المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشبهة الخامسة: هل هناك مانع من التوسل المبتدع على وجه الإباحة لا استحباب - التوسل أنواعه وأحكامه

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التوسل: أنواعُه وَأحكَامه

- ‌الفصل الأول: التوسل في اللغة والقرآن

- ‌معنى التوسل في لغة العرب:

- ‌معنى الوسيلة في القرآن:

- ‌الأعمال الصالحة وحدها هي الوسائل المقربة إلى الله:

- ‌متى يكون العمل صالحاً

- ‌الفصل الثاني: الوسائل الكونية والشرعية

- ‌تعريف الوسائل الكونية والشرعية

- ‌كيف تعرف صحة الوسائل ومشروعيتها:

- ‌الفصل الثالث: التوسل المشروع وأنواعه

- ‌مدخل

- ‌التوسل بأسماء الله وصفاته

- ‌ التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي:

- ‌ التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح:

- ‌بطلان التوسل بما عدا الأنواع الثلاثة السابقة:

- ‌الفصل الرابع: شبهات والجواب عليها

- ‌الشيهة الأولى: حديث استسقاء عمر بالعاس رضي الله عنهما

- ‌الشبهة الثانية: حديث الضرير

- ‌الشبهة الثالثة: الأحاديث الضعيفة في التوسل

- ‌ الشبهة الرابعة: قياس الخالق على المخلوقين

- ‌الشبهة الخامسة: هل هناك مانع من التوسل المبتدع على وجه الإباحة لا استحباب

- ‌الشبهة السادسة: قياس التوسل بالذات على التوسل بالعمل الصالح

- ‌الشبهة السابعة: قياس التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم على التبرك بآثاره

الفصل: ‌الشبهة الخامسة: هل هناك مانع من التوسل المبتدع على وجه الإباحة لا استحباب

"ص5": "ومن أثبت الأنبياء وسواهم من مشايخ العلم والدين وسائط بين الله وبين خلقه كالحجّاب الذين بين الملك ورعيته، بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله تعالى حوائج خلقه، وأن الله تعالى إنما يهدي عباده ويرزقهم وينصرهم بتوسطهم، بمعنى أن الخلق يسألونهم، وهم يسألون الله كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملك حوائج الناس لقربهم منهم، والناس يسألونهم أدباً منهم أن يباشروا سؤال الملك، ولأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك، لكونهم أقرب إلى الملك من الطلب، فمن أثبتهم وسائط على هذه الوجه فهو كافر مشرك يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وهؤلاء مشبَّهون لله، شبهوا الخالق بالمخلوق، وجعلوا لله أنداداً..".

ص: 134

‌الشبهة الخامسة: هل هناك مانع من التوسل المبتدع على وجه الإباحة لا استحباب

؟

قد يقول القائل: صحيح أنه لم يثبت في السنة ما يدل على استحباب التوسل بذوات الأنبياء والصالحين، ولكن ما المانع منه إذا فعلناه على طريق الإباحة، لأنه لم يأتِ نهي عنه؟

فأقول: هذه شبهة طالما سمعناها ممن يريد أن يتخذ موقفاً وسطاً بين الفريقين لكي يرضي كلاً منهما، وينجو من حملاتهما عليه! والجواب: يجب أن لا ننسى في هذا المقام معنى الوسيلة إذ هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود كما تقدم بيانه.

ولا يخفى أن الذي يراد التوصل إليه إما أن يكون دينياً، أو دنيوياً،

ص: 134

وعلى الأول لا يمكن معرفة الوسيلة التي توصل إلى الأمر الديني إلا من طريق شرعي، فلو ادعى رجل ان توسله إلى الله تعالى بآية من آياته الكونية العظيمة كالليل والنهار مثلاً سبب لاستجابة الدعاء لرد عليه ذلك إلا أن يأتي بدليل، ولا يمكن أن يقال حينئذ بإباحة هذا التوسل، لأنه كلام ينقض بعضه بعضاً، إذ أنك تسميه توسلاً، وهذا لم يثبت شرعاً، وليس له طريق آخر في إثباته، وهذا بخلاف القسم الثاني من القسمين المذكورين وهو الدنيوي، فإن أسبابه يمكن أن تعرف بالعقل أو بالعلم أو بالتجربة ونحو ذلك، مثل الرجل يتاجر ببيع الخمر، فهذا سبب معروف للحصول على المال، فهو وسيلة لتحقيق المقصود وهو المال، ولكن هذه الوسيلة نهى الله عنها، فلا يجوز اتباعها بخلاف ما لو تاجر بسبب لم يحرمه الله عز وجل، فهو مباح، أما السبب المدعى أن يقرب إلى الله وأنه أرجى في قبوله الدعاء، فهذا سبب لا يعرف إلا بطريق الشرع، فحين يقال: بأن الشرع لم يرد بذلك، لم يجز تسميته وسيلة حتى يمكن أن يقال إنه مباح التوسل به، وقد تقدم الكلام في هذا النوع مفصلاً في الفصل الثاني من هذه الرسالة.

وشيء ثان: وهو أن التوسل الذي سلمنا بعدم وروده قد جاء في الشرع ما يغني عنه، وهو التوسلات الثلاثة التي سبق ذكرها في أول البحث، فما الذي يحمل المسلم على اختيار هذا التوسل الذي يم يرد، والإعراض عن التوسل الذي ورد؟ وقد اتفق العلماء على أن البدعة إذا صادمت سنة فهي بدعة ضلالة اتفاقاً، وهذا التوسل من هذا القبيل، فلم يجز التوسل به، ولو على طريق الإباحة دون الاستحباب!.

ص: 135