المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لماذا لا يظهر أثر الإيمان في كل الأوقات والأحوال - نظرات في التربية الإيمانية

[مجدي الهلالي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولضرورة التكامل التربوي عند المسلمومكانة التربية الإيمانية منه

- ‌المكونات الأربعة:

- ‌ضوابط التربية:

- ‌بأي الجوانب نبدأ

- ‌من فوائد البدء بالتربية الإيمانية:

- ‌الفصل الثانيثمارُ الإيمان

- ‌الشجرة المباركة:

- ‌الثمار العشر:

- ‌أولًا: المبادرة والمسارعة لفعل الخير

- ‌ثانيا: تقوية الوازع الداخلي

- ‌ثالثًا: الزهد في الدنيا

- ‌رابعًا: التأييد الإلهي

- ‌خامسًا: إيقاظ القوى الخفية

- ‌سادسًا: الرغبة في الله

- ‌سابعًا: اختفاء الظواهر السلبية وقلة المشكلات بين الأفراد

- ‌ثامنًا: التأثير الإيجابي في الناس

- ‌تاسعًا: اتخاذ القرارات الصعبة

- ‌عاشرًا: الشعور بالسكينة والطمأنينة

- ‌الفصل الثالثمراحل النمو الإيمانيوأهداف التربية الإيمانية

- ‌نور القلب:

- ‌يقظة القلب هي البداية:

- ‌إياك والاغترار ببدايات اليقظة:

- ‌تمكُّن اليقظة:

- ‌استمرار النمو الحقيقي للإيمان:

- ‌التعامل مع الدنيا مقياس النمو الحقيقي للإيمان:

- ‌النمو الإيماني والتعامل مع المال:

- ‌النمو الإيماني والتعلق بالبشر:

- ‌النمو الإيماني والتعامل مع أحداث الحياة:

- ‌مع المنع والعطاء:

- ‌النمو الإيماني والحالة القلبية:

- ‌النمو الإيماني والعلاقة مع الله عز وجل:

- ‌أهداف التربية الإيمانية

- ‌الفصل الرابعحقيقة الإيمان

- ‌الدنيا والمال:

- ‌القلب والمشاعر:

- ‌الإيمان والمشاعر:

- ‌الهوى والمشاعر:

- ‌الصراع بين الإيمان والهوى:

- ‌هل الإيمان هو المعرفة

- ‌ما هو الإيمان

- ‌الفارق بين القناعة العقلية بالفكرة وبين الإيمان بها:

- ‌شمول معنى الإيمان:

- ‌مفهوم الإيمان بالله:

- ‌الإيمان محض فضل من الله عز وجل:

- ‌الحالة الإيمانية (متى يزداد الإيمان)

- ‌الإيمان والطاعة:

- ‌ابن القيم يؤكد:

- ‌إنما الأعمال بالنيات:

- ‌السباق سباق قلوب:

- ‌الإيمان ما وقر في القلب

- ‌لماذا لا يظهر أثر الإيمان في كل الأوقات والأحوال

- ‌جناحا التربية الإيمانية

- ‌الإيمان والعمل الصالح:

- ‌الإيمان أولًا:

- ‌الإسلام بدأ مشاعر ثم شعائر ثم شرائع

- ‌الخلاصة:

- ‌الفصل الخامستأسيس القاعدة الإيمانيةمن خلال القرآن

- ‌ما المقصود بالقاعدة الإيمانية

- ‌تعرفهم بسيماهم:

- ‌الجيل الرباني:

- ‌إنهم صُنِعوا ها هنا:

- ‌تأثر الصحابة بالقرآن:

- ‌المصدر المتفرد:

- ‌المعرفة الشاملة:

- ‌المعرفة المؤثرة

- ‌القرآن يستثير جميع المشاعر:

- ‌القرآن وبناء الإيمان:

- ‌أهمية الترتيل:

- ‌أهمية المداومة على تلاوة القرآن:

- ‌لا بديل عن القرآن:

- ‌القرآن والسنة:

- ‌ابتعاد الأمة عن الانتفاع الحقيقي بالقرآن:

- ‌يا حسرة على العباد:

- ‌أخي القارئ

- ‌التحدي الكبير:

- ‌التواص والتعاهد:

- ‌وسائل عملية للانتفاع بالقرآن:

- ‌ملاحظة:

- ‌وأخيرًا:

- ‌الفصل السادسالعمل الصالحوكيف ننتفع به في زيادة الإيمان

- ‌الانتفاع بالعمل الصالح:

- ‌أهمية التذكرة قبل العمل:

- ‌من فقه التحفيز:

- ‌وسائل التحفيز

- ‌أولًا: السؤال

- ‌ثانيًا: تذكُّر الله عز وجل

- ‌ثالثًا: التذكير بفضل العمل

- ‌رابعًا: التذكير بأهمية العمل

- ‌خامسًا: الترهيب من ترك العمل

- ‌سادسًا: التشجيع

- ‌سابعًا: التذكير بالمواقف الإيجابية السابقة

- ‌ثامنًا: المحاورة والإقناع والموازنة العقلية (تخيير النفس):

- ‌تاسعًا: التحفيز من خلال إبراز قدوة:

- ‌عاشرًا: القصة:

- ‌حادي عشر: ضرب المثل:

- ‌ثاني عشر: الصورة المؤثرة

- ‌ثالث عشر: الاستفادة من الأحداث غير المألوفة

- ‌الوصول للهدف هو الغاية

- ‌أهمية التدريب على تحفيز المشاعر قبل القيام بالعمل

- ‌تدريبات عملية من القرآن والسنة:

