الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الرابع
تنبيهات على أخطاء ومخالفات تحصل من بعض الحجاج
مخالفات وتنبيهات عند الميقات1
1-
تجاوز الميقات بدون إحرام - لمن أراد الحج أو العمرة:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى: الواجب على من قصد مكة للحج أو العمرة الإحرام من الميقات الذي يمر عليه ولا يجوز له تجاوزه بدون إحرام لقول النبي صلي الله عليه وسلم لما وقَّت المواقيت:"هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة يهلُّون من مكة"2.
2-
اعتقاد أن الإحرام مجرد اللباس:
يقول فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله تعالى: وليس الإحرام مجرد اللباس فقد يلبس الإزار والرداء وهو في بلده بغير نية ولا يسمى محرماً وقد يحرم بقلبه ويترك عليه لباسه المعتاد كالقميص والعمامة ونحوهما ويفدي3.
3-
اعتقاد أن أداء الصلاة قبل الإحرام شرط لصحة الإحرام:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: أداء الصلاة
1 مأخوذ من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج" لعبد المجيد بن سليمان الحديثي.
2 مجموع فتاوى ابن باز 5/73.
3 فتاوى إسلامية 2/214.
قبل الإحرام ليس شرطاً في الإحرام وإنما ذلك مستحب عند الأكثر1.
4-
وضع الطيب على الرداء أو الإزار:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: لا ينبغي وضع الطيب على الرداء والإزار إنما السنة تطييب البدن كرأسه ولحيته وإبطيه ونحو ذلك، أما الملابس فلا يُطيبها عند الإحرام، لقوله صلي الله عليه وسلم:"لا يلبس شيئاً من الثياب مسّه الزعفران أو الورس"، فالسنة أن يتطيب في بدنه فقط أما ملابس الإحرام فإنه لا يطيبها وإذا طيبها لم يلبسها حتى يغسلها أو يغيِّرها2.
5-
إحرام الرجل بالخفين أو الجوربين:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: لا يجوز للرجل أن يحرم بالجوربين ولا في الخفين إلا إذا لم يجد نعلين لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل"، متفق على صحته3.
6-
اعتقاد أن المنع من محظورات الإحرام يكون بمجرد الاغتسال: وهذا اعتقاد خاطيء فالمنع إنما يكون بعد عقد نية الإحرام.
1 فتاوى إسلامية 2/218.
2 مجموع فتاوى ابن باز 5/96.
3 فتاوى إسلامية 2/224.
7-
اعتقاد أن للإحرام صلاة تخصه:
يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى: ينبغي أن نعلم أن الإحرام ليس له صلاة فإنه لم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه شرع لأمته صلاة الإحرام لا بقوله ولا بفعله ولا بإقراره1.
8-
تجاوز الميقات بدون إحرام عند عدم وجود ملابس الإحرام:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى: من لم يحمل معه ملابس الإحرام فإنه ليس له أن يؤخر إحرامه إلى جدة بل الواجب عليه أن يُحرم في السراويل إذا كان ليس معه إزار لقول النبي صلي الله عيم وسلم في الحديث الصحيح:"من لم يجد نعلين فليلبس الخفين ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل" وعليه كشف رأسه؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم لما سئل عما يلبس المحرم قال:"لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويل ولا البرانس ولا الخفاف إلا لمن لم يجد النعلين" الحديث متفق عليه فلا يجوز أن يكون على رأس المحرم عمامة ولا قلنسوة ولا غيرهما مما يُلبس على الرأس، وإذا كان لديه عمامة ساترة يمكنه أن يجعلها إزاراً يتَّزر بها ولم يجز له لبس السراويل فإذا وصل إلى جدة وجب عليه أن يخلع السراويل ويستبدلها بإزار إذا قدر على ذلك فإن لم يكن عليه سراويل وليس لديه عمامة تصلح أن تكون إزاراً حين محاذاته للميقات في الطائرة
1 فتاوى الشيخ محمد العثيمين 2/647.
أو الباخرة أو السفينة جاز له أن يحرم في قميصه الذي عليه مع كشف رأسه فإذا وصل إلى جدة اشترى إزاراً وخلع القميص، وعليه عن لبسه القميص كفارة وهي إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو أرز أو غيرهما من قوت البلد لمساكين الحرم أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة وهو مخير بين هذه الثلاثة كما خير النبي صلي الله عليه وسلم كعب بن عجرة لما أذن له في حلق رأسه وهو محرم للمرض الذي أصابه1.
9-
اعتقاد أن الغسل أو الوضوء عند الإحرام واجب: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في معرض حديثه عن الإحرام من الميقات: مع العلم بأن الغسل ليس واجباً وإنما هو مستحب وهكذا الوضوء ليس بواجب فلو أحرم من دون وضوء ولا غسل فإحرامه صحيح2.
10-
اعتقاد أن الإحرام لا ينعقد حتى يركب الراحلة:وهذا اعتقاد خاطيء فانعقاد الإحرام يكون بالنية ويقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: الأفضل أن يكون الدخول بالإحرام بالنية والتلبية بعد الركوب لأن النبي صلي الله عليه وسلم كان يهل
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/46.
2 مجموع فتاوى ابن باز 5/76.
إذا انبعثت به راحلته1.
11-
حلق الليحة أو أخذ شيء منها عند الإحرام: فاللحية يحرم حلقها أو أخذ شيء منها سواء عند الإحرام أو في غيره من الأوقات لأن الواجب إعفاؤها وتوفيرها لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"خالفوا المشركين، وفِّروا اللحى، وأحفُّوا الشوارب" وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "جزوا الشوارب، وأرخو اللحى، خالفوا المجوس".
12-
الأخذ من الرأس عند الإحرام: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: وأما الرأس فلا يُشرع أخذ شيء منه عند الإحرام لا في حق الرجال ولا في حق النساء2.
13-
اعتقاد أن الإحرام قبل الميقات لا ينعقد: يقول فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله تعالى: لا بأس بالإحرام قبل الميقات المكاني كأن تحرم من الطائف بأن تتنظف وتلبس إحرامك وتنوي وتلبي ويجوز لأهل المدينة الإحرام من بيوتهم،
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/106
2 التحقيق والإيضاح 16.
وكذا يجوز لأهل مصر إذا عزموا على السفر أن يحرم أحدهم حين يخرج من بيته أو حين يركب الطائرة متوجهاً إلى جدة أو نحو ذلك لكنه خلاف الأولى1.
14-
جهل الوافدين إلى مكة للحج أو العمرة من طريق الجو أو البحر بمحاذاة المواقيت: وفي معرض حديثه عن قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي فيما يعرض لكثير من الوافدين إلى مكة المكرمة للحج أو للعمرة من طريق الجو أو البحر من جهلهم بمحاذاة المواقيت التي وقَّتها النبي صلي الله عليه وسلم، قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: وقرر أن الواجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا أقرب ميقات لهم من هذه المواقيت الخمسة جوًّا أو بحراً فإن اشتبه عليهم ذلك ولم يجدوا معهم من يرشدهم إلى المحاذاة وجب عليهم أن يحتاطوا وأن يحرموا قبل ذلك بوقت يعتقدون أو يغلب على ظنهم أنهم أحرموا قبل المحاذاة؛ لأن الإحرام قبل الميقات جائز مع الكراهة ومع التحري والاحتياط خوفاً من تجاوز الميقات بغير إحرام تزول الكراهة؛ لأنه لا كراهة في أداء الواجب، وقد نص أهل العلم في جميع المذاهب الأربعة على ما ذكرنا واحتجوا على ذلك بالأحاديث الصحيحة
1 فتاوى إسلامية 2/218.
الثابتة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في توقيت المواقيت للحجاج والعمار1
15-
اعتقاد وجوب الإحرام عند المرور بالميقات: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: أما إن كان قدم لغرض آخر لم يرد حجًّا ولا عمرة إنما جاء لمكة للبيع أو الشراء أو لزيارة بعض أقاربه وأصدقائه أو لغرض آخر ولم يرد حجًّا ولا عمرة فهذا ليس عليه إحرام على الصحيح، وله أن يدخل بدون إحرام، هذا هو الراجح في قولي العلماء والأفضل أنه يحرم بالعمرة ليغتنم الفرصة2.
16-
اعتقاد أن جدة ميقات: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى: أما جدة فليست ميقاتاً للوافدين وإنما هي ميقات لأهلها ولمن وفدوا إليها غير مريدين الحج ولا العمرة ثم أنشأوا الحج والعمرة منها3.
17-
اعتقاد عدم جواز أن تكون ملابس الإحرام غير بيضاء: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: أما الرجل فالأفضل أن يحرم في ثوبين أبيضين إزار ورداء، وإن أحرم في غير أبيضين فلا بأس، وقد ثبت عن الرسول صلي الله عليه وسلم أنه طاف ببرد أخضر وقد ثبت عنه
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/45-46.
2 فتاوى إسلامية 2/201.
3 الفتاوى الدعوة) 125.
صلى الله عليه وسلم أنه لبس العمامة السوداء، فالحاصل أنه لا بأس أن يحرم في ثوب غير أبيض1.
اعتقاد بعض الناس أنه لابد من صلاة ركعتين بين يدي إحرامه بل إن بعض الناس يعود بعد ذهابه من الميقات ليصلي تلك الركعتين2.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"ليس للإحرام صلاة تخصه"3.
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"وركعتا الإحرام سُنّة عند الجمهور وبعض أهل العلم لا يستحبها لأنه لم يرد فيها شيء مخصوص، والجمهور استحبوها لما ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال وهو في ذي الحليفة:"أتاني آتٍ من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة "4"5 اهـ.
بعض الناس قد يسافر جوًا معتمرًا أو حاجاً فيتهاون في الإحرام عند مروره على الميقات بل وبعضهم يؤخر الإحرام إلى أن ينزل في أرض المطار وكلاهما على خطأ ففي مثل هذه الحالة ينبغي لمن أراد الإحرام أن
1 فتاوى إسلامية 2/225.
2 مأخوذة من كتاب"من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان.
3 الفتاوى 26/109.
4 الحديث أخرجه البخاري.
5 فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة ص12.
يلبس ثياب الإحرام قبيل وصوله إلى الميقات ثم يتلفظ بنسكه عند مروره على الميقات أو يلبس لباس الإحرام قبل ركوبه الطائرة لأن ذلك أحوط له فلعله لا يتمكن من اللباس داخل الطائرة إمّا لزحام أو لضيق المكان.
قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:"من جاوز الميقات لحج أو عمرة ولم يحرم وجب عليه الرجوع والإحرام بالحج والعمرة من الميقات لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:"يهُِلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة ويُهِلُّ أهل الشام من الجحفة ويُهِلُّ أهل نجد من قرن ويُهِلُّ أهل اليمن من يلملم".
وقال رحمه الله تعالى أيضاً:"القادم عن طريق الجو أو البحر يحرم إذا حاذى الميقات مثل صاحب البر إذا حاذى الميقات أحرم في الجو أو في البحر أو قبله بيسير حتى يحتاط لسرعة الطائرة أو سرعة السفينة أو الباخرة1، فإذا تجاوز من أراد الحج أو العمرة الميقات ولم يرجع إليه وأحرم من مكانه فعليه فدية يذبحها في مكة ويطعمها كلها للفقراء2.
ومن المخالفات أيضاً: ما يعتقده بعض النساء من أن ثوب الإحرام لابد له من لون خاص كالأخضر مثلاً:
1 فتاوى مهمة 28-32.
2 فتاوى مهمة 34، دليل الحاج والمعتمر 35.
وهذا خلاف الصواب لأنه لا يتعين لون خاص للثوب الذي تلبسه المرأة في الإحرام وإنما تحرم في ثيابها العادية، إلا ثياب الزينة أو الثياب الضيقة أو الشفافة فلا يجوز لها لبسها لا في الإحرام ولا في غيره."ذكر ذلك الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى"1قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:"وأمّا تخصيص بعض العامة إحرام المراة في الأخضر أو الأسود دون غيرهما فلا أصل له) 2.
ومما يتعلق بأمر النساء أيضاً أنَّ بعض النساء إذا مرّت بالميقات تريد الحج أو العمرة وكانت حائضاً أو أصابها الحيض فإنها لا تحرم ظنًا منها أو من وليها أن الإحرام تشترط له الطهارة فتتجاوز الميقات بدون إحرام.
وهذا خطأ واضح لأن الحيض لا يمنع الإحرام فالحائض تحرم وتفعل كما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت فإنها تؤخره إلى أن تطهر3ودليل ذلك ما أخرجه البخاري في قصة عائشة رضي الله عنها عندما حاضت وهي في طريقها إلى الحج قالت:"فدخل عليَّ النبي صلي الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال:"ما يبكيك؟ " قلت: لودِدْت والله أني لم أحج العام. قال:
1 منسك الفوزان ص44.
2 التحقيق والإيضاح 14.
3 منسك الفوزان ص 44-45.
"لعلك نَفِسْت؟ " قلتُ: نعم. قال:"فإنَّ ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج غير أنْ لا تطوفي بالبيت حتى تطهري"1.
ومن المخالفات أيضاً ما يعتقده بعض الحجاج والمعتمرين من أن لباس الإحرام الذي لبسه عند الميقات لا يجوز تغييره ولو اتسخ. وهذا جهل منهم بل يجوز أن يغير ملابس الإحرام بمثلها وأن يغير حذاءه بحذاء آخر ولا يتجنب إلَاّ محظورات الإحرام المعروفة2.قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: "لا بأس أن يغسل ملابس الإحرام ولا بأس أن يغيرها ويستعمل غيرها ملابس جديدة أو مغسولة"3، وكذا قال سماحة الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله تعالى.
