المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌تصْدير الموْسوعة الحمد لله تعالى على ما هدى، - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - مقدمة

[محمد الخضر حسين]

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌تصْدير الموْسوعة الحمد لله تعالى على ما هدى،

بسم الله الرحمن الرحيم

‌تصْدير الموْسوعة

الحمد لله تعالى على ما هدى، والصلاةُ والسلام على نبينا محمد نور الحقِّ والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتدى:

يحدثنا لسانُ التاريخ الإسلامي المعاصر - وهو صادقٌ أمين فيما يتحدّث به -: أنّ الإمامَ محمد الخَضِر حسين عَلَمٌ من أعلام الإسلام، عمل فأجاد وأفاد، وجاهد فانتصر، وغرس فحصد، وأنتج فيضاً زاخراً مباركاً من العلوم التي ضَمَّتها هذه الموسوعة، والتي أطلقنا عليها اسم:(موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر وعالم بلاد المغرب) - رحمه الله تعالى -.

ولا يستقيم القول عن رجلٍ: إنه من عظماء الإسلام، ما لم تكن بين أيدينا حجةٌ تبرر هذا القول، وبرهانٌ تدعمُهُ الوقائعُ، وإلا، فإنه كالناطقِ عن هوى، والخائض في الغَيِّ.

وقد نَهَجَتِ الموسوعاتُ العلميةُ الكُبرى أن تذكر في مطالعها لمحاتٍ - موجزةً أو مطوّلة - عن المؤلِّف، والمؤلَّف، والمحتوى، وهو منهاج حسن.

ومن هذا المنطلق، وخدمة للمكتبة الإسلامية، والسعي المخلص لإثرائها بالكتب القيِّمة للإمام محمد الخضر حسين التي تُطبع لأول مرة في موسوعة منسّقة، مرتبة، أنيقة، حوت أعمالَه الكاملة التي وصل إليها التحقيقُ

ص: 5

والبحث حتى اليوم.

يَسُرُّ (دار النوادر)، وتبتهجُ بهذا الإنجاز العلمي الذي طالما تطلع إليه المغربُ الإسلامي مع المشرق الإسلامي، وبعد طول انتظارٍ وترقُّب وإلحاحٍ من المؤسسات الفكرية والعلمية، سواء الدينية منها والأدبية، ومن قِبَلِ الأفراد والجماعات الذين يهتمون بعظماء أممهم، ويفاخرون ويباهون في الحديث عنهم بنواديهم ومجالسهم ومعاهدهم وجامعاتهم، ووسائل إعلامهم.

هذه الموسوعة التي يجد فيها الباحث والدارس والمحقق والكاتب وطالبُ المعرفة والقارئ طِلْبَته ومُبتغاه في كل علم من العلوم التي أتاها الإمام من أبوابها الواسعة، فهو حَوْضٌ يُسقى من عذب فراته، ويصدر عنه الوارد مُرتوياً من مَعينه الخالص.

وإذا رغبنا - في هذه المقدمة - أن نَعرض ترجمة لحياته، وجدنا أنفسنا أمام (بحرٍ لا ساحلَ له (1))، ولا ندري من أين نغوص؟ وكيف نلتقط الدرر، ولاحتاجَ الأمرُ إلى كتابة الأسفار.

كيف نقدمه، وماذا ندوِّن من صفاته، ونسطِّر من أعماله، ونقدِّم جواهر كتبه وآثاره؟.

ونتساءل: هل تفي هذه المقدمة في تصوير المشهد الذي نَنْشُد تِبيانه في مطلع هذه الموسوعة؟ كلا.

إنه طراز نادر من العلماء المجاهدين، الذين صدقوا ما عاهدوا الله

(1) كما جاء على لسان فضيلة الشيخ عبد المجيد اللّبان، رئيس اللجنة عندما تقدم الإمام لنيل عضوية (هيئة كبار العلماء) بكتابه "القياس في اللغة العربية".

