المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: بعض التجارب في الاستشفاء بالحبة السوداء في القديم والحديث - الحبة السوداء في الحديث النبوي والطب الحديث

[عبد الله بن عمر با موسى]

الفصل: ‌المبحث الثالث: بعض التجارب في الاستشفاء بالحبة السوداء في القديم والحديث

‌المبحث الثالث: بعض التجارب في الاستشفاء بالحبة السوداء في القديم والحديث

أ- تجارب للاستشفاء بالحبة السوداء في القديم:

ذكر عدد كبير من العلماء الذين صنفوا في الطب النبوي فوائد عديدة للحبة السوداء مقتبسة من تجارب الأطباء والحكماء في تلك العصور وما سبقها. ولا بد من وقفة قصيرة مع هذه النقولات، فقد يظن بعضهم عند قراءتها أنها من الطب النبوي؛ وذلك لأنها ذكرت في كتاب بهذا العنوان وهذا خطأ، فإن هذه التجارب القديمة للعلاج من أمراض مختلفة باستخدام الحبة السوداء هي اجتهادات لأصحابها، ولا يمكن أن تعزى إلى الطب النبوي؛ لأنها لم تصدر من المصطفىصلى الله عليه وسلم. وقد يكون إيراد العلماء لها من باب التمثيل على الفوائد الجمة لهذا العلاج وذِكْرِ ما وصل إليه علمهم في ذلك العصر من استخدامات علاجية لهذا الدواء الذي هو في أصله نبوي إذ ورد في الحديث الأمر بالتداوي به والله أعلم.

وقد جمع ابن القيم رحمه الله في كتابه "الطب النبوي" أكثر هذه النقولات عن أطباء وحكماء تلك العصور ولذا فنكتفي بهذا النقل عنه مثلاً لهذه الوصفات القديمة.

"والشونيز حار يابس في الثالثة: مذهب للنفخ، مخرج لحب القرع، نافع من البرص وحمى الرِّبْع (1) والبلغمية، مفتح للسدد، ومحلل للرياح، مجفف لبلة

(1) وهي الحمى التي تأخذ يوماً وتدع يومين، ثم تجيء في اليوم الرابع. القاموس (ربع) .

ص: 14

المعدة ورطوبتها. وإن دق وعجن بالعسل، وشرب بالماء الحار، أذاب الحصاة التي تكون في الكليتين والمثانة. ويدر البول والحيض واللبن إذا أديم شربه أياما. وإن سخن بالخل، وطلي على البطن قتل حب القرع. فإن عجن بماء الحنظل الرطب أو المطبوخ: كان فعله في إخراج الدود أقوى. ويجلو ويقطع ويحلل، ويشفي من الزكام البارد: إذا دق وصر في خرقة واشتم دائما، أذهبه. ودهنه نافع لداء الحية، ومن الثآليل والخيلان. وإذا شرب منه مثقال بماء: نفع من البهر وضيق النفس. والضماد به ينفع من الصداع البارد. وإذا نقع منه سبع حبات عددا في لبن امرأة ، وسعط به صاحب اليرقان، نفعه نفعا بليغا.

وإذا طبخ بخل، وتمضمض به، نفع من وجع الأسنان عن برد. وإذا استعط به مسحوقاً، نفع من ابتداء الماء العارض في العين. وإن ضمد به مع الخل: قلع البثور والجرب المتقرح وحلل الأورام البلغمية المزمنة، والأورام الصلبة.

وينفع من اللقوة (1) : اذا تسعط بدهنه. وإذا شرب منه مقدار نصف مثقال إلى مثقال: نفع من لسع الرتيلاء (2) . وإن سحق ناعما، وخلط بدهن الحبة الخضراء، وقطر منه في الأذن ثلاث قطرات، نفع من البرد العارض فيها والريح والسدد.

وإن قلي ثم دق ناعما، ثم نقع في زيت وقطر في الأنف ثلاث قطرات أو أربعاً، نفع من الزكام العارض معه عطاس كثير.

وإذا أحرق وخُلط بشمع مذاب بدهن السوسن (3) أو دهن الحناء وطلي

(1) اللقوة: داء يعرض للوجه.

(2)

الرتيلاء: ضرب من العناكب.

(3)

نبات فصلي له زهور جذابة مختلفة الألوان.

ص: 15

به القروح الخارجية من الساقين بعد غسلها بالخل، نفعها وأزال القروح.

وإذا سحق بخل وطلي به البرص والبهق الأسود والحزاز الغليط نفعها وأبرأها.

وإذا سحق ناعماً واستف منه كل يوم درهمين بماء بارد مَنْ عضَّه كَلْبٌ كَلِبٌ قبل أن يفرغ من الماء، نفعه نفعا بليغا وأمن على نفسه من الهلاك. وإذا سعط بدهنه: نفع من الفالج والكزاز وقطع موادهما. وإذا دخن به: طرد الهوام.

وإذا أذيب الأنزروت (1) بماء ولطخ على داخل الحلقة ثم ذر عليها الشونيز كان من الذرورات الجيدة العجيبة النفع من البواسير. ومنافعه أضعاف ما ذكرنا. والشربة منه درهمان. وزعم قوم أن الإكثار منه قاتل" (2) .

ب- تجارب حديثة للاستشفاء بالحبة السوداء:

ذكر بعض المعاصرين تجارب لهم في العلاج بالحبة السوداء تشمل تركيب بعض الأدوية المحتوية على الحبة السوداء وطريقة استخدامها للتداوي من بعض الأمراض. وهذه الكتب (3) وإن كانت حديثة وأصحابها قد يكونون من المتخصصين في بعض المجالات التي تؤهلهم لعمل مثل هذه المركبات

(1) صَمْغُ شجرة تنبت في بلاد الفرس، في طعمه مرارة، ولونه أحمر. انظر الجامع لمفردات الأدوية لابن البيطار 1/63.

(2)

الطب النبوي ص 230 -231.

(3)

للاطلاع على نماذج من الكتب انظر: الشفاء بالحبة السوداء لفرح عبد الحميد القداحي والشفاء في الحبة السوداء بين التجربة والبرهان للكيميائي: طيب عبد الله الطيب.

ص: 16

الدوائية إلا أنها لا تعدو أن تكون تجارب شخصية وآراء لأصحابها. حيث لا تعتمد هذه الكتب على الطريقة العلمية الحديثة في دراسة جدوى استخدام دواء للعلاج من مرض معين، والتي تبنى على نواحٍ إحصائية تجعل الدراسة على مستوى مقبول من الثقة والصدق. ولذا فإن مثل هذه التجارب تضم إلى هذا المبحث من هذا الفصل؛ لأنها أقرب إليه من الفصل التالي الذي يتحدث عن الدراسات العلمية الموثقة المتعلقة بالحبة السوداء في الطب الحديث. وقد تكون هذه المركبات نواة جيدة يمكن استخدامها لإجراء بحوث طبية معتمدة على النواحي الإحصائية الحديثة لإثبات مدى نفع هذه المركبات لعلاج الأمراض المشار إليها في هذه الكتب.

ص: 17