الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
34 -
حَدَّثَنَا جَدِّي، نَا حَبَّانُ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدًا الْجُرَيْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ بِالْكُوفَةِ إِلَى مُحدِّثٍ لَنَا ، فَإِذَا تَفَرَّقَ النَّاسُ بَقِيَ رِجَالٌ ، مِنْهُمْ رَجُلٌ لَا أَسْمَعُ أَحَدًا يَتَكَلَّمُ كَلَامَهُ ، فَأَحْبَبْتُهُ، وَوَقَعَ مِنْهُ فِي قَلْبِي ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ فَقَدْتُهُ ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: ذَاكَ الرَّجُلُ كَذَا وَكَذَا، الَّذِي كَانَ يُجَالِسُنَا، هَلْ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ؟ قَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ ، ذَاكَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ. فَقُلْتُ: هَلْ تَهْدِينِي إِلَى مَنْزِلِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَنْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى صِرْتُ عَلَيْهِ كَحَرْبَةٍ ، قَالَ: فَخَرَجَ. فَقُلْتُ: أَيْ أَخِي؟ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأَتِيَنَا؟ قَالَ: الْعُرْيُ ، لَمْ يَكُنْ لِي شَيْءٌ آتِيكُمْ فِيهِ ، وَعَلَيَّ بُرْدٌ. فَقُلْتُ لَهُ: الْبَسْ هَذَا الْبُرْدَ. قَالَ: لَا تَفْعَلْ ، فَإِنِّي إِنْ لَبِسْتُ هَذَا الْبُرْدَ آذَوْنِي ، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى أَلْبَسَهُ. قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالُوا: مَنْ خَادَعَ عَنْ بُرْدِهِ هَذَا؟ قَالَ: فَجَاءَ فَوَضَعَهُ يَكْتَسِي ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُمْ ، فَقُلْتُ: مَا تُرِيدُونَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ ، قَدْ آذَيْتُمُوهُ ، الرَّجُلُ يَلْبَسُ مَرَّةً وَيَعْرَى مَرَّةً أُخْرَى؟ قَالَ: فَأَخَذْتُهُمْ بِلِسَانِي أَخْذًا شَدِيدًا ، قَالَ: وَتَمَرَّدَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ هُوَ الَّذِي يَسْخَرُ بِهِ ، فَوَفَدَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى عُمَرَ ، وَوَفَدَ ذَاكَ الرَّجُلُ
⦗ص: 19⦘
فِيهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ: هَاهُنَا أَحَدٌ مِنَ الْقَرَنِيِّينَ ، فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنَا: «إِنَّهُ
يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ، لَا يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ ، قَدْ كَانَ بِهِ
بَيَاضٌ فَدَعَا اللَّهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ ، إِلَّا مَوْضِعَ الدِّينَارِ أَوْ مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَمُرُوهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ» ، قَالَ: فَقَدِمَ عَلَيْنَا هَاهُنَا ، فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا أُوَيْسٌ. قُلْتُ: مَنْ تَرَكْتَ بِالْيَمَنِ؟ قَالَ: أُمٌّ لِي. قُلْتُ: كَانَ بِكَ بَيَاضٌ فَدَعَوْتَ اللَّهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْكَ إِلَّا مَوْضِعَ الدِّينَارِ أَوْ مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مِثْلِي يَسْتَغْفِرُ لِمِثْلِكَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: أَنْتَ أَخِي ، لَا تُفَارِقْنِي. قَالَ: فَانْمَلَسَ مِنِّي ، فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْكُمُ الْكُوفَةَ ، قَالَ: جَعَلَ الرَّجُلُ يُحَقِّرُهُ عَمَّا يَقُولُ فِيهِ عُمَرُ ، فَقُلْتُ: تَقُولُ مَا ذَلِكَ فِينَا ، وَلَا نَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ عُمَرُ: بَلَى ، إِنَّهُ رَجُلٌ كَذَا ، فَجَعَلَ يَضَعُ مِنْ أَمْرِهِ، أَيْ يُضْعِفُ مِنْ أَمْرِهِ؟ فَقَالَ: ذَلِكَ الرَّجُلُ عِنْدَنَا نَسْخَرُ بِهِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ ، قَالَ: هُوَ هُوَ ، أَدْرِكْ وَلَا أُرَاكَ تُدْرِكُ ، قَالَ: فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ ، فَقَالَ أُوَيْسٌ: مَا كَانَتْ هَذِهِ عَادَتُكَ فَمَا بَدَا لَكَ؟ قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ ، لَقِيَنِي عُمَرُ ، قَالَ كَذَا وَكَذَا فَاسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: لَا أَسْتَغْفِرُ لَكَ حَتَّى تَجْعَلَ عَلَيْكَ أَلَّا تَسْخَرَ بِي ، وَلَا تَذْكُرَ مَا سَمِعْتَ مِنْ عُمَرَ إِلَى أَحَدٍ. قَالَ: لَكَ ذَلِكَ. قَالَ: فَاسْتَغْفَرَ لَهُ. قَالَ أُسَيْرٌ: فَمَا لَبِثْنَا حَتَّى فَشَا حَدِيثُهُ بِالْكُوفَةِ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ ، فَقُلْتُ: يَا أَخِي ، أَلَا أُرَاكَ أَنْتَ الْعَجَبُ ، وَكُنَّا لَا نَشْعُرُ. قَالَ: مَا كَانَ فِي هَذَا مَا لِتَبْلُغَ فِيهِ إِلَى النَّاسِ ، وَمَا يُجْزَى كُلُّ عَبْدٍ إِلَّا بِعَمَلِهِ. قَالَ: فَلَمَّا فَشَا الْحَدِيثُ هَرَبَ فَذَهَبَ