الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخي: هي (الدُّنيا! ) غُصصُها لا تنقضي .. وأكدارها لا تَنْجلي .. وسهامها عن الفؤاد لا تَنْثَني.
*
…
*
…
*
أخي في الله:
هل تفكرت يومًا في سعادة خالية من الأكدار؟ !
هل تفكرت يومًا في سعادة أصفى من الدموع! وأنصع من لبن الضروع؟ !
هل تفكرت في حياة لا شقاء فيها؟ ! ولا سقم! ولا جوع! ولا حزن! ولا نصب؟ !
حياة لا موت فيها! حياة تحيا فيها روحك ويحيا بدنك!
حياة سعى من أجل تحصيلها الأحياء! أحياء القلوب! لا أموات القلوب!
إنها الحياة الأبدية في دار القرار .. ومنازل الأبرار .. حياة ينسى صاحبها الشقاء .. وتُزفُّ إليه السعادة صافية غرَّاء .. {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت].
أخي المسلم: أتدري أين هذه السعادة الخالية من الآلام والأحزان؟ ! أتدري أين هذه السعادة الكاملة؟ ! !
إنها (الجنَّة! ) دار النعيم .. ودار المُقامة .. المقام الأمين .. ودار السُّرور .. قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «من يدخلها يَنْعَمُ لا يبأس، ويخلد لا
يموت، ولا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم». رواه الترمذي وأحمد/ تخريج المشكاة:5630.
*
…
*
…
*
أخي: بأي وصف أصف لك الجنة؟ ! وهي النعيم الذي لا يدركه إلا مالك النعم تبارك وتعالى، وإن أخبرتك أخي عن نعيمها فإنما أخبرك عن القليل! أما رأيت أخي كيف وصف الله تعالى جناته وما فيها من النعيم الكثير؟ !
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت! ولا اذن سمعت! ولا خطر على قلب بشر! » .
فاقرؤوا إن شئتم: «فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين» . رواه البخاري ومسلم.
أخي: ألا فلتعجب إن كنت متعجبًا! تلك هي الدار التي أعدها الله تعالى لأوليائه وأهل طاعته .. فكم لها أخي من وصف يأخذ بالألباب .. ومن محاسن تأسر أولي الألباب ..
قال صلى الله عليه وسلم: «موضع سوط في الجنة خيرٌ من الدُّنيا وما فيها» . رواه البخاري ومسلم.
أخي في الله: إنها (الجنَّة! ) تلك السلعة الغالية!
إنها (الجنًَّة! ) تلك البضاعة الرَّابحة! .
إنها (الجنَّة! ) بذل الصالحون مهرها في دار الدُّنيا قبل الرحيل .. وقدموا ليوم زفافها عليهم صالح العمل الجميل .. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل؛ ألا إن سلعة الله غالية؛ ألا إن سلعة الله الجنَّة» . رواه الترمذي/ السلسلة الصحيحة: 2335.
أخي: تلك هي الجنَّة! سلعة الله الغالية .. ولنفاستها حفَّها الله
بالمكاره! فكانت كالدُّرَّة النَّفيسة التي لا يوصل إليها إلا بعد خوض وغوص للجج البحر ..
قال صلى الله عليه وسلم: «حُفَّت الجنَّة بالمكاره وحَفَّت النار بالشهوات» . رواه البخاري ومسلم.
أخي: تلك هي الجنَّة! سعى نحوها الصالحون .. وتنافس فيها المتنافسون .. ولها قامت سوق الأعمال؛ فكان الرَّابحون، وكان الخاسرون! .. ولمثلها فليعمل العاملون ..
أخي: لقد تزينت الجنة لأهلها حتى غدت أزين من الزِّينة! ولقد تَجَمَّلَت لخُطَّابها حتى غَدَتْ أجمل من الجمال!
