَيَضْحَكُ اللَّهُ إِلَيْهِ "

ص: 95

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، سَمِعْتُ الطُّفَيْلَ بْنَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ رُبُعُ اللَّيْلِ قَامَ، فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ أَفَأَجْعَلُ ثُلُثَ عَمَلِي صَلَاةً عَلَيْكَ؟ قَالَ:«مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ» ، قُلْتُ: فَنِصْفُ عَمَلِي؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ» ، قُلْتُ: فَثُلُثَيْ عَمَلِي؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ» ، قُلْتُ: فَعَمَلِي كُلُّهُ؟ قَالَ: «إِذًا تُكْفَى مَا أَهَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ»

ص: 95

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَرَكْعَتَيْنِ يَرْكَعُهُمَا ابْنُ آدَمَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْآخِرِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُهُمَا عَلَيْهِمْ»

ص: 95

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ» وَعَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، قَالَ دَاوُدُ عليه السلام: أَيْ رَبِّ أَيُّ السَّاعَاتِ أَقُومُ لَكَ فَأَوْحَى إِلَيْهِ: نِصْفُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ إِذَا نَامَ الْقَانِتُونَ وَلَمْ يَقُمِ الْمُتَهَجِّدُونَ وَالْمُسْتَغْفِرُونَ،

⦗ص: 96⦘

قَالَ فَرْقَدٌ: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ إِلَيْكَ بِرَحْمَتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَسُئِلَ الْحَسَنُ: أَيُّ الْقِيَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: " جَوْفُ اللَّيْلِ الْغَابِرُ إِذَا نَامَ مَنْ قَامَ مِنْ أَوَّلِهِ، وَلَمْ يَقُمْ بَعْدُ مَنْ يَتَهَجَّدُ فِي آخِرِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ نُزُولُ الرَّحْمَةِ وَحُلُولُ الْمَغْفِرَةِ، فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا مِسْمَعُ بْنُ عَاصِمٍ بَكَى، وَقَالَ: إِلَهِي فِي كُلِّ سَبِيلٍ يَبْتَغِي الْمُؤْمِنُ رِضْوَانَكَ "

ص: 95

بَابُ الِاسْتِغْفَارِ بِالْأَسْحَارِ وَالصَّلَاةِ فِيهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18] وَقَالَ: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 17] عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ ثُمَّ يَقُولُ: يَا نَافِعُ أَأَسْحَرْنَا؟، فَأَقُولُ: لَا فَيُعَاوِدُ الصَّلَاةَ، فَإِذَا قُلْتُ: نَعَمْ، قَعَدَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَدْعُو حَتَّى يُصْبِحَ " وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَمُجَاهِدٍ:{وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18] قَالَا: يُصَلُّونَ " وَعَنِ الضَّحَّاكِ: «يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ» وَعَنْ قَتَادَةَ: «هُمْ أَهْلُ الصَّلَاةِ» وَعَنِ الْحَسَنِ "{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَرْقُدُونَ {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18] قَالَ: مَدُّوا الصَّلَاةَ إِلَى السَّحَرِ، ثُمَّ دَعُوا وَتَضَرَّعُوا " وَفِي رِوَايَةٍ:«مَدُّوا الْعَقِبَ مِنَ اللَّيْلِ فَكَانَ الِاسْتِغْفَارُ فِي السَّحَرِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ» وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: «الَّذِينَ يَشْهَدُونَ صَلَاةَ الصُّبْحِ» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ كُلَّ سَحَرَةٍ مِنَ السَّمَاءِ مَنْ سَائِلٌ يُعْطَى مَنْ دَاعٍ يُجَابُ، أَوْ مُسْتَغْفِرٌ يُغْفَرُ لَهُ، فَيَسْمَعُهُ مَنْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، أَفَلَا تَرَى الدِّيَكَةَ وَأَشْبَاهَهَا مِنَ الدَّوَابِّ تَصِيحُ تِلْكَ السَّاعَةَ» وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَخْرُجُ مِنْ نَاحِيَةِ دَارِهِ مُسْتَخْفِيًا وَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ دَعَوْتَنِي فَأَجَبْتُكَ، وَأَمَرْتَنِي فَأَطَعْتُكَ، وَهَذَا السَّحَرُ فَاغْفِرْ لِي، فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ: وَهَذَا السَّحَرُ فَاغْفِرْ لِي؟، فَقَالَ: إِنَّ يَعْقُوبَ عليه السلام حِينَ سَوَّفَ بَنِيهِ أَخَّرَهُمْ إِلَى السَّحَرِ " وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ فِي قَوْلِ يَعْقُوبَ عليه السلام لَبَيْنَهُ: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يوسف: 98] قَالَ: أَخَّرَهُمْ إِلَى السَّحَرِ "

ص: 96

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: " رَصَدْتُ عُمَرَ رضي الله عنه لَيْلَةً فَخَرَجَ إِلَى الْبَقِيعِ وَذَلِكَ فِي السَّحَرِ فَاتَّبَعْتُهُ فَأَسْرَعْتُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَقِيعِ، فَصَلَّى ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي وَضَعُفَتْ قُوَّتِي وَخَشِيتُ الِانْتِشَارَ مِنْ رَعِيَّتِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ عَاجِزٍ وَلَا مَلُومٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى أَصْبَحَ» وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ صَفْوَ كُلِّ قَبِيلَةٍ، أَنَا وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَيَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، وَزِيَادٍ النُّمَيْرِيُّ، وَأَشْبَاهُنَا فَنَظَرَ إِلَيْنَا وَقَالَ: «وَاللَّهِ لَأَنْتُمْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عِدَّةِ وَلَدِي إِلَّا أَنْ يَكُونُوا فِي الْفَضْلِ مِثْلَكُمْ وَإِنِّي لَأَدْعُو لَكُمْ بِالْأَسْحَارِ» وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ حَابِسُ بْنُ سَعْدٍ مِنَ السَّحَرِ فَرَأَى النَّاسَ يُصَلُّونَ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: " مُرَاءُونُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ أَزْعِبُوهُمْ، فَمَنْ أَزْعَبَهُمْ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَأَتَاهُمُ النَّاسُ فَأَخْرَجُوهُمْ، فَقَالَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي مِنَ السَّحَرِ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ " وَفِي رِوَايَةٍ: قَاتَلَهُمُ النَّاسُ فَأَخْرَجُوهُمْ. وَعَنْ نَافِعِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: أَقْفَلْنَا مَعَ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ مِنْ خُرَاسَانَ حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ تَمَثَّلَتُ لَيْلَةً سَحَرًا بِبَيْتٍ مِنَ الشَّعْرِ، فَرَفَعَ هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ عَلَيَّ السَّوْطِ فَجَلَدَنِي جَلْدَةً الْتَوَيْتُ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ لِي: «أَفِي هَذِهِ السَّاعَةِ الَّتِي تَنْزِلُ فِيهَا الرَّحْمَةُ وَيُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ تَمَثَّلُ بِالشِّعْرِ؟» وَعَنِ الْجُرَيْرِيِّ: قَالَ دَاوُدُ عليه السلام: يَا جَبْرَائِيلُ أَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي غَيْرَ أَنَّ الْعَرْشَ يَهْتَزُّ مِنَ السَّحَرِ " وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: «إِذَا كَانَ مِنَ السَّحَرِ، أَلَا تَرَى كَيْفَ يَفُوحُ رِيحُ كُلِّ شَجَرٍ؟» وَقَالَ سَيَّارٌ: قُلْتُ لِبَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ: يَا أَبَا يُحْيِي: " أَكَانَ أَبُوكَ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَ: نَعَمْ جَهْرًا شَدِيدًا، وَكَانَ يَقُومُ مِنَ السَّحَرِ الْأَعْلَى «وَقَالَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ أَبِي هِشَامٍ،» يُنَادِي مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ: أَيْنَ الْعَابِدُونَ؟ قَالَ: فَيَقُومُ أُنَاسٌ فَيُصَلُّونَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، ثُمَّ يَأْتِي وَسَطُ اللَّيْلِ فَيَقُولُ: أَيْنَ الْقَانِتُونَ؟ فَيَقُومُ نَاسٌ فَيُصَلُّونَ لِلَّهِ فِي وَسَطِ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَأْتِي بِالسَّحَرِ فَيَقُولُ: أَيْنَ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: هُمُ الْمُسْتَغْفِرُونَ بِالْأَسْحَارِ "

ص: 97

وَعَنْ سُفْيَانَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ أَوَّلُ اللَّيْلِ نَادَى مُنَادٍ: " أَلَا لِيَقُمِ الْعَابِدُونَ، قَالَ: فَيَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنَادِي ذَاكَ أَوْ غَيْرُهُ فِي وَسَطِ اللَّيْلِ: أَلَا لِيَقُمِ الْقَانِتُونَ، قَالَ: فَيَقُومُونَ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ إِلَى السَّحَرِ، قَالَ: فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ الْمُسْتَغْفِرُونَ؟ قَالَ: فَيَسْتَغْفِرُ أُولَئِكَ، وَيَقُومُ آخَرُونَ يُسَبِّحُونَ يَعْنِي يُصَلُّونَ، قَالَ: فَيَلْحَقُونَهُمْ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَأَسْفَرَ نَادَى مُنَادٍ: أَلَا لِيَقُمِ الْغَافِلُونَ؟ قَالَ: فَيَقُومُونَ مِنْ فُرُشِهِمْ كَالْمَوتَى نُشِرُوا مِنْ قُبُورِهِمْ " قَالَ سُفْيَانُ: «تَرَاهُ كَسْلَانَ ضَجِرًا قَدْ بَاتَ لَيْلَهَ جِيفَةٍ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَصْبَحَ نَهَارُهُ يَحْتَطِبُ عَلَى نَفْسِهِ لَعِبًا وَلَهْوًا، وَتَرَى صَاحِبَ اللَّيْلِ مُنْكَسِرَ الطَّرْفِ فَرِحَ الْقَلْبِ» وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: " كُنْتُ أَخْرُجُ مِنَ السَّحَرِ إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَا أَمُرُّ بِبَيْتٍ إِلَّا وَفِيهِ قَارِئٌ، وَعَنْهُ: كُنَّا وَنَحْنُ فَتَيَانٌ نُرِيدُ أَنْ نَخْرُجَ لِحَاجَةٍ فَنَقُولُ: مَوْعِدُكُمْ قِيَامُ الْقُرَّاءِ "

ص: 98

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:«كُنَّا نُؤْمَرُ إِذَا صَلَّيْنَا مِنَ اللَّيْلِ أَنْ نَسْتَغْفِرَ مِنَ السَّحَرِ سَبْعِينَ مَرَّةً» وَفِي رِوَايَةٍ: أُمِرْنَا أَنْ نَسْتَغْفِرَ اللَّهَ بِالسَّحَرِيَّاتِ سَبْعِينَ مَرَّةً

ص: 98

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُصْعَبٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَكْثَرَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًّا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ»

ص: 98

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ أَوِ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»

ص: 98

حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، ثنا ابْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدُكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِالنِّعْمَةِ، وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ " وَكَانَ خَلِيفَةُ الْعَبْدِيُّ يَقُومُ إِذَا هَدَأَتِ الْعُيُونُ فَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِلَيْكَ قُمْتُ أَبْتَغِي مَا عِنْدَكَ مِنَ الْخَيْرَاتِ، ثُمَّ يَعْمَدُ إِلَى مِحْرَابِهِ فَلَا يَزَالُ يُصَلِّي حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَكَانَ يَدْعُو فِي السَّحَرِ يَقُولُ: هَبْ لِي إِنَابَةَ إِخْبَاتٍ، وَإِخْبَاتَ مُنِيبٍ، وَزَيِّنِّي فِي خَلْقِكَ بِطَاعَتِكَ، وَحَسِّنِّي لَدَيْكَ بِحُسْنِ خِدْمَتِكَ، وَأَكْرِمْنِي إِذَا وَفَدَ إِلَيْكَ الْمُتَّقُونَ، فَأَنْتَ خَيْرُ مَسْئُولٍ، وَخَيْرُ معَبُّودٍ، وَخَيْرُ مَشْكُورٍ، وَخَيْرُ مَحْمُودٍ، وَكَانَ إِذَا دَعَا فِي السَّحَرِ يَقُولُ: قَامَ الْبَطَّالُونَ وَقُمْتُ مَعَهُمْ، قُمْنَا إِلَيْكَ وَنَحْنُ مُتَعَرِّضُونَ لِجُودِكَ، فَكَمْ مِنْ ذِي جُرْمٍ قَدْ صَفَحْتَ لَهُ عَنْ جُرْمِهِ، وَكَمْ مِنْ ذِي كَرِبٍ عَظِيمٍ قَدْ فَرَّجْتَ لَهُ عَنْ كَرَبِهِ، وَكَمْ مِنْ ذِي ضُرٍّ كَبِيرٍ قَدْ كَشَفْتَ لَهُ عَنْ ضُرِّهِ، فَبِعِزَّتِكَ مَا دَعَانَا إِلَى مَسْأَلَتِكَ بَعْدَ مَا انْطَوَيْنَا عَلَيْهِ مِنْ مَعْصِيَتِكَ إِلَّا الَّذِي عَرَّفْتَنَا مِنْ جُودِكَ وَكَرَمِكَ فَأَنْتَ الْمُؤَمَّلُ لِكُلِّ خَيْرٍ وَالْمَرْجُوُّ عِنْدَ كُلِّ نَائِبَةٍ " وَقَالَ رَجَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ: كُنَّا مَعَ عَجْرَدَةَ الْعَمِيَّةَ فِي الدَّارِ فَكَانَتْ تُحْيِي اللَّيْلَ صَلَاةً، وَقَالَ: رُبَّمَا تَقُومُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى السَّحَرِ، فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ نادَتْ بِصَوْتٍ مَحْزُونٍ:«إِلَيْكَ قَطَعَ الْعَابِدُونَ دُجَى اللَّيَالِي بِتَبْكِيرِ الدَّلَجِ إِلَى ظُلَمِ الْأَسْحَارِ، يَسْتَبِقُونَ إِلَى رَحْمَتِكَ وَفَضْلِ مَغْفِرَتِكَ، فَبِكَ إِلَهِيَ لَا بِغَيْرِكَ أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِيَ فِي أَوَّلِ زُمْرَةِ السَّابِقِينَ، وَأَنْ تَرْفَعَنِي إِلَيْكَ فِي دَرَجَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنْ تُلْحِقَنِي بِعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، فَأَنْتَ أَكْرَمُ الْكُرَمَاءِ، وَأَرْحَمُ الرُّحَمَاءِ، وَأَعْظَمُ الْعُظَمَاءِ، يَا كَرِيمُ» قَالَ: ثُمَّ تَخِرُّ سَاجِدَةً نَسْمَعُ وَجْبَةَ سَقْطَتِهَا، فَلَا تَزَالُ تَبْكِي وَتَدْعُو فِي سُجُودِهَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَكَانَ ذَلِكَ دَأْبُهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى

ص: 99

‌بَابُ إِيقَاظِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَمَنْ يَلِيهِ، وَالْمَرْأَةُ زَوْجَهَا لِقِيَامِ اللَّيْلِ

ص: 100

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ وَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ» وَفِي رِوَايَةٍ: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيُوقِظْ أَهْلَهُ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَيْقِظْ فَلْيَنْضَحْ عَلَى وَجْهِهَا الْمَاءَ. وَفِي أُخْرَى: مَنِ اسْتَيْقَظَ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ

ص: 100

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، رضي الله عنه أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً، فَقَالَ:«أَلَا تُصَلِّيَانِ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ وَلَمْ يُرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]" وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ رحمه الله بَلَغَنَا: «أَنَّ دَاوُدَ عليه السلام جَزَّأَ عَلَى أَهْلِ بُيُوتِهِ الصَّلَاةَ، فَلَمْ تَكُنْ تَأْتِي سَاعَةٌ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا وَإِنْسَانٌ مِنْ آلِ دَاوُدَ قَائِمٌ يُصَلِّي». وَعَنْ مُجَاهِدٍ رحمه الله: لَمَّا نَزَلَتِ: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} قَالَ دَاوُدُ عليه السلام لِسُلَيْمَانَ عليه السلام: إِنَّ اللَّهَ قَدْ ذَكَرَ الشُّكْرَ، فَاكْفِنِي قِيَامَ النَّهَارِ وَأَكْفِيكَ قِيَامَ اللَّيْلِ قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ: فَاكْفِنِي إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ فَكَفَاهُ ".

⦗ص: 101⦘

وَعَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ رحمه الله: " لَمَّا نَزَلَتِ: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} اعْتَقَبُوا اللَّيْلَ فَكُنْتَ لَا تَرَى مِنْهُمْ إِلَّا مُصَلِّيًا " وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أَيْقَظَ أَهْلَهُ لِلصَّلَاةِ يَقُولُ لَهُمْ:" الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ، ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةِ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132] " وَأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه حُصِرَ حَصْرًا شَدِيدًا وَتَأَلَّبَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ حَتَّى اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَرُبَّمَا لَمْ يُقِلْ فَنَقُولُ: " لَا يَقُومُ اللَّيْلَةَ كَمَا كَانَ يَقُومُ فَيَكُونُ أَبِكْرَ مَا يَكُونُ قِيَامًا فَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} [طه: 132] " قَالَ أَسْلَمُ رحمه الله: وَكُنْتُ أَتَيْتُ عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَا وَيَرْفَأُ فَيَقُولُ: «قُومَا فَصَلِّيَا فَوَاللَّهِ مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُصَلِّيَ وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرْقُدَ، وَإِنِّي لَأَفْتَتِحُ السُّورَةَ فَمَا أَدْرِي فِي أَوَّلِهَا أَوْ فِي آخِرِهَا مِنْ هَمِّي بِالنَّاسِ» وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ: «تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه سَبْعًا فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَتَعَقَّبُونَ اللَّيْلَ أَثْلَاثًا» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «جَزَأْتُ اللَّيْلَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ أُصَلِّي ثُلُثًا وَأَنَامُ ثُلُثًا وَأَتَذَكَّرُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُلُثًا» وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: «قَسَمْتُ اللَّيْلَ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ أُصَلِّي ثُلُثًا، وَأَنَامُ ثُلُثًا، وَثُلُثًا أُحَدِّثُ» وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ رحمه الله قَالَ: كَانَ أَبِي يَأْمُرُ نِسَاءَهُ وَخَدَمَهُ وَبَنَاتِهِ بِقِيَامِ اللَّيْلِ وَيَقُولُ: «صَلُّوا وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ تَحُطُّ الْأَوْزَارَ وَهِيَ مِنْ أَشْرَفِ أَعْمَالِ الصَّالِحِينَ»

⦗ص: 102⦘

وَعَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمَّازٍ رحمه الله قَالَ: " كَانَتْ لِيَ امْرَأَةٌ لَا تَنَامُ اللَّيْلَ، كُنْتُ لَا أَصْبِرُ مَعَهَا عَلَى السَّهَرِ فَكُنْتُ إِذَا نَعَسْتُ تَرُشُّ عَلَيَّ الْمَاءَ فِي أَثْقَلِ مَا أَكُونُ مِنَ النَّوْمِ وَتُنَبِّهُنِي بِرِجْلِهَا وَتَقُولُ: أَمَا تَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ إِلَى كَمْ هَذَا الْغَطِيطُ؟ فَوَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَسْتَحْيِي مِمَّا تَصْنَعُ " وَكَانَتْ بِالْبَصْرَةِ امْرَأَةٌ إِذَا جَنَّهَا اللَّيْلُ وَنَامَ كُلُّ ذِي عَيْنٍ تَخِرُّ سَاجِدَةً وَتُنَادِي فِي سُجُودِهَا: يَا رَبِّ أَمَا لَكَ عَذَابٌ تُعَذِّبُ بِهِ إِلَّا النَّارَ فَلَا تَزِيدُ عَلَيْهِ حَتَّى تُصْبِحَ " وَكَانَتْ بِالْيَمَنِ امْرَأَةٌ عَابِدَةٌ إِذَا أَمْسَتْ تَقُولُ: يَا نَفْسُ: اللَّيْلَةُ لَيْلَتُكِ قَوْمِي فَتَعَبَّدِي لَعَلَّهُ لَا تَكُونُ لَكِ لَيْلَةٌ سِوَاهَا، فَتُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ، فَإِذَا أَصْبَحَتْ تَقُولُ: يَا نَفْسُ، الْيَوْمُ يَوْمُكِ، قَوْمِي فَتَعَبَّدِي وَاجْتَهِدِي لَعَلَّهُ لَا يَكُونُ لَكِ يَوْمٌ غَيْرَهُ فَتَصُومُ وَتَعْبُدْ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ حَالُهَا سِتِّينَ سَنَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ "

ص: 100

‌بَابُ مَا يُعَاقَبُ بِهِ تَارِكُ قِيَامِ اللَّيْلِ

ص: 103

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ فَقَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ»

ص: 103

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِاللَّيْلِ حَبْلٌ فِيهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ فَتَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَيُصْبِحُ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، فَإِذًا قَدْ أَصَابَ خَيْرًا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْبَحَ كَسْلَانَ خَبِيثَ النَّفْسِ لَمْ يُصِبْ خَيْرًا» ، وَفِي رِوَايَةٍ: يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ مَكَانَ كُلِّ عُقْدَةٍ، عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَيُصْبِحُ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ " وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:" حَسْبُ الرَّجُلِ مِنَ الْخَيْبَةِ، أَوْ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَنَامَ لَيْلَةً حَتَّى يُصْبِحَ وَقَدْ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ لَيْلَةً حَتَّى يُصْبِحَ. وَفِي رِوَايَةٍ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَا يَنَامُ الرَّجُلُ لَيْلَةً إِلَى الصَّبَاحِ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ إِلَّا بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ " وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «مَنْ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ وِتْرٍ أَصْبَحَ عَلَى رَأْسِهِ جَرِيرٌ قَدْرَ سَبْعِينَ ذِرَاعًا»

ص: 103

‌بَابُ الِاسْتِعَانَةِ بِقَائِلَةِ النَّهَارِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ

ص: 104

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اسْتَعِينُوا بِقَائِلَةِ النَّهَارِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَبِأَكْلَةِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ» وَمَرَّ الْحَسَنُ رحمه الله بِقَوْمٍ فِي السُّوقِ فَرَأَى مِنْهُمْ مَارًّا فَقَالَ: أَمَا يَقِيلُ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ:«إِنِّي لَأَرَى لَيْلَهُمْ لَيْلَ سُوءٍ» وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ قَالَ: «الْقَائِلَةُ مِنْ عَمِلَ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَهِيَ مَجَمَّةٌ لِلْفُؤَادِ مِقْوَاةٌ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ» وَعَنْ مُجَاهِدٍ رحمه الله: بَلَغَ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ عَامِلًا لَهُ لَا يَقِيلُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ «فَقِلْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقِيلُ» وَعَنْ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ رحمه الله قَالَ: «نَوْمُ أَوَّلِ النَّهَارِ حُمْقٌ، وَوَسَطِهِ خُلُقٌ، وَآخِرِهِ خُرْقٌ»

ص: 104

‌بَابُ إِذَا اعْتَادَ الرَّجُلُ قِيَامَ اللَّيْلِ نَبُهَ لِذَلِكَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: " إِذَا نَامَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُرِيدُ الْقِيَامَ مِنَ اللَّيْلِ أَيْقَظَهُ إِمَّا سِنَّورٌ، وَإِمَّا صَبِيٍّ، وَإِمَّا شَيْءٌ فَيَسْتَيْقِظُ فَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَقَدْ وُكِّلَّ بِهِ قَرِينَانِ، قَرِينُ سُوءٍ وَقَرِينٌ صَالِحٌ، فَيَقُولُ قَرِينُ السُّوءِ: افْتَحْ بِشَرٍّ، نَمْ إِنَّ عَلَيْكَ لَيْلًا

طَوِيلًا مَا تَسْمَعُ صَوْتًا وَلَا قِيَامَ أَحَدٍ، فَإِنْ نَامَ حَتَّى يُصْبِحَ أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَبَالَ فِي أُذُنِهِ فَأَصْبَحَ ثَقِيلًا كَسْلَانَ خَبِيثَ النَّفْسِ مَغْبُونًا، وَيَقُولُ الْمَلَكُ: افْتَحْ بِخَيْرٍ، قُمْ فَاذْكُرْ رَبَّكَ وَصَلِّ، فَإِنْ قَامَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَذَكَرَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَسْتَقْبَلَهُ الْمَلَكُ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ يُصْبِحُ طَيِّبَ النَّفْسِ قَدْ أَصَابَ خَيْرًا "

ص: 105

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " صَلُّوا مِنَ اللَّيْلِ صَلُّوا أَرْبَعًا، صَلُّوا وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ، مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ تَعْرِفُ صَلَاةً مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا نَادَاهُمْ مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْبَيْتِ قُومُوا لِصَلَاتِكُمْ " وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله: «مَا آوَى رَجُلٌ إِلَى فِرَاشِهِ فَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِخَيْرٍ إِلَّا عَرَضَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَتْرُكُهُ» وَكَانَ الْعَلَاءُ رحمه الله يُحْيِي كُلَّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ فَوَجَدَ لَيْلَةً فَتْرَةً فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: " إِذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا مِنَ اللَّيْلِ فَأَيْقِظِينِي، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ، فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ فَأَخَذَ بِنَاصِيَتِهِ، وَقَالَ: يَا ابْنَ زِيَادٍ قُمْ فَاذْكُرِ اللَّهَ بِذِكْرِكَ، فَقَامَ فَزِعًا فَمَا زَالَتْ تِلْكَ الشَّعْرَاتُ قَائِمَةً مِنَ الْعَلَاءِ حَتَّى مَاتَ " وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْعُبَّادِ قَلَّ مَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَنَامَ عَنْ جُزْئِهِ، فَرَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ جَارِيَةً وَقَفَتْ عَلَيْهِ كَأنَّ وَجْهَهَا الْقَمَرُ وَمَعَهَا رَقٌّ فِيهِ مَكْتُوبٌ شِعْرٌ:

[البحر الوافر]

أَلْهَتْكَ لَذَّةُ نَوْمَةٍ عَنْ خَيْرِ عَيْشٍ

مَعَ الْخَيْرَاتِ فِي غُرَفِ الْجِنَانِ

تَعِيشُ مُخَلَّدًا لَا مَوْتَ فِيهِ

وَتَنْعَمُ فِي الْجِنَانِ مَعَ الْحِسَانِ

تَيَقَّظْ مِنْ مَنَامِكَ إِنَّ خَيْرًا

مِنَ النَّوْمِ التَّهَجُّدُ بِالْقُرْانِ

⦗ص: 106⦘

قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا ذَكَرْتُهَا قَطُّ إِلَّا ذَهَبَ عَنِّي النَّوْمُ " وَقَالَ زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ رحمه الله: أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ: " قُمْ يَا زِيَادُ إِلَى عِبَادَتِكَ مِنَ التَّهَجُّدِ وَحَظِّكَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، فَهُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ نَوْمَةٍ تُوهِنُ بَدَنَكَ وَيَنْكَسِرُ لَهَا قَلْبُكَ، فَاسْتَيْقَظْتُ فَزِعًا ثُمَّ غَلَبَنِي النَّوْمُ. فَأَتَانِي فَقَالَ: قُمْ يَا زِيَادُ فَلَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِلْعَابِدِينَ فَوَثَبْتُ فَزِعًا " وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ رحمه الله قَالَ: كَانَ أَبِي إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ قَامَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ عَمَدَ إِلَى مِحْرَابِهِ فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا فِيهِ يُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ، قَالَ أَبِي: " فَنِمْتُ لَيْلَةً عَنْ وَقْتِيَ الَّذِي كُنْتُ أَقُومُ فِيهِ فَإِذَا شَابٌّ جَمِيلٌ قَدْ وَقَفَ عَلَيَّ، فَقَالَ: قُمْ يَا سَعِيدُ إِلَى خَيْرِ مَا أَنْتَ قَائِمٌ إِلَيْهِ، قُمْ إِلَى تَهَجُّدِكَ، فَإِنَّ فِيهِ رِضَاءَ رَبِّكِ وَحَظَّ نَفْسِكَ وَهُوَ شَرَفُ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ مَلِيكِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَخِي الْحَسَنَ فَقَالَ: قَدْ أَطَافَ بِي هَذَا الشَّابُّ قَدِيمًا " وَقَالَ أَزْهَرُ بْنُ ثَابِتٍ التَّغْلِبِيُّ: كَانَ أَبِي مِنَ الْقَوَّامِينَ لِلَّهِ فِي سَوَادِ هَذَا اللَّيْلِ. قَالَ " رَأَيْتُ فِيَ مَنَامِي امْرَأَةً لَا تُشْبِهُ نِسَاءَ الدُّنْيَا، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: حَوْرَاءُ أَمَةُ اللَّهِ، قُلْتُ: زَوِّجِينِي نَفْسَكِ، قَالَتِ: اخْطِبْنِي إِلَى سَيِّدِي وَامْهُرْنِي، قُلْتُ: وَمَا مَهْرُكِ؟ قَالَتْ: طُولُ التَّهَجُّدِ " وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ: " كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَنَامَ أَصْحَابِي وَقُمْتُ أَقْرَأُ جُزْئِي، فَجَعَلَتْ عَيْنَايَ تَغْلِبَانِي وَأُغَالِبُهُمَا حَتَّى اسْتَتْمَمْتُ جُزْئِي، فَلَمَّا فَرَغْتُ وَأَخَذْتُ مَضْجَعِي قُلْتُ: لَوْ كُنْتُ نِمْتُ كَمَا نَامَ أَصْحَابِي كَانَ أَرْوَحَ لِبَدَنِي، فَإِذَا أَصْبَحْتُ قَرَأْتُ جُزْئِي، ثُمَّ نِمْتُ فَرَأَيْتُ فِيَ مَنَامِي شَابًّا جَمِيلًا وَبِيَدِهِ وَرَقَةٌ فَدَفَعَهَا إِلَيَّ فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ:

[البحر السريع]

يَنَامُ مَنْ شَاءَ عَلَى غَفْلَةٍ

وَالنَّوْمُ كَالْمَوْتِ فَلَا تَتَّكِلِ

تَنْقَطِعُ الْأَعْمَالُ فِيهِ كَمَا

تَنْقَطِعُ الدُّنْيَا عَنِ الْمُنْتَقِلِ

فَكَانَ عَبْدُ الْوَاحِدِ رحمه الله يُرَدِّدُ هَذَا كَثِيرًا وَيَبْكِي وَيَقُولُ: فَرَّقَ الْمَوْتُ بَيْنَ الْمُصَلِّينَ وَبَيْنَ لَذَّتِهِمْ فِي الصَّلَاةِ، وَبَيْنَ الصَّائِمِينَ وَبَيْنَ لَذَّتِهِمْ فِي الصِّيَامِ " وَعَنْ سُهَيْلِ بْنِ حَاتِمٍ: كُنْتُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَكَانَ قَلَّمَا يَخْلُو مِنَ الْمُتَهَجِّدِينَ، فَقُمْتُ لَيْلَةً فَلَمْ أَرَ فِي الْمَسْجِدِ مُتَهَجِّدًا فَقُلْتُ: مَا حَالُ النَّاسِ اللَّيْلَةَ إِذْ سَمِعْتُ قَائِلًا مِنْ نَحْوِ الصَّخْرَةِ يَقُولُ:

[البحر الطويل]

فَيَا عَجَبًا لِلنَّاسِ لَذَّتْ عُيُونُهُمُ

مَطَاعِمُ غَمْصٍ بَعْدَهُ الْمَوْتُ مُنْتَصِبُ

فَطُولُ قِيَامِ اللَّيْلِ أَيْسَرُ مُؤْنَةً

وَأَهْوَنُ مِنْ نَارٍ تَفُورُ وَتَلْتَهِبُ

⦗ص: 107⦘

قَالَ فَسَقَطْتُ لِوَجْهِي وَذَهَبَ عَقْلِي، فَلَمَّا أَفَقْتُ نَظَرْتُ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ مُتَهَجِّدٌ إِلَّا قَامَ " وَعَنْ رَابِعَةَ الْعَابِدَةِ رَحِمَهَا اللَّهُ اعْتَلَلْتُ عِلَّةً قَطَعَتْنِي عَنِ التَّهَجُّدِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ ثُمَّ رَزَقَنِي اللَّهُ الْعَافِيَةَ فَاعْتَادَتْنِي فَتْرَةً عَقِبَ الْعِلَّةِ، فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ رَاقِدَةٌ أُرِيتُ جَارِيَةً فَأَدْخَلَتْنِي قَصْرًا فَتَلَقَّانَا فِيهِ وُصَفَاءُ بِأَيْدِيهِمُ الْمَجَامِرُ قَالَتْ: أَفَلَا تُجَمِّرُوا هَذِهِ الْمَرْأَةَ؟ قَالُوا: قَدْ كَانَ لَهَا فِي ذَلِكَ حَظٌّ فَتَرَكَتْهُ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ فَقَالَتْ:

صَلَاتُكِ نُورٌ وَالْعِبَادُ رُقُودُ

وَنَوْمُكِ ضِدٌّ لِلصَّلَاةِ عَنِيدُ

وَعُمْرُكِ غَنْمٌ إِنْ عَقَلْتِ وَمُهْلَةٌ

يَسِيرُ وَيَفْنَى دَائِبًا وَيَبِيدُ

قَالَتْ: فَمَا ذَكَرْتُهَا إِلَّا طَاشَ عَقْلِي وَأَنْكَرْتُ نَفْسِي، وَمَا نَامَتْ رَابِعَةُ رَحِمَهَا اللَّهُ بَعْدَ هَذِهِ الرُّؤْيَا بِلَيْلٍ حَتَّى مَاتَتْ " وَقَالَ آخَرُ: نِمْتُ لَيْلَةً عَنْ جُزْئِي، فَأُرِيتُ فِي مَنَامِي قَائِلًا يَقُولُ لِي:

[البحر السريع]

عَجِبْتُ مِنْ جِسْمٍ وَمِنْ صِحَّةٍ

وَمِنْ فَتًى نَامَ إِلَى الْفَجْرِ

فَالْمَوْتُ لَا تُؤْمَنْ خَطَفَاتُهُ

فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ إِذَا يَسْرِي

مِنْ بَيْنِ مَنْقُولٍ إِلَى حُفْرَةٍ

يَفْتَرِشُ الْأَعْمَالَ فِي الْقَبْرِ

وَبَيْنِ مَأْخُوذٍ عَلَى غِرَّةٍ

بَاتَ طَوِيلَ الْكِبْرِ وَالْفَخْرِ

عَاجَلَهُ الْمَوْتُ عَلَى غَفْلَةٍ

فَمَاتَ مَثْبُورًا إِلَى الْحَشْرِ

قَالَ: فَمَا نَسِيتُهَا بَعْدُ " وَشَبِعَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عليهما السلام لَيْلَةً مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ فَنَامَ عَنْ جُزْئِهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا يَحْيَى: «لَوِ اطَّلَعْتَ إِلَى الْفِرْدَوْسِ اطِّلَاعَةً لَذَابَ جِسْمُكَ وَزَهَقَتْ نَفْسُكَ اشْتِيَاقًا وَلَوِ اطَّلَعْتَ إِلَى جَهَنَّمَ اطِّلَاعَةً لَبَكَيْتَ الصَّدِيدَ بَعْدَ الدُّمُوعِ وَلَلَبَسْتَ الْحَدِيدَ بَعْدَ الْمُسُوحِ»

ص: 105

‌بَابُ مَا يُبْدَأُ بِهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عِنْدَ الِانْتِبَاهِ مِنَ النَّوْمِ

ص: 108

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها وَهِيَ خَالَتُهُ قَالَ: فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِيمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا "

ص: 108

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْجُنَيْدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، فَقَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ ذَنْبِي وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ»

ص: 108

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ الصَّوَّافِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِذَا أَوَى الرَّجُلُ إِلَى فِرَاشِهِ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطَانٌ فَيَقُولُ الْمَلَكُ: اخْتِمْ بِخَيْرٍ، وَيَقُولُ الشَّيْطَانُ: اخْتِمْ بِشَرٍّ، فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ بَاتَ يَكْلَؤُهُ الْمَلَكُ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطَانٌ، قَالَ الْمَلَكُ: افْتَحْ بِخَيْرٍ وَقَالَ الشَّيْطَانُ: افْتَحْ بِشَرٍّ، فَإِنْ قَالَ إِذَا قَامَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ عَلَيَّ نَفْسِي وَلَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا، وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا، فَإِنْ وَقَعَ عَنْ فِرَاشِهِ فَمَاتَ " قَالَ حَمَّادٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: «دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَزَادَ:" وَإِنْ قَامَ فَصَلَّى صَلَّى فِي فَضَائِلَ، وَقَالَ: فَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ طَرَدَ الْمَلَكُ الشَّيْطَانَ، وَظَلَّ يَكْلَؤُهُ "

ص: 108

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: " كُنْتُ أَتَيْتُ عِنْدَ حُجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ:«سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْهَوِيَّ» ، ثُمَّ يَقُولُ:«سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، الْهَوِيَّ» وَفِي رِوَايَةٍ يَقُولُ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْهَوِيَّ» ثُمَّ يَقُولُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، الْهَوِيَّ»

ص: 109

حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمَلَكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَدَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ "

ص: 109

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَضَوَّرَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ»

ص: 109

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا هُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاهْدِنِي السَّبِيلَ الْأَقْوَمَ» وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «مَنْ قَالَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرٍ، أَوْ قَالَ مِنَ الْأَجْرِ كَأَلْفِ أَلْفِ حَسَنَةً»

ص: 109

‌بَابُ السِّوَاكِ عِنْدَ الْوُضُوءِ لَقِيَامِ اللَّيْلِ

ص: 110

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَحُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ "

ص: 110

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَسْتَاكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ، لَا يَقْعُدُ إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ فَيَجْلِسُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو وَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً فَلَمَّا أَسَنَّ وَأَخَذَ اللَّحْمَ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ فَذَلِكَ تِسْعٌ أَيْ بُنَيَّ "

ص: 110

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا وَاصِلُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي سَوْرَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَسَوَّكُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا "

ص: 110

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنِي حِبِّي أَبُو الْمُثَنَّى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَنَامُ إِلَّا وَالسِّوَاكُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ "

⦗ص: 111⦘

وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، وَالْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْمَازِنِيِّ رضي الله عنه، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ رحمه الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ الرَّجُلُ يَتَوَضَّأُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ وَاسْتَنَّ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى أَطَافَ بِهِ الْمَلَكُ وَدَنَا مِنْهُ حَتَّى يَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيهِ فَمَا يَقْرَأُ إِلَّا فِي فِيهِ وَإِذَا لَمْ يَسْتَنَّ أَطَافَ بِهِ وَلَا يَضَعُ فَاهُ عَلَى فِيهِ» وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَقُومُ إِلَى صَلَاةٍ إِلَّا اسْتَنَّ وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ رحمه الله قَالَ: حَثَّ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى السِّوَاكِ وَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَ الْمَلَكُ يَسْتَمِعُ الْقُرْآنَ فَمَا يَزَالُ يَدْنُو حَتَّى أَنَّهُ يَضَعُ فَاهُ عَلَى فِيهِ فَمَا يَلْفِظُ مِنْ آيَةٍ إِلَّا وَقَعَتْ فِي جَوْفِ الْمَلَكُ " وَعَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ رحمه الله: «رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا الْعَبْدُ قَدِ اسْتَنَّ فِيهِمَا أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً لَمْ يَسْتَنَّ فِيهَا» وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ رحمه الله: " خُلُقَانِ كَرِيمَانِ مِنْ أَحْسَنِ أَخْلَاقِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ: التَّهَجُّدُ بِاللَّيْلِ، وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى السِّوَاكِ " وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ الْحَارِثِيِّ رحمه الله: وَذَكَرَ قِيَامَ اللَّيْلِ وَالسِّوَاكَ قَبْلَهُ، فَقَالَ:«ذَاكَ عَادَةُ الْمُتَهَجِّدِينَ»

ص: 110

‌بَابُ الِاغْتِسَالِ لَقِيَامِ اللَّيْلِ وَالتَّطَيُّبِ وَلُبْسِ الثِّيَابِ الْحَسَنَةِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَكَرِيَّا رحمه الله وَأَصْحَابُهُ يَغْتَسِلُونَ كُلَّ لَيْلَةٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ لِلْعِبَادَةَ

ص: 112

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَاءٌ يَعْرِضُ عَلَيْهِ سِوَاكَهُ فَإِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ خَلَا، وَاسْتَنْجَى، وَاسْتَاكَ، وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ تَطَلَّبَ الطِّيبَ فِي رِبَاعِ نِسَائِهِ» وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ «يُعْجِبُهُ الثِّيَابُ الْحَسَنَةُ النَّظِيفَةُ وَالرِّيحُ الطَّيِّبَةُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ» وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ رحمه الله «إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِلتَّهَجُّدِ اغْتَلَفَ بِالْغَالِيَةِ وَاشْتَرَى حُلَّةً بِأَلْفٍ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا» وَكَانَ ابْنُ مُحَيْرِيزٍ «إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ دَعَا بِالْغَالِيَةِ فَتَضَمَّخَ مَا يَرْدَعُ ثِيَابَهُ» وَكَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ الصَّنْعَانِيُّ رحمه الله «إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ لِلتَّهَجُّدِ لَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَتَنَاوَلَ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ وَكَانَ مِنَ الْمُتَهَجِّدِينَ» وَاشْتَرَى عَمْرُو بْنُ الْأَسْوَدِ رحمه الله حُلَّةً بِثَمَانِينَ وَصَبَغَهَا بِدِينَارٍ، وَكَانَ يَخْمُرُهَا النَّهَارَ كُلَّهُ وَيَقُومُ فِيهَا اللَّيْلَ كُلَّهُ. وَعَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ رحمه الله كَانُوا يَكْرَهُونَ أَكْلَ الثَّوْمِ وَالْكُرَّاثِ وَالْبَصَلِ مِنَ اللَّيْلِ وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ عِنْدَ قِيَامِهِ مِنَ اللَّيْلِ طِيبًا يَمْسَحُ بِهِ شَارِبَيْهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ "

ص: 112

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ الْحَكَمِ أَبُو بِشْرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَطَّرُ؟ قَالَتْ: " نَعَمْ بِذِكَارَةِ الْعِطْرِ، قُلْتُ: وَمَا ذِكَارَةُ الْعِطْرِ؟ قَالَتِ: الْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ «وَكَانَ أَبُو قَتَادَةَ رضي الله عنه إِذَا تَوَضَّأَ لَبِسَ ثِيَابَهُ وَدَعَا بِسُكَّةٍ لَهُ فَامْتَسَحَ بِهَا»

ص: 112

‌بَابُ مَا يُفْتَتَحُ بِهِ قِيَامُ اللَّيْلِ مِنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ

ص: 113

حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، ثنا عِمْرَانُ الْقَصِيرُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ كَبَّرَ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، أَنْتَ رَبُّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، رَبِّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»

