المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(المنهل العذب المورود): - مقارنة بين شروح كتب السنة الستة - جـ ٤

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌(المنهل العذب المورود):

يقول: "ولم آخذ من كلام الشارحين صاحب (غاية المقصود) و (عون المعبود) إلا ما نقلاه عن أحدٍ من المتقدمين، لم آخذه مقلداً لمجرد قولهما دون أن أجده في كلام المتقدمين" أما ما يتعلق بتعصبه وتقريره للمذهب الحنفي فهو ظاهر في الكتاب، وقد أشار إليه في المقدمة صفحة (44) من الجزء الأول، يقول:"ومنها أني أذكر مذهب السادة الحنفية تحت حديثٍ يتعلق بمسألة فقهية، فإن كان الحديث موافقاً لهم فبها، وإلا ذكرت مستدلهم، والجواب عن الحديث وتوجيهه" يعني يجعل كلام الحنفية هو الأصل ثم يجيب عن الحديث، وعلى كل حال هو شرح مبسوط يستفاد منه في الكلام على الرواة، وبيان أحكام الأحاديث لا بأس به، وذكر المذاهب الفقهية؛ لكن الترجيح يمكن أن يستفاد من غيره.

(المنهل العذب المورود):

بعد هذا كتاب المنهل العذب المورود، ألفه الشيخ محمود محمد خطاب السبكي، معاصر توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة وألف، وشرح من أطول الشروح المتداولة، وأمتعها وأجمعها لمسائل الحديث وفوائده، لكنه لم يكمل، بل وصل إلى باب في الهدي في عشرة أجزاء، ثم قام ابنه أمين محمود خطاب بمواصلة شرحه إلى آخر كتاب النكاح، المنهج في شرح هذا الكتاب مشابه إلى حدٍ ما لطريقة العيني في عمدة القاري، يشرح الترجمة، يترجم لرجال الحديث، يشرح الكلمات، يشرح الترجمة بكلامٍ طيب وجيد، ويترجم لرجال الحديث ويطيل في التراجم، يشرح الكلمات، ويتوسع في شرحها، يذكر فقه الحديث ومذاهب الأئمة والفقهاء وأدلتهم، يهتم كثيراً بوصل ما علقه أبو داود، يُعنى بذكر لطائف الإسناد، يخرج الأحاديث تخريجاً لا بأس به في الجملة من الكتب المشهورة، منهج الابن مقارب لمنهج الأب، إلا أن الأب أطول نفساً في الشرح، والكتاب مطبوع ومشهور ومتداول.

ص: 2

من أنفس ما كتب على السنن –سنن أبي داود- المختصر للمنذري، والتهذيب لابن القيم، وهذان الكتابان لا يكاد يستغني عنهما طالب علم، تهذيب السنن لابن القيم أشبه ما يكون بكتب العلل، مؤلفه كما هو معروف شمس الدين أبو عبد الله محمد ابن أبي بكر بن القيم الجوزية الإمام المحقق المحدث الفقيه المشهور المتوفى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، جاء في مقدمته من كلام ابن القيم رحمه الله:"وكان الإمام العلامة زكي الدين أبو محمد عبد العظيم المنذري -رحمه الله تعالى- قد أحسن في اختصاره وتهذيبه، وعزو أحاديثه، وإيضاح علله وتقريبه، فأحسن حتى لما يدع للإحسان موضعاً، وسبق حتى جاء من خلفه له تبعاً"، يقول:"لذلك جعلت كتابه من أفضل الزاد، واتخذته ذخيرةً ليوم المعاد، فهذبته نحو ما هذب هو به الأصل، وزدت عليه من الكلام على عللٍ سكت عنها، أو لم يكملها، والتعرض على تصحيح أحاديث لم يصححها، والكلام على متون مشكلة لم يفتح مقفلها، وزيادة في أحاديث صالحة في الباب لم يشر إليها"، يقول:"وبسطت الكلام على مواضع جليلة لعل الناظر المجتهد لا يجدها في كتابٍ سواه"، إلى أن قال:"فأنا أبرأ إلى الله من التعصب والحمية، وجعل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تابعةً لآراء الرجال، منزلةً عليها مسوقةً إليها"، الكتاب أشبه مثلما ذكرت أن يكون كتاب علل، يعلل الأحاديث ويستطرد ويطيل في ذلك، فهو إمام في هذا الباب، وأيضاً له تعليقات نفيسة في بعض المسائل الفقهية، وله أيضاً نفس طويل في بعض المسائل مثل طلاق الحائض، وطلاق الثلاث، وغير ذلك من المسائل بحثها في عشرات الصفحات، فهو مرجع في مثل هذه المسائل، لا يستغني عنه طالب علم، إضافةً إلى إمامة مؤلفه ورسوخ قدمه، وشدة اتباعه للنصوص، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا يقول: هل هناك مؤلف في الفرق بين كتب السنة وشروحها؟

