الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعاً: الحس، ومن أمثلته قوله تعالى:{تجبى إليه ثمرات كل شيء} وقوله عن ملكة سبأ: {وأوتيت من كل شيء} فإن المشاهد في مكة حرسها الله أنها لا تجبى إليها جميع الثمار على اختلافها وتنوعها وكذلك بلقيس لم تؤت البعض من كل شيء.
خامساً: العقل، ومن أمثلته قوله تعالى:{الله خالق كل شيء} فإن العقل دل على أن ذات الرب جل جلاله مع صفاته غير مخلوقة وإن كان لفظ الشيء يتناوله كما في قوله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} .
النسخ
تعريفه: لغة يطلق بمعنى الإِزالة؛ ومنه نسخت الشمس الظل أي أزالته وحلت محله ونسخت الريح الأثر أيِ أزالته، ويطلق أيضاً على ما يشبه النقل تقول: نسخت الكتاب أي نقلت شيئاَ يشبه ما فيه، ووضعته في محل آخر.
والذي يوافق المعنى الاصطلاحي للنسخ من معنييه اللغويين هو الأول إذ النسخ في الاصطلاح: رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب آخر متراخ عنه.
شرح التعريف: الثابت وصف للحكم، وبخطاب متقدم متعلق بالثابت، وبخطاب الثانية متعلق برفع، والضمير في عنه راجع للثابت بخطاب متقدم.
رفع الحكم جنس يعم النسخ وغيره مما يخرج بالقيود التالية لذلك. فيخرج منه بقيد "الثابت بخطاب متقدم " البراءة الأصلية فإيجاب الصلاة والزكاة والصوم والحج وغير ذلك رفع للبراءة الأصلية وليس بنسخ ويخرج منه بقيد "بخطاب آخر " رفع الحكم بالجنون والموت: ويخرج بقيد " متراخ عنه " ما كان متصلا بالخطاب كالتخصيص فإن ذلك لا يسمى نسخاً.
واليك مثلا نزيد به التعريف وضوحاً وهو أن الواجب في أول الإِسلام مصابرة الواحد من المسلمين للعشرة من الكفار في الحرب ثم نسخ ذلك بوجوب مصابرة الواحد من المسلمين للاثنين من الكفار فوجوب مصابرة الواحد للعشرة حكم ثبت بخطاب متقدم هو قوله تعالى: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} فرفع هذا الحكم بخطاب آخر متأخر عنه وهو قوله تعالى: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} الآية.
جواز النسخ ووقوعه
النسخ جائز عقلا وواقع شرعاً ودليل ذلك قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} ، وقوله تعالى:{يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} ، وقوله:{وإذا بدلنا آية مكان آية} ، الآية.
وقوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة".
فدل ذلك على جوازه عقلا وشرعاً إذ لو كان ممتنعاً لم يقع لكنه وقع للنصوص المذكورة وما في معناها.
نسخ الرسم والحكم
ينقسم النسخ بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام:
1-
نسخ رسم الآية مع بقاء حكمها مثال ذلك آية الرجم وهي. قوله تعالى: {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم} . كما ثبت التنويه بهذه الآية عن عمر رضي الله عنه في خطبته في الصحيحين.
2-
نسخ حكم الآية دون رسمها، مثال ذلك نسخ حكم آية اعتداد المتوفى عنهن أزواجهن حولا مع بقاء رسمها في المصحف وتلاوتها.
3-
نسخ رسم الآية وحكمها معاً. مثال ذلك: ما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن فآية التحريم بعشر الرضعات منسوخ رسمها وحكمها، وآية التحريم بخمس الرضعات منسوخ رسمها دون حكمها، فقد اجتمع في هذا الحديث مثالان:
أ- لمنسوخ التلاوة والحكم.
ب- لمنسوخ التلاوة دون الحكم كما ترى.
النسخ إلى غير بدل
مذهب جمهور العلماء جواز النسخ إلى غير بدل عن الحكم المنسوخ، ومن أدلتهم. نسخ وجوب تقديم الصدقة بين يدي نجوى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غير بدل كما في سورة المجادلة.
النسخ إلى بدل
والنسخ إلى بدل لا يخلو من واحد من ثلاثة أقسام:
أ- إما أن يكون الناسخ أخف من المنسوخ.
ب- أو مساوياً له.
جـ- أو أثقل منه.
ولا خلاف في جواز القسمين الأولين، وأما الثالث فالقول بجوازه قوله الجمهور والأمثلة كالآتي:
ا- النسخ إلى بدل أخف: نسخ قوله تعالى: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} ، بقوله:{فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} . فوجوب مصابرة الواحد للاثنين أخف من وجوب مصابرته للعشرة.
2-
النسخ إلى بدل مساو: نسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالسنة بقوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} فاستقبال الكعبة مساو لاستقباله بيت المقدس بالنسبة لفعل المكلف.
3-
النسخ إلى بدل أثقل: نسخ التخيير بين صيام شهر رمضان والإِطعام بتعين صيامه، ونسخ أمر الصحابة بترك القتال والِإعراض عن المشركين بإيجاب الجهاد.
فتعين الصيام أثقل من التخيير بينه وبين الإِطعام، ووجوب القتال أثقل من تركه.
نسخ الكتاب أو السنة بكتاب أو سنة
النسخ بهذا الاعتبار أقسام:
1-
نسخ الكتاب بالكتاب ولا خلاف في جواز هذا القسم. ومن أمثلته: آيتا العدة وآيتا المصابرة كما تقدم ذلك.
2-
نسخ السنة بالكتاب: ومن أمثلته نسخ التوجه إلى بيت المقدس الثابت بالسنة بقوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} .
3-
نسخ الكتاب بالسنة ويشتمل هذا القسم على شيئين: أحدهما نسخ الكتاب بالآحاد من السنة، والقول بمنع جوازه مذهب الجمهور، لأن القطعي لا ينسخه الظني.
والثاني: نسخ الكتاب بمتواتر السنة، والقول بمنع جواز هذا النوع قول البعض مستدلا بقوله تعالى:{ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} .