يظن بعضهم أن المخيط الممنوع من الإحرام هو كل ما كان فيه خيوط.
وهذا فهم خاطئ. بل المراد بالمخيط ما كان مفصلاً على حجم العضو من "رأس، وكف، وقدم
…
إلخ"ولذلك فلو جعل المحرم ثوبة العادي رداءًا له أو إزاراً صح ذلك ولا حرج عليه لكنه ترك الأفضل والأكمل من عدم إحرامه بالإزار والرداء
1 فتح الباري 1/407.
2 منسك الفوزان ص 43.
3 منسك الفوزان ص 43.
الأبيضين النظيفين1.
ومن المخالفات أيضاً: أنَّ بعض الرجال إذا أحرموا كشفوا أكتافهم على هيئة الاضطباع.
وهذا غير مشروع إلَاّ في حالة الطواف "طواف القدوم أو طواف العمرة" وما عدا ذلك يكون الكتف مستوراً بالرداء في كل الحالات2.
يعتقد بعض الحجاج أو المعتمرين أنه لابد أن يكون متطهراً عندما يتلفظ بنسك الحج والعمرة.
وهذا جهل فمن الذي أوجب ذلك. نعم كون المسلم دائماً على طهارة أفضل لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"ولا يحافظ على الوضوء إلَاّ مؤمن".
أمّا أن يظن بعضهم أن ذلك من الواجبات في الحج والعمرة بل ويلزم من معه بذلك فهذا جهل، ثم يقال إذا كانت الحائض يجوز لها أن تحرم وتتلفظ بالنسك إذا مرت بالميقات وهي مريدة للحج أو العمرة بل يجب عليها ذلك وحدثها أكبر من غيرها فمن كان على غير وضوء يحوز له ذلك من باب أولى ومن الخطأ أيضاً ما يظنه بعض الناس من أن لباس الإحرام لا
1 مجلة البلاغ عدد 1044) ص 17)
2 منسك الفوزان ص 43.
يجزي لبسه إلَاّ واحدة في حج أو عمرة، ولابد من تغييره عندما يريد الحج أو العمرة مرة ثانية. وهذا جهل لا دليل عليه.
مخالفات وتنبيهات في النية وتغييرها1
تغيير النيّة بعد الإحرام:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: الإنسان إذا أحرم بالحج عن نفسه فليس له بعد ذلك أن يغير لا في الطريق ولا في عرفة ولا في غير ذلك، بل يلزمه لنفسه ولا يغير لا لأبيه ولا لأمه ولا لغيرهما، بل يتعين الحج له لقول الله سبحانه وتعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فإذا أحرم لنفسه وجب أن يتمه لنفسه وإن أحرم به لغيره وجب أن يتمه لغيره، ولا يغير بعد الإحرام2.
بعض المتمتعين إذا لم يستطيعوا أن يهدوا لضياع النفقة مثلاً يغيرون نيتهم إلى الإفراد.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: ليس له ذلك ولو ضاعت نفقته إذا عجز يصوم عشرة أيام، والحمد لله ثلاث أيام في
1 مأخوذة من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج".
2 فتاوى الشيخ ابن باز 5/69-70.
الحج قبل عرفة وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ لأن الأفضل أن يكون يوم عرفة مفطراً اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم فإنه وقف بها مفطراً.
اعتقاد أن الانتقال من الإفراد إلى التمتع لا يجوز.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: الرسول صلي الله عليه وسلم أمر الحجاج المفردين والقارنين أن ينتقلوا من حجهم وقرانهم إلى العمرة وليس لأحد كلام مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فالرسول عليه الصلاة والسلام أمر أصحابه في حجة الوداع وكانوا على ثلاثة أقسام قسم منهم أحرموا بالقران أي لبوا بالحج والعمرة، وقسم لبوا بالحج مفرداً وقسم لبوا بالعمرة، وكان النبي صلي الله عليه وسلم قد لبى بالحج والعمرة جميعاً أي قارناً لأنه قد ساق الهدي فأمرهم عليه الصلاة والسلام لما دنوا من مكة أن يجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي فملا دخلوا مكة وطافوا وسعوا أكد عليهم أن يقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي فسمعوا وأطاعوا وقصروا وحلوا هذا هو السنة لمن قدم مفرداً أو قارناً وليس معه هدي حتى يستريح ولا يتكلف فإذا جاء اليوم الثامن أحرم بالحج ولا يخفى ما في هذا من الخير العظيم؛ لأن الحاج إذا بقي من أول ذي الحجة أو من نصف ذي القعدة وهو محرم لا يأتي ما نُهى المحرم عن فعله فإنه يشق عليه ذلك فينبغي قبول هذا التيسير من الله سبحانه وتعالى1.
1 فتاوى إسلامية 2/213.
الدخول في النسك ثم الرجوع عنه من دون إتمامه.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: إذا كنت نويت الدخول في الإحرام بالعمرة فليس لك الرجوع عن ذلك وعليك إتمامها كالحج لقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وهذا أمر مجمع عليه بين أهل العلم1.
من المخالفات الطواف والسعي
2 كثير من الحجاج يلتزم أدعية خاصة في الطواف يقرأها من مناسك، وقد يكون مجموعات منهم يتلقونها من قاريء يلقنهم إياها يرددونها بصوت جماعي.
وهذا خطأ من ناحيتين:
الأولى: أنه التزم دعاء لم يرد التزامه في هذا الموطن؛ لأنه لم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم في الطواف دعاء خاص.
الثانية: أن الدعاء الجماعي بدعة وفيه تشويش على الطائفين والمشروع أن يدعو كل شخص لنفسه وبدون رفع صوته3.وقال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله تعالى: ومن الخطأ الذي يرتكبه
1 فتاوى إسلامية 2/300.
2 مأخوذة من كتاب"من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان.
3 منسك الفوزان ص 45-46.
بعض الطائفين أن يجتمع جماعة على قائد يطوف بهم ويلقنهم الدعاء بصوت مرتفع فيتبعه الجماعة بصوت واحد فتعلوا الأصوات وتحصل الفوضى ويتشوش بقية الطائفين، فلا يدرون ما يقولون وفي هذا ذهاب للخشوع وإيذاء لعباد الله تعالى في هذا المكان الآمن وقد خرج النبي صلي الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال النبي صلي الله عليه وسلم:"كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن" 1، قال ابن عبد البر وهو حديث صحيح. ويا حبذا لو أن هذا القائد إذا أقبل بهم على الكعبة وقف بهم وقال: افعلوا كذا قولوا كذا ادعوا بما تحبون وصار يمشي معهم في المطاف حتى لا يخطئ منهم أحد فطافوا بخشوع وطمأنينة يدعون ربهم خوفاً وطمعاً بما يحبونه وما يعرفون معناه ويقصدونه وسَلِم الناس من أذاهم2.وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: ولا يجب في هذا الطواف -يعني طواف القدوم- ولا غيره من الأطوفة ولا في السعي ذكر مخصوص ولا دعاء مخصوص أمّا ما أحدثه بعض الناس من تخصيص كل شوط من الطواف أو السعي بأذكار مخصوصة أو أدعية مخصوصة فلا أصل له، بل مهما تيسر من الذكر والدعاء كفى3
1 رواه مالك في الموطأ.
2 منسك ابن عثيمين ص30-31.
3 التحقيق والإيضاح ص 30.
ومن المخالفات: ما يفعله بعض الناس من المزاحمة لاستلام الحجر الأسود وتقبيله.
وهذا غير مشروع؛ لأن الزحام فيه مشقة شديدة وخطر على الإنسان وعلى غيره وفيه فتنة بمزاحمة الرجال للنساء، والمشروع تقبيل الحجر واستلامه مع الإمكان وإذا لم يتمكن أشار إليه بدون مزاحمة ومخاطرة وافتتان. والعبادات مبناها على اليسر والسهولة، لا سيما وأن استلام الحجر وتقبيله مستحب مع الإمكان ومع عدم الإمكان تكفي الإشارة إليه. والمزاحمة قد يكون فيها ارتكاب محرمات، فكيف ترتكب محرماً لتحصيل سُنَّة1.
وقال فضيلة الشيخ ابن عثيمين حفظه الله تعالى في أثناء كلامه عن الأخطاء التي تقع من بعض الحجاج: المزاحمة الشديدة للوصول إلى الحجر لتقبيله حتى إنه يؤدي في بعض الأحيان إلى المقاتلة والمشاتمة فيحصل من التضارب والأقوال المنكرة2 ما لا يليق بهذا العمل ولا بهذا المكان في مسجد الله الحرام وتحت ظل بيته فينقض بذلك الطواف بل النسك كله لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ
1 منسك الفوزان ص 46-47.
2 وهذا مشاهد ومسموع عند الحجر نسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق.
وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} . [البقرة:197] وهذه المزاحمة تذهب الخشوع وتنسي ذكر الله تعالى وهما من أعظم المقصود في الطواف1.وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:"وإذا دخل المسجد الحرام بدأ بالطواف فيبتدئ من الحجر الأسود يستقبله ويقبله إن أمكن ولا يؤذي أحداً بالمزاحمة عليه
…
" 2.
بعض الحجاج يُقَبل الركن اليماني.
وهذا خطأ؛ لأن الركن اليماني يُستلم باليد فقط ولا يُقبل وإنما يُقبل الحجر الأسود فالحجر الأسود يُستلم ويُقبل إن أمكن أو يُشار مع الزحمة إليه. والركن اليماني يُستلم ولا يُقبل ولا يُشار إليه عند الزحمة وبقية الأركان لا تُستلم ولا تُقبل3.قال شيخ الإسلام رحمة الله تعالى:"وأمّا الركن اليماني فلا يُقبل على القول الصحيح"4.
1 منسك ابن عثيمين ص 27.
وانظر إيضاحه حجة النبي صلي الله عليه وسلم للألباني ص 114.
2 الفتاوى 26/120.
3 منسك الفوزان ص 46.
4 الفتاوى 26/97.
ومن المخالفات أيضاً ابتداء الطواف من قَبل الحجر الأسود أي بينه وبين الركن اليماني.
وهذا من الغلو في الدين الذي نهى عنه النبي صلي الله عليه وسلم وهو يشبه من بعض الوجوه تقدم رمضان بيوم أو يومين وقد ثبت النهي عنه. وادعاء بعض الحجاج أنه يفعل ذلك احتياطاً غير مقبول منه، فالاحتياط الحقيقي النافع هو اتباع الشريعة وعدم التقدم بين يدي الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم1.
قال جابر رضي الله عنه في سياقه لحجة النبي صلي الله عليه وسلم:" استلم الحجر الأسود ثم مضى عن يمينه"2.
قال شيخ الإسلام:"وإذا دخل المسجد بدأ بالطواف فيبتديء من الحجر الأسود ويستقبله استقبالاً ويستلمه ويقبله إن أمكن."3.
ومن المخالفات أيضاً: أنّ بعض الطائفين يستلم جميع أركان الكعبة ويتمسح بها.
وهذا جهل وضلال فإن الاستلام عبادة وتعظيم الله عز وجل فيجب الوقوف فيها على ما ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم ولم يستلم النبي صلي الله عليه وسلم من البيت
1 منسك ابن عثيمين ص 26.
2 حجة النبي صلي الله عليه وسلم ص 57.
3 الفتاوى 26.
سوى الركنين اليمانيين "لحجر الأسود وهو الركن اليماني الشرقي من الكعبة والركن اليماني الغربي".
وفي مسند الإمام أحمد عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه طاف مع معاوية رضي الله عنه فجعل معاوية يستلم الأركان كلها فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لِم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلي الله عليه وسلم يستلمهما، فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجوراً، فقال ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فقال معاوية: صدقت1.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:"وأمّا سائر جوانب البيت والركنان الشاميان ومقام إبراهيم فلا يُقبَّل ولا يُتَمسَّح به باتفاق المسلمين المتبعين للسنة المتواترة عن النبي صلي الله عليه وسلم2. وقال في موضع آخر ولا يستلم من الأركان إلا الركنين اليمانيين دون الشاميين فإن النبي صلي الله عليه وسلم إنما استلمهما خاصة لأنهما على قواعد إبراهيم والآخران هما في داخل البيت فالركن الأسود يستلم ويُقبَّل والآخران لا يستلمان ولا يُقَبَّلان والاستلام هو مسحه باليد أمَّا سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها ومقابر الأنبياء
1 منسك ابن عثيمين ص 28.
2 الفتاوى 26/97.
والصالحين كحجرة نبينا صلي الله عليه وسلم ومغارة إبراهيم ومقام نبينا صلي الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين وصخرة بيت المقدس فلا تستلم ولا تقبل باتفاق الأئمة1. ومن ذلك: استلام جميع أركان الكعبة وربما جميع جدرانها والتمسح بها ولم يستلم النبي صلي عليه وسلم من الكعبة سوى ركن الحجر الأسود والركان اليماني"2.
وقال الشيخ محمد بن عبد السلام خضر الشقيري رحمه الله تعالى:"ومن البدع: التمسح بجدران الكعبة كلها؛ لأن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يفعله وإنما كان يمس الركن اليماني ويقبّل الحجر الأسود"3.
وقال الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى:"ويستلم الركن اليماني والحجر الأسود لا غيرهما من الأركان فاستلام غيرهما بدعة منكرة"4.