ص: 113

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّومِيِّ، ثنا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا يَحْيَى، ثنا أَبُو سَلَمَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: بِمَ كَانَ يَفْتَتِحُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»

ص: 113

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا أَصْبَغُ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ الْجُرَشِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي؟، وَبِمَا كَانَ يَسْتَفْتِحُ؟ قَالَتْ: " كَانَ يُكَبِّرُ عَشْرًا، وَيَحْمَدُ عَشْرًا، وَيُسَبِّحُ عَشْرًا، وَيُهَلِّلُ عَشْرًا وَيَسْتَغْفِرُ عَشْرًا، وَيَقُولُ:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي» عَشْرًا، وَيَقُولُ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ضِيقِ يَوْمِ الْحِسَابِ» عَشْرًا

ص: 114

حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى، فَقَالَ:«اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، «وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْثِهِ وَنَفْخِهِ» قَالَ: هَمْزِهِ الْمُوتَةُ، وَنَفْثِهِ الشِّعْرُ، وَنَفْخِهِ الْكِبْرُ. وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا قَامَ أَرَاهُ فِي التَّطَوُّعِ فَذَكَرَهُ سَوَاءً

ص: 114

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ، رضي الله عنه يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي عَبْسٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ إِلَى جَنْبِهِ فَسَمِعَهُ حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، قَالَ:«اللَّهُ أَكْبَرُ ذُو الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» وَعَنْ مَعْدِي كَرِبَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ قَالَ: صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْعَتَمَةَ ثُمَّ أَصَبْنَا مَا أَرَدْنَا مِنْ عَشَاءٍ، ثُمَّ قُمْتُ فَأَغْلَقْتُ بَابَ بُيُوتِي، ثُمَّ نِمْتُ فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ كَشَفْتُ لِحَافِي عَنْ رَأْسِي فَإِذَا بِرَجُلٍ فِي مَسْجِدِي قَائِمٌ يُصَلِّي فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ عَبْدُكَ يُصَلِّي لَكَ،

⦗ص: 115⦘

اللَّهُمَّ اجْعَلِ الصِّحَّةَ فِي جِسْمِي، وَالنُّورَ فِي بَصَرِي، وَالْبَصِيرَةَ فِي قَلْبِي، وَالشُّكْرَ فِي صَدْرِي، وَذِكْرُكَ عَلَى لِسَانِي أَبَدًا مَا أَبْقَيْتَنِي، وَارْزُقْنِي رِزْقًا طَيِّبًا مُبَارَكًا غَيْرَ مَمْنُوعٍ وَلَا مَحْظُورٍ» وَيُرْوَى عَنْ مُوسَى عليه السلام أَنَّهُ قَالَ:" يَا رَبِّ كَيْفَ أَشْكُرُكَ؟ وَأَصْغَرُ نِعْمَةٍ وَضَعْتَهَا عِنْدِي مِنْ نِعَمِكَ لَا يُجَازِيهَا عَمَلِي كُلُّهُ، فَأُوحِيَ إِلَيْهِ: يَا مُوسَى الْآنَ شَكَرْتَنِي يَا مُوسَى، إِذَا ذَكَرْتَنِي فَاذْكُرْنِي وَأَنْتَ تَنْفُضُ أَعْضَاءَكَ وَكُنْ عِنْدَ ذِكْرِي خَاشِعًا مُطْمَئِنًا، وَإِذَا دَعَوْتَنِي فَاجْعَلْ لِسَانَكَ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِكَ، وَإِذَا قُمْتَ بَيْنَ يَدَيَّ فَقُمْ مَقَامَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ الْحَقِيرِ وَذُمَّ نَفْسَكَ، فَهِيَ أَوْلَى بِالذَّمِّ وَنَاجِنِي حِينَ تُنَاجِينِي بِقَلْبٍ وَجِلٍ، وَلِسَانٍ صَادِقٍ "

ص: 114

‌بَابُ كَرَاهَةِ السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ

ص: 115

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخَبَرِنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا "

ص: 115

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا سَمَرَ إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ: مُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ " وَفِي رِوَايَةٍ: لَا سَمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ: مُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ "

ص: 115

حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: انْصَرَفْتُ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَسَمِعَتْ كَلَامِيَ عَائِشَةُ رضي الله عنها خَالَتِي، وَنَحْنُ فِي حُجْرَةِ، بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا سَقْفٌ فَقَالَتْ: يَا عُرْوَةُ أَوْ يَا عُرَيَّةُ مَا هَذَا السَّمَرُ؟ «إِنِّي مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَائِمًا قَبْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَلَا مُتَحَدِّثًا بَعْدَهَا، إِمَّا نَائِمًا فَيَسْلَمُ أَوْ مُصَلِّيًا فَيَغْنَمُ» وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه فَدَعَاهُ عَلَى بَابِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ؟ فَقَالَ: الْحَدِيثُ. فَأَغْلَقَ الْبَابَ دُونَهُ وَقَالَ: «جَدَبَ لَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه الْحَدِيثَ بَعْدَ الْعَتَمَةِ»

⦗ص: 116⦘

وَعَنْ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ رحمه الله: «كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَجْدُبُ لَنَا السَّمَرَ بَعْدَ صَلَاةِ النَّوْمِ» وَفِي رِوَايَةٍ: جَدَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ رضي الله عنه السَّمَرَ بَعْدَ الْعَتَمَةِ " وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ رحمه الله كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَنِشُّ النَّاسَ بِدِرَّتِهِ بَعْدَ الْعَتَمَةِ يَقُولُ: «قُومُوا لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُكُمْ صَلَاةً»، وَعَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَضْرِبُ النَّاسَ بِالدِّرَّةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَيَقُولُ: «أَسَمَرٌ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَنَوْمٌ آخِرَهُ» وَعَنْ حُصَيْنٍ رحمه الله: كَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه أَنَّ الْعَرَبَ تُحِبُّ السَّمَرَ فَأَخِّرُوا صَلَاةَ الْعِشَاءِ حَتَّى لَا يَكُونُ بَعْدَهَا سَمَرٌ " وَعَنْ عَمْرَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَتْ إِذَا سَمِعَتْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهَا يَتَحَدَّثُ بَعْدَ الْعِشَاءِ، قَالَتْ: " أَرِيحُوا كُتَّابَكُمْ وَكَانَتْ تُرْسِلُ إِلَى عُرْوَةَ رحمه الله: يَا ابْنَ أُخْتِي أَرِحْ كَاتِبَكَ، وَقَالَتْ: لَا سَمَرَ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: مُسَافِرٍ أَوْ مُتَهَجِّدٍ أَوْ عُرْسٍ «وَكَانَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَسْمُرُونَ بَعْدَ الْعِشَاءِ، فَكَانَتْ تُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنِ ارْجِعُوا إِلَى بُيُوتِكُمْ لِيَكُنْ لِأَهْلِيكُمْ فِيكُمْ نَصِيبٌ» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: «مَا أُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَلَا الْحَدِيثَ بَعْدَهَا» وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ رحمه الله أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَقُولُ لِبَنِيهِ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ: «يَا بَنِيَّ، نَامُوا لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ خَيْرًا» وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: «مَنْ قَرَضَ بِبَيْتِ شِعْرٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ حَتَّى يُصْبِحَ» وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رحمه الله: «لَأَنْ أَنَامَ قَبْلَ الْعَتَمَةِ أَحَبُّ مِنْ أَنْ أَلْغُوَ بَعْدَهَا» وَعَنْ خَيْثَمَةَ رحمه الله: «كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إِذَا أَوْتَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَنَامَ»

ص: 115

‌بَابُ إِبَاحَةِ السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ لِمُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ أَوْ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ

ص: 117

حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَزَالُ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه اللَّيْلَةَ كَذَاكَ فِي الْأَمْرِ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُ سَمَرَ عِنْدَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَأَنَا مَعَهُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ " وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُنَا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَيْلَةً حَتَّى يُصْبِحَ مَا يَقُومُ فِيهَا إِلَّا إِلَى عُظْمِ صَلَاةٍ "

ص: 117

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثني شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: رَقَدْتُ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ لَيْلَةَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهَا أَنْظُرُ كَيْفَ صَلَاةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ، قَالَ:«فَتَحَدَّثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَقَدَ»

⦗ص: 118⦘

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بَعْدَ الْعِشَاءِ فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: الْحَدِيثُ، فَتَحَدَّثَا حَتَّى تَطَلَّعَ الْفَجْرُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: الصَّلَاةُ، قَالَ عُمَرُ:«أَوَلَسْنَا فِي صَلَاةٍ؟» وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه صَلَّى لَهُمْ لَيْلَةً صَلَاةَ الْعَتَمَةِ، وَقَعَدَ وَقَعَدُوا يَسْتَفْتُونَهُ، فَلَمَّا كَثُرُوا قَالَ لِيَجْلِسْ كُلُّ نَفَرٍ مِنْكُمْ فِي مَجْلِسٍ، ثُمَّ لِيُلْقُوا رَجُلًا مِنْكُمْ حَاجَتَهُمْ ثُمَّ يَبْعَثُوهُ إِلَيَّ، فَفَعَلْنَا ذَلِكَ، فَلَمْ نَزَلْ نَسْأَلُهُ وَيُفْتِينَا حَتَّى أُذِّنَ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقَالَ: قُومُوا فَأَوْتِرُوا، فَإِنَّا لَنْ نُوتِرَ " وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: أَنَّهُ كَانَ يَسْمُرُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه " وَسَمَرَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه وَابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ وَهُوَ أَمِيرُ الْكُوفَةِ فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَا أَوْتَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِرَكْعَةٍ. وَسَمَرَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَيْلَةً حَتَّى طَلَعَتِ الزُهْرَةُ، فَوَضَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه رَأْسَهُ فَمَا انْتَبَهَ إِلَّا بِأَصْوَاتِ أَهْلِ السُّوقِ، فَقَالَ: " أَتَرَوْنِي أُصَلِّي الْوِتْرَ وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَأُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؟، قَالُوا: نَعَمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ " وَسَمَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه حَتَّى ذَهَبَ هَزِيعٌ مِنَ اللَّيْلِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَدَارُسُ الْعِلْمِ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ خَيْرٌ مِنْ إِحْيَائِهَا. وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: «تَوَاعَدَ الْمُسْلِمُونَ لَيْلَةً بِالْجَابِيَةِ، فَقَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُمْ حَتَّى أَصْبَحَ» وَعَنْ عُرْوَةَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ عِنْدَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها بِاللَّيْلِ، فَرُبَّمَا نَادَتْنِي:«يَا ابْنَ أُخْتِي قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ» وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ حَبِيبٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى وَأَصْحَابًا لَهُ كَانُوا بَعْدَ الْعِشَاءِ يَتَحَدَّثُونَ وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:«أَمَا إِنَّكَ لَوْ دَنَوْتَ مِنَّا، فَإِنَّا فِي خَيْرٍ نَتَفَقَّهُ»

⦗ص: 119⦘

وَعَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ قَالُوا: «لَا بَأْسَ بِالسَّمَرِ فِي الْفِقْهِ» وَكَانَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَمَارٌ فَكَانَ عَلَامَةُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ إِذَا أَحَبَّ أَنْ يَقُومُوا أَنْ يَقُولَ: «إِذَا شِئْتُمْ فَإِذَا أَوْتَرَ لَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا» وَكَانَ الْقَاسِمُ يَجْلِسُ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ هُوَ وَأَصْحَابٌ لَهُ يَتَحَدَّثُونَ هُنَيْهَةً وَالتَقَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَطَاوُسٍ، فَتَقَاوَمَا فِي نَاحِيَةِ مَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى أَصْبَحَا. وَعَنْ أَيُّوبَ: أَنَّهُ سَمَرَ مَعَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِالْمَدِينَةِ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ

ص: 117

‌بَابُ عَدَدِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ

ص: 120

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ " وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يُصَلِّي مَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ إِلَى الْفَجْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ اثْنَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ " وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى أَنْ يَنْصَدِعَ الْفَجْرُ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ اثْنَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، وَكَانَ يَتَمَكَّثُ فِي سُجُودِهِ بِقَدْرِ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ خَمْسِينَ آيَةً، قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَيَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ " وَفِي الْأُخْرَى: كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ. وَفِي رِوَايَةٍ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا.

⦗ص: 121⦘

وَفِي أُخْرَى: كَانَتْ صَلَاتُهُ مِنَ اللَّيْلِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ

ص: 120

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي شَرِيكٌ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَقَدْتُ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ أَنْظُرُ كَيْفَ صَلَاةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ، فَرَقَدَ، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ "

ص: 121

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، ثنا عَمِّي، ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ الْحَضْرَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، كِلَاهُمَا عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبِي الْعَبَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَلَمَّا بِلَّغْتُهُ إِيَّاهَا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَيْ بُنَيَّ بِتْ عِنْدَنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ» وَكَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها فَبِتُّ عِنْدَهُمَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَيْمُونَةُ رضي الله عنها فِي الْحُجْرَةِ وَتَوَسَّدَا وِسَادَةً لَهُمَا مِنْ أَدَمٍ مَحْشُوَّةٍ لِيفًا، وَبِتُّ عَلَيْهَا مُعْتَرِضًا عِنْدَ رَأْسَيْهِمَا، فَهَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ فَتَعَارَّ بِبَصَرِهِ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تَلَا هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ:{إِنَّ فِي خَلَقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} حَتَّى انْتَهَى إِلَى خَمْسِ آيَاتٍ، ثُمَّ عَادَ لِمَضْجَعِهِ فَنَامَ هَوِيًّا مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ ذَهَبَ فَتَعَارَّ بِبَصَرِهِ فِي السَّمَاءِ فَتَلَاهُنَّ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، ثُمَّ اسْتَفْرَغَ مِنْهَا فِي إِنَاءٍ، ثُمَّ تَوَضَّأَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَخَذَ بُرْدًا لَهُ حَضْرَمِيًّا فَتَوَشَّحَهُ، ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ فَقَامَ يُصَلِّي، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ إِلَى الشَّنِّ فَاسْتَفْرَغْتُ مِنْهُ، ثُمَّ تَوَضَّأْتُ كَمَا رَأَيْتُهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ الْبَيْتَ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَدَارَنِي حَتَّى جَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَجَعَلَ يَمْسَحُ بِهَا أُذُنِي، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِيُوَنِّسَنِي بِيَدِهِ فِي ظُلْمَةِ الْبَيْتِ، ثُمَّ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنَ اللَّيْلِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ الصُّبْحِ، ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دُعَاءً، فَقَالَ لِي سَلَمَةُ: قَدْ ذَكَرَ لِي كُرَيْبٌ دُعَاءَهُ فَلَمْ أَحْفَظْ مِنْهُ إِلَّا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ كَلِمَةً، قَوْلَهُ:«اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَقَامَ " وَفِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، فَأَتَاهُ بِلَالٌ فَآذَنَهُ لِلصَّلَاةِ، فَقَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ "

ص: 121

‌نَوْعٌ آخَرُ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

ص: 122

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ:«ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ»

ص: 122

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:«لَأَرْمُقَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَوَسَّدْتُ عَتَبَتَهُ أَوْ فُسْطَاطَهُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمْا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ أَوْتَرَ فَذَلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً»

ص: 122

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالسُّقْيَا، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى جَنْبِهِ، فَصَلَّى الْعَتَمَةَ، ثُمَّ صَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَجْدَةً "

ص: 122

‌نَوْعٌ ثَالِثٌ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

ص: 122

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ عَقَارًا بِهَا فَيَجْعَلُهُ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ يُجَاهِدُ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ. فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَتَى أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ

⦗ص: 123⦘

الْمَدِينَةِ فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رَهْطًا سِتَّةً أَرَادُوا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: «أَلَيْسَ لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟» ، فَلَمَّا حَدَّثُوهُ بِذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا، فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، فَسَأَلَهُ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِوِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: عَائِشَةُ رضي الله عنها. إِيتِهَا فَسَلْهَا. ثُمَّ ارْجِعْ إِلَيَّ فَأَخْبِرْنِي بِرَدِّهَا عَلَيْكَ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهَا، فَأَتَيْتُ عَلَى حَكِيمِ بْنِ الْأَفْلَحِ فَاسْتَحْلَفْتُهُ إِلَيْهَا فَجَاءَ فَانْطَلَقَنا إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها. فَاسْتَأْذَنَّا عَلَيْهَا. فَأَذِنَتْ لَنَا فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا فَقَالَتْ: أَحَكِيمٌ؟ وَعَرَفَتْهُ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ. قَالَتْ: مَنْ هِشَامٌ؟ قَالَ: ابْنُ عَامِرٍ. فَتَرَحَّمَتْ عَلَيْهِ. وَقَالَتْ: خَيْرًا. قَالَ قَتَادَةُ: وَكَانَ أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: " فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ الْقُرْآنُ. قَالَ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ وَلَا أَسْأَلُ أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَمُوتَ، ثُمَّ بَدَا لِي، فَقُلْتُ: أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: فَإِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا وَأَمْسَكَ خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي آخِرِ السُّورَةِ التَّخْفِيفَ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْفَرِيضَةِ. قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: كُنَّا نَعُدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ مَتَى شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهَا إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ، وَيَحْمَدُهُ، وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ. وَهُوَ قَاعِدٌ. فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا بُنَيَّ. فَلَمَّا أَسَنَّ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخَذَ اللَّحْمَ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَصَنَعَ الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ الْأَوَّلِ فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنَيِّ، وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَ، وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً.

⦗ص: 124⦘

وَلَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللَّهِ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ، وَلَا صَلَّى لَيْلَةً إِلَى الصُّبْحِ، وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا غَيْرَ رَمَضَانَ " فَانْطَلَقْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَهَا. فَقَالَ: صَدَقَتْ، لَوْ كُنْتُ أَدْخُلُ عَلَيْهَا لَأَتَيْتُهَا حَتَّى تُشَافِهَنِي بِهِ. قُلْتُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا مَا حَدَّثْتُكَ حَدِيثَهَا. وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، تِسْعًا قَائِمًا وَاثْنَتَيْنِ جَالِسًا، وَاثْنَتَيْنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ

ص: 122

‌نَوْعٌ رَابِعٌ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

ص: 124

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مُلَيْكَةَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مَمْلَكٍ،: أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ، فَقَالَتْ:«كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ثُمَّ يُسَبِّحُ، ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَرْقُدُ مِثْلَ مَا يُصَلِّي ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ مِنْ نَوْمَتِهِ تِلْكَ فَيُصَلِّي مِثْلَ مَا نَامَ، وَصَلَاتُهُ تِلْكَ الْآخِرَةُ إِلَى الصُّبْحِ» وَعَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَزِيَّةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: " يَحْسَبُ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى حَتَّى يُصْبِحَ أَنَّهُ قَدْ تَهَجَّدَ؟ إِنَّمَا التَّهَجُّدُ الصَّلَاةُ بَعْدَ رَقْدَةٍ، ثُمَّ الصَّلَاةُ بَعْدَ رَقْدَةٍ، ثُمَّ الصَّلَاةُ بَعْدَ رَقْدَةٍ، قَالَ: فَتِلْكَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "

ص: 124

حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ: بَاتَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَيْقَظَ، فَاسْتَاكَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَهُوَ يَقْرَأُ:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَامَ حَتَّى سَمِعْتُ نَفْخَ النَّوْمِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَاسْتَاكَ وَتَوَضَّأَ وَهُوَ يَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ

⦗ص: 125⦘

فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ أَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ عَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَاجْعَلْ فَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي نُورًا»

ص: 124

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَمِّي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ رَمَقَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ لَيَنْظُرَ كَيْفَ يُصَلِّي، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ ذَهَبَ فَقَعَدَ وَنَظَرَ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} حَتَّى انْتَهَى إِلَى خَمْسِ آيَاتٍ مِنْهَا، ثُمَّ اسْتَاكَ وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ نَامَ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ هَبَّ مَرَّةً أُخْرَى فَنَظَرَ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تَلَا تِلْكَ الْآيَاتِ، ثُمَّ اسْتَاكَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى، فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " وَقَالَ حُمَيْدٌ: سُئِلَ أَنَسٌ رضي الله عنه، فَقَالَ:«كُنْتَ لَا تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْتَهُ، وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ»

ص: 125

‌بَابُ اخْتِيَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَنْ يُصَلِّيَ مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى

ص: 126

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِرَكْعَةٍ» وَفِي لَفْظٍ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ:«صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ» وَفِي آخَرَ: «فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ» وَفِي رِوَايَةٍ: «فَإِذَا عَرَفَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ فَلْيُوتِرْ بِوَاحِدَةٍ» وَفِي أُخْرَى: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى» وَفِي أُخْرَى: «فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَصَلِّ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ» وَفِي أُخْرَى: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً يُوتِرُ بِهَا صَلَاتَهُ» وَفِي لَفْظٍ: «فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَصَلِّ رَكْعَةً؛ وَاجْعَلْ آخِرَ صَلَاتِكَ وِتْرًا» وَفِي آخَرَ: «فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَاسْجُدْ سَجْدَةً، وَسَجْدَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ» وَفِي آخَرَ: «فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَوَاحِدَةً» وَفِي رِوَايَةٍ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ» وَفِي أُخْرَى: «فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» وَفِي لَفْظٍ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ النَّوْمَ فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ» وَفِي آخَرَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» ، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ حُرَيْثٍ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» قَالَ: يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ

ص: 126

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى، فَتَشَهَّدْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَتَبَأَّسْ وَتَمَسْكَنْ وَتَقَنَّعْ

⦗ص: 127⦘

بِيَدَيْكَ وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ، اللَّهُمَّ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهِيَ خِدَاجٌ "

ص: 126

حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ أَوْ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى، تَشَهَّدْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَضَرَّعْ وَتَمَسْكَنْ وَتَخَشَّعْ ثُمَّ تَقَنَّعْ بِيَدَيْكَ، تَقُولُ، تَرْفَعُهُمَا إِلَى رَبِّكَ: يَا رَبِّ «، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا» وَفِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَهَجَّدَ يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رحمه الله: فَالَّذِي نَخْتَارُ لِمَنْ صَلَّى بِاللَّيْلِ أَنْ يُصَلِّيَ مَثْنَى، مَثْنَى، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيَجْعَلَ آخِرَ صَلَاتِهِ رَكْعَةً لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَقَوْلُهُ: هَذَا عِنْدَنَا اخْتِيَارٌ لَا إِيجَابٌ، لَأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى بِاللَّيْلِ خَمْسًا لَمْ يُسَلِّمْ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ، فَاسْتَدْلَلْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ:«الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى» ، إِنَّمَا هُوَ اخْتِيَارٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُصَلِّيَ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا، لَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ فَذَلِكَ لَهُ مُبَاحٌ، وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يُسَلِّمَ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ

ص: 127

‌بَابُ افْتِتَاحُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ

ص: 128

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي حُرَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِلصَّلَاةِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ " وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه: «فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنٍ، طَوِيلَتَيْنِ، الْحَدِيثَ»

ص: 128

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَبْدَأْ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» قَالَ هِشَامٌ: فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ رحمه الله يَقْرَأُ فِيهِمَا، فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ} [البقرة: 254] إِلَى قَوْلِهِ {أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257] وَفِي الثَّانِيَةِ: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ:«إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رحمه الله: وَهَذَا عِنْدَنَا اخْتِيَارٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَإِنِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ فَذَلِكَ مُبَاحٌ

ص: 128

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الْأَحْنَفِ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه: صَلَّيْتُ لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَافْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَقُلْتُ: يَقْرَأُ مِائَةَ آيَةٍ، ثُمَّ يَرْكَعُ فِيهَا، الْحَدِيثَ "

ص: 128

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَاصِمَ بْنَ حُمَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً فَبَدَأَ فَاسْتَاكَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ مَعَهُ فَاسْتَفْتَحَ مِنَ الْبَقَرَةِ، لَا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ، فَسَأَلَ، وَلَا يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلَّا وَقَفَ، فَتَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ فَمَكَثَ رَاكِعًا بِقَدْرِ قِيَامِهِ وَيَقُولُ فِي رُكُوعِهِ:«سُبْحَانَ ذِي الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» ، ثُمَّ سَجَدَ بِقَدْرِ رُكُوعِهِ، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ آلَ عِمْرَانَ، ثُمَّ سُورَةَ النِّسَاءِ، ثُمَّ سُورَةً سُورَةً، يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ "

ص: 128

‌بَابُ الِاخْتِيَارِ لِطُولِ الْقِيَامِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

ص: 129

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُنَيْسٍ الْخَثْعَمِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقِيَامِ» وَفِي لَفْظٍ لِعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتُ»

ص: 129

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، رضي الله عنه قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً فَاسْتَفْتَحَ بِالْبَقَرَةِ، قُلْتُ: يَقْرَأُ بِالْمِائَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ، فَلَمَّا جَاوَزَهَا قُلْتُ: يَقْرَؤُهَا فِي رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا بَلَغَ النِّسَاءَ قُلْتُ: يَقْرَؤُهَا فِي رَكْعَةٍ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا افْتَتَحَ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَجَعَلَ لَا يَمُرُّ بِتَسْبِيحٍ وَلَا تَكْبِيرٍ وَلَا تَهْلِيلٍ، وَلَا ذِكْرِ جَنَّةٍ وَلَا نَارٍ إِلَّا وَقَفَ فَسَأَلَ أَوْ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ وَهُوَ رَاكِعٌ:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» قَدْرَ قِيَامِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ قَالَ:«سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ، فَقَامَ طَوِيلًا، ثُمَّ سَجَدَ فَجَعَلَ يَقُولُ وَهُوَ سَاجِدٌ:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: " صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ

⦗ص: 130⦘

صلى الله عليه وسلم فَأَطَالَ حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سُوءٍ، قَالَ: وَمَا هَمَمْتَ بِهِ؟ قَالَ: هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَدَعَهُ " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رحمه الله: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَكَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَثْرَةُ السُّجُودِ أَفْضَلُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عليه السلام:«مَنْ سَجَدَ لِلَّهِ سَجْدَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً» ، وَأَنَّهُ قَالَ:«أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا، بَلْ طُولُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقِيَامِ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ الصَّلَاةِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ»

ص: 129

وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْمُنِيبِ، قَالَ: رَأَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه فَتًى أَطَالَ الصَّلَاةَ وَأَطْنَبَ فِيهَا، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يُعْرَفُ هَذَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَعْرِفُهُ، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي لَوْ عَرَفْتُهُ لَأَمَرْتُهُ أَنْ يُكْثِرَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ أُتِيَ بِذُنُوبِهِ كُلِّهَا فَوُضِعَتْ عَلَى عَاتِقِهِ فَكُلَّمَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ تَسَاقَطَتْ عَنْهُ» وَعَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ حَسَّانٍ: سَأَلْتُ أَبَا مِجْلَزٍ رحمه الله: " أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ، طُولُ الْقِيَامِ أَوِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؟، قَالَ: طُولُ الْقِيَامِ " وَقَالَ شَرِيكٌ: كَانَ يُقَالُ: «طُولُ الْقُنُوتِ بِاللَّيْلِ وَكَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِالنَّهَارِ» وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ وَقَالَ وَفِي الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِهِ طُولَ الْقِيَامِ وَتَطْوِيلَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ، وَقَدْ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ، وَتِسْعَ رَكَعَاتٍ، وَسَبْعَ رَكَعَاتٍ يُطَوِّلُ فِيهَا الْقِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ جَمِيعًا، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى تَفْضِيلِ التَّطْوِيلِ عَلَى كَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:«طُولُ الْقِيَامِ»

ص: 130

‌بَابُ التَّرْتِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا " وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ وَيُرَتِّلُ السُّورَةَ حَتَّى تَكُونَ قِرَاءَتُهُ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا " وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ: أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ عَنْ قِرَاءَةِ

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَصَلَاتِهِ، فَقَالَتْ:«مَالَكُمْ وَصَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ، كَانَ يُصَلِّي ثُمَّ يَنَامُ قَدْرَ مَا صَلَّى، ثُمَّ يُصَلِّي قَدْرَ مَا نَامَ، ثُمَّ يَنَامُ قَدْرَ مَا صَلَّى حَتَّى يُصْبِحَ، وَتَنْعَتُ لَهُ قِرَاءَتَهُ، فَإِذَا هِيَ تَنْعَتُ قِرَاءَةً مُفَسِّرَةً حَرْفًا حَرْفًا» وَعَنْهَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَرَأَ يَقْطَعُ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 2]«وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ الطِّوَلَ قِرَاءَةً لَيْسَتْ بِالْخَفِيضَةِ وَلَا بِالرَّفِيعَةِ يَحْتَبِسُ وَيُرَتِّلُ ثُمَّ رَكَعَ» وَعَنْ عَلْقَمَةَ رحمه الله قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى انْصِرَافِهِ مِنَ الْفَجْرِ، فَكَانَ يُرَتِّلُ وَلَا يَرْتَجِعُ، وَيُسْمِعُ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ " وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ عَلْقَمَةَ قَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ فَكَأَنَّهُ عَجِلَ، قَالَ:«رَتِّلْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي فَإِنَّهُ زَيْنُ الْقُرْآنِ» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4] قَالَ: «بَيِّنْهُ تَبْيِينًا» وَعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: سَافَرْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُمْ يَسِيرُونَ إِلَيْهَا وَيَنْزِلُونَ بِاللَّيْلِ، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه يَقُومُ نِصْفَ اللَّيْلِ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ حَرْفًا حَرْفًا، ثُمَّ حَكَى قِرَاءَتَهُ: ثُمَّ يَبْكِي حَتَّى تَسْمَعَ لَهُ نَشِيجًا "

ص: 131

‌بَابُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ رضي الله عنها قَالَتْ: «كُنْتُ أَسْمَعُ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ وَأَنَا عَلَى عَرِيشِ أَهْلِي» وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «إِذَا قَرَأَ رَفَعَ طَوْرًا وَخَفَضَ طَوْرًا، وَذَكَرَ أَنَّهَا قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها: " كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ، أَكَانَ يَجْهَرُ أَمْ يُسِرُّ؟ قَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا جَهَرَ وَرُبَّمَا أَسَرَّ "

ص: 132

حَدَّثَنَا هَارُونُ، ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُسِرُّ بِالْقُرْآنِ كَالْمُسِرِّ بِالصَّدَقَةِ، وَالْجَهْرُ بِالْقُرْآنِ كَالْجَهْرِ بِالصَّدَقَةِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «الْجَاهِرُ بِالْقُرْآنِ كَالْجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، وَالْمُسِرُّ بِالْقُرْآنِ كَالْمُسِرِّ بِالصَّدَقَةِ»

ص: 132

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، ثنا عَمِّي، ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ

⦗ص: 133⦘

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: هَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ وَتَهَجَّدَ عُبَّادٌ مِنْ دَارِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا عَائِشَةُ، أَصَوْتُ عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ وَهُوَ يَقْرَأُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«اللَّهُمَّ ارْحَمْ عِبَادًا»

ص: 132

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا عَبْدَةُ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:«لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا مِنْ آيَةٍ قَدْ كُنْتُ أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا»

ص: 133

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا إِسْرَائِيلُ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إِذَا قَرَأَ خَافَتَ صَوْتَهُ، وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه إِذَا قَرَأَ رَفَعَ صَوْتَهُ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه:«مَا أَرَدْتَ؟» ، قَالَ: إِنِّي أُسْمِعُ مَنْ أُنَاجِي، قَالَ:«صَدَقْتَ» وَقَالَ لِعُمَرَ رضي الله عنه: «مَا أَرَدْتَ؟» ، قَالَ: أَطْرُدُ شَيْطَانًا، وَأُوقِظُ الْوَسْنَانَ، قَالَ:«صَدَقْتَ» وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنْ جَهْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْقِرَاءَةِ بِاللَّيْلِ فَقَالَ: «كَانَ يَقْرَأُ فِي حُجْرَتِهِ قِرَاءَةً لَوْ أَرَادَ حَافَظٌ أَنْ يَحْفَظُهَا فَعَلَ»

ص: 133

حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا أَبِي، سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ صَلَّى فَجَهَرَ بِصَلَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«يَا ابْنَ حُذَافَةَ لَا تُسْمِعْنِي وَسَمِّعِ اللَّهَ» وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه «إِذَا هَدَأَتِ الْعُيُونُ سُمِعَ لَهُ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ حَتَّى يُصْبِحَ» وَعَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ رحمه الله: «إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَطْرُقُ الْفُسْطَاطَ لَيْلًا فَيَسْمَعُ لَهُمْ دَوِيًّا كَدَوِيِّ النَّحْلِ، فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ يَأْمَنُونَ مَا كَانَ أُولَئِكَ يَخَافُونَ» وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَتَتْنَا عَمْرَةُ فَبَاتَتْ عِنْدَنَا فَقُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ أُصَلِّي فَجَعَلْتُ أُخَافِتُ بِقِرَاءَتِي، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي لِمَ لَا تَجْهَرْ بِالْقُرْآنِ، فَوَاللَّهِ مَا كَانَ يُوقِظُنَا بِاللَّيْلِ إِلَّا قِرَاءَةُ مُعَاذٍ الْقَارِئِ، أَوْ قِرَاءَةُ أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه " وَفِي رِوَايَةٍ: وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه. وَقَالَ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ بِاللَّيْلِ "

ص: 134

بَابُ مَدِّ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ عَنْ قَتَادَةَ: سَأَلْتُ أَنَسًا رضي الله عنه: كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: " كَانَتْ مَدًّا، ثُمَّ قَرَأَ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] يَمُدُّ «بِسْمِ اللَّهِ» ، وَيَمُدُّ «الرَّحْمَنِ» ، وَيَمُدُّ بِـ «الرَّحِيمِ» وَقَالَ مُجَاهِدٌ رحمه الله، وَطَاوُسٌ رحمه الله:«كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ أَنْ يَمُدَّ صَوْتَهُ بِالْآيَةِ مِنَ الْقُرْآنِ»

ص: 134

‌بَابُ التَّرْجِيعِ فِي الْقِرَاءَةِ

ص: 135

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، ثنا أَبُو إِيَاسٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ عَلَى نَاقَتِهِ أَوْ بَعِيرِهِ يَوْمَ فَتْحَ مَكَّةَ، فَقَرَأَ الْفَتْحَ فَرَجَّعَ " قَالَ: جَعَلَ أَبُو إِيَاسٍ يُرَجِّعُ فِي قِرَاءَتِهِ. وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَجَّعَ. وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ أُمِّ هَانِئٍ رضي الله عنها: «كُنْتُ أَسْمَعُ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ وَأَنَا نَائِمَةٌ عَلَى عَرِيشِي يُرَجِّعُ بِالْقُرْآنِ»

ص: 135

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي حُصَيْنُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ وَكَانَ قَدِيمًا يُحَدِّثُ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِلُحُونِ الْعَرَبِ وَأَصْوَاتِهَا وَلَا تَقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِلُحُونِ أَهْلِ الْعِشْقِ وَأَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ مِنْ بَعْدِي قَوْمٌ يُرَجِّعُونَ بِالْقُرْآنِ تَرْجِيعَ الْغِنَاءِ وَالرَّهْبَانِيَّةِ وَالنَّوْحِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، مَفْتُونَةٌ قُلُوبُهُمْ وَقُلُوبُ الَّذِينَ يُعْجِبُهُمْ شَأْنُهُمْ» وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: «إِيَّاكُمْ وَالْهَذَّاذِينَ الَّذِينَ يَهُذُّونَ الْقُرْآنَ، يُسْرِعُونَ بِقِرَاءَتِهِ، فَإِنَّمَا مَثَلُ أُولَئِكَ كَمَثَلِ الْكُنَّةِ، لَا أَمْسَكَتْ مَاءً وَلَا أَنْبَتَتْ كَلَأً»

⦗ص: 136⦘

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: " الْقِرَاءَةُ عَلَى الْغِنَاءِ قَالَ: وَمَا بَأْسُ ذَلِكَ " وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: كَانَ دَاوُدُ النَّبِيُّ عليه السلام «يَأْخُذُ الْعَزْفَةَ فَيَضْرِبُ بِهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ عَلَيْهَا يُرَدِّدُ بِهَا صَوْتَهُ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَبْكِيَ وَيُبْكِيَ» وَقَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ الْأَعْمَشِ، فَرَجَّعَ قَرَأَ بِهَذِهِ الْأَلْحَانِ، فَقَالَ الْأَعْمَشُ:«قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ أَنَسٍ نَحْوَ هَذَا فَكَرِهَهُ» وَسَمِعَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله رَجُلًا يَتَشَدَّقُ فِي الْقِرَاءَةِ وَيَتَنَطَّعُ فِيهَا فَكَرِهَ ذَلِكَ. وَفِي رِوَايَةٍ: قَرَأَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَجُلٌ فَأَعْجَبَتْ قِرَاءَتُهُ عُمَرَ: فَقَالَ لَهُ: إِنْ خَفَّ عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِينَا فَافْعَلْ، قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا وَلَّى رَجَعَ، فَقَالَ:" أَصْلَحَكَ اللَّهُ، وَاللَّهِ مَا قَرَأْتُ عَلَيْكَ إِلَّا بِلَحْنٍ وَاحِدٍ مِنْ أَلْحَانِي، وَإِنِّي لَأَقْرَأُ بِكَذَا وَكَذَا لَحْنًا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَوَ إِنَّكَ لَمِنْ أَصْحَابِ الْأَلْحَانِ اخْرُجْ لَا تَأْتِنَا " وَسَمِعَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ رحمه الله رَجُلًا يَقْرَأُ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قِرَاءَةً فِيهَا طَرَبٌ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ: اذْهَبْ إِلَى هَذَا الْمُغَنِّي فَمُرْهُ لِيَحْتَبِسْ صَوْتَهُ، فَذَهَبَ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ سَعِيدٌ:«دَعْهُ فَإِنَّهُ مِنْ خَيْرِ فِتْيَانِهِمْ» وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ رحمه الله: سُئِلَ مُحَمَّدٌ عَنْ هَذِهِ الْأَصْوَاتِ بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ:«هِيَ مُحْدَثَةٌ»

ص: 135

‌بَابُ تَحْزِينِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَتَحْسِينِهِ

ص: 137

حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَلَّهُ أَشَدُّ أَذَنًا إِلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنِ إِلَى قَيْنَتِهِ»

ص: 137

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» وَفِي رِوَايَةٍ: «حَسِّنُوا الْقُرْآنُ بِأَصْوَاتِكُمْ، فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا»

ص: 137

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ، ثنا خَالِدٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا قَدْ أَعْطَانِي اللَّهَ حُسْنَ صَوْتٍ بِالْقُرْآنِ، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَسْتَقْرِئُنِي، وَيَقُولُ لِيَ: اقْرَأْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ حُسْنَ الصَّوْتِ تَزْيِينٌ لِلْقُرْآنِ»

ص: 137

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه فَقَالَ:«لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» وَفِي رِوَايَةٍ: «لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لِأَبِي مُوسَى، وَهُوَ جَالِسٌ مَعَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ: ذَكِّرْنَا رَبَّنَا يَا أَبَا مُوسَى فَيَقْرَأُ عِنْدَهُ " وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ أَبَا مُوسَى رضي الله عنه قَامَ لَيْلَةً يُصَلِّي: فَسَمِعَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَوْتَهُ وَكَانَ حُلْوَ الصَّوْتِ فَقُمْنَ يَسْتَمِعْنَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قِيلَ لَهُ: إِنَّ النِّسَاءَ كُنَّ

⦗ص: 138⦘

يَسْتَمِعْنَ، فَقَالَ:«لَوْ عَلِمْتُ لَحَبَّرْتُ لَكُنَّ تَحْبِيرًا وَلَشَوَّقْتُكُنَّ تَشْوِيقًا» وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: «مَا سَمِعْتُ صَنْجًا وَلَا بَرْبَطًا وَلَا مِزْمَارًا أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْ أَبِي مُوسَى، إِنْ كَانَ لَيُصَلِّي بِنَا فَنَوَدُّ أَنَّهُ قَرَأَ الْبَقَرَةَ مِنْ حُسْنِ صَوْتِهِ» وَكَانَ أَبُو مُوسَى يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه:" أَلَا تَنْهَى هَذَا عَنْ أَنْ يُغَنِّيَ بِالْقُرْآنِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَأَمْهَلَ عُمَرُ حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ خَرَجَ فَاسْتَمَعَ لِأَبِي مُوسَى وَهُوَ يَقْرَأُ، فَلَمَّا سَمِعَ قِرَاءَتَهُ رَقَّ لَهَا حَتَّى بَكَى، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ، قَالَ لَهُمْ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُغَنِّيَ غَنَاءَ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه فَلْيَفْعَلْ» وَقَدِمَ أَبُو مُوسَى رضي الله عنه عَلَى مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه فَنَزَلَ فِي بَعْضِ الدُّورِ بِدِمَشْقَ، فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه مِنَ اللَّيْلِ إِلَى مَنْزِلِهِ يَمْشِي حَتَّى اسْتَمَعَ قِرَاءَتَهُ "

ص: 137

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُمَرُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا مَرْزُوقٌ أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِيلَ لَهُ: أَيُّ النَّاسِ أَحْسَنُ قِرَاءَةً؟ قَالَ: «الَّذِي إِذَا سَمِعْتَ قِرَاءَتَهُ رَأَيْتَ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ»

ص: 138

حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: أَبْطَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ، ثُمَّ جِئْتُ، قَالَ:«أَيْنَ كُنْتِ؟» ، قُلْتُ: أَتَسَمَّعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِكَ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَ صَوْتِهِ وَقِرَاءَتِهِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ، قَالَتْ: فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ حَتَّى اسْتَمَعَ لَهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ:«هَذَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَ هَذَا»

ص: 138

‌بَابُ التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ وَالِاسْتِغْنَاءِ بِهِ

ص: 139

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أَذِنَ اللَّهُ لشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ» قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي: يَسْتَغْنِي بِهِ، مَا أَذِنَ اللَّهُ لشَيْءٍ: مَا اسْتَمَعَ اللَّهُ لشَيْءٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا} [الانشقاق: 2] وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا: اسْتَمَعَتْ، وَأَنْشُدُ أَبُو قُدَامَةَ:

[البحر البسيط]

إِنْ يَسْمَعُوا رَيْبَةً طَارُوا بِهَا فَرَحًا

وَإِنْ ذُكِرْتَ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا

وَفِي رِوَايَةٍ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ تَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ» وَفِي أُخْرَى: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لشَيْءٍ إِذْنَهُ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ»

ص: 139

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَهِيكٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا، لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» وَفِي أُخْرَى: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا، وَتَغَنَّوْا بِهِ، فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ فَلَيْسَ مِنَّا» قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: يَعْنِي «يَسْتَغْنِي بِهِ عَمَّا سِوَاهُ مِنَ الْكَلَامِ» وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: «هُوَ الَّذِي يَتَحَزَّنُ بِهِ»

