المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معنى الوسيلة في القرآن: - التوسل أنواعه وأحكامه

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التوسل: أنواعُه وَأحكَامه

- ‌الفصل الأول: التوسل في اللغة والقرآن

- ‌معنى التوسل في لغة العرب:

- ‌معنى الوسيلة في القرآن:

- ‌الأعمال الصالحة وحدها هي الوسائل المقربة إلى الله:

- ‌متى يكون العمل صالحاً

- ‌الفصل الثاني: الوسائل الكونية والشرعية

- ‌تعريف الوسائل الكونية والشرعية

- ‌كيف تعرف صحة الوسائل ومشروعيتها:

- ‌الفصل الثالث: التوسل المشروع وأنواعه

- ‌مدخل

- ‌التوسل بأسماء الله وصفاته

- ‌ التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي:

- ‌ التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح:

- ‌بطلان التوسل بما عدا الأنواع الثلاثة السابقة:

- ‌الفصل الرابع: شبهات والجواب عليها

- ‌الشيهة الأولى: حديث استسقاء عمر بالعاس رضي الله عنهما

- ‌الشبهة الثانية: حديث الضرير

- ‌الشبهة الثالثة: الأحاديث الضعيفة في التوسل

- ‌ الشبهة الرابعة: قياس الخالق على المخلوقين

- ‌الشبهة الخامسة: هل هناك مانع من التوسل المبتدع على وجه الإباحة لا استحباب

- ‌الشبهة السادسة: قياس التوسل بالذات على التوسل بالعمل الصالح

- ‌الشبهة السابعة: قياس التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم على التبرك بآثاره

الفصل: ‌معنى الوسيلة في القرآن:

‌معنى الوسيلة في القرآن:

إن ما قدمته من بيان معنى التوسل هو المعروف في اللغة، ولم يخالف فيه أحد، وبه فسر السلف الصالح وأئمة التفسير الآيتين الكريمتين اللتين وردت فيهما لفظة "الوسيلة"، وهما قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 1 وقوله سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} 2.

فأما الآية الأولى، فقد قال إمام المفسرين الحافظ ابن جرير رحمه الله في تفسيرها:"يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله فيما أخبرهم، ووعد من الثواب، وأوعد من العقاب. "اتقوا الله" يقول: أجيبوا الله فيما أمركم، ونهاكم بالطاعة له في ذلك. "وابتغوا إليه الوسيلة" يقول: واطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه.

ونقل الحافظ ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن: معنى الوسيلة فيها القربة، ونقل مثل ذلك عن مجاهد وأبي وائل والحسن وعبد الله بن كثير والسدي وابن زيد وغير واحد، ونقل عن قتادة قوله فيها:"أي تقربوا إليه بطاعته، والعمل بما يرضيه" ثم قال ابن كثير: "وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه.. والوسيلة

1 سورة المائدة: الآية 35.

2 سورة الإسراء: الآية 57.

ص: 13

هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود"1.

وأما الآية الثانية فقد بين الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مناسبة نزولها التي توضح معناها فقال: "نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن، فأسلم الجنيون، والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون"2.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله3: "أي استمر الإنس الذين كانوا يعبدون الجن على عبادة الجن، والجن لا يرضون بذلك، لكونهم أسلموا، وهم الذين صاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة، وهذا هو المعتمد في تفسير الآية".

قلت: وهي صريحة في أن المراد بالوسيلة ما يتقرب به إلى الله تعالى، ولذلك قال:"يبتغون" أي يطلبون ما يتقربون به إلى الله تعالى من الأعمال الصالحة، وهي كذلك تشير إلى هذه الظاهرة الغريبة المخالفة لكل تفكير سليم، ظاهره أن يتوجه بعض الناس بعبادتهم ودعائهم إلى بعض عباد الله، يخافونهم ويرجونهم، مع أن هؤلاء العباد المعبودين قد أعلنوا إسلامهم، وأقروا لله بعبوديتهم، وأخذوا يتسابقون في التقرب إليه سبحانه، بالأعمال الصالحة التي يحبها ويرضاها، ويطمعون في رحمته، ويخافون من عقابه، فهو سبحانه يُسَفه في هذه

1 تفسير ابن كثير "2/52-53".

2 رواه مسلم "8/245 نووي" والبخاري بنحوه "8/320-31 فتح".

3 فتح الباري "10/12 و 13".

ص: 14