وقال ابن الحاج رحمه الله تعالى:"ولا يستلم الركنين اللذين يليان الحجر لوجهين: أحدهما: أنّ البيت لم يتم هناك على قواعد إبراهيم، والثاني: أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يستلمهما"5.
1 الفتاوى 26/121.
2 الدليل ص 37.
3 السنن والمبتدعات ص 171.
4 منسك الصنعاني ص 54.
5 المدخل 4/224.
وفي زاد المعاد قال ابن القيم رحمه الله تعالى:"ولم يستلمْ صلي الله عليه وسلم ولم يمسّ من الأركان إلا اليمانيين فقط، قال الشافعي رحمه الله: ولم يَدَعْ أحد استلامهما هجرة لبيت الله، ولكن استلم ما استلم رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأمسك عمَّا أمسك عنه"1.
ومن المخالفات أيضاً:ما يفعله بعض الطائفين من كونهم يعتقدون أن ركعتي الطواف لابد أن تكون قريباً من المقام فيزدحمون على ذلك ويؤذون الطائفين في أيام المواسم ويعوقون سير طوافهم.
وهذا الظن خطأ فالركعتان بعد الطواف تجزيان في أي مكان من المسجد ويمكن المصلي أن يجعل المقام بينه وبين الكعبة وإن كان بعيداً عنه فيصلي في الصحن أو في رواق المسجد ويسلم من الأذيَّة فلا يؤذى وتحصل له الصلاة بخشوع وطمأنينة2.وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:"فإذا فرغ من الطواف صلى ركعتين خلف المقام إذا تيسر ذلك وإن لم يتيسر ذلك لزحام ونحوه صلاهما في أي موضع من المسجد"3.
ومن المخالفات أيضاً: ما اعتاده بعض الطائفين من قولهم قُبالةَ
1 زاد المعاد 2/227.
2 منسك ابن عثيمين ص 32.
3 التحقيق والإيضاح ص 31.
باب الكعبة: اللهم إن البيت بيتك والحرم حرمك والأمن أمنك وهذا مقام العائذ بك من النار-مشيراً إلى مقام إبراهيم عليه السلام1.
ومن المخالفات أيضاً: ما يرتكبه بعض الطائفين من تخصيص كل شوط بدعاء معين لا يدعو فيه بغيره، حتى إنه إذا أتمَ الشوط قبل تمام الدعاء قطعه ولو لم يبق عليه إلَاّ كلمة واحدة ليأتي بالدعاء الجديد للشوط الذي يليه وإذا أتمَّ الدعاء قبل تمام الشوط سكت، ولم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم في الطواف دعاء مخصص لكل شوط.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"وليس فيه -يعني الطواف- ذكر محدود عن النبي صلي الله عليه وسلم لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية ما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له"2وعلى هذا فيدعو الطائف بما أحب من خيري الدنيا والآخرة ويذكر الله تعالى بأي ذكر مشروع من تسبيح أو تحميد أو تهليل أو تكبير أو قراءة قرآن قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:"وأمّا ما أحدثه بعض الناس من تخصيص كل شوط من الطواف أو السعي بأذكار مخصوصة
1 حجة النبي r للألباني ص 115، انظر كلام ابن الحاج في المدخل 4/225.
2 الفتاوى 26/122.
أو أدعية مخصوصة فلا أصل له، بل مهما تيسر من الذكر والدعاء كفى"1وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في سياق كلامه لصفة الحج:"ولم يدع عند الباب بدعاء ولا تحت الميزاب ولا عند ظهر الكعبة وأركانها ولا وقّت للطواف ذِكراً معينًا لا بفعله ولا بتعليمه"2.وقال الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله تعالى:"وما أحدثه الناس من تخصيص دعاء لكل شوط من أشواط الطواف والسعي فلا أصل له بل يدعو بما تيسر له من الأدعية المأثورة"3.وليس للطواف والسعي ذكر واجب مخصوص بل يأتي الطائف والساعي بما تيسر من الذكر والدعاء أو قراءة القرآن مع العناية بما ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم في ذلك من الذكر والدعاء4.ومن الخطأ أن بعض الذين يصلون خلف المقام يصلون عدة ركعات كثيرة بدون سبب مع حاجة الناس الذين فرغوا من الطواف إلى مكانهم5
1 التحقيق والإيضاح ص 30.
2 زاد المعاد 2/225.
3 هداية الناسك ص 30.
4 الدليل ص 23.
5 منسك ابن عثيمين ص 33.
والذي ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه لمّا فرغ من الطواف نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} . ورفع صوته يسمع الناس ثم جعل المقام بينه وبين البيت فصلى ركعتين قرأ فيهما قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون، وفي رواية: قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد1.
ومن المخالفات أيضاً: أن بعض الطائفين إذا فرغ من الركعتين -يعني خلف المقام- وقف بهم قائدهم2 يدعو بهم بصوت مرتفع فيشوشون على المصلين خلف المقام فيعتدون عليهم، وقد قال الله تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} 3، [الأعراف:55] قال الشيخ سليمان بن عبد الرحمن بن حمدان رحمه الله تعالى:"ومن المعلوم -أن مسألة التطويف من الأمور المحدثة بعد القرون المفضلة4 واجتماع الجم الغفير من الحجاج خلف مطوفهم كتلة واحدة يمشون على مهل- مما يعرقل المسير في المطاف فبمجرد ما يكون اثنان أو ثلاثة من المطوفين في المطاف ومع كل واحدٍ منهم جم غفير من الحجاج يسدون طريق الطائفين سداً محكمًا بحيث لا يتمكن
1 حجة النبيي صلي الله عليه وسلم ص 58.
2 وهم قوم يتسمون بالمطوفين واحدهم مطوّف.
3 منسك ابن عثيمين ص 33.
4 فائدة: نشأت مهنة "الطوافة" بمكّة على عهد المماليك الجراكسة وكان أوّل مطوّف بمكّة هو القاضي إبراهيم بن ظهيرة، وهو الذي قام بتطويف السلطان "قايتباي" حين أدّى فريضة الحج عام 884هـ، انظر: كتاب "لبيك" ص50.
أحد من تخللهم وإذا فقد واحد منهم وقفوا في المطاف يبحثون عنه وكل هذا وغيره مما لا يمكن وصفه مما يعرقل السير في المطاف1ومن أعظم أسبابه -يعني الزحام- تكتل الحجاج مع مطوفيهم ووقوفهم بهم في وسط المطاف أمام باب البيت للدعاء وليس من شرط قبول الدعاء أن يكون في وسط المطاف ولا أمام البيت ومن أسبابه أيضاً وقوف المطوفين بحجاجهم أمام الحجر للاستلام2.
ومن المخالفات أيضاً أن بعض الطائفين يقوم بمسح ما يقابله في طوافه كمقام إبراهيم وجدار الحِجر وأستار الكعبة والشاذروان3.
والسُنَّة أن يستلم الحجر الأسود ويقبله إنْ أمكن وإلَاّ أشار إليه ويستلم الركن اليماني إن أمكن وإلَاّ تركه ولا يشير إليه قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:" وأمَّا سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها ومقابر الأنبياء والصالحين كحجرة نبينا صلي الله عليه وسلم ومغارة إبراهيم ومقام نبينا صلي الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين وصخرة
1 نقض المباني ص 182.
2 نقض المباني ص 16.
3 الشاذروان: بفتح الذال وهو ما فضل عن جدار الكعبة، ويرتفع عن وجه الأرض قدر ثلثي الذراع، كان ظاهراً في جوانب البيت كالذي عند الملتزم وبالحجر ثم صُفَّح باجتهاد من المحب الطبري في تسنيمه، حاشية الروض لابن قاسم 4/108.
بيت المقدس فلا تستلم ولا تقبَّل باتفاق الأئمة" 1ومما يتعلق بالنساء أيضاً: ما يقوم به بعضهن من المزاحمة عند الحجر الأسود، فتزاحم الرجال بجسمها فيلتصف بها بعض الرجال وهنا مكمن الشر والفتنة فترتكب المحرم وتتسبب في فتنة الآخرين في تحصيل أمر مسنون تركه في حقها والحال كما تقدم واجب ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
والذي يرى ما تقوم به بعض النساء -هداهن الله- من مزاحمة الرجال عند تقبيل الحجر يرى عجباً مما يحصل من الدفع والجذب إضافة إلى ما يسمع من العتاب الشديد بل قد يتعدى العتاب إلى ما هو أعظم. نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين. وسيأتي في المخالفة القادمة زيادة إن شاء الله تعالى.
ومن المخالفات أيضاً: ما يتعتقده بعض الحجاج من أنْ الحجر نافع بذاته.
ولذلك تجدهم إذا استلموه مسحوا بأيديهم على بقية أجسامهم أو مسحوا بها على أطفالهم الذين معهم وكل هذا جهل وضلال فالنفع والضرر من الله وحده، وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني
1 الفتاوى 26/121.
رأيت النبي صلي الله عليه وسلم يقبلك ما قبّلتك 1 وإنّما قال عمر رضي الله عنه ذلك لئلا يغتر بهذا التقبيل بعض من ألِفَ في الجاهلية عبادة الأحجار تعظيماً ورجاء بقصد طلب شفاعتها له عند الله فأخبر رضي الله عنه أنّه الحجر الأسود لا يضر ولا ينفع وأنّه إنما قبّله اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم وأشاع عمر هذا في الموسم ليحفظ عنه أهل الموسم المختلفو الأوطان والله أعلم2. ومن الجهل أيضاً: التبرك بالمطر النازل من ميزاب الكعبة3وهنا يحصل التزاحم بين الطائفين وغير الطائفين كل يطمع أن يصيبه شيء من ذلك الماء لتصيبه البركة كما يزعمون.
وقد ذكر بعض من شاهد ذلك بعينه أنه رأى زحاماً تحت الميزاب حتى أن بعضهم قد نزل منه الدم بسبب المزاحمة والمشادة4.
ومن المخالفات أن بعض الحجاج -وخاصة بعض من يتعجل في يومين- يوكل من يطوف عنه للوداع وهذا من الجهل فالوداع لابد أن يطوفه بنفسه.
1 منسك ابن عثيمين: وقول عمر رضي الله عنه أخرجه الشيخان.
2 مفيد الأنام ونور الظلام 1/268.
3 حجة النبي صلي الله عليه وسلم للألباني ص 118.
4 أخبرني بذلك العم ناصر جزاه الله خيراً وقال إن ذلك كان عام 1362هـ أو 1363هـ.
ومن ذلك أيضاً: السعي بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطاً بحيث يختم على الصفا، بمعنى أنه يعد الذهاب والإياب إلى الصفا شوطاً واحداً. والسُنَّة سبعة أشواط والختم على المروة. جاء في وصف حجة النبي صلي الله عليه وسلم: حتى إذا كان آخر طوافه وفي رواية: كان السابع على المروة1.
ومن المخالفات المتعلقة بالسعي أيضاً: ما يفعله بعضهم إذا فرع من السعي صلى ركعتين كما فعل بعد الطواف بالبيت. فيقال أمّا صلاة الركعتين بعد الطواف بالبيت فثابت عن النبي صلي الله عليه وسلم. وأمّا صلاة ركعتين بعد السعي فهو محدثٌ من الأمر خلال هدي النبي صلي الله عليه وسلم. وأمّا قياس من قاسهما بالركعتين بعد الطواف فقياس مردود لأنه مخالف للنص الثابت في السعي2.
1 قال الشيخ الألباني: فيه رد صريح على من قال أنه صلي الله عليه وسلم سعى أربع عشرة مرة وكان يحتسب بذهابه ورجوعه مرة واحدة: "قال ابن القيم في زاد المعاد: وهذا غلط عليه صلي الله عليه وسلم لم ينقله أحد عنه ولا قاله أحد من الأئمة الذين اشتهرت أقوالهم وإن ذهب إليه بعض من المنتسبين إلى الأئمة ومما يبين بطلان هذا القول أنه صلي الله عليه وسلم لا اختلاف عنه أنه ختم بالمروة ولو كان الذهاب والرجوع مرة واحدة لكان ختمه إنما يقع على الصفا) ، حجة النبي صلي الله عليه وسلم، ص60.
2 قال الشيخ الألباني حفظه الله تعالى: [ذهب إلى استحبابها -يعني صلاة الركعتين بعد السعي- غير واحد قياساً على ركعتي الطواف، قال ابن الهمام في الفتح 2/156-157: "ولا حاجة إلى هذا القياس إذْ فيه نص وهو ما روى المطلب بن أبي وداعة قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم حين فرغ من سعيه جاء
…
فصلى ركعتين في حاشية المطاف. وليس بينه وبين الطائفين أحد. رواه أحمد وابن ماجه".
قلت: وهذا وَهُمٌ عجيب من مثل هذا العالم التحرير، فقد تحرّف عليه لفظ سعيه) والصواب سبعة) كما في ابن ماجة رقم 2958) وهو في المسند بلفظ أسبوعه) وفي رواية أخرى له طاف بالبيت سبعاً ثم صلى ركعتين بحذائه
…
) على أن الحديث من أصله لا يصح من قبل إسناده فإن فيه اضطراباً وجهالة كما بَيَّنتهُ في سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم 932) اهـ حجة النبي صلي الله عليه وسلم ص 121.?
اعتقاد أنه لابد من الوضوء للسعي بين الصفا والمروة، وهذا الاعتقاد في غير محله وقياسه على الطواف قياس مردود لأنه في مقابل النص.