ص: 6

عليه، وإنه من عظماء الإسلام، كلما كتبتَ عنهم، وخُضْتَ في سيرتهم، وعرضتَ مآثرهم وآثارهم، وأسعدتَ البصائر والعقول والقلوب ببحوثهم وآرائهم ودراستهم، قال لك القلم: هل من مزيد؟

إن أطلقتَ عليه صفةَ: الإمام المفسر، الإمام المحدّث، الإمام الزيتوني، الإمام القاضي، الإمام المجاهد، الإمام الخطيب، الإمام المحاضر، الإمام المصلح، الإمام اللغوي، الإمام الرحالة، الإمام الأديب، الإمام الشاعر، الإمام الناقض والناقد، وإمام مشيخة الأزهر، وجدت كل وصف من هذه الأوصاف العلمية ملازماً له حقاً وصدقاً، وقد أنصفتَ فيما وصفت، لا سيما بعد أن تطالع كافة آثاره العلمية.

لا نكتب هذا من باب الإنشاء والمبالغة في البلاغة والبيان، وتزيين المقدمة بكلمات تثير كوامن الإنسان، إنما ندع القارئ وجهاً لوجه أمام هذه المواهب المتعددة التي وضعها الله سبحانه وتعالى فيه؛ ليستخلص منها المنزلة التي وصل إليها هذا الإمام.

أجمع معاصروه وتلامذته ودارسوه من بعده على تقواه وصلاحه، وغزارة علمه ومعارفه، ومكارم أخلاقه، وطهارة سريرته، وأنه أوقف حياته بليلها ونهارها لخدمة الإسلام، ويدلنا على هذا الأمر: إنتاجه الغزير، وعطاؤه الوفير، وسيرته العطرة، وهذه التآليف المتعددة في اختصاصها وفنونها، وصدقها وأمانتها.

صرفَ اهتمامه إلى علوم الشريعة واللغة والأدب، فاعتنى بالتفسير والحديث والفتاوى والأحكام، وتحدث عن أبطال الإسلام، وترجم لهم، وفي المقدمة: سيرةُ المصطفى صلى الله عليه وسلم، وسيرة السلف الصالح رضي الله عنهم.

ص: 7

اتخذ القرآنَ الكريم إماماً، والسنة النبوية قدوة، وفي هذا السبيل كانت رحلة حياته المباركة. اتخذ من الآية الكريمة:{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15 - 16]، سبيلَه وطريقَه المستقيم طوالَ عمره.

وجد في الكتاب المبين دُستوراً حكيماً عادلاً للناس كافة، إذا اتبعوه، سلموا في الدنيا والآخرة، وإن تركوه، خسروا الحياتين.

ووجد في النور المحمديِّ الذي سرى ضياؤه في الشرق والغرب، وأنقذ العالم من ظلمات الشرك والجهالة والفوضى إلى نور الإيمان والعلم والنظام، المثلَ الأعلى للهدى والهداية، والرشد والإرشاد.

ترى الإمام محمد الخضر حسين وضع نُصْبَ عينيه هاتين النعمتين العظيمتين، اللتين منَّ الله عز وجل بهما على عباده: - القرآن الكريم، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم.

وعلى هديهما توكَّل على الله عز وجل في رحلة الإيمان، بدءاً من مدينة "نفطة" مكان ولادته، وانتهاء إلى "القاهرة"، وإمامته مشيخة الأزهر، ومن بَعْدُ انتقالُه إلى الرفيق الأعلى.

كان توجهه إلى المؤمن في عبادته، وهداية للضال في عقيدته، والإرشاد للعامل في عمله، والراعي في بيته، والموسَّع عليه فيما أنعم الله به عليه، والقاضي على مِنَصَّة قضائه، والحاكم في مَنْصِبه ومسؤوليته، وزعماء الأمة أن يخلصوا في الأمانة التي حملوها.

ولئن نهجت الأقلامُ في المقدمات أن تذكر نسب ولقب وكنية المترجَم،

ص: 8

ومولده ونشأته، ودراسته وشيوخه، ومؤلفاته وتلاميذه، ومكانته العلمية، وآراء العلماء فيه، ثم وفاته، فالأجدرُ بنا أن نضع لمحاتٍ سريعةً في سيرة الإمام، مع الإشارة إلى البحوث القيمة التي وردت في الكتب الموجودة في خاتمة هذه الموسوعة، والتي أعطت صورة عن الإمام وسيرته وتراثه.

ص: 9