المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ملامح المعايير المقترحة: - مرويات السيرة لمسفر الدميني

[مسفر الدميني]

الفصل: ‌ملامح المعايير المقترحة:

‌ملامح المعايير المقترحة:

ومن المعايير المقترحة:

* عرض الخبر على القرآن الكريم.

* عرض الخبر على السنة الصحيحة.

* عرض الخبر على الحقائق والمعلومات التأريخية الثابتة.

* عرض الخبر على القواعد والمسلمات العقلية.

* اشتمال الخبر على أمر منكر أو مستحيل، أو ما يقدح في الكتاب والسنة، أو في الرسالة والصحابة، أو ما علم من أحوال السلف سببٌ في الحكم بضعفه أو ببطلانه.

وبيان ذلك: أنه يمكننا أن نستفيد من النصوص الثابتة من الكتاب والسنة، والحقائق التأريخية الصحيحة، وكذا من العرف الثابت (1) ، والمسلمات العقلية في نقد النصوص الأخرى، وبيان قبولها أو عدم قبولها، وذلك على أحد وجهين:

الوجه الأول: إما أن تكون شواهد ودلائل على صحة أصل تلك الأخبار، بحيث يقال: إن هذا الخبر وإن لم يثبت بإسناد صحيح إلا أن معناه صحيح، وذلك لورود لفظه أو معناه في متنٍ آخر ثابت، إما من القرآن أو من السنة أو من الحقائق المُسَلَّمة الأخرى، وهذا الأمر كثير في صنيع المحدثين، ومن ذلك:

(1) والمراد: العرف الثابت عن المسلمين في عصر النبوة.

ص: 23

عن زيد بن أسلم أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتشد عليها إزارها، ثم شأنك بأعلاها"، قال أبو عمر: لا أعلم أحدا روى هذا الحديث مسنداً بهذا اللفظ أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا، ومعناه صحيح ثابت (1) .

وعن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني لأنسى أو أنسى لأسن"، قال ابن عبد البر: أما هذا الحديث بهذا اللفظ فلا أعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه مسنداً ولا مقطوعاً، وهو أحد الأحاديث الأربعة في الموطأ التي لا توجد في غيره مسندة ولا مرسلة، معناه صحيح في الأصول، وقد مضت الآثار في باب نومه عن الصلاة تدل على هذا المعنى (2) .

وعن يونس بن عبيد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سلمان سابق الفرس" هذا مرسل ومعناه صحيح (3) .

وعن ابن عباس قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال: "أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة، ومن أحبك فقد أحبني، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله، قال: والويل لمن أبغضك من بعدي"، قال المؤلف: هذا حديث لا يصح عن رسول صلى الله عليه وسلم ومعناه صحيح (4) .

الوجه الثاني: وإما أن نجعل ما ورد في نصوص الكتاب، والسنة

(1) التمهيد 5/260.

(2)

التمهيد 24/375.

(3)

السير 1/375.

(4)

العلل المتناهية 1/222.

ص: 24

الصحيحة، والأخبار المتواترة أو المشهورة ونحو ذلك، دليلاً على بطلان الخبر، وذلك إذا كان متنه، أو معناه، أو دلالته، تناقض تمام المناقضة ما ثبت في تلك النصوص المتفق عليها، بحيث لا يمكن أن نجمع بينها وبينه بوجه من الوجوه.

وهذا كثير أيضاً في صنيع المحدثين، ومن ذلك:

حديث " لا يدخل الجنة ولد الزنى ولا والده ولا ولد ولده " قال ابن الجوزي: ثم أي ذنب لولد الزنى حتى يمنعه من دخول الجنة، فهذه الأحاديث تخالف الأصول وما في قوله تعالى:{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164](1) .

وحديث: "سب أصحابي ذنب لا يغفر" قال ابن تيمية: هذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48](2) .

تنبيه:

ومما ينبغي التنبه له عند النقد أن النص الواحد – أو الخبر الواحد- يمكن أن يحتوي على معلومات عدة، منها ما هو صحيح ومنها ما ليس بصحيح، فلا يلزمنا قبول النص برمته، أو رده كله، بل يمكن قبول ما تظهر سلامته، والتوقف أو رد غيره مما ورد في السياق، وهذا ما عمل به المحدثون عند رد الروايات الشاذة وإنكارها، ومن ذلك قول شريك في حديث الإسراء " [لما] أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ جَاءَهُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ

(1) الموضوعات 2/111.

(2)

الموضوعات الكبرى للقاري ص 213-214.

ص: 25

نَائِمٌ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ "الحديث أخرجه البخاري (1) وهذه اللفظة أنكرها الخطابي، وابن حزم، وعبد الحق، والقاضي عياض والنووي، وعبارة النووي: وقع في رواية شريك أوهام أنكرها العلماء، أحدها: قوله "قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ" وهو غلط لم يوافق عليه، وأجمع العلماء أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون قبل الوحي انتهى (2) .

ومن ذلك حديث عبد اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الطِّيَرَةُ مِنْ الشِّرْكِ وَمَا مِنَّا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ" أخرجه الترمذي في سننه وقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وسَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: (وَمَا مِنَّا) هَذَا عِنْدِي قَوْلُ عبد اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ (3)، قال الصنعاني: لأنه لا يصح أن يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لاستحالة أن يضاف إليه شيء من الشرك (4) .

(1) صحيح البخاري 4/168.

(2)

فتح الباري 13/480.

(3)

سنن الترمذي 4/161.

(4)

توضيح الأفكار للصنعاني 2/63.

ص: 26