قال سماحة الشيخ ابن باز:"ولو سعى على غير طهارة أجزأه ذلك وهكذا لو حاضت المرأة أو نَفِسَتْ بعد الطواف سعت وأجزأها ذلك لأن الطهارة ليست شرطاً في السعي وإنما هي مستحبة1.
ومن الأخطاء أيضاً: ظن بعضهم كراهة تأخير السعي إلى ما بعد طواف الحج "الإفاضة" للمفرد والقارن.
بل الصواب أنّه مخير إن شاء سعي بعد طواف القدوم فيسقط عنه السعي بعد طواف الإفاضة وإن شاء لم يسع بعد القدوم وأخّر ولو بلا عذر فعليه حينئذ السعي بعد طواف الإفاضة2.
من الجهل أيضاً: ما يقع فيه بعض الساعين عندما يبتدأون
1 التحقيق والإيضاح ص32.
2 مجلة البلاغ عدد 1045) ص 57) .
سعيهم من المروة1.
وهذا خطأ واضح، قال الله تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158]، ولما توجه النبي صلي الله عليه وسلم إلى السعي خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ثم قال "أبدأ" وفي رواية: "نبدأ بما بدأ الله به" فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت2. وعلى هذا فمن طاف سبعة أشواط وقد ابتدأ طوافه من المروة فلا يعتبر له إلَاّ ستة أشواط وعليه أن يأتي بشوط ليتم له سبعة أشواط.
ومن المخالفات أيضاً: ما يعتقده بعض الحجاج أو المعتمرين من أنه لابد من الإتيان بالسعي بعد الفراغ من الطواف وأنه لا يجوز تأخيره. وهذا جهل منه. فيقال في مثل هذا:"للمحرم أن يستريح بعد الفراغ من الطواف ليستجمع قواه للسعي ولا يشق على نفسه أو من معه. فالله تعالى يقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق:7] .ويقول: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} 3 [النساء:29] .
ومن الجهل أيضاً: ما يصنعه بعض الحجاج أو المتعمرين من
1 مجلة البلاغ عدد 1045، ص 58.
2 حجة النبي صلي الله عليه وسلم للألباني ص 58-59.
3 مجلة البلاغ عدد 1045، ص 57.
السعي بين الصفا والمروة تطوعاً في غير عمرة أو حج قياساً على الطواف.
ومن المخالفات المتعلقة بالطواف والسعي: استمرار بعضهم في طوافه أو سعيه ولو بعد إقامة الصلاة يريد بذلك إكمال الشوط الذي هو فيه وقد تفوته الركعة لشدة الزحام1.
سُئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن الحكم إذا أقيمت الصلاة والحاج أو المعتمر لم ينته من إكمال الطواف أو السعي. فأجاب سماحته بما نصه:"يصلي مع الناس ثم يكمل طوافه وسعيه حيث انتهى يبدأ من حيث انتهى"2.وقال فضيلة الشيخ ابن عثيمين أثابه الله تعالى:"وإذا أقيمت الصلاة وهو يسعى فإنه يدخل في الصلاة فإذا سَلَّم أتم سعيه من الموضع الذي قطعه منه"3.
بعضهم ينوي الحج متمتعاً ثم يغير رأيه فيلبي بالحج مفرداً:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"هذا يختلف فإن كان نوى قبل وصوله إلى الميقات أنه يتمتع وبعد وصوله إلى الميقات
1 حجة النبي صلي الله عليه وسلم للألباني ص 121.
2 فتاوى مهمة ص 42.
3 المنهج ص 49.
غيّر نيته وأحرم بالحج وحده، فهذا لا حرج عليه ولا فدية، أما إن كان لبى بالعمرة والحج جميعاً من الميقات أو قبل الميقات ثم أراد أن يجعله حجَّا فليس له ذلك، ولكن لا مانع أن يجعله عمرة أما أن يجعله حجَّا فلا، فالقرآن لا يفسخ إلى حج، ولكن يفسخ إلى عمرة؛ لأنه أرفق بالمؤمن. ولأنها هي التي أمر بها النبي صلي الله عليه وسلم أصحابه فإذا أحرم بهما جميعاً من الميقات ثم أراد أن يجعله حجًّا مفرداً فليس له ذلك، ولكن له أن يجعل ذلك عمرة مفردة، وهو الأفضل له، فيطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يلبي بعد ذلك فيكون متمتعاً1.
مخالفات يوم التروية2
طواف الحاج طواف الوداع عند خروجه من مكة إلى منى يوم التروية.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"ولا حاجة إلى دخوله إلى المسجد الحرام للطواف؛ لأن الخارج إلى منى يوم التروية ليس عليه وداع"3.
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/89.
2 مأخوذة من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج".
3 مجموع فتاوى ابن باز 5/95.
اعتقاد أن من كان في منى قبل يوم التروية أنه يدخل مكة فيحرم منها:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"الجالس في منى يشرع له أن يحرم من منى والحمد لله، ولا حاجة إلى الدخول إلى مكة، بل يلبي من مكانه بالحج إذا جاء وقته"1.
صيام يوم عرفة لمن كان واقفاً بعرفة: قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في معرض حديثه عن فعل النبي صلي الله عليه وسلم يوم عرفة: "وكان مفطراً ذلك اليوم فعُلم بذلك أن المشروع للحجاج أن يفعلوا كفعله صلي الله عليه وسلم في عرفات وأن يشتغلوا بذكر الله والدعاء والتلبية إلى غروب الشمس وأن يرفعوا أيديهم بالدعاء وأن يكونوا مفطرين لا صائمين2.
الانصراف من عرفة قبل غروب الشمس:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"على من انصرف من عرفة قبل الغروب فدية عند أكثر أهل العلم، إلا أن يعود إليها ليلاً فتسقط عنه الفدية، وهي دم يوزع لمساكين الحرم3.
1 فتاوى إسلامية 2/219.
2 مجموع فتاوى ابن باز 5/16-17.
3 مجموع فتاوى ابن باز 5/140.
وقوف بعض الحجاج في بطن عرنة ظنّاً منهم أنها عرفة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"فإن بين كل مشعرين حدّاً ليس منهما، فإن بين عرفة ومزدلفة بطن عرنة، وبين مزدلفة ومنى بطن محسر -قال النبي صلي الله عليه وسلم-:"عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، ومزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر) "1.
اعتقاد أن من غربت عليه شمس يوم التاسع ولم يقف بعرفة فقد فاته الوقوف:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"يمتد زمن الوقوف بعرفة من طلوع فجر اليوم التاسع إلى طلوع فجر يوم النحر فإذا لم يتمكن الحاج من الوقوف في نهار اليوم التاسع فوقف في الليل بعد الانصراف كفاه ذلك حتى لو لم يقف بعرفة إلا آخر الليل قبيل الصبح ويكفيه ولو بضع دقائق، وكذا لو مر من عرفات وهو سائر على سيارته أجزأه ذلك، ولكن الأفضل له أن يحضر في الوقت الذي يقف فيه الناس ويشاركهم في الدعاء عشية عرفة، ويظهر منه الخشوع وحضور القلب. ويرجو مثل ما يرجون من نزول الرحمة وحصول المغفرة، فإن فاته النهار فوقف بالليل فالأفضل له أن يبكر بالوقوف مهما استطاع، فينزل بعرفة ولو قليلاً ويمد يديه إلى ربه، ويتضرع إليه في السؤال، ثم يذهب معهم إلى
1 فتاوى شيخ الإسلام 26/134.
مزدلفة، ويمكث بها إلى آخر الليل حتى يتم حجه"1.
استقبال الجبل عند الدعاء دون القبلة: فبعض الحجاج عند الدعاء يستقبلون جبل الرحمة دون القبلة، والسنة استقبال القبلة.
استخدام الغلظة والشدة في التعامل مع المسلمين عند الإفاضة من عرفات إلى مزدلفة والسنة أن يفيض وعليه السكينة.
ومن الأخطاء العظيمة المتعلقة بيوم عرفة أنَّ بعض الحجاج ينزلون خارج حدود عرفة ويبقون في منازلهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون منها إلى مزدلفة من غير أن يقفوا بعرفة2.
وهذا خطأ عظيم يفوت به الحج فإن الوقوف بعرفة ركن لا يصح الحج إلَاّ به فمن لم يقف بعرفة في وقت الوقوف فلا حج له لقول النبي رضي الله عنه:"الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك".
وسبب هذا الخطأ الفادح أن الناس يغتر بعضهم ببعض لأن بعضهم ينزل قبل أن يصلها ولا يتفقد علاماتها فيفوت على نفسه الحج ويغر غيره3.
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/140.
2 مأخوذة من كتاب "من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان.
3 منسك ابن عثيمين ص 35-36.
ومن ذلك أيضاً: أن بعض الحجاج ينصرفون من عرفة قبل غروب الشمس وهذا خلاف سُنَّة النبي صلي الله عليه وسلم حيث وقف إلى أن غبت الشمس وغاب قرصها ولأن الانصراف من عرفة قبل الغروب عمل أهل الجاهلية1.
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"ولا يجوز الانصراف -من عرفة- قبل الغروب لأن النبي صلي الله عليه وسلم وقف حتى غربت الشمس وقال:"خذوا عني مناسِكَكُم" 2.
ومن ذلك أيضاً: أنَّ بعض الحجاج يستقبلون الجبل -جبل عرفة- عند الدعاء ولو كانت القبلة خلف ظهورهم أو على أيمانهم أو شمائلهم. وهذا خلاف السُنَّة استقبال القبلة كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم3.
يعتقد بعض الحجاج أنَّه لابد في الوقوف بعرفة من رؤية جبل الرحمة أو الذهاب إليه والصعود عليه فيكلفون أنفسهم عنتاً ومشقة شديدة ويتعرضون لأخطار عظيمة من أجل الحصول على ذلك، وهذا كله غير مطلوب منهم: وإنما المطلوب حصولهم في عرفة في أي مكان منها لقوله صلي الله عليه وسلم:"وعرفة كلها موقف ورفعوا عن بطن عرنة" سواء رأوا الجبل
1 منسك ابن عثيمين ص 36.
2 التحقيق والإيضاح ص 41، والحديث أخرجه مسلم.
3 منسك ابن عثيمين ص36-37.
أو لم يروه.
ومن الأخطاء أيضاً ما استفاض على ألْسِنَة العوام أن وقفة عرفة يوم الجمعة تعدل ثنتين وسبعين حجة1.
فيقال أما كون عرفة يوم الجمعة فلا شك في فضله فيوم الجمعة فيه فضائل تميّزه عن غيره كما قال صلي الله عليه وسلم:" أفضل الأيام عند الله يوم الجمعة" 2وقال: صلي الله عليه وسلم عن يوم الجمعة:"خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خُلِقَ آدم وفيه أُدخل الجنة وفيه أُخرج منها ولا تقوم الساعة إلَاّ في يوم الجمعة "3أما اعتقاد كون عرفة يوافق الجمعة فإنه يعدل ثنتين وسبعين حجة، فإن الحديث الوارد في ذلك ضعيف جداً بل عدّه بعضهم موضوعاً قال ابن القيم رحمه الله:"فإذا وافق يوم عرفة كان له زيادة مزية واختصاص وفضل ليس لغيره"ثم قال رحمه الله تعالى:"وأمّا ما استفاض على ألسِنَة العوام بأنها تعدل ثنتين وسبعين حجة فباطل لا أصل له عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة والتابعين والله أعلم"4.
1 حجة النبي صلي الله عليه وسلم للألباني ص 127.
2 أخرجه البيهقي.
3 أخرجه مسلم.
4 زاد المعاد 64-65.
ولفظ الحديث الوارد في هذا هو:"أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة وهو أفضل من سبعين حجة في غير جمعة) 1 الإسراع وقت الدفع من عرفة إلى مزدلفة، فيلاحظ على كثير من الناس الإسراع بشدة بسياراتهم وإزعاج الناس بمنبهات الصوت والتدافع على أن يكون كل منهم قبل صاحبه في أوّل الطريق فيحصل من آثار ذلك ما الله به عليم من الشتائم والدعاء على بعضهم والحوادث وكل هذا يتنافي مع أخلاق المسلم فكيف إذا كان في هذا الموسم العظيم قال ابن القيّم رحمه الله تعالى في وصف إفاضة النبي صلي الله عليه وسلم من عرفات إلى منى:"ثم جعل يسير العَنق وهو ضرب من السير ليس بالسريع ولا البطئ فإذا وجد فجوة وهو المتسمع نصَّ سيره -أي رفعه فوق ذلك-"2وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"ولا يزاحم الناس بل إن وجد خلوة أسرع"3.
ومما يفعله بعض الحجاج التأخر في الانصراف من عرفة،
1 ذكره الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة 2) ص225) حديث رقم 207) ، وقال عنه:"باطل لا أصل له، ثم ذكر كلام ابن القيم عن الحديث ثم قال -الألباني- وأقره المناوي في فيض القدير ثم ابن عابدين في الحاشية".
2 زاد المعاد 2/247.
3 الفتاوى 26/134.
فبعضهم لا ينصرف إلَاّ بعد الغروب بساعة وبعضهم في وسط الليل والأدهى والأمر أن بعضهم ينام فيها كل ذلك بزعم أن التأخر في عرفة أفضل من الانصراف بعد الغروب، وهذا جهل ومخالفة للسُنَّة وإلَاّ فخير الهدي هدي محمد صلي الله عليه وسلم وقد كان ينصرف بعد مغيب قرص الشمس.