- ‌الفصل السابعالهزة الإيمانيةوبداية الارتقاء الإيماني

- ‌الحلقة المفقودة:

- ‌هيا بنا نزداد حُبًّا لله وشوقًا إليه:

- ‌مفتاح الدخول لباب المحبة:

- ‌ألم تر إلى ربك كيف يُحبُّك

- ‌خلقنا في أحسن تقويم:

- ‌إلهٌ قيُّوم:

- ‌حليم ستير:

- ‌ربٌ رحيم:

- ‌إلهٌ رؤوف:

- ‌لعلهم يرجعون:

- ‌ربٌ شكور:

- ‌ربٌ غفور:

- ‌أيُ غفلة نحن فيها

- ‌بابه مفتوح للجميع:

- ‌فماذا تقول بعد ذلك

- ‌كلمة أخيرة

الفصل: ‌لماذا لا يظهر أثر الإيمان في كل الأوقات والأحوال

أو بمعنى آخر: لا ينبغي علينا أن نجعل أعمالنا الإيمانية رهن المؤثرات القوية التي تستثير المشاعر بصورة مؤقتة، ثم يختفي أثرها بمرور الوقت، وهذا لن يكون إلا إذا أصبح الإيمان مستقرًا في القلب، وأصبحت المشاعر في حالة من التأهب للتأثر بأدنى مؤثر وبأقل تذكرة.

فكلما قوي الإيمان في القلب واستقر فيه كانت استثارته أسرع وأدوَم، بعكس الإيمان الضعيف الذي يحتاج - لكي يُعبر عن نفسه - لمؤثر قوي، يدفع صاحبه للعمل الصالح بصورة مؤقتة.

ولأن الحياة كثيرة الأحداث والتقلبات، فإنها تحتاج منَّا إلى إيمان قوي مستقر في القلب يدفعنا دومًا إلى فعل الخيرات وترك المنكرات في كل وقت وتحت أي ظرف، وليس إيمانًا ضعيفًا يحتاج لكي يظهر إلى مؤثر ضخم وحدث جلل؛ وفي الوقت نفسه، فإن هذا الإيمان الضعيف سرعان ما يزول أثره الإيجابي على السلوك بزوال المؤثر الذي استثاره، ومثال ذلك: البيت الذي لا سقف له فإن أهله يتعرضون بصورة دائمة لحر الشمس ولهيبها، لذلك فأسعد أوقاتهم تلك التي تأتي فيها سحابة فتظللهم، وتحُول بينهم وبين الشمس، ولكن - من المعتاد - ألا يستمر ظل السحابة طويلًا، فسرعان ما يزول بتحركها وابتعادها عنهم، لتعود الشمس بحرارتها ولهيبها إليهم .. ومن البدهي أنهم إذا رغبوا في ظل دائم، ووقاية مستمرة من الشمس، فعليهم أن يُشيِّدوا سقفًا للبيت بدلًا من أن ينتظروا ظهور السُحب، فظل السحاب عارض سرعان ما يزول أثره، أما ظل السقف فهو دائم لأنه مستقر فوقهم.

كذلك حال الإيمان الناشئ عن أمور عارضة، وحاله الناشئ عن استقراره في القلب.

‌لماذا لا يظهر أثر الإيمان في كل الأوقات والأحوال

؟

كان (زيد) في المسجد يستمع إلى موعظة، وكانت الموعظة مؤثرة، وَجِلَت منها القلوب، وذرفت منها العيون، وتلا الموعظة صلاة العشاء وفيها قرأ الإمام بآيات من سورة (ق) تتحدث عن الموت وما بعده من أحداث، فعلا نحيب المصلين، واشتد بكاؤهم، وانتهت الصلاة، وانطلق (زيد) خارجًا من المسجد، وذهب ليأخذ نعله فلم يجده .. بحث عنه في كل مكان فلم يعثر له على أثر، انتابته حالة من الجزع والضيق، وتلفَّظ بألفاظ غير لائقة، وغادر المسجد حانقًا متذمرًا ..

لقد كان زيد منذ دقائق يبكي من خشية الله، فما الذي تغير حتى يظهر بهذه الحالة البعيدة عن الإيمان؟ لماذا لم تدفعه الحالة الإيمانية التي كان يعيشها إلى التعامل الهادئ مع المصيبة التي أصابته؟

فإن قلت: لأن الإيمان غير مستقر في قلبه وأن بكاءه وتأثره بالموعظة والصلاة كان عارضًا، فلما زال أثره انكشف إيمانه ..

هذا التعليل قد يكون صحيحًا لو كانت المدة الزمنية بين الصلاة وبين سرقة نعله طويلة، أمَا والأمر لم يتعد بضع دقائق لا تسمح بزوال حالته الإيمانية، فإن السبب غير ذلك.

ولعل ما يكشف لنا سبب هذا التعارض هو تذكُّر ما قيل في الصفحات السابقة بأن الإيمان يتناول جميع المشاعر، بمعنى أن الحالة الإيمانية التي كان يعيشها (زيد) في الموعظة والصلاة كانت تُعبِّر عن بعض مشاعر القلب وليس عن كل مشاعره.

لقد كانت تُعبِّر عن مشاعر الخوف والرهبة، في حين ظلَّت باقي المشاعر كما هي دون استثارة، ومن ثَمَّ عندما تعرض لموقف السرقة، لم يتعامل معه تعاملًا إيمانيًّا مناسبًا لأن الإيمان في اتجاه مشاعر الطمأنينة والسكينة ضعيف، ولم يتم استثارته، وهذا يُفسِّر لنا - إلى حد بعيد - هذا التناقض بين حالته الباكية، ورد فعله الجَزِع.

ص: 52