⦗ص: 140⦘

وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ رضي الله عنه وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، وَلَفْظُهَا:«مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا»

ص: 139

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا بَكْرُ بْنُ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَعَلَّمُوا كِتَابَ اللَّهِ، وَتَعَاهَدُوهُ، وَتَغَنَّوْا بِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الْمَخَاضِ فِي الْعُقُلِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الْمَخَاضِ فِي الْعُقُلِ» وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحَسَنَ مَآبٍ} [ص: 25] قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِدَاوُدَ عليه السلام وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ سَاقِ الْعَرْشِ: يَا دَاوُدُ " مَجِّدْنِي بِذَاكَ الصَّوْتِ الْحَسَنِ الرَّخِيمِ، فَيَقُولُ: كَيْفَ وَقَدْ سَلَبْتَنِيهُ فِي الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: إِنِّي أَرُدُّهُ عَلَيْكَ، فَيَرْفَعُ دَاوُدُ عليه السلام صَوْتَهُ بِالزَّبُورِ فَيَسْتَفْرِغُ صَوْتُ دَاوُدَ نُعَيْمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ " وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ رحمه الله: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا حَسَنَ الْوَجْهِ وَالصَّوْتُ»

ص: 140

‌بَابُ نُزُولِ الْمَلَائِكَةِ وَالسَّكِينَةِ وَحُضُورِ عُمَّارِ الدَّارِ صَلَاةَ الْمُصَلِّي بِاللَّيْلِ لِاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ

ص: 140

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ مِنْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:«تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ»

ص: 140

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا مُعَاذٌ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، قَالَ: بَيْنَا أنا أُصَلِّي، ذَاتَ لَيْلَةٍ رَأَيْتُ مِثْلَ الْقَنَادِيلِ نُورًا تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«فَهَلَّا مَضَيْتَ يَا أَبَا عَتِيكٍ؟» قُلْتُ: مَا اسْتَطَعْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَيْتُهُ إِنْ وَقَعَتْ سَاجِدًا، قَالَ:«أَمَا إِنَّكَ لَوْ مَضَيْتَ لَرَأَيْتَ الْعَجَائِبَ كَانَتَ تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ تَنَزَّلُوا إِلَى الْقُرْآنِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ نَزَلَتْ لِقِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ مَضَيْتَ لَرَأَيْتُ الْعَجَائِبَ» وَفِي أُخْرَى: «إِنَّ ذَاكَ مَلَكٌ اسْتَمَعَ الْقُرْآنَ» وَفِي لَفْظٍ: " تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ دَنَتْ لَصَوْتِكَ وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ تَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لَا تَتَوَارَى مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: اقْرَأْ يَا أُسَيْدُ، فَقَدْ أُوتِيتَ مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ " وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه: " إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَجْهَرْ بِقِرَاءَتِهِ فَإِنَّهُ يُطْرُدُ بِجَهْرِ قِرَاءَتِهِ الشَّيَاطِينَ وَفُسَّاقَ الْجِنِّ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ فِي الْهَوَاءِ وَسُكَّانَ الدَّارِ يَسْتَمِعُونَ لِقِرَاءَتِهِ وَيُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، فَإِذَا مَضَتْ هَذِهِ اللَّيْلَةُ أَوْصَتِ اللَّيْلَةَ الْمُسْتَأْنَفَةَ فَتَقُولُ: نَبِّهِيهِ لِسَاعَتِهِ وَكُونِي عَلَيْهِ خَفِيفَةً " وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ: بَلَغَنِي «أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِلصَّلَاةِ هَبَطَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِهِ وَاسْتَمَعَ لَهُ عُمَّارُ الدَّارِ وَسُكَّانُ الْهَوَاءِ» وَعَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ رحمه الله أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيُّ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى تَهَجُّدِهِ مِنَ اللَّيْلِ قَامَ مَعَهُ سُكَّانُ دَارِهِ مِنَ الْجِنِّ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ وَاسْتَمَعُوا لِقِرَاءَتِهِ " وَعَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ أَبِيهِ بِنَحْوِهِ

ص: 141

بَابُ الْوُقُوفِ عِنْدَ آيَةِ الرَّحْمَةِ وَالْعَذَابِ، وَالدُّعَاءِ عِنْدَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: " إِذَا قَرَأْتَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] فَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَإِذَا قَرَأْتَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] فَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ «وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَرَّ بِالْآيَةِ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَوْ تَرْغِيبٌ وَقَفَ فَتَعَوَّذَ وَسَأَلَ» وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُ ذَلِكَ

ص: 141

‌بَابُ الْبُكَاءِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا» إِلَى آخِرِهِ

ص: 142

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيرٌ كَأَزِيرِ الْمِرْجَلِ مِنَ الْبُكَاءِ «وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه» كَانَ يُسْمَعُ أَزِيرُ صَدْرِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ مَسِيرَةِ مِيلٍ خَوْفًا مِنْ رَبِّهِ "

ص: 142

حَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأْ عَلَيَّ» ، فَقُلْتُ: أَقْرَأَهُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟، قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]، غَمَزَنِي غَامِزٌ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا عَيْنَاهُ تَهْمِلَانِ " وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ: قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه " يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ بِالْمِئِينَ؛ بِالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ وَطَهَ وَاقْتَرَبَ، وَنَحْوِهِنَّ مِنَ السُّوَرِ، فَأَتَيْتُ يَوْمًا مَعَ عُمَرَ رضي الله عنه فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَأَنَا فِي آخِرِ صُفُوفِ الرِّجَالِ مَا يَلِي النِّسَاءَ، وَهُوَ يَقْرَأُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا يُوسُفُ عليه السلام، فَمَرَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]، وَكَانَ جَهِيرَ الْقِرَاءَةِ، فَبَكَى حَتَّى انْقَطَعَتْ قِرَاءَتُهُ وَحَتَّى سَمِعْتُ نَحِيبَهُ " وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: «غَلَبَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه الْبُكَاءُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى سَمِعْتُ نَحِيبَهُ مِنْ وَرَاءِ ثَلَاثَةِ صُفُوفٍ» وَعَنِ الْحَسَنِ رضي الله عنه: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَمُرُّ بِالْآيَةِ مِنْ وِرْدِهِ بِاللَّيْلِ فَيَبْكِي حَتَّى يَسْقُطَ وَيَبْقَى فِي الْبَيْتِ حَتَّى يُعَادَ لِلْمَرَضِ "

⦗ص: 143⦘

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «كَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ»

ص: 142

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ صَلَّى مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَلَسَ وَثَنَى رِجْلَيْهِ وَقَالَ: وَاغَوْثِي بِاللَّهِ الْعَظِيمِ مِنَ النَّارِ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَقَدْ أَبْكَيْتَ مَلَأً مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَظِيمًا اللَّيْلَةَ بِقَوْلِكَ: وَاغَوْثِي بِاللَّهِ الْعَظِيمِ مِنَ النَّارِ " وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِشَابٍّ يَقْرَأُ: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن: 37]، فَوَقَفَ فَاقْشَعَرَّ وَخَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ:" وَيْحِي فِي يَوْمٍ تَنْشَقُّ فِيهِ السَّمَاءُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهَا: «يَا فَتَى فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ بَكَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ بُكَائِكَ» وَأَتَى عَلَى شَابٍّ يُنَادِي فِي جَوْفِ اللَّيْلِ: وَاغَوْثَاهُ مِنَ النَّارِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: «يَا شَابُّ لَقَدْ أَبْكَيْتَ الْبَارِحَةَ أَعْيُنَ مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كَثِيرٍ»، وَعَنْ نَافِعِ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَيَمُرُّ بِالْآيَةِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ فَيَقِفُ فَيَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَيَدْعُو، وَرُبَّمَا بَكَى، وَيَمُرُّ بِالْآيَةِ فِيهَا ذِكْرُ النَّارِ فَيَقِفُ وَيَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ وَيَدْعُو، وَرُبَّمَا بَكَى، وَكَانَ إِذَا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] بَكَى، وَقَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، بَلَى يَا رَبِّ "، وَعَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ رحمه الله قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه بَيْتَهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَإِذَا هُوَ يَبْكِي فِي صَلَاتِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَيَّ وَعَلِمَ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُهُ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ:«إِنَّ هَذِهِ الشَّمْسَ لَتَبْكِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، ابْكُوا فَإِنَّ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا» ، وَعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ رحمه الله: بَيْنَمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنه وَرَاءَ الْمَقَامِ يُصَلِّي، وَقَدْ شَفَا الْقَمَرُ لِيَغِيبَ، مَرَّ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ فَوَقَفَ، فَقَالَ لَهُ: مَا لَكَ ابْنَ أَخِي، أَتَعْجَبُ مِنِّي أَنْ أَبْكِيَ، فَوَاللَّهِ إِنَّ هَذَا الْقَمَرَ لَيَبْكِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ حَقَّ الْعِلْمِ لَبَكَى أَحَدُكُمْ حَتَّى يَنْقَطِعَ صَوْتُهُ وَلَسَجَدَ حَتَّى يَنْكَسِرَ صُلْبُهُ، وَقَرَأَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] بَكَى حَتَّى خُنَّ، وَحَتَّى انْقَطَعَ عَنْ قِرَاءَةِ مَا بَعْدَهَا "،

ص: 143

وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنه يَبْكِي بِاللَّيْلِ حَتَّى رَسَعَتْ عَيْنَاهُ، وَيَبْكِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ حَتَّى عَمِشَ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنه:«وَلَأَنْ أَدْمَعَ دَمْعَةً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِأَلْفِ دِينَارٍ» ، وَبَكَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رضي الله عنه، فَبَكَتِ امْرَأَتُهُ فَقَالَ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: أَبْكَانِي الَّذِي أَبْكَاكَ، قَالَ:«أَبْكَانِي أَنِّي وَارِدٌ النَّارَ فَلَا أَدْرِي أَنَاجٍ مِنْهَا أَمْ لَا» ، وَجَلَسَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه عِنْدَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ رحمه الله وَهُوَ يَقُصُّ، فَكَانَتْ عَيْنَا ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه تُهْرَاقَانِ دُمُوعًا. وَقَالَ أَبُو رَجَاءٍ:«كَانَ هَذَا الْمَكَانُ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ الشِّرَاكِ الْبَالِي مِنَ الدُّمُوعِ، وَوَضَعَ أُصْبُعَهُ عَلَى جَفْنِ عَيْنِهِ السُّفْلَى» ، وَقَرَأَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها فِي الصَّلَاةِ {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] فَبَكَتْ، ثُمَّ قَالَتِ:«اللَّهُمَّ مُنَّ عَلَيَّ وَقِنِي عَذَابَ السَّمُومِ إِنَّكَ أَنْتَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ»

ص: 144

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنِ الرَّقَاشِيِّ الْأَكْبَرِ، عَنْ أَنَسٍ،: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ نِسَائِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، وَعُمَرُ رضي الله عنه جَالِسَانِ، فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَكَانَتْ لِحْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرُ شَيْبًا مِنْ رَأْسِهِ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْرَعَ فِيكَ الشَّيْبُ: فَقَالَ: " أَجَلْ شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا: الْوَاقِعَةُ، وَالْقَارِعَةُ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَسَأَلَ سَائِلٌ " قَالَ أَبُو صَخْرٍ، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ: وَالْحَاقَّةُ

ص: 144

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحِيرٍ، ثنا

⦗ص: 145⦘

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ فَلْيَقْرَأْ: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ، وَإِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ «، وَأَحْسَبُهُ ذَكَرَ سُورَةَ هُودٍ» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: «لَمْ أَرَ رَجُلًا يَجِدُ مِنَ الْقَشْعَرِيرَةِ مَا يَجِدُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ»

ص: 144

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ:{إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا، وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ} [المزمل: 13] فَصَعِقَ " وَرَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَاهِبًا، فَبَكَى وَقَالَ: " ذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ، تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} [الغاشية: 3] فَذَاكَ أَبْكَانِي " وَقَالَ عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ رحمه الله: " كَانَ إِذَا قَرَأَ {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] بَكَى حَتَّى أَقُولَ قَدِ انْدَقَّ قَضِيضُ زَوْرِهِ " وَعَنِ الْأَعْمَشِ رحمه الله قَالَ: «أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَمْ يَدْعُو أَبَا صَالِحٍ حَتَّى قَدَّمُوهُ، فَافْتَتَحَ سُورَةَ يُوسُفَ حَتَّى بَلَغَ حَيْثُ صَنَعُوا بِيُوسُفَ عليه السلام مَا صَنَعُوا، فَوَقَعَ عَلَيْهِ الْبُكَاءُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُجَاوِزَ حَتَّى رَكَعَ» وَكَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ: " لَا يَتَطَوَّعُ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى مَرَّةً الْعِشَاءَ ثُمَّ جَاءَ مَنْزِلَهُ فَقَامَ يُصَلِّي حَتَّى إِذَا بَلَغَ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} [غافر: 18] بَكَى، ثُمَّ سَقَطَ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَرَأَ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} [غافر: 18] فَبَكَى، ثُمَّ سَقَطَ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحَ، مَا صَلَّى وَلَا رَكَعَ " وَقَالَ مَالِكٌ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ: يَا ابْنَ آدَمَ لَا تَعْجَزْ أَنْ تَقُومَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي صَلَاتِكَ بَاكِيًا، فَإِنِّي أَنَا الَّذِي اقْتَرَبَتُ لِقَلْبِكَ وَبِالْغَيْبِ رَأَيْتَ نُورِيَ، قَالَ مَالِكٌ: يَعْنِي تِلْكَ الرِّقَّةَ وَتِلْكَ الْفُتُوحَ الَّتِي يُفْتَحُ لَهُ بِقُرْبِ اللَّهِ مِنْهُ "

⦗ص: 146⦘

وَقَالَ سُفْيَانُ: كَانَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ رحمه الله: " قَدْ عَمِشَ مِنَ الْبُكَاءِ، وَرُبَّمَا رَأَيْتُهُ يُصَلِّي هَهُنَا وَأَضْلَاعُهُ تَخْتَلِفُ فَزَعَمُوا أَنَّهُ صَامَ سَنَتَيْنِ وَقَامَهُمَا، وَكَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ، فَقَالَ: لَا يَمْنَعَنَّكِ مَكَانِي فَتَزَوَّجِي إِنْ أَرَدْتِ ذَاكَ، قَالَ: وَلَوْ رَأَيْتَ مَنْصُورًا يُصَلِّي لَقُلْتَ يَمُوتُ لِلسَّاعَةِ " وَقَرَأَ زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى وَهُوَ يَؤُمُّ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ {فَإِذَا نُقِرُّ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ، عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} [المدثر: 8] فَخَرَّ مَيِّتًا " قَالَ بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ رحمه الله: فَكُنْتُ فِيمَنِ احْتَمَلَهُ حَتَّى أَتَيْنَا بِهِ دَارَهُ " وَقَرَأَ قَارِئٌ عَلَى مَرْوَانَ الْمُحَلَّمِيِّ الْقُرْآنَ فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ: كَانَ لِدَاوُدَ النَّبِيِّ عليه السلام يَوْمٌ يَتَأَوَّهُ فِيهِ يَقُولُ: «أَوِّهْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ قَبْلَ لَا أَوِّهْ» فَذَكَرَهَا صَفْوَانُ يَوْمًا فَغَلَبَهُ الْبُكَاءُ حَتَّى قَامَ " وَعَنْ كَعْبٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ} [التوبة: 114]، قَالَ: " كَانَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام إِذَا ذَكَرَ النَّارَ قَالَ: أَوِّهْ مِنَ النَّارِ أَوِّهْ "

ص: 145

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْبِجَادَيْنِ: «إِنَّهُ أَوَّاهٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَ اللَّهِ بِالْقُرْآنِ وَالدُّعَاءِ» وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ رحمه الله: «مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى رَجُلٍ بَكَّاءٍ بِاللَّيْلِ بَسَّامٍ بِالنَّهَارِ» وَاشْتَكَى ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَيْنَهُ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: اضْمَنْ لِي خَصْلَةً تَبْرَأْ عَيْنُكَ؛ لَا تَبْكِي، قَالَ:«وَمَا خَيْرٌ فِي عَيْنٍ لَا تَبْكِي» وَقَالَ ثَوْبَانُ رحمه الله: «طُوبَى لِمَنْ مَلَكَ لِسَانَهُ، وَوَسِعَهُ بَيْتُهُ، وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ» وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ رحمه الله: " الْبُكَاءُ مِنْ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ: مِنَ الْفَرَحِ، وَالْجُنُونِ، وَالْوَجَعِ، وَالْفَزَعِ، وَالرِّيَاءِ، وَالسُّكْرِ، وَبُكَاءٌ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، فَذَاكَ الَّذِي تُطْفِي الدَّمْعَةُ مِنْهُ أَمْثَالَ الْبُحُورِ مِنَ النَّارِ " وَصَلَّى خُلَيْدٌ فَقَرَأَ: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185] فَرَدَّدَهَا مِرَارًا، فَنَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ: كَمْ تُرَدِّدُ هَذِهِ الْآيَةَ؟ فَلَقَدْ قَتَلْتَ بِهَا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ مِنَ الْجِنِّ لَمْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ

⦗ص: 147⦘

حَتَّى مَاتُوا مِنْ تَرْدَادِكَ هَذِهِ الْآيَةَ، فَوَلِهَ خُلَيْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَهًا شَدِيدًا حَتَّى أَنْكَرَهُ أَهْلُهُ، كَأَنَّهُ لَيْسَ الَّذِي كَانَ " وَسَمِعَ آخَرُ قَارِئًا يَقْرَأُ:{ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} [الأنعام: 62] فَصَرَخَ وَاضْطَرَبَ حَتَّى مَاتَ. وَسَمِعَ آخَرُ قَارِئًا يَقْرَأُ: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] فَمَاتَ لَأَنَّ مَرَارَتَهُ تَفَطَّرَتْ وَقِيلَ لِفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رحمه الله: مَا سَبَبُ مَوْتِ ابْنِكَ؟ قَالَ: «بَاتَ يَتْلُو الْقُرْآنَ فِي مِحْرَابِهِ فَأَصْبَحَ مَيِّتًا»

ص: 146

‌بَابُ تَرْدِيدِ الْمُصَلِّي الْآيَةَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، يَتَدَبَّرُ مَا فِيهَا

ص: 148

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، ثنا قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا جَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا عُمَّارًا فَوَرَدْنَا الرِّبْذَةَ فَأَتَيْنَا أَبَا ذَرٍّ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ الْعِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَلَمَّا تَكَفَّأَتْ عَنْهُ الْعُيُونُ رَجَعَ إِلَى مَقَامِهِ فَجِئْتُ فَقُمْتُ خَلْفَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ بِيَدِهِ فَقُمْتُ عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَقَامَ خَلْفَنَا فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَقَامَ عَنْ شِمَالِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَصْبَحَ يَتْلُو آيَةً وَاحِدَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بِهَا وَيَرْكَعُ بِهَا وَيَسْجُدُ بِهَا يَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]، فَلَمَّا أَصْبَحَ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ اللَّيْلَةَ كَذَا وَكَذَا، فَلَوْ سَأَلْتَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُمْتَ اللَّيْلَةَ بِآيَةٍ وَاحِدَةٍ بِهَا تَرْكَعُ وَبِهَا تَسْجُدُ وَبِهَا تَدْعُو، وَقَدْ عَلَّمَكَ اللَّهُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ، قَالَ:«إِنِّي دَعَوْتُ لِأُمَّتِي» وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: " أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِالْفَقِيهِ حَقِّ الْفَقِيهِ: مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَمْ يُؤَمِّنْهُمْ مَكَرَ اللَّهِ، وَلَمْ يَتْرُكِ الْقُرْآنَ إِلَى غَيْرِهِ، أَلَا لَا خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَفَقُّهٌ، وَلَا خَيْرَ فِي فِقْهٍ لَيْسَ فِيهِ تَفَهُّمٌ، وَلَا خَيْرَ فِي قِرَاءَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَدَبُّرٌ " وَكَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ رضي الله عنه يَقُولُ: «لَوْ أَنِّي أَكُونُ كَمَا أَكُونُ عَلَى حَالٍ مِنْ أَحْوَالِي ثَلَاثًا لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَا شَكَكْتُ فِي ذَلِكَ؛ حِينَ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ، أَوْ أَسْمَعُهُ يُقْرَأُ، وَإِذَا سَمِعْتُ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِذَا شَهِدْتُ جِنَازَةً، وَمَا شَهِدْتُ جِنَازَةً قَطُّ فَحَدَّثْتُ نَفْسِي سِوَى مَا هُوَ مَفْعُولٌ بِهَا وَمَا هِيَ صَائِرَةٌ إِلَيْهِ»

⦗ص: 149⦘

وَعَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: بَعَثْتَنِي أَسْمَاءُ رضي الله عنها إِلَى السُّوقِ " وَافْتَتَحَتْ سُورَةَ الطُّورِ فَانْتَهَتْ إِلَى قَوْلِهِ: {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] فَذَهَبُتُ إِلَى السُّوقِ وَرَجَعْتُ وَهِيَ تُكَرِّرُ {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] " وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ رحمه الله: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: إِنِّي سَرِيعُ الْقِرَاءَةِ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي مَقَامٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: «لَأَنْ أَقْرَأَ الْبَقَرَةَ فَأُرَتِّلُهَا وَأَتَدَبَّرُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ كَمَا تَقُولُ» وَفِي رِوَايَةٍ: «لَأَنْ أَقْرَأَ الْبَقَرَةَ فِي لَيْلَةٍ أَتَدَبَّرُهَا وَأُفَكِّرُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ» وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ رحمه الله، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ قَالَ: كُنْتُ جَارًا لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، " وَكَانَ يَتَهَجَّدُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَقْرَأُ الْآيَةَ، ثُمَّ يَسْكُتُ قَدْرَ مَا حَدَّثْتُكَ وَذَاكَ طَوِيلٌ، ثُمَّ يَقْرَأُ، قُلْتُ: لِأَيِّ شَيْءٍ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ أَجْلِ التَّأْوِيلَ يُفْكِرُ فِيهِ " وَفِي رِوَايَةٍ: «رَكْعَتَانِ مُقْتَصَدَتَانِ فِي تَفْكِيرٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ وَالْقَلْبُ سَاهٍ» وَقِيلَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: " كَيْفَ تَرَى فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي سَبْعٍ؟ فَقَالَ: ذَلِكَ حَسَنٌ، وَلَأَنْ أَقْرَأَهُ فِي نِصْفِ شَهْرٍ أَوْ عِشْرِينَ يَوْمًا أَحَبُّ إِلَيَّ، وَسَلْنِي مِمَّ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَإِنِّي أَسْأَلُكَ، قَالَ زَيْدٌ: لِكَيْ أَتَدَبَّرَهُ وَأَقِفَ عَلَيْهِ " وَفِي رِوَايَةٍ: «لَأَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَهُ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَشْرٍ، وَعَشْرٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَبْعٍ، وَسَبْعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَأَقِفُ عِنْدَ مَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَقِفَ عِنْدَهُ، فَأَدْعُوا وَأَتَعَوَّذُ وَأَسْأَلُ» وَأَتَى تَمِيمٌ الدَّارِيُّ الْمَقَامَ «فَاسْتَفْتَحَ الْجَاثِيَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} جَعَلَ يُرَدِّدُهَا وَيَبْكِي حَتَّى أَصْبَحَ» وَعَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رحمه الله قَالَ: قَرَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه آيَةً، فَوَقَفَ عِنْدَهَا أَسْهَرَتْهُ حَتَّى أَصْبَحَ فَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: " إِنِّي قَرَأْتُ آيَةً وَقَفْتُ

⦗ص: 150⦘

اللَّيْلَةَ عِنْدَهَا فَأَسْهَرَتْنِي حَتَّى أَصْبَحْتُ: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكِونَ} [يوسف: 106]، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه لَا تُسْهِرُكُ إِنَّمَا عُنِيَ بِهَا أَهْلُ الْكِتَابِ {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ، {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون: 88] ، {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} [المؤمنون: 89] فَهُمْ يُؤْمِنُونَ هَهُنَا وَيُشْرِكُونَ بِاللَّهِ " وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: " لَأَنْ أَقْرَأَ: إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ وَالْقَارِعَةَ أُرَدِّدُهُمَا وَأَتَفَكَّرُ فِيهِمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَبِيتَ أَهُذُّ الْقُرْآنَ " وَرَدَّدَ سَعْدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَهُوَ يَؤُمُّهُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ، إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ، وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ، ثُمَّ فِي النَّارِ يَسْجَرُونَ} [غافر: 71] مِرَارًا، وَقَامَ لَيْلَةً يُصَلِّي فَقَرَأَ: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281]، فَرَدَّدَهَا بِضْعًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً وَكَانَ يَبْكِي بِاللَّيْلِ حَتَّى عَمِشَ " وَقَالَ اللَّيْثُ رحمه الله: عَنْ مَسْرُوقٍ رحمه الله: «كَانَ يَقْرَأُ الرَّعْدَ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ» وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ «يَجْعَلُ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وِرْدَهُ» وَكَانَ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ رحمه الله إِذَا قَرَأَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} لَمْ يَكَدْ يَحُزُّهَا، وَيَقُولُ:«يَا لَكَ مِنْ يَوْمٍ مَا أَمْلَأَكَ لِقُلُوبِ الصَّادِقِينَ» وَقَالَ الْحَسَنُ: يَا ابْنَ آدَمَ كَيْفَ يَرِقُّ قَلْبُكَ؟ وَإِنَّمَا هِمَّتُكَ فِي آخِرِ سُورَتِكَ «

⦗ص: 151⦘

وَكَانَ هَارُونُ بْنُ رَبَابٍ الْأُسَيْدِيُّ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ لِلتَّهَجُّدِ فَرُبَّمَا رَدَّدَ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى يُصْبِحَ {قَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبُ بِآيَاتِ رَبَّنَا وَنَكُونُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وَيَبْكِي حَتَّى يُصْبِحَ» وَرَدَّدَ الْحَسَنُ رحمه الله لَيْلَةً {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] حَتَّى أَصْبَحَ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:«إِنَّ فِيهَا مُعْتَبَرًا، مَا نَرْفَعُ طَرَفًا وَلَا نَرُدُّهُ إِلَّا وَقَعَ عَلَى نِعْمَةٍ، وَمَا لَا نَعْلَمُهُ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ أَكْثَرُ» وَقَالَ أَبُوسُلَيْمَانَ: " مَا رَأَيْتُ أَحَدًا الْخَوْفُ عَلَيْهِ أَظْهَرُ عَلَى وَجْهِهِ وَالْخُشُوعُ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ حُيَيٍّ رحمه الله، قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ بِـ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] يُرَدِّدُهَا، ثُمَّ غُشِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَادَ فَعَادَ إِلَيْهَا فَغُشِيَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَخْتِمْهَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ "

ص: 148

‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ السُّوَرِ فِي رَكْعَةٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ رحمه الله قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ السُّوَرِ؟ قَالَتْ:«نَعَمْ مِنَ الْمُفَصَّلِ» وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي لَأَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ

رضي الله عنه: " أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ؟ إِنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ وَلَكِنَّهُ إِذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ، إِنَّ أَحْسَنَ الصَّلَاةِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، وَلَكِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ النَّظَائِرَ: الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ، فِي رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتِ وَالْحَاقَّةَ فِي رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِي رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ وَن وَالْقَلَمِ فِي رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ، وَالنَّازِعَاتِ فِي رَكْعَةٍ، وَيَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ وَيَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ فِي رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِي رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِي رَكْعَةٍ " وَفِي رِوَايَةٍ: «وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ وَلَا أُقْسِمُ فِي رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلَاتِ فِي رَكْعَةٍ، وَحم الدُّخَانُ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِي رَكْعَةٍ» وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ أَوْتَرَ بِهَا «وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِعَشْرِ سُوَرٍ فِي رَكْعَةٍ»

ص: 151

‌بَابُ كَرَاهَةِ تَقْطِيعِ السُّورَةِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ السُّوَرِ فِي رَكْعَةٍ

ص: 152

حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لِكُلِّ سُورَةٍ حَظُّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «لِكُلِّ سُورَةٍ رَكْعَةٌ» وَفِي أُخْرَى: «أَعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حَظَّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» وَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: " الرَّجُلُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ؟ فَقَالَ: أَقَدْ فَعَلْتُمُوهَا؟ لَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْزَلَهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِنَّمَا فَصَّلَ لَيُعْطِيَ كُلَّ سُورَةٍ حَظَّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ " قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «أَعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حَقَّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلَا تَهُذُّوا الْقُرْآنَ هَذَّا الشِّعْرِ وَلَا تَنْثُرُوهُ نَثْرَ الدَّقَلِ، وَقِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ وَحَرِّكُوا بِهِ الْقُلُوبَ»

ص: 152

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخْبَرَنَا زِيَادٌ الْبِكَالِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ فَأَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةَ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَافِلًا أَتَى زَوْجُهَا وَكَانَ غَائِبًا، فَلَمَّا أُخْبِرَ الْخَبَرَ حَلَفَ أَلَا يَرْجِعَ حَتَّى يُهْرِيقَ فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم دَمًا، فَخَرَجَ يَتْبَعُ أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْزِلًا، فَقَالَ: " مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ؟، فَانْتَدَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَا: نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«فَكُونَا بِفَمِ الشِّعْبِ» ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ قَدْ نَزَلُوا إِلَى شِعْبٍ مِنَ الْوَادِي، فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلَانِ إِلَى فَمِ الشِّعْبِ، قَالَ الْأَنْصَارِيُّ لِلْمُهَاجِرِيِّ: أَيُّ اللَّيْلِ تُحِبُّ أَنْ أَكْفِيكَهُ، أَوَّلَهُ أَمْ آخِرَهُ؟ قَالَ: بَلِ اكْفِنِي أَوَّلَهُ، فَاضْطَجَعَ الْمُهَاجِرِيُّ فَنَامَ، وَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ يُصَلِّي قَالَ: وَأَتَى الرَّجُلُ فَلَمَّا رَأَى شَخَصَ الرَّجُلِ عَرَفَ أَنَّهُ رَبِيئَةُ الْقَوْمُ؟ قَالَ: فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ، قَالَ: فَانْتَزَعَهُ فَوَضَعَهُ وَثَبَتْ قَائِمًا، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَوَضَعَهُ فِيهِ، قَالَ: فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ وَثَبَتْ قَائِمًا، ثُمَّ عَادَ لَهُ بِالثَّالِثِ فَوَضَعَهُ فِيهِ، قَالَ: فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، ثُمَّ أَهَبَّ صَاحِبَهُ، فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ فَقَدْ أُثْبِتُّ، قَالَ: فَوَثَبَ، فَلَمَّا

ص: 152

رَآهُمَا الرَّجُلُ عَرَفَ أَنَّهُمْ قَدْ نَذِرُوا بِهِ فَهَرَبَ، فَلَمَّا رَأَى الْمُهَاجِرِيُّ مَا بِالْأَنْصَارِيِّ مِنَ الدَّمِ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَفَلَا أَيْقَظْتَنِي أَوَّلَ مَا رَمَاكَ؟ قَالَ: كُنْتُ فِي سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا حَتَّى أُنْفِذَهَا، فَلَمَّا تَابَعَ عَلَيَّ الرَّمْيَ رَكَعْتُ فَآذَنْتُكَ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنْ أُضَيِّعَ ثَغْرًا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِهِ لَقَطَعَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَقْطَعَهَا أَوْ أُنْفِذَهَا " وَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنه، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: عَبَّادٌ، كَانَ يَلْزَمُهُ وَكَانَ امْرَأً صَالِحًا أَنَّهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَقْرِنُ بَيْنَ السُّوَرِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: يَا خَائِنَ أَمَانَتَهُ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى عَبَّادٍ وَقَالَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، أَيُّ أَمَانَةٍ بَلَغَكَ خُنْتُهَا؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّكَ تَجْمَعُ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَفْعَلُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «كَيْفَ بِكَ يَوْمَ تَأْخُذُكَ كُلُّ سُورَةٍ بِرَكْعَتِهَا وَسَجْدَتِهَا؟ أَمَا إِنِّي لَمْ أَقُلْ لَكَ إِلَّا مَا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالَّذِي عَلَيْهِ أَمَرَ النَّاسَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ السُّوَرِ فِي الرَّكْعَةِ حَسَنٌ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، وَهَذَا الَّذِي فَعَلَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه، وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ رضي الله عنه وَغَيْرُهُمَا، هُوَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ جَمْعٍ إِلَّا أَنَّ الَّذِيَ اخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَقْرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلِّ مِنْ ثَلَاثٍ لِلْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ مِنَ الْكَرَاهَةِ لِذَلِكَ " وَذُكِرَ عَنْ يُحْيِي الْقَطَّانِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَهُوَ يُخَافِتُ، وَمَرَّ بِعُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ يَجْهَرُ، وَمَرَّ بِبِلَالٍ رضي الله عنه وَهُوَ يَقْرَأُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ، وَمِنْ هَذِهِ السُّورَةِ، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه:«مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُخَافِتُ» ، فَقَالَ: إِنِّي أُسْمِعُ مَنْ أُنَاجِي، فَقَالَ:«ارْفَعْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا» ، وَقَالَ لِعُمَرَ رضي الله عنه:«مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَجْهَرُ» ، فَقَالَ: أَطْرُدُ الشَّيْطَانَ وَأُوقِظُ الْوَسْنَانَ، فَقَالَ:«اخْفِضْ شَيْئًا» ، وَقَالَ لِبِلَالٍ:«مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ، وَمَنْ هَذِهِ السُّورَةِ» ، فَقَالَ: أَخْلِطُ الطَّيِّبَ بِالطَّيِّبِ، فَقَالَ:«اقْرَأِ السُّورَةَ عَلَى وَجْهِهَا» وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ لِبِلَالٍ رضي الله عنه: «إِذَا قَرَأْتَ السُّورَةَ فَأَنْفِدْهَا» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ رحمه الله: " فَالْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى الْكَرَاهَةِ لِقِرَاءَةِ الْآيَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ كَمَا أَنْكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى بِلَالٍ رضي الله عنه، وَكَمَا اعْتَذَرَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ فِعْلِهِ، وَكَرَاهَةُ ابْنُ سِيرِينَ لَهُ، قَالَ: وَذَلِكَ أَثْبَتُ عِنْدِي لَأَنَّهُ أَشْبَهُ بِفِعْلِ الْعُلَمَاءِ "

ص: 153

‌بَابُ قِيَامِ اللَّيْلَةِ كُلِّهَا وَخَتْمِ الْقُرْآنِ فِيهَا تَقَدَّمُ قَوْلُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «لَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ، وَلَا قَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ» وَقَوْلُ أَنَسٍ رضي الله عنه: «مَا كُنَّا نَشَاءُ أَنْ نَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْنَاهُ، وَلَا نَرَاهُ نَائِمًا إِلَّا رَأَيْنَاهُ»

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رحمه الله كَانَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَخٌ يُحِبُّهُ فِي اللَّهِ فَلَمْ يَشْهَدْ مَعَهُ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِأُمِّهِ: مَا لَهُ لَمْ يَشْهَدْ مَعَنَا صَلَاةَ الْفَجْرِ؟ فَقَالَتْ: أَحْيَا اللَّيْلَ أَجْمَعَ، فَلَمَّا كَانَ تَحْتَ وَجْهِ الصُّبْحِ غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ أَشْهَدَ الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُحْيِيَ مَا بَيْنَهُمَا يَعْنِي الْعِشَاءَ وَالْغَدَاةَ»

ص: 154

‌بَابُ أَكْثَرَ مَا يُخْتَمُ فِيهِ الْقُرْآنُ، وَأَقَلَّهُ مِنْ عَدَدِ اللَّيَالِي

ص: 155

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " أَمَرَهُ أَنْ يَقْرَأَهُ فِي أَرْبَعِينَ، ثُمَّ فِي شَهْرٍ، ثُمَّ فِي عِشْرِينَ، ثُمَّ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ، ثُمَّ فِي سَبْعٍ قَالَ: انْتَهَى إِلَى سَبْعٍ " وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: وَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ» ، وَفِي أُخْرَى: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي قَالَ: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ، اقْرَأَهُ فِي الشَّهْرِ» ، قُلْتُ: إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ:«فَأَقْرَأَهُ فِي كُلِّ نِصْفٍ» ، قُلْتُ: إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ:«فَأَقْرَأَهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِيدَنَّ» ، وَفِي لَفْظٍ:" فَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى قَالَ: «فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ»، وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فِي كَمْ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟، قَالَ:«فِي شَهْرٍ» ، فَذَكَرَهُ وَفِيهِ قَالَ:«لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَهُ فِي أَقَلِّ مِنْ ثَلَاثٍ» ، وَقَالَ الْقَاسِمُ: كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه «يَفْتَتِحُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِالْبَقَرَةِ إِلَى الْمَائِدَةِ، وَبِالْأَنْعَامِ إِلَى هُودٍ، وَيُوسُفَ إِلَى مَرْيَمَ، وَطَهَ إِلَى طسم مُوسَى وَفِرْعَوْنَ وَالْعَنْكُبُوتِ إِلَى ص، وَتَنْزِيلُ إِلَى الرَّحْمَنِ ثُمَّ يَخْتِمُ، يَفْتَتِحُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَخْتِمُ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ» ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَفِي رَمَضَانَ فِي كُلِّ

⦗ص: 156⦘

ثَلَاثٍ، وَمَا يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ مِنَ النَّهَارِ إِلَّا بِالْيَسِيرِ، وَقَالَ:«مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلِّ مِنْ ثَلَاثٍ فَهُوَ رَاجِزٌ هَذَّ كَهَذِّ الشِّعْرِ أَوْ نَثَرَ كَنَثْرِ الدَّقَلِ» ، وَكَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَكَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَمَانِ لَيَالٍ، وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ رضي الله عنه يَخْتِمُهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ، وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ رحمه الله: يَا إِخْوَتِي وِرْدِي وَاللَّهِ وِرْدُ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه؛ ثُلُثُ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ "

ص: 155

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: فَنَزَلَ وَفْدُ الْأَحْلَافِ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَنَزَلَ وَفْدُ بَنِي مَالِكٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَ أَوْ ضَرَبَ عَلَيْهِمْ قُبَّةً لَهُ وَهِيَ عَلَى طَرِيقِهِ إِلَى مُصَلَّاهُ، فَإِذَا صَلَّى الصَّلَاتَيْنِ الْأُولَى وَالْعِشَاءَ الْآخِرَةَ يَعْنِي بِالْأُولَى الْمَغْرِبَ انْصَرَفَ عَلَيْنَا مِنَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَأَمْسَكَ بِسُخْفَيِ الْقُبَّةِ أَوْ قُبَّتِهِ فَمَا يَبْرَحُ يُحَدِّثُنَا حَتَّى إِنَّهُ لَيُرَاوِحُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، أَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُنَا تَشْكِيَةَ قُرَيْشٍ وَمَا صَنَعَتْ بِهِ بِمَكَّةَ، وَكَانَ يَقُولُ:" لَا سَوَاءً، كُنَّا بِمَكَّةَ مُسْتَضْعَفِينَ مُسْتَذَلِّينَ مَقْهُورِينَ، فَلَمَّا خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ انْتَصَفْنَا مِنَ الْقَوْمِ فَكَانَتْ سِجَالًا الْخَوْفُ عَلَيْنَا وَلَنَا، فَمَكَثَ عَنَّا لَيْلَةً بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ حَتَّى نَامَ بَعْضُ مَنْ فِي الْقُبَّةِ، فَقُلْنَا: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كُنْتَ تَأْتِينَا قَبْلَ هَذِهِ السَّاعَةِ؟ قَالَ: " نَعَمْ، إِنَّهُ طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبٌ مِنَ الْقُرْآنِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَخْرُجَ حَتَّى أَقْضِيَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ سَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا الْحِزْبُ؟ قَالُوا: نَحْزُبُ الْقُرْآنَ ثَلَاثًا وَخَمْسًا وَسَبْعًا وَتِسْعًا وَإِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ وَالْمُفَصَّلُ حِزْبٌ، قَالَ: فَانْقَلَبْنَا عَلَى هَذَا " قَالَ يُحْيِي: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَدِّهِ وَهُوَ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا أَبُو عَامِرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى بْنِ كَعْبٍ الثَّقَفِيُّ الطَّائِفِيُّ، رحمه الله، قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ جَدِّهِ أَوْسٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، رضي الله عنه قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ

⦗ص: 157⦘

وَقَالَ ابْنُ الْهَادِ: سَأَلَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: فِي كَمْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ فَقُلْتُ: مَا أُحَزِّبُهُ فَقَالَ: لَا تَقُلْ مَا أُحَزِّبُهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«قَرَأْتُ جُزْءًا مِنَ الْقُرْآنِ»

ص: 156

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ عليه السلام الْقُرْآنُ فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ أَنْ تُسْرَجَ فَيَفْرُغُ مِنَ الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَابَّتُهُ» وَتَقَدَّمَ أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي رَكْعَةٍ أَوْتَرَ بِهَا، وَأَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي خَمْسٍ، وَكَانَ الْأَسْوَدُ رحمه الله يَقْرَأُهُ فِي سِتٍّ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ رحمه الله يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ سَبْعٍ، وَكَانَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ رحمه الله يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ لَيْلًا وَنَهَارًا بِعَشْرٍ عَشْرٍ قِرَاءَةً بَيِّنَةً، وَيَرْكَعُ بِكُلِّ عَشْرٍ، وَكَانَ يَخْتِمُ بِقِرَاءَتِهِ هَذِهِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، وَكَانَ الْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ رحمه الله يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ، ثُمَّ يُصْبِحُ الْيَوْمَ الَّذِي يَخْتِمُ فِيهِ الْقُرْآنَ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَذَلِكَ كَانَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ رحمه الله وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ رحمه الله يَفْعَلَانِ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ رحمه الله يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَتَيْنِ، وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رحمه الله الْقُرْآنَ فِي رَكْعَتَيْنِ فِي الْكَعْبَةِ، وَكَانَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ رحمه الله يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَيَصُومُ الدَّهْرَ، وَقَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ رحمه الله: مَا تَرَكَ ثَابِتٌ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ سَارِيَةً إِلَّا قَدْ خَتَمَ عِنْدَهَا الْقُرْآنَ فِي صَلَاةٍ، وَمَا سَارَ بِي فِي حَاجَةٍ قَطُّ إِلَّا كَانَ أَوَّلُ مَا يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَتَكَلَّمُ بِحَاجَتِهِ، وَكَانَ أَبُو حُرَّةَ رحمه الله يَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَيُصَلِّي مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَيَصُومُ الدَّهْرَ، وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ، وَقَالَ أَبُو شَيْخٍ الْهُنَائِيُّ رحمه الله: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ مَرَّتَيْنِ وَثُلُثًا، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أُتِمَّ