مخالفات وتنبيهات في المبيت بمزدلفة1
تأخير صلاتي المغرب والعشاء إلى ما بعد منتصف الليل:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"الصلاة تصح في كل مكان إلا ما استثناه الشارع كما قال صلي الله عليه وسلم:"جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً"، ولكن المشروع للحاج أن يصلي المغرب والعشاء جمعاً في مزدلفة حيث أمكنه ذلك قبل نصف الليل، فإن لم يتيسر له ذلك لزحام أو غيره صلاها بأي مكان كان، ولم يجز له تأخيرهما إلى ما بعد نصف الليل لقوله تعالى: {إنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً موقُوتاً} أي مفروضاً في الأوقات، ولقول النبي صلي الله عليه وسلم:" وقت العشاء إلى نصف الليل " رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما والله أعلم2.
1 مأخوذة من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج".
2 فتاوى إسلامية 2/270.
اعتقاد البعض أنه إذا صلى المغرب والعشاء جمعاً فقد أدى الواجب من المبيت:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"المبيت بمزدلفة من واجبات الحج، اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم فقد بات بها صلي الله عليه وسلم وصلى الفجر بها وأقام حتى أسفر جدّاً وقال:"خذوا عني مناسككم"، ولا يعتبر الحاج قد أدى هذا الواجب إذا صلى المغرب والعشاء فيها جمعاً، ثم انصرف، لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يرخص إلا للضعفة آخر الليل1.
نزول البعض في نمرة ظنّاً منهم أنها مزدلفة:
يقول الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:"الذين نزلوا بنمرة يظنونها مزدلفة، عليهم فدية، لأنهم مفرطون، حيث لم يسألوا، وحجهم صحيح"2.
التكلف وتحمل المشقة من أجل الوصول إلى المشعر:
يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:"والذي يظهر من قول النبي صلي الله عليه وسلم:"وقفت هاهنا وجمع كلها موقف" أنه لا ينبغي للإنسان أن يتكلف ويحمل مشقة من أجل الوصول إلى المشعر. بل يقف في مكانه الذي هو فيه إذا صلى الفجر، فيدعو الله عز وجل ثم يدفع إلى منى3.
1 فتاوى إسلامية 2/270.
2 فتاوى إسلامية 2/271.
3 فتاوى إسلامية 2/272.
بعض المطوفين قد يلزم من معه من الحجاج بالانصراف قبل منتصف الليل:
يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:"المبيتُ بمُزْدلفة من واجبات الحج، وليس من أركانه، وإذا تركه الإنسان مكرهاً فإنه لا شيء عليه، ولكن يجب على الإنسان إذا أكرهه المطوف أن يمتنع ولو امتنع أهل الحافلة كلهم ما تمكن المطوف من السير بدونهم، ولكن إذا سارت الحافلة فإن كان الإنسان يمكنه أن يبقى بدون ضرر فليبق وإن سارت الحافلة، وإن كان لا يمكنه إلا بضرر فإنه يسقط الوجوب عنه حينئذ ولا شيء عليه1.
عدم تحري بعض الحجاج لحدود مزدلفة فيبيتون خارجها:
يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:" وفي مزدلفة فإن كثيراً من الناس مع التعب من الانصراف من عرفة ينزلون قبل أن يصلوا إلى مزدلفة وهؤلاء إن لم يقوموا من مكانهم هذا إلا بعد طلوع الفجر بعد صلاة الفجر فإنه يكون قد فاتهم الوقوف في مزدلفة فيلزمهم فدية تذبح ويوزعونها على الفقراء، لأنهم تركوا واجباً، وترك الواجب عند أهل العلم مُوجب للفدية2.
1 فتاوى الشيخ محمد العثيمين 2/600.
2 فتاوى الشيخ محمد العثيمين 2/601.
التقاط حصى الجمار فور الوصول إلى مزدلفة وقبل الصلاة:
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"وما يفعله بعض العامة من لقط حصى الجمار من حين وصولهم إلى مزدلفة قبل الصلاة واعتقاد كثير منهم أن ذلك مشروع فهو غلط لا أصل له"1.
ما يفعله بعض الحجاج من التقاط جميع حصى الجمار وعددها سبعون من مزدلفة:
قال في الحاشية: ولم ينقل أنه التقط سبعين منها كما يفعله كثير من العوام اليوم2.
اعتقاد بعض الحجاج أن حصى الجمار لابد أن يكون من مزدلفة:
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"والنبي صلي الله عليه وسلم لم يأمر أن يلتقط له الحصى إلا بعد انصرافه من المشعر إلى منى، ومن أي موضع لقط الحصى أجزأه ذلك، ولا يتعين لقطه من مزدلفة، بل يجوز لقطه من منى3.
ما يفعله بعض الحجاج من الدفع إلى منى في ليلة مزدلفة -دون
1 التحقيق والإيضاح 53.
2 حاشية الروض المربع 4/148.
3 التحقيق والإيضاح 53.
المبيت بها- بحجة التخلص من الزحام أو ابتغاء الاستقرار في منى والواجب هو المبيت بمزدلفة1.
الصلاة إلى غير القبلة: فكثير من الحجاج لا يتحرون جهة القبلة فيصلون إلى أي جهة لذلك تجد أن كثيراً من الحجاج يصلون إلى عدة جهات مع أنهم في مكان واحد، بل ربما نجد أنهم يصلون إلى جميع الجهات الأربع، فالواجب على هؤلاء السؤال عن جهة القبلة، ولا يخلوا ذلك المكان في تلك الليلة من العلماء وطلاب العلم والصالحين.
ومما يتعلق بمزدلفة: ما يحصل من بعض الحجاج فمنهم من لا يتأكد من حدود مزدلفة ويبيت خارجها وبعهضم يخرج منها قبل منتصف الليل ولا يبيت فيها2. ومن لم يبت بمزدلفة من غير عذر فقد ترك واجباً من واجبات الحج يلزمه به دم جبران مع التوبة والاستغفار3.
1 من فقه الحج والعمرة 16.
2 مأخوذة من كتاب "من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان.
3 منسك الفوزان ص 49-50. وانظر تنبيه الغافلين ص 288.
مخالفات وتنبيهات في رمي الجمرات1
رمي الجمرة قبل نصف ليلة العيد:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"رمي الجمرة قبل نصف الليل لا يجوز، فإن أول وقت لرمي الجمرة بعد نصف ليلة النحر عند جمع من أهل العلم، فلا يجوز رميها قبل ذلك2.
الرمي بحجر قد رُمِيَ به3:
الاستدلال بجواز الرمي في الليل بحديث ابن عباس "رميت بعد ما أمسيت":
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"وأما حديث ابن عباس المذكور فليس دليلاً على الرمي بالليل، لأن السائل سأل النبي صلي الله عليه وسلم يوم النحر فقوله:" بعد ما أمسيت" أي بعد الزوال"4.
وقال سماحته بعد أن ذكر حديث "رميت بعد ما أمسيت" أي أنه رمى في آخر النهار وهذا مجزيء عند الجميع إذا رمى آخر النهار يوم العيد بعد الظهر أو بعد العصر فلا بأس، وليس معناه أنه رمى في الليل، لأنه سأل
1 مأخوذة من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج".
2 مجموع الفتاى ابن باز 5/158.
3 مجموع فتاوى شيخ الإسلام 26/137، التحقيق والإيضاح 54.
4 مجموع فتاوى ابن باز 5/165.
النبي صلي الله عليه وسلم قبل أن يجيء الليل1.
الرمي قبل الزوال أيام التشريق:
يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:"وأما بالنسبة لرمي الجمار في أيام التشريق، وهي اليوم الحادي عشر والثَّاني عشر والثالث عشر فإن ابتداء الرمي يكون من زَوال الشَّمس عند دخول وقت الظهر ويستمر إلى الليل، وإذا كان هناك مَشَقَّة من زحام أو غيره فلا بأس أن يرمي في الليل، ولا يحل الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر إلا بعد الزوال، لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يرم إلا بعد الزوال، وقال للناس:"خُذوا عَني مَناسككم " وكون الرسول صلي الله عليه وسلم يُؤخر الرمي فيرمي في شدة الحر ويدع أو النهار مع أنه أبرد وأيسر دليل على أنه لا يحل الرمي قبل هذا الوقت، ويدل لذلك أيضاً أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان يرمي من حين أن تزول الشمس قبل أن يصلي الظهر، وهذا دليل على أنه لا يحل أن يرمي قبل الزوال وإلا لكان الرمي قبل الزَّوال أفضل لأجل أن يُصَلِّي صلاة الظهر في أول وقتها لأن الصَّلاة في أول وقتها أفضل، والحاصل أن الأدلة قد دَلَّت على أن الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لا يجوز قبل الزوال. والله الموفق2
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/167.
2 فتاوى الشيخ محمد العثيمين 2/638-639.
التزاحم والتدافع والتقاتل الشديد عند رمي الجمرات: وهذا يؤدي إلى استعمال العنف والشدة والغلظة في التعامل مع الحجاج وعدم مبالاة بعضهم ببعض. بل قد يؤدي إلى الهلاك وإلحاق الضرر بالآخرين. والمشروع الرفق، وتحري الرمي من دون إيذاء أحد حسب الطاقة.
رمي الجمرات دفعة واحدة:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"الواجب أن ترمى الجمرات السبع: واحدة بعد واحدة فإذا رماها الحاج رمية واحدة لم تجزئ إلا عن حصاة واحدة1.
الاعتقاد بأن الواجب رمي الشاخص أو العمود:
يقول فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى:"أما رمي الشاخص أو العمود فهو غير مشروع والعمود إنما جعل علامة على الرمي فقط، وليس هو المقصود بالرمي2.
عدم الترتيب في رمي الجمرات الثلاث:
والواجب أن يبدأ بالصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى.
تحرج من دفع مع نسائه ليلة العيد من الرمي بعد منتصف الليل:
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/163.
2 المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان 1/42-43.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"ومن دفع مع الضعفة والنساء من المحارم والسائقين وغيرهم، فحكمه حكمهم، يجزئه أن يرمي في آخر الليل مع النساء1.
الاعتقاد بأن الجمرة لابد أن تستقر في الحوض بعد أو وقعت فيه:
يقول فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى:"وأما موضع الرمي فهو الحوض فيشترط أن تسقط الحصاة في حوض الجمرة سواء استقرت فيه بعد ذلك أو تدحرجت وسقطت2.
بعضهم يرمي ولا يبالي وقعت حصاته في الحوض أو لا. وقد يكون بعيداً:
يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى: احرص أن تدنو من الحوض حتى يكون عندك يقين أو غلبة ظن أن الحصى وقع في الحوض، فإذا تيقنت أو غلب على ظنك أنه وقع في الحوض فإن هذا كافٍ، ولو طاشت بعض الحصيات ولم تقع في الحوض فلا حرج عليك أن تأخذ من تحت قدمك أحجاراً وترمي بقية الحصيات3.
1 فتاوى إسلامية 2/283.
2 المنتقى 1/42.
3 فتاوى ابن عثيمين 2/635.
الرمي بحجارة صغيرة جدّاً أو كبيرة: والمشروع أن تكون الحصيات التي يرمي بها مثل حصى الخذف تشبه بعر الغنم المتوسط فوق الحمص ودون البندق، ثم إن الحجارة الكبيرة قد تقع على الناس فتؤذيهم.
وضعها في الحوض من غير رمي:
لأن هذا خلاف الوارد ولا يسمى رمياً ولا في معنى الرمي1.
عدم التكبير مع الرمي:
وهذا خلاف السنة، فالسنة أن يكبر مع كل حصاة.
الرمي بغير الحصى كالأحذية أو الأخشاب:
التحرج من الرمي بالحصى الذي حول الجمار:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"يجوز له ذلك، لأن الأصل أنه لم يحصل به الرمي، أما الذي في الحوض فلا يرمي بشيء منه"2.
رمي الجمرة الصغرى والوسطى يوم العيد:
والواجب هو رمي جمرة العقبة فقط يوم العيد.
بعضهم يرمي أكثر من سبع حصيات عن كل جمرة:
1 حاشية الروض المربع 4/151.
2 مجموع فتاوى ابن باز 5/161.
اعتقاد بعض الحجاج أن الرمي لا يكون إلا في أول الوقت:
وينتج عن ذلك الزحام الشديد في أول الوقت وما يترتب على ذلك من التدافع والتقاتل مما يؤدي أحياناً إلى الموت والهلاك.
الشك بأن بعض الحصى لم يسقط في الحوض:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"من شك فعليه التكميل يأخذ من الحصى الذي عنده في منى من الأرض، ويكمل بها"1الاستمرار بالتلبية بعد رمي جمرة العقبة من يوم العيد: لحديث الفضل بن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة. وعلى هذا إذا شرع الحاج في الرمي قطع التلبية2.
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/161.
2 مجموع فتاوى شيخ الإسلام 26/136، حاشية الروض المربع 4/154.
مخالفات وتنبيهات في التوكيل "في الحج والرمي وغيرهما
استنابة القادر على الحج:
أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على سؤال وجه إليها عن حكم من أراد أن يحج عن نفسه وهو صحيح الجسم فأجابت: لا تجوز استنابة القادر على الحج في حج واجب عليه بإجماع العلماء، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني:"لا يجوز أن يستنيب في الحج من يقدر على الحج بنفسه إجماعاً"، كما لا تجوز استنابته في حج نافلة على القول الصحيح؛ لأن الحج عبادة والأصل في العبادات التوقيف، ولم يرد في الشرع فيما نعلم ما يدل على ذلك، وقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي لفظ "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"1.
