الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هنا أيضاً حاشية السندي على النسائي، ومؤلفها أبو الحسن نور الدين ابن عبد الهادي السندي ثم المدني المتوفى سنة ثمان وثلاثين ومائة ألف، جاء في مقدمتها:"وبعد فهذا تعليق لطيف على سنن الإمام الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر النسائي -رحمه الله تعالى-"، يقول:"يقتصر على حل ما يحتاج إليه القارئ والمدرس من ضبط اللفظ، وإيضاح الغريب والإعراب، رزق الله تعالى ختمه بخير، ثم ختم الأجل بعد ذلك على أحسن حال" آمين يا رب العالمين، ثم ذكر شرط النسائي، وأنه يخرج أحاديث أقوامٍ لم يجمعوا على تركهم، "إذا صح الحديث بالاتصال لإسناد من غير قطعٍ ولا إرسال"، ثم نقل عن النسائي قوله:"لما عزمت على جمع السنن استخرت الله تعالى في الرواية عن شيوخٍ كان في القلب منهم بعض الشيء، فوقعت الخيرة على تركهم"، ولذلك ما أخرج حديث ابن لهيعة، وإلا فقد كان عنده حديثه ترجمةً ترجمة، يعني جميع أحاديث ابن لهيعة عند النسائي ومع ذلك تحاشى التخريج عنه، وإن خرج له أبو داود والترمذي وغيرهما.
السندي من منهجه في التعليق يشرح الترجمة ويبيّن مراد النسائي وهذه ميزة، لكنه باختصار لا يترجم للرواة، ولعله اكتفاءاً بما في شرح السيوطي، يتكلم على فقه الحديث بشيءٍ من البسط، البسط المناسب لواقع الكتاب، وإلا فالكتاب في جملته مختصر أكثر من كلام السيوطي؛ لكنه لا يستوعب الأقوال ولا يستدل لها، ويرجح رأي الحنفية غالباً؛ لأنه حنفي المذهب، يشيد بالمؤلف –النسائي- ودقته في الاستنباط، ودقة تراجمه كثيراً، وعلى كل حال فالحاشية تعتبر مكملةً لشرح السيوطي، وهي أبسط منه، وقد طبعتا معاً مراراً.
(ذخيرة العقبى في شرح المجتبى):
في شرح حقيقةً لشخصٍ معاصر متأخر من باب الوفاء لمن خدم السنة يُذكر حقيقةً هذا الشرح اسمه (ذخيرة العقبى في شرح المجتبى) مؤلفه محمد بن الشيخ علي بن آدم بن موسى الأثيوبي الولوي، وهو معاصر وموجود الآن مدرس في دار الحديث الخيرية في مكة، شرح مبسوط جداً، يتوقع أن يصل إلى أربعين مجلداً، لأنه على حد كلامه هو انتهى من المجلد الثامن والعشرين في شرح ستة أجزاء من ثمانية، ولم يطبع منه إلى الآن إلا تسعة مجلدات هذه التسعة في خمس السنن تقريباً أو أقل.