⦗ص: 158⦘

الثَّالِثَةَ لَفَعَلْتُ، وَخَرَجَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ رحمه الله إِلَى الْحَجِّ فَرُبَّمَا خَتَمَ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ فِي لَيْلَةٍ بَيْنَ شُعْبَتَيْ رَحْلِهِ، وَكَانَ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ رحمه الله خَفِيفَ الْقِرَاءَةِ وَكَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي صَلَاةِ الضُّحَى، وَكَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ بَيْنَ الْأُولَى وَالْعَصْرِ، وَيَخْتِمُ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ خَتْمَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْرَأُ إِلَى الطَّوَاسِينِ، قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ، وَكَانُوا إِذْ ذَاكَ يُؤَخِّرُونَ الْعِشَاءَ لِشَهْرِ رَمَضَانَ إِلَى أَنْ يَذْهَبَ رُبُعُ اللَّيْلِ، وَكَانَ يَحْيَى رحمه الله وَالْحَسَنُ رحمه الله جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ يَقُومُ إِلَى عَمُودٍ يُصَلِّي فَيَخْتِمُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ يَأْتِي الْحَسَنُ رحمه الله فَيَجْلِسُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَ أَصْحَابُهُ، وَكَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِيهَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَكَانَ يَخْتِمُهُ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَقَدْ كَانَ سَدَلَ عِمَامَتَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، فَيَقُومُ يُصَلِّي فَيَبْكِي وَيَمْسَحُ بِعِمَامَتِهِ عَيْنَيْهِ فَلَا يَزَالُ يَبُلُّهَا بِدُمُوعِهِ حَتَّى تَبْتَلَّ كُلُّهَا ثُمَّ يُلْقِيهَا وَيَضَعُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ: فَلَوْ أَنَّ غَيْرَ هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ حَسَّانَ يُخْبِرُنِي بِهَذَا عَنْ مَنْصُورٍ رحمه الله مَا صَدَّقْتُ، قَالَ مَخْلَدٌ رحمه الله: وَكَانَ هُوَ وَهِشَامٌ يُصَلِّيَانِ جَمِيعًا، وَقَالَ هِشَامٌ رحمه الله: خَتَمَ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ الْقُرْآنَ مَرَّةً وَبَلَغَ فِي الثَّانِيَةِ النَّحْلَ فِي رَمَضَانَ بَعْدَ مَا صَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَقَالَ لِمَنْصُورٍ رحمه الله: أَشْتَهِيَ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى هَذِهِ الْخَضِرِ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ رحمه الله: إِذَا مَشَيْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ فَاخْرُجْ بِنَا، قَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَنْكَسِرَ الروزجار، وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ رحمه الله يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ مِائَةَ رَكْعَةٍ يَقْرَأُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ سَبْعًا، وَفِي آخِرِهِ سَبْعًا، وَقَالَ عَبَّاسٌ الْحَجْرِيُّ: قُلْتُ لِشُفَيٍّ الْأَصْبَحِيِّ: أَشْكُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكَ أَنِّي كُنْتُ أَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كَذَا وَكَذَا يَعْنِي فِي أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ ثُمَّ صِرْتُ لَا اخْتِمْهُ إِلَّا فِي كَذَا وَكَذَا يَعْنِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ شُفَيٌّ:«اللَّهُمَّ غُفْرًا أَعْمَلُ بِمَا فِيهِ وَأَقْرَأُهُ فِي سَنَةٍ»

ص: 157

‌بَابُ مَا يَكْفِي مِنَ الْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ

ص: 159

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ» وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ قَرَأَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ» وَفِي أُخْرَى: «مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ كَفَتَاهُ» وَفِي لَفْظٍ: " مَنْ قَرَأَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة: 285] حَتَّى يَخْتِمَهَا "

ص: 159

حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، ثنا الْأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَرْمِيُّ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كَتَبَ اللَّهُ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِأَلْفَيْ عَامٍ، فَأَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَلَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ»

ص: 159

حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُعْطِيتُ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ بَيْتِ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ يُعْطَ مِنْهُ أَحَدٌ قَبْلِي وَلَا يُعْطِي مِنْهُ أَحَدٌ بَعْدِي»

ص: 159

حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ يَوْمًا وَعِنْدَهُ جَبْرَائِيلُ عليه السلام إِذْ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقَهُ فَرَفَعَ جَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ

⦗ص: 160⦘

السَّلَامُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَبَابٌ مِنَ السَّمَاءِ قَدْ فُتِحَ، مَا فُتِحَ قَطُّ، قَالَ: فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ جَبْرَائِيلُ عليه السلام: عَنْ هَذَا الْمَلَكِ مَا نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ قَطُّ، قَالَ: فَجَاءَ الْمَلَكُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَبْشِرْ بِسُورَتَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ مِنْ قَبْلِكَ؛ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَمْ تَقْرَأْ بِحَرْفٍ مِنْهَا إِلَّا أُوتِيتَهُ»

ص: 159

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اقْرَءُوا بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَإِنِّي أُعْطِيتُهُمَا مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «اقْرَءُوا بِالْآيَتَيْنِ مِنْ خَاتِمَةِ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِيهِمَا مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ» وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: «مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَعْقِلُ يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الثَّلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ الْبَقَرَةِ فَإِنَّهُنَّ لَمِنْ كَنْزٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ» وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودِ رضي الله عنه: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ:«فَأُعْطِيَ ثَلَاثًا أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفْرَانَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مِنْ أُمَّتِهِ الْمُقْحِمَاتُ» وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: سَأَلْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ رحمه الله: فِي كَمْ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ؟، قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ «مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ آيَتَيْنِ فَقَدْ أَكْثَرَ»

ص: 160

حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ:«أَمَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ كُلَّ لَيْلَةٍ؟» قَالُوا: نَحْنُ أَعْجَزُ مِنْ ذَاكَ وَأَضْعَفُ، فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ جَزَّأَ الْقُرْآنَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَجَزَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ الْقُرْآنِ» وَفِي الْبَابِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه وَلَفْظُهُ، قَالَ:«مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فِي لَيْلَةٍ فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» وَفِي آخَرَ قَالَ: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُلُثُ الْقُرْآنِ»

⦗ص: 161⦘

وَفِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه وَلَفْظُهُ قَالَ: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» وَفِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه وَلَفْظُهُ:«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ تَعْدِلُ رُبُعَ الْقُرْآنِ» ، وَفِيهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

ص: 160

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُعَلَّى بْنُ رَاشِدٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ رَبَاحٍ، سَمِعْتُ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَرَأَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ عُدِلَتْ بِرُبُعِ الْقُرْآنِ، وَمَنْ قَرَأَ إِذَا زُلْزِلَتِ عُدِلَتْ بِنِصْفِ الْقُرْآنِ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ تُعْدَلُ بِرُبُعِ الْقُرْآنِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تُعْدَلُ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ» وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُلُثُ الْقُرْآنِ وَأَنَّ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ تُجَادِلُ عَنْ صَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

ص: 161

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ هَذِهِ السُّورَةَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَالَ: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ» وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ: «لِمَ تَلْزَمُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ؟» قَالَ الرَّجُلُ: أُحِبُّهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ حُبَّهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ» وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رحمه الله: إِذَا افْتُتِحَتِ الصَّلَاةُ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَاضْمُمْ بِهَا أُخْرَى، وَإِذَا قَرَأْتَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فَقُلِ اللَّهُ أَحَدٌ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

ص: 162

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ أَبُو سَهْلٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَرَأَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَتَيْ مَرَّةٍ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مُحِيَ عَنْهُ ذُنُوبُ خَمْسِينَ سَنَةً، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ»

ص: 162

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنِي نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ الْعَطَّارُ، أَخْبَرَتْنِي أُمُّ كَثِيرٍ الْأَنْصَارِيَّةُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ خَمْسِينَ مَرَّةً غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَ خَمْسِينَ سَنَةً»

ص: 162

‌بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ قِرَاءَةِ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ

ص: 163

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبَّاسٍ الْجُشَمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ»

ص: 163

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ النُّكْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنه قَالَ: ضَرَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِبَاءَهُ عَلَى قَبْرٍ وَهُوَ لَا يَحْسَبُ أَنَّهُ قَبْرٌ، فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ سُورَةَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ حَتَّى خَتَمَهَا، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ضَرَبْتُ خِبَائِي عَلَى قَبْرٍ وَأَنَا لَا أَحْسَبُ أَنَّهُ قَبْرٌ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يَقْرَأُ بِسُورَةِ تَبَارَكَ حَتَّى خَتَمَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هِيَ الْمَانِعَةُ، هِيَ الْمُنْجِيَةُ، تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودِ رضي الله عنه " تَبَارَكَ هِيَ الْمَانِعَةُ، تَمْنَعُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، يُتَوَفَّى رَجُلٌ فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَيَقُولُ رَأْسُهُ: إِنَّهُ لَا سَبِيلَ لَكُمْ عَلَى مَا قِبَلِي فَإِنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِيَّ سُورَةِ الْمُلْكِ، وَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ بَطْنِهِ فَيَقُولُ بَطْنُهُ: إِنَّهُ لَا سَبِيلَ لَكُمْ عَلَى مَا قِبَلِي إِنَّهُ كَانَ قَدْ وَعَى فِيَّ سُورَةَ الْمُلْكِ، وَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَتَقُولُ رِجْلَاهُ: إِنَّهُ لَا سَبِيلَ لَكُمْ عَلَى مَا قِبَلِي إِنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عَلَيَّ سُورَةَ الْمُلْكِ، وَقَالَ: هِيَ فِي التَّوْرَاةِ سُورَةُ الْمُلْكِ مَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلَةٍ فَقَدْ أَكْثَرَ وَأَطْيَبَ " وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: سَمِعْتُ مُرَّةَ يُحَدِّثُ " أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ فَأُدْخِلَ الْقَبْرَ فَجَاءَتْهُ نَارٌ مِنْ قِبَلِ جَوَانِبِ قَبْرِهِ فَجَعَلَتْ سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً تُجَادِلُ عَنْهُ حَتَّى مَنَعَتْهُ تِلْكَ النَّارَ، قَالَ مُرَّةُ رحمه الله: فَنَظَرْتُ أَنَا وَمَسْرُوقٌ فَلَمْ نَجِدْهَا غَيْرَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ "

ص: 163

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ، وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ» وَعَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: «تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ مُنْجِيَةٌ»

ص: 163

‌بَابُ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ بِاللَّيْلِ

ص: 164

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، أَوْ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ» وَفِي الْبَابِ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رحمه الله، وَلَفْظُهُ قَالَ:«مَنْ قَرَأَ مِائَةَ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قُنُوتُ لَيْلَةٍ» وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: " مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ كُتِبَ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ خَمْسِينَ آيَةً كُتِبَ مِنَ الْحَافِظِينَ حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَرَأَ ثَلَاثَمِائَةِ آيَةٍ يَقُولُ الْجَبَّارُ: نَصَبَ عَبْدِي، وَمَنْ قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قِنْطَارٌ مِنْ بِرٍّ، وَالْقِنْطَارُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَاكْتَنَزَ مَا شَاءَ مِنَ الْأَجْرِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ: اقْرَأْ وَرَتِّلْ وَارْقَ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةً حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهِ إِلَى آخِرِ آيَةٍ عِنْدَهُ، وَيَقُولُ الرَّبُّ لِلْعَبْدِ: اقْبِضْ، فَيَقْبِضُ، فَيَقُولُ اللَّهُ: أَتَدْرِي مَا مَعَكَ؟ فَيَقُولُ الْعَبْدُ بِيَدِهِ: أَيْ رَبِّ أَنْتَ اعْلَمُ، فَيَقُولُ: بِهَذِهِ الْخُلْدُ وَبِهَذِهِ النَّعِيمُ " وَفِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، وَلَفْظُهُ:«مَنْ قَرَأَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ لَمْ يُحَاجَّهُ الْقُرْآنُ»

ص: 164

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيُّ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ مَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَجَا، وَمَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ. وَقَالَ: تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَاقْرَءُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ

⦗ص: 165⦘

تَفَصِّيًا مِنَ الْإِبِلِ الْمُعْقَلَةِ، تَعَلَّمْنَ أَنَّهُ مَنْ قَرَأَ خَمْسِينَ آيَةً فِي لَيْلَةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ بِمِائَةِ آيَةٍ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَرَأَ بِمِائَتَيْ آيَةٍ فِي لَيْلَةٍ لَمْ يُحَاجَّهُ الْقُرْآنُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَمَنْ قَرَأَ بِخَمْسِ مِائَةِ آيَةٍ فِي لَيْلَةٍ إِلَى أَلْفِ آيَةٍ أَصْبَحَ وَلَهُ قِنْطَارٌ مِنَ الْجَنَّةَ " وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله يَرْفَعُهُ قَالَ:«أَفْضَلُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَأَعْظَمُهَا آيَةً آيَةُ الْكُرْسِيِّ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخْرُجُ مِنَ الْبَيْتِ تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ مِائَةَ آيَةٍ فِي لَيْلَةٍ لَمْ يُحَاجَّهُ الْقُرْآنُ لَيْلَتَئِذٍ، وَمَنْ قَرَأَ مِائَتَيْ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قُنُوتُ لَيْلَةٍ، وَمَنْ قَرَأَ مِنَ الْخَمْسِمِائَةِ إِلَى أَلْفٍ أَصْبَحَ وَلَهُ قِنْطَارٌ مِنَ الْأَجْرِ، وَالْقِنْطَارُ دِيَةُ أَحَدِكُمْ، وَإِنَّ أَصْفَرَ الْبُيُوتِ مِنَ الْخَيْرِ بَيْتٌ لَا يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ» وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه: «مَنْ قَرَأَ بِمِائَةِ آيَةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ بِمِائَتَيْ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَرَأَ بِأَلْفِ آيَةٍ كَانَ لَهُ قِنْطَارٌ وَالْقِنْطَارُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَفِي بِهِ دُنْيَاكُمْ» وَفِي الْبَابِ عَنْ كَعْبٍ رضي الله عنه، وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

ص: 164

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ ثَلَاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ؟» فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ:«فَثَلَاثُ آيَاتٍ يَقْرَؤُهُنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ»

ص: 165

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، ثنا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَفِرُّ مِنَ الْبَيْتِ يُقْرَأُ فِيهِ الْبَقَرَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ: «لَا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَفِرُّ مِنَ الْبَيْتِ يَسْمَعُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ»

ص: 165

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، ثنا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَعَلَّمُوا الْبَقَرَةَ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ، تَعَلَّمُوا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الزَّهْرَاوَانِ، كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَابَتَانِ

⦗ص: 166⦘

أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرِ صَوَافَّ، تُجَادِلَانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا» وَفِي الْبَابِ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يَجِيءُ الْقُرْآنُ وَأَهْلُهُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ، وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قَالَ:«كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ» وَفِي رِوَايَةٍ: «أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُجَادِلَانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا» وَفِيهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه يَرْفَعُهُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِصَاحِبِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ، سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَسُورَهَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانٍ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ يُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا، اقْرَءُوا الْبَقَرَةَ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ»

ص: 165

حَدَّثَنَا هَارُونُ الْحَمَّالُ، ثنا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اعْمَلُوا بِالْقُرْآنِ، أَحِلُّوا حَلَالَهُ وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ، وَاقْتَدُوا بِهِ وَلَا تَكْفُرُوا بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَمَا تَشَابَهَ عَلَيْكُمْ مِنْهُ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى أُولِي الْعِلْمِ مِنْ بَعْدِي، كَمَا يُخْبِرُونَكُمْ بِهِ، وَآمِنُوا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، وَمَا أُوتِي النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّكُمْ، وَلْيَسَعْكُمُ الْقُرْآنُ وَمَا فِيهِ مِنَ الْبَيَانِ، فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَا حِلٌ مُصَدَّقٌ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ آيَةٍ مِنْهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَلَا وَإِنِّي أُعْطِيتُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ مِنَ الذِّكْرِ الْأَوَّلِ، وَأُعْطِيتُ طَهْ وَالطَّوَاسِينَ مِنْ أَلْوَاحِ مُوسَى، وَأُعْطِيتُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمَ الْبَقَرَةِ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، وَالْمُفَصَّلَ نَافِلَةً»

ص: 166

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي الْحَضْرَمِيُّ ابْنُ لَاحِقٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ لِجَدِّي جَرِينُ تَمْرٍ، فَكَانَ نَجِدُهُ يَنْقُصُ فَحَرَسَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَإِذَا مِثْلُ الدَّابَّةِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عليه السلام، قَالَ: أَجِنِّيٌّ أَنْتَ أَمْ

ص: 166

إِنْسِيٌّ؟، قَالَ: جِنِّيٌّ، قَالَ: فَأَرِنِي يَدَكَ فَأَرَاهُ، فَإِذَا يَدُ كَلْبٍ وَشَعْرُ كَلْبٍ، فَقَالَ: أَهَكَذَا خَلْقُ الْجِنِّ؟، فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنُّ أَنْ لَيْسَ فِيهِمْ رَجُلٌ أَشَدَّ مِنِّي، قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ، فَجِئْتُ أُصِيبُ مِنْ طَعَامِكَ، قَالَ: مَا يُجِيرُنَا مِنْكُمْ، قَالَ:" هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] إِذَا قَرَأْتَهَا غُدْوَةً أُجِرْتَ مِنَّا حَتَّى تُمْسِيَ وَإِذَا قَرَأْتُهَا مَسَاءً أُجِرْتَ مِنَّا حَتَّى تُصْبِحَ، فَغَدَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: «صَدَقَ الْخَبِيثُ» وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ لِي طَعَامٌ مِنْ شَعِيرٍ فَذَكَرَ نَحْوًا مِنَ الْأَوَّلِ، وَفِيهِ: " أُعَلِّمُكَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَا تَضَعُهَا عَلَى مَالٍ لَكَ وَلَا وَلَدٍ فَيَقْرَبُهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا، فَقُلْتُ: وَمَا هِيَ؟ فَقَالَتْ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهَا، آيَةُ الْكُرْسِيِّ، قَالَ: فَأَرْسَلْتُهَا، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَتْ، فَقَالَ:«صَدَقَتْ وَهِيَ كَذُوبٌ» وَفِيهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، وَلَفْظُهُ: اسْتَعْمَلَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَدَقَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَذَكَرَ قَرِيبًا مِنْهُ. وَفِيهِ: أَنَّهُ «لَا يَقْرَأُ أَحَدٌ مِنْكُمْ خَاتِمَةَ الْبَقَرَةِ فِي بَيْتٍ فَيَدْخُلَهُ أَحَدٌ مِنَّا تِلْكَ اللَّيْلَةَ» وَفِيهِ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ بِنَحْوٍ مِنْهُ، وَفِيهِ: وَأَدُلُّكَ عَلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَقْرَأُ بِهَا عَلَى بَيْتِكَ فَلَا تُخَالَفُ إِلَى أَهْلِكَ، وَتَقْرَأُ بِهَا عَلَى إِنَائِكَ فَلَا يُكْشَفُ غِطَاؤُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ الْمَوْثِقَ الَّذِي رَضِيَ بِهِ مِنْهَا، قُلْتُ: الْآيَةُ آيَةُ الْكُرْسِيِّ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ:«صَدَقَتْ وَهِيَ كَذُوبٌ»

ص: 167

حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمَدِينِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَآيَتَيْنِ مِنْ أَوَّلِ حم الْمُؤْمِنِ، إِنْ قَرَأَهَا حِينَ يُصْبِحُ حُفِظَ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِي، وَإِنْ قَرَأَهَا حِينَ يُمْسِي حُفِظَ لَيْلَتَهُ تِلْكَ حَتَّى يُصْبِحَ»

ص: 167

حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَسَنَامُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، فِيهَا آيَةٌ سَيِّدَةُ آيِ الْقُرْآنِ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] لَا تُقْرَأُ فِي بَيْتٍ وَفِيهِ شَيْطَانٌ إِلَّا خَرَجَ " وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه مَوْقُوفًا: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا» إِلَى آخِرِهِ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «جَرِّدُوا الْقُرْآنَ لِيَرْبُوَ فِيهِ صَغِيرُكُمْ وَلَا يَنَأَى عَنْهُ كَبِيرُكُمْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَفِرُّ مِنَ الْبَيْتِ يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه:«مَا أَرَى أَحَدًا يَعْقِلُ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: «أَشْرَفُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ الْبَقَرَةُ وَأَشْرَفُ آيَةٍ آيَةُ الْكُرْسِيِّ» ، وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا:" الْبَقَرَةُ سِنَامُ الْقُرْآنِ وَذِرْوَةُ سِنَامِهِ، نَزَلَتْ مَعَ كُلِّ آيَةٍ ثَمَانُونَ مَلَكًا، وَانْتُزِعَتْ وَاسْتُخْرِجَتْ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ فَوُصِلَتْ بِهَا أَوْ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَيس قَلْبُ الْقُرْآنِ، لَا يَقْرَأُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللَّهَ بِهَا وَالدَّارَ الْآخِرَةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ فَاقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ "

ص: 168

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلَبُ الْقُرْآنِ يس» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: " مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ، وَلَا سَهْلٍ وَلَا جَبَلٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَإِنَّ أَجْمَعَ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ لِحَلَالٍ وَحَرَامٍ وَأَمَرٍ وَنَهْيٍ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]

⦗ص: 169⦘

" وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ: «مَنْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ فِي لَيْلَةٍ تُوِّجَ بِهَا تَاجًا فِي الْجَنَّةِ» وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: «مَنْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فِي لَيْلَةٍ أَضَاءَ نُورُهُ مَا بَيْنَ عَرْبِيَاءَ إِلَى حَرْبِيَاءَ يَعْنِي الْعَرْشَ وَالْأَرْضَ السُّفْلَى» وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «مَنْ قَرَأَ آلَ عِمْرَانَ فَهُوَ غَنِيٌّ، وَالنِّسَاءُ مَحْبَرَةٌ، وَالْأَنْعَامُ مِنْ نَوَاجِبِ الْقُرْآنِ، أَوْ نَجَائِبِ الْقُرْآنِ» وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: «أَنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ سَرِيعَةُ الدُّثُورِ، اقْدَعُوهَا، امْنَعُوهَا هَواهَا، حَادِثُوهَا بِعِمَارَاتِهَا، وَرَبِيعُهَا الْقُرْآنُ، فَإِنَّهُ إِمَامُ الْمُؤْمِنِينَ اتَّهِمُوا عَلَيْهِ رَأْيَكُمْ، وَاسْتَغْشُوا عَلَيْهِ أَنْفُسَكُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَالْأَهْوَاءَ وَالْعُجْبَ وَالتَّزْكِيَةَ، الْقُرْآنَ الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ، وَاللَّهِ مَا دُونَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنًى، وَمَا بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَقْرٍ»

ص: 168

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ، قَالُوا: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي لُبَابَةَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ، رضي الله عنه تَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ مَا يُرِيدُ أَنْ يُفْطِرَ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ مَا يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ، قَالَتْ: وَكَانَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَتَنْزِيلُ الزُّمَرِ " وَقَالَ مِسْعَرٌ رحمه الله: أَبْصَرُوا أَبَا الدَّرْدَاءِ يَبْنِي مَسْجِدًا، قَالَ:«أَبْنِيهِ لِآلِ حم» وَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: «كُنَّ الْحَوَامِيمَ يُسَمَّيْنَ الْعَرَائِسَ»

ص: 169

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ حُبَابٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْخَثْعَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ صَلَّى بِحم الدُّخَانِ فِي لَيْلَةٍ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ»

⦗ص: 170⦘

وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله: «مَنْ قَرَأَ الدُّخَانَ فِي لَيْلَةٍ غُفِرَ لَهُ» وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ: «مَنْ قَرَأَ حم الدُّخَانَ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ، وَزُوِّجَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ»

ص: 169

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا خَارِجَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ الرَّقَاشِيِّ، وَعَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي السَّبْعَ مَكَانَ التَّوْرَاةِ، وَأَعْطَانِي الرَّاءَاتِ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ، وَأَعْطَانِي مَا بَيْنَ الطَّوَاسِينَ إِلَى الْحَوَامِيمِ مَكَانَ الزَّبُورِ، وَفَضَّلَنِي بِالْحَوَامِيمِ وَالْمُفَصَّلِ، مَا قَرَأَهُنَّ نَبِيٌّ مِنْ قَبْلِي»

ص: 170

حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ حَبِيبِ بْنِ هِنْدَ الْأَسْلَمِيِّ، رحمه الله، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ فَهُوَ حَبْرٌ» قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: يَعْنِي السَّبْعَ الطِّوَالَ

ص: 170

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ ابْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنَ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنه «يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، وَكَانَتْ مَكْتُوبَةً فِي لَوْحٍ يُدَارُ بِذَلِكَ اللَّوْحِ مَعَهُ إِذَا دَارَ عَلَى نِسَائِهِ» وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَالْكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطَهَ، وَالْأَنْبِيَاءُ، هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي»

ص: 170

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي بِلَالٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَنَامُ كُلَّ لَيْلَةٍ حَتَّى يَقْرَأَ الْمُسَبِّحَاتِ، وَقَالَ:«إِنَّ فِيهِنَّ آيَةً خَيْرًا مِنْ أَلْفِ آيَةٍ»

ص: 170

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْقَهْ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، وَمَنْزِلُكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا

⦗ص: 171⦘

» وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، وَلَفْظُهُ:" يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ، فَيَقْرَأُ وَيَصْعَدُ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةً حَتَّى يَقْرَأَ آخِرَ شَيْءٍ مَعَهُ "

ص: 170

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا الْمُلَائِيُّ، ثنا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ الْقُرْآنَ لَيَلْقَى صَاحِبَهُ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: لَا أَعْرِفُكَ، فَيَقُولُ: أَنَا الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُ نَهَارَكَ، وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ، فَيُوضَعُ الْمُلْكُ بِيَمِينِهِ، وَالْخُلْدُ بِشِمَالِهِ، وَيُوضَعُ تَاجُ الْوَقَارِ عَلَى رَأْسِهِ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يَقُومُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا، فَيَقُولَانِ: بِمَ كُسِينَا هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ يُقَالُ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا " وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَمَّنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، مَا فَضْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْرَأْهُ؟، فَقَالَتْ: إِنَّ عَدَدَ دَرَجِ الْجَنَّةِ بِعَدَدِ آيِ الْقُرْآنِ، فَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلَيْسَ فَوْقَهُ أَحَدٌ " وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنهم: " يُقَالُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْقَهْ. الْحَدِيثُ "

ص: 171

حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُدَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ خَلْقِهِ» قَالُوا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَهْلُ الْقُرْآنِ، هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ»

ص: 171

حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ، فَتَعَلَّمُوا مَأْدُبَتَهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ، وَهُوَ النُّورُ الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمَةُ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةُ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمُ، وَلَا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبُ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، اتْلُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ بِ {الم} [البقرة: 1] وَلَكِنْ بِأَلْفٍ عَشْرًا، وَبِاللَّامِ عَشْرًا، وَبِالْمِيمِ عَشْرًا " وَفِي الْبَابِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنهم. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه:«مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ إِذَا رَجَعَ مِنْ سُوقِهِ أَوْ مِنْ حَاجَتِهِ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ، وَيَكُونَ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ»

ص: 171

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْمَخْرَمِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ هَارُونَ الْغَسَّانَيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا جَلَاؤُهَا؟ قَالَ: «تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ»

ص: 172

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَبْهَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، رحمه الله، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْبَيْتُ إِذَا قُرِئَ فِيهِ الْقُرْآنُ حَضَرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَتَنَكَّبَتْ عَنْهُ الشَّيَاطِينُ وَاتَّسَعَ عَلَى أَهْلِهِ، وَكَثُرَ خَيْرُهُ، وَقَلَّ شَرُّهُ، وَإِنَّ الْبَيْتَ إِذَا لَمْ يُقْرَأْ فِيهِ الْقُرْآنُ حَضَرَتْهُ الشَّيَاطِينُ، وَتَنَكَّبَتْ عَنْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَضَاقَ عَلَى أَهْلِهِ، وَقَلَّ خَيْرُهُ، وَكَثُرَ شَرُّهُ» وَفِي الْبَابِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَوْقُوفًا، وَفِيهِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

ص: 172

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا تَقَرَّبَ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَا خَرَجَ مِنْهُ» يَعْنِي الْقُرْآنَ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ رضي الله عنه يَرْفَعُهُ:«إِنَّكُمْ لَنْ تَرْجِعُوا إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ» يَعْنِي كَلَامَهُ. وَعَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ رحمه الله عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ رضي الله عنه قَالَ: «يَا هَنْتَاهُ تَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّكَ لَنْ تَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ»

ص: 172

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ» مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ عَنْ ذِكْرِي وَمَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مِمَّا أُعْطِيَ السَّائِلِينَ، وَفَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ " وَعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَا:«فَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ»

⦗ص: 173⦘

وَفِي رِوَايَةٍ: «كَفَضْلِ الرَّبِّ عَلَى خَلْقِهِ»

ص: 172

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ، سَمِعْتُ عُمَيْرَ بْنَ هَانِئٍ، يَقُولُ: قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَجِدُ لِلْقُرْآنِ مِنْكَ مَا لَا نَجِدُهُ مِنْ أَنْفُسِنَا إِذَا نَحْنُ خَلَوْنَا، فَقَالَ:«أَجَلْ، أَنَا أَقْرَأُهُ لِبَطْنٍ، وَأَنْتُمْ تَقْرَءُونَهُ لِظَهْرٍ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْبَطْنُ مِنَ الظَّهْرِ؟ قَالَ: «أَقْرَأُهُ أَتَدَبَّرَهُ وَأَعْمَلُ بِمَا فِيهِ، وَتَقْرَءُونَهُ أَنْتُمْ هَكَذَا» ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَأَمَرَّهَا هَكَذَا " وَقَالَ كَعْبٌ رحمه الله:«عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ فَهْمُ الْعَقْلِ وَنُورُ الْحِكْمَةِ وَأَحْدَثُ الْكُتُبِ بِالرَّحْمَنِ» وَقِيلَ لِلْحَسَنِ رحمه الله: يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنِّي إِذْا قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فَذَكَرْتُ شُرُوطَهُ وَمَوَاثِيقَهُ وَعُهُودَهُ قَطَعَ بِي، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّ الْكَلَامَ كَلَامُ اللَّهِ إِلَى الْقُوَّةِ وَالْمَتَانَةِ، وَإِنَّ الْأَعْمَالَ أَعْمَالُ بَنِي آدَمَ إِلَى الضَّعْفِ وَالتَّقْصِيرِ، وَلَكِنْ سَدِّدْ وَقَارِبْ وَأَبْشِرْ "

ص: 173

حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ سُفْيَانُ: أَفْضَلُكُمْ وَقَالَ شُعْبَةُ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»

ص: 173

حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، ثنا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: زَعَمَ لِيَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" ثَلَاثَةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ الرَّحِمُ تُنَادِي: أَلَا مَنْ وَصَلَنِي فَوَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ، وَالْقُرْآنُ يُحَاجُّ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْأَمَانَةُ "

ص: 173

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، ثنا أَبُو مُخْتَارٍ الطَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ أَخِي الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَلَا إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ» ، قُلْتُ: فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

⦗ص: 174⦘

قَالَ: " كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ لَهُ الْأَهْوَاءُ وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَلَا تَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ رَدٍّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَتَنَاهَ الْجِنُّ إِنْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} [الجن: 2]، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " خُذْهَا إِلَيْكَ يَا أَعْوَرُ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى رحمه الله قَالَ: لَمَّا وَقَعَ النَّاسُ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه: أَبَا الْمُنْذِرِ مَا الْمَخْرَجُ؟ قَالَ: «كِتَابُ اللَّهِ، مَا اسْتَبَانَ لَكَ فَاعْمَلْ بِهِ وَانْتَفِعْ، وَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ فَكِلْهُ إِلَى عَالِمِهِ» ، وَقَالَ جُنْدُبٌ:«أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَأُوصِيكُمْ بِالْقُرْآنِ، نُورُ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، وَهُدَى النَّهَارِ، فَاعْمَلُوا بِهِ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ مِنْ جَهْدٍ وَفَاقَةٍ، فَإِنْ عَرَضَ بَلَاءٌ فَقَدِّمْ مَالَكَ دُونَ نَفْسِكَ، فَإِنْ تَجَاوَزَهُمَا الْبَلَاءُ فَقَدِّمْ نَفْسَكَ وَمَالَكَ دُونَ دِينِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دِينُهُ، وَأَنَّ الْمَسْلُوبَ مَنْ سُلِبَ دِينُهُ، وَأَنَّهُ لَا فَقْرَ بَعْدَ الْجَنَّةِ، وَلَا غِنًى بَعْدَ النَّارِ، وَأَنَّ النَّارَ لَا يُفَكُّ أَسِيرُهَا، وَلَا يَسْتَغْنِي فَقِيرُهَا» ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه:«مَنْ أَرَادَ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فَلْيَثُورِ الْقُرْآنَ، فَإِنَّ فِيهِ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ» وَفِي لَفْظٍ: «إِذَا أَرَدْتُمُ الْعِلْمَ فَأَثِيرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّ فِيهِ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ» وَعَنْهُ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ، فَمَنْ دَخَلَ فِيهِ فَهُوَ آمَنٌ "، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: " ضَمِنَ اللَّهُ لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَاتَّبَعَ مَا فِيهِ أَنْ لَا يَضِلَّ وَلَا يَشْقَى، ثُمَّ تَلَا:{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123]" وَفِي رِوَايَةٍ: " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَاتَّبَعَ بِمَا فِيهِ هَدَاهُ اللَّهُ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَوَقَاهُ سُوءَ الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 123]

⦗ص: 175⦘

وَقَالَ سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قُلْتُ: يَا أَبَا الْحَجَّاجِ، مَا قَوْلُ اللَّهِ {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: 33]؟ قَالَ: " هُمُ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْقُرْآنِ، فَقَالُوا: هَذَا أَعْطَيْتُمُونَا فَقَدْ عَمِلْنَا بِمَا فِيهِ "، وَقَالَ سُفْيَانُ: قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} [الحج: 24]: الْقُرْآنُ {وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} [الحج: 24]: الْإِسْلَامُ، قَالَ سُفْيَانُ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ هَكَذَا "، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه:«أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ، فَمَنْ جَعَلَ الْقُرْآنَ خَلْفَ ظَهْرِهِ سَاقَهُ الْقُرْآنُ إِلَى النَّارِ، وَمَنْ جَعَلَ الْقُرْآنَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَادَهُ الْقُرْآنُ إِلَى الْجَنَّةِ» ، وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه:«إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ كَائِنٌ لَكُمْ ذُخْرًا، وَكَائِنٌ لَكُمْ أَجْرًا، وَكَائِنٌ عَلَيْكُمْ وِزْرًا، فَاتَّبِعُوا الْقُرْآنَ وَلَا يَتْبَعَنَّكُمُ الْقُرْآنُ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتْبَعِ الْقُرْآنَ يَهْبِطْ بِهِ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ يَتْبَعُهُ الْقُرْآنُ يَزُخُّ فِي قَفَاهُ حَتَّى يَقْذِفَهُ فِي جَهَنَّمَ» ، وَعَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ:«الْقُرْآنُ قَائِدٌ وَسَائِقٌ، فَمَنِ اتَّبَعَ الْقُرْآنَ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ وَمَنْ نَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ» ، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه:«الْقُرْآنُ حَجِيجٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَكُمْ أَوْ عَلَيْكُمْ»

ص: 173

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْقُرْآنُ غِنًى لَا فَقْرَ بَعْدَهُ، وَلَا غَنَاءَ دُونَهُ» عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ فَلْيَنْظُرْ إِلَى الْقُرْآنِ فَإِنْ كَانَ يُحِبُّ الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»

ص: 175

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَكَأَنَّمَا اسْتُدْرِجَتِ النُّبُوَّةُ بَيْنَ جَنْبَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُوحِي إِلَيْهِ، وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَرَأَى أَنَّ أَحَدًا أُعْطِيَ أَفْضَلَ مِمَّا أُعْطِيَ، فَقَدْ عَظَّمَ مَا صَغَّرَ اللَّهُ، وَصَغَّرَ مَا عَظَّمَ اللَّهُ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يُسَفِّهَ فِيمَنْ يُسَفِّهُ، أَوْ يَغْضَبَ فِيمَنْ يَغْضَبُ، أَوْ يَحْتَدُّ فِيمَنْ يَحْتَدُّ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ لِفَضْلِ الْقُرْآنِ» وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه مَوْقُوفًا

⦗ص: 176⦘

وَقَالَ الْحَسَنُ: " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ قَرَأَهُ عَبِيدٌ وَصِبْيَانٌ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِتَأْوِيلِهِ، وَلَمْ يَأْتُوا الْأَمْرَ مِنْ قِبَلِ أَوَّلِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29]، وَمَا تَدَبَّرَ آيَاتِهِ إِلَّا أَتْبَاعُهُ مَا هُوَ بِحِفْظِ حُرُوفِهِ وَإِضَاعَةِ حُدُودِهِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَقُولُ: قَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ، فَمَا أَسْقَطَ مِنْهُ حَرْفًا وَقَدْ وَاللَّهِ أَسْقَطَهُ كُلَّهُ، مَا تَرَى الْقُرْآنَ لَهُ فِي خُلُقٍ وَلَا عَمِلٍ وَحَتَّى عَنْ أَحَدِهِمْ لَيَقُولُ: إِنِّي لَأَقْرَأُ السُّورَةَ فِي نَفَسٍ، وَاللَّهِ مَا هَؤُلَاءِ بِالْقُرَّاءِ وَلَا الْعُلَمَاءِ وَلَا الْحُكَمَاءِ وَلَا الْوَرِعَةِ، وَمَتَى كَانَتِ الْقُرَّاءُ تَقُولُ مِثْلَ هَذَا، لَا أَكْثَرَ اللَّهُ فِي النَّاسِ مِثْلَ هَؤُلَاءِ " وَقَالَ: «مَا بَقِيَ فِي أَيْدِينَا بَقِيَّةٌ غَيْرُ هَذَا الْقُرْآنِ، فَاتَّخِذُوهُ إِمَامًا وَائْتَمِنُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَاسْتَغْشُوا عَلَيْهِ أَهْوَاءَكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ، مَنْ يَشْفَعْ لَهُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَشْفَعْ فِيهِ وَمَنْ مَحَلَ بِهِ صُدِّقَ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ مِنْ شِرَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَقْوَامًا قَرَءُوا هَذَا الْقُرْآنَ جَهِلُوا سُنَّتَهُ، وَحَرَّفُوهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَإِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَذَا الْقُرْآنِ مَنْ عَمِلَ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْرَؤُهُ» وَعَنْ قَتَادَةَ: " لَمْ يُجَالِسْ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ مِنْهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، قَضَاءُ اللَّهِ الَّذِي قَضَى: {شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82] " وَعَنْ مُطَرِّفٍ رحمه الله {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [فاطر: 29] قَالَ: هَذِهِ آيَةُ الْقُرَّاءِ "، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ رحمه الله: كَانَ يُقَالُ: «إِنَّ أَنْقَى النَّاسِ عُقُولًا قُرَّاءُ الْقُرْآنِ» وَكَانَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ يَمُرُّ بِالْمَجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمْ يَدْرُسُونَ فَيَقُولُ: «كِتَابُ اللَّهِ عَزَّرْتُمْ وَبَيْتَ اللَّهِ عَمَرْتُمْ وَبِرَوحِ اللَّهِ ائْتَلَفْتُمْ فَأَحَبَّكُمُ اللَّهُ وَأَحَبَّ مَنْ أَحَبَّكُمْ» وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ رحمه الله: إِنَّ الصِّدِّيقِينَ إِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ طَرَبَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَى الْآخِرَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: خُذُوا فَيَقْرَأُ، وَيَقُولُ: اسْمَعُوا مَا يَقُولُ الصَّادِقُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ "

⦗ص: 177⦘

قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: «إِنِّي أَهِمُّ بِعَذَابِ خَلْقِي فَأَنْظُرُ إِلَى جُلَسَاءِ الْقُرْآنِ وَعُمَّارِ الْمَسَاجِدِ وَوِلْدَانِ الْإِسْلَامِ فَيَسْكُنُ غَضَبِي» وَقَالَ: «يَا حَمَلَةَ الْقُرْآنِ، مَاذَا زَرَعَ الْقُرْآنُ فِي قُلُوبِكُمْ؟ فَإِنَّ الْقُرْآنَ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا أَنَّ الْغَيْثَ رَبِيعُ الْأَرْضِ، فَقَدْ يَنْزِلُ الْغَيْثُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فَيُصِيبُ الْحُشَّ فَيَكُونُ فِيهِ الْحَبَّةُ فَلَا يَمْنَعُهَا نَتْنُ مَوْضِعِهَا أَنْ تَهْتَزَّ وَتَحْسُنَ، فَيَا حَمَلَةَ الْقُرْآنِ مَا زَرَعَ الْقُرْآنُ فِي قُلُوبِكُمْ؟ أَيْنَ أَصْحَابُ سُورَةٍ؟ أَيْنَ أَصْحَابُ سُورَتَيْنِ؟ مَاذَا عَمِلْتُمْ فِيهِمَا؟» وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: «تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ صَلَاةٌ، وَدِرَاسَةُ الْقُرْآنِ صَلَاةٌ» وَقَالَ مَعْمَرٌ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه: «مَا خَيَّبَ اللَّهُ بَيْتًا أَوَى إِلَيْهِ امْرُؤٌ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ بِسُورَةِ النِّسَاءِ أَوْ بِسُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَبِصَوَاحِبَاتِهِنَّ» وَقَالَ: «إِذَا بَلَغْتُ آلَ حَامِيمَ فَقَدْ وَقَعْتُ فِي رِيَاضٍ أَتَأَنَّقُ فِيهِنَّ» وَفِي رِوَايَةٍ: «آلُ حَامِيمَ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ»

ص: 175

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَثَلُ الْقُرْآنِ مَثَلُ الْإِبِلِ الْمُعْقَلَةِ إِنْ عَقَلَهَا صَاحِبُهَا حَبَسَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ»

ص: 177

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا قَامَ صَاحِبُ الْقُرْآنِ فَقَرَأَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ذَكَرَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ نَسِيَهُ»

ص: 177

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بِئْسَ مَا لِأَحَدِكُمْ أَوْ بِئْسَ مَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ» ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«بَلْ هُوَ نُسِّيَ» ، وَقَالَ:«اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ مِنْ عُقُلِهِ»

ص: 177

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، ثنا أَبُو خَلْدَةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، ثنا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمًا فَقَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا، بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لِي: قُمْ، فَقُمْتُ، فَقَالَ: امْضِ أَمَامَكَ، فَمَضَيْتُ، فَإِذَا

