الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علية بنت الخليفة المهدي
قال ابن النجار: أمها مكنونة اشتريت للمهدي بمائة ألف درهم، وكانت علية من أحسن النساء، وأظرفهن وأعقلهن ذات صيانة وأدب بارع، تقول الشعر الجيد وتسوغ فيه الألحان الحسنة، ولها ديوان شعر معروف بين الأدباء. وكان أخوها الرشيد يبالغ في إكرامها واحترامها، وكانت من أعف الناس، إذا طهرت لزمت المحراب، وإذا لم تكن طاهراً غنت.
وتزوجت موسى بن عيسى بن موسى بن محمد العباسي. ولدت سنة ستين ومائة، وتوفيت سنة عشر ومائتين ومن شعرها:
أهلي سلوا الله العافية
…
فقد دهتني بعدكم داهية
ما لي أرى الأبصار بي جافية
…
لم تلتفت مني إلى ناحية؟!!
ما ينظر الناس إلى المبتلى
…
وإنما الناس مع العافية!!
ومنه:
ألبس الماء مداما
…
واسقني حتى أناما
وأفض جودك في النا
…
س تكن فيهم إماما
لعن الله أخا البخ
…
ل وإن صلى وصاما
ومنه:
كتمت اسم الحبيب عن العباد
…
ورددت الصبابة في فؤادي
فوا شوقي إلى ناد خلي
…
لعلي باسم من أهوى أنادي
ومنه:
إني كثرت عليه في زيارته
…
فمل والشيء مملول إذا كثرا
ورابني منه أني لا أزال أرى
…
في طرفه قصراً عني إذا نظرا
ومنه:
أما والله لو جوزي
…
ت بالإحسان إحسانا
لما صد الذي أهوى
…
ولا ملا ولا خانا
رأيت الناس من ألقى
…
عليهم نفسه هانا
فزر غباً تزدد حباً
…
وإن حملت أشجانا
وقال الحصري في كتاب النورين: كانت عليه تعدل بكثير من أفاضل الرجال في فضائل العقل، وحسن المقال، ولها شعر رائق، وغناء رائع وهي القائلة:
وضع الحب على الجور فلو
…
أنصف المعشوق فيه لسمجْ
ليس يستحسن في وصف الهوى
وقليل الحب صرفاً خالصاً
…
لك خير من كثير قد مزجْ
قال: وخرج الرشيد إلى الري ومعه علية فلما قارب المرج عملت شعراً وغنته:
ومغترب بالمرج يبكي لشأنه
…
وقد غاب عنه المسعدون على الحب
إذا ما أتاه الركب من نحو أرضه
…
تنشق يستشفي برائحة الركب
فلما سمع الصوت رق عليها، وعلم أنها اشتاقت إلى بغداد فأمر بردها. وقال إسحاق الموصلي: كانت علية إذا طهرت لزمت المحراب وقرأت القرآن!! وإذا لم تصل غنت، وكانت تكاتب الأشعار خادمين: يقال لأحدهما: طل وتكنى بظل، والآخر: رشا وتكنى عنه بزينب على أنهما جاريتان، فحجب طل عندما أحس الرشيد بما بينهما فقالت:
أيا سروة البستان طال تشوقي
…
فهل لي إلى ظل إليك سبيل؟
متى يلتقي من ليس يرجى خروجه
…
وليس لمن تهوى إليه دخول؟!
وكان الرشيد قد حلف عليها ألا تكلم طلاً ولا تذكر اسمه فدخل عليها غفلة وهي تقرأ في المصحف: " فإن لم يصبها وابل فطل " فما نهى عنه أمير المؤمنين؛ فضحك، وقبل رأسها وقال: ولا كل هذا!!
…
وقد وهب لك طلاً.
ومن قولها في رشا:
القلب مشتاق إلى ريب
…
يا رب ما هذا من العيبِ!!
قد تيمت قلبي فلم أستطيع
…
إلا البكا يا عالم الغيبِ
خبأت في شعري ذكر الذي
…
أحببته كالخبا في الجيبِ
لأن قولها في الشطر الأول ريب تصحيف رشا.