من حج عن غيره ولم ينشئ سفره من مسقط رأسه:
تلقت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال التالي، وأجابت عليه:
س: رجل حج هذا العام عن والده المتوفي ولم ينشئ سفر الحج من
1 فتاوى إسلامية 2/192.
مسقط رأس والده، ويسأل عن صحة ذلك الحج؟.
الجواب: يظهر من سؤال السائل أنه متبرع بالحج عن والده فإذا كان كذلك فلا يظهر بأس في صحة حجة عنه، وإن لم ينشئ سفر الحج من مسقط رأس والده1.
توكيل غير الحاج في الرمي:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"لا يجوز أن يتولّى الرمي إلا من كان حاجّاً، أما الشخص الذي لم يحجّ فليس له أن يتوكل عن غيره في الرمي ولا يجزيء رميه عن غيره2.
التوكيل في الرمي، ثم يطوف للوداع، ويسافر قبل إتمام الرمي:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"لا يجوز لأحد أن يستنيب ويسافر قبل إتمام الرمي، بل يجب عليه أن ينتظر فإن كان قادراً رمى بنفسه وإن كان عاجزاً انتظر ووكَّل من ينوب عنه، ولا يسافر الإنسان حتى ينتهي وكيله من رمي الجمار، ثم يودع البيت هذا الموكل، وبعد ذلك له السفر3.
1 فتاوى إسلامية 2/315.
2 فتاوى إسلامية 2/240.
3 مجموع فتاوى ابن باز 5/168.
توكيل القادر على الرمي غيره ليرمي عنه:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"أما إذا كان صحيحاً فليس له التوكيل، بل يجب عليه أن يرمي بنفسه، لأنه لما أحرم بالحج وجب عليه إكماله كما قال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، وهكذا العمرة كما في الآية الكريمة إذا شرع فيها وجب عليه الإتمام والإكمال، وليس له أن يوكل في بعض أعمال الحج على الصحيح مادام قادراً على فعلها"1.
توكيل غير المكلف في الرمي بأن يوكل صغيراً ليرمي عنه.
عدم رمي الوكيل عن نفسه أولاً ثم عن موكله إن كان حجه فرضاً:
فإذا كان الوكيل مفترضاً فيجب أن يبدأ بنفسه ثم يرمي عن غيره، أما إذا كان متنفلاً فلا يضره سواء بدأ بنفسه أو بغيره، لكن إذا بدأ بنفسه فهو الأفضل2.
جواز التوكيل للعاجز:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"يجوز الاستنابة في رمي الجمار للعاجز عن مباشرة الرمي، وذلك لمرض أو كبر سن أو
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/168-169.
2 فتاوى إسلامية 2/243.
صغر، وكذا لمن يخشى على غيره كالحامل وذات الطفل التي لا تجد من يحفظ طفلها حتى ترجع، لما عليهما من الخطر والضرر في مزاحمة الناس وقت الرمي1.
التوكيل في الطواف:
أجابت اللجنة الدائمة على سؤال عن حكم التوكيل في طواف الوداع بما يلي:
لا يصح التوكيل في طواف الوداع ولا في طوافٍ آخر بالبيت، ومن وكل في طواف الوداع ولم يطفه بنفسه أثم، ووجب عليه دم لتركه طواف الوداع يذبح بالحرم، وليس للموكل أن ينفر حتى يرمي وكيله، ويطوف بنفسه طواف الوداع بعد الانتهاء من الرمي2.
توكيل المرأة القوية النشيطة غيرها ليرمي عنها:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"لا بأس بالتوكيل عن المريض والمرأة العاجزة كالحبلى والثقيلة والضعيفة التي لا تستطيع رمي الجمار، فلا بأس بالتوكيل عنهم، أما القوية النشيطة، فإنها ترمي بنفسها، ومن عجز عنه نهاراً بعد الزوال رمي في الليل، ومن عجز يوم العيد رمي ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد، ومن عجز يوم الحادي
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/155.
2 فتاوى إسلامية 2/242.
عشر، رمي ليلة اثنتى عشرة عن يوم الحادي عشر، ومن عجز في اليوم الثاني عشر أو فاته الرمي بعد الزوال رمي في الليلة الثالثة عشرة عن يوم الثاني عشر وينتهي الرمي بطلوع الفجر. أما في النهار فلا يرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق1.
عشر، رمي ليلة اثنتى عشرة عن يوم الحادي عشر، ومن عجز في اليوم الثاني عشر أو فاته الرمي بعد الزوال رمي في الليلة الثالثة عشرة عن يوم الثاني عشر وينتهي الرمي بطلوع الفجر. أما في النهار فلا يرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق1.
كيفية رمي الوكيل
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"يرمي النائب الجمار كلها عن نفسه، ثم عن مستنيبه، أما رمي جمرة العقبة يوم النحر، فالأمر فيه واضح، وهو أن يحضر النائب بالحصيات التي يريد الرمي بها عن نفسه وعن غيره، فيرمي أولاً بسبع عن نفسه، ثم يرمي سبعاً عن منيبه، وهو في موقفه، واحدة بعد واحدة، يرفع يده ويكبر مع كل حصاة، ولا حاجة إلى أن يرجع إلى منزله ليأتي بحصيات المنوب عنه، كما قد يفتي بذلك بعض الجهال، وأما الرمي في أيام التشريق فللنائب فيه حالان.
أحدهما: أن يرمي الجمار الثلاث عن نفسه أولاً، ثم يرميها عن مستنيبه وهذه الصفة قد نصَّ عليها أهل العلم ولا أعلم فيها مخالفاً.
والحال الثاني:أن يرمي الجمرة الأولى عن نفسه ثم عن مستنيبه، ثم ينتقل إلى الوسطى فيرميها عن نفسه ثم عن مستنيبه، ثم إلى الثالثة فيرميها
1 فتاوى إسلامية 2/241.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"يرمي النائب الجمار كلها عن نفسه، ثم عن مستنيبه، أما رمي جمرة العقبة يوم النحر، فالأمر فيه واضح، وهو أن يحضر النائب بالحصيات التي يريد الرمي بها عن نفسه وعن غيره، فيرمي أولاً بسبع عن نفسه، ثم يرمي سبعاً عن منيبه، وهو في موقفه، واحدة بعد واحدة، يرفع يده ويكبر مع كل حصاة، ولا حاجة إلى أن يرجع إلى منزله ليأتي بحصيات المنوب عنه، كما قد يفتي بذلك بعض الجهال، وأما الرمي في أيام التشريق فللنائب فيه حالان.
أحدهما: أن يرمي الجمار الثلاث عن نفسه أولاً، ثم يرميها عن مستنيبه وهذه الصفة قد نصَّ عليها أهل العلم ولا أعلم فيها مخالفاً.
والحال الثاني: أن يرمي الجمرة الأولى عن نفسه ثم عن مستنيبه، ثم ينتقل إلى الوسطى فيرميها عن نفسه ثم عن مستنيبه، ثم إلى الثالثة فيرميها
_________
1 فتاوى إسلامية 2/241.
كذلك، وهذه الصفة قد منع منها بعض أهل العلم، واختار جمع من العلماء جوازها لعدم الدليل على المنع، ولأنها أيسر وأسهل على النائب في هذا المقام الشديد الخطير، وقد قال تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة185] وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج78]، وكان صلي الله عليه وسلم يقول لرسله إذا بعثهم:"يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفِّروا".
قالت عائشة رضي الله عنها:"ما خير رسول الله صلي الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً أبعد الناس عن الإثم".
ومعلوم أن هذا المقام يحتمل الأمرين، وهما رميه عن نفسه لجميع الجمار أولاً ثم عن مستنيبه، والأمر الثاني رميه كل جمرة عن نفسه ثم عن مستنيبه ولا ريب أن الثاني أيسر وأسهل، وأبعد عن الخطر، فيكون أقرب إلى الشريعة التي جاءت بالتيسير ونفي الحرج1.
ما يعتقده بعض الحجاج أنهم برميهم الجِمار يرمون الشياطين. ولهذا يطلقون اسم الشياطين على الجمار فيقولون: رمينا الشيطان الكبير أو الصغير أو رمينا أبا الشياطين يعنون به الجمرة الكبرى جمرة العقبة ونحو ذلك من العبارات التي لا تليق بهذه المشاعر2.
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/155-156.
2 مأخوذة من كتاب "من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان.
ومن ذلك أيضاً: رميهم الجِمَار بحصى كبيرة وبالحذاء "النعل" والخفاف "الجزمات" والأخشاب، وهذا خطأ كبير مخالف لما شرعه النبي صلي الله عليه وسلم لأمته بفعله وأمره حيث رمي بمثل حصى الخزف وأمر أمّته أن يرموا بمثله وحذرهم من الغلو في الدين وسبب هذا الخطأ الكبير ما سبق من اعتقادهم أنهم يرمون شياطين1.
ومن ذلك أيضاً: تقدم بعض الحجاج إلى جَمَرات بعنف وشدة لا يخشعون لله تعالى ولا يرحمون عباد الله، فيحصل بفعلهم هذا من الأذية للمسلمين والإضرار بهم والمشاتمة والمضاربة ما يقلب هذه العبادة وهذا المشعر إلى مشهد مشاتمة ومقاتلة ويخرجها عما شُرِعت من أجله وعما كان عليه النبي صلي الله عليه وسلم، ففي المسند عن قدامة بن عبد الله بن عمار قال:"رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم النحر يرمي جمرة على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك". رواه الترمذي وقال: حسن صحيح2.
ومن الأخطاء أيضاً:ترك كثير من الحجاج الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الأولى والثانية في أيام التشريق. وقد ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقف بعد رميها مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو دعاء طويلاً، وسبب ترك
1 منسك ابن عثيمين ص 40-41.
2 منسك ابن عثيمين ص 41. والحديث في المسند.
الناس لهذا الوقوف الجهل بالسنة أو محبة كثير من الناس للعجلة والتخلّص من العبادة1.
ومن المخالفات المتعلقة بالجمَار أيضاً: رميهم الحصى جميعاً بكف واحدة. وهذا خطأ، وقد قال أهل العلم أنه إذا رمي بكف واحدة أكثر من حصاة لم يحتسب له سوى حصاة واحدة.
فالواجب أن يرمي الحصى واحدة فواحدة كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم2.
ومن المخالفات أيضاً: تهاونهم برمي الجمار بأنفسهم فتراهم يوكلون من يرمي عنهم مع قدرتهم ليسقطوا عن أنفسهم معاناة الزحام ومشقة العمل. وهذا مخالف لِمَا أمر الله تعالى به من إتمام الحج حيث يقول سبحانه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] .
فالواجب على القادر على الرمي أن يباشره بنفسه ويصبر على المشقة والتعب فإن الحج نوع من الجهاد لابد فيه من الكلفة والمشقة فليتق الحاج ربه وليتم نسكه كما أمره الله تعالى به ما استطاع إلى ذلك سبيلاً3.
سُئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن حكم التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي؟.
1 منسك ابن عثيمين ص 42.
2 منسك ابن عثيمين ص 42.
3 منسك ابن عثيمين ص 43.
فأجاب رحمه الله تعالى بقوله:"لا بأس بالتوكيل عن المريض والمرأة العاجزة كالحبلى والثقيلة والضعيفة التي لا تستطيع رمي الجمار فلا بأس بالتوكيل عنهم أمّا القوية النشيطة فإنها ترمي بنفسها ومن عجز عنه نهاراً بعد الزوال رمي في الليل. إلخ الجواب"1ومن ذلك أيضاً: أن من الحجاج من يرمي في غير وقت الرمي بأن يرمي جمرة العقبة قبل منتصف الليل في ليلة العيد2.
ومن ذلك أيضاً: أن بعضهم يرمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق قبل زوال الشمس. وهذا الرمي لا يجزيء لأنه غيّر في وقته المحدود له فهو كما لو صلى قبل دخول وقت الصلاة المحدد لها3.
والثابت عنه صلي الله عليه وسلم أنّه رمى في أيام التشريق بعد الزوال.
ومن ذلك: أن بعضهم يرمي في غير محل الرمي وهو حوض الجمرة وذلك بأن يرمي الحصى من بُعد فلا تقع في الحوض أو يضرب بها العمود فتطير ولا تقع في الحوض. وهذا رمي لا يجزيء لأنه لم يقع في الحوض والسبب في ذلك الجهل أو العجلة أو عدم المبالاة4.
1 فتاوى مهمة ص 50.
2 منسك الفوزان ص 50.
3 منسك الفوزان ص 50-51.
4 منسك الفوزان ص 51.
ومن ذلك أيضاً: من يقدم رمي الأيام الأخيرة مع رمي اليوم الأول من أيام التشريق ثم يسافر قبل تمام الحج1.
ومن المخالفات أيضاً: أنَّ بعض الحجاج إذا رمي لليوم الأول يوكل من يرمي عنه البقية ويسافر إلى وطنه. وهذا تلاعب بأعمال الحج وغرور من الشيطان فهذا الإنسان تحمل المشاق وبذل الأموال لأداء الحج فلما بقي عليه القليل من أعماله تلاعب به الشيطان فأخَّل به وترك عدة واجبات من واجبات الحج وهي:
1-
رمي الجمرات الباقية.
2-
وترك المبيت بمنى ليالي أيام التشريق.
3-
وطوافه للوداع في غير وقته لأن وقته بعد نهاية أيام الحج وأعماله.
فهذا لو لم يحج أصلاً وسَلِم من التعب وإضاعة المال لكان أحسن لأن الله تعالى يقول: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] ومعنى إتمام الحج والعمرة إجمال أعمالهما لمن أحْرَمَ بهما على الوجه المشروع وأن يكون القصد خالصاً لوجه الله تعالى2.