⦗ص: 178⦘

أَنَا بِرَجُلَيْنِ رَجُلٍ نَائِمٍ، وَآخَرَ قَائِمٍ، فَإِذَا هُوَ يَجِيءُ بِحِجَارَةٍ فَيَضْرِبُ بِهَا رَأْسَ النَّائِمِ فَيَشْدَخُهُ فَإِلَى أَنْ يَجِيءَ بِحَجَرٍ آخَرَ قَدِ ارْتَدَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ: مَا هَذَا؟ قَالَ: رَجُلٌ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ فَنَامَ عَنْهُ حَتَّى نَسِيَهُ لَا يَقْرَأُ مِنْهُ شَيْئًا، كُلَّمَا رَقَدَ فِي الْقَبْرِ أَوْقَذَهُ بِالْحِجَارَةِ " وَفِي رِوَايَةٍ:" قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا هَذَانِ؟ قَالَا: أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الْفَرِيضَةِ "

ص: 177

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ أَجْذَمُ»

ص: 178

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيُّ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ ذَنْبٍ تُوَافِي بِهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَسُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَ أَحَدِهِمْ فَنَسِيَهَا» وَعَنْ عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ، قَالَا:" إِذَا عَلِمَ الرَّجُلُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ نَسِيَهُ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: لَوْ حَفِظْتَنِي لَبَلَغْتُ بِكَ الْمَنْزِلَ، وَلَكِنَّكَ قصَرْتَ فَقَصَرْتُ بِكَ " وَعَنِ الضَّحَّاكِ: «مَا تَعَلَّمَ أَحَدٌ الْقُرْآنَ فَنَسِيَهُ إِلَّا بِذَنْبٍ، ثُمَّ قَرَأَ {مَا أَصَابَتْكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} وَأَيُّ مُصِيبَةٍ أَعْظَمُ مِنْ نِسْيَانِ الْقُرْآنِ»

ص: 178

حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَبْشِرُوا، أَلَسْتُمْ تَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:«فَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ سَبَبٌ، طَرَفُهُ بِيَدِ اللَّهِ وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ فَتَمَسَّكُوا بِهِ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا وَلَنْ تَهْلِكُوا بَعْدَهُ أَبَدًا»

ص: 178

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «كُنَّا إِذَا تَعَلَّمْنَا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَشْرًا مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ نَتَعَلَّمِ الْعَشْرَ الَّتِي بَعْدَهَا حَتَّى نَعْلَمَ مَا نَزَلَ فِي هَذِهِ مِنَ الْعَمَلِ» وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: «لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرِنَا وَاحِدُنَا يُؤْتَى الْإِيمَانَ مِنْ قِبَلِ الْقُرْآنِ وَتَنْزِلُ السُّورَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَتَعَلَّمُ حَلَالَهَا وَحَرَامَهَا وَزَاجِرَهَا وَآمِرَهَا وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ مِنْهَا كَمَا تَعْلَمُونَ أَنْتُمُ الْقُرْآنَ لَقَدْ رَأَيْتُ الْيَوْمَ رِجَالًا يُؤْتَى أَحَدُهُمُ الْقُرْآنَ قَبْلَ الْإِيمَانِ فَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ مَا يَدْرِي آمُرَهُ وَلَا زَاجِرَهُ وَلَا مَا يَنْبَغِي أَنَ يَقِفَ عِنْدَهُ، يَنْثُرُهُ نَثْرَ الدَّقَلِ» وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله: " لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ رَسُولًا إِلَّا أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا، فَإِنْ قَبِلَهُ قَوْمُهُ وَإِلَّا رُفِعَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} [الزخرف: 5] لَا تَقْبَلُونَهُ فَنُلْقِيهِ عَلَى قُلُوبِ بَقِيَّةٍ، قَالُوا: قَبِلْنَاهُ رَبَّنَا، قَبِلْنَاهُ رَبَّنَا، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلُوا لَرُفِعَ وَلَمْ يَنْزِلْ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ " وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَرْجِعَ الْقُرْآنُ مِنْ حَيْثُ نَزَلَ، لَهُ دَوِيٌّ حَوْلَ الْعَرْشِ كَدَوِيٍّ النَّحْلِ يَقُولُ أُتْلَى وَلَا يُعْمَلُ بِي» وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: يُقَالُ: «إِنَّمَا يُرْفَعُ الْقُرْآنُ حِينَ يُقْبِلُ النَّاسُ عَلَى الْكُتُبِ وَيَكُبُّونَ عَلَيْهَا وَيَتْرُكُونَ الْقُرْآنَ» وَقَالَ مُجَاهِدٌ رحمه الله: إِنَّ الْقُرْآنَ يَقُولُ: «إِنِّي مَعَكَ مَا تَبِعْتَنِي فَإِذَا لَمْ تَعْمَلْ بِي تَبِعْتُكَ حَتَّى آخُذَكَ عَلَى أَسْوَأِ عَمَلِكَ»

ص: 179

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَسَلُوا اللَّهَ

⦗ص: 180⦘

بِهِ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ بِهِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَتَعَلَّمُهُ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ يُبَاهِي، وَرَجُلٌ يَسْتَأْكِلُ بِهِ، وَرَجُلٌ يَقْرَأُهُ لِلَّهِ " وَفِي الْبَابِ: عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَسَلُوا اللَّهَ بِهِ فَإِنَّ مِنْ بَعْدِكُمْ أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ» وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ بِهِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ» وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: لَإِيَاسِ بْنِ عَامِرٍ: «إِنَّكَ إِنْ بَقِيتَ فَسَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ؛ صِنْفٌ لِلَّهِ، وَصِنْفٌ لِلدُّنْيَا، وَصِنْفٌ لِلْجَدَلِ» وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: " لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَخْلَقَ الْقُرْآنُ فِي صُدُورِ قَوْمٍ وَيَبْلَى كَمَا تَبْلَى الثِّيَابُ إِنْ قَصَرُوا عَمَّا أُمِرُوا بِهِ، قَالُوا: سَيُغْفَرُ لَنَا، وَإِنِ انْتَهَكُوا مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ، قَالُوا: إِنَّا لَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، أَمْرُهُمْ إِلَى الضَّعْفِ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ مَخَافَةٌ يَلْبَسُونَ جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ أَفْضَلُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمُ الْمُدَاهِنُ " وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: رَأَيْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ رحمه الله فِي الْمَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ:" أَيُّ الْأَعْمَالِ وَجَدْتَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْقُرْآنُ، قُلْتُ: فَالْحَدِيثُ؟ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ وَلَوَى عُنُقَهُ " وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: «يَا أَصْحَابَ الْقُرْآنِ لَا تَتَّخِذُوهُ بِضَاعَةً تَلْتَمِسُوا بِهِ الشِّفَّ فِي الدُّنْيَا يَعْنِي الرِّبْحَ وَاطْلُبُوا الدُّنْيَا بِالدُّنْيَا، وَالْآخِرَةَ بِالْآخِرَةِ»

ص: 179

‌بَابُ مَا يُقَالُ فِي رُكُوعِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَسُجُودِهَا وَفِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ

ص: 181

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَلَا إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ»

ص: 181

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، رضي الله عنه أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ، فَكَانَ إِذَا رَكَعَ قَالَ:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ، مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» ، مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ جَلَسَ يَقُولُ:«رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي» مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا، فَمَا صَلَّى إِلَّا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ حَتَّى جَاءَ بِلَالٌ يُنَادِيهِ إِلَى الْغَدَاةِ "

ص: 181

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَوَجَدْتُهُ وَهُوَ سَاجِدٌ وَقَدَمَاهُ مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» وَفِي رِوَايَةٍ: «أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، أَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» وَفِي لَفْظٍ: «أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ أَثْنَيْ عَلَيْكَ لَا أَبْلُغُ كُلَّ مَا فِيكَ»

ص: 181

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا الْمَخْزُومِيُّ، ثنا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي سُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»

ص: 181

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنْ مَضْجَعِهِ فَطَلَبْتُهُ فِي ظُلْمَةِ الْبَيْتِ فَوَضَعْتُ يَدِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ»

ص: 182

حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رضي الله عنها نَبَّأَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَفِي سُجُودِهِ:«سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ»

ص: 182

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ

ص: 182

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] كَانَ يُكْثِرُ إِذَا قَرَأَهَا ثُمَّ رَكَعَ أَنْ يَقُولَ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» ثَلَاثًا "

ص: 182

حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ثنا حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «سَجَدَ لَكَ سَوَادِي وَخَيَالِي وَآمَنَ بِكَ فُؤَادِي، أَبُوءُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ هَذِهِ يَدَايَ بِمَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي»

ص: 182

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْمَاجِشُونِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَكَعَ قَالَ فِي رُكُوعِهِ: «اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ

⦗ص: 183⦘

أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعِظَامِي وَعَصَبِي»، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ:«سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» ، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ:«اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِيَ لِلَّذِي خَلْقَهُ وَصَوَّرَهُ فَأَحْسَنَ صُوَرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِّ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: " اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَأَنْتَ رَبِّي لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعْرِي وَعِظَامِي وَمُخِّي وَعَصَبِي، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ أَرْكَعُ وَأَسْجَدُ وَبِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ أَقُومُ وَأُقْعُدُ، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَأَنْتَ رَبِّي سَجَدَ وَجْهِيَ لِلَّذِي خَلْقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي "

ص: 182

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، رضي الله عنه كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ:«سُبْحَانَ ذِي الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ» وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ» وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ يَعْنِي السَّجْدَتَيْنِ: «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَهْدِ السَّبِيلَ الْأَقْوَمَ»

ص: 183

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ رحمه الله: قُلْتُ لِعَطَاءِ: كَيْفَ تَقُولُ فِي الرُّكُوعِ؟ قَالَ: إِذَا لَمْ أَعْجَلْ وَلَمْ يَكُنْ مَعِيَ مِنْ يُعْجِلُنِي فَإِنِّي أَقُولُ: " سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعَدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، ثَلَاثَ مِرَارٍ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبِّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ تَسْبِقُ رَحْمَةُ رَبِّي غَضَبُهُ، مِرَارًا "

ص: 184

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُغِيثٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ نُحَيْلَةَ، رَجُلًا كَانَ مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَرْضِيًّا يَقُولُ: صَلَّى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَأَحْسَنَ الْقِرَاءَةَ وَأَكْمَلَهَا، لَا يَمُرُّ بِآيَةٍ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ إِلَّا سَأَلَ عِنْدَهَا، وَلَا آيَةٍ فِيهَا ذِكْرُ النَّارِ إِلَّا اسْتَعَاذَ عِنْدَهَا، حَتَّى إِذَا خَتَمَهَا رَكَعَ وَقَالَ:«سُبْحَانَ ذِي الْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ، وَالْجَبَرُوتِ وَالْعَظَمَةِ» ، قَالَ ذَلِكَ فِي رُكُوعِهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَجَدَ فَمَكَثَ سَاجِدًا مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ، فَقَالَ ذَلِكَ مِثْلَ مَا سَجَدَ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ ذَلِكَ مِثْلَ مَا مَكَثَ رَافِعًا رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ بِسُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَكَمِثْلِ ذَلِكَ حَتَّى خَتَمَهَا، فَرَكَعَ كَمَثَلِ مَا صَنَعَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَرَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَقُولُ فِي كُلِّ ذَلِكَ كَمَا صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ حِينَ أَصْبَحَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَرَدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ بِصَلَاتِكَ فَلَمْ أَسْتَطِعْ قَالَ: «إِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ، إِنِّي أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ»

ص: 184

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ يَقُولُ:

⦗ص: 185⦘

«اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلُ الثَّنَاءِ، وَالْمَجْدِ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» وَقَالَ عَطَاءٌ: وَأَقُولُ فِي السُّجُودِ مِثْلَ مَا أَقُولُ فِي الرُّكُوعِ سَوَاءً، وَقَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ ابْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه يَقُولُ كَثِيرًا فِي سُجُودِهِ وَأَخْبَرْتُهُ أَيْضًا عَنْهُ:«سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ تَسْبِقُ رَحْمَةُ رَبِّي غَضَبَهُ» وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْوَابِشِيُّ: قَالَ لِي أَبُو الْأَحْوَصِ: ائْتِ مُحَمَّدَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ فَسَلْهُ عَنْ تَمْجِيدِ الرَّبِّ فِي الرُّكُوعِ، فَأَتَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ النَّضْرِ فَقَالَ: هَذَا تَمْجِيدُ الرَّبِّ فِي الرُّكُوعِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ حَمْدًا خَالِدًا مَعَ خُلُودِكَ، حَمْدًا لَا مُنْتَهًى لَهُ دُونَ عِلْمِكَ، حَمْدًا لَا أَمَدَ لَهُ دُونَ مَشِيئَتِكَ، حَمْدًا لَا جَزَاءَ لِقَائِلِهِ إِلَّا رِضَاكَ» ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أُرِيتَ لَوْ رَفَعْتُ رَأْسِيَ مِنَ السُّجُودِ فِي الْمَكْتُوبَةِ فَنَهَضْتُ قَائِمًا أَقْرَأُ فِي نَهْضَتِي قَبْلَ أَنْ أَسْتَوِيَ؟ قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ تَقْرَأَ حَتَّى تَنْتَصِبَ قَائِمًا، قُلْتُ:" أَقْرَأُ بِسُورَةٍ فِي الْمَكْتُوبَةِ فِيهَا طُولٌ فَآمُلُ أَنْ أَخْتِمَهَا إِذْ أَرْكَعُ وَأَقْرَأُ بِبَقِيَّتِهَا، قَالَ: إِنْ بَقِيَتْ آيَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ فَقَرَأْتَهُنَّ فِي رَكْعَةٍ لِتَخْتِمَهَا فَلَا بَأْسَ، فَأَمَّا أَنْ تَجْعَلَ الرَّكْعَةَ فِي الْمَكْتُوبَةِ أَوِ السَّجْدَةَ قِرَاءَةً فَإِنِّي أَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ سَبِّحْ وَهَلِّلْ وَلَا أَكْرَهُ أَنْ تَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فِي التَّطَوُّعِ ". ابْنُ جَرِيحٍ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ «يَقْرَأُ وَهُوَ رَاكِعٌ فِي التَّطَوُّعِ وَسَاجِدٌ» . ابْنُ طَاوُسٍ: كَانَ أَبِي «يَقْرَأُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قُرْآنًا طَوِيلًا»

ص: 184

‌بَابُ ذِكْرِ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ مَعَ النُّعَاسِ وَالْفُتُورِ

ص: 186

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ يَنْعَسُ لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ فَلَا يَدْرِي فَيَسُبَّ نَفْسَهُ»

ص: 186

وَبِهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي امْرَأَةٌ، فَقَالَ:«مَا هَذِهِ؟» ، قُلْتُ: لَا تَنَامُ اللَّيْلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَهْ عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ مَا يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ»

ص: 186

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، ثنا عَمِّي، ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: مَرَّتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتٍ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا تُصَلِّي بِاللَّيْلِ صَلَاةً كَثِيرَةً فَإِذَا غَلَبَهَا النَّوْمُ ارْتَبَطَتْ بِحَبْلٍ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«بَلْ تُصَلِّي مَا قَوِيَتْ عَلَى الصَّلَاةِ فَإِذَا نَعَسَتْ فَلْتَنَمْ»

ص: 186

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي

⦗ص: 187⦘

صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَرْقُدْ»

ص: 186

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ أُسْطُوَانَتَيْنِ فَقَالَ:«مَا هَذَا؟» ، قَالُوا: فُلَانَةٌ تُصَلِّي فَإِذَا غُلِبَتِ اسْتَرَاحَتْ عَلَى هَذَا الْحَبْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تُصَلِّي مَا نَشِطَتْ فَإِذَا غُلِبَتْ فَلْتَنَمْ»

ص: 187

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْتَعْجَمَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ فَلْيَضْطَجِعْ»

ص: 187

‌بَابُ مَنْ كَانَتْ لَهُ صَلَاةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَغُلِبَ عَلَيْهَا بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ

ص: 187

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو الشَّعْثَاءِ، ثنا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا مِنْ عَبْدٍ يَأْتِي فِرَاشَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الْقِيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَغْلِبُهُ عَيْنُهُ حَتَّى يُصْبِحَ إِلَّا كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ»

ص: 187

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ:«مَنْ حَدَّثَ نَفْسَهُ، بِسَاعَةٍ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّيهَا فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَنَامَ كَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ وَكُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ»

ص: 187

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عِنْدَهُ رَضِيَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنِ امْرِئٍ يَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِاللَّيْلِ يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ صَلَاتِهِ، وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ»

ص: 187

‌بَابُ ذِكْرِ قَضَاءِ الرَّجُلِ مَا يَفُوتُهُ مِنْ قِرَاءَةِ اللَّيْلِ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ

ص: 188

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ» ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَذَكَرَهُ. وَفِي آخَرَ: عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه: «مَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأَهُ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ كَأَنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ أَوْ كَأَنَّهُ أَدْرَكَهُ» وَفِي لَفْظٍ: «فَلْيُصَلِّ بِهِ فِي صَلَاةٍ قَبْلَ الظُّهْرِ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ صَلَاةَ اللَّيْلِ»

ص: 188

حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ «إِذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يُصَلِّ بِاللَّيْلِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً»

ص: 188

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أَخْبَرَنِي يُحْيِي الْبَكَّاءُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ بَعْدَ الزَّوَلِ يُحْسَبْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنَ السَّحَرِ»

ص: 188

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ، ثنا ذُوَيْبُ بْنُ عِمَامَةَ بْنِ عَمْرٍو السَّهْمِيُّ الْمَدِينِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:«صَلَاةُ الْفَجْرِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ» وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه: «مَنْ صَلَّى بَعْدَ مَا يَرْتَفِعُ النَّهَارُ جِدًّا فَإِنَّهَا تُعْدَلُ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ» عَلْقَمَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:«لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ تَطَوُّعِ النَّهَارِ إِلَّا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ فَإِنَّهُنَّ يُعْدَلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ صَلَاةِ السَّحَرِ» عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ:«كَانَ السَّلَفُ إِذَا نَامَ أَحَدُهُمْ عَنْ صَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ صَلَّاهَا بِالْهَاجِرَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ» وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي النَّخَعِيَّ رحمه الله: «كَانُوا يُشَبِّهُونَ صَلَاةَ الْعَشِيِّ مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ» وَعَنْهُ: «كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ حِزْبِهِ شَيْءٌ فَنَشِطَ قَرَأَهُ بِالنَّهَارِ أَوْ قَرَأَهُ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى وَرُبَّمَا زَادَ أَحَدُهُمْ» شُعْبَةُ رحمه الله، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: كَانَ يُقَالُ: «صَلَاةٌ قَبْلَ الظُّهْرِ تُعْدَلُ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ» ابْنُ سِيرِينَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «يَسْتَحِبُّونَ صَلَاةَ الْعَشِيِّ» عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله كَانَ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ سَبْعَةُ أَوْرَادٍ يَقْرَؤُهَا بِاللَّيْلِ فَإِنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ اللَّيْلِ قَرَأَهُ بِالنَّهَارِ فِي صَلَاةٍ " وَعَنِ الْحَسَنِ رضي الله عنه فِي قَوْلِ اللَّهِ {هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفرقان: 62] قَالَ: " مَنْ عَجَزَ بِاللَّيْلِ كَانَ لَهُ بِالنَّهَارِ مُسْتَعْتَبٌ، وَفِي آخَرَ {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفرقان: 62] قَالَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ عَمَلَ اللَّيْلِ عَمَلَهُ بِالنَّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ عَمَلَ النَّهَارِ عَمَلَهُ بِاللَّيْلِ فَهَذَا خِلْفَةً لِذَا " وَعَنْهُ: «مَنْ فَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ شَيْءٌ كَانَ يَقْرَؤُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُطِيلَ بِهِ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ» السُّدِّيُّ بْنُ يُحْيِي: سَمِعْتُ الْحَسَنَ «لَا يَرَى بَأْسًا يُصَلِّي بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ» هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: «يَقُولُونَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَكَذَبُوا إِنَّ بَعْدَهُ لَحِزْبًا حَسَنًا،

ص: 189

وَكَانَ لَايَرَى بَأْسًا أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْفَجْرِ» إِسْحَاقُ مَوْلَى زَائِدَةَ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه يُصَلِّي بَعْدَ الْفَجْرِ يُكْثِرُ، فَقُلْتُ: رَأَيْتُ أَصْحَابَكَ إِنَّمَا يُصَلُّونَ بَعْدَ الْفَجْرِ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ:«إِنِّي أُحِبُّ كَثْرَةَ السُّجُودِ وَيَصْنَعُ النَّاسُ مَا شَاءُوا» حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ:" إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، قُلْتُ: أُطِيلُ فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ، قَالَ: نَعَمْ إِنَّ شِئْتَ " مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ أَبُو النَّضْرِ الدِّمَشْقِيُّ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيَّ يُصَلِّي فِي الْفَجْرِ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ فَبَلَغَنِي أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هُوَ رَكْعَتَانِ، فَقَالَ:«أَتَرَى اللَّهَ يُعَذِّبُنِي عَلَى الصَّلَاةِ»

ص: 190

‌بَابُ كَرَاهَةِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ سِوَى الرَّكْعَتَيْنِ

ص: 191

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، عَنْ يَسَارٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه أُصَلِّي بَعْدَ الْفَجْرِ فَحَصَبَنِي وَقَالَ: يَا يَسَارُ كَمْ صَلَّيْتَ؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَادَرِيتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَيْنَا وَنَحْنُ نُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْنَا تَغَيُّظًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: «لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ أَنْ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا سَجْدَتَيْنِ»

ص: 191

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الصَّلَاةُ مَشْهُودَةٌ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ، فَإِذَا انْفَجَرَ الْفَجْرُ فَأَمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى تُصَلِّيَ الْفَجْرَ»

ص: 191

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا الْإِفْرِيقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ» وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمًا فَرَأَى النَّاسَ يَرْكَعُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَقَالَ: «صَهٍ إِنَّمَا هُمَا رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ مِنْ بَعْدِ الْفَجْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ

⦗ص: 192⦘

وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِي ذَلِكَ لَكَانَ مِنِّي غِيَرٌ»، ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَتَكْرَهُ الصَّلَاةَ إِذَا انْتَشَرَ الْفَجْرُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ؟، فَقَالَ: نَعَمْ. أَخْبَرَنِي إِمَّا مِينَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مِينَا، وَإِمَّا سُلَيْمٌ مَوْلَى سَعْدٍ قَالَ: جِئْتُ الْمَسْجِدَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَجَعَلْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا هَذَا؟ قُلْتُ: إِنِّي لَمْ أُصَلِّ الْبَارِحَةَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه:«إِنَّمَا هُمَا رَكْعَتَانِ» ، أَبُو سَعِيدٍ رضي الله عنه: شَهِدْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه يَتَحَدَّثَانِ عِنْدَ الْمَقَامِ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَصَلَّى فَجَعَلَ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَيُصَلِّي أَكْثَرَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، فَنَادَاهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه «أَنْ لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ثُمَّ صَلِّ بَعْدَ ذَلِكَ مَا بَدَالَكَ» ، مُجَاهِدٌ رحمه الله: قَدِمْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه الْمَدِينَةَ فَبَصُرَ بِرَجُلٍ يُكْثِرُ الرُّكُوعَ فِي الْفَجْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَجَبَذَهُ بِثَوْبِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ فَقَالَ: إِنَّمَا هُمَا رَكْعَتَانِ «، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه» إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ "، طَاوُسُ رحمه الله عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَا: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ»، عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ رحمه الله: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فَوُعِكْتُ فَلَمْ أُصَلِّ مِنَ اللَّيْلِ، فَجِئْتُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَصَلَّيْتُ سِتَّ رَكَعَاتٍ، فَرَآنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتَ صَلَاتَكَ، فَقُلْتُ: إِنِّي كُنْتُ وُعِكْتُ فَلَمْ أُصَلِّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: إِنَّمَا هُمَا رَكْعَتَانِ "، أَبُو رَبَاحٍ رحمه الله: رَأَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ رحمه الله رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَنَهَاهُ فَقَالَ: تَخَافُ أَنْ يُعَذِّبَنِي اللَّهُ عَلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ:«أَخَافُ أَنْ يُعَذِّبَكَ اللَّهُ عَلَى خِلَافِكَ السُّنَّةَ» ، قَتَادَةُ رحمه الله عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ " أَنَّهُمَا كَرِهَا أَنْ يُصَلِّيَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، فَسَأَلْتُ الْحَسَنَ رحمه الله فَقَالَ: إِنِّي لَأَكْرَهُهُ وَمَا سَمِعْتُ فِيهِ بِشَيْءٍ "

ص: 191

‌بَابُ ذَكَرِ صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي السَّفَرِ

ص: 193

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ظَبْيَانَ، أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ؛ يُحِبُّ رَجُلًا كَانَ مِنْ قَوْمٍ فَأَتَاهُمْ سَائِلٌ فَسَأَلَهُمْ بِوَجْهِ اللَّهِ لَا يَسْأَلُهُمُ بِقَرَابَةٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، فَبَخِلُوا عَنْهُ فَخَلَفَهُمْ بِأَعْقَابِهِمْ فَأَعْطَاهُ حَيْثُ لَا يَرَاهُ إِلَّا اللَّهُ وَمَنْ أَعْطَاهُ، وَيُحِبُّ رَجُلًا كَانَ فِي كَتِيبَةٍ فَانْكَشَفُوا فَكَرَّ فَقَاتَلَ حَتَّى يُفْتَحَ عَلَى يَدَيْهِ أَوْ يُقْتَلَ، وَيُحِبُّ رَجُلًا كَانَ فِي قَوْمٍ فَأَدْلَجُوا فَطَالَتْ دُلْجَتُهُمْ فَنَزَلُوا وَالنَّوْمُ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِمَّا يُعْدَلُ بِهِ فَنَامُوا وَقَامَ يَتْلُو آيَاتِي وَيَتَمَلَّقُنِي»

ص: 193

حَدَّثَنَا يُحْيِي بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنِ ابْنِ الْأَحْمَسِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا ذَرٍّ، رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ: ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ، وَثَلَاثَةٌ يَشْنَأُهُمُ اللَّهُ، فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ يَا أَبَا ذَرٍّ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ أَحْبَبْتُ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ، قَالَ: مَا هُوَ؟ وَلَا أَخَالُنِي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قُلْتَ: " ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ، وَثَلَاثَةٌ يَشْنَأُهُمْ، قَالَ: وَسَمِعْتَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَمَنِ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ؟ قَالَ: رَجُلٌ لَقِيَ فِئَةً فَنَصَبَ نَحْرَهُ لِلْعَدُوِّ حَتَّى يُهَرَاقَ دَمُهُ أَوْ يَفْتَحَ لِأَصْحَابِهِ، وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَفَرٍ فَأَطَالُوا السُّرَى حَتَّى أَحَبُّوا أَنْ يمْسُوا الْأَرْضَ فَتَنَحَّى رَجُلٌ فَصَلَّى حَتَّى أَيْقَظَهُمْ لِلرَّحِيلِ، وَرَجُلٌ كَانَ لَهُ جَارُ سُوءٍ فَصَبَرَ عَلَى أَذَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا مَوْتٌ أَوْ ظَعْنٌ، قُلْتُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ، فَمَنِ الَّذِينَ يَشْنَأُهُمْ؟ قَالَ: التَّاجِرُ الْحَلَّافُ، وَالْبَخِيلُ الْمَنَّانُ، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ "

ص: 193

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعُمَرَ رضي الله عنه كَانَا يَتَطَوَّعَانِ فِي السَّفَرِ بِاللَّيْلِ وَيُوتِرَانِ "

ص: 194

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ، ثنا أَبُو قُتَيْبَةَ، عَنْ حَازِمٍ الْبَجَلِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَا:«سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ، وَالْوِتْرُ فِي السَّفَرِ مِنَ السُّنَّةِ» الشَّعْبِيُّ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَا: «الْوِتْرُ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ»

ص: 194

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لَأَنْظُرَنَّ مَا صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي السَّفَرِ، فَهَجَعَ أَوَّلَ هَجْعَةٍ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ آفَاقَ السَّمَاءِ، فَقَالَ:{رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191] لِأَرْبَعِ آيَاتٍ إِلَى {إِنَّكَ لَا تَخَلَّفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 194] ثُمَّ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى الرَّحْلِ فَأَخَذَ سِوَاكًا فَاسْتَنَّ بِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَقَامَ فَصَلِّي ثُمَّ اضْطَجَعَ، ثُمَّ فَعَلَ مِثْلَهَا، ثُمَّ اضْطَجَعَ ثُمَّ فَعَلَ مِثْلَهَا ثُمَّ اضْطَجَعَ ثُمَّ فَعَلَ مِثْلَهَا " عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَفَلْتُ مَعَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه مِنَ الشَّامِ فِي غَزْوَةِ الْيَرْمُوكِ فَكَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ عَلَى دَابَّتِهِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ " نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي مَعَ الْفَرِيضَةِ شَيْئًا فِي السَّفَرِ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا إِلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى بَعِيرِهِ أَوْ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ " مُجَاهِدٌ رحمه الله: سَافَرْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَكَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ اللَّيْلَ كُلَّهُ "

ص: 194

‌بَابُ ذِكْرِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَاعِدًا

ص: 195

حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْحَكِيمِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ جَالِسًا حَتَّى دَخَلَ فِي السِّنِّ فَكَانَ إِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً قَامَ فَاقْتَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ "

ص: 195

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ثنا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ:«مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى صَلَّى قَاعِدًا»

ص: 195

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَوْتَرَ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ لَمْ يَقْعُدْ إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُو، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ ثُمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَةَ، فَيَجْلِسُ وَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَدْعُو، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَلَمَّا كَبِرَ وَضَعُفَ أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ إِلَّا فِي السَّادِسَةِ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ فَيُصَلِّي السَّابِعَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ "

ص: 195

‌بَابُ ذِكْرِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَائِمًا

ص: 196

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: " كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ، قُلْتُ: قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا؟ قَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، قُلْتُ: فَكَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ إِذَا كَانَ قَائِمًا؟ وَكَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ إِذَا كَانَ قَاعِدًا؟، قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَرَأَ رَكَعَ قَائِمًا وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا رَكَعَ قَاعِدًا "

ص: 196

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:«مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَانَ أَكْثَرُ صَلَاتِهِ قَاعِدًا إِلَّا الْفَرِيضَةَ وَكَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَيْهِ أَدْوَمَهُ وَإِنْ قَلَّ»

ص: 196

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مُوسَى الْمَرئِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَ الْوِتْرِ "

ص: 196

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، ثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، عَنْ حَفْصَةَ، قَالَتْ:«لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ جَالِسًا حَتَّى كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ عَامًا أَوْ عَامَيْنٍ، فَكَانَ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ جَالِسًا فَيُرَتِّلُ السُّورَةَ حَتَّى تَكُونَ فِي قِرَاءَتِهِ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا»

ص: 196

حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، ثنا أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ بِتِسْعٍ حَتَّى إِذَا بَدُنَ وَكَثُرَ لَحْمُهُ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ، وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ يَقْرَأُ فِيهِمَا إِذَا زُلْزِلَتِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ "

ص: 196

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، ثنا بَقِيَّةُ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَإِذَا زُلْزِلَتِ وَفِي الْآخِرَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " وَعَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «كَانَ يُقَالُ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّيَ جَالِسًا يَعْنِي التَّطَوُّعَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا قَبْلَ أَنْ تُصَلِّيَ جَالِسًا» لَيْثٌ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ لِمَنْ صَلَّى قَاعِدًا أَنْ يُنْشِئَهَا وَهُوَ قَائِمٌ " وَفِي لَفْظٍ: «إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّيَ قَاعِدًا فَأَنْشِ صَلَاتَكَ قَائِمًا» لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ «كَانَ يَكْرَهُ إِذَا اسْتَفْتَحَ قَائِمًا أَنْ يَرْكَعَ جَالِسًا» شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ قَالَا: «لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً قَائِمًا وَرَكْعَةً قَاعِدًا» هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَا: «الْمُتَطَوِّعُ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ جَالِسًا فَلْيَقُمْ وَإِذَا افْتَتَحَ قَائِمًا فَإِنْ شَاءَ فَلْيَجْلِسْ» ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: " أَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ قَائِمًا فَأَجْلِسُ فَأَقْرَأُ جَالِسًا وَلَمْ أَرْكَعْ وَلَمْ أَسْجُدْ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَأَرْكَعُ وَاحِدَةً ثُمَّ أَجْلِسُ، قَالَ: لَا، أَكْرَهُ أَنْ تَجْلِسَ فِي وِتْرٍ، قُلْتُ: فَأَسْتَفْتِحُ ثُمَّ أَجْلِسُ بِغَيْرِ رُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ، قَالَ: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ لَسْتَ الْآنَ فِي وِتْرٍ، قُلْتُ: فَجَلَسْتُ رَكْعَةً وَاحِدَةً، قَالَ: فَاسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَلَكِنِ اجْلِسْ فِي مَثْنَى مَا شِئْتَ " الزَّعْفَرَانِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ:«يُصَلِّي النَّافِلَةَ جَالِسًا وَيَفْتَتِحُهَا قَائِمًا إِنْ شَاءَ، ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَفْتَتِحُهَا جَالِسًا ثُمَّ يَقُومُ إِنْ شَاءَ» وَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ السُّورَةِ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ رَكَعَ " قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " فَإِذَا جَازَ أَنْ يَفْتَتِحَ جَالِسًا وَيَقُومَ، جَازَ أَنْ يَفْتَتِحَ قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسُ، قَالَ: وَقَالَ قَائِلٌ: إِذَا افْتَتَحَ جَالِسًا جَازَ أَنْ يَقُومَ، وَإِذَا افْتَتَحَ قَائِمًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْلِسَ بَعْدَ الْقِيَامِ، قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ هَذَا فَرْقٌ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ نَصْرٍ رحمه الله: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فَأَوْجَبَ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ.

⦗ص: 198⦘

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا» ، وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ عَلَى مِنْ أَطَاقَ الْقِيَامَ فِي الْمَكْتُوبَةِ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَعْجَزَ عَنِ الْقِيَامِ، فَإِذَا عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ صَلَّى قَاعِدًا " فَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَإِنَّ الْأَخْبَارَ جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ قَائِمًا إِلَى أَنْ أَسَنَّ وَثَقُلَ، فَكَانَ بَعْدُ يُصَلِّي قَائِمًا وَقَاعِدًا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْهُ. وَجَاءَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ»

ص: 197

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي قَاعِدًا فَوَضَعْتُ يَدِيَ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو؟» ، قُلْتُ: حُدِّثْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ قُلْتَ: " صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ، وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا، قَالَ:«أَجَلْ، وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ»

ص: 198

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا الْمُلَائِيُّ، ثنا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْحَذَّاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ صَلَاةِ الْقَائِمِ»

ص: 198

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَهُوَ قَاعِدٌ فَقَالَ: «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ»

ص: 198

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ، رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُحْيِي: وَالْمَحْفُوظُ عِنْدَنَا يَعْنِي أَحَادِيثَ مَعْمَرٍ، وَشُعَيْبٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَبَكْرِ بْنِ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، حَدِيثُ هَؤُلَاءِ لَأَنَّ الزُّهْرِيَّ لَوْ كَانَ سَمِعَهُ مِنْ أَنَسٍ لَانْتَشَرَ عَنْهُ وَلَقَدَّمُوا حَدِيثَهُ لَأَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو مُرْسَلٌ.

⦗ص: 199⦘

وَحَدِيثُ أَنَسٍ مِنْ حَدِيثِ الْمَخْرَمِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عِنْدَنَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ، لَأَنَّ مَالِكًا رَوَاهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَوْلًى لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَوْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمَالِكٌ أَوْلَى لِحِفْظِهِ، وَلَأَنَّهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مُسْتَفِيضٌ، قَالَ: وَلَا نَعْرِفُهُ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ ابْنُ جُرَيْجٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: " أَلَا أُصَلِّي وَأَنَا جَالِسٌ، إِنْ شِئْتُ أَرْكَعْ وَأَنَا جَالِسٌ وَأَسْجَدْ وَأَنَا جَالِسٌ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ لَيْسَ بَيْنَ ذَلِكَ قِيَامٌ، قَالَ: بَلَى إِنْ شِئْتَ، وَلِذَلِكَ زَعَمُوا نِصْفَ أَجْرِ الْقَائِمِ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ نَصْرٍ: فَقَوْلُهُ عليه السلام: «صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، إِنَّمَا هُوَ فِي التَّطَوُّعِ خَاصَّةً دُونَ الْفَرِيضَةِ؟، وَذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ التَّطَوُّعَ قَاعِدًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ إِلَّا أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ طَعَنَ فِي السِّنِّ أَوْ عَرَضَ لَهُ ثِقَلٌ فِي الْبَدَنِ وَمَلَالَةٌ وَفَترَةٌ، فَيَجِدُ الْقُعُودَ أَخَفَّ عَلَيْهِ فَيُصَلِّي قَاعِدًا لِيَكُونَ أَنْشَطَ لَهُ وَأَقْدَرَ عَلَى كَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلَوْ تَجَشَّمَ الْقِيَامَ لَأَمْكَنَهُ غَيْرَ أَنَّهُ يَتَخَفَّفُ بِالْقُعُودِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْقَائِمِ،

⦗ص: 200⦘

فَأَمَّا الْفَرِيضَةُ فَإِنْ صَلَّاهَا قَاعِدًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ فَصَلَّاهَا قَاعِدًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْقَائِمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ الْمُتَطَوِّعُ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ لِمَرَضٍ أَوْ لِزَمَانَةٍ حَلَّتْ بِهِ فَصَلَّى التَّطَوُّعَ قَاعِدًا وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ لَوِ اسْتَطَاعَ الْقِيَامَ لَقَامَ، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ لِمَنْ صَلَّى قَاعِدًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ

ص: 198

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ رَجُلٍ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها كَانَتْ تُصَلِّي الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَقِيلَ لَهَا: إِنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها تُصَلِّي أَرْبَعًا، قَالَتْ: إِنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها امْرَأَةٌ شَابَّةٌ، وَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى نِصْفِ أَجْرِ صَلَاةِ الْقَائِمِ»

ص: 200

‌بَابُ ذِكْرِ كَيْفِيَّةِ جُلُوسِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى جَالِسًا صِفَةُ جُلُوسِهِ كَيْفَ كَانَتْ إِلَّا فِي حَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ أَخْطَأَ فِيهِ حَفْصٌ رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا» قَالَ: وَحَدِيثُ الصَّلَاةِ جَالِسًا رَوَاهُ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ غَيْرُ وَاحِدٍ كَمَا رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ رحمه الله وَلَا ذَكَرَ التَّرَبُّعَ فِيهِ

ص: 201

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا ابْنُ عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، رحمه الله: سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ؟، فَقَالَتْ:«كَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، فَإِذَا قَرَأَ قَائِمًا رَكَعَ قَائِمًا، وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا رَكَعَ قَاعِدًا» وَرَوَاهُ حَمَّادٌ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَحُمَيْدٌ عَنِ ابْنِ شَقِيقٍ فَذَكَرَهُ سَوَاءً، قَالَ: فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ كَانَ عِنْدَ حَفْصٍ، عَنْ حُمَيْدٍ عَلَى مَا هُوَ عِنْدَ النَّاسِ، وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي التَّرَبُّعِ فِي الصَّلَاةِ، فَذَاكَرَ أَبَا دَاوُدَ الْحَفَرِيَّ مِنْ حِفْظِهِ فَتَوَهَّمَ، أَنْ ذَكَرَ التَّرَبُّعَ فِي حَدِيثِ حُمَيْدٍ فَاخْتَصَرَ الْحَدِيثَ وَأَلْحَقَ فِيهِ التَّرَبُّعَ تَوَهُّمًا وَغَلَطًا إِنْ كَانَ حَفِظَ ذَلِكَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ مِنْ حَدِيثِ حَفْصٍ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْهُ غَيْرَ أَبِي دَاوُدَ رحمه الله، وَلَوْ كَانَ مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِ حَفْصٍ لَرَوَاهُ النَّاسُ عَنْهُ وَعَرَفُوهُ إِذْ هُوَ حَدِيثٌ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ وَالَّذِي يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ حَفْصٍ فِي التَّرَبُّعِ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:" عَلَّمَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ صَلَاةَ الْقَاعِدِ فَقَالَ: يَجْعَلُ قِيَامَهُ تَرَبُّعًا "

⦗ص: 202⦘

وَحَفْصٌ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ رحمه الله قَالَ:«صَلَاةُ الْقَاعِدِ غَيْرِ الْمُتَرَبِّعِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» قَالَ: وَكَانَ حَفْصٌ رَجُلًا إِذَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ رُبَّمَا غَلَطَ، هُوَ مَعْرُوفٌ بِذَلِكَ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. قَالَ: وَحَدِيثٌ آخَرَ أَيْضًا رَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها رَفَعَتْهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ غَيْرِ الْمُتَرَبِّعِ» غَلَطَ فِيهِ شَرِيكٌ: وَهَذَا الْكَلَامُ رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِنْ قَوْلِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُحْيِي: الْحَمْلُ فِيهِ عَلَى شَرِيكٍ قَالَ فَفَعَلَ شَرِيكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَفِعْلِ حَفْصٍ فِي حَدِيثِ حُمَيْدٍ، وَشَرِيكٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ بِسُوءِ الْحِفْظِ وَكَثْرَةِ الْغَلَطِ، قَالَ: فَلَمْ يَثْبُتْ فِي كَيْفِيَّةِ جُلُوسِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَبَرٌ، وَلَوْ كَانَ فِي كَيْفِيَّةِ الْجُلُوسِ سُنَّةٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُجَاوَزَ لَبَيَّنَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ بَيَّنَهُ لَرَوَاهُ أَصْحَابُهُ عَنْهُ وَبَيَّنُوهُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلِلْمُصَلِّي جَالِسًا أَنْ يَجْلِسَ كَيْفَ خَفَّ عَلَيْهِ وَتَيَسَّرَ إِنْ شَاءَ تَرَبَّعَ وَإِنْ شَاءَ احْتَبَى، وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ فِي حَالِ الْقِرَاءَةِ كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ اتَّكَأَ، كُلُّ ذَلِكَ قَدْ فَعَلَهُ السَّلَفُ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، غَيْرُ أَنَّ التَّرَبُّعَ خَاصَّةَ، قَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ وَرَخَّصَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ، وَاخْتَارَتْهُ أُخْرَى فَأَمَّا الِاحْتِبَاءُ وَالْجُلُوسُ كَجِلْسَةِ التَّشَهُّدِ فَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ لِذَلِكَ كَرَاهَةً، وَسَنَذْكُرُ الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

ص: 201

‌بَابُ ذِكْرِ التَّرَبُّعِ فِي الصَّلَاةِ عَمَّنْ رَخَّصَ فِيهِ أَوِ اخْتَارَهُ أَوْ فَعَلَهُ مِنْ عُذْرٍ سِمَاكٌ رحمه الله: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه وَابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه مُتَرَبِّعَيْنِ فِي الصَّلَاةِ. أَبُو رِحَالِ بْنُ عُبَيْدٍ رحمه الله: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ مُجَاهِدٌ رحمه الله:

عَلَّمَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ صَلَاةَ الْقَاعِدِ، فَقَالَ: يَكُونُ قِيَامُهُ مُتَرَبِّعًا. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: «إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّيَ جَالِسًا فَتَرَبَّعْ فِي الْأَرْضِ، لِيَكُنْ ذَلِكَ قِيَامَكَ، وَكَانَ يُصَلِّي جَالِسًا مُتَرَبِّعًا» وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ: «إِذَا صَلَّى قَاعِدًا جَعَلَ قِيَامَهُ مُتَرَبِّعًا» جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا الضُّحَى وَبَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ فَإِذَا شَكَّ فِي شَيْءٍ رَفَعَهُ فَنَظَرَ فِيهِ ثُمَّ وَضَعَهُ. عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ: رَأَيْتُ عَطَاءً يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا. سُلَيْمَانُ بْنُ بَزِيعٍ: دَخَلْتُ عَلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهَوَ يُصَلِّي قَاعِدًا فَإِذَا كَانَ الْجُلُوسُ جَثَى عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَإِذَا كَانَ الْقِيَامُ تَرَبَّعَ. وَقَالَ سُفْيَانُ: «إِذَا صَلَّى قَاعِدًا جَعَلَ قِيَامَهُ مُتَرَبِّعًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَكَعَ وَهُوَ مُتَرَبِّعٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَهُ» عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ رحمه الله: رَأَيْتُ مَالِكًا يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا وَيَرْكَعُ مُتَرَبِّعًا وَيَثْنِي فِي السُّجُودِ

ص: 203

‌بَابُ ذِكْرِ مَنْ كَرِهَ التَّرَبُّعَ فِي الصَّلَاةِ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «لَأَنْ أَجْلِسَ عَلَى الرَّضْفِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَجْلِسَ مُتَرَبِّعًا فِي صَلَاتِي» وَفِي آخَرَ: «لَأَنْ أَقْعُدَ عَلَى جَمْرَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ مُتَرَبِّعًا» عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهُ يَتَرَبَّعُ فِي الصَّلَاةِ إِذَا جَلَسَ قَالَ: فَفَعَلْتُهُ وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ فَنَهَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنه، وَقَالَ:" إِنَّمَا سُنَّةُ الصَّلَاةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ الْيُمْنَى وَتَثْنِيَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى، فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ رِجْلَيَّ لَا تَحْمِلَانِي " الْحَكَمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التَّرَبُّعَ فِي الصَّلَاةِ وَكَانَ الْحَكَمُ يَكْرَهُ التَّرَبُّعَ فِي الصَّلَاةِ. أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التَّرَبُّعَ فِي صَلَاتِهِ وَعَنْ عَطَاءٍ: فِي الرَّجُلِ يَجْلِسُ فِي صَلَاتِهِ أَيَتَرَبَّعُ؟ قَالَ: لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يُطِيقُ إِلَّا ذَلِكَ

ص: 204

بَابُ ذِكْرِ مَنْ صَلَّى مُحْتَبِيًا الزُّهْرِيُّ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يُصَلِّي مُحْتَبِيًا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ رحمه الله: «رَأَيْتُ أَبِي يُصَلِّي مُحْتَبِيًا يَقْرَأُ

⦗ص: 205⦘

» طَلْحَةُ بْنُ يُحْيِي رحمه الله: «رَأَيْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُصَلِّي مُحْتَبِيًا، وَرَأَيْتُ عِيسَى بْنَ طَلْحَةَ يَفْعَلُهُ» الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ:«رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُصَلِّي مُحْتَبِيًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ حَلَّ حَبْوَتَهُ ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ» عَبَّادٌ: «رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُصَلِّي مُحْتَبِيًا» وَعَنِ الْحَسَنِ: «لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ مُحْتَبِيًا وَكَانَ يُصَلِّي تَطَوُّعًا وَهُوَ مُحْتَبٍ فِي التَّطَوُّعِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا» وَقَالَ عَطَاءٌ: «يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي التَّطَوُّعِ إِنْ شَاءَ مُتَرَبِّعًا، وَإِنْ شَاءَ مُحْتَبِيًا، وَصَلَّى فِي التَّطَوُّعِ مُحْتَبِيًا، وَكَرِهَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ» وَقَالَ مَالِكٌ: «لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُحْتَبِيًا»

ص: 204

‌بَابُ مَنْ رَأَى أَنْ يَجْلِسَ كَجُلُوسِهِ فِي التَّشَهُّدِ عَاصِمٌ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا كَانَ قُعُودُهُ مِثْلَ جِلْسَتِهِ فِي الصَّلَاةِ» وَعَنْ مُجَاهِدٍ رحمه الله " عَلَّمَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ صَلَاةَ الْقَاعِدِ، فَقَالَ: يَتَرَبَّعُ إِنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ ثَنَى رِجْلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ نَصَبَ الْيُمْنَى وَثَنَى الْيُسْرَى «وَعَنِ ابْنِ أَبِي

نَجِيحٍ» يُصَلِّي الْجَالِسُ كَجُلُوسِهِ فِي الصَّلَاةِ "

ص: 205

‌بَابُ مِنْ صَلَّى مُتَّكِئًا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ رحمه الله: «رَأَيْتُ بَكْرًا يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا وَمُتَّكِئًا»

ص: 205

‌بَابُ مَنْ صَلَّى جَالِسًا عَلَى دُكَّانٍ مُدَلِّيًا رِجْلَيْهِ «كَانَ لِأَبِي بَرْزَةَ دُكَّانٌ يَجْلِسُ عَلَيْهِ وَيُدَلِّي رِجْلَيْهِ وَيُصَلِّي» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: وَأَمَّا مَنِ اخْتَارَ أَنْ يَجْلِسَ الْمُصَلِّي قَاعِدًا فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ كَجُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَإِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَدْ سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتَّفَقَتِ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَرَادَ الْمُصَلِّي قَاعِدًا أَنْ يَجْلِسَ لِلْقِرَاءَةِ فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ اخْتَارَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ جُلُوسَهُ لِلْقِرَاءَةِ كَجُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ أَوْ كَجُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ تَمْثِيلًا بِالْجُلُوسِ الَّذِي قَدْ سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَشْبِيهًا بِهِ، إِذْ وَجَدَ ذَلِكَ مِنْ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا. وَذَهَبَ أَيْضًا إِلَى أَنَّ هَذِهِ جِلْسَةُ تَوَاضُعٍ وَتَذَلُّلٍ فَاخْتَارَهَا لِذَلِكَ عَلَى التَّرَبُّعِ وَالِاحْتِبَاءِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِرِجْلِهِ أَوْ بِوِرْكِهِ عِلَّةٌ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ عَلَيْهَا فَيَجْلِسُ حِينَئِذٍ مُتَرَبِّعًا أَوْ مُحْتَبِيًا لِيَكُونَ أَسْهَلَ عَلَيْهِ وَأَقْدَرَ عَلَى طُولِ الْجُلُوسِ وَكَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ. وَأَمَّا مَنِ اخْتَارَ التَّرَبُّعَ أوَ الِاحْتِبَاءَ فَأَرَاهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَ لِلذِّكْرِ أَحْوَالًا مُخْتَلِفَةً، جَعَلَ الْقِرَاءَةَ فِي حَالِ الْقِيَامِ وَالتَّشَهُّدَ فِي حَالِ الْجُلُوسِ وَالتَّسْبِيحَ فِي حَالِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَجَعَلَ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الذِّكْرِ هَيْئَةً غَيْرَ هَيْئَةِ النَّوْعِ الْآخَرِ، فَلَمَّا أَرَادَ الْمُصَلِّي قَاعِدًا أَنْ يَقْرَأَ وَهُوَ قَاعِدٌ اخْتَارَ أَنْ يَجْعَلَ لِقِرَاءَتِهِ هَيْئَةً فِي الْجُلُوسِ غَيْرَ هَيْئَةِ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْبِيحِ كَمَا كَانَتْ هَيْئَةُ الْمُصَلِّي فِي قِرَاءَتِهِ غَيْرَ هَيْئَتِهِ فِي التَّشَهُّدِ وَالتَّسْبِيحِ، هَذَا الَّذِي أَرَاهُمْ ذَهَبُوا إِلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالَّذِي هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَجْلِسَ الْمُصَلِّي قَاعِدًا فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ كَجُلُوسِهِ فِي التَّشَهُّدِ، أَوْ كَجُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِلْعِلَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا إِلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَكُونَ التَّرَبُّعُ أَوِ الِاحْتِبَاءُ أَخَفَّ عَلَيْهِ فَيَتَرَبَّعُ أَوْ يَحْتَبِي، وَالِاحْتِبَاءُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ التَّرَبُّعِ لَأَنَا قَدْ رُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَرِهُوا التَّرَبُّعَ وَلَمْ يَأْتِنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ كَرِهَ الِاحْتِبَاءَ وَحَدِيثُ سِمَاكٍ رحمه الله أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه مُتَرَبِّعًا فِي الصَّلَاةِ، فَقَدْ أَخْبَرَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَهُ مِنْ عُذْرٍ، وَكَذَلِكَ أَنَسٌ رضي الله عنه يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ مِنْ عِلَّةٍ، قُلْتُ: وَذَكَرَ الْآثَارَ الَّتِي فِيهَا التَّرَبُّعُ وَعَلَّلَهَا كُلَّهَا بِضَعْفٍ الرُّوَاةِ

ص: 206

‌بَابُ ذَكَرِ كَيْفِيَّةِ رُكُوعِ الْمُحْتَبِي وَالْمُتَرَبِّعِ وَسُجُودِهِمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، فَعَنْ أَبِي حَفْصٍ رحمه الله:«رَأَيْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَوْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَيْهِ» عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: «إِذَا صَلَّى مُتَرَبِّعًا وَأَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَوْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَيْهِ» مُجَاهِدٌ رحمه الله:

" عَلَّمَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ صَلَاةَ الْقَاعِدِ فَقَالَ: يَكُونُ قِيَامُهُ تَرَبُّعًا فَإِذَا رَكَعَ وَسَجَدَ فَلْيَثْنِ رِجْلَيْهِ " وَقَالَ مُجَاهِدٌ: «تَرَبَّعْ فَإِذَا رَكَعْتَ فَثَنِّ رِجْلَكَ مِثْلَ صَنِيعِكَ لِلسُّجُودِ» وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ: «يُصَلِّي الْجَالِسُ مُتَرَبِّعًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ ثَنَى فَخِذَهُ كَمَا يَجْلِسُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْكَعُ كَمَا هُوَ ثُمَّ يَثْنِي رِجْلَيْهِ لِلسُّجُودِ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رحمه الله:«إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَهُ وَسَجَدَ، وَكَانَ يُصَلِّي مُحْتَبِيًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ حَلَّ حَبْوَتَهُ وَسَجَدَ، ثُمَّ عَادَ فَاحْتَبَى يَعْنِي ابْنَ الْمُسَيِّبِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ حَلَّ حَبْوَتَهُ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، ثُمَّ عَادَ لِحَبْوَتِهِ» وَكَانَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يُصَلِّي كَذَلِكَ وَعَنْ سُفْيَانَ رحمه الله «إِذَا صَلَّى وَهُوَ قَاعِدٌ فَلْيَتَرَبَّعْ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ لَيَقْرَأْ وَهُوَ مُتَرَبِّعٌ وَلْيَرْكَعْ وَهُوَ مُتَرَبِّعٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَهُ وَسَجَدَ ثُمَّ عَادَ فَتَرَبَّعَ فِي الْأُخْرَى حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَهُ فَسَجَدَ» وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ رحمه الله: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ صَلَاةِ الْجَالِسِ، فَقَالَ:" يَجْلِسُ مُتَرَبِّعًا فِي قِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ، فَإِذَا أَرَادَ السُّجُودَ تَهَيَّأَ بِهَيْئَةِ السُّجُودِ وَثَنَى رِجْلَهُ، فَقِيلَ لَهُ: فَالْمَحْمَلُ؟ قَالَ: يَتَرَبَّعُ مِثْلَ الْجَالِسِ، فَقِيلَ لَهُ: أَفَيَثْنِي رِجْلَهُ عِنْدَ السُّجُودِ؟ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ الْمَحْمَلِ يَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ فَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ أَخْشَى أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ فَلْيَجْعَلْ سُجُودَهُ إِيمَاءً " وَعَنْ أَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ رحمه الله: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنْ صَلَاةِ الْجَالِسِ، فَقَالَ:«يَتَرَبَّعُ، فَإِذَا رَكَعَ ثَنَى رِجْلَهُ وَلَا يَرْكَعْ مُتَرَبِّعًا» وَقَالَ إِسْحَاقُ: " إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّوَافِلَ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا، وَلَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ الصَّلَاةَ جَالِسًا إِلَّا مِنْ مَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا مِنَ الْعُذْرِ، وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ مُحْتَبِيًا أَوْ مُتَرَبِّعًا أَوْ كَمَا يَجْلِسُ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَفْضَلُ صَلَاتِهِ جَالِسًا إِذَا كَانَ مُتَرَبِّعًا، فَإِذَا صَارَ إِلَى الرُّكُوعِ ثَنَى رِجْلَهُ، ثُمَّ رَكَعَ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَمَا يَفْعَلُ فِي الْقِيَامِ، وَإِذَا صَلَّى مُحْتَبِيًا، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ حَلَّ حَبْوَتَهُ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، فَإِذَا عَادَ إِلَى جِلْسَتِهِ رَجَعَ إِلَى حَبْوَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 207

‌بَابُ ذِكْرِ الصَّلَاةِ تَطَوُّعًا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي جَمَاعَةٍ

ص: 211

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي رَافِعٍ ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ رضي الله عنها ، «فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ تَطَوُّعًا مِنَ اللَّيْلِ ، فَقَامَ إِلَى الْقِرْبَةِ فَتَوَضَّأَ فَقَامَ يُصَلِّي ، فَقُمْتُ لَمَّا رَأَيْتُهُ صَنَعَ ذَلِكَ ، فَتَوَضَّأْتُ مِنَ الْقِرْبَةِ ثُمَّ قُمْتُ إِلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ ، فَأَخَذَ بِيَدِي مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ يَعْدِلُنِي كَذَلِكَ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ إِلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ» فَقُلْتُ: فِي تَطَوَّعٍ كُلُّ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَيُصَلِّي الْقَوْمُ بِصَلَاةِ الرَّجُلِ فِي التَّطَوُّعِ ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَدْ صَلَّى إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَطَوُّعًا؟ قَالَ:«أَجَلْ» وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَأَى النَّاسَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَقُومُ الْقَوْمُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ قُرْآنٌ مَعَ رَجُلٍ ، وَالْقَوْمُ كَذَلِكَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ الْأُخْرَى وَرَاءَ الرَّجُلِ الْآخَرِ ، فَقَالَ:«لَوْ جَمَعْنَا هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ» ، فَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ ، قُلْتُ: وَصَلَاةُ الْأَجْرَاسِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي رَكْعَتَيْنِ يَرْكَعُهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ ، قُلْتُ: أَتَكْرَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «لَا»

ص: 211

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ ، ثنا حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي زِيَادٌ ، أَنَّ قَزَعَةَ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ أَخْبَرَهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: «صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَعَائِشَةُ رضي الله عنها خَلْفَنَا تُصَلِّي مَعَنَا ، وَأَنَا إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُصَلِّي مَعَهُ»

ص: 211

حَدَّثَنَا يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، سَمِعَ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ: «صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ ، فِي بَيْتِنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَصَلَّتْ أُمِّي مِنْ وَرَائِنَا

ص: 211

» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رحمه الله: وَكَرِهَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ أَنْ يُصَلَّى التَّطَوُّعُ فِي جَمَاعَةٍ مَا خَلَا قِيَامَ رَمَضَانَ وَصَلَاةَ كُسُوفِ الشَّمْسِ. وَذَلِكَ خِلَافُ السُّنَّةِ. «قَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى التَّطَوُّعَ جَمَاعَةً فِي غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلًا وَنَهَارًا» ، وَفَعَلَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بَعْدَهُ. عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ:«دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِالْهَاجِرَةِ فَوَجَدْتُهُ يُسَبِّحُ ، فَقُمْتُ وَرَاءَهُ فَقَرَّبَنِي فَجَعَلَنِي حِذَاءَهُ عَنْ يَمِينِهِ ، فَلَمَّا جَاءَ يَرْفَأُ تَأَخَّرْتُ فَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ» أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رحمه الله قَالَ: «دَخَلْتُ مَعَ أَبِي الْمَسْجِدَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَخَنَسَ دُونَهُمْ فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ لَحِقَ بِالصَّفِّ» وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ رحمه الله: «رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَؤُمُّهُمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالنَّوَافِلِ ، وَرَاءَهُ شُيُوخٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالصَّلَاحِ يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ» قَالَ هِشَامٌ: «أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي الْمَكْتُوبَةِ ثُمَّ يَدْخُلُ الدَّارَ فَيُسَبِّحُ وَيُسَبِّحُونَ بِصَلَاتِهِ وَهُوَ يَؤُمُّهُمْ» وَكَانَ عُرْوَةُ رحمه الله يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيَرَاهُ حَسَنًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رحمه الله ، وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثٌ قَدْ كَتَبْنَاهَا فِي كِتَابِ «رَفْعِ الْيَدَيْنِ» وَسُئِلَ مَالِكٌ رحمه الله عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الرَّجُلَ فِي النَّافِلَةِ قَالَ:«مَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا»

ص: 212

‌بَابُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَفَضِيلَتِهِ

ص: 213

حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَفِي لَفْظٍ: كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ فَيَقُولُ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ» فَذَكَرَهُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ رحمه الله: «فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه»

ص: 213

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ شَيْبَانَ ، قُلْتُ لِأَبِي سَلَمَةَ: أَلَا تُحَدِّثُنَا؟ فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: «إِنَّ رَمَضَانَ شَهْرٌ افْتَرَضَ اللَّهُ صِيَامَهُ وَإِنِّي سَنَنْتُ لِلْمُسْلِمِينَ قِيَامَهُ ، فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»

ص: 213

حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَعَنْ مَسْرُوقٍ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِذَا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ خَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ الْمُبَارَكَ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ صِيَامَهُ وَلَمْ يَفْرِضْ قِيَامَهُ فَلْيَحْذَرِ الرَّجُلُ أَنْ يَقُولَ أَصُومُ إِنْ صَامَ فُلَانٌ ، وَأُفْطِرُ إِنْ أَفْطَرَ فُلَانٌ وَفِي لَفْظٍ: إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَلَمْ يَكْتُبْ عَلَيْكُمْ قِيَامَهُ ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقُومَ فَلْيَقُمْ ، فَإِنَّهَا نَوَافِلُ الْخَيْرِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَنَمْ عَلَى

⦗ص: 214⦘

فِرَاشِهِ ، وَلْيَتَّقِ إِنْسَانٌ أَنْ يَقُولَ أَصُومُ إِنْ صَامَ فُلَانٌ ، وَأَقُومُ إِنْ قَامَ فُلَانٌ، مَنْ قَامَ أَوْ صَامَ فَلْيَجْعَلْ ذَاكَ لِلَّهِ ، أَقِلُّوا اللَّغْوَ فِي بُيُوتِ اللَّهِ ، وَلِيَعْلَمْ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُنَادِي:«مَنْ هَذَا الْمَقْبُولُ اللَّيْلَةَ فَنُهَنِّيهِ ، وَمَنْ هَذَا الْمَحْرُومُ الْمَرْدُودُ اللَّيْلَةَ فَنُعَزِّيهِ ، أَيُّهَا الْمَقْبُولُ هَنِيئًا لِلْهَيْنَا وَأَيُّهَا الْمَحْرُومُ الْمَرْدُودُ جَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَكَ» وَخَطَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله يَوْمَ الْفِطْرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذَا شَهْرٌ فَرَضَ اللَّهُ صِيَامَهُ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِيَامَهُ ، أَصْبَحَ قَدْ تَقَضَّى وَرَبُّنَا مَحْمُودٌ فَأَخْرِجُوا فِيهِ الصَّدَقَةَ» وَقَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ: حِينَ دَخَلَ رَمَضَانُ " مَا عَلَى أَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ: اللَّيْلَةُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، فَإِذَا جَاءَتْ لَيْلَةٌ أُخْرَى قَالَ: اللَّيْلَةُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ " وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ: إِذَا جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ جَاءَ بِرَمْلٍ فَأَلْقَاهُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَقُولُ لِبَنِيهِ: «مَا تَبْتَغُونَ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانَ لَا يَنَامُ»

ص: 213

‌بَابُ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَمَاعَةً لَيْلًا تَطَوُّعًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ

ص: 215

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ ، ثنا عَمِّي ، ثنا أَبِي ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ بِاللَّيْلِ أَوْزَاعًا يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ الشَيْءُ مِنَ الْقُرْآنِ فَيَكُونُ مَعَهُ النَّفْرُ الْخَمْسَةُ أَوِ السِّتَّةُ وَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ ، يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ ، قَالَتْ: فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنْ ذَاكَ أَنْ أَنْصِبَ لَهُ حَصِيرًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي ، فَفَعَلْتُ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلًا طَوِيلًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَدَخَلَ وَتَرَكْتُ الْحَصِيرَ عَلَى حَالِهِ. فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ تَحَدَّثُوا بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، فَأَمْسَى الْمَسْجِدُ زاخًّا بِالنَّاسِ فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ وَثَبَتَ النَّاسُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا شَأْنُ النَّاسِ؟» فَقُلْتُ لَهُ: سَمِعَ النَّاسُ بِصَلَاتِكَ الْبَارِحَةَ بِمَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَحَشَدُوا لِذَلِكَ لِتُصَلِّيَ بِهِمْ ، قَالَ:«اطْوِي عَنَّا حَصِيرَكِ يَا عَائِشَةُ» ، فَفَعَلْتُ ، فَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ غَافِلٍ وَثَبَتَ النَّاسُ مَكَانَهُمْ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْهِمْ إِلَى الصُّبْحِ فَقَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ أَمَا وَاللَّهِ مَا بِتُّ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَيْلَتِي غَافِلًا مَا خَفِيَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ وَلَكِنِّي تَخَوَّفْتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْكُمُ ، اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»

ص: 215

حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: صُمْنَا مَعَ

⦗ص: 216⦘

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنْهُ حَتَّى بَقِيَ سَبْعُ لَيَالٍ فَقَامَ بِنَا السَّابِعَةَ حَتَّى مَضَى نَحْوٌ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ كَانَتِ الَّتِي تَلِيهَا ، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا حَتَّى كَانَتِ الْخَامِسَةُ ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى كَانَ نَحْوٌ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ ، قَالَ:«إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» ثُمَّ كَانَتِ الَّتِي تَلِيهَا فَلَمْ يَقُمْهَا حَتَّى كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ فَجَمَعَ أَهْلَهُ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَقَامَ حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ ، فَقُلْتُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ السُّحُورُ ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بَعْدَهَا حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ "

ص: 215

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا عَفَّانُ ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ ، فَجِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، حَتَّى كُنَّا رَهْطًا فَلَمَّا أَحَسَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّا خَلْفَهُ تَجَوَّزَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ؟ فَلَمَّا دَخَلَ مَنْزِلَهُ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَصَلِّهَا عِنْدَنَا ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ فَطِنْتَ لَنَا الْبَارِحَةَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ ، وَذَاكَ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى مَا صَنَعْتُ»

ص: 216

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، ثنا زِيَادُ بْنُ حُبَابٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْمَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنه يَقُولُ: «قُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ حَتَّى خِفْنَا أَنْ لَا نُدْرِكَ الْفَلَاحَ وَكُنَّا نُسَمِّيهِ السُّحُورَ»

ص: 216

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا الْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ " فَرَكَعَ ، فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ فِي سُجُودِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا ، ثُمَّ جَلَسَ يَقُولُ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي» مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا فَمَا صَلَّى إِلَّا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ حَتَّى جَاءَ بِلَالٌ رضي الله عنه إِلَى الْغَدَاةِ "

ص: 217

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، ثنا عِيسَى بْنُ جَارِيَةَ ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ لَيْلَةً ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَالْوِتْرَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْقَابِلَةِ اجْتَمَعْنَا فِي الْمَسْجِدِ وَرَجَوْنَا أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا فَلَمْ نَزَلْ فِيهِ حَتَّى أَصْبَحْنَا قَالَ: «إِنِّي كَرِهْتُ وَخَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمُ الْوِتْرُ»

ص: 217

وَبِهِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه جَاءَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه فِي رَمَضَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ مِنِّي اللَّيْلَةَ شَيْءٌ ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا أُبَيُّ؟ قَالَ: «نِسْوَةُ دَارِي قُلْنَ إِنَّا لَا نَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَنُصَلِّي خَلْفَكَ بِصَلَاتِكَ ، فَصَلَّيْتُ بِهِنَّ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَالْوِتْرَ. فَسَكَتَ عَنْهُ وَكَانَ شِبْهَ الرِّضَاءِ»

ص: 217

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِذَا نَاسٌ فِي رَمَضَانَ يُصَلُّونَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ:«مَا هَؤُلَاءِ؟» قِيلَ: " هَؤُلَاءِ نَاسٌ لَيْسَ مَعَهُمْ قُرْآنٌ ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه يُصَلِّي بِهِمْ ، فَهُمْ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَصَابُوا أَوْ نِعْمَ مَا صَنَعُوا»

ص: 217

حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَانِي لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ» ، ثُمَّ عَزَمَ

⦗ص: 218⦘

فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَالَّتِي تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي تَقُومُونَ» ، يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يَأْمُرُ النَّاسَ بِقِيَامِ رَمَضَانَ فَيَجْعَلُ لِلرِّجَالِ إِمَامًا وَلِلنِّسَاءِ إِمَامًا " قَتَادَةُ ، عَنِ الْحَسَنِ رحمه الله: " أَمَّنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي زَمَنِ عُثْمَانَ رضي الله عنه عِشْرِينَ لَيْلَةً ثُمَّ احْتَبَسَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ تَفَرَّغَ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ أَمَّهُمْ أَبُو حَلِيمَةَ مُعَاذُ الْقَارِي فَكَانَ يَقْنُتُ " أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ: خَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَالْقَنَادِيلُ تَزْهَرُ فِي الْمَسَاجِدِ وَكِتَابُ اللَّهِ يُتْلَى فَجَعَلَ يُنَادِي: «نَوَّرَ اللَّهُ لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فِي قَبْرِكَ كَمَا نَوَّرْتَ مَسَاجِدَ اللَّهِ بِالْقُرْآنِ» وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه: " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ صِيَامَ رَمَضَانَ وَلَمْ يَكْتُبْ قِيَامَهُ ، وَإِنَّمَا الْقِيَامُ شَيْءٌ أَحْدَثْتُمُوهُ فَدُومُوا عَلَيْهِ وَلَا تَتْرُكُوهُ فَإِنَّ نَاسًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ابْتَدَعُوا بِدْعَةً لَمْ يَكْتُبْهَا اللَّهُ عَلَيْهِمُ ابْتَغَوْا بِهَا رِضْوَانَ اللَّهِ فَلَمْ يَرْعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَعَابَهُمُ اللَّهُ بِتَرْكِهَا ، فَقَالَ: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27] " أَبُو وَائِلٍ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه «يُصَلِّي بِنَا فِي رَمَضَانَ تَطَوُّعًا» حَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ رحمه الله: إِنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه كَانَ «يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أُبَيٌّ رضي الله عنه قَامَ بِهِمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ» مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ رحمه الله: «لَمْ يَكُنْ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ رضي الله عنه إِذَا رَأَى الْهِلَالَ هِلَالَ رَمَضَانَ يَقُومُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى يَصُومَ يَوْمًا ثُمَّ يَقُومُ بَعْدَ ذَلِكَ»

⦗ص: 219⦘

وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ زَاذَانَ وَمَيْسَرَةَ، وَأَبِي الْبَخْتَرِيِّ وَخِيَارِ أَصْحَابِ عَلِيٍّ رضي الله عنهم أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْتَارُونَ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي رَمَضَانَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي بُيُوتِهِمْ «وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ» يُصَلُّونَ مَعَ الْإِمَامِ فِي قِيَامِ الْعَامَّةِ وَيَرَوْنَ أَنَّ الْفَضْلَ فِي ذَلِكَ تَمَسُّكًا مِنْهُمْ بِسُنَّةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ «وَعَنْ مَكْحُولٍ رحمه الله أَنَّهُ» كَانَ يَقُومُ مَعَ النَّاسِ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِمْ وَيُوتِرُ بِوِتْرِهِمْ " الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: رَأَيْتُ أَبَا عَمْرٍو رحمه الله «يُوتِرُ مَعَ النَّاسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ وَخَفَّ النَّاسُ انْصَرَفَ» وَكَانَ سُوَيْدٌ: «يَقُومُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ بِالنَّاسِ» إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ «يُصَلِّي بِنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَيَقْرَأُ بِنَا لَيْلَةً قِرَاءَةَ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَلَيْلَةً قِرَاءَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه» هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ: «كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلٍ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ فَكَانَ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ لَهُ رَجُلٌ يُلَقِّنُهُ إِذَا تَعَايَا» وَقِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رحمه الله: يُعْجِبُكَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مَعَ النَّاسِ فِي رَمَضَانَ أَوْ وَحْدَهُ؟ قَالَ: «يُصَلِّي مَعَ النَّاسِ» ، قَالَ:" وَيُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ وَيُوتِرَ مَعَهُ ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ بَقِيَّةُ لَيْلَتِهِ» قَالَ أَحْمَدُ رحمه الله: «يَقُومُ مَعَ النَّاسِ حَتَّى يُوتِرَ مَعَهُمْ ، وَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: شَهِدْتُهُ يَعْنِي أَحْمَدَ «شَهْرَ رَمَضَانَ يُوتِرُ مَعَ إِمَامِهِ إِلَّا لَيْلَةً لَمْ أَحْضَرْهَا» وَقَالَ إِسْحَاقُ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ رحمه الله: الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ يُصَلِّي وَحْدَهُ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ ، قَالَ: «يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْجَمَاعَةِ يُحْيِي السُّنَّةَ» وَقَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ "

ص: 217

‌بَابُ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا الْإِمَامُ لِلنَّاسِ فِي رَمَضَانَ تَقَدَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى فِي رَمَضَانَ فِي لَيْلَةٍ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَوْتَرَ» وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: «أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهُ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» وَفِي رِوَايَةٍ: كُنَّا نُصَلِّي فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنَّا نُخْرِجُ إِلَّا فِي وِجَاهِ الصُّبْحِ ، كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ فِي رَكْعَةٍ بِخَمْسِينَ آيَةً ، سِتِّينَ آيَةً. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ:«كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً يُطِيلُونَ فِيهَا الْقِرَاءَةَ وَيُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ» قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ رحمه الله: وَمَا سَمِعْتُ فِيَ ذَلِكَ حَدِيثًا هُوَ أَثْبَتُ عِنْدِي وَلَا أَحْرَى بِأَنْ يَكُونَ ، كَانَ مِنْ حَدِيثِ السَّائِبِ ، وَذَلِكَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ لَهُ مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً» وَعَنِ السَّائِبِ أَيْضًا:«أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ فِي رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً ، وَيَقْرَءُونَ بِالْمِئِينَ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَمِدُونَ عَلَى الْعِصِيِّ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه» وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ: «كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً» وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ رحمه الله: «مَا زَالَ النَّاسُ يَقُومُونَ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ إِلَى الْيَوْمِ فِي رَمَضَانَ»

ص: 220

زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ رحمه الله: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يُصَلِّي بِنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَيَنْصَرِفُ وَعَلَيْهِ لَيْلٌ " قَالَ الْأَعْمَشُ: «كَانَ يُصَلِّي عِشْرِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ» وَقَالَ عَطَاءٌ: «أَدْرَكْتُهُمْ يُصَلُّونَ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً ، وَالْوِتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ» عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ عَنْ شُتَيْرٍ: وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْدُودِينَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ " مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: إِنَّ مُعَاذًا أَبَا حَلِيمَةَ الْقَارِئَ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً " ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةَ قَالَ:«أَدْرَكْتُ النَّاسَ قَبْلَ الْحَرَّةِ يَقُومُونَ بِإِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً يُوتِرُونَ مِنْهَا بِخَمْسٍ» قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: فَقُلْتُ: لَا يُسَلِّمُونَ بَيْنَهُنَّ؟ فَقَالَ: «بَلْ يُسَلِّمُونَ بَيْنَ كُلِّ ثِنْتَيْنِ وَيُوتِرُونَ بِوَاحِدَةٍ إِلَّا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا» عَمْرُو بِنُ مُهَاجِرٍ: إِنَّ عَمْرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ «كَانَتْ تَقُومُ الْعَامَّةُ بِحَضْرَتِهِ فِي رَمَضَانَ بِخَمْسَ عَشْرَةَ تَسْلِيمَةً وَهُوَ فِي قُبَّتِهِ لَا نَدْرِي مَا يَصْنَعُ» دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: «أَدْرَكْتُ الْمَدِينَةَ فِي زَمَانِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُصَلُّونَ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ» نَافِعٌ: «لَمْ أُدْرِكِ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ يُصَلُّونَ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُونَ مِنْهَا بِثَلَاثٍ» وَرْقَاءُ بْنُ إِيَاسٍ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُصَلِّي بِنَا فِي رَمَضَانَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ إِلَى عِشْرِينَ لَيْلَةً سِتَّ تَرْوِيحَاتٍ ، فَإِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ زَادَ تَرْوِيحَةً

ص: 221

" حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ رحمه الله: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ سِتَّ تَرْوِيحَاتٍ يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ، كُلُّ تَرْوِيحَةٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ " يُونُسُ رحمه الله: «أَدْرَكْتُ مَسْجِدَ الْجَامِعَ قَبْلَ فِتْنَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ يُصَلِّي بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ ، وَعِمْرَانُ الْعَبْدِيُّ كَانُوا يُصَلُّونَ خَمْسَ تَرَاوِيحَ ، فَإِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ زَادُوا وَاحِدَةً ، وَيَقْنُتُونَ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ ، وَيَخْتِمُونَ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ» عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ رحمه الله: «كَانَ أَبُو مِجْلَزٍ يُصَلِّي بِهِمْ أَرْبَعَ تَرْوِيحَاتٍ وَيَقْرَأُ بِهِمْ سُبْعَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ» ذَكْوَانُ الْجُرَشِيُّ رحمه الله: «شَهِدْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى يُصَلِّي بِالْحَيِّ فِي رَمَضَانَ سِتَّ تَرْوِيحَاتٍ ، فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ صَلَّى سَبْعَ تَرْوِيحَاتٍ كُلَّ لَيْلَةٍ ، وَشَهِدْتُهُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ يُصَلِّي سِتَّ رَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ بَيْنَهُنَّ يَقْعُدُ فِي السَّادِسَةِ» ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا رحمه الله يَذْكُرُ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ: أَنْتَقِصُ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ كَرِهَ ذَلِكَ ، قَالَ: نَعَمْ ، وَقَدْ قَامَ النَّاسُ هَذَا الْقِيَامَ قَدِيمًا ، قِيلَ لَهُ: فَكَمِ الْقِيَامُ؟ فَقَالَ: تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ " ابْنُ أَيْمَنَ: قَالَ مَالِكٌ: «أَسْتَحِبُّ أَنْ يَقُومَ النَّاسُ فِي رَمَضَانَ بِثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ ثُمَّ يُوتِرُ بِهِمْ بِوَاحِدَةٍ ، وَهَذَا الْعَمَلُ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ الْحَرَّةِ مُنْذُ بِضْعٍ وَمِائَةِ سَنَةٍ إِلَى الْيَوْمِ» وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ: كَمْ مِنْ رَكْعَةٍ تُصَلِّي فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: قَدْ قِيلَ فِيهِ أَلْوَانٌ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ، إِنَّمَا هُوَ تَطَوَّعٌ ، قَالَ إِسْحَاقُ: نَخْتَارُ أَرْبَعِينَ رَكْعَةً وَتَكُونُ الْقِرَاءَةُ أَخَفَّ " الزَّعْفَرَانِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله: رَأَيْتُ النَّاسَ يَقُومُونَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً قَالَ: " وَأَحَبُّ إِلَيَّ عِشْرُونَ ، قَالَ: وَكَذَلِكَ يَقُومُونَ بِمَكَّةَ ، قَالَ: وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا ضِيقٌ وَلَا حَدٌّ يَنْتَهِي إِلَيْهِ ، لَأَنَّهُ نَافِلَةٌ فَإِنْ أَطَالُوا الْقِيَامَ وَأَقَلُّوا السُّجُودَ فَحَسَنٌ ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ ، وَإِنْ أَكْثَرُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَحَسَنٌ "

ص: 222

‌بَابُ مِقْدَارِ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ: «أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه وَتَمِيمًا الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ فِي رَمَضَانَ فَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ ، حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي

فُرُوعِ الْفَجْرِ» مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: «كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ مِنَ الْقِيَامِ فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ بِالطَّعَامِ مَخَافَةَ الْفَجْرِ» السَّائِبُ: «كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ فِي رَمَضَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِخَمْسِينَ آيَةً ، بِسِتِّينَ آيَةً ، وَنَحْوِ ذَلِكَ» عَاصِمٌ رحمه الله ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ: أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَمَعَ الْقُرَّاءَ فِي رَمَضَانَ فَأَمَرَ أَخَفَّهُمْ قِرَاءَةً أَنْ يَقْرَأَ ثَلَاثِينَ آيَةً وَأَوْسَطَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ، وَأَثْقَلَهُمْ قِرَاءَةً عِشْرِينَ " الْحَسَنُ رحمه الله: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَمَرَ أُبَيًّا رضي الله عنه فَأَمَّهُمْ فِي رَمَضَانَ ، فَكَانُوا يَنَامُونَ رُبُعَ اللَّيْلِ وَيَقُومُونَ رُبُعَيْهِ وَيَنْصَرِفُونَ بِرُبُعٍ لِسُحُورِهِمْ وَحَوَائِجِهِمْ ، وَكَانَ يَقْرَأُ بِهِمْ خَمْسَ آيَاتٍ وَسِتَّ آيَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ، وَيُصَلِّي بِهِمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَفْعًا يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ، وَيُرَوِّحُهُمْ قَدْرَ مَا يَتَوَضَّأُ الْمُتَوَضِّئُ وَيَقْضِي حَاجَتَهُ " سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ عُبَيْدٍ ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ ، قَالَ

ص: 223

سَعِيدٌ: زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ بَلَغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةَ ، فَقَالَ: يَأْتُونِي فَيَحْمِلُونِي كَأَنِّي قُفَّةٌ حَتَّى يَضَعُونِي فِي مَقَامِ الْإِمَامِ فَأَقْرَأُ بِهِمْ ثَلَاثِينَ آيَةً وَأَحْسَبُهُ قَدْ قَالَ: أَرْبَعِينَ آيَةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يَعْنِي فِي رَمَضَانَ " عُمَرُ بْنُ الْمُنْذِرِ: «كُنْتُ أَقُومُ لِلنَّاسِ فِي زَمَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه فَكُنَّا نَقْرَأُ بِخَمْسِينَ آيَةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ، وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقُرَّاءَ فِي رَمَضَانَ أَنْ يَقُومُوا بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً، وَيُوتِرُوا بِثَلَاثٍ وَيَقْرَءُوا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ» عَلِيُّ بْنُ الْأَقْمَرِ رحمه الله: «أَمَّنَا مَسْرُوقٌ فِي رَمَضَانَ فَقَرَأَ فِي رَكْعَةٍ بِسُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ» عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ رحمه الله: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِهِمْ سُبُعَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ، وَكَانَ بَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ " عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ يُصَلِّي قَدْ جَعَلَ يُخَفِّفُ صَلَاتَهُ ، فَقَالَ لَهُ: أَحْسِنْ صَلَاتَكَ ، قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْحَسَنَ الْجُفْرِيَّ يُخَفِّفُ صَلَاتَهُ يَعْنِي فِي التَّطَوُّعِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ: «مَا اسْتَخَفَّ رَجُلٌ بِالتَّطَوُّعِ إِلَّا اسْتَخَفَّ بِالْفَرِيضَةِ» مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ رحمه الله: " أَدْرَكْتُ الْقَارِئَ إِذَا قَرَأَ خَمْسِينَ آيَةً قَالُوا: إِنَّهُ لَيُخَفِّفُ وَأَدْرَكْتُ الْقُرَّاءَ فِي رَمَضَانَ يَقْرَءُونَ الْقِصَّةَ كُلَّهَا قَصُرَتْ أَوْ طَالَتْ. فَأَمَّا الْيَوْمُ فَإِنِّي أَقْشَعِرُّ مِنْ قِرَاءَةِ أَحَدِهِمْ، يَقْرَأُ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: 11] ثُمَّ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ، {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} [البقرة: 12] " عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ رحمه الله: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قِيَامِ رَمَضَانَ ، بِكُمْ يَقْرَأُ الْقَارِئُ؟ قَالَ:" بِعَشْرٍ عَشْرٍ ، فَإِذَا جَاءَتِ السُّوَرُ الْخَفِيفَةُ فَلْيَزْدَدْ ، مِثْلُ الصَّافَّاتِ ، وَطسم فَقِيلَ لَهُ: خَمْسٌ؟ قَالَ: بَلْ عَشْرُ آيَاتٍ " أَبُو دَاوُدَ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنِ الرَّجُلِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ فِي رَمَضَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ ، قَالَ: هَذَا عِنْدِي عَلَى قَدْرِ نَشَاطِ الْقَوْمِ وَإِنَّ فِيهِمُ الْعُمَّالَ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذٍ:«أَفَتَّانٌ أَنْتَ»

ص: 224

‌بَابُ اخْتِيَارِ قِيَامِ آخِرِ اللَّيْلِ عَلَى أَوَّلِهِ تَقَدَّمَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: " وَالَّتِي تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي تَقُومُونَ، يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ وَيَنَامُونَ آخِرَهُ. طَاوُسٌ رحمه الله: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه يَقُولُ: " دَعَانِي عُمَرُ رضي الله عنه أَتَغَدَّى