فلله ما في حشوها من مسرَّةٍ
…
وأصنَاف لذاتٍ بها يُتَنَعَّمُ
ولله بَرْد العَيْش بين خِيامِها
…
ورَوْضَاتها والثَّغْر في الرَّوض يَبْسُمُ
أخي المسلم: هي الجنَّة! دار الأولياء .. وموطن الأتقياء .. ومنازل السُّعداء .. من دخلها فهو السعيد حقًا! وجاز أن يمنح لقب السعادة صدقًا! وكيف لا! وهي سعادة صنعها ملك الملوك، الغني واهب السعادة عز وجل وتَنزَّه وتعالى ..
أخي: ألا تُحب أن أصف لك تلك الدُّرَّة الفريدة! وتلك الدار البديعة؟ ! فقف معي أخي عند هذا الوصف العجيب!
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بناء الجنة فقال: «لبنة من فضة ولبنة من ذهب! وملاطها (المادة بين اللبنتين) المسك الأذفَر! وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت! وتُربتها الزعفران! من يدخلها ينعم لا يبأس! ويخلد لا يموت! ولا تبلى ثيابهم! ولا يفنى شبابهم! » . رواه
الترمذي وأحمد/ تخريج المشكاة: 5630
أخي: إن الداخل إلى بيت أول ما يدخل يدخل من الباب، فيا ترى كيف هو باب الجنَّة؟ !
قال عتبة بن غزوان رضي الله عنه: (ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة! وليأتين عليها يوم هو كظيظ من الزِّحام! ). رواه مسلم.
أخي: لقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن في الجنة ثمانية أبواب يوم أن قال صلى الله عليه وسلم: «في الجنَّة ثمانية أبواب؛ فيها باب يسمى الرَّيَّان لا يدخله إلا الصائمون» . رواه البخاري ومسلم.
أخي: يا لسعادة الصائمين يوم يدخلون من هذا الباب ثم يُغلق بعدهم فلا يدخله أحد سواهم! أخي ما أربحها من بضاعة .. وما أسعدها من ساعة ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أنفق زوجين في سبيل الله نُودي في الجنَّة: يا عبد الله هذا خير؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعيَ من باب الرَّيان» . قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله ما على أحد يُدعى من تلك الأبواب من ضرورة! فهل يدْعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم وأرجو أن تكون منهم» . رواه البخاري ومسلم.
أخي: تلك هي أربعة أبواب، وما أظنك تزهد عن معرفة بقية الأبواب، بقي من الأبواب الحج، ومنها باب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، ومنها باب المتوكلين الذي يدخل منه من لا
حساب عليه ولا عذاب! ومنها باب الذكر أو العلم) فتح الباري: 7/ 34/ بتصرف.
أخي المسلم: تلك هي الأبواب التي سيدخل منها السُّعداء .. فأين أنت يومها أخي؟ !
أتراك في تلك الجموع التي تروم دخول الجنان؟ ! أم في جموع أخرى
…
؟ !
فيا لذة قوم نعمُوا بالصالحات في دار الدنيا! ونَعِمُوا بالجنَّات في دار الآخرة! إنها الطاعات أخي! إنها الباقيات الصالحات!
أخي: تلك هي أبواب الجنة! جعلني الله وإياك من الواردين عليها يوم تبيضُّ وجوه السعداء في دار النعيم ..
*
…
*
…
*
أخي: هنيئًا لتلك الوجوه يوم أن تُحْشر إلى دار السعادة فتستقبلها الملائكة: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر].
أخي: فإذا دخلوا تحقق يومها الوعد الصادق: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (أول ما يدخل أهل الجنة الجنة تعرض لهم عينان فيشربون من إحدى العينين فيذهب الله تعالى ما في قلوبهم من غل! ثم يدخلون العين الأخرى فيغتسلون فيها فتشرق ألوانهم، وتصفو وجوههم، وتجرى عليهم نضرة النعيم! ).
أخي: فإذا قرَّ القرار بأهل الجنة، ورأوا ما فيها من النعيم الذي