ومن الخطأ أيضاً: ما يقوم به بعض الحجاج من غسل حصى
1 منسك ابن عثيمين ص 51
2 منسك الفوزان ص 51-52.
الجمار1.
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"ولا يستحب غسل الحصى بل يرمي به من غير غسل لأن ذلك لم ينقل عن النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه."2.
يخطئ بعض الحجاج عند الوصول إلى منى فيرجم سبع حصيات الجمرة "الصغرى" أو "الوسطى" بدل العقبة. وبناء عليه فمن لم يرجم العقبة يوم النحر عليه الإعادة وإن رجم الصغرى أو الوسطى3.
يخطئ بعض الحجاج في ترتيب الجمار أيام التشريق فيرمي الكبرى ثم الوسطى ثم الصغرى أو يبدأ بالوسطى. والسُنَّة الثابتة عن النبي صلي الله عليه وسلم أنّه رمى الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى4.
اعتقاد بعض الحجاج أنه لابد من أخذ الحصا من مزدلفة، فيُتعِبون أنفسهم بلقطها في الليل واستصحابها بها في أيام منى حتى إن الواحد منهم إذا أضاع منه حصاة حزن حزناً كبيراً وطلب من رفقته أن يتبرعوا له مما معهم من حصا مزدلفة5
1 حجة النبي صلي الله عليه وسلم للألباني ص 131.
2 التحقيق والإيضاح ص 42.
3 مجلة البلاغ عدد 1045) ص 56.
4 منسك الفوزان ص 51.
5 منسك ابن عثيمين ص 39.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"وله أن يأخذ الحصى من حيث شاء"1.
مخالفات وتنبيهات في الهدي والذبح2
التصدق بقيمة الهدي دون ذبحه:
قرر مجلس هيئة كبار العلماء وبالإجماع أنه لا يجوز أن يستعاض عن ذبح هدي التمتع والقران بالتصدق بقيمته لدلالة الكتاب والسنة والإجماع على منع ذلك مع أن المقصود الأول من ذبح الهدي هو التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدماء، كما قال تعالى:{لنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} 3.
العدول عن الإهداء وهو قادر إلى الصيام: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"أما أن يغير نظام الهدي بأن يصوم وهو قادر أو يشتري هدياً في بلاده للفقراء، أو يوزع قيمته، فهذا تشريع جديد لا يجوز للمسلم أن يفعله4.
1 الفتاوى 26/137.
2 مأخوذة من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج".
3 فتاوى إسلامية 2/297.
4 مجموع فتاوى ابن باز 5/195-196.
ترك الذبائح دون الاستفادة منها: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"فكل مسلم يعتني بهديه حتى يوزعه على المساكين، أو يأكله أو يهديه إلى بعض إخوانه وأما أن يدعه في أماكن لا يستفاد منه فلا يجزئه ذلك، وهكذا في المذبح يجب على صاحب الهدي أن يعتني بهذا المقام وأن يحرص كل الحرص على توزيعه إذا أمكن1.
ذبح الهدي خارج الحرم: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"هدي التمتع والقران لا يجوز ذبحه إلا في الحرم فإذا ذبحه في غير الحرم كعرفات وجدة وغيرهما فإنه لا يجزئه، ولو وزع لحمه في الحرم. وعليه هدي آخر يذبحه في الحرم، سواء كان جاهلاً أو عالماً، لأن النبي صلي الله عليه وسلم نحر هديه في الحرم وقال:"خذوا عني مناسككم"2.
ذبح الهدي قبل يوم العيد: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:" من ذبح قبل يوم العيد دم التمتع، فإنه لا يجزئه لأن الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه لم يذبحوا إلا في أيام النحر فالحاصل أن هذه عبادة أداها قبل الوقت فلا تجزئ فعليه
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/196.
2 الفتاوى ابن باز، الدعوة 1/129.
أن يعيد هذا الذبح إن قدر وإن عجز صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، فتكون عشرة أيام بدلاً من الذبح1.
عدم إحسان الذبح وإراحة الذبيحة: ومن ذلك أيضاً: أن بعض الحجاج لا يتحرى السِن المجزئة في الهدي، فالمهم عنده أن ينحر بغض النظر عن سِن ما يذبح وبعض من يبيع الهدي لا يتقي الله فيغش عباد الله في هذا الموسم العظيم وذلك لأنه يبيع ما لا يجزي من بهيمة الأنعام وهو عالم بذلك لكن يستغل جهل كثير من الحجاج لهذه الأمور2.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما نصه:"دلت الأدلة الشرعية على أنه يجزيء من الضأن ما تم له ستة أشهر ومن المعز ما تم له سنة ومن البقر ما تم له سنتان ومن الإبل ما تم له خمس سنين وما كان دون ذلك فلا يجزيء هدياً ولا أضحية"3. ومما يتعلق بالمخالفات في الهدي والأضاحي: أن بعض الناس لا يتورع في البحث عن عيوب هديه أو أضحيته. فتراه يشتري أول ما
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/194-195.
2 مأخوذة من كتاب "من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان.
3 فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة ص 86.
يقابله إذا كان رخيص الثمن بغية التخلص من المسؤولية والراحة من المشقة.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما نصه:" يشترط في الهدي ما يشترط في الأضحية فلا تجزيء العوراء البيِّن عورها ولا المريضة البيِّن مرضها ولا العرجاء البيِّن عرجها ولا الهزيلة التي لا تنقي وأدنى سن في الشاة ستة شهور، وفي المعز سنة وفي البقر سنتان وفي الإبل خمس سنين فما كان أقل من ذلك لا يجزيء هديًا ولا أضحية1.
ومن المخالفات المتعلقة بالهدي والأضاحي: ما يقع من بعض الناس من حد السكين والبهيمة تنظر إليه. فلا ينبغي هذا لأن النبي صلي الله عليه وسلم أمر أن تحد الشفار وأن توارى عن البهائم2.
ورأى رجلاً أضجع شاة وهو يحد شفرته فقال النبي صلي الله عليه وسلم:"لقد أردت أن تميتها موتتان هلا حددتها قبل أن تضجعها"3. ولأن حد الشفرة وهي تنظر يوجب إزعاجها وذعرها وهو ينافي الرحمة المطلوبة4.
ومن المخالفات المتعلقة بأمر الذبح: أن يذكي البهيمة بآلة كآلة.
1 فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة ص 86-87.
2 رواه أحمد وابن ماجه.
3 رواه الحاكم والطبراني.
4 أحكام الأضحية والزكاة للشيخ ابن عثيمين.
فإن في ذلك مخالفة لأمر النبي صلي الله عليه وسلم بإحداد الشفرة1 ولما فيه من تعذيب الحيوان، وقد حرّم ذلك بعض أهل العلم2.
ومن الخطأ أيضاً: أن يذكي البهيمة والأخرى تنظر إليها، هكذا قال أهل العلم وذلك لأنها تنزعج إذا رأت أختها تذكي بنحر أو ذبح فإنها تشعر بذلك كما هو مشاهد فإنك ترى القطيع أو الذود ينفر إذا نفرت منه واحدة وإن لم ير السبب الذي نفرت منه3. وهذا قد يكون شاقاً في الحج خاصة لكن إن استطاع أن يمنعها من النظر إلى التي تذبح فليفعل.
ومن الأخطاء التي يقع فيها الحجاج: أنهم ينحرون هديهم في غير مكّة ومنى. قال صلي الله عليه وسلم:"قد نحرت هاهنا ومنى كلها منحر، وكل فجاج مكّة طريق ومنحر"4.
ومن الأخطاء المتعلقة بالهدي: أنّ بعض الحجاج يذبح أو ينحر هديه في أوّل أيام عشر ذي الحجة خشية الزحام.
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"من ذبح قبل
1 الحديث "وليحدَّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" رواه مسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه.
2 أحكام الأضحية والزكاة.
3 نفس المصدر السابق.
4 حجة النبي صلي الله عليه وسلم ص 86-87.
العيد دم التمتع فإنه لا يجزئه لأن الرسول صلي اله عليه وسلم وأصحابه لم يذبحوا إلَاّ في أيام النحر وقد قاموا وهم متمتعون في اليوم الرابع من ذي الحجة وبقيت الغنم والإبل التي معهم موقوفة حتى جاء يوم النحر فلو كان ذَبُحها جائزاً قبل ذلك لبادر النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه إليه في الأيام الأربعة التي أقاموها قبل خروجهم إلى عرفات لأن الناس بحاجة إلى اللحوم في ذلك الوقت فلما لم يذبح النبي صلي الله عليه وسلم ولا أصحابه حتى جاء يوم النحر دل ذلك على عدم الإجزاء وأن الذي ذبح قبل يوم النحر قد خالف السنة وأتى بشرع جديد فلا يجزيء كمن صلى أو صام قبل الوقت فلا يصح صوم رمضان قبل وقته ولا الصلاة قبل وقتها ونحو ذلك فالحاصل أن هذه عبادة أدَّاها قبل الوقت فلا تجزيء فعليه أن يعيد هذا الذبح إنْ قدر وإن عجز صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فتكون عشرة أيام بدلاً من الذبح" انتهى جواب سماحة الشيخ رحمه الله تعالى.
ومما يتهاون به بعض الحجاج إهمال التسمية عند ذبح أو نحر الهدي.
وهذا امر لا ينبغي فيه التساهل بل على المسلم أن يحرص على التسمية عند الذبح خاصة أن بعض العلماء يمنع من أكل لحم الذبيحة التي تركت عليها التسمية ولو نسياناً.
ومن ذلك أيضاً: أن بعض الحجاج يتصدق بقيمة الهدي ويعتقد
أن ذلك يجزيء عن ذبحه.
سُئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن الهدي الذي يُهدى ولا يستفاد منه إلاّ قليلاً أليس من الأفضل أن يصوم الحاج القادر على الهدي وعند عودته يخرج قيمة الهدي لمساكين وطنه ثم يتم صيام باقي العشرة أيام فما رأيكم أثابكم الله؟.
فأجاب رحمه الله تعالى بقوله:"من المعلوم أن الشرائع تتلقى عن الله وعن رسوله لا عن آراء الناس والله سبحانه وتعالى شَرَع لنا في الحج إذا كان الحاج متمتعاً أو قارناً أن يهدي فإذا عجز عن الهدي صام عشرة أيام ثلاثة منها في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله وليس لنا أن نشرع شيئاً من قِبَل أنفسنا -إلى أن قال: أمّا أن يغير نظام الهدي بأن يصوم وهو قادر أو يشتري هديًا في بلاده للفقراء أو يوزع قيمته فهذا تشريع جديد لا يجوز للمسلم أن يفعله لأن المشَرِّع هو الله سبحانه وتعالى وليس لأحد تشريع {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} فالواجب على المسلمين أن يخضعوا لشرع الله وأن ينفذوه وإذا وقع خلل من الناس في تنفيذه وجب الإصلاح والعناية بذلك
…
إلخ جوابه رحمه الله تعالى"1بعض الحجاج لا يُحسن التصرف عند ذبح الهدي فبعضهم منذ أن ينحر أو يذبح هديه يعود أدراجه إلى مكان إقامته في منى وقد يكون
1 فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة ص 93-94.
الهدي بعيداً عن متناول الفقراء فيفسد ذلك اللحم ويذهب هدرًا، وللشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى كلام مُسّددٌ حَول هذه القضية قال رحمه الله تعالى ما نصه1:
"اعلم أن ما يفعله كثير من الحجاج الذين يزعمون التقرب بالهدي، يوم النحر من ذبح الغنم في أماكن متفرقة من منى لا يقدر الفقراء على الوصول إليها، والتمكن منها، وتركها مذبوحة ليس بقربها فقير ينتفع بها، وتضيع تلك الغنم بكثرة وتنتفخ وينتشر نتن ريحها في أقطار مني، حتى يعم أرجاءها النتن كأنه نتن الجيف أن كل ذلك لا يجوز وهو إلى المعصية أقرب منه إلى الطاعة، ولا يجوز لمن بسط الله يده إقرارهم على ذلك، لأنه فساد وأذية لسائر الحجاج بالروائح المنتنة، وإضاعة للمال، وإفساد له باسم التقرب إلى الله، ودواء ذلك الداء المنتشر في منى كل سنة أن يعلم كل مهد وكل مضح: أنه يلزمه إيصال لحم ما يتقرب به إلى الفقراء، فعليه إذا ذبحها أن يؤجر من يسلخها طرية حين ذبحها أو يسلخها هو، ويحملها بنفسه أو بأجرة، حتى يوصلها إلى المستحقين، لأن الله يقول {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} ويقول {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} ولا يمكنه إطعام أحد ممن أمره الله بإطعامهم إلا بإيصال ذلك إليهم، ولو اجتهد في إيصاله إليهم، لأمكنه ذلك لأنه قادر عليه
1 أضواء البيان 5/553.
وعلى من بسط الله يده، أن يعين الحجاج المتقربين بالدماء على طريق الإيصال إلى الفقراء بالطرق الكفيلة بتيسير ذلك كتهيئة عدد ضخم من العاملين للإيجار يوم النحر على سلخ الهدايا والضحايا طرية، وحمل لحومها إلى الفقراء في أماكنهم، وكتعدد مواضع الذبح في أرجاء منى، وفجاج مكّة، ونحو ذلك من الطرق المعينة على إيصال الحقوق لمستحقيها" انتهى بحروفه.