عِنْدَهُ يَعْنِي السَّحَرَ فَسَمِعَ هَيْعَةَ النَّاسِ ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقُلْتُ: النَّاسُ خَرَجُوا مِنَ الْمَسْجِدِ ، قَالَ: مَا بَقِيَ مِنَ اللَّيْلِ ، أَيْ مِمَّا مَضَى " وَقَالَ الْحَسَنُ رحمه الله:«كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنهم رُبْعَ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ يَقُومُونَ الرُّبُعَ الثَّانِي ، ثُمَّ يَرْقُدُونَ رُبْعَ اللَّيْلِ ، وَيُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ» وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه إِذَا تَعَشَّى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ هَجَعَ هَجْعَةً ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ فَيُصَلِّي وَعَنْ عِكْرِمَةَ رحمه الله: كُنَّا نُصَلِّي ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فَأُوقِظُهُ فَيُصَلِّي فَيَقُولُ لِي: يَا عِكْرِمَةُ هَذِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا تُصَلُّونَ ، مَا تَنَامُونَ مِنَ اللَّيْلِ أَفْضَلُهُ يَعْنِي آخِرَهُ " عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ رحمه الله: أَرْسَلْتُ إِلَى الْحَسَنِ رحمه الله فَسَأَلْتُهُ عَنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي رَمَضَانَ أَنُصَلِّي ، ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى بُيُوتِنَا فَنَنَامُ ، ثُمَّ نَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ ، فَأَبَى ، قَالَ:«لَا ، صَلَاةُ الْعِشَاءِ ثُمَّ الْقِيَامُ» أَبُو دَاوُدَ رحمه الله: قِيلَ لِأَحْمَدَ رحمه الله وَأَنَا أَسْمَعُ يُؤَخَّرُ الْقِيَامُ يَعْنِي التَّرَاوِيحَ إِلَى آخِرِ اللَّيْلِ؟ قَالَ: «لَا ، سُنَّةُ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إِلَيَّ»

ص: 225

‌بَابُ حُضُورِ النِّسَاءِ الْجَمَاعَةَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ تَقَدَّمَ قَوْلُ جَابِرٍ رضي الله عنه: جَاءَ أُبَيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ مِنِّي اللَّيْلَةَ شَيْءٌ. الْحَدِيثُ وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ جَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لِلنَّاسِ قَارِئَيْنِ ، فَكَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه يُصَلِّي بِالرِّجَالِ

، وَكَانَ ابْنُ أَبِي حَثْمَةَ رحمه الله يُصَلِّي بِالنِّسَاءِ " وَقَالَ عَرْفَجَةُ الثَّقَفِيُّ رحمه الله:«أَمَرَنِي عَلِيٌّ رضي الله عنه فَكُنْتُ إِمَامَ النِّسَاءِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ» وَعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ " ذَكْوَانَ أَبَا عَمْرٍو كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَعْتَقَتْهُ عَنْ دُبُرٍ ، فَكَانَ يَؤُمُّهَا وَمَنْ مَعَهَا فِي رَمَضَانَ فِي الْمُصْحَفِ ، قَالَ: وَكَانَ يَؤُمُّهَا مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَيُصَلِّي بِهَا " وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «كُنْتُ أُصَلِّي زَمَنَ الْحَجَّاجِ وَمَا خَلْفِي إِلَّا امْرَأَةٌ» سُفْيَانُ عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ عَامِرٍ وَعَطَاءٍ رحمهم الله قَالَا:«لَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ» وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله: «لَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ فِي رَمَضَانَ»

ص: 226

‌بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ الْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ رحمه الله: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ رحمه الله: أَقُومُ بِأَهْلِي فِي رَمَضَانَ؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَكَ رَجُلٌ أَرَأَيْتَ إِنْ أَحْدَثْتَ وَلَيْسَ مَعَكَ رَجُلٌ مَنْ تُقَدِّمُ

؟»

ص: 226

‌بَابُ الْمَرْأَةِ تَؤُمُّ النِّسَاءَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ

ص: 227

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا الْمُلَائِيُّ ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ ، حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي ، عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» أَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَزُورُهَا وَيُسَمِّيهَا الشَّهِيدَةَ وَكَانَ لَهَا مُؤَذِّنٌ " قَتَادَةُ ، عَنْ أُمِّ الْحَسَنِ: رَأَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها تَؤُمُّ النِّسَاءَ فِي رَمَضَانَ وَهِيَ فِي الصَّفِّ مَعَهُنَّ لَا تَقْدَمُهُنَّ " عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ: عَنْ أَمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: أَنَّهَا أَمَّتْ نِسْوَةً فِي الْعَصْرِ فَقَامَتْ بَيْنَهُنَّ وَسَطًا " وَعَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّهَا أَمَّتِ النِّسَاءَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ فَقَامَتْ مَعَهُنَّ فِي صَفِّهِنَّ " رَائِطَةُ الْحَنَفِيَّةُ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها: كَانَتْ تَؤُمُّ النِّسَاءَ تَقُومُ بَيْنَهُنَّ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَسَطًا " ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ ، أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيَّ ، وَكَانَ ذَا نِسَاءٍ كَثِيرٍ ، كَانَ يَأْمُرُ جَارِيَةً لَهُ قَارِئَةً لِلْقُرْآنِ فَتُصَلِّي بِنِسَائِهِ فِي رَمَضَانَ ، فَكَانَ يَأْمُرُهَا أَنْ تَقُومَ فِي وَسَطٍ مِنْهُنَّ ، وَيَقُمْنَ عَنْ يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا ثُمَّ تُصَلِّي بِهِنَّ " وَعَنِ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ: «تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ فِي رَمَضَانَ تَقُومُ وَسْطَهُنَّ» تَمَامُ بْنُ نَجِيحٍ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: أَتَؤُمُّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ؟ قَالَ: " نَعَمْ ، تَقُومُ مَعَهُنَّ فِي الصَّفِّ ، فَإِذَا رَكَعَتْ تَقَدَّمَتْ خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ ثُمَّ لِتَسْجُدْ ، فَإِذَا قَامَتْ رَجَعَتْ إِلَى مَقَامِهَا ، قُلْتُ: أَتُؤَذِّنُ؟ قَالَ: نَعَمْ ، وَتُقِيمُ " وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ:" تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَخْرُجَ أَمَامَهُنَّ وَلَكِنْ يُحَاذَى بِهِنَّ ، قُلْتُ: فِي الْمَكْتُوبَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ ، قُلْتُ: أَفَتَؤُمُّهُنَّ الْحُبْلَى خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ فِي بَطْنِهَا ذَكَرٌ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ؟ قُلْتُ: فَكَيْفَ؟ قَالَ: تَؤُمُّهَّنَ أَفْقَهُهُنَّ ، قُلْتُ: أَتَسُرُّكَ الْحُبْلَى وَتَؤُمُّ الْأَفْقَهَ مِنْهُنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ «وَعَنِ الْحَسَنِ» تَؤُمُّهُنَّ بَعْضُهُنَّ إِنْ شِئْنَ تَقُومُ مَعَهُنَّ فِي الصَّفِّ " وَعَنْ مَكْحُولٍ رحمه الله: «تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ غَيْرُهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلَيْنِ» وَعَنِ النَّخَعِيِّ: «لَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُمُعَةٌ وَلَا يُصَلِّينَ جَمَاعَةً إِلَّا أَنْ لَا يَجِدْنَ رَجُلًا يَقْرَأُ بِهِنَّ فِي رَمَضَانَ»

ص: 227

‌بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ تَؤُمَّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَؤُمُّ النِّسَاءَ ، فَكَتَبَ:«إِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَؤُمُّ النِّسَاءَ» وَعَنْ مَالِكٍ رحمه الله: «لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَؤُمَّ أَحَدًا ، وَقَدْ كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُهَاجِرَاتُ فَمَا أَمَّتِ امْرَأَةٌ قَطُّ أَحَدًا وَلَا

غَيْرُهُنَّ» وَعَنْهُ: «إِذَا أَمَّتِ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ يُعِدْنَ مَا كُنَّ فِي وَقْتٍ» وَقَالَ سُفْيَانُ: «وَالْمَرْأَةُ تَؤُمُّ النِّسَاءَ وَتَقُومُ وَسَطًا مِنْهُنَّ فِي الصَّفِّ» وَقَالَ إِسْحَاقُ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: الْمَرْأَةُ تَؤُمُّ النِّسَاءَ؟ ، قَالَ:«نَعَمْ تَقُومُ وَسَطَهُنَّ» قَالَ إِسْحَاقُ رحمه الله: " فَأَمَّا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقَهُ فَرَأَوْا أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَمَّتِ النِّسَاءَ وَقَامَتْ وَسْطَهُنَّ إِنَّ صَلَاتَهُنَّ جَائِزَةٌ وَقَالَ: هَذَا عَلَى مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أُمِّ وَرَقَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها حِينَ أَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا ، وَأَخَذَ بِذَلِكَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةُ رضي الله عنها وَأُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها ، قَالَ: وَهَذَا الَّذِي نَعْتَمِدُ عَلَيْهِ. قَالَ إِسْحَاقُ رحمه الله: " فَأَمَّا مَنْ قَالَ: صَلَاتُهُنَّ فَاسِدَةٌ إِذَا أَمَّتْهُنَّ امْرَأَةٌ فَهُوَ خَطَأٌ؛ لَأَنَّ أَدْنَى مَعَانِي أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ وَرَقَةَ أَنْ تَكُونَ ذَلِكَ رُخْصَةً لَهُنَّ وَعَنْ سُفْيَانَ رحمه الله: " نَحْنُ نَكْرَهُ أَنْ تَؤُمَّهُنَّ مَخَافَةَ إِنْ أَحْدَثَتْ لَمْ تَجِدْ مَنْ تُقَدِّمُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رحمه الله: وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ رَجُلٌ اتِّبَاعًا لِمَّا رُوِّينَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا أَمَرَا بِذَلِكَ ، فَفَعَلَ بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ ، وَلَمْ يَأْتِنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ وَلَا عَابَهُ. وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَلَمْ يَجِئْنَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُ وَلَا نَعْرِفُ لِكَرَاهَةِ ذَلِكَ وَجْهًا. وَأَمَّا قَوْلُ حَمَّادٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَحْدَثْتَ ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ إِنَّمَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ

ص: 228

لَعَلَّهُ لَا يُحْدِثُ أَبَدًا ، فَإِنْ أَحْدَثَ؟ ، فَالْجَوابُ: إِذَا أَحْدَثَ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ وَيَتَوَضَّأُ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَرَى الْبِنَاءَ عَلَى صَلَاتِهِ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ ، وَأَمَّا مَنْ خَلْفَهُ مِنَ النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ يُتْمِمْنَ صَلَاتَهُنَّ وُحْدَانًا ، وَإِنْ أَمَّتْهُنَّ إِحْدَاهُنَّ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ أَجْزَأَتْهُنَّ أَيْضًا صَلَاتُهُنَّ وَالَّذِي نَخْتَارُهُ لِلْإِمَامِ إِذَا أَحْدَثَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُعِيدُ صَلَاتَهُ ، وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ جَائِزَةٌ وَمَنْ كَانَ مُذْهَبَهُ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ ، وَكَانَ رَأْيُهُ أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ، فَإِنَّهُ إِذَا أَحْدَثَ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ؟ وَهُوَ مُذْهَبُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُوجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفْسِدَ صَلَاتَهُ أَوْ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ مِنَ النِّسَاءِ خَوْفًا أَنْ يُحْدِثَ مَا لَمْ يُحْدِثْ لَأَنَّ الرَّجُلَ رُبَّمَا أَمَّ غَيْرَهُ فَلَا يُحْدِثُ فِي صَلَاتِهِ ، فَإِنْ أَحْدَثَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ مَنْ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ بِالْحَدَثِ وَمَا لَمْ يُحْدِثْ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ. وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ إِذَا صَلَّى بِالنِّسَاءِ فَمَا لَمْ يُحْدِثْ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَصَلَاةُ النِّسَاءِ خَلْفَهُ تَامَّةٌ فَإِذَا أَحْدَثَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ مِنَ النِّسَاءِ فِي مَذْهَبِ مِنْ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ بِالْحَدَثِ عَلَى الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ. وَأَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ: صَلَاةُ الْإِمَامِ فَاسِدَةٌ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ جَائِزَةٌ لَأَنَا لَا نُفْسِدُ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ. وَعَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ رحمه الله: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رضي الله عنه «صَلَّى بِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الْفَجْرَ بِمِنًى» وَعَنِ النَّخَعِيِّ: «كُنْتُ أُؤَذِّنُ وَأُقِيمُ فَمَا يُصَلِّي خَلْفِي فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا عَجُوزٌ» وَقَالَ سُفْيَانُ رحمه الله: «إِذَا كَانَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ قَامَ الرَّجُلُ إِلَى جَنْبِ الرَّجُلِ وَقَامَتِ الْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا» وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله فِي امْرَأَةٍ صَلَّتِ الْفَرِيضَةَ تَؤُمُّ ، قَالَ:«بِئْسَ مَا صَنَعَتْ مَا عَلِمْتُهُنَّ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ» وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَقْرَأُ بِهِ فِي رَمَضَانَ وَفِي الدَّارِ امْرَأَةٌ تَقْرَأُ أَيُصَلِّي بِصَلَاتِهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»

ص: 229

‌بَابُ ذِكْرِ مَنِ اخْتَارَ الصَّلَاةَ وَحْدَهُ عَلَى الْقِيَامِ مَعَ النَّاسِ إِذَا كَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ تَقَدَّمَ صَلَاةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ

ص: 230

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى رحمه الله ، ثنا عَفَّانُ رحمه الله ، ثنا وُهَيْبٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ رحمه الله يُحَدِّثُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ رحمه الله ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " أَتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ ، ثُمَّ فَقَدُوا صَوْتَهُ فَظُنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ بِهِ لِيَخْرُجَ ، فَقَالَ:«مَا زَالَ بِكُمُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنَ صُنْعِكُمْ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ قِيَامُ اللَّيْلِ ، وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ»

ص: 230

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلَاتُكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي مَسْجِدِي هَذَا إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَقَالَ اللَّيْثُ رحمه الله: «مَا بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه وَعُثْمَانَ رضي الله عنه كَانَا يَقُومَانِ فِي رَمَضَانَ مَعَ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ» وَقَالَ مَالِكٌ رحمه الله: «كَانَ ابْنُ هُرْمُزَ مِنَ الْقُرَّاءِ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ بِأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِ ، وَكَانَ رَبِيعَةُ يَنْصَرِفُ ، وَكَانَ الْقَاسِمُ رحمه الله ، وَسَالِمٌ رحمه الله يَنْصَرِفَانِ لَا يَقُومَانِ مَعَ النَّاسِ ، وَقَدْ رَأَيْتُ يُحْيِيَ بْنَ سَعِيدٍ مَعَ النَّاسِ ، وَأَنَا لَا أَقُومُ مَعَ النَّاسِ ، لَا أَشُكُّ أَنَّ قِيَامَ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلَ

⦗ص: 231⦘

مِنَ الْقِيَامِ مَعَ النَّاسِ إِذَا قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ وَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي بَيْتِهِ» مُجَاهِدٌ رحمه الله: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: «تُنْصِتُ خَلْفَهُ كَأَنَّكَ حِمَارٌ صَلِّ فِي بَيْتِكَ» وَعَنْ نَافِعٍ رحمه الله: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه يُصَلِّي الْعِشَاءَ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ ، وَنُصَلِّي نَحْنُ الْقِيَامَ ، فَإِذَا انْصَرَفْنَا أَتَيْتُهُ فَأَيْقَظْتُهُ فَقَضَى وُضُوءَهُ وَتَسْحِيرَهُ ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَكَانَ فِيهِ حَتَّى يُصْبِحَ " عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَرَى مَشْيَخَتَهُمُ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا وَنَافِعًا يَنْصَرِفُونَ وَلَا يَقُومُونَ مَعَ النَّاسِ " أَبُو الْأَسْوَدِ رحمه الله: أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه كَانَ يُصَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ مَعَ النَّاسِ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَلَا يَقُومُ مَعَ النَّاسِ " صَالِحٌ الْمُرِّيُّ رحمه الله: سَأَلَ رَجُلٌ الْحَسَنَ رحمه الله: يَا أَبَا سَعِيدٍ ، هَذَا رَمَضَانُ أَظَلَّنِي وَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فَأَيْنَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَقُومَ ، وَحْدِي أَمْ أَنْضَمُّ إِلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَأَقُومُ مَعَهُمْ؟ فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا أَنْتَ عَبْدٌ مُرَتَادٌ لِنَفْسِكَ فَانْظُرْ أَيَّ الْمَوْطِنَيْنِ كَانَ أَوْجَلَ لِقَلْبِكَ وَأَحْسَنَ لِتَيَقُّظِكَ فَعَلَيْكَ بِهِ " قَالَ الْحَسَنُ رحمه الله: «مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا رَوَّحَ الْإِمَامُ بِمَا مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ فَذَلِكَ أَفْضَلُ ، وَإِلَّا فَلْيُصَلِّ وَحْدَهُ إِنْ كَانَ مَعَهُ قُرْآنٌ حَتَّى لَا يَنْسَى مَا مَعَهُ» شُعْبَةُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ رحمه الله: «أَدْرَكْتُ أَهْلَ مَسْجِدِنَا يُصَلِّي بِهِمْ إِمَامٌ فِي رَمَضَانَ وَيُصَلُّونَ خَلْفَهُ وَيُصَلِّي نَاسٌ فِي نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فُرَادَى ، وَرَأَيْتُهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ» شُعْبَةُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ: «كَانَ صَفُّ الْقُرَّاءِ فِي بَنِي عَدِيٍّ فِي رَمَضَانَ، الْإِمَامُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ عَلَى حِدَةٍ» وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: «يُصَلِّي لِنَفْسِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ» وَكَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ رحمه الله يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ خَلْفَ الْمَقَامِ وَالنَّاسُ بَعْدُ فِي سَائِرِ

⦗ص: 232⦘

الْمَسْجِدِ مِنْ مُصَلًّى وَطَائِفٍ بِالْبَيْتِ " وَكَانَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ: «يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ وَكَانُوا يُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ وُحْدَانًا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ» وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ رحمه الله: «كَانَ الْمُجْتَهِدُونَ يُصَلُّونَ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ» وَكَانَ ابْنُ مُحَيْرِيزٍ رحمه الله يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ فِي مُقَدِّمَهِ لِلْقِيَامِ " وَعَنْ مُجَاهِدٍ رحمه الله: «إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ عَشْرُ سُوَرٍ فَلْيُرَدِّدْهَا وَلَا يَقُومُ فِي رَمَضَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ» يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ رحمه الله: رَأَيْتُ يُحْيِيَ بْنَ سَعِيدٍ رحمه الله يُصَلِّي الْعِشَاءَ بِالْمَدِينَةِ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْإِمَامِ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: «كُنْتُ أَقُومُ ثُمَّ تَرَكْتُ ذَلِكَ فَإِنِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أَقُومَ لِنَفْسِي أَحَبُّ إِلَيَّ» قَالَ مَالِكٌ: كَانَ عُمَرُ بْنُ حُسَيْنٍ رحمه الله مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْفِقْهِ وَكَانَ عَابِدًا وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُهُ فِي رَمَضَانَ يَبْتَدِي الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ ، قِيلَ لَهُ كَأَنَّهُ يَخْتِمُ ، قَالَ: نَعَمْ ، وَكَانَ فِي رَمَضَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ انْصَرَفَ فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ قَامَهَا مَعَ النَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ يَقُومُ مَعَهُمْ غَيْرَهَا ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَالرَّجُلُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ قَالَ: مَا أَجْوَدَ ذَلِكَ ، إِنَّ الْقُرْآنَ إِمَامُ كُلِّ خَيْرٍ ، أَوْ أَمَامَ كُلِّ خَيْرٍ " وَقَالَ قَبِيصَةُ رحمه الله:«صَلَّى خَلْفِي سُفْيَانُ رحمه الله تَرْوِيحَةً فِي رَمَضَانَ ثُمَّ تَنَحَّيْ وَصَلَّى وَحْدَهُ تَرْوِيحَةً فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى كَادَ يَغْلُظُنِي ثُمَّ صَلَّى خَلْفِي تَرْوِيحَةً أُخْرَى ثُمَّ أَخَذَ نَعْلَيْهِ وَقُلَّةً مَعَهُ ثُمَّ خَرَجَ وَلَمْ يَنْتَظِرْ أَنْ يُوتِرَ مَعِي» وَصَلَّى أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ إِلَى سَارِيَةٍ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَهُوَ يُصَلِّي وَحْدَهُ " وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «إِنْ صَلَّى رَجُلٌ لِنَفْسِهِ فِي بَيْتِهِ فِي رَمَضَانَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ حَسَنٌ» وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: الْإِمَامُ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ بِالنَّاسِ وَنَاسٌ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ؟ قَالَ: «يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلُّوا مَعَ الْإِمَامِ»

ص: 230

‌بَابُ الْإِمَامِ يَؤُمُّ فِي الْقِيَامِ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ تَقَدَّمَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَ يَؤُمُّهَا غُلَامٌ لَهَا فِي الْمُصْحَفِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ذَكْوَانُ فِي رَمَضَانَ بِاللَّيْلِ. وَسُئِلَ ابْنُ شِهَابٍ رحمه الله عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ فِي الْمُصْحَفِ قَالَ: «مَا زَالُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مُنْذُ كَانَ الْإِسْلَامُ ، كَانَ خِيَارُنَا

يَقْرَءُونَ فِي الْمَصَاحِفِ» إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُهُ ، أَنْ يَقُومَ بِأَهْلِهِ فِي رَمَضَانَ وَيَأْمُرُهُ أَنْ يَقْرَأَ لَهُمْ فِي الْمُصْحَفِ وَيَقُولُ:«أَسْمِعْنِي صَوْتَكَ» قَتَادَةُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رحمه الله فِي الَّذِي يَقُومُ فِي رَمَضَانَ «إِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَقْرَأُ بِهِ فِي لَيْلَةٍ وَإِلَّا فَلْيَقْرَأْ فِي الْمُصْحَفِ» ، فَقَالَ الْحَسَنُ رحمه الله:" لَيَقْرَأْ بِمَا مَعَهُ وَيُرَدِّدُهُ وَلَا يَقْرَأُ مِنَ الْمُصْحَفِ كَمَا تَفْعَلُ الْيَهُودُ ، قَالَ قَتَادَةُ: وَقَوْلُ سَعِيدٍ أَعْجَبُ إِلَيَّ «أَيُّوبُ رحمه الله ، عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ» كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فِي التَّطَوُّعِ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ " وَقَالَ عَطَاءٌ فِي الرَّجُلِ يَؤُمُّ فِي رَمَضَانَ مِنَ الْمُصْحَفِ: «لَا بَأْسَ بِهِ» وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ: «لَا أَرَى بِالْقِرَاءَةِ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي رَمَضَانَ بَأْسًا يُرِيدُ الْقِيَامَ» ابْنُ وَهْبٍ رحمه الله: سُئِلَ مَالِكٌ ، عَنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ جَامِعًا لِلْقُرْآنِ أَتَرَى أَنْ يَجْعَلُوا مُصْحَفًا يَقْرَأُ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ فِيهِ؟ فَقَالَ:«لَا بَأْسَ بِهِ» ، فَقِيلَ لَهُ: فَالرَّجُلُ الَّذِي قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ أَتَرَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ خَلْفَ هَذَا الَّذِي يَقُومُ بِهِمْ فِي الْمُصْحَفِ أَوْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ؟ فَقَالَ: «لَا ، وَلَكِنْ لِيُصَلِّ فِي بَيْتِهِ» وَعَنْ أَحْمَدَ رحمه الله: " فِي رَجُلٍ يَؤُمُّ فِي رَمَضَانَ فِي الْمُصْحَفِ ، فَرَخَّصَ فِيهِ فَقِيلَ لَهُ: يَؤُمُّ فِي الْفَرِيضَةِ؟ قَالَ: وَيَكُونُ هَذَا " وَعَنْهُ أَيْضًا وَقَدْ سُئِلَ هَلْ يَؤُمُّ فِي الْمُصْحَفِ فِي رَمَضَانَ؟ قَالَ: «مَا يُعْجِبُنِي إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَى ذَلِكَ ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ»

ص: 233

‌بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْمُصْحَفِ الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ رحمه الله: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ فِي الْمُصْحَفِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِأَهْلِ الْكِتَابِ «لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ رحمه الله أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ فِي الْمُصْحَفِ» وَمَرَّ سُلَيْمَانُ بْنُ حَنْظَلَةَ بِقَوْمٍ يَؤُمُّهُمْ رَجُلٌ فِي مُصْحَفٍ فِي رَمَضَانَ عَلَى مِشْجَبٍ فَرَمَى بِهِ

" وَعَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَقْرَأَ الْإِمَامُ فِي الْمُصْحَفِ وَهُوَ يُصَلِّي " وَقَالَ سُفْيَانُ رحمه الله: «يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فِي رَمَضَانَ فِي الْمُصْحَفِ أَوْ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ ، يُكْرَهُ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ» وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله: «فِي الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ» وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ فَقَالَا: «صَلَاتُهُ تَامَّةٌ ، وَيُكْرَهُ هَذَا الصَّنِيعُ لَأَنَّهُ صَنِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ ، إِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ قَوْمٌ لَأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَكَرِهُوا لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِهِمْ ، فَأَمَّا إِفْسَادُ صَلَاتِهِ فَلَيْسَ لِذَلِكَ وَجْهٌ نَعْلَمُهُ لَأَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ هِيَ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ وَنَظَرُهُ فِي الْمُصْحَفِ كَنَظَرِهِ إِلَى سَائِرِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْظُرُ إِلَيْهَا فِي صَلَاتِهِ ، ثُمَّ لَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ فَشَبَّهَ ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ يَحْتَجُّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِالرَّجُلِ يَعْتَرِضُ فِي كُتُبِ حِسَابِهِ أَوْ كُتُبًا وَرَدَتْ عَلَيْهِ ، فَيَقْرَأُهَا فِي صَلَاتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ فِيمَا زَعَمَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ رحمه الله: وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بَعِيدَةُ الشَّبَهِ مِنْ قِرَاءَةِ كُتُبِ الْحِسَابِ وَالْكُتُبِ الْوَارِدَةِ لَأَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ قِرَاءَةُ كُتُبِ الْحِسَابِ مِنْ عَمِلِ الصَّلَاةِ فِي شَيْءٍ ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَرَجُلٍ عَمِلَ فِي صَلَاتِهِ عَمَلًا لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ ، فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ خَفِيفًا يُشْبِهُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي صَلَاتِهِ مِمَّا لَيْسَ هُوَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَ يُقَارِبُ ذَلِكَ جَازَتِ الصَّلَاةُ وَمَا جَاوَزَ ذَلِكَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ

ص: 234

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ ، عَنْ أُمِّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أَهْدَى أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمِيصَةً شَامِيَّةً لَهَا عَلَمٌ

⦗ص: 235⦘

فَشَهِدَ فِيهَا الصَّلَاةَ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:«رُدُّوا هَذِهِ الْخَمِيصَةَ إِلَى أَبِي جَهْمٍ فَإِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا فِي الصَّلَاةِ فَكَادَ يَفْتِنُنِي»

ص: 234

‌بَابُ التَّعَوُّذِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ رحمه الله: " مَا زَالَ الْقُرَّاءُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يُصَلُّونَ إِذَا خَتَمُوا أُمَّ الْقُرْآنِ يَسْتَعِيذُونَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَيَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ: نَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، سُبْحَانَكَ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ

الرَّحِيمِ " أَبُو الزِّنَادِ: «أَدْرَكْتُ الْقُرَّاءَ إِذَا قَرَءُوا فِي رَمَضَانَ يَتَعَوَّذُونَ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثُمَّ يَقْرَءُونَ ، وَكَانَ إِذَا قَامَ فِي رَمَضَانَ يَتَعَوَّذُ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ لَا يَدَعُ ذَلِكَ» وَكَانَ قُرَّاءُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يَدَعُونَ التَّعَوُّذَ فِي رَمَضَانَ. وَقَالَ الْجُرَيْرِيُّ: كَانُوا إِذَا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ يَقُولُونَ: «اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا لِرَمَضَانَ وَسَلِّمْ رَمَضَانَ لَنَا ، وَسَلِّمْ مِنَّا شَهْرَ رَمَضَانَ وَتَقَبَّلْهُ مِنَّا» وَرَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِذَا فَرَغُوا مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَقُولُونَ: رَبَّنَا إِنَّا نَعُوذُ بِكَ ، فَذَكَرَهُ " وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَأَلْتُ مَالِكًا ، قُلْتُ: أَيَتَعَوَّذُ الْقَارِي فِي النَّافِلَةِ؟ قَالَ: " نَعَمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَتَعَوَّذُ فِي كُلِّ سُورَةٍ يَقْرَأُ بِهَا ، يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، قِيلَ لَهُ: يَجْهَرُ بِذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ ، قُلْتُ: وَيَجْهَرُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ فَقَالَ لِي: نَعَمْ " وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ رحمه الله: سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْقِرَاءَةِ إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ افْتَتَحَ بِأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، قَالَ:«لَا أَعْلَمُهُ يَكُونُ إِلَّا فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ قُرَّاءَنَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَهُوَ مِنَ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ» وَكَانَ إِسْحَاقُ «يَرَى أَنْ يَجْهَرَ الْإِمَامُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ سُورَةٍ»

ص: 235

‌بَابُ مَا يُبْدَأُ بِهِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ قَالَ أَبُو حَازمٍ رحمه الله «كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ يَبْدَؤُنَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ بِإِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا»

ص: 236

‌بَابُ الْإِنْصَاتِ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ فِي التَّرَاوِيحِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ رحمه الله: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَبَلَغَكَ أَنَّهُ يُجْزِئُ الْإِمَامُ عَمَّنْ وَرَاءَهُ فِي اسْتِعَاذَةٍ أَوْ تَكْبِيرٍ أَوْ تَشَهُّدٍ أَوْ شَيْءٍ إِلَّا الْقِرَاءَةَ؟ قَالَ: " مَا بَلَغَنِي أَنَّهُ يُجْزِئُ عَمَّنْ وَرَاءَهُ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي الْقِرَاءَةِ. قَالَ عَطَاءٌ: إِذَا سَمِعُوا قِرَاءَتَهُ وَعَقَلُوهَا

فَتَبَادَرُوهُ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ لِيَقْرَءُوا بَعْدَ مَا يَسْكُتُ يَعْنِي بِأُمِّ الْقُرْآنِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فَفَهِمْتُ لَفْظَهُ وَمَا يَقُولُ أَوْ أَنْطِقُ؟ قَالَ: لَا ، أَنْصِتْ كَمَا قَالَ اللَّهُ. قُلْتُ: فَالْقِيَامُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْقَارِئِ وَأَعْقِلُهَا وَأُنْصِتُ؟ قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ لَيْسَ بِمَكْتُوبٍ فَأَنْصِتْ إِذَا عَقَلْتَ قِرَاءَتَهُ. قُلْتُ: أَفَأَقْرَأُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الظُّهْرِ الْقِيَامَ كُلَّهُ ، وَأَجْعَلُ الْقِيَامَ كُلَّهُ قِرَاءَةً؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَقْرَأُ مَعَهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ ، ثُمَّ أُسَبِّحُ وَأُهَلِّلُ بَعْدُ. قُلْتُ: فَسَمِعَ مَنَ وَرَاءَ الْإِمَامِ صَوْتَهُ وَلَمْ يَفْقَهُوا وَلَمْ يَعْقِلُوا لَفْظَهُ وَقِرَاءَتَهُ أَلَا يَقْرَءُونَ إِنْ شَاءُوا؟ قَالَ: بَلَى "

ص: 236

‌بَابُ التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ عَنْ نَوْفَلِ ابْنِ إِيَاسٍ الْهُذَلِيِّ رحمه الله قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي رَمَضَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَكَانُوا إِذَا سَمِعُوا قَارِئًا حَسَنَ الْقِرَاءَةِ مَالُوا إِلَيْهِ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: " قَدِ اتَّخَذُوا الْقُرْآنَ أَغَانِيَ وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ لَأُغَيِّرَنَّ هَذَا فَلَمْ تَمُرَّ

ثَلَاثٌ حَتَّى جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: إِنْ كَانَتْ هَذِهِ بِدْعَةٌ لَنِعْمَتِ الْبِدْعَةُ " وَقَالَ أَيُّوبُ رحمه الله ، عَنْ بَعْضِ الْمَدَنِيِّينَ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يُقَالُ لَهُ: الْبَيْذَقُ ، فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ ، فَأَقَامُوهُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لِسَالِمٍ: لَوْ جِئْتَ ، قَالَ: " فَمَا زِلْنَا بِهِ حَتَّى جَاءَ لَيْلَةً ، فَسَمِعَ حَتَّى دَخَلَ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: غِنَاءٌ غِنَاءٌ «وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله أَنَّهُ كَرِهَ الْقِرَاءَةَ بِالْأَصْوَاتِ» وَسَمِعَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ رحمه الله قَارِئًا يَقْرَأُ بِالْأَصْوَاتِ فَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ مُتَغَنِّيًا فَبِالشِّعْرِ» وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لِرَجُلٍ: " مَا الَّذِي أَحْدَثْتُمْ مِنْ بَعْدِي؟ قَالَ: مَا أَحْدَثْنَا بَعْدَكَ شَيْئًا ، قَالَ: بَلَى ، الْأَعْمَى وَابْنُ الصَّيْقَلِ يُغَنَّيَانُكُمْ بِالْقُرْآنِ " وَقَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ الْأَعْمَشِ فَرَجَعَ قَرَأَ بِهَذِهِ الْأَلْحَانِ ، فَقَالَ الْأَعْمَشُ:«قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه نَحْوَ هَذَا فَكَرِهَهُ»

ص: 237

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا أَبُو صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الدِّمَشْقِيِّ ، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنْ عَبْسٍ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ تَمَنَّى الْمَوْتَ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَخِيهِ: لِمَ تَتَمَنَّى الْمَوْتَ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الْعَمَلَ وَلَا يَرُدُّ الرَّجُلَ فَيَسْتَعْتِبُ» ، قَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُدْرِكَنِيَ سِتٌّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَذْكُرُهُنَّ؛ الْجَوْرُ فِي الْحُكْمِ ، وَالتَّهَاوُنُ بِالدِّمَاءِ ، وَإِمَارَةُ السُّفَهَاءِ ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ ، وَكَثْرَةُ الشُّرَطِ ، وَالرَّجُلُ يَتَّخِذُ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُغَنِّي الْقَوْمُ ، وَالْقَوْمُ يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لَيْسَ بِخَيْرِهِمْ وَلَا بِأَفْقَهِهِمْ فَيُغَنِّيهِمْ بِالْقُرْآنِ

⦗ص: 238⦘

" وَقَالَ مَالِكٌ رحمه الله: «يَكْرَهُ هَذِهِ الْأَلْحَانُ الَّتِي يَقْرَءُونَهَا فِي الْقِيَامِ فِي الْمَسْجِدِ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله ، فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وآله وسلم:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» قَالَ: يَقْرَأُهُ حَدْرًا وَتَحْزِينًا

ص: 237

‌بَابُ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ قَالَ بَحِيرُ بْنُ رَيْسَانَ: رَأَيْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رضي الله عنه «يَزْجُرُ أُنَاسًا يُصَلُّونَ بَعْدَ تَرَاوِيحِ الْإِمَامِ فِي رَمَضَانَ ، فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يُطِيعُوهُ قَامَ إِلَيْهِمْ فَضَرَبَهُمْ» وَكَانَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ «يُوَكِّلُ بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ رِجَالًا يَمْنَعُونَهُمْ مِنَ السُّبْحَةِ بَيْنَ الْأَشْفَاعِ لِئَلَّا

يُدْرِكَ رَجُلًا الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي سُبْحَةٍ لَمْ يَفْرُغْ مِنْهَا» وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «مَنْ خَالَفَنَا فِي صَلَاتِنَا فَلَيْسَ مِنَّا يَعْنِي الصَّلَاةَ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ» وَرَأَى عِمْرَانُ بْنُ سُلَيْمٍ رَجُلًا يُصَلِّي بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ فِي رَمَضَانَ فَجَذَبَهُ ، وَقَالَ:«لَا تُخَالِفِ الْقَوْمَ فِي صَلَاتِهِمْ» وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: لَا يُصَلِّي الْإِمَامُ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ وَلَا النَّاسُ؟ قَالَ: «لَا يُصَلِّي وَلَا النَّاسُ» وَسُئِلَ عَنْ قَوْمٍ صَلَّوْا فِي رَمَضَانَ خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ لَمْ يَتَرَوَّحُوا بَيْنَهَا ، قَالَ: لَا بَأْسَ «وَكَرِهَ إِسْحَاقُ رحمه الله الصَّلَاةَ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ»

ص: 238

‌بَابُ مَنْ رَخَّصَ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ سُئِلَ الزُّهْرِيُّ رحمه الله عَنِ الصَّلَاةِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ بَيْنَ الْأَشْفَاعِ ، فَقَالَ: إِنْ قَوِيتَ عَلَى ذَلِكَ فَافْعَلْهُ وَكَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَأَبُوعَمْرٍو ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، وَابْنُ جَابِرٍ ، وَبَكْرُ بْنُ مُضَرٍ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ

، وَيُحْيِي بْنُ سَعِيدٍ ، وَابْنُ عُبَيْدَةَ ، وَقَيْسُ بْنُ رَافِعٍ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ، وَسُعَيْرُ بْنُ الْخِمسِ ، رحمهم الله يُصَلُّونَ بَيْنَ الْأَشْفَاعِ ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَعَنْ قَتَادَةَ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ فَيُصَلِّي وَلَا يَرْكَعُ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ فَيَدْخُلَ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ. وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يَقُومَ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ يُصَلِّي وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ وَلَا يَرْكَعُ. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَقُومَ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ يُصَلِّي وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَرْكَعُ وَقَالَ صَفْوَانُ رحمه الله: رَأَيْتُ أَشْيَاخَنَا مِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُصَلِّي ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَكَانَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ رحمه الله يُصَلِّي بَيْنَ كُلِّ تِرْوِيحَتَيْنِ لِنَفْسِهِ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً وَعَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ فِي التَّطَوُّعِ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ ، قَالَ: وَنَحْنُ نَتَطَوَّعُ فِيمَا بَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ إِلَى الْمَكْتُوبَةِ فَهَذَا أَحْرَى أَنْ يَرْكَعَ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا هُوَ تَطَوُّعٌ

ص: 239

‌بَابُ إِمَامَةِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ

ص: 240

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْحَيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعُوهُ يَقُولُ: «يَؤُمُّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» ، قَالَ: فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ، وَأَنَا غُلَامٌ ، فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ ، قَالَ عَاصِمٌ: فَلَمْ يَزَلْ إِمَامَ قَوْمِهِ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى جَنَائِزِهِمْ "

ص: 240

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرًّا مِنَ النَّاسِ ، فَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا هَذَا الْأَمْرُ ، وَمَا لِلنَّاسِ؟ فَيَقُولُونَ: نَبِيٌّ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ ، وَأَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ كَذَا وَكَذَا ، فَجَعَلْتُ أَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ فَكَأَنَّمَا يَغْرَى فِي صَدْرِي بِغِرَاءٍ ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوُمُ بِإِسْلَامِهَا الْفَتْحَ وَيَقُولُونَ: أَبْصِرُوهُ وَقَوْمَهُ ، فَإِنْ ظَهْرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ وَهُوَ صَادِقٌ ، فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ وَقْعَةُ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ ، فَانْطَلَقَ أَبِي بِإِسْلَامِ أَهْلِ حِوَائِنَا ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقَامَ عِنْدَهُ ، فَلَمَّا أَقْبَلَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلَقَّيْنَاهُ ، فَلَمَّا رَآنَا قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَقًّا ، وَإِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ بِكَذَا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ كَذَا ، وَقَالَ:«صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا ، وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» ، فَنَظَرُوا فِي أَهْلِ حِوَائِنَا ذَلِكَ فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا أَكْثَرَ مِنِّي قُرْآنًا لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سَبْعٍ أَوْ سِتِّ سِنِينَ ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ: أَلَا تُغَطُّونَ عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ هَذَا؟ فَكَسَوْنِي قَمِيصًا مِنْ مَعْقَدِ الْبَحْرَيْنِ بِسِتَّةِ دَرَاهِمَ أَوْ سَبْعَةٍ ، فَمَا فَرِحْتُ بشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ

ص: 240

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ كَانَ أَمِيرًا ، فَقَدَّمَ غُلَامًا صَغِيرًا فَأَمَّ النَّاسَ ، فَعَابُوا عَلَيْهِ ، فَقَالَ:«إِنِّي إِنَّمَا قَدَّمْتُ الْقُرْآنَ» وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «كُنَّا نَأْخُذُ الصِّبْيَانَ مِنَ الْكُتَّابِ وَنُقَدِّمُهُمْ يُصَلُّونَ لَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ ، فَنَعْمَلُ لَهُمُ الْقَلِيَّةَ وَالْخُشْكَارَ» وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله: «لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ فِي رَمَضَانَ إِذَا أَحْسَنَ الصَّلَاةَ» وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ «لَمْ يَزَلْ يَبْلُغُنَا أَنَّ الْغِلْمَانَ يُصَلُّونَ بِالنَّاسِ إِذَا عَقَلُوا الصَّلَاةَ وَقَرَءُوا الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمُوا» وَقَالَ اللَّيْثُ رحمه الله: لَا نَرَى ذَلِكَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: «لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ إِذَا لَمْ يَحْتَلِمْ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ فِي رَمَضَانَ إِذَا اضْطَرُّوا إِلَيْهِ ، يَؤُمُّ مَنْ لَا يَقْرَأُ شَيْئًا» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: «لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ» وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: فَإِنْ كَانَ أَفْقَهُهُمْ غُلَامًا لَمْ يَحْتَلِمْ؟ قَالَ: " مَا أُحِبُّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ ، قُلْتُ: فَالْغُلَامُ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ يُؤْتِي فِي أَهْلِهِ وَرَبْعِهِ وَمَنْزِلِهِ أَيَؤُمُّهُمْ؟ قَالَ: لَا، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ أَنْ لَا يَؤُمَّهُمْ إِلَّا سَيِّدُ الرَّبْعِ ، وَلَكِنْ يُقَالُ: هُوَ حَقُّهُ فَإِنْ شَاءَ أَمَّهُمْ بِحَقِّهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى حَقَّهُ غَيْرَهُ مِنْهُمْ فَأَمَّهُمْ " وَعَنْ مُجَاهِدٍ رحمه الله: «لَا يَؤُمُّ الصَّبِيُّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ رحمه الله: «لَا يَؤُمُّ الصَّبِيُّ فِي الْمَكْتُوبَةِ حَتَّى يَحْتَلِمَ» وَقَالَ سُفْيَانُ رحمه الله: «يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ الْغُلَامُ الْقَوْمَ حَتَّى يَحْتَلِمَ» وَقَالَ مَالِكٌ رحمه الله: «لَا يَؤُمُّ الصَّبِيُّ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «إِذَا أَمَّ الْغُلَامُ الَّذِي يَعْقِلُ الصَّلَاةَ وَيَقْرَأُ الرِّجَالَ الْبَالِغِينَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْهُمْ إِمَامَتُهُ ،

⦗ص: 242⦘

وَالِاخْتِيَارُ أَنَّ لَا يَؤُمَّ إِلَّا بَالِغٌ وَأَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ الْبَالِغُ عَالِمًا بِمَا يَعْرِضُ لَهُ فِي الصَّلَاةِ» أَبُو دَاوُدَ رحمه الله: عَنْ أَحْمَدَ رحمه الله: " لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، قُلْتُ: حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ رحمه الله ، قَالَ: لَعَلَّهُ كَانَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ " وَعَنْ إِسْحَاقَ رحمه الله: أَمَّا إِمَامَةُ الْغُلَامِ بَعْدَ أَنْ يَعْقِلَ الْإِمَامَةَ وَيَفْقَهَ الصَّلَاةَ فَجَائِزَةٌ ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ ، وَفِيمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَهُمْ» دَلَالَةٌ عَلَى ذَلِكَ

ص: 241

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ حَبِيبٍ ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ رحمه الله وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، فَقَالَ سَعِيدٌ لِأَبِي سَلَمَةَ: حَدِّثْ ، فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْرَأُهُمْ وَإِنْ كَانَ أَصْغَرُهُمْ» قَالَ إِسْحَاقُ: وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُقَدِّمَ أَحَدًا يَؤُمُّ النَّاسَ قَبْلَ الِاحْتِلَامِ إِذَا وُجِدَ مَنْ يَقْرَأُ بِهِمْ كَقِرَاءَةِ الصَّبِيِّ ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَامِلِهِ يُوَبِّخُهُ حِينَ قَدَّمُ ابْنُهُ يَؤُمُّ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ: قَدَّمْتَ غُلَامًا لَمْ تَحْتَنِكْهُ السِّنُّ ، وَلَمْ تَدْخُلْهُ تِلْكَ النِّيَّةُ إِمَامًا لِلْمُسْلِمِينَ فِي صَلَاتِهِمْ قَالَ إِسْحَاقُ: فَهَذَا مَعْنَى كَرَاهَةِ إِمَامَةِ الْغُلَامِ فَإِنْ أَمَّ بَعْدَ السَّبْعِ وَفِي الْقَوْمِ أَقْرَأُ مِنْهُ ، فَقَدْ أَسَاءُوا حِينَ قَدَّمُوهُ وَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ ، أَلَا تَرَى إِلَى الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ حِينَ عَاتَبُوهُ فِي تَقْدِيمِهِ الصَّبِيَّ إِمَامًا فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا قَدَّمْتُ الْقُرْآنَ ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ الصِّبْيَانُ يَشْهَدُونَ الْجَمَاعَاتِ مَعَ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ لِقَوْمِهِ: أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَصَفَّ الرِّجَالَ ، ثُمَّ الْوِلْدَانَ ، ثُمَّ صَفَّ النِّسَاءِ خَلْفَ الْوِلْدَانِ

ص: 242

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنِ الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ يُقَامَ الصِّبْيَانُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ» وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه:«كَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ فِي الصَّفِّ» مِسْعَرٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي صُهَيْبٍ ، كَانَ أَشْيَاخُنَا زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ ، وَغَيْرُهُ ، إِذَا رَأَوْنِي فِي الصَّفِّ أَخْرَجُونِي وَأَنَا صَبِيٌّ ". قَالَ إِسْحَاقُ:" فَإِذَا كَانَ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ فَمُنِعَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ ، وَأَمَّا الصَّفُّ الْأَوَّلُ فَيُمْنَعُونَ وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ صَبِيٍّ بَلَغَ سَبْعًا مِنَ الْمَسْجِدِ ، وَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلِّيَ ، وَأَمَّا مُجَانَبَةُ الصِّبْيَانِ الْمَسَاجِدَ إِذَا كَانُوا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فَسُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ ، بَلَغُوا سَبْعًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، لِمَا يُخْشَى مِنْ لَغَطِهِمْ وَلَعِبِهِمْ ، فَأَمَّا إِذَا جَاءُوا بِحُضُورِ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْنَعُوا ، وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رحمه الله: «حَافِظُوا عَلَى أَبْنَائِكُمَ الصَّلَاةَ ، وَعَوِّدُوهُمُ الْخَيْرَ؛ فَإِنَّ الْخَيْرَ بِالْعَادَةِ. فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ أَنْ يُؤْمَرُوا بِالصَّلَاةِ صِغَارًا؛ لِيَعْتَادُوا فَلَا يُضَيِّعُوهَا كِبَارًا ، فَإِذَا اعْتَادُوا قَبْلَ وُجُوبِ الْفَرْضِ عَلَيْهِمْ فَذَلِكَ أَحْرَى أَنْ يَلْزَمُوهَا عِنْدَ وَقْتِ الْفَرْضِ عَلَيْهِمْ ، فَأَمَّا الْفَرْضُ عَلَيْهِمْ فَإِذَا كَانَ الِاحْتِلَامُ ، أَوْ بُلُوغُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ، أَوِ الْإِنْبَاتُ ، فَإِذَا بَلَغُوا مَا وَصَفْنَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمُ الْفَرَائِضُ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ ، وَأُقِيمَ عَلَيْهِمُ الْحُدُودُ» وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي الصَّبِيِّ: " إِذَا أَحْصَى الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ وَأَكْلِ ذَبِيحَتِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: وَالَّذِي أَقُولُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ أَمْرِ الصِّبْيَانِ أَنَّهُمْ لَا يَتَعَاهَدُونَ طَهَارَةَ أَبْدَانِهِمْ وَثِيَابِهِمْ ، وَالطَّهَارَةَ لِلصَّلَاةِ عَلَى مَا تَجِبُ ، وَلَا يَعْرِفُونَ سُنَنَ الصَّلَاةِ ، وَلَا النِّيَّةَ ، وَلَا الْإِخْلَاصَ لَهَا ، وَلَا الْخُشُوعَ فِيهَا ، وَالْإِمَامُ يَدْعُو لِمَنْ خَلْفَهُ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ ، يُقَالُ: هُوَ شَفِيعُ الْقَوْمِ ، وَعَلَيْهِ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ أَوَّلًا ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُخْتَارَ لِلْإِمَامَةِ أَفْضَلُ الْقَوْمِ وَأَقْرَؤُهُمْ وَأَعْلَمُهُمْ بِسُنَّةِ الصَّلَاةِ وَالْحَوَادِثِ الَّتِي تَحْدُثُ فِيهَا.