جاء في مقدمة الكتاب: "أما بعد: فيقول أفقر الورى إلى عفو الله تعالى محمد بن الشيخ علي آدم الأثيوبي لما رأيت سنن الإمام الحافظ الحجة أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي رحمه الله المسماة بـ (المجتبى) بالباء، أو (المجتنى) بالنون، لم يقع لها شرح يحل ألفاظها حق حلٍ، ويبين معانيها أتمّ تبيين، ويتكلم على رجال أسانيدها وغوامض متونها، ويستنبط منها الأحكام إذ تحت كل حديث خبايا أسرار، وضمن كل خبرٍ خفايا أنوار"، ثم قال:"وكيف لا وهو كلام من أوتي جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً صلى الله عليه وسلم" يقول: "شمرت عن ساعد الجدّ تشميراً، ونبذت الكسل والملل وراء ظهري نبذاً مريراً، وناديت المعاني بأعلى صوتي جهاراً، فلبتني من كل جانبٍ محبرةً بعبارة محققنا بداراً" يقول: "فاستعنت بالله تعالى وقلت: وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب" إلى أن قال: "وسميته (ذخيرة العقبى في شرح المجتبى) وإن شئت فقل: (غاية المنى في شرح المجتنى) " بعد ذلكم قال: "تنبيه"، جاء بتنبيهات أولها قال:"إني لست في الحقيقة مؤلفاً ذا تحرير، ومصنفاً ذا تحبير، وإنما لي مجرد الجمع لأقوال المحققين، والتعويل على ما أراه منها موافقاً لظاهر النص المبين، فأنا جامع لتلك الأقوال ومرتب لها في كل ما يناسبها من الحديث ثم النظر فيها وفي تناسبها حسب قربها وبعدها منه، والاعتماد على ما يترجح لدى فهمي القاصر وذهني الفاتر، فلذا لا أترك من الأقوال المروية بحكم كل حديث إلا ما غاب عني بدليله، إذا كان بجانبه دليل مذكور، وإن كنت أراه ضعيفاً في نظري -يعني يذكر كل شيء الضعيف والقوي- فعسى أن يطلع عليه غيري ويراه صحيحاً لدليلٍ يقويه، إما من نفس ذلك الحديث لم يظهر لي وجهه، أو نصٍ آخر أقوى منه، فرب مبلغٍ أوعى من سامع" ثم ذكر فوائد التكرار والتطويل -يعني في الشرح- نقلاً عن النووي في شرح مقدمة مسلم، ثم ذكر مصادره في كتابه، أنه اعتمد على كتب الرجال ثم سردها، وكتب المصطلح أيضاً ثم ذكرها، والشروح للأحاديث سواء كانت للصحيحين أو لغيرهما، والمتون والأطراف واللغة والغريب والفقه والنحو والصرف وغيرها، ثم ترجم للإمام النسائي وذكر مؤلفاته ومذهبه في
الجرح والتعديل ومنهجه في التصنيف، وبيان العالي والنازل في سننه، ثم تحدث عن سننه الكبرى، ورواة السنن عن النسائي، وعناية الحافظ بها، ثم تحدث عن السنن الصغرى والموازنة بينها وبين الكبرى، وسبب انتخاب النسائي للصغرى من الكبرى، وزيادة الكبرى على الصغرى وعكسه، ثم تحدث عن تسمية الكتاب المجتبى أو المجتنى وعناية العلماء به، ثم بعد ذلكم ذكر رسالة بكاملها للسخاوي في ختم سنن النسائي سماها (بغية الراغب المتمني في ختم النسائي برواية ابن السني) استغرقت هذه الرسالة قرابة سبعين صفحة من المقدمة، وهي تشكل ما يقرب من نصف المقدمة، نصف المقدمة هذه الرسالة، إذ المقدمة (150) تقريباً، وهذه سبعين، ثم تحدث عن تقريب التهذيب لاعتماده الكبير عليه، يعني في تراجم الرواة في الغالب يعتمد على التقريب، ويقلد الحافظ في أحكامه، وإن كان الأجود والأولى أن يجتهد في أحكامه على الرجال؛ لكن لا يمكن أن يجتهد في كل راوٍ راوٍ، مع جمعه هذا الكم الهائل من أقوال أهل العلم في الأحاديث، وطبقات الرواة.
ثم ختم مقدمة في بيان منهج هذا الشرح ومصطلحاته، فقال: "اعلم أن منهج هذا الشرح كما يلي:
كتابة الترجمة التي ذكرها النسائي، ثم شرح هذه الترجمة، كتابة الحديث سنداً ومتناً، الكلام على تراجم رجال الأحاديث، ذكر لطائف الإسناد، شرح المتن، ثم بعد ذلكم مسائل تتعلق بالحديث، درجة الحديث، بيان مواضع ذكره عند المصنف في الصغرى والكبرى، بيان من أخرجه من أصحاب الأصول، بيان فوائد ذلك الحديث، ذكر مذاهب العلماء، إن كان هناك اختلاف في حكم ذلك الحديث ثم ترجيح الراجح، ثم إذا بقي هناك أمور لها تعلق بذاك الحديث يقول: فأذكرها بمسألة سادسة فسابعة فثامنة وهلم جراً".
