الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يُحْصَى، نادى منادٍ:«إن لكم أن تصحُّوا فلا تسقموا أبدًا! وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا! وإن لكم أن تشبُّوا فلا تهرموا أبدًا! وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا! » ؛ فذلك قوله عز وجل: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف] رواه مسلم.
أخي في الله:
إن نعيم أهل الجنة إنما يُلَذُّ بموعود الله تعالى لأوليائه فيها بالخلود الدائم والأمن من سخطه وغضبه .. فتلك أخي لأهل الجنَّة لذة فوق ما يجدونه من نعيم الجنان! {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [الدخان].
*
…
*
…
*
أخي: هنالك وفي تلك الديار التي كتب الله تعالى لأهلها الخلود في نعيمه الذي لا يفنى .. أخي كم للقوم يومها من لذاذات! مطاعم ومشارب! وتَقَلُّب في رياض الجنة! فلا تسل أخي عن ما يجدونه في جنة الله من النعيم الذي فاق الوصف! فيا للسعيد يومها! {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة].
أخي: فانظر كيف تلذَّذوا في دار لا عناء فيها: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} ؛ قال قتادة: (دنت فلا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك! ).
{وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} [الإنسان] قال مجاهد: (أي ذللت ثمارها يتناولون منها كيف شاؤوا؛ إن قام ارتفعت بقدره! وإن قعد تدلَّت إليه! وإن اضطجع تدلَّت إليه حتى يتناولها! أخي: فيا لها من
لذات متصلة زادها لذة الأمن من غضب الله تعالى أو التحول عن ذلك النعيم ..
*
…
*
…
*
أخي: وتتواصل اللذات على أهل الجنة .. {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ * لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات]{مِنْ مَعِينٍ} : قال قتادة: كأس من خمر لم تُعْصر! والمعين: هي الجارية.
{لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} : قال قتادة: لا تُذْهب عقولهم! ولا تصدع رؤوسهم! ولا تُوجع بطونهم.
أخي: ألا قلت معي: يا شاربين لخمر الدنيا! أما لكم في خمر الجنة حاجة؟ ! ماذا وجدتم في خمر الدنيا؟ ! أولها: سكر! وآخرها: أسقام وأوجاع وذهاب للعقول! مساكين أولئك الذين لم يعرفوا خمر الجنة! فأقبلوا على خمر دار الفناء! خمر مليئة بالشرور!
أخي: إلى تلك المجالس! مجالس أهل الجنة، والتي امتلأت بهجة وسرورًا .. وها هم الخُدَّام يَغْدُون ويروحون عليهم بأنواع المطاعم والمشارب! {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (بينا المؤمن على فراشه إذ أبصر شيئًا يسير نحوه، فجعل يقول: لؤلؤ! فإذا ولدان مخلدون).
أخي المسلم: طعام أهل الجنة وشرابهم كله مسرات ولذاذات! لا أذى فيهما .. فلا بول! ولا غائط! ولا مخاط! ولا بصاق! قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ولا يتغوطون! ولا
يمتخطون! ولا يبولون! ولكن طعامهم ذاك جشاء كرشح المسك! يلهمون التسبيح والحمد كما تلهمون النفَس! ». رواه مسلم.
*
…
*
…
*
أخي: وتكتمل السعادة للسعداء في دار السعادة باجتماعهم بزوجاتهم من الحور العين! فيا لهن من زوجات بذلت من أجلهن أغلى المهور! تنافس في الفوز بهن الصالحون .. وتسابق إلى خِطبتهنَّ المتقون .. {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة].
قال قتادة: (طهرهن الله من كل بول وغائط وقذر ومآثم! ).
فانظر أخي معي إلى وصفهن كما وصفهن الله تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (قاصرات الطرف على أزواجهن لا يرين غيرهم! والله ما هن متبرِّجات ولا متطلعات).
فيا غافلين عن ذلك النعيم تأملوا إلى وصف جمال أولئك الزوجات اللائي أعدهن الله تعالى لأوليائه ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما! ولملأته ريحًا! ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها! » رواه البخاري.
فَيا خَاطبَ الحسناء إن كنتَ راغِبًا
…
فهذا زمانُ المهر فهو المقَدَّمُ
وكُنْ مُبْغِضًا للخائِناتِ بحبِّها
…
فَتَحْظَى بها من دُونِهنَّ وتَنْعَمُ
وكُنْ أَيِّمًا ممَّا سواها فإنَّها