⦗ص: 244⦘

عَنِ الْحَسَنِ " كَانُوا يَخْتَارُونَ الْأَئِمَّةَ وَالْمُؤَذِّنِينَ ، قَالَ: فَأَكْرَهُ أَنْ يُتَّخَذَ الصَّبِيُّ إِمَامًا لِلْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْتُ أَنَّهَا يُتَخَوَّفُ مِنْهُمْ ". وَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله بَنِينَ لَهُ إِلَى الطَّائِفِ لِيَقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَتَعَلَّمَ عَبْدُ الْعَزِيزِ ، وَكَانَ أَكْبَرُهُمْ ، فَلَمَّا حَضَرَ رَمَضَانَ قَدَّمُوهُ فِيمَنْ يَؤُمُّهُمْ ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه يُبَشِّرُ بِذَلِكَ ، فَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِهِ يَلُومُهُ وَيَقُولُ:«قَدَّمْتَ مَنْ لَمْ يَحْتَنِكْهُ السِّنُّ وَلَمْ تَدْخُلْهُ تِلْكَ النِّيَّةُ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ فِي صَلَاتِهِمْ» ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ صَبِيٌّ قَدْ قَارَبَ الْإِدْرَاكَ وَعُرِفَ بِتَعَاهُدِ الصَّلَاةِ وَالتَّطَهُّرِ لَهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ مِثْلُهُ فِي الْقِرَاءَةِ ، فَأَمَّهُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَذَلِكَ جَائِزٌ ، وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ جَائِزَةٌ لَأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ وَهُمْ مُتَطَوِّعُونَ لَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ نَعْلَمُهُ ، وَإِنْ أَمَّهُمْ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي صَلَاةِ مَنْ خَلْفَهُ. فَفِي مَذْهَبِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ صَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ لَأَنَّ إِمَامَهُمْ مُتَطَوِّعٌ وَهُمْ يُؤَدُّونَ الْفَرْضَ ، وَغَيْرُ جَائِزٍ فِي قَوْلِهِمْ أَنْ يُصَلَّى الْفَرْضُ خَلْفَ مُتَطَوِّعٍ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو:" لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ حَتَّى يَحْتَلِمَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْمٌ لَيْسَ مَعَهُمْ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ ، فَإِنَّهُ يَؤُمُّهُمُ الْغُلَامُ الْمُرَاهِقُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ رحمه الله: " إِمَامَةُ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ جَفَاءٌ وَحَدَثٌ فِي الْإِسْلَامٍ ، فَإِنْ قَدَّمَهُ فَصَلَّى بِهِمْ مَضَتْ صَلَاتُهُمْ. قَالَ: وَصَلَاتُهُمْ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ ، وَعَامَّةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ جَائِزَةٌ لَأَنَّهُمْ يُجِيزُونَ أَدَاءَ الْفَرْضِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُتَطَوِّعِ اتِّبَاعًا لِحَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى قَوْمِهِ فَيَؤُمُّهُمْ فِيهَا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَخْبَارٍ سِوَى هَذَا

ص: 243

‌بَابُ التَّعْقِيبِ وَهُوَ رُجُوعُ النَّاسِ إِلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ انْصِرَافِهِمْ عَنْهُ سَعِيدٌ ، عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ التَّعْقِيبَ فِي رَمَضَانَ قَالَ سَعِيدٌ: وَهُوَ رُجُوعُ النَّاسِ إِلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَمَا يَنْصَرِفُونَ " قَتَادَةُ رحمه الله ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالتَّعْقِيبِ فِي رَمَضَانَ ، وَقَالَ:

إِنَّمَا يَرْجِعُونَ إِلَى خَيْرٍ يَرْجُونَهُ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْ شَرٍّ يَخَافُونَهُ «وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَعُودُوا إِلَى الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ مِنَ السَّحَرِ» وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رحمه الله أَنَّهُ كَرِهَ التَّعْقِيبَ فِي رَمَضَانَ وَسُئِلَ أَحْمَدُ رحمه الله عَنِ التَّعْقِيبِ فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «فِي اخْتِلَافِ» وَسُئِلَ عَنْ قَوْمٍ يَعْتَقِبُونَ فِي رَمَضَانَ ، فَيَقُولُ: الْمُؤَذِّنُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَعْتَقِبُونَ فِيهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، فَقَالَ:" أَخْشَى أَنْ يَكُونَ هَذَا بِدْعَةً وَكَرِهَهُ ، قِيلَ لَهُ: فَيَجِيءُ رَجُلٌ إِلَى أَبْوَابِ النَّاسِ فَيُنَادِيهِمْ ، قَالَ: هَذَا أَيْسَرُ "

ص: 245

‌بَابُ أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى الْإِمَامَةِ فِي رَمَضَانَ

ص: 246

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قُلْتُ لِأَبِي وَكِيعٍ ، حَدَّثَكُمْ أَبُو إِسْحَاقَ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ صَلَّى بِهِمْ فِي رَمَضَانَ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِخَمْسِ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَحُلَّةٍ فَرَدَّهَا وَقَالَ:«إِنَّا لَا نَأْخُذُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا» قَالَ: نَعَمْ أَبُو إِسْحَاقَ: أَمَرَ مُصْعَبٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ: أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فِي رَمَضَانَ ، فَلَمَّا أَفْطَرَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مُصْعَبٌ بِخَمْسِ مِائَةٍ وَحُلَّةٍ فَرَدَّهَا ، قَالَ:«مَا كُنْتُ لِآخُذَ عَلَى الْقُرْآنِ أَجْرًا» وَعَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ رحمه الله: " مَرَرْتُ بِرَجُلٍ كُنْتُ أَعْرِفُهُ مَعَهُ الشُّرَطُ ، وَعَلَيْهِ حَدِيدٌ ، وَهُوَ يَسْأَلُ النَّاسَ ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا لَكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ الْعَامِلُ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَكُنْتُ أَقُومُ بِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَلَمَّا انْقَضَى الشَّهْرُ أَجَازَنِي بِجَائِزَةٍ ، فَلَمَّا عُزِلَ وَجَدُوهَا فِي كُتُبِهِ فَأُخِذْتُ بِهَا ، فَأَنَا أَسْأَلُ النَّاسَ فِيهَا ، قُلْتُ لَهُ: كُنْتَ تَأْكُلُ الثَّرِيدَ ، قَالَ: آكُلُ مَعَهُ ، قَالَ: فَمِنْ ثَمَّ ابْتُلِيتَ " وَسُئِلَ الْحَسَنُ عَنِ الْقَوْمِ يَسْتَأْجِرُونَ الْأَجِيرَ فَيُصَلِّي بِهِمْ قَالَ: «لَيْسَ لَهُ صَلَاةٌ وَلَا لَهُمْ» وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ: " أَكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى بِأَجْرٍ ، وَقَالَ: أَخْشَى أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِمُ الْإِعَادَةُ " وَسُئِلَ أَحْمَدُ ، عَنْ إِمَامٍ قَالَ لِقَوْمٍ أُصَلِّي بِكُمْ رَمَضَانَ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا ، قَالَ:«أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مَنْ يُصَلِّي خَلْفَ هَذَا؟»

ص: 246

‌بَابُ قِيَامِ رَمَضَانَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ

ص: 247

‌بَابُ الِاجْتِهَادِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ

ص: 247

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا»

ص: 247

حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَى اللَّيْلَ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» قَالَ سُفْيَانُ: يَشُدُّ الْمِئْزَرَ: أَنْ لَا يَقْرَبَ النِّسَاءَ وَقَالَ غَيْرُهُ: قَالَ الشَّاعِرُ:

[البحر البسيط]

قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرَهُمْ

دُونَ النِّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارِ

ص: 247

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، حَدَّثَنِي وَاهِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ ، أَنَّهُ سَأَلَ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها ، عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، فَقَالَتْ: " لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْلَمُهَا وَلَوْ عَلِمَهَا لَمْ تَقُمِ النَّاسُ غَيْرَهَا ، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَقِيَ مِنَ الشَّهْرِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ لَمْ يَذَرْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ يُطِيقُ الْقِيَامَ إِلَّا أَقَامَهُ «وَقَالَ هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ كَانُوا يُعَظِّمُونَ ثَلَاثَ عَشَرَاتٍ؛ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنَ الْمُحَرَّمِ ، وَالْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَالْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ»

ص: 247

بَابُ التَّرْغِيبِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَتَفْضِيلِ الْعَمَلِ فِيهَا عَلَى الْعَمَلِ فِي سَائِرِ السَّنَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 2] عَنْ مَالِكٍ: سَمِعْتُ مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ أَنْ لَا يَبْلُغُوا فِي الْعَمَلِ مَا بَلَغَهُ غَيْرُهُمْ فِي طُولِ الْعُمُرِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ «وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه» نَزَلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا جُمْلَةً وَاحِدَةً ، ثُمَّ تَفَرَّقَ فِي السِّنِينَ ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:{فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75]، قَالَ: نَزَلَ مُتَفَرِّقًا " وَعَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] قَالَ: " أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا جُمْلَةً وَاحِدَةً وَكَانَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فَكَانَ اللَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى رَسُولِهِ بَعْضُهُ عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ ، قَالَ:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32]" وَفِي رِوَايَةٍ: «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَدُفِعَ إِلَى جِبْرِيلَ فَكَانَ يُنَزِّلُهُ»، وَفِي أُخْرَى قَالَ: «فُصِلَ الْقُرْآنُ مِنَ الذِّكْرِ فَوُضِعَ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَجَعَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام يُنَزِّلُهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُرَتِّلُهُ تَرْتِيلًا» قَالَ سُفْيَانُ رحمه الله: «خَمْسُ آيَاتٍ وَنَحْوُهَا» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه وَمُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: "{فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75] ، النُّجُومُ الْقُرْآنُ "

ص: 248

يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ:«أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَكَانَ اللَّهُ إِذَا شَاءَ أَنْ يُحْدِثَ مِنْهُ شَيْئًا أَحْدَثَهُ» قَالَ رَجُلٌ لِيَزِيدَ: يَا أَبَا مُعَاوِيَةَ جُمْلَةً ، جُمْلَةً؟ قَالَ:" نَعَمْ جُمْلَةً فِيهِ: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ عَلَى رَغِمِ أَنْفِ الْقَدَرِيَّةِ " وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسِ رضي الله عنه ، وَسَأَلَهُ عَطِيَّةُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالَ: إِنَّهُ وَقَعَ فِي قَلْبِيَ الشَّكُّ: قَوْلُ اللَّهِ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] وَقَوْلُهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] وَقَوْلُهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] ، وَقَدْ أُنْزِلَ فِي رَمَضَانَ وَشَوَّالَ وَذِي الْقِعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةٍ وَالْمُحَرَّمِ وَشَهْرَيْ رَبِيعٍ ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً ، ثُمَّ أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ رِسْلًا فِي الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ " وَفِي رِوَايَةٍ:" نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَنَجَّمَتْهُ السَّفَرَةُ عَلَى جِبْرِيلَ عليه السلام عِشْرِينَ سَنَةً ، وَنَجَّمَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ قَوْلُهُ: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75] يَعْنِي نُجُومَ الْقُرْآنِ {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة: 76] ، قَالَ: فَلَمَّا لَمْ يَنْزِلْ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم جُمْلَةً قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان: 32] قَالَ اللَّهُ: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32] ، يَقُولُ رَسَّلْنَاهُ تَرْسِيلًا ، يَقُولُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 33] ، يَقُولُ: لَوْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ جُمْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ سَأَلُوكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ مَا تُجِيبَ ، وَلَكِنَّا نُمْسِكُ عَلَيْكَ فَإِذَا سَأَلُوكَ أَجَبتَ ، قَالَ: فَفِي الْقُرْآنِ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ جُمْلَةً قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ، وَفِيهِ: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ} [الفتح: 11] ، وَفِيهِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ} [الكهف: 83] ، وَفِيهِ: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ، وَأَشْبَاهُ هَذَا ، يَعْنِي: {قَدْ سَمِعَ اللَّهَ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ خَوْلَةُ رضي الله عنها ، وَأَبُو لَهَبٍ وَنَحْوَ هَذَا ، وَهَذَا فِي الْقَدَرِ وَلَوْ أَنَّ خَوْلَةَ رضي الله عنها أَرَادَتْ أَنْ لَا تُجَادِلَ لَمْ يَكُنْ لَأَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فِي أُمِّ الْكِتَابِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهَا "

ص: 249

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءِ بْنِ الْمُثَنَّى الْغُدَانِيُّ ، ثنا عِمْرَانُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«نَزَلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لَسْتٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِثَمَانِ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانٍ ، وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ» وَرُوِي مَوْقُوفًا عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها سَلَمَةُ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4]، قَالَ:«مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ مَا كَانَ مِنْ خَلْقٍ أَوْ رِزْقٍ أَوْ مُصِيبَةٍ أَوْ نَحْوِ هَذَا» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه ، فِي قَوْلِهِ:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] قَالَ: «يُكْتَبُ مِنْ أُمِّ الْكُتُبِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ مَوْتٍ وَحَيَاةٍ وَرِزْقٍ وَمَطَرٍ وشَيْءٍ حَتَّى الْحُجَّاجُ يَكْتَبُونَ يَحُجُّ فُلَانٌ وَيَحُجُّ فُلَانٌ» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ: {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ} [القدر: 5] قَالَ: " فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ تُصَفَّدُ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، وَتُغَلُّ عَفَارِيتُ الْجِنِّ ، وَتُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ كُلُّهَا ، وَيَقْبَلُ اللَّهُ فِيهَا التَّوْبَةَ مِنْ كُلِّ تَائِبٍ ، قَالَ: فَلِذَلِكَ قَالَ: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5] وَذَلِكَ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى مَطْلَعِ الْفَجْرِ " وَعَنْ قَتَادَةَ رحمه الله: {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]«خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ» وَعَنْ مُجَاهِدٍ: " صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِ أَلْفِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ ، لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، {سَلَامٌ هِيَ} [القدر: 5] ، قَالَ: سَلَامٌ هِيَ مِنْ أَنْ يَحْدُثَ فِيهَا دَاءٌ أَوْ يَسْتَطِيعَ شَيْطَانٌ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا سُوءً "

⦗ص: 251⦘

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِ اللَّهِ: {يَمْحُوُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] قَالَ: «يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَيُدَبِّرُ أَمْرَ السَّنَةِ فَيَمْحُو مَا يَشَاءُ غَيْرَ الشَّقَاءِ ، وَالسَّعَادَةِ وَالْمَوْتِ ، وَالْحَيَاةِ» ، وَفِي لَفْظٍ: قَالَ: " هُمَا كِتَابَانِ يَمْحُو اللَّهُ مِنْ أَحَدِهِمَا مَا شَاءَ: {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] قَالَ: جُمْلَةُ الْكِتَابِ " وَقِيلَ لِلْحَسَنِ رحمه الله: لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي كُلِّ رَمَضَانَ هِيَ؟ فَقَالَ: " إِي وَاللَّهِ إِنَّهَا لَفِي كُلِّ رَمَضَانَ ، إِنَّهَا لَيْلَةٌ {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] ، فِيهَا يَقْضِي اللَّهُ كُلَّ أَجَلٍ وَعَمَلٍ وَخَلْقٍ وَرِزْقٍ إِلَى مِثْلِهَا " وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رحمه الله فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: «هِيَ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ» وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ رحمه الله: «نَجِدُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي الْكُتُبِ خُطُوطًا تَحُطُّ الذُّنُوبَ يُرِيدُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ»

ص: 250

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَفِي لَفْظٍ: «يُغْفَرْ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

ص: 251

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنِي بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَنْ قَامَهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

ص: 252

‌بَابُ طَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ

ص: 252

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُجَاوِرُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَكَانَ يَقُولُ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» وَفِي لَفْظٍ: لِأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أَيْقَظَنِي بَعْضُ أَهْلِي فَنَسِيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ» وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: «مَنْ كَانَ مُلْتَمِسَهَا فَلْيَلْتَمِسْهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ» وَلِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه: «الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ» كُلَّ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 252

‌بَابُ الْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ

ص: 252

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرْنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَإِذَا رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ يَتَلَاحَيَانِ ، فَقَالَ:«إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِنِّي رَأَيْتُ فُلَانًا وَفُلَانًا يَتَلَاحَيَانِ فَرُفِعَتْ ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ، فِي الْوِتْرِ مِنْهَا فِي الْخَامِسَةِ أَوِ السَّابِعَةِ أَوِ التَّاسِعَةِ»

ص: 252

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، ثنا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ خَالِهِ الْفَلَتَانِ بْنِ عَاصِمٍ الْجَرْمِيِّ قَالَ: كُنَّا قُعُودًا

⦗ص: 253⦘

نَنْتَظِرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَنَا وَفِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ حَتَّى جَلَسَ ، ثُمَّ رَأَيْنَا وَجْهَهُ يُسْفِرُ فَقَالَ:«إِنَّهُ بُيِّنَتْ لِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ فَخَرَجْتُ لِأُبَيِّنَهَا لَكُمْ ، فَلَقِيتُ بِسُدَّةِ الْمَسْجِدِ رَجُلَيْنِ يَتَلَاحَيَانِ» ، أَوْ قَالَ:«يَقْتَتِلَانِ وَمَعَهُمَا الشَّيْطَانُ فَحَجَزْتُ بَيْنَهُمَا فَأُنْسِيتُهَا ، وَسَأَشْدُو لَكُمْ مِنْهَا شَدْوًا ، أَمَّا لَيْلَةُ الْقَدْرِ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وِتْرًا» قَالَ أَبِي: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فَقَالَ: وَمَا أَعْجَبَكَ مِنْ ذَلِكَ ، كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه إِذَا دَعَا الْأَشْيَاخَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم دَعَانِي مَعَهُمْ ، وَقَالَ: لَا تَتَكَلَّمْ حَتَّى يَتَكَلَّمُوا ، فَدَعَانَا ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا قَدْ عَلِمْتُمُ «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وِتْرًا» ، فَفِي أَيِّ وِتْرٍ تَرَوْنَهَا؟ ، فَقَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ: تَاسِعَةٌ ، سَابِعَةٌ ، خَامِسَةٌ ثَالِثَةٌ ، فَقَالَ لِي مَالَكٌ: لَا تَتَكَلَّمْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ «إِنْ شِئْتَ تَكَلَّمَتُ» ، فَقَالَ: مَا دَعَوْتُكَ إِلَّا لِتَتَكَلَّمَ ، فَقُلْتُ:«إِنَّمَا أَقُولُ بِرَأْيِي» ، فَقَالَ: عَنْ رَأْيِكَ أَسْأَلُكَ ، فَقُلْتُ:" إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ أَكْثَرَ ذَكَرَ السَّبْعَ ، فَذَكَرَ السَّمَوَاتِ سَبْعًا ، وَالْأَرَضِينَ سَبْعًا ، حَتَّى قَالَ فِيمَا قَالَ: وَمَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ سَبْعًا "، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا قُلْتَ قَدْ عَرَفْتُهُ غَيْرَ هَذَا ، مَا تَعْنِي بِقَوْلِكَ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ سَبْعًا؟ فَقَالَ:{ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 27] فَالْحَدَائِقُ كُلُّ مُلْتَفٍّ حَدِيقَةٌ ، وَالْأَبُّ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ مِمَّا لَا يَأْكُلُ النَّاسُ ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَعَجَزْتُمْ أَنْ تَقُولُوا مِثْلَ مَا قَالَ هَذَا الْغُلَامُ الَّذِي لَمْ يَسْتَوِ شَوَى رَأْسِهِ ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ مَعَهُمْ فَإِذَا دَعَوْتُكَ تَتَكَلَّمُ مَعَهُمْ " وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ»

ص: 252

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ ، ثنا أَبِي ، ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، سَمِعَ مُطَرِّفًا ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ:«لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ»

ص: 253

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ بُرَيْدَةَ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ»

ص: 253

حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنِّي أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَّتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ»

ص: 254

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهَبِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَخِيهِ قَالَ: جَلَسَ إِلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ رضي الله عنه فَقُلْنَا لَهُ: هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: نَعَمْ ، جَلَسْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي آخَرِ هَذَا الشَّهْرِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى نَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ الْمُبَارَكَةَ؟ قَالَ: «الْتَمِسُوهَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ لِمَسَاءِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ» ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: فَهِيَ إِذًا أُولَى ثَمَانٍ؟ قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِأُولَى ثَمَانٍ وَلَكِنَّهَا أُولَى سَبْعٍ إِنَّ الشَّهْرَ لَا يَتِمُّ»

ص: 254

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي أَكُونُ بِبَادِيَتِي وَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ أُصَلِّي بِهِمْ فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ أَنْزِلُهَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَأُصَلِّيهَا فِيهِ ، قَالَ:«انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَصَلِّهَا فِيهِ فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَسْتَتِمَّ آخَرَ الشَّهْرِ فَافْعَلْ ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ فَكُفَّ» ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَّا فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ ، فَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ كَانَتْ دَابَّتُهُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ "

ص: 254

حَدَّثَنَا هَارُونُ الْحَمَّالُ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَأُنْسِيتُهَا ، وَأَرَانِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ» ، وَكَانَ

⦗ص: 255⦘

سَقْفُ الْمَسْجِدِ عَرِيشًا مِنْ جَرِيدٍ وَسَعَفٍ ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «سَجَدَ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ صَبِيحَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يُنْضَحُ الْمَاءَ عَلَى أَهْلِهِ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ يُوقِظُهُمْ «وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه إِذَا كَانَ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ أَمَرَ بِثِيَابِهِ فَغُسِلَتْ وَأُجْمِرَتْ ، ثُمَّ قَامَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَهِيَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ»

ص: 254

‌بَابُ طَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ

ص: 256

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ ، ثنا مَعْنٌ ، ثنا مَالِكٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ ، قَالَ: «مَنِ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ ، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ ، فَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «وَأَمْطَرَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رضي الله عنه: فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَانْصَرَفَ عَلَيْنَا وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صَبِيحَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ "

ص: 256

‌بَابُ طَلَبِهَا فِي لَيْلَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ

ص: 256

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ أَحْمَدُ بْنُ بَكَّارٍ ، ثنا الْوَلِيدُ ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ ، عَنْ الصُّنَابِحِيُّ ، عَنْ بِلَالٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ»

ص: 256

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ ، ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ»

ص: 256

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلِيلٌ يَشُقُّ عَلَيَّ الْقِيَامُ فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ لَعَلَّ اللَّهَ يُوَفِّقُنِي فِيهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، قَالَ:«عَلَيْكَ بِالسَّابِعَةِ» وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ السَّابِعَةِ وَالتَّاسِعَةِ فَقَالَ: لَا أَدْرِي

ص: 256

‌بَابُ طَلَبِهَا فِي لَيْلَةِ سَبْعَةٍ عِشْرِينَ

ص: 256

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرٍّ: قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَخْبِرْنِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، فَإِنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ يَقُولُ: مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْهَا ، قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ وَلَكِنَّهُ عَمَّى عَلَى النَّاسِ لِئَلَّا يَتَّكِلُوا ، وَالَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ ، وَإِنَّهَا لَلَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ، قُلْتُ: أَنَّى عَلِمْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: بِالْآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدَّرْنَا وَحَفِظْنَا ، فَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَهِيَ مَا يَسْتَثْنِي ، قُلْتُ لِزِرٍّ: وَمَا الْآيَةُ؟ قَالَ: أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ غَدَاتَئِذٍ كَأَنَّهَا طَسٌّ لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ "

ص: 256

‌بَابُ طَلَبِهَا فِي لَيْلَةِ سَابِعَ عَشْرَةَ وَتَاسِعَ عَشْرَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ صَبِيحَةَ يَوْمِ بَدْرٍ ، يَوْمِ الْفُرْقَانَ ، يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ، وَوَاحِدٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا فِي وِتْرٍ» وَفِي لَفْظٍ: " الْتَمِسُوهَا فِي سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ تِسْعَ

عَشْرَةَ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ يَقُولُ: أَمَّا فِي سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ تِسْعَ عَشْرَةَ فَإِنَّ صَبِيحَتَهَا يَوْمُ بَدْرٍ ، وَقَرَأَ:{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [الأنفال: 41]«وَعَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ» كَانَ لَا يُحْيِي لَيْلَةً مِنْ رَمَضَانَ كَإِحْيَائِهِ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ، وَلَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ ، قَالَ خَارِجَةُ: وَلَا كَإِحْيَائِهِ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَكَانَ يُصْبِحُ صَبِيحَتَهَا وَعَلَى وَجْهِهِ السَّجْدَةُ يَعْنِي الْوَرَمَ وَالصُّفْرَةَ وَأَثَرَ السَّهَرِ " قَالَ زَيْدٌ: إِنَّهَا لَيْلَةٌ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهَا الْقُرْآنَ وَأَعَزَّ فِي صَبِيحَتِهَا الْإِسْلَامَ ، وَأَذَلَّ فِيهَا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ، وَفَرَّقَ فِي صُبْحِهَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ " وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه: «كَانَ أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدْرًا ، فَالْتَقَوْا بِبَدْرٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِتِسْعَ عَشْرَةَ أَوْ سَبْعَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ»

ص: 257

‌بَابُ أَمَارَاتِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ

ص: 258

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، ثنا أَبُو عَامِرٍ ، ثنا زَمْعَةُ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةٌ طَلِقَةٌ لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ ، تُصْبِحُ الشَّمْسُ يَوْمَهَا حَمْرَاءَ ضَعِيفَةً»

ص: 258

حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أُعْطِيَتْ أُمَّتِي فِي رَمَضَانَ خَمْسَ خِصَالٍ لَمْ تُعْطَهُ أُمَّةٌ قَبْلَهَا: خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، وَتَسْتَغْفِرُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يُفْطِرُوا ، وَتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ فَلَا يَخْلُصُوا فِيهِ إِلَى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ فِي غَيْرِهِ ، وَيُزَيِّنُ اللَّهُ كُلَّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ ثُمَّ يَقُولُ: يُوشِكُ عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ أَنْ يُلْقُوا عَنْهُمُ الْمُؤْنَةَ وَالْأَذَى ، وَيَصِيرُوا إِلَيْكِ وَيَغْفِرُ لَهُمْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ "، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ؟ قَالَ: «لَا ، وَلَكِنَّ الْعَامِلَ إِنَّمَا يُوَفَّى أَجْرَهُ إِذَا قَضَى عَمَلَهُ» قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّهَا لِسَابِعَةٍ وَتَاسِعَةٍ ، وَالْمَلَائِكَةُ مَعَهَا أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ ، وَزَعَمَ أَنَّهَا فِي قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه لَيْلَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ "

ص: 258

‌بَابُ مَا يُدْعَى بِهِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

ص: 259

حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتَ لَوَ عَلِمْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا كُنْتُ أَدْعُو بِهِ؟ قَالَ: «تَقُولِينَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَالَتْ: «لَا أَدْرِي أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةٌ الْقَدْرِ ، وَلَوْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا سَأَلْتُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا الْعَافِيَةَ» وَكَانَ قَتَادَةُ «يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً ، فَإِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ خَتَمَ فِي كُلِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ مَرَّةً ، فَإِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ خَتَمَ كُلَّ لَيْلَةٍ مَرَّةً» حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ يَعْنِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ أَرْبَعِينَ رَكْعَةً وَالْوِتْرَ وَيُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَيُوتِرُ بِسَبْعٍ لَا يُسَلِّمُ بَيْنَهُنَّ ، وَيَقُولُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ: الصَّلَاةُ ، وَكَانَ يَقْرَأُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَسُئِلَ مَالِكٌ رحمه الله عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ يَقْرَءُونَ مُتَتَابِعَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى أَثَرِ صَاحِبِهِ أَمْ يَقْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حِزْبِهِ حَيْثُ أَحَبَّ؟ قَالَ:" بَلْ يَقْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى أَثَرِ صَاحِبِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ بِكَثِيرٍ وَمَا يُعْجِبُنِي هَذَا الَّذِي يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ يَقْرَءُونَ حَيْثُ أَحَبُّوا ، وَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْتِمَاسَ مَا يُوَافِقُهُ مِنْ حُسْنِ صَوْتِهِ حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الضُّعَفَاءِ يَغْبِطُونَهُ بِذَلِكَ وَهَذَا مَا لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَكِنْ أَحَبُّوا بِذَلِكَ السُّمْعَةَ ، قِيلَ لَهُ: فَالنَّاسُ فِيمَا مَضَى لَمْ يَكُونُوا يَقْرَءُونَ مُتَفَرِّقِينَ ، قَالَ: لَا وَلَكِنْ كَانَ يَقْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى أَثَرِ صَاحِبِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَكَذَلِكَ أَنْزَلَهُ اللَّهُ فَلْيَقْرَأْ كَمَا أُنْزِلَ "

ص: 259

‌بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ

ص: 260

حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ الذَّارِعُ ، ثنا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ أَوْ قَالَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ» ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: «فَتْحَ الْقُرْآنَ وَخَتَمَهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ ، وَمِنْ آخِرِهِ إِلَى أَوَّلِهِ ، كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ»

ص: 260

حَدَّثَنَا يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ: فِي حَدِيثٍ كَانَ يَرْفَعُهُ: «مَنْ شَهِدَ فَاتِحَةَ الْقُرْآنِ حِينَ يُسْتَفْتَحُ كَانَ كَمَنْ شَهِدَ فَتْحًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَمَنْ شَهِدَ خَاتِمَتَهُ حِينَ يُخْتَمُ كَانَ كَمَنْ شَهِدَ الْغَنَائِمَ حِينَ قُسِّمَتْ» وَكَانَ أَنَسٌ رضي الله عنه إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ جَمَعَ وَلَدَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ فَدَعَا لَهُمْ " وَكَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَجْعَلُ عَلَيْهِ رَقِيبًا ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْتِمَ قَالَ لِجُلَسَائِهِ:«قُومُوا حَتَّى نَحْضُرَ الْخَاتِمَةَ» وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ: «كَانَ يُقَالُ إِذَا خَتْمَ الرَّجُلُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ بَقِيَّةَ نَهَارِهِ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَإِذَا خَتْمَهُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَكَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يَخْتِمُوا الْقُرْآنَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أَوْ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ» وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: «يُصَلِّي عَلَيْهِ إِذَا خَتَمَ يَعْنِي الْقُرْآنَ»

ص: 260

وَقَالَ مُجَاهِدٌ رحمه الله: «تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ وَكَانُوا يَجْتَمِعُونَ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ وَيَقُولُونَ الرَّحْمَةُ تَنْزِلُ» مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ رحمه الله كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إِذَا خَتَمُوا الْقُرْآنَ مِنَ اللَّيْلِ أَنْ يَخْتِمُوهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَإِذَا خَتَمُوهُ مِنَ النَّهَارِ أَنْ يَخْتِمُوهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ " الْمَقْبُرِيُّ عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ دُوَيْدٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَةَ ، قَالَ: «لَأَنْ أَعْلَمَ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ مِائَةَ آيَةٍ» قَالَ سَعِيدٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى يَخْتِمَهُ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ قِيلَ لَهُ أَرْضَيْتَ رَبَّكَ " عَطَاءٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ الرَّجُلُ: إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ قِيلَ لَهُ: أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ مَا فَوْقَكَ أَحَدٌ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَكَ رَجُلٌ بِعَمَلٍ " وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ رحمه الله: «إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ فَاخْتِمِ الْقُرْآنَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ ، وَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ فَاخْتِمْهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ» عَبْدُ الْعَزِيزِ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ كَيْفَ تَخْتِمُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: «أَمَّا أَنَا فَأُحِبُّ أَنْ أَرْكَعَ وَأَسْجُدَ وَأَدْعُوَ فِي سُجُودِي» وَكَانَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ رحمه الله إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَا تَمْقُتْنَا سَبْعِينَ مَرَّةً»

ص: 261

‌بَابُ قِيَامِ لَيْلَةِ الْعِيدِ هَارُونُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْأَسْلَمِيُّ رحمه الله: «بَلَغَنِي أَنَّهُ مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» أَبُو أُمَامَةَ رضي الله عنه: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْعِيدِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ حِينَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ مِثْلُهُ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: «لَيْلَةُ

الْفِطْرِ كَلَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ يَعْنِي فِي فَضْلِهَا» وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ «يَقُومُ لَهُمْ لَيْلَةَ الْفِطْرِ بِأَرْبَعِينَ رَكْعَةً وَأَوْتَرَ بِسَبْعٍ» وَصَلَّى وُهَيْبٌ يَوْمَ الْعِيدِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّاسُ جَعَلُوا يَمُرُّونَ بِهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ زَفَرَ وَقَالَ:«لَئِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ أَصْبَحُوا مُسْتَيْقِنِينَ أَنَّهُ قَدْ تُقُبِّلَ مِنْهُمْ شَهْرُهُمْ هَذَا لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُصْبِحُوا مَشَاغِيلَ بِأَدَاءِ الشُّكْرِ عَمَّاهُمْ فِيهِ ، وَلَئِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُصْبِحُوا أَشْغَلَ وَأَشْغَلَ» ثُمَّ قَالَ: كَثِيرًا مَا يَأْتِينِي مَنْ يَسْأَلُنِيَ مِنْ إِخَوَانِي فَيَقُولُ: يَا أَبَا أُمَيَّةَ مَا بَلَغَكَ عَمَّنْ طَافَ سَبْعًا بِهَذَا الْبَيْتِ مَا لَهُ مِنَ الْأَجْرِ؟ فَأَقُولُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ ، بَلْ لَوْ سَأَلُوا عَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ أَدَاءِ الشُّكْرِ فِي طَوَافِ هَذَا السَّبْعَ ، وَرَزَقَهُ حِينَ حَرَمَ غَيْرَهُ ، فَيَقُولُونَ: إِنَّا نَرْجُوا ، فَيَقُولُ وُهَيْبٌ: " وَلَا وَاللَّهِ مَا رَجَا عَبْدٌ قَطُّ حَتَّى يَخَافَ ثُمَّ يَقُولُ كَيْفَ تَجْتَرِي ، إِنَّكَ تَرْجُو رِضَاءَ مَنْ لَا تَخَافُ غَضَبَهُ ، إِنَّمَا كَانَ الرَّاجِي إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ إِذْ يُخْبِرُكَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [البقرة: 127]، يَقُولُ وُهَيْبٌ رحمه الله: فَإِلَى مَاذَا قَالَا: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، رَبَّنَا

ص: 262

وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً} [البقرة: 128] الْآيَةُ، ثُمَّ قَالَ:{وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82]، ثُمَّ قَالَ:{وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخَرِينَ} [الشعراء: 84] "

ص: 263

حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، عَنْ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي حَفْصٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ انْصَرَفَ لَيْلَةً صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا فَسَمِعَهُ يَدْعُو فِي الْوِتْرِ فَقَالَ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي ، وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي ، وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي ، وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي ، وَتَحَفَظُ بِهَا غَائِبِي ، وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي ، وَتَعْصِمُنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، اللَّهُمَّ ذَا الْأَمْرِ الرَّشِيدِ وَالْحَبْلِ الشَّدِيدِ ، أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْوَعِيدِ ، وَالْجَنَّةَ يَوْمَ الْخُلُودِ مَعَ الْمُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ ، إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ ، وَإِنَّكَ فَعَالٌ لِمَا تُرِيدُ ، اللَّهُمَّ هَذَا الْجَهْدُ وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ ، وَهَذَا الدُّعَاءُ وَعَلَيْكَ الِاسْتِجَابَةُ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْفَوْزَ عِنْدَ الْقَضَاءِ ، وَمَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ ، وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ ، وَالنَّصْرَ عَلَى الْأَعْدَاءِ ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي حَرْبًا لِأَعْدَائِكَ ، سِلْمًا لِأَوْلِيَائِكَ ، أُحِبُّ بِحُبِّكَ النَّاسَ ، وَأُعَادِي بِعَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا ، وَفِي سَمْعِي نُورًا ، وَفِي بَصَرِي نُورًا ، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا ، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا ، وَاجْعَلْ فَوْقِي نُورًا ، وَتَحْتِي نُورًا ، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا ، سُبْحَانَ الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ وَقَالَ بِهِ ، سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلَّا لَهُ ، سُبْحَانَ الَّذِي تَعَطَّفَ بِالْمَجْدِ وَتَكَرَّمَ بِهِ ، سُبْحَانَ ذِي الْمَنِّ وَالطَّوْلِ»

ص: 263

‌بَابُ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الْقَدْرِ الْعِشَاءَ فِي الْجَمَاعَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ» وَعَنِ الضَّحَّاكِ: «مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي مَسْجِدٍ جَمَاعَةً فِي رَمَضَانَ فَقَدْ أَصَابَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ حَظًّا وَافِيًا» وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 264