ص: 3

قصده مناهج المحدثين في المتون والشروح هنا في كلام متفرق لبعض المعاصرين؛ لكن جمع مناهج الأئمة كلهم والشراح كلهم أو جلهم لا يوجد مجموعاً، ولعل ما ألقي في هذه الدروس يكون نواةً لكتابٍ يجمع بين ما تفرق من كلام طلبة العلم.

يقول: حبذا لو جمعتم مثل هذا الكتاب وأخرجتموه لأجل العلم وأهله وطلبته، وقد لمستم الحاجة إليه.

لي نية -إن شاء الله تعالى- إن أسعف الوقت.

يقول: هل صحيح أن الحافظ أبا داود رحمه الله اتهم ابنه بالضعف؟

نعم، صحيح، أهل العلم لا يحابون في علمهم ونقدهم أحداً، علي بن المديني ضعّف أباه، أبو داود ضعّف ابنه.

يقول: لعلكم تشهرون دروسكم الأسبوعية، وما يدرس فيها من كتب ومواعيدها، وحث الطلاب على الحضور طلباً للفائدة وتكثيراً للسواد.

أما بالنسبة للدروس فهي في السبت والاثنين والأربعاء والجمعة، لكن كوننا نشهرها هي لا تستحق من يتكلف العناء إليها، ونحث الطلاب على غيرها مما فيه الفائدة المرجوة، والله المستعان.

طالب: ما هي الكتب التي تدرس؟

الكتب يوم السبت في المغرب في الصحيحين، البخاري ومسلم بعد صلاة المغرب، ويوم الاثنين بعد صلاة المغرب أيضاً في الروض المربع، وقفنا على كتاب البيوع، ويوم الأربعاء بعد المغرب سبل السلام وقفنا على كتاب الجمعة، وأيضاً يوم الأربعاء بعد صلاة العشاء قراءات متنوعة، مجموعة من الإخوان يحضرون كتب ارتبطوا بها من سنين يقرؤون فيها، عصر الجمعة النية أن نبدأ -إن شاء الله- في تفسير الجلالين؛ لأننا جربنا التفاسير المطولة ما أنجزنا منها شيء، تفسير ابن كثير ثلاث سنوات في البقرة، تفسير القرطبي ثمان سنوات في ثمانية أجزاء، في ثمانية مجلدات، فالمطولات تنقطع دونها الأعناق، فرأينا أن يشرح تفسير الجلالين، ويكون مثل المنهج الذي يسار عليه، يعني لا يقتدى به في كل شيء، إنما يكون منهج بأيدي الطلبة توضح معانيه، وتذكر تفاسير الآيات من خلاله ولطائف التفاسير تنقل من غيره -إن شاء الله تعالى-، نبدأ به يوم الجمعة ليس الغد، إنما الجمعة الثانية التي

لأن العادة جرت أننا نبدأ بالدروس في الأسبوع الثاني من كل فصلٍ دراسي.

يقول: ما هي رسالة أبي داود لأهل مكة، وهل تعتبر كمقدمة لكتاب السنن؟

ص: 4

أرسلها إلى أهل مكة لبيان وصف سننه ومنهجه في السنن، وما ذكر فيه من أحاديث، وعدة أحاديثه، وأنه نوعها أنواع منها الصالح، ومنها ما دون ذلك، ذكر فيها الصحيح وما يشبهه ويقاربه، وذكر أن ما فيه ضعف شديد التزم بيانه، والخلاف في هذا البيان هل هو في السنن أو فيها وفي غيرها من مؤلفاته؟.

يقول: سلسلة الأحاديث الصحيحة والضعيفة للألباني -حفظه الله-؟

هذه من أنفع الكتب لطالب العلم، يمكن أن يتخرج عليها الطالب المبتدئ في كيفية التخريج ودراسة الأسانيد والحكم على الأحاديث.

يقول: هل يتيسر نسخ هذه الدروس في كتاب حتى يسهل تناوله؟

ذكرت سابقاً أنه يمكن أن يزاد عليه ويضاف ما لم يذكر من الشروح، وأيضاً مناهج الأئمة في المتون، ويخرج -إن شاء الله- في كتاب وإن كان قد يطول أمده؛ لكن حسب التيسير -إن شاء الله تعالى-.

