المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرب الله على أهل الربا - من أسباب عذاب القبر - جـ ٦

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌من أسباب عذاب القبر أكل الربا [10]

- ‌من آثار رحمة الله

- ‌المطر رحمة مادية من الله لعباده

- ‌الرسول رحمة قلبية للناس

- ‌من أسباب عذاب القبر: التعامل بالربا

- ‌أدلة تحريم الربا من القرآن

- ‌علل تحريم الربا

- ‌شرح لنصوص الوعيد في أكل الربا

- ‌حال قيام آكل الربا يوم القيامة

- ‌الربا محق مادي ومعنوي

- ‌الصدقة بركة وزيادة في الدنيا والآخرة

- ‌حرب الله على أهل الربا

- ‌حال التائب من أكل الربا

- ‌حال الربا وآكله في السنة المطهرة

- ‌الربا من السبع الموبقات

- ‌عقوبة آكل الربا في الحياة البرزخية

- ‌لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه

- ‌من أكبر الكبائر: عقوق الوالدين

- ‌الربا ثلاث وسبعون باباً

- ‌ليست السعادة في زيادة الأموال

- ‌زيادة المال زيادة في التعب والقلق

- ‌قصة السعادة في بيت متواضع

- ‌سوء عاقبة آكلي الربا

- ‌الأسئلة

- ‌علاج قسوة القلب

- ‌حكم استقبال القبلة ببول أو غائط

- ‌حكم بيع التقسيط مع زيادة الثمن

- ‌حكم الوضوء في الحمام

- ‌حكم النظر إلى العمة المطلقة بنتها

- ‌حكم أخذ مال المسلم بغير حق

- ‌حكم الذهاب للجهاد بدون رضا الوالدة

- ‌حكم لبس البنطال في العمل

- ‌تفسير آيتي الشرك والمغفرة

- ‌حكم صلاة حاسر الرأس

- ‌حكم إمامة الفاسق في الصلاة

- ‌حقيقة الالتزام الصحيح

- ‌حكم التوبة ثم الرجوع إلى بعض المعاصي

- ‌أهمية القدوة الحسنة للدعاة والصالحين

- ‌حكم كشف المرأة وجهها للأقارب غير المحارم

الفصل: ‌حرب الله على أهل الربا

‌حرب الله على أهل الربا

ثم قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة:278] وهنا يقول العلماء: إن في نداء الناس بالإيمان وهو يدعوهم إلى ترك الربا فيه استثارة وتنبيه، فيه أنكم مؤمنون، كيف تؤمنون وتعملون الربا؟! هل يتصور؟! يا أيها الذين آمنوا! كيف تقعون في الربا وقد آمنتم بالله، ورضيتم به رباً، وبهذا الإسلام ديناً وبهذا الرسول نبياً، ثم تقعون في الربا؟! فيه إلهاب لهم واستثارة وإشعال لمشاعرهم، وقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} [البقرة:278] خافوا من الله، راقبوا الله، اجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية من خوفه:{وَذَرُوا} أي: اتركوا {مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا} ثم قال بعدها: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} إن كنتم صادقين، إذ ليس مؤمناً من يرابي، وما هو بصادق أبداً، لو كان مؤمناً صادقاً لترك الربا {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة:278] .

{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} [البقرة:279] شخص رفض، قال الله عز وجل:{فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:279] إذا رفضتم خلاص استمروا في الربا، لكن قد أذن الله بحربكم:{فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:279] ويقول العلماء: الحرب هي على شاكلتين: حرب في الدنيا، وفي الآخرة، فأما الحرب التي في الدنيا فالخسارة العاجلة، والمحق لهذا المال، والقلق في القلب، والاضطراب في النفس، والحيرة في الفؤاد، وشقاء النفس، وعذاب داخلي يشعر به المرابي لا يمكن أن يجده أي إنسان على وجه الأرض؛ لأن الإنفاق والإعطاء نفع للناس يترتب عليه رحمة في القلوب، مردود عاجل، والقسوة على الناس ومزاولة الشدة عليهم، يترتب عليها قسوة في القلب وضيق في النفس ولعنة في الضمير -والعياذ بالله- هذا في الدنيا وجبة عاجلة.

قال: وأما الآخرة فإن الله يختم له بسوء الخاتمة، إذا لا يلهم الشهادة؛ لأن من اعتاد الربا وتورط فيه فإنه يختم له بسوء الخاتمة، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله كثيراً من حالات المرابين في كتابه الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي: أن كثيراً من المرابين حينما حضرتهم الوفاة كان يقال لهم: قولوا لا إله إلا الله، فكانوا يقولون: العشرة بعشرين، قل: لا إله إلا الله قال: العشرة بعشرين، ومات على العشرة بعشرين والعياذ بالله.

لكن هذا في الدنيا يختم له بسوء الخاتمة، وفي القبر يسلط عليه العذاب، ما هو العذاب؟ ورد في الأحاديث الصحيحة من حديث سمرة بن جندب في البخاري:(ثم انطلقنا إلى رجل يسبح في نهر من دم، وآخر واقف على طرف النهر، وعنده كوم من حجارة، وذاك يسبح إلى طرف النهر، فإذا قرب منه فغر فاه وضربه بحجر بفمه ثم نزل في بطنه ورجع إلى طرف النهر، ثم يرجع وكلما جاء ألقمه حجر، فقلت: من هذا؟ قال: هذا آكل الربا) هذا عذابه في القبر -أعوذ بالله وإياكم من هذا الحال- أنت تتقزز إذا وقع على ثوبك نقطة دم، أو إذا وقعت في يدك دجاجة مذبوحة أو ذبحت لك ذبيحة تغسل يديك بصابون بل بالديتول فكيف بمن يسبح في الدم؟! وبعد ذلك من يوم أن يموت إلى أن يبعثه الله يوم القيامة وهو في الدم، لماذا الورطة هذه؟ من أجل ماذا؟ من أجل تبني عمارة أو تشتري سيارة جديدة أو تتزوج بزوجة، بعض الناس يقول: أنا مضطر للربا، لا يا أخي! والله أنت لست مضطراً للربا، فاصبر على الفقر وعلى الجوع وعلى أن تأكل الطين تعجنه وتأكله ولا تصبر على النار لحظة واحدة، فلا يا أخي! صبرك على نفسك في الدنيا ولا صبرك عليها في النار في الآخرة، لا توقع نفسك في الربا بأي حال من الأحوال.

ص: 12