وربما يغير هذا الأسلوب بزيادةٍ أو نقص لسبب ما، ثم ذكر مصطلحات الشرح ورموزه، ثم أعقب ذلكم بذكر أسانيد المؤلف إلى النسائي -رحمه الله تعالى-، والكتاب طبع منه تسعة مجلدات كما قلت، تعادل خمس الكتاب، يتوقع أن يتم الكتاب في أربعين مجلداً، يعني إذا كان الستة من ثمانية ثلاثة أرباع الكتاب في تسع وعشرين أو ثمانية وعشرين مجلداً يتوقع أن يصل إلى ما يقرب من أربعين أو سبع وثلاثين أو ثمان وثلاثين بهذه الحدود.
والكتاب لا شك أنه كتاب قيم لا سيما وأن سنن النسائي لم يخدم من قبل المتقدمين خدمة تليق بالكتاب، يطيل في شرح الحديث إطالة يعني الطالب الذي يقرأ الكتاب قراءة وهو لم يتعود على القراءة يكاد يملّ منها، نعم المراجعة عند الحاجة أمرها سهل يسير؛ لأن المراجع يحتاج إلى تطويل؛ لكن الشخص الذي يريد أن يقرأ الكتاب من أوله إلى آخره بهذا الطول يكاد أن ينثني عن قراءته؛ لكن الكتاب جمّ الفوائد، وإن كان جلّ هذه الفوائد منقول من الشروح، سواء كانت شروح الصحيحين أو غيرهما.
وتأتي أهمية هذا الكتاب من خلو الكتاب الأصل من الخدمة، فعلينا جميعاً أن نعتني بهذا الكتاب، وكما قلت طبع منه تسعة مجلدات وطبع الباقي جاري، في هذه الإجازة طبع منه أربعة، كان المطبوع خمسة ثم طبع السادس والسابع والثامن والتاسع أخيراً.
رابعاً: شروح سنن الترمذي:
هو جامع الإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي المتوفى سنة تسع وسبعين ومائتين، هو أحد الكتب الستة بلا نزاع، على خلافٍ في ترتيبه بين هذه السنن، منهم من يقدمه بعد الصحيحين فيكون الثالث، ومنهم من يؤخره ليكون الخامس على خلافٍ بين أهل العلم في ذلك، من نظر إلى كثرة فوائده، سواء كان منها ما يتعلق بالحديث وصناعته والكلام على الرواة، وتخريج الأحاديث والإشارة إلى الشواهد، من نظر إلى هذه الفوائد مجتمعة جعله الثالث، ومن نظر إلى نزوله في شرطه، وأن شرطه أضعف من شرط أبي داود والنسائي؛ حتى أنه خرج لبعض المتروكين، أنزله إلى المنزلة الخامسة، يقول ابن الأثير في مقدمة جامع الأصول:"كتاب أبي عيسى أحسن الكتب وأكثرها فائدة، وأحسنها ترتيباً وأقلها تكراراً، وفيه ما ليس في غيره من ذكر المذاهب ووجوه الاستدلال، وتبيين أنواع الحديث من الصحيح والحسن والغريب وغير ذلك" ويقول الدهلوي في (بستان المحدثين): "تصانيف الترمذي كثيرة وأحسنها هذا الجامع الصحيح، بل هو من بعض الوجوه والحيثيات أحسن من جميع كتب الحديث"، أولاً: من جهة حسن الترتيب وعدم التكرار، والثاني: من جهة ذكر مذاهب الفقهاء، ووجوه الاستدلال لكل أحدٍ من أهل المذاهب، والثالث: من جهة بيان أنواع الحديث من الصحيح والحسن والضعيف والغريب والمعلل بالعلل وغير ذلك، والرابع: من جهة بيان أسماء الرواة وألقابهم وكناهم، ونحوها من الفوائد المتعلقة بعلم الرجال.