الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وعلي آله وأصحابه أجمعين.
إن موضوع الخُلُق من الموضوعات العظيمة في ديننا الحنيف وعليه يدور نجاح المسلم فكيف ينجح العالم في وظيفته إذا لم يكن علي خلق؟ وكيف ينجح الزوج في حياته إذا لم يكن علي خلق؟ وكيف ينجح الداعية في دعوته إذا لم يكن علي خلق؟ وكيف ينجح الأخ مع إخوانه إذا لم يكن علي خلق؟ فالأخلاق عليها مدار نجاح الإنسان في هذه الحياة، حتي قال بعض العلماء (إن الدين كله هو الخلق) وهذا ما أثبته صلي الله عليه وسلم لما قال:[إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق] وأعظم وصف وصف الله به نبيه صلي الله عليه وسلم في كتابه العزيز بقوله {وإنك لعلي خلق عظيم} والإنسان يحتاج إلي هذا الخلق في كل ميادين الحياة بعد توحيد لله رب العالمين وعبادته له. وهذه الأخلاق لابد أن تتجلي في حياته ومع محيطه الذي هو يعيش فيه. ونحن والله نعيش أزمة أخلاقية في واقعنا سواء علي مستوي العلاقات الزوجية أو المصلين في المساجد أو الطلاب والمدرسين أو الجار مع جيرانه أو الولد مع والديه.
فعلينا أن نراجع أنفسنا ونحاسبها فديننا دين الأخلاق، ووالله ما انتشر الدين في ربوع العالم إلا بالأخلاق التي أظهرت عظمة هذا الدين ومقوماته في سائر شئون الحياة، ولقد أجاد الشاعر لماقال:
وإنما الأمم الأخلاق مابقيتْ: فإنْ هم ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا
وعلماء الإسلام قديما وحديثا اعتنوا اعتناء عظيما ببيان محاسن الأخلاق ومساوئها وأفردوها بالمصنفات. فقد ألف في ذلك ابن أبي الدنيا والخرائطي وابن الوردي وابن أبي الفتح البستي وغيرهم.
فمن هذه المنطلقات الثابتة أشار إليَّ والدي وشيخي وأستاذي ـ حفظه الله وأمده في حياته ـ أن أكتب رسالة في بيان محاسن الأخلاق التي ينبغي للمسلم أن يتحلي بها في حياته لينال بذلك أعلي الدرجات وأرفع المنازل في الدنيا والآخرة.
وبعد توفيق ومدد من الله عزوجل شرعت في كتابة هذه الرسالة، وكان التركيز علي ذكر محاسن الأخلاق دون مساوئها إيمانا مني أن من تحلي بهذه الفضائل والمكارم وجسدها في حياته لن يصدر منه ما يُسيئ أخلاقَه ويَمتهِن شخصيتَه.
ولابد أن نعلم أن حسن الخلق يقوم علي أربعة أركان: الصبر والعفة والشجاعة والعدل. فالصبر يحمل علي احتمال الأذي وكظم الغيظ وكف الأذي، والعفة تجنب الإنسان الرذائل والقبائح، والشجاعة تحمل علي عزة النفس والتحلي بمعالي الأخلاق، والعدل يحمل علي الاعتدال والوسطية، كما أن الأخلاق السافلة مبناها علي أربعة أخلاق: الجهل والظلم
والشهوة والغضب. فالجهل يري الإنسان الحَسَنَ قبيحا، والظلم يحمله علي وضع الشيئ في غير موضعه، والشهوة تحمله علي الحرص والشح والبخل والرذائل والفواحش والدناءات، والغضب يولد الكبر والحقد والحسد والعدوان والسفه.
فما علي المسلم إلا أن يتحلي بالفضائل ويتخلي عن الرذائل مستعينا بالله عزوجل وبالدُّرْبة والتدرب وبمصاحبة الأخيار.
وفي هذه الرسالة بيان للأخلاق ومكانتها في الدين الإسلامي ونبذة عن منافع ومضار الأخلاق في حياة المسلم وذكر لأخلاق النبي صلي الله عليه وسلم وتوضيح للأخلاق التي ينبغي للمسلم أن يتحلي بها في حياته مع ذكر للأدلة لكل خلق حتي يكون القارئ علي الاستبصار لما يقرأ، حتي يكون علي هدي ونور من الله عزوجل.
أسأل الله عزوجل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم وأن يجعل ذلك في حسناتي يوم القيامة وأن يوفق كل من قرأ هذه الرسالة علي العمل بما جاد فيها، إنه علي كل شيئ قدير.
أخوكم
أنور بن مولانا أهل الله بن مولانا أنوار الله