الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبرز الملحوظات التي أخذها المؤلف على الشاذلي
في هذه الأحزاب
1 -
أن فيها الكثير من العبارات والأدعية التي لا يجوز الدعاء بها، لما فيها من المحاذير الشرعية، والاعتداء في الدعاء: كما في (ص 114)، والتناقض (ص 100)، ووضع الآيات في غير مواضعها (ص 93). ولم يكتف المؤلف ببيان أخطاء الشاذلي، بل كان يضع العبارات الشرعية البديلة، التي تؤدِّي الغرضَ المقصود، إما من أدعية الكتاب والسنة، أو من العبارات البديلة التي لا محذور فيها.
2 -
أن الشاذليّ وغيره ينقلون من كتب الصوفية المتفلسفة عباراتٍ مخالفة في حقيقتها لدين المسلمين من غير معرفةٍ منهم لذلك، قال المؤلف (ص 82): «وصاحب الحزب وأمثاله من المتأخرين ينظرون في كتب الصوفية التي فيها ما هو مبنيّ على أصول الفلاسفة المخالفين لدين المسلمين، فيتلقون ذلك بالقبول، ولا يعرفون حقيقته، ولا ما فيه من الباطل المخالف لدين الإسلام
…
» اهـ.
وقد نبَّه المصنف إلى ذلك في مواضع من الكتاب: (ص 21، 59 - 60، 141، 183).
وقد جَهِد المصنف في ربط كلام الشاذلي بكلام فلاسفة المتصوفة كالغزالي في الكتب المضنون بها، وابن عربي، وإخوان الصفا في رسائلهم، وابن الطفيل، وابن الفارض، وغيرهم. وبيَّن المؤلف أن الشاذلي قد اتكأ على هذه الكتب، واعتمد بعض ما فيها من غير إدراكٍ منه لما تفضي إليه من الباطل، وذلك إحسانًا للظن به.
وخلص المؤلف إلى أن أحزاب الشاذلي ــ مع ثنائه عليه في الجملة ــ تتضمن ما يُنكر من الذِّكر والدعوات، فينبغي إنكار ما فيها مطلقًا، سواء أحْدِث لها اجتماع راتب أو لم يُحْدَث، وذلك بخلاف الأوراد والدعوات التي يكون جنسها سائغًا لا منكر فيه، فليس الدعاء بها منكرًا إذا فعله الشخص الداعي أو غيره ما لم يُتّخذ ذلك سنة راتبة.
ولقد حاول علي سالم عمار الصوفي الشاذلي ــ صاحب كتاب «أبو الحسن الشاذلي: عصره ــ تاريخه ــ علومه ــ تصوفه»
(1)
ــ أن يردَّ عن الشاذلي ما أخذه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، في ثلاث مسائل ذكرها في كتابه، ولم يذكر من أين نقل كلام ابن تيمية حول الشاذلي إلا في الموضع الأول، فقد كان بواسطة كتاب «جلاء العينين» لنعمان الآلوسي، لكنه لم يوفَّق في ذلك. ومن اليقين عندي أنه لم يسمع بكتابنا هذا فضلًا عن أن يطَّلع عليه. أما المسائل التي ذكرها وحاول تخريج كلام الشاذلي فيها فهي:
الأولى: في الإقسام بالمخلوق والتوسّل والتشفُّع به، وهذه ليست في كتابنا هذا.
الثانية: في قول الشاذلي في حزب البحر: «نسألك العصمة في الحركات والسكنات
…
».
الثالثة: في قوله في حزب البر: «وليس من الكرم أن لا تحسن إلا لمن أحسن إليك
…
».
* * * *
(1)
(1/ 249 - 266).
فصلٌ في كلام المؤلف على الشاذلي في كتبه
أنصف المؤلفُ الشاذليَّ، فذكره في كتابنا هذا (ص 18) وأنه من خير مشايخ الصوفية وأكثرهم تعظيمًا للكتاب والسنة وتحريضًا على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن أحزابه خير من غيرها وأقل منكرات مع ما وقع فيها من الألفاظ البدعية والعبارات المنكرة التي توجب إنكار قراءتها فضلًا عن الاجتماع لذلك واتخاذه سنة.
وقد جاء ذكر أبي الحسن الشاذلي في عدد من كتب شيخ الإسلام في معرض النقد والتنبيه على ما وقع في كتبه من مخالفات، وعلى ما نُقل عنه من أحوال، فنذكر ما وقفنا عليه.
قال في «مجموع الفتاوى» : (14/ 358 - 359): «وتارة يقولون: يُفعل هذا لأهل المارستان، أي العامة! كما يقوله الشيخ المغربي، إلى أنواع ليس هذا موضع بسطها. ومن يسلك مسلكهم غايته إذا عَظّم الأمر والنهي أن يقول كما نُقل عن الشاذلي: يكون الجمع في قلبك مشهودًا والفرق على لسانك موجودًا. ولهذا يوجد في كلامه وكلام غيره أقوال وأدعية وأحزاب تستلزم تعطيل الأمر والنهي، مثل: أن يدعو أن يعطيه الله إذا عصاه أعظم مما يعطيه إذا أطاعه
(1)
، ونحو هذا مما يوجب أنه يجوز عنده أن يجعل الذين اجترحوا السيئات كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، بل أفضل منهم! ويدعون بأدعية فيها اعتداء كما يوجد في أحزاب
(2)
الشاذلي. وقد بسط
(1)
ينظر كتابنا هذا (ص 112 - 113).
(2)
في «الفتاوى» : «جواب» ، وهو تحريف صوابه ما أثبت.
الكلام على هذا في غير هذا الموضع»
(1)
.
وقال أيضًا في «الفتاوى» : (14/ 365): «وصرح بعضهم بأنه يعلم كل ما يعلمه الله، ويقدر على كل ما يقدر الله عليه. وادَّعوا أن هذا كان للنبي ثم انتقل إلى الحسن بن علي ثم من الحسن إلى ذريته واحدًا بعد واحد حتى انتهى ذلك إلى أبي الحسن الشاذلي، ثم إلى ابنه! خاطبني بذلك من هو من أكابر أصحابهم»
(2)
.
وقال في «الرد على البكري» (ص 427): «وآخر من جنسه يباشر التدريس وينسب إلى الفتيا، كان يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما يعلمه الله ويقدر على ما يقدر عليه الله، وإن هذا السر انتقل بعده إلى الحسن، ثم انتقل في ذرية الحسن إلى الشيخ أبي الحسن الشاذلي. وقالوا: هذا مقام القطب الغوث الفرد الجامع» .
وقال في «درء التعارض» : (5/ 353): «ولهذا كان الأئمة منهم كالجنيد وأمثاله يتكلمون بالمباينة، كقول الجنيد: التوحيد إفراد الحدوث عن القدم. وفي كلام الشاذلي والحرالي بل وابن برَّجان بل وأبي طالب وغيرهم، من ذلك ما يعرفه من فهم حقيقة الحق وفهم مقاصد الخلق» .
وقال في «مجموع الفتاوى» : (2/ 96) مشيرًا إليه: «ومن هؤلاء من
(1)
هذا النقل من رسالة الحسنة والسيئة، وهذه الرسالة اختصر بعض النساخ مواضع منها فأدْخلت في «مجموع الفتاوى» على أنها رسائل مختلفة، فتكرر هذا الكلام عن الشاذلي، انظر «الفتاوى»:(8/ 232 و 14/ 226)، و «صيانة مجموع الفتاوى» (ص 70، 124 - 127).
(2)
ينظر كتابنا هذا أيضًا (ص 52).
يكون طلبه للمكاشفة ونحوها من العلم أعظم من طلبه لما فرض الله عليه، ويقول في دعائه: اللهم أسألك العصمة في الحركات والسكنات والخطوات والإرادات والكلمات؛ من الشكوك والظنون والإرادة والأوهام الساترة للقلوب عن مطالعة الغيوب». وهذه نص عبارة الشاذلي في حزبه
(1)
.
* * * *
(1)
انظره في صدر كتابنا هذا (ص 3) ورد المؤلف (ص 22) من قسم التحقيق.