مخالفات وتنبيهات في الحلق1
تقصير أو حلق بعض الرأس:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"لا يجزيء تقصير بعض الرأس ولا حلق بعضه في أصح قولي العلماء بل الواجب حلق الراس كله أو تقصيره كله2.
البدء بالجهة اليسرى عند الحلق أو التقصير:
والأفضل أن يبدأ بالشق الأيمن في الحلق والتقصير.
اعتقاد أن من السنة استقبال القبلة عند الحلق.
ومما يتعلق بالحلق والتقصير: أنّ بعض الحجاج أو المتعمرين إذا
1 مأخوذة من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج".
2 فتاوى إسلامية 2/262.
مَنّ الله تعالى عليهم ويسر عليهم ويسر لهم إتمام نسكهم ختموا ذلك بالمعصية فيلاحظ على كثير من الحجاج أنهم عند حلق رؤوسهم يحلقون أو يقصرون لحاهم، وهذا حرام لا يجوز في النسك ولا في غيره1.
والأحاديث الواردة في تحريم حلق اللحى كثيرة منها: قوله صلي الله عليه وسلم:"انهكوا الشوارب واعفوا اللحى" 2وقوله صلي الله عليه وسلم:"جزوا الشوارب وارخو اللحى وخالفوا المجوس" 3وقوله صلي الله عليه وسلم:"ارخوا" وفي رواية:"اتركوا اللحى".
مخالفات وتنبيهات في الطواف والسعي4
الطواف للإفاضة قبل منتصف الليل:
لأن الطواف للإفاضة قبل منتصف الليل لا يصح5.
التحرج من تقديم الطواف والسعي للحج قبل الرمي:
1 من كتاب "من مخالفات الحج والعمرة والزيارة" للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان.
2 رواه البخاري 137) .
3 رواه مسلم.
4 من كتاب "تبصير الحاج بما يريد ويحتاج".
5 مجموع فتاوى ابن باز 5/158.
والصحيح أنه يجوز تقديم الطواف والسعي للحج قبل الرمي1.
التحرج من تأخير طواف الإفاضة إلى الوداع:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"لا حرج في ذلك إذا طاف عند السفر بعد أعمال الحج فإن طوافه للإفاضة يكفيه عن طواف الوداع سواء نوى طواف الوداع مع طواف الإفاضة أو لم ينو المقصود أن طواف الإفاضة يكفي وحده عن طواف الوداع إذا كان عند الخروج، وإن نواهما جميعاً فلا حرج في ذلك2.
تحرج من قدم السعي على الطواف جهلاً منه:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"السنة أن يكون الطواف أولاً ثم السعي بعده فإن سعي قبل الطواف جهلاً منه فلا حرج في ذلك، وقد ثبت عنه صلي الله عليه وسلم أنه سأله رجل فقال: سعيت قبل أن أطوف قال:"لا حرج" فدل ذلك على أنه إن قدم السعي أجزأه، لكن السنة أن يطوف ثم يسعي، هذا هو السنة في العمرة والحج جميعاً3.
اعتقاد أن على القارن والمفرد سعي ثانٍ:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"هذا الذي حج مفرداً، وهكذا لو حج قارناً بالحج والعمرة جميعاً، ثم قدم مكة وطاف وسعى وبقي على إحرامه لكونه مفرداً أو قارناً ولم يتحلل فإنه
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/120.
2 فتاوى إسلامية 2/253.
3 فتاوى إسلامية 2/260.
يجزؤه السعي ولا يلزمه سعي آخر، فإذا طاف يوم العيد أو بعده كفاه طواف الإفاضة إذا كان لم يتحلل من إحرامه حتى يوم النحر، أو كان معه الهدي فإنه لا يتحلل حتى يحل من حجه وعمرته جميعاً يوم النحر، والسعي الذي سعاه أولاً مجزئ سواء كان معه هدي أو ليس معه هدي إن كان لم يتحلل إلا بعد ما نزل من عرفة يوم العيد فإن سعيه الأول يكفيه ولا يحتاج إلى سعي ثانٍ إذا كان قارناً بالحج والعمرة أو كان مفرداً للحج، وإنما السعي الثاني على المتمتع الذي أحرم بالعمرة وطاف وسعى وتحلل ثم أحرم بالحج، فهذا عليه سعي ثان للحج غير سعي العمرة1.
مخالفات وتنبيهات في التحلل
الجماع قبل التحلل الأول والثاني:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"في حكم الجماع قبل التحلل الأول: إذا جامع قبل التحلل الأول يفسد حجه، وعليه أن يتمه، وعليه أن يقضيه بعد ذلك، ولو كان حج تطوع، كما أفتى بذلك أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم وعليه بدنة يذبحها ويقسمها على الفقراء بمكة المكرمة والله المستعان2.
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/126.
2 مجموع فتاوى ابن باز 5/98.
اعتقاد البعض بأنه تحل له النساء بمجرد طواف الإفاضة:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"إذا طاف الحاج طواف الإفاضة لا يحل له إتيان النساء إلا إذا كان قد استوفى الأمور الأخرى كرمي الجمرة والحلق أو التقصير، وعند ذلك يباح له النساء وإلا فلا، والطواف وحده لا يكفي ولابد من رمي الجمرة يوم العيد، ولابد من حلق أو تقصير، ولابد من الطواف والسعي إن كان عليه سعي، وبهذا يحل له مباشرة النساء، أما بدون ذلك فلا، لكن إذا فعل اثنين من ثلاثة بأن رمى وحلق أو قصر فإنه يباح له اللبس والطيب ونحو ذلك ما عدا النساء، وهكذا لو رمى وطاف أو طاف وحلق فإنه يحل له الطيب واللباس المخيط، ومثله الصيد وقص الظفر وما أشبه ذلك، لكن لا يحل له جماع النساء إلا باجتماع الثلاثة أن يرمي جمرة العقبة، ويحلق أو يقصر، ويطوف طواف الإفاضة ويسعى إن كان عليه سعي كالمتمتع، وبعد هذا تحل له النساء1.
عدم معرفة متى يتم التحلل الأول والثاني:
وعدم معرفة أن التحلل لا يحصل إلا بعد السعي لمن كان عليه سعي بعد الطواف:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"يحصل التحلل
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/127.
الكامل برمي جمرة العقبة يوم العيد، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة والسعي في حق من عليه سعي، فإذا رمى الحاج جمرة العقبة يوم العيد وحلق رأسه أو قصره وطاف طواف الإفاضة وسعي إن كان عليه سعي، فإنه بذلك قد حل حلاً كاملاً، وإن لم يذبح فيباح له الطيب، ولبس المخيط، وتغطية رأسه، وجماع زوجته، أما إن فعل اثنين من هذه الأمور وهي الرمي والحلق أو التقصير والطواف والسعي إن كان عليه سعي، فإنه يحل له الطيب ولبس المخيط، وكل شيء حرم عليه بالإحرام، ويبقى عليه تحريم النساء حتى يكمل الأمور الأربعة، والسعي تابع للطواف فمن ليس عليه سعي بأن كان مفرداً أو قارناً وقد سعى مع طواف القدوم فإنه لا يبقى عليه إلا الطواف مع الرمي والحلق أو التقصير، فإذا فعل اثنين منها حل التحلل الأول كما تقدم، فإذا فعل الثلاثة فقد حل حلاً كاملاً، أما إن كان لم يسعَ مع طواف القدوم أو كان متمتعاً فإنه لا يتم له الحل الكامل حتى يسعى1.
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/176-177.
مخالفات وتنبيهات في المبيت بمنى
تفريط بعضهم في السؤال عن حدود منى فيبيت خارجها:
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى عن حاج اكتشف بعد مضي يومين إنه كان يبيت خارج منى فأجاب:"إذا كنت لم تجد مكاناً فلا شيء عليك وإن كنت قد وجدت المكان وفرطت فعليك أن تتوب إلى الله عزّوجل وإذا كنت لم تبت كل الليالي فإن أهل العلم يقولون إن عليك فدية توزعها على الفقراء بمكة، وإن كنت لم تبت ليلة واحدة وبت في الليلة الثانية فعليك إطعام مسكين1.
اعتقاد أن المقصود بالمبيت بمنى هو النوم فقط:
يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:"المراد بقول أهل العلم أن المبيت بمنى في أيام التشريق واجب، المراد به أن يبقى في منى سواء كان نائماً أو مستيقظاً، وليس المراد أن يكون نائماً فحسب، فعلى هذا نقول للسائل لا يجوز لك أن تبقى في مكة المكرمة أيام التشريق، بل يجب عليك أن تكون في منى.
إلا أن أهل العلم يقولون إذا قضى معظم الليل في منى كفاه ذلك، وإذا لم يجد مكاناً في منى، فإنه يجب أن ينزل منتهى آخر خيمة وليس له
1 فتاوى إسلامية 2/273.
أن يذهب إلى مكة المكرمة أيضاً.. بل نقول إنك إذا لم تستطع أن تكون في منى، فانظر آخر خيمة من خيام الحجاج، وكن إلى جنبهم لأن الواجب أن يكون الناس بعضهم مع بعض، كما نقول أيضاً إذا امتلأ المسجد بالناس فإنهم يصفون بعضهم إلى بعض والله أعلم1.
بعض الحجاج إذا لم يجدوا مكاناً في منى ذهبوا إلى مكة وباتوا فيها:
يقول فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى: "يقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} فإذا حاولت أن تجد مكاناً تنزل فيه بمنى ولم تجد وتعذر عليك هذا فإنك تنزل في أقرب مكان إليها من مزدلفة أو غيرها متصلاً بمنازل الحجاج، وهذا منتهى استطاعتك ولا شيء عليك إن شاء الله، لكن ما يفعله بعض الحجاج من التساهل في طلب النزول بمنى والبحث عن مكان، ويذهبون وينزلون في شقق في العزيزية أو في مكة من أجل الرفاهية، فهذا عمل لا تبرأ به ذممهم2.
1 فتاوى إسلامية 2/275.
2 المنتقى 1/45.
مخالفات في التعجل
اعتقاد أن المراد باليومين في قوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} أنهما يوما العيد والذي بعده: يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله تعالى:"أود أن أنبه إخواني الحجاج على هذا الخطأ، فإنَّ كثيراً من الحجاج يَفْهمون من قوله تعالى:{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة:203] أي خرج في اليوم الحادي عشر يعتبرون اليومين يوم العيد ويوم الحادي عشر، والأمر ليس كذلك بل هذا خطأ في الفهم لأن الله تعالى قال:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْه} [البقرة:203] والأيام المعدودات هي: أيام التشريق، وأيام التشريق أولها اليوم الحادي عشر، وعلى هذا فيكون قوله:{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة:203] أي من أيام التشريق وهو اليوم الثاني عشر فينبغي أن يصحح الإنسان مفهومه نحو هذه المسألة حتى لا يُخطئ1.
خروج بعض المتعجلين مع أن الغروب قد أدركهم وهم بمنى قبل أن يرتحلوا:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"إذا كان
1 فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2/606.
الغروب أدركهم وقد ارتحلوا فليس عليهم مبيت، وهم في حكم النافرين قبل الغروب، أما إن أدركهم الغروب قبل أن يرتحلوا فالواجب عليهم أن يبيتوا تلك الليلة أعني ليلة ثلاث عشرة، وأن يرموا الجمار بعد الزوال في اليوم الثالث عشر ثم بعد ذلك ينفرون1.
بعض المتعجلين ينزل إلى مكة فيطوف للوداع ثم يرجع إلى منى فيرمي الجمرات ثم يسافر إلى بلده فيكون آخر عهده بالجمار لا بالبيت وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم:"لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت" فطواف الوداع يجب أن يكون بعد الفراغ من أعمال الحج ثم إذا طاف سافر.
مخالفات وتنبيهات في طواف الوداع
طواف بعضهم للوداع يوم العيد:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"ولو طاف في نفس يوم العيد لا يجزؤه، ولا يسمى وداعاً، لأن طواف الوداع يكون بعد رمي الجمار2.
السفر دون طواف الوداع:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"فإن خرج ولم
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/183.
2 مجموع فتاوى ابن باز 5/160.
يودع البيت، فعليه دم عند جمهور أهل العلم، يذبح في مكة، ويوزع على الفقراء والمساكين، وحجه صحيح1.
تقديم طواف الوداع على رمي الجمرات:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"فلا يطاف للوداع قبل الرمي لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت" ولما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:" أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" 2. متفق على صحته.
سعي بعضهم بعد طواف الوداع اعتقاداً منهم أن للوداع سعيا:
والصحيح أن الوداع ليس فيه سعي. بل طواف فقط.
لا:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"الواجب على سكان جدة وأمثالهم ألا ينفروا بعد الحج إلا بعد طواف الوداع كأهل الطائف وأشباههم لعموم قوله صلي الله عليه وسلم يخاطب الحجيج:"لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت"3، خرجه مسلم في صحيحه.
1 مجموع فتاوى ابن باز 5/203.
2 مجموع فتاوى ابن باز 5/160.
3 مجموع فتاوى ابن باز 5/207.
اعتقاد بعضهم أن من وادع لا يجوز له أن يشتري شيئاً من مكة قبل السفر:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:"وله أن يشتري ما يحتاج إليه بعد الوداع من جميع الحاجات حتى ولو اشترى شيئاً للتجارة مادامت المدة قصيرة لم تطل. أما إن طالت المدة فإنه يعيد الطواف، فإن لم تطل عرفاً فلا إعادة عليه مطلقاً1.
1 فتاوى إسلامية 2/257.