المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: [الثواب والعقاب] - الحسبة في الإسلام، أو وظيفة الحكومة الإسلامية

[ابن تيمية]

الفصل: ‌فصل: [الثواب والعقاب]

‌فصل: [الثواب والعقاب]

الثواب والعقاب يكونان من جنس العمل في قدر الله وفي شرعه، فإن هذا من العدل الذي تقوم به السماء والأرض، كما قال الله تعالى:

{إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: 149] . وقال: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"من لا يرحم لا يرحم"1.

وقال: "إن الله وتر يحب الوتر"2.

وقال: "إن الله جميل يحب الجمال"3.

1 رواه البخاري في صحيحه "10/ 426" عن "أبي هريرة" و"جرير بن عبد الله"، والترمذي في سننه "8/ 103" عن جرير، وقال "حديث حسن صحيح"، والإمام أحمد في مسنده "2/ 228" عن جرير أيضًا.

2 رواه عن "أبي هريرة" البخاري في صحيحه "11/ 314"، ومسلم في صحيحه "17/ 8" وابن ماجه في سننه "2/ 1269" ورواه عن "علي بن أبي طالب" ابن ماجه أيضًا في سننه "1/ 370" والإمام أحمد في مسنده "1/ 110" والنسائي في سننه "3/ 228"، والترمذي في سننه "2/ 242" وأبو داود في سننه "4/ 291"، ورواه عن "عبد الله بن مسعود" ابن ماجه في سننه "1/ 370" ورواه عن "عبد الله بن عمر" الإمام أحمد في مسنده "2/ 109".

3 رواه مسلم في صحيحه "2/ 448" عن "عبد الله بن مسعود"، ورواه الإمام أحمد في مسنده "4/ 133 و134" عن أبي ريحانة، و"4/ 151" عن عقبة بن عامر.

ص: 57

وقال: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا"1.

وقال: " إن الله نظيف يحب النظافة"2.

ولهذا قطع يد السارق، وشرع قطع يد المحارب ورجله، وشرع القصاص في الدماء والأموال والأبشار، فإذا أمكن أن تكون العقوبة من جنس المعصية كان ذلك هو المشروع بحسب الإمكان.

مثل ما رُوِيَ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شاهد الزور أنه أمر بإركابه دابة مقلوبًا وتسويد وجهه، فإنه لما قلب الحديث قلب وجهه، ولما سود وجهه بالكذب سود وجهه.

وهذا قد ذكره في تعزير شاهد الزور طائفة من العلماء من أصحاب أحمد وغيرهم. ولهذا قال الله تعالى:

{وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الإسراء: 72] .

وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 124، 126] .

وفي الحديث:

"الجبارون والمتكبرون على صور الذر يطؤهم الناس بأرجلهم"3.

فإنهم لما أذلوا عباد الله أذلهم الله لعباده، كما أن من تواضع لله رفعه،

1 رواه مسلم في صحيحه "10/ 240" عن "أبي هريرة"، والترمذي في سننه "11/ 110"، والدارمي في سننه "2/ 210".

2 رواه الترمذي في سننه "10/ 240" من طريق ضعيف في سنده خالد بن إلياس أو إياس وهو متروك الحديث.

3 رواه الإمام أحمد في مسنده "2/ 179" عن عبد الله بن عمرو، ولفظه: "يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الناس

" إلخ الحديث، وقال حديث حسن صحيح.

ص: 58

فجعل العباد متواضعين له.

والله تعالى يصلحنا وسائر إخواننا المؤمنين، ويوفقنا لما يحبه ويرضاه من القول والعمل وسائر إخواننا المؤمنين.

الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

تم الكتاب الحسبة في الإسلام

تأليف: شيخ الإسلام "تقي الدين أحمد بن تيمية".

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

ص: 59