يقول: يوجد في المكتبات صحيح البخاري ومسلم في مجلدٍ واحد؟

ويوجد البخاري في مجلد ومسلم في مجلد والسنن كل واحد منها في مجلد، والمسند أيضاً على كبره في مجلد، ثم أخيراً طبعت الكتب الستة كلها في مجلد، وهي لعدة دور نشر فأيها أجود؟ حقيقةً التخفيف في مثل هذه الطريقة، وجمع الكتب كلها في مجلد واحد ما أدري ما قيمته؟ وما فائدته؟ يعني إن كان القصد خفة الحمل فليس بخفيف الحمل حقيقةً، يعني الكتب الستة في مجلد واحد كتاب ثقيل، إن كان القصد منه في الحضر فهذا الكتب ميسورة والمراجع إليها سهلة، وإن تعددت مجلداتها، وإن كان القصد منه السفر فالعناء فيه أشد؛ لأن ورقه لا يتحمل الأسفار، وعلى كلٍ الطبعات القديمة للكتب الأصلية لا يعدل بها شيء.

يقول: كثيراً ما تذكر أن أفضل الطبعات للكتاب الفلاني طبعة بولاق أو المنيرية إلا أنها غير متوفرة.

نعم، طبعة بولاق غالباً غير متوفرة إلا أن فتح الباري طبعة بولاق مصور، وهو أيضاً نادر، حتى الصورة نادرة، المنيرية لكثير من الكتب مصورة، صحيح البخاري المنير مصور، عمدة القاري المنير مصور، وغيره.

يسأل عن مسند الإمام أحمد والطبعة الجديدة؟

الطبعة الجديدة هي من أجود الطبعات وأكثرها خدمة، طبعة جيدة في الجملة.

ص: 5

هذا سؤالان يتعلقان بتحية المسجد، وهي مسألة علمية حقيقة، ما كنت أودّ أن أتحدث عنها؛ لكنها ما في شك أن بعض الأخوة يؤدي التحية وبعضهم يجلس، ولعل السائل نظر إليّ أنا على وجه الخصوص.

يقول: ما حكم تحية المسجد وما تقولون .. الخ؟ ينكر بعض الأخوة على من لم يؤد تحية المسجد بعد صلاة العصر؟

الكلام في هذه المسألة، مسألة ذوات الأسباب وفعلها في أوقات النهي كلام يطول جداً، وتحريره يحتاج إلى وقتٍ طويل، والمسألة مسجلة عني في شريطٍ يكاد يكون كامل، لكن ما يمنع أني ألمح إلى هذه المسألة باختصار، المسألة ورد فيها أحاديث، منها ما يبيّن الأوقات، وأنها خمسة، ومنها ثلاثة مضيقة، كما في حديث عقبة بن عامر:"ثلاث ساعاتٍ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا"، فذكر الثلاثة المضيقة، ومنها: النهي عن الصلاة بعد الصبح حتى طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، المقصود أن المسألة خلافية بين أهل العلم؛ لأنه في مقابل هذه الأحاديث وردت أحاديث أخرى مثل حديث:((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) وأحاديث ركعتي الطواف وغيرها في أوقات النهي، فهنا مسألتان: أو هنا بحث المسألة في قطبين:

الأول: في النظر إلى النهي وقوته وشدته.

الأمر الثاني: فيما دخل هذا النهي وعمومه ومخصصاته، حديث النهي عمل بها جمهور العلماء، فقالوا بالنهي مطلقاً يعني الصلاة في هذه الأوقات، خلافاً للشافعية الذين قالوا: بفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، وبين هذه الأحاديث أعني أحاديث ذوات الأسباب وأحاديث النهي عموم وخصوص وجهي، ولا يصيب من يقول: أن العموم والخصوص مطلق، كما يذكر كثير من الناس حينما يتكلمون عن هذه المسألة فيقولون: أحاديث النهي عامة، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، هذا الكلام ليس على إطلاقه، أحاديث النهي عامة في الصلوات، خاصة في الأوقات، وأحاديث ذوات الأسباب عامة في الأوقات خاصة في الصلوات، فبين هذه النصوص عموم وخصوص وجهي، فليس قول من قال: إن أحاديث النهي مخصوصة بأحاديث ذوات الأسباب كما يقول الشافعية، ومن يقول بقولهم بأولى من قول من يقول: أن أحاديث ذوات الأسباب عامة مخصصة بالأوقات.

ص: 6