الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفرج عنهم، ولكنهم يجزعون إلى السيف فيوكلون إليه، فواللَّه ما جاءوا بيوم خير قط (1).
ومع ذلك كله فقد أراد الحجاج أن يقتل الحسن البصري مراراً، ولكن اللَّه عصمه منه.
بعث الحجاج إلى الحسن مرة – وقد همّ به – فجاء الحسن إليه، فلما قام بين يديه قال: يا حجاج، كم بينك وبين آدم من أب؟ قال: كثير. قال: فأين هم؟ قال: ماتوا. فنكس الحجاج رأسه، وخرج الحسن (2).
وهذا من حكمة الحسن في دعوته إلى اللَّه، فإن الخروج على الأئمة المسلمين – ولو كانوا فسّاقاً – يسبب شراً كبيراً، وفتنة عظيمة، وإزهاقاً للأرواح، وفساداً كبيراً، فسدَّ الحسن الباب أمام هذه المفاسد.
2– موقف الحسن من عمر بن هبيرة:
عندما ولي عمر بن هبيرة (3) العراق أرسل إلى الحسن فقدم إليه، فقال له: إن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك (4) ينفذ كتباً أعرف أن
(1) انظر: طبقات ابن سعد، 7/ 164.
(2)
انظر: البداية والنهاية، 9/ 135.
(3)
هو عمر بن هبيرة بن معاوية بن بن سُكَين، الأمير أبو المثنى أمير العراقين، مات سنة 107هـ. انظر سير أعلام النبلاء، 4/ 562.
(4)
هو يزيد بن عبد الملك بن مروان الخليفة، استخلف بعهد عقده له أخوه سليمان، بعد عمر بن عبد العزيز، ولد سنة 71هـ. وكانت خلافته أربعة أعوام، توفي سنة 105هـ. انظر: سير أعلام النبلاء، 5/ 150 - 152.
في إنفاذها الهلكة، واستفتاه: ماذا يصنع أمام هذه الكتب؟ فقال الحسن: يا عمر بن هبيرة، يوشك أن ينزل بك ملك من ملائكة اللَّه – تعالى – فظ غليظ، لا يعصي اللَّه ما أمره، فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، يا عمر بن هبيرة إن تتق اللَّه يعصمك من يزيد بن عبد الملك، ولا يعصمك يزيد بن عبد الملك من اللَّه عز وجل، يا عمر بن هبيرة لا تأمن أن ينظر اللَّه إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبد الملك نظرة مقت، فيغلق بها باب المغفرة دونك، يا عمر بن هبيرة لقد أدركت ناساً من صدر هذه الأمة كانوا واللَّه على الدنيا وهي مقبلة أشدّ إدباراً من إقبالكم عليها وهي مدبرة، يا عمر بن هبيرة إني أخوفك مقاماً خوفكه اللَّه – تعالى – فقال:{ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} (1) يا عمر بن هبيرة إن تك مع اللَّه في طاعته كفاك بائقة يزيد بن عبد الملك، وإن تك مع يزيد بن عبد الملك على معاصي اللَّه وكلك اللَّه إليه، فبكى عمر بن هبيرة وقام بعبرته (2).
وهذا يدل على حكمة الحسن ‘ وما له في النفوس من مكانة
(1) سورة إبراهيم، الآية:14.
(2)
انظر: حلية الأولياء، 2/ 149.