المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب السنة في قراءة القارئ لها في غير الصلاة - مسألة التسمية لمحمد بن طاهر المقدسي

[ابن القيسراني محمد بن طاهر المقدسي]

الفصل: ‌باب السنة في قراءة القارئ لها في غير الصلاة

‌باب السنة في قراءة القارئ لها في غير الصلاة

أخبرنا أبو عمرو المحمي العدل أخبرنا أبو نعيم الإسفراييني حدثنا أبو عوانة الحافظ حدثنا الصنعاني يعني محمد بن إسحاق حدثنا إسماعيل بن الخليل حدثنا علي بن مسهر حدثنا المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاء ثم رفع رأسه مبتسما فقالوا له ما أضحكك يا رسول الله؟ قال نزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم {إنا اعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر}

ثم قال هل تدرون ما الكوثر؟ قلنا الله ورسوله أعلم

قال نهر وعدنيه ربي في الجنة عليه حوضي يرد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء فيختلج العبد منهم فأقول ربي إنه من أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك

أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر كلاهما عن علي بن مسهر كذلك

فقد احتج بهذا الحديث من جهر بها في الصلاة وجعله عمدته

ص: 66

لإخراج مسلم له وليس فيه حجة لأن صاحب الشرع لم يجهر بها في صلاته بدليل ما قدمناه وجهر بها في غير الصلاة فكان الأولى أن تتبع أمته أفعاله لأنه الشارع المأمور بالبيان فليس لأحد أن يجعل هذا الفعل عاما في الصلاة وغير الصلاة إلا بدليل ولا سبيل إليه وأيضا فنقول إن سفيان بن سعيد الثوري وعبد الواحد رواياه عن المختار فلم يذكرا بسم الله وهما أجل وأحفظ من علي بن مسهر وأتقن.

أما حديث الثوري

أخبرناه أبو نصر الهاشمي حدثنا محمد بن عبد الرزاق حدثنا أبو بكر بن أبي داود حدثنا علي بن حرب حدثنا يحيى بن اليمان حدثنا سفيان بن سعيد عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضا فقال إن سورة أنزلت علي الكوثر نهر في الجنة وعدنيه ربي ترده أمتي فيختلج الرجل دوني فأقول يا رب إنه من أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثت بعدك

قال أبو بكر هؤلاء عندنا أهل الردة الذين حاربوا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا وارتدوا.

وأما حديث عبد الواحد فكذلك رواه عبد الواحد بن زياد كرواية الثوري.

فأخبرنا أبو الفضل عمر بن عبد الله بن عمر المقري أخبرنا إسماعيل بن الحسن بن عياش حدثنا الحسين يحيى بن عياش حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا عفان بن مسلم حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا المختار بن فلفل حدثنا أنس بن مالك قال كنا قعودا

ص: 67

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وأغفى إغفاء ثم أتيته فقال إنه نزلت علي الليلة آنفا سورة بسم الله الرحمن الرحيم {إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر} وقال تدري ما الكوثر؟ قلت الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم أعلم قال: نهر في الجنة عليه خير كثير حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب فيختلج الرجل فأقول: ربِّ إنه من أمتي ، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك أو ما أحدث بعدك.

ص: 68

فحكمنا بروايتهما على روايته وبطل بذلك زيادته وأيضا فإنهم احتجوا بأدلة أجاب عنها الفقهاء من أصحابنا إلا أني نقلت من ذلك قول أبي جعفر محمد بن جرير الطبري كتاب "لطيف القول في أحكام شرائع الدين" قال أبو جعفر: ثم يفتتح قراءته بـ {الحمد لله رب العاليمن} لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن ظن ظان أنها من فاتحة الكتاب فحكمها حكم سائر السور فذلك ما لم يجمع عليه ولم تقم حجته ولا يجوز لأحد أن يلحق في كتاب الله جل ثناؤه بيننا إلا لحجة يجب التسليم لها فإن ادعى على أن الحجة في ذلك إثبات المسلمين إياها في مصاحفهم فقد يجب أن تكون آية من كل سورة فقد أثبت في أول كل سورة فإن لم تكن آية من كل سورة فليس كونها مثبتة في أول الحمد بأولى أن تكون دليلا على أنها منها وأن يكون إثباتها في سائر السور دليلا على أنها منها آية

فإن قال: فهي آية من كل سورة فذاك خلاف ما عليه جماعة المسلمين لأن كل القراء وأهل المعرفة بالقرآن إذا عدوا سائر السور غير أم القرآن لم يعدوها آية منها وإذا سألوا عن أول كل سورة قالوا أول سورة البقرة {الم ذلك الكتاب} الآية وأول آل عمران {الم الله لا إله إلا هو} الآية

وكذلك سائر السورفكتابتها في أول فاتحة الكتاب لا يدل على أنها آية منها وإن زعم أن الجميع مجمعون على أن فاتحة الكتاب سبع آيات وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها قيل إنهم لا يقرونه وإن

ص: 69

كانوا مجمعين على أنها سبع آيات فلم يجمعوا على أن بسم الله الرحمن الرحيم منها آية لأن أهل المدينة عدوا السبع {أنعمت عليهم} الآية ولم يعدوا بسم الله الرحمن الرحيم

وقد توهم قوم من أهل السنة أن محمد بن جرير هذا هو الذي ينتحل مذهب الرافضة ويصنف في علومهم وليس كذلك فإن هذا هو الإمام المشهور من أهل السنة وقدم في الفقه والحديث وإليه تنسب الجريرية من الفقهاء

آخر المسألة والحمد لله رب العالمين

وصلواته على سيدنا محمد وآله وحسبنا الله ونعم